لقد أورد لنا القرآن الكريم من سيرة ذي القرنين ما يخبرُ عن شخصية ذلك القائد المؤمن العظيم الذي دعا إلى الله تعالى على بصيرة، وكان مثالاً للحاكم العادل الذي يُجري الله الحق على يديه، وكان ذو القرنين رَجُلاً صالحا كثير العبادة والطاعة لربه ، فأعطاه الله ملكا عظيمًا وقوة وعزا وسلطانا
الطواف في الأرض
ذات يوم جمع ذو القرنين جنوده في مكان واسع، واتخذ قراراً بفتح الأرض ونشر الإيمان والعدل في نواحيها.. فخرج من بلدة يذكر أنها حمير (في اليمن)، انطلق بجنوده یفتح البلاد ، ويدعو الناس الی عبادة الله الواحد الاحد، وينشر الإيمان بعد أن آتاه الله من كل شيء سبباً، أي أنه حوى من العلوم الشيء الكثير وفق قول المفسرين، وقيل إنه كان له من المستشارين في كل العلوم الهندسية والطبية والعسكرية والاجتماعية وغيرها، فأخذ يطوف بجيشه الأرض لإقامة العدل، ونشر شريعة الله فيها..
التوجه نحو الغرب..
توجه ذو القرنين بجيشه إلى غرب الأرض حتى وصل إلى آخر نقطة غرباً وهو المكان الذي لا يوجد بعده يابسة.. فوجد الشمس تغرب فيه كأنها تتوقد وتشتعل، رآها تغرب في منطقة كأنها حمم بركانية، (ويظن المفسرون أنه المحيط الأطلسي ويسمى بحر الظلمات) حيث كان يعتقد عن هذا المكان أنه لا توجد يابسة بعده، وصل إلى أقصى اليابسة من جهة أفريقيا والتي ما وراءها إلا الماء، ونظر في البحر وجد الشمس تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ، إن هذا الغروب للشمس في العين الحمئة في نظر العين البشرية، يعني العين البشرية ترى الشمس تنزل في الماء إذا غربت، لكن هي في الحقيقة لا تنزل في البحر، لكن إذا نظرت إليها وهي تغرب في جهة البحر يتراءى لك أنها تنزل في الماء، فهذا معنى: وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ [سورة الكهف]
و وجد في تلك المنطقة أناساً يظلمون الضعفاء ويسرقون ويفعلون المنكرات، فحاربهم حتى مكنه الله منهم وظفر بهم، فخيره الله بين أن يعذب الظالمين ويأخذ على يد الضعيف، أو يحسن للجميع ويرضيهم، فكان رأيه أن يكافئ المحسن على إحسانه، ويعاقب المسيء على إساءته، وهذا المبدأ يجعل المجتمع متوازناً حتى لو ذهب عنهم، وقيل في الأمثال: «من أمن العقوبة أساء الأدب».
التوجه إلى الشرق..
بعد أن حكم ذو القرنين في أهل غرب الأرض، وأصلح أحوالهم، تركهم قاصداً قوما آخرين يدعوهم إلى الله تعالى ويحكم فيهم بشرع الله، فتوجه إلى أقصى شرق الأرض، فوجد فيها قوماً عرايا يسكنون أرضاً مفتوحة لا شجر فيها ولا جبل، و لا يجدون ما يتقون به حر الشمس ولهيبها، يعيشون في حفر وسراديب يحفرونها في الأرض، قوم متخلفين جداً ما عندهم لا بيوت تقيهم من الشمس، ولا ملابس، عراة، "وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترًا" ، فليس عندهم أي تمدن، لا يعرفون البيوت، ولا صناعة الملابس، فدعاهم إلى الله تعالى، وسخر المعارف والعلوم، فبنى لهم المساكن، ثم تركهم بعد أن تحسنت أحوالهم وصلحت أمورهم..
التوجه إلى الوسط..
أتبع ذو القرنين طريقًا ثالثًا معترضًا بين المشرق والمغرب، لا هو في الشرق، ولا في الغرب، لا في أقصى الشرق ولا في أقصى الغرب، مضى فيه ليكمل دعوته إلى الله، ومر بطريق بين الجبال قيل إنها في بلاد الصين، أو آسيا الوسطى فرأى فيها أقواماً يتكلمون بلغة غريبة لا يكاد يفهمها أحد، وحاول أن يتفاهم معهم، ويعرف احتياجاتهم، مستعيناً بالمترجمين، الذين وصل عددهم إلى 70 شخصاً، فشكوْا له قوماً جبارين يعيثون في الأرض الفساد، ولا يتركون قبيلة من دون أذى، ووصفوهم له بأن أجسادهم كبيرة، وجوههم عريضة ومستديرة، عيونهم صغيرة، شعرهم أسود، فيهم حمرة، وهم من كل حدب ينسلون، أي أنهم ينتشرون في الأرض بسرعة، وكان اسم القبيلتين الجبارتين يأجوج ومأجوج.
ويأجوج ومأجوج كثيرو العدد، حتى أن الروايات ذكرت في كثرتهم بأن الله تعالى خلق البشر 10 أجزاء، 9 منها من يأجوج ومأجوج، والجزء العاشر هم سائر البشر، وكانوا يسكنون وادياً بين جبلين لا مخرج لهم إلى الناس إلا عن طريقه، فقال المستضعفون لذي القرنين: سنعطيك الأموال مقابل أن ترد عنا أذى يأجوج ومأجوج، بأن تبني لنا سداً من الحجارة لفصلهم عنا، فأراد ذو القرنين أن يساعدهم..
وأن يكونوا فاعلين في مجتمعهم، فأشركهم في صناعة السد، وطلب معونتهم فيه، مع كونه يمتلك جيشاً جباراً، وطلب منهم أن يجمعوا له الحديد، ثم جعله قِطَعاً بعضها فوق بعض، حتى أصبحت بمستوى ارتفاع الجبلين، ثم أمر بالنار أن توقد من تحتها، إلى أن احمر الحديد، وسكب فوقه النحاس المنصهر ليتماسك الخليط، ويكون قوياً ومحمياً من الصدأ والتآكل.
محاولات بائسة..
حاول قوم يأجوج ومأجوج القفز فوق الردم الذي صنعه ذو القرنين، ثم حاولوا ثقبه وتحطيمه من دون جدوى، ولما تأكد من نجاح صده لهم، لم ينسب ذو القرنين الفضل لنفسه أو يتفاخر بقوته، بل رده إلى الله تعالى، وقال: {هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} سورة الكهف.
هنا انتهى الخطاب القرآني في قصة ذي القرنين، ولكن لم ينته أمر يأجوج ومأجوج بهذا السد المنيع، فبقوا خلفه، وإلى الآن هم يتناسلون ويكثرون، ويحاولون الخروج، وذُكر في الآثار أنهم في كل مرة يحفرون فيها ثقباً يقولون: سنكمل في الغد، ثم يأتون وإذا به قد أغلق، إلى أن يأتي منهم من يحفر فيقول: أكمل غداً بإذن الله، فيأتي، فيرى الثقب مكانه، ثم يكمل إلى أن يخرجوا من السد، فينتشرون في الدنيا.
ولكي يعرف الناس خطرهم، ننظر إلى حال النبي صلى الله عليه وسلم، إذ استيقظ يوماً من النوم محمراً وجهه، وقال: «لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب؛ فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وعقد بين السبابة والإبهام، فقيل: أنهلك وفينا الصالحون؟
قال: نعم، إذا كثر الخبث، فإذا فتح السد، وخرج يأجوج ومأجوج، فإن ذلك علامة من علامات الساعة الكبرى، وسيخرجون بعد أن يكون عيسى عليه السلام قد نزل، فينتشرون في الأرض، ويقتلون ويخربون كل ما حولهم، ولا يبقون على أحد من البشر إلا وقتلوه أو أن يتبع دينهم، فيسيروا باتجاه الشام، فيأمر عيسى عليه السلام من معه بأن يسكنوا جبال فلسطين.
هلاك يأجوج ومأجوج
وفي أثناء ذلك يتقدم يأجوج ومأجوج إلى الشام، ويمرون على بحيرة طبريا، ومن كثرتهم يمر أول جندي من الجيش بالبحيرة فيشرب منها، فإذا مر آخرهم، لم يجد إلا الطين المبلول، فيقال:
قد كان هنا ماء، ثم يدخلون الشام ويتوجهون ناحية فلسطين، فلا يبقى في الأرض من غيرهم إلا وقتلوه، أو أن يتبع ملتهم، فينالهم بذلك كِبرٌ عظيم، ويقولون: قتلنا أهل الأرض، فلنقتل الله وأهل السماء، ثم يرمون رماحهم نحو السماء فترجع لهم وهي مملوءة بالدماء، فيقولون قتلنا الله، ثم يحاصرون عيسى عليه السلام ومن معه، ويقل الطعام عند المؤمنين حتى يكون عندهم رأس الثور خيراً من ألف دينار، فيرفعون أكفهم بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى بأن ينجيهم من هذا البلاء، فيرسل الله تعالى على يأجوج ومأجوج النغف، وهي دودة صغيرة توجد في أنف البعير تأكل المخ والشرايين..
وتتسلط على أعناقهم ، حتى يُقتل الجيش كله في الوقت نفسه. وبعد موت الجيش، ينزل المؤمنون من الجبال وإذا بالأرض قد أنتنت من روائح جثثهم، فلا يستطيع أحد أن يعيش فيها، فيدعون الله تعالى أن يعينهم على ذلك، فيرسل الله لهم طيوراً ضخمة، أعناقها كأسنمة البخت، أي أن أعناقها كأعناق الجمال، فتأخذ جثثهم إلى مكان بعيد، ثم يرسل عليهم مطراً لا يدع موضعاً إلا ودخله، فتصبح الأرض كالمرآة من نظافتها، ويعم الخير في الدنيا، وتخرج الأرض خيراتها حتى لا يبقى فيها فقير أو محتاج، ويتقاسم الرجال الفاكهة من ضخامتها، وتستمر بها الحياة حتى تأتي العلامات الكبرى الأخرى.
من هو ذو القرنين؟
سمي ذو القرنين بهذا الاسم لأنه جاب أقصى الأرض شرقاً وغرباً، وبلغ قرني الشمس (مشرقها ومغربها) وهناك من قال بأن رأسه كان فيه شج قرني.
وقد اختلفت آراء العلماء والمفسرين والكتاب والباحثين حول تحديد شخصية ذوالقرنين - عليه السلام - عبر التاريخ قديما ًوحديثا فقال بعضهم : انه كان معاصرا لنبي الله إبراهيم - عليه السلام - وقال بعضهم: أنه الصعب بن ذي مرائد ملك حمير أحد ملوك اليمن الصالحين ممن عاشوا قبل الإسلام فهم الذين كانوا يستخدمون مثل هذه الألقاب ، وقال بعضهم: أنه هو الإسكندر المقدوني ، وقال بعضهم- أن ذا القرنين هو الإمبراطور الفارسي كورش الأخميني الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد ، وثمة دراسة حديثة تقول: بأنه أخناتون الفرعون المصري حتى وصل الأمر ببعضهم إلى درجة أن قال: أن ذا القرنين هو نبي الله سليمان بن داود - عليهما السلام - ...!! وعلى الرغم من مئات التفسيرات والكتب والأبحاث التي كتبت عنه في جميع أنحاء العالم إلا أنهم لم يستطيعوا التوصل إلى معرفة تحديد شخصية ذلك الرجل العظيم الملقب بذي القرنين - عليه السلام - على وجه الدقة حتى الآن...
واختلف العلماء والمفسرون أيضا في نبوّته فقال بعضهم : كان نبياً وقال بعضهم: كان ملكاً عادلاً ، وقال الآخرون : كان عبدا صالحاً ، وقد روى الطبري- رحمه الله - في " تفسيره ": (ملك الأرض مشرقها ومغربها أربعة نفر: مؤمنان وكافران، فالمؤمنان : سليمان بن داود وذو القرنين، والكافران: بختنصر ونمرود بن كنعان، لم يملكها غيرهم ).
قال الشيخ محمد علي البار, في كتابه : ( إضاءات قرآنية ونبوية في تاريخ اليمن) : ( أن التبابعة ملكوا الدنيا في زمانهم, وأن أحدهم ويدعى تبع الأقرن هو نفسه ذوالقرنين الذي حكم الدنيا, والذي جاء ذكره في القرآن الكريم, كما أن منهم من وصل إلى الصين, والتبت, وتركستان, وبني مدينة سمرقند, وذهب إلى أفريقيا... وحكم كلا من مصر وشمال أفريقيا وغيرها ).
وأورد الشيخ ألأزرقي - رحمه الله - في كتابه: (أخبار مكة ) أن ذا القرنين - عليه السلام - عاصر نبي الله إبراهيم ـ عليه السلام - وآمن برسالته, وطاف بالبيت معه.
وقال حمدي الجهني , في كتابه : ( فك أسرار ذي القرنين -أخناتون - ويأجوج ومأجوج) "أن ذا القرنين ـ عليه السلام - هوالملك المؤمن أخناتون أحد ملوك مصر القديمة من الأسرة الثامنة عشر, والذي تولى ملك مصر في القرن الرابع عشر قبل الميلاد.
أما أبو الكلام آزاد - رحمه الله - قال في كتابه : ( ويسألونك عن ذي القرنين): ( أن ذا القرنين هو نفسه كورش الكبير الملك الأخميني الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد, وأن أصل تسميته مستمد من الاسم التوراتي ( لوقرانائيم) الذي أطلقه اليهود علي كورش الذي بجلوه لتسامحه معهم كثيرا, ولكن سؤال اليهود لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن ذي القرنين ( عليه السلام ) يدل على أن ذكره قد ورد في التوراة التي أنزلت قبل حكم كورش بعدة قرون من الزمان، ويدلل على رأيه بتمثال شهير لكورش الكبير يمثله وعلى رأسه قرنان).
أما من ناحية كون ذي القرنين الإسكندر المقدوني فهذا قد نفاه أغلب العلماء لأن الإسكندر كان وثنياً يعبد آلهة الإغريق الوثنية وقد تعلم على يد الفيلسوف أرسطو طاليس وهو فيلسوف وثني. لكن هناك من يرجح أن ذا القرنين هو الإسكندر الأكبر وهو غير الإسكندر المقدوني تلميذ أرسطو الذي غزا بجيوشه آسيا وأفريقيا وبنى مدينة الإسكندرية في مصر.
بحث #إبراهيم_الجريري
ذو القرنين ملك يمني حميري
ردحذفالصعب بن ذي مراثد
ذوالقرنين. من ملوك حضرموت وعاش في شبوة وله قرنين في رأسه وهناك نقوش في
ردحذفارض العوالق تثبت ذلك ولم يكن هناك مسمى
لليمن اناذاك اليمن سمي بالمملكه المتوكليه اليمنيه