2017/05/14

قصة قوم ثمود



قوم ثمود وهم عرب سكنوا في منطقة الحجر، وهي شمال غرب  المدينة،  وتسمى اليوم مدائن صالح، وتعود أصول هؤلاء القوم إلى نفس اصول قبيلة عاد في حضرموت اليمن.

ولكنهم   سكنوا منطقة مختلفة، أرسل الله لهم النبي صالح بن عبيد بن هشام ينتسب الى ثمود بن عاد بن آرم بن سام،  وقد كانوا ذوي قدرة جسمانية هائلة فحفروا البيوت في الجبال وبنوا القصور فيها، وكانت أراضيهم تمتلئ بالعيون والأنهار والمزارع الخضراء.

أما عن النبي صالح عليه السلام فقد كان قبل أن يبعث من أشرافهم  من عائلة  عظيمة وعريقة جدا،  وكان يتصف بالعقل والحكمة، وكانوا يرجعون اليه في خصوماتهم، ويسترشدون برأيه في مشاكلهم، بل إنهم كانوا على وشك أن  ينصبونه ملكا عليهم.

عند بدأ الرسالة دعاهم النبي صالح عليه السلام إلى توحيد الله والايمان به، وترك الأصنام وعبادتها،  وذكرهم بأنعم الله عليهم وأنه حكمهم في الأرض، وأسبغ عليه برحمته الواسعة، وحذرهم من خسران ذلك كما حدث لقوم عاد، فتعنتوا وتجبروا ورفضوا  ولم يلقوا بالا لكلامه، فلم يمل أو يتعب  بل أنه دعاهم للتفكر والتدبر في خلق الله  وعدم اتباع كبرائهم  المسرفين المضللين فلم يصدقوه

وتسائلوا  فيما بينهم  لماذا اختارك الله  لتبلغنا الرسالة من بيننا؟ واتهموه بالكذب، وأنه قد سحر من قبل الالهة . ثم انهم ذهبوا  لمن آمن بدعوة النبي –صالح عليه السلام –، وقالوا لهم إنا كفرنا بما آمنتهم  به زيادة في الاستهزاء بهم  وعتوا  وتكبرا وتجبرا منهم، ولكن نبي الله لم يمل أو يتعب من الدعوة لتوحيد العزيز القدير، فاحتار كبرائهم وجعلوا يبحثون عن الطرق  وينسجون الخطط لإيقافه  في دعوته

حتى وصلوا إلى حيلة غريبة  تبعد الناس عن  دعوة  صالح عليه السلام، حيث أنهم قاموا بنشر اشاعة في القوم مفادها أن صالح ومن معه قوم مشؤومين:  أي أن من يتعامل معهم أو يؤمن بهم سوف  يبتلى بالمصائب والنحس، و أن من يبتعد عنهم  تكن له  حياة سعيدة كريمة . ولكن دعوى الحق كانت يجب أن تستمر ولذلك استمر صالح عليه السلام في دعواهم  وتذكيرهم.

ثم قال قائل منهم "يا صالح  إن كنت نبيا حقا فأتنا بمعجزة لنصدقك"، وكان ذلك في اجتماع كبرائهم  فبدأوا بالاستهزاء والسخرية، ومن ثم قالوا نحن نريد أن نختار هذه المعجزة وليس أنت  فطلبوا منه إخراج ناقة  من صخرة كبيرة؟

واشترطوا أن تكون هذه الناقة من الضخامة  حيث أن كمية الماء الذي تشربه تعادل ما تشربه القرية مجتمعة، وأن تكون حمراء اللون  وحامل في شهرها العاشر.

فطلب الني الكريم بجمع الناس فجمعوا وعكف على دعاء ربه بأن يخرج الناقة من هذه الصخرة،  فتبدأ الصخرة بالتزلزل والاهتزاز، وتخرج الناقة الضخمة جدا في مشهد مهيب تقشعر له الأبدان، بجميع المواصفات التي طلبوها،  فتشخص أبصارهم وتجف حلوقهم وتربط ألسنتهم.

ومن ثم قال لهم  صالح عليه السلام  أن هذه الناقة هي ناقة الله سوف تعيش بينكم تلمسونها وترونها وهي أية الله الموجهة لكم ونظرا لحجمها فهي سوف تشرب  من شربكم يوم ولكم أنت يوم، فذروها تأكل وتشرب في أرض الله الواسعة وكانوا يشربون من لبنها كفايتهم ؛ ولهذا قال : لها شرب ولكم شرب يوم معلوم . وقد قال تعالى : إنا مرسلو الناقة فتنة لهم . أي اختبارا لهم أيؤمنون بها أم يكفرون ؟ 

ومن ثم نبههم النبي صالح  بأن أي شيء يحدث لها  فسوف ينزل الله عليكم العذاب والعقاب.

وعندما رأى  كبرائهم  أن كثيراً من الناس بدأت تلين لصالح في وجود الناقة  التي هي معجزة إلهية، اجتمعوا  واتفقوا على قتل الناقة وذكر ابن جرير ، وغيره من علماء المفسرين : أن امرأتين من ثمود اسم إحداهما صدوف بنت المحيا بن زهير بن المحيا ، وكانت ذات حسب ومال ، وكانت تحت رجل من أسلم ، ففارقته فدعت ابن عم لها يقال له : مصدع بن مهرج بن المحيا، وعرضت عليه نفسها إن هو عقر الناقة ، واسم الأخرى عنيزة بنت غنيم بن مجلز ، وتكنى أم عثمان ، وكانت عجوزا كافرة ، لها بنات من زوجها ذؤاب بن عمرو أحد الرؤساء، فعرضت بناتها الأربع على قدار بن سالف إن هو عقر الناقة فله أي بناتها شاء ، فانتدب هذان الشابان لعقرها ، وسعوا في قومهم بذلك فاستجاب لهم سبعة آخرون فصاروا تسعة ، وهم المذكورون في قوله تعالى : وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون.

وأوكلوا هذه المهمة لرجل منهم، وأجمع المؤرخون أنه  قدار بن صالح  وهو فاسد جبار ومن فخذ قوي، فقام بقتلها، وكانت الناقة في هذه الفترة قد ولدت، قال الله تعالى : فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب.

وذكروا أنهم لما عقروا الناقة كان أول من سطا  عليها قدار بن سالف لعنه الله فعقربها فسقطت على الأرض، ثم ابتدروها بأسيافهم يقطعونها، فلما رأى ولدها ما حل بأمه شرد عنهم فصعد أعلى الجبل هناك ، ورغا ثلاث مرات ؛ فلهذا قال لهم صالح : تمتعوا في داركم ثلاثة أيام. أي انتظروا العذاب بعد ثلاثة أيام.

وأصبحت ثمود يوم الخميس ، وهو اليوم الأول من أيام النظرة، ووجوههم مصفرة ، كما أنذرهم صالح عليه السلام، ثم أصبحوا في اليوم الثاني من أيام التأجيل ، وهو يوم الجمعة ، ووجوههم محمرة، ثم أصبحوا في اليوم الثالث من أيام المتاع ، وهو يوم السبت ، ووجوههم مسودة ، فلما كان صبيحة يوم الأحد تحنطوا وتأهبوا ، وقعدوا ينظرون ماذا يحل بهم من العذاب والنكال والنقمة لا يدرون كيف يفعل بهم ، ولا من أي جهة يأتيهم العذاب ، فلما أشرقت الشمس بدأت الزلازل في قراهم وأراضيهم، وبدأت الصواعق تنزل عليهم ومن ثم انتهى الأمر بصيحة عظيمة صدرت من جبريل –عليه السلام – فلم يبق منهم أحد، جاءتهم الصيحة من السماء من فوقهم ، ورجفة شديدة من أسفل منهم ، ففاضت الأرواح وزهقت النفوس ، وسكنت الحركات ، وخشعت الأصوات ، وحقت الحقائق ، فأصبحوا في دارهم جاثمين جثثا لا أرواح فيها ، ولا حراك بها.

قال المؤرخون : ولم يبق منهم أحد إلا جارية كانت مقعدة ، واسمها : كلبة بنت السلق ، وكانت شديدة الكفر والعداوة لصالح عليه السلام ، فلما رأت العذاب أطلقت رجلاها ، فقامت تسعى كأسرع شيء فأتت قوم من العرب فأخبرتهم بما رأت وما حل بقومها ، وطلبت ماء ، فلما شربت ماتت فوراً .

يتناول السياق القرآني المشهد في قوله تعالى : (كأن لم يغنوا فيها  ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق