رواية حب على شفير النار (كاملة)
#حب_على_شفير_النار الجزء 1
- تبدأ الحكاية في احد النوادي الليلية في مدينة لوس أنجلوس القابعة في ولاية كالفورنيا حيث كانت تلك الفتاة اليافعة ذات الجمال الاسباني الناعم ترقص برفقة شاب فائق الوسامة وكانت ترتدي اجمل الفساتين من بين كل الفتيات اللواتي يرقصن على انغام الموسيقى الصاخبة وتبدو سعيدة للغاية برفقة ذلك الشاب الذي كان يرقص معها باستمتاع وعفوية فاقتربت منه ثم همست في اذنه قائله بصوت عالٍ بعض الشيء كي يتمكن من سماعها : هل رأيت يا توم ، لقد اخبرتك انك سوف تستمتع كثيراً اذا ما اتيت معي الى هنا هذه الليلة وها انت مستمتع بالفعل كما انني لم اتعرض لأي مضايقات .
فابتسم الشاب المدعو توم او بالاحرى "توماس" والذي كان يبلغ من العمر ثلاثون عاماً فقال وهو يمسك يديها ويراقصها : معكِ حق يا عزيزتي فانا مستمتع جداً وخصوصاً لانني اقوم بواجبي على اكمل وجه لهذا لم يتجرأ أي شخص من هؤلاء المتسكعون على الاقتراب منكِ هذه الليلة .
فضحكت الفتاة وقالت : بربك توم ، الا تستطيع أن تنسى بأنك حارسي الشخصي ولو لدقيقة واحدة ؟
فابتسم لها توم ابتسامة مليئة بالحنان وقال : انتِ تعلمين بأنني لا استطيع فعل ذلك وخصوصاً لان السنيور ليام قد وثق بي لأقوم بحمايتكِ ويجب أن اكون عند حسن ظنه .
فردت عليه قائله بـ مراوغة : ولكننا اصدقاء وانا اعتبرك صديقي المخلص وبئر اسراري اكثر من كونك حارسي الشخصي الذي يرافقني الى كل مكان ، انت تعلم هذا اليس كذلك ؟
فضحك توماس وقال : ما الذي تريدينه يا عزيزتي ازميرالدا ؟ ، انا واثق بأن هنالك طلب ترغبين بالافصاح عنه بعد هذه المقدمة لذا لا تراوغي اكثر وقولي ماذا تريدين مني.
فاتسعت ابتسامة ازميرالدا لتكشف عن اسنانها الناصعة البياض وقالت : انت تعرفني حقاً يا عزيزي ، حسناً اريد منك ان تساعدني في اقناع والدي بأن يسمح لي بالذهاب إلى جزر المالديف من اجل الاستجمام فانا لم اسافر منذ زمن وقد سأمت من هذا الروتين الممل حقاً .
فتنهد توم وقال : وهل ستذهبين بمفردكِ ام برفقة اصدقائكِ المتسكعون ؟
فلم تجب على سؤاله بل قالت : لن اكون معهم بمفردي انت ستذهب ايضاً .
توم : ولكنكِ تعرفين ان والدكِ لا يحب هؤلاء الشباب وخصوصاً ذلك المدعو آدم وقد طلب مني ان ابعدكِ عنهم قدر الإمكان لذا اعذريني هذه المرة فما حدث منذ شهر لم يكن لصالحكِ لذا يجب أن تشكري الرب لان السنيور ليام قد سمح لكِ بالخروج هذه الليلة .
فزمت ازميرالدا فمها بشكلٍ طفولي تعبيراً عن انزعاجها وقالت : هيا توم ، لا تكن مملاً فما حدث منذ شهر لم يكن سوى حادثة وانت تدخلت في الوقت المناسب كما ان آدم قد اعتذر مني لما فعله وانا قد غفرت له ذلك لانه كان ثملا .
فقال توم بنبرة حاده بعض الشيء : لقد حاول أن يعتدي عليكِ ازميرالدا وانا متأكد بأنه لم يكن ثملاً ولكنه ادعى ذلك حتى لا اقوم بقتله .
فقالت ازيمرالدا بدهشة : هل كنت تنوي قتله بالمعنى الحرفي للكلمة !
فابتسم توم وقال : اذا ما تطلب الأمر نعم ، فانتِ تعلمين انني على استعداد تام لأن اموت في سبيل حمايتكِ فنحن بمثابة الاخوة وقد عاهدت نفسي بأن احميكِ من كل خطر يحدق بكِ سواء كان صغير ام كبير.
فابتسمت ازميوالدا وعانقته قائله : يسعدني انكِ الى جانبي دائماً توم ، انت حقاً صديق مخلص.
فابتسم توماس و ابعدها عنه قليلاً وقال : وماذا بشأن ذهابكِ الى جزر المالديف ؟
فهزت رأسها وقالت : لقد غيرت رأيي فانا لا ارغب بأن اراك تذهب إلى السجن بتهمة قتل آدم اذا ما حاول ذلك الاحمق التحرش بي ثانيةً لذا لن اذهب وسنبقى انا وانت في لوس أنجلوس وسنقيم حفلات صاخبة كل لليلة و سنقضي اوقات رائعة جداً.
فتنهد توم وقال : ما رأيكِ لو اننا نتوقف عن الرقص الان ؟ ، بصراحة لقد تعبت فنحن نرقص منذ ساعة تقريباً كما ان حلقي قد جف واشعر بالعطش.
فضحكت وقالت : يا الهي... هل اصطحبت عجوزاً هرماً معي الى هنا ؟
فضحك توم ايضاً وقال : توقفي عن السخرية فانتِ تعرفين انني لا احب الرقص ولكنني مجبر على فعل ذلك للبقاء برفقتكِ حتى ابعد عنكِ المتسكعون السكارى.
ازميرالدا : حسناً حسناً كف عن التذمر ودعنا نجلس ونطلب مشروباً.
فصحح لها توم كلامها حيث قال : تقصدين عصيراً طازجاً فانتِ ممنوعة من شرب الكحول لانه يؤثر على معدتكِ
ويجعلكِ تمرضين اذا ما شربتِ منه ولو مقدار ملعقة صغيرة.
فتنهدت ازميرالدا باستسلام وقالت : حسناً ، سأكتفي بشرب عصير الليمون مع قطع الثلج.
فابتسم توماس وداعب وجنتها كما لو انه يتحدث مع طفلة وقال : فتاة مطيعة ، هيا تعالي.
قال ذلك ثم امسك يدها وتوجها نحو النادل الذي يوزع المشروبات فطلب لها كوب كبير من عصير الليمون مع قطع الثلج بينما طلب لنفسه كوب من عصير الجزر الممزوج بعصير البرتقال ولم يطلب مشروب كحولي لانه سيقود السيارة في ما بعد وحسب القانون لا يجب على السائق ان يقود سيارته اذا ما تعاطى ولو جرعة صغيرة من الكحول.
وعندما شارفت الساعة على الحادية عشر والنصف قبل منتصف الليل عادت ازميرالدا برفقة توماس الى المنزل والذي كان عبارة عن فيلا فخمة على الطراز الاسباني العريق فوجدت الفتاة ان والدها مازال مستيقظاً وكان جالساً في غرفة المعيشة ذات الاثاث والديكورات العريقة والتي يغلب عليها اللونين الأبيض والذهبي وقد كان ليام ديلافيغا ذلك الرجل البالغ من العمر خمسة وخمسون عاماً ذو الحضور القوي يقرأ كتاباً وهو يستعين بنظارته الطبيه بينما كان يحتسي فنجان من الشاي الأخضر ، فابتسمت ازميرالدا عندما رأته وهرعت اليه فوراً ثم عانقته بقوة جعلته يضحك وقالت : لما ما زلت مستيقظاً يا ابي ؟
فاجابها قائلاً وهو يخلع نظارته الطبية : وكيف لي ان انام وابنتي الوحيدة ما تزال خارج المنزل ؟ ، هيا اخبريني هل حدث معكِ اي شيء ؟
فهزت ازميرالدا رأسها بالنفي بينما تدخل توماس قائلاً : اطمئن يا سنيور فقد كانت فتاة مطيعة جداً لهذه الليلة ولم يقترب منها اي شخص.
فنظر اليه السنيور ليام وقال ببعض الحدة الممزوجة بالعطف : لقد طلبت منك مراراً بأن تدعوني عمي يا توماس فلما لا تفعل ؟
فاخذت ازميرالدا تضحك على منظر توم الذي وقف يحك راسه بارتباك كما لو انه احمق وابتسم بسذاجة قائلاً : في الواقع انا معتاد أن اُناديك هكذا لذا اعذرني رجاءً.
فضحك السنيور ليام ايضاً وقال : انت معنا منذ ستة عشر عاماً يا توم لذا دع فمك يعتاد على أن يناديني بـ عمي او العم ليام فانت بمثابة ابني ونحن عائلة واحدة يا عزيزي.
فابتسم توماس وقال : حاضر يا عم.
فتنهدت ازميرالدا وقالت : حسناً ، انا ساذهب الى غرفتي لذا تصبحون على خير.
قالت ذلك ثم طبعت قبلة على جبين والدها واخرى على خد توماس ثم غمزته وهمست قائله : غداً سنقيم حفلة في الفيلا لذا سادعك تخبر ابي بذلك.
قالت ذلك ثم ذهبت بسرعة فتنهد توم عندما رأى السنيور ليام الذي كان ينظر إليه بترقب وكأنه ينتظر ان يخبره هذا الشاب باي شيء فقال باستسلام : انها تريد اقامة حفلة في الفيلا مساء غداً وقد طلبت مني ان اخبرك بهذا بالنيابة عنها .
فتنهد السنيور ليام وقال : الا تمل هذه الفتاة من اقامة الحفلات !
فقال توم : انها تسلي نفسها بهذه الطريقة فكما تعلم انت بأنها لا تمتلك اي اصدقاء حقيقيون وان الجميع يرافقونها من اجل المال لهذا تحاول ان تقنع نفسها بعكس ذلك وبالتالي تقيم الحفلات كل اسبوع علها تكسب اخلاص بعض الفتيات اللواتي يصاحبنها بالعادة .
فقال السنيور : انت على حق والمثير للشفقة بأنني لا استطيع فعل اي شيء من اجلها سوى الموافقة على كل ما تطلبه لذا سادعها تقيم الحفلة ولكن احرص يا توم على ان تمنعها من شرب الكحول وانت لا تحتاج لان اخبرك بان تحرص على ابعاد الشباب عنها حتى لا يتكرر ما حدث منذ شهر.
توم : بالطبع سافعل ذلك لذا كن مطمئناً حيال هذا الموضوع.
فنهض السنيور ليام لكي يذهب إلى غرفته وقال : حسناً يا بُني ، ساذهب للنوم الآن وانت لا تبقى مستيقظاً لوقت متأخر فهذا ليس جيداً من اجل صحتك حتى وان كنت شاباً مفعماً بالحيوية .
قال ذلك ثم سار خطوة واحدة وسرعان ما شعر بألم فظيع يجتاح صدره فوضع يده مكان هذا الام مما جعل توماس يقلق عليه فسأله قائلاً وهو يسنده : هل انت بخير يا عم ؟
فاومى السنيور برأسه وقال بصوت مرتجف وكأنه يحارب نفسه : اجل انا بخير .
توماس : لا تبدو لي بأنك بخير ابداً لذا ساتصل بالطبيب جيمس كي يأتي إلى هنا فوراً .
قال ذلك ثم اخرج هاتفه من جيب بنطاله واراد ان يطلب رقماً ولكن السنيور امسك يده وقال : لا داعي لان نزعج الطبيب بمثل هذا الوقت فانا بخير حقاً .
توماس : ولكن....
فقاطعه السنيور بقوله : اعتقد بأنني اكثرت من تناول طعام العشاء لهذه الليلة مما سبب لي التخمة .
فقطب توماس حاجبيه وقال : هل استطيع مساعدتكَ في اي شيء ام ترغب بأن اخذك الى المشفى فأنا أصر على هذا.
فابتسم السنيور ابتسامة لطيفة ووضع يده على كتف توماس قائلاً : لا تضخم الأمر يا بُني فانا بخير حقاً وساصبح افضل اذا ما اخذت قسطاً كافياً من الراحة لذا ساذهب الى غرفتي الان ، تصبح على خير.
قال ذلك ثم توجه إلى غرفته بخطوات بطيئة وكان وجهه شاحباً وكأن الحركة تؤلمه ، اما توماس فتنهد بقوة ثم قام بخلع سترته ذات اللون الكاكي ورفع اكمام قميصه الابيض الى منتصف ذراعيه وبعدها اخذ فنجان الشاي الذي كان يشربه السنيور الى المطبخ فوضعه في المغسلة كي تقوم بتنظيفه الخادمة "كارلا" في ما بعد ثم توجه إلى غرفته في الطابق الثاني حيث كان يسكن معهم في الفيلا ايضاً .
وفي صبيحة اليوم التالي.....
استيقظت ازميرالدا من نومها وهي تشعر بالنشاط والحيوية فاخذت حمامها الصباحي وارتدت فستان قصير ذو حمالات لونه ابيض مزركش ببعض الورود المشمشية ورفعت شعرها البني المموج كامواج البحر على شكل ذيل حصان وبعدها هبطت إلى الطابق السفلي حيث كان كل من والدها وتوماس يتناولون وجبة الإفطار بينما كانت الخادمة كارلا ذات الاربعين عاماً تسكب لهما الشاي فقالت ازميرالدا : صباح الخير.
قالت ذلك ثم جلست في مكانها المعتاد من جهة اليمين بالقرب من والدها الذي كان يترأس المائدة بينما كان توماس يجلس بالقرب منه ايضاً الى جهة اليسار فقالت تخاطب كارلا : اريد عصير البرتقال يا كارلا فانا لا ارغب بشرب الشاي هذا الصباح.
فردت عليها كارلا قائلة باللغة الاسبانية تغلب عليها لكنة إنكليزية خفيفة : بالطبع يا سنيوريتا.
اما السنيور ليام فنظر إلى ابنته الوحيدة وقال : لقد اخبرني توم بأنكِ ترغبين باقامة حفلة اخرى هذا المساء .
فنظرت هي الى توماس فوراً ثم عاودت النظر إلى ابيها وقالت : وما هو رايك بشأن هذا الموضوع ؟
فقال لها : لقد اعطيتكِ الاذن ولكن عديني بأنكِ لن تشربي اي مشروب كحولي حتى لا تمرضي يا عزيزتي.
فابتسمت وقالت : اعدك بهذا يا ابي ، ولكن هل استطيع سؤالك اين ستقضي هذه الامسية فانا اعلم بأنك تفضل البقاء خارج الفيلا عندما اقيم احدى حفلاتي هنا .
فقال السنيور بعد ان ارتشف القليل من الشاي : ساذهب الى اليخت الخاص بي وربما ادعو صديقي السير انطونيو لنتناول العشاء ونتحدث بشؤون المشروع الذي نعمل عليه حالياً .
فقال توماس : بالمناسبة يا عم كيف تسير امور العمل ؟
فقال السنيور : انها تسير بشكل جيد فنحن لم نتوقع ان مضمار سباق الخيل سيجني ربح كبير لهذه الدرجة وخصوصاً لاننا في فصل الصيف والمدرجات عادةً ما تكون مليئة بالناس الذين يأتون لمشاهدة السباقات بروح معنوية مرتفعة.
توماس : يسعدني سماع هذا.
اما ازميرالدا فقالت : الم يحن الوقت بعد حتى تجعلني اشارك في احد هذه السباقات يا ابي ؟
فرد عليها والدها قائلاً : انتِ تعلمين انني لن اسمح لكِ بفعل ذلك ابداً يا عزيزتي لذا لا تحاولي اقناعي فهذا امر مفروغ منه .
فزمت فمها وقالت : ولكنك تعرف بانني احب الخيول كثيراً وقد سمحت لي في اقتناء جواد جميل فلما لا تسمح لي بأن اشارك في احدى السباقات !
فقال توماس : لان هذا سيكون خطر على فتاة رقيقة مثلكِ حيث سيكون مضمار السباق كساحة المعركة بالنسبة للفرسان وانتِ لن تستطيعي مجابهتهم ابداً مهما كنتِ بارعة في امتطاء الخيل.
واضاف والدها قائلاً : وانا لست غبياً كي ادع ابنتي الوحيدة تشارك في سباق خطر كهذا ومن الممكن ان يعرضها للأذى.
فتنهدت ازميرالدا وقالت : حسناً لقد فهمت ، لن اشارك في اي سباق ولكنك ستسمح لي في امتطاء جوادي بلاكي متى رغبت بذلك اتفقنا.
فابتسم والدها وقال : يا لكِ من جشعة صغيرة ، حسناً كما تريدين.
فابتسمت ازميرالدا ورمقت توم بنظرة انتصار فحرك عيناه بشكلٍ دائري جعلها تقهقه بخفة ثم تابعت تناول وجبتها بشهية مفتوحة ، وفي المساء كانت الفيلا تعج بالشباب فتيان وفتيات وكانت الموسيقى صاخبة والوجبات الخفيفة لذيذة ومتوفرة بكثرة بينما كانت مظيفة الحفل متأنقة بشكلٍ جميل بذلك الفستان الأسود القصير وكانت تقف بين مجموعة فتايات امام المسبح وتتحدث معهن حول امور عدة بينما كان حارسها الشخصي يتكئ على احدى الطاولات ويراقبها وهو يرتشف كوب من عصير الكيوي فنظرت إليه ثم تنهدت وابتعدت عن صديقاتها وسرعان ما اقتربت منه وقالت بتذمر : اللعنة توم ، لما لا تستمتع بوقتك يا رجل فانا لن اهرب !
فتأبطت ذراعه وقالت : انظر إلى نفسك توم ، الم تلاحظ أن هنالك الكثير من الفتيات اللواتي يحاولن التقرب منك ولكنك لا تعرهن اي اهتمام فقط من اجل ان تبقيني تحت نظرك ؟
فوضع توم كاس العصير من يده وقال بجدية : لقد وعدت والدكِ بان اراقبكِ جيداً هذه الليلة حتى لا تشربي ولو قليلاً كما انني اقوم بواجبي ازميرالدا لذا لا تحاولي معي عبثاً .
فتنهدت وقالت بهدوء : اعلم بأنك تحاول أن تحميني ولكن هذا لا يعني ان تهمل نفسك من اجلي فانت شاب ووسيم ايضاً ويجب أن يكون لديك على الاقل ثلاث حبيبات ولكنك تحرم نفسك من المتعة بسببي وهذا يزعجني حقاً .
فضحك توماس وقال : هل انتِ خائفة بأن اصبح هرماً قبل أن اقع في الحب !
فنظرت إليه بحدة وقالت ساخطة : هذا ليس مضحكاً توم ، فانا اعي ما اقوله حقاً .
فعبث توم في شعرها وقال : لا تقلقي يا عزيزتي فانا عندما اجد الفتاة المناسبة ساشعر بذلك حتماً كما انني لستُ من الاشخاص الذين يصاحبون الفتيات من اجل التسلية ، اظن ان هذا الامر مثير للقرف حيث انني لا اتخيل نفسي اقيم علاقة مع فتاة لا اكن لها المشاعر.
فوقفت ازميرالدا تفكر بكلامه قليلاً وسرعان ما اقتنعت بوجهة نظره فقالت : هل تعلم انت على حق , وبالتفيكر في الامر اجد انني اوافقك الرأي بهذا الخصوص ايضاً فكلانا لا نرغب بأن ندخل في علاقات من غير حب.
قالت ذلك وتنهدت بقوة ثم اضافت قائله وهي تحدق بضيوفها : لو انني كنت فتاة عادية ومن عائلة متوسطة الحال لما وجدت هؤلاء الحمقى بقربي فانا اعلم انهم يرافقوني فقط من اجل مال ابي والمثير للشفقة انني لا املك ولو صديقة حقيقية واحدة على الاقل فكلهن منافقات ، اما بالنسبة للشبان فمن الواضح انهم يحاولون التودد اليّ لكي اكون بمثابة التذكرة التي ستوصلهم الى الفردوس وهذا ما اثبته ليّ ذلك الحقير المدعو مارك حيث ظننت انه يحبني حقاً ولكن الواقع كان غير ذلك تماماً .
فقال توم : من حسن حظكِ انكِ كشفتِ وجهه الحقيقي قبل أن تتعلقي به اكثر فانا لم استلطفه منذ البداية ولكنني ظننت انه يحبكِ لهذا لم اقل لكِ بما اشعر به تجاهه حتى لا تنزعجي .
فعادت بها الذكرى الى سنة مضت حيث كانت على علاقة مع شاب يكبرها بسنتين ويدعى "مارك تونر" وقد دامت هذه العلاقة لمدة اربعة اشهر حيث أدّعى اللطف والطيبة وانه يحبها لكي يستغلها بسبب ثروة ابيها الطائلة وهي اعتقدت انها وقعت في الحب حقاً وكم كانت سعيدة بذلك ولكن لحسن حظها انها اكتشفت الوجه الحقيقي لهذا الشاب المخادع والذي كان على علاقة بفتاة اخرى منذ الاساس وخططا معاً لان يستغلانها فغضبت منه جداً وقررت ان تقطع علاقتها به تماماً كما واغلقت أبواب قلبها حتى لا ينخدع مجدداً فجميع من تعرفهم لا يحبونها لانها ازميرادا ديلافيغا بل يتقربون منها لانها ابنة الملياردير الأسباني ليام ديلافيغا صاحب اكبر مضمار سباقات الخيول في لوس أنجلوس لذا انزعجت كثيراً وبدون سابق انذار اخرجت كابل محرك الاقراص مما جعل الجميع يتوقف عن الرقص فجأة فاخذوا يتهافتون و يثرثرون ومنهم من احتج لانها اوقفت الموسيقى فوقفت على احدى الطاولات وقالت بصوت عالٍ تغلب عليه الحدة : لقد انتهت الحفلة لذا يمكنكم المغادرة الآن.
فنظر توم اليها بدهشة وسرعان ما انفجر ضاحكاً وساعدها على النزول من فوق الطاولة قائلاً : يا لكِ من فتاة غريبة الأطوار ازميرالدا ، لما فعلتي ذلك ؟
فقالت بنبرة انزعاج واضحة : لقد سأمت منهم ومن تملقهم لذا لا داعي لأن اوفر لهم بعض المتعة المجانية فقررت أن اطردهم جميعاً .
فاخذ الضيوف يغادرون الواحد تلو الاخر بوجوه عابسه ومنها ساخطة واخرى غاضبة ومنزعجة ولم يقوم اي شخص بتقديم الشكر لها لانها دعته الى الحفلة وذلك ما اكد لها انها احسنت التصرف فقال لها توم : اذاً ماذا تنوين فعله الان ايتها الانسة الصغيرة فما زالت الأمسية في بدايتها.
فنظرت إليه ورسمت ابتسامة ذات مغزى وسرعان ما سحبته من يده وقالت : تعال معي.
وما هي الا عشر دقائق حتى اخذت لهما كارلا العصير وبعض الوجبات الخفيفة الى غرفة المعيشة حيث كانا يلعبان على العاب الفيديو بحماس شديد فنهضت ازميرالدا واخذت تقفز وتهتف فرحاً لانها تغلبت عليه في الجولة الأولى فقال لها توماس بنبرة تذمر واضحة : يا لكِ من مخادعة لقد رأيتكِ تغشيّن .
فقالت بأحتجاج : هذا غير صحيح وان لم تكن راغباً في الاعتراف بالهزيمة دعنا نقوم بجولة ثانية.
فقال لها بثقة : حسناً ، سترين الان كيف ستتم هزيمتكِ شر هزيمة..
وبالفعل استمرا في اللعب معاً ولم يشعرا بأن الوقت يمضي ، اما في اليخت الخاص بالسنيور ليام فكان هو جالساً برفقة رجل في مثل سنه تقريباً ويدعى جو فقال له هذا الاخير : هل انت متاكد من انك تود فعل ذلك حقاً !
فقال السنيور : اجل يا جو فانا اشعر بأن النهاية قد اقتربت لهذا ارغب في حماية ابنتي بعد رحيلي فهي ستكون هدفاً سهلاً لكثير من الطامعين ولا توجد اي طريقة لاقوم بحمايتها سوى هذه الطريقة.
فقال جو : ولكنها لا تعرفه يا سنيور فكيف ستتقبل الأمر كما انه لا يعرفها بدوره , وان اردت نصيحتي لما لا تدعها تتزوج من توماس فهو جدير بالثقة وانت من قام بتربيته بنفسك وان اصبح زوجها سيحميها بكل تأكيد.
فقال السنيور ليام : انهما بمثابة الاخوة يا جو كما انني واثق بان توم سيكون بجانبها دائماً دون ان يقترن بها ولكن هذا لا يكفي فهي تحتاج شخصاً قوياً ليحافظ على ورثتها ويحميها و اليخاندرو افضل شخص لمثل هذه المهمة .
فقال المدعو جو : ولكنك تركت له القسم الاكبر من الورثة بينما قسمت القسم الاخر بين ابنتك وبين توماس فكيف تريد مني ان استوعب هذا الامر !
فسعل السنيور ليام وقال بعصبيه : لان هذا حقه الشرعي فانا ادين له بكل هذه الثروة ، وبالنسبة لما تركته لأبنتي وتوم فهو من مالي الخاص وحقهما الشرعي بينما باقي الورثة ستعود الى ابن اخي اليخاندرو واتمنى لو انه يسامحني في يوم من الايام.
فأراد جو ان يقول شيئاً ولكن السنيور قاطعه قائلاً بحدة : هذا يكفي يا جو فقد سأمت من شرح الامر لك مراراً وتكراراً وكونك محاميّ الخاص انت ملزم بفعل ما اخبرك به لذا عندما...
قال ذلك ثم توقف عن الكلام لبرهة قصيرة ثم تابع قائلاً : عندما يحين الوقت استدعي اليخاندرو الى هنا واقرأ الوصية امامه بحضور كلن من ازميرالدا وتوماس.
فتنهد المحامي جو وقال : كما تريد وان كانت هذه رغبتك فسأنفذها بكل تأكيد ، ولكن لما لا تفكر ثانية بشان اجراء العملية الجراحية مرة اخرى ؟
فقال المحامي جو : انا حقاً حزين لأجلك يا سنيور .
يتبع غداً..
#حب_على_شفير_النار الجزء 2
مرت خمسة ايام قضتها ازميرالدا بالترفيه عن نفسها برفقة حارسها الشخصي وصديقها المخلص توماس حيث كانت تتسوق كثيراً وتمارس النشاطات الترفيهية مثل الذهاب في نزهة برية على صهوة جوادها الابيض كما ورافقها توم ايضاً في نزهتها هذه على صهوة احد الخيول الأسبانية الأصيلة وقد قضيا وقتاً ممتعاً ولم يدركا ان المرض قد اشتد بالسنيور ليام الذي فضل البقاء صامتاً وكتم معاناته حتى لا تحزن ابنته الوحيدة , ومع غروب شمس اليوم السادس ذهبت الخادمة كارلا الى غرفة السنيور لتأخذ له الشاي الذي طلبه في وقت سابق وعندما دخلت الى الغرفة كان الرجل جالساً على كرسيه الهزاز ويحني رأسه بصمت مرعب ولا يتحرك فظنت انه نائم مما جعلها تضع صينية الشاي من يدها بهدوء ثم اقتربت منه لكي توقظه حيث اخذت تهزه بلطف قائلة : سنيور ليام ... هيا استيقظ يا سيدي فقد احضرت لك الشاي كما طلبت .
ولكن السنيور لم يستيقظ ابداً بل سقط رأسه الى جانبه الايمن مما دل على انه قد فارق الحياة فصرخت كارلا صرخة هزت اركان المنزل كله بعدما ادركت ان مخدومها قد رحل عن هذا العالم فخرجت على اثرها ازميرالدا من غرفتها وقد تملكها القلق كما ان توماس قد ترك تنظيف سلاحه الخاص وركض بأتجاه الطابق العلوي كي يستفسر عن سبب تلك الصرخة التي زرعت الرعب في قلبه , وعندما وصل الى الغرفة تجمد في مكانه حيث وجد ازميرالدا تحتضن والدها وتبكي بحرقة وتنفي واقع انه مات وتركها بينما كانت كارلا واقفة بالقرب منها وكانت تبكي بصمت فوضع يده على فمه وقد عُقل لسانه من هول الفاجعة فلم يقوى على الحركة واذ به يهوي على ركبتيه بعجز عندما ادرك الموقف وبالتالي اخذت دموعه تنساب على وجنتيه الواحدة تلو الاخرى فهو يعتبر السنيور ليام بمثابة الوالد والمثل الاعلى كما انه يدين له بالكثير حيث قام الاخير بتبنيه والاعتناء به لفترة طويلة .
وبعد ثلاثة ايام ............
حطت تلك الطائرة الخاصة في مطار لوس أنجلس الدولي وكانت من نوع " إمبراير فينوم 300 " فنزل منها ذلك الرجل الاسمر ذو القامة الطويلة والجسد الرياضي الرشيق الذي يتميز بصلابة عضلاته البارزة تحت تلك البدلة السوداء الرسمية فبدى وكأنه شخص ذو شأن عظيم ويتصف بالغموض وخصوصاً لانه كان يخفي عيناه خلف تلك النظارة الشمسية الداكنة , فوقف بأستقامة ورفع رأسه عالياً نحو السماء دون ان يقول اي شيء وما هي الا ثواني معدودة حتى نزل رجل اخر من الطائرة يضاهيه بالطول والعرض و الوسامة ايضاً ولكن الاختلاف الوحيد الذي كان بينهما هو تعابير الوجه حيث كان الرجل الاول ذو وجه جامد يخلو من التعبير بينما كان الرجل الاخر يبدو مسترخياً فنزع نظارته الشمسية وابتسم قائلاً باللهجة الاسبانية الاصيلة : انظر يا اليخاندرو , من كان يعتقد باننا سنقطع كل هذه المسافة ونأتي الى بلد غريب فقط لأن محامي عمك المخادع قد ارسل اليك برقية يخبرك بها أن الرجل قد مات وانه من الضروري قدومك الى هنا حتى يتم قراءة الوصية !
فتنهد اليخاندرو ذلك الرجل البارد ذو الشعرالاسود الكثيف والبشرة البرونزية الفاتنة وسرعان ما نزع نظارته الشمسية لتكشف عن عينان زرقاوان يتصفان بالغموض الممزوج بالبرودة وشيء من الغضب ثم نظر الى الرجل الاخر وقال بصوت رزين : كف عن الثرثرة روبيرتو ودعنا نذهب قبل ان نحترق اذ ما اطلنا البقاء تحت اشعة الشمس .
فحرك روبيرتو عيناه اللوزيتان بشكلٍ دائري ومرر اصابع يده بين خصلات شعره ذو اللون الذهبي واردف قائلاً : سأذهب لتفقد السيارة التي سوف نستقلها من اجل الذهاب الى منزل عمك لذا انتظرني هنا .
قال ذلك ثم عاود وضع نظارته الشمسية على عينيه وبعدها تحرك نحو الامام بخطوات واثقة وسرعان ما غاب عن الانظار , اما اليخاندرو فرفع يده اليمنى نحو عنقه وسرعان ما اخرج من تحت ياقة قميصه الاسود تلك القلادة التي كان يرتديها حول عنقه والتي كانت عباره عن سلسلة من الجلد الطبيعي يتدلى منها ريشتين معدنيتين احداهما فضية والاخرى ذهبية فضغط عليهما وقال في سره : ليام ديلافيغا , اي لعنة جعلتك تطلب من محاميك ارسال برقية يستدعيني بها الى هنا بعد كل ما فعلته بي !
وفي تلك الاثناء عاد روبيرتو وهو يمسح عنقه براحة يده حيث قال بأنزعاج واضح : تباً , ان درجة الحرارة هنا مرتفعة جداً وتكاد ان تحرقني !
فتنهد اليخاندرو ثم اخفى قلادته تحت ياقة القميص مجدداً ونظر الى صديقه وقال : انها لا شيء بالنسبة لدرجة الحرارة التي في اسبانيا , اخبرني هل وجدت تلك السيارة ؟
روبيرتو : اجل , انها تنتظرنا امام المطار لذا هيا بنا .
فوضع اليخاندرو نظارته على عيناه مجدداً وسار برفقة صديقه دون ان يقول اي شيء حتى وصلا الى تلك السيارة السوداء الفاخرة التي كانت تنتظرهما فنزل السائق منها واحنى رأسه تحية لهما وقال بلكنة اسبانية مكسرة : اهلاً بكما في لوس انجلوس يا سادة .
فتنهد اليخاندرو وقال بالانجليزية : تحدث الانجليزية رجاءً .
فأبتسم ثغر السائق وقد بدى عليه الارتياح ثم قال بالانجليزية : شكراً لك يا سيدي , انا ادعى بيل تمبرسون وقد عملت سائقاً لدى عمك الراحل لمدة طويلة ويسعدني ان اكون في خدمتكما .
قال ذلك ثم صعد في المقاعد الخلفية من السيارة بينما ابتسم روبيرتو للسائق المدعو بيل تمبرسون وقال بنبرة انجليزية مرحة : سعدنا بلقائك يا سيد تمبرسون .
قال ذلك ثم صعد الى جانب اليخاندرو بينما التف بيل ليصعد امام المقود وسرعان ما هم بالمغادرة فكانت الرحلة داخل السيارة مملة بعض الشيء بالنسبة لأليخاندرو حيث اخذ بيل يتحدث دون توقف مع روبيرتو وقد كان الاخير منسجماً معه ويبدو عليه الاسترخاء عكس صديقه اليخاندرو الذي كان يحدق من خلال النافذه ويبدو عليه انه غارق في تفكيره , وعندما وصلا الى فيلا السينيور ليام قامت مدبرة المنزل كارلا بفتح الباب لهما وقد اصابتها الرهبة عندما رأت تقاطيع وجه اليخاندرو الجدية فابتلعت ريقها وقالت بالأسبانية : كيف استطيع مساعدتكما يا سادة ؟
فأراد روبيرتو ان يتحدث ولكن السائق بيل اوقفه قائلاً : ان هذا السيد هو ابن اخ السنيور ليام وقد اتى هو وصديقه الى هنا بناء على رغبة السنيور يا كارلا اذ انه طلب من المحامي جو استدعائه لسبب مهم , كما ان السيدان يفهما الأنجليزية ويتحدثان بها بطلاقة لذا احسني التصرف .
فأرتبكت كارلا وقالت وهي تفسح لهما المجال في الدخول : ارجو المعذرة يا سادة لم اكن اعرف من انتما , تفضلا بالدخول وسوف استدعي السنيور جيفرسون في الحال .
فدلف كل من اليخاندرو و روبيرتو الى المنزل بينما قام السائق بيل في حمل حقائبهما الى الداخل اما كارلا فهرعت تستدعي توم ليأتي ويستقبلهما , فنزع اليخاندرو نظارته واخذ ينظر في ارجاء المكان بصمت بينما فعل روبيرتو الأمر ذاته وابتسم قائلاً : ان ذوق عمك رفيع في اختيار قطع الأثاث , انظر ان كل شيء في هذه الردهة كلاسيكي ولا بد انه يكلف ثروة .
فأبتسم السائق بيل وقال : انت على حق يا سنيور فكل قطع الاثاث هذه قطع اثرية وباهظة الثمن جمعها السنيور ليام على مدار سنوات .
فالتفت اليخاندرو الى بيل وقال ببرود : لقد ذكرت تلك المرأة شخصاً يدعى جيفرسون فمن هو ؟
بيل : اوه انه توماس جيفرسون وهو من يدير شؤون المنزل بعد رحيل السنيور ليام كما يمكننا القول انه كان بمثابة الأبن بالنسبة لعمك يا سيدي .
فقطب اليخاندرو حاجبيه عندما سمع ذلك وقبل ان يتمكن من قول اي شيء سمع بيل يضيف قائلاً : ها قد اتى توم يا سادة .
فالتفت كل من روبيرتو و اليخاندرو نحو توماس الذي نزل عن الدرج الملتوي وهو يرتدي بنطال جينز غامق اللون وتيشرت بيضاء بأكمام قصيرة وضيقة مما جعل عضلات صدره وكتفيه تبدو بارزه بشكلٍ واضح وقد كانت ذقنه نامية ويبدو انه لم يحلقها منذ عدة ايام بينما كان شعره رطباً بعض الشيء مما دل على انه انهى استحمامه للتو , فأقترب من الرجلان وقد انتبه الى الطريقة الغريبة التي كان اليخاندرو ينظر اليه بها فلم يعجبه ذلك وقال بالأسبانية : اهلاً بكما ايها ايها السيدان , انا توماس جيفرسون ويسعدني لقائكما .
قال ذلك ومد يده بأتجاه اليخاندرو فصافحه الأخير بقبضة واثقة واردف قائلاً بالأسبانية : اليخاندرو ديلافيغا , الأبن الوحيد لـ فرانكو ديلافيغا والذي يكون الشقيق الأكبر للرجل المدعو ليام ديلافيغا .
فلم تعجب توماس طريقة اليخاندرو بالتحدث عن السنيور ليام كما لو انه شخص عديم القيمة لذا اكتفى بهز رأسه دون ان يعلق بشيء ثم التفت نحو روبيرتو ومد يده ليصافحه فصافحه الأخير قائلاً بالأسبانية : وانا روبيرتو ميغيل , صديق اليخاندرو وشريكه في العمل .
توم : تشرفنا , تفضلا بالدخول الى قاعة الأستقبال رجاءٍ .
روبيرتو : شكراً لك .
- ثم دخلوا ثلاثتهم الى قاعة استقبال الضيوف بينما عاد بيل الى رأس عمله في الخارج , فقال توم : لقد اخبرني المحامي جورج بقصة استدعائك الى هنا من اجل قراءة الوصية يا سنيور ديلافيغا لذا اتمنى ان تكون اقامتكما هنا مريحة ريث ما يعود جو من سفره .
فرفع اليخاندرو حاجبه بعدم رضا وقال بشيء من الحدة : وهل هو مسافر حالياً ؟
توم : في الواقع لقد طرء امراً هاماً يستدعي سفره الى لندن ولكن لا تقلق فهو سيعود مساء الغد وخلال هذه الفترة يستحسن ان تتعرف على ابنة عمك وتواسيها فهي حزينة جداً على والدها ولم تخرج من غرفتها منذ الجنازة .
في تلك اللحظة نظر اليخاندرو الى صديقه روبيرتو بدهشة وبعدها عاود النظر الى توماس وسأله قائلاً : ابنتة عمي ؟ , وهل لدي ابنة عم ؟
فقطب توم حاجبيه وقال : اولا تعلم بهذا الشأن ؟
فنظف اليخاندرو حلقه وقال بهدوء اعصاب : لقد هاجر ليام ديلافيغا من اسبانيا بعد وفاة والدي مباشرةٍ وقد كنت انا في سن الرابعة عشر آن ذاك ومنذ ذلك الوقت لم اسمع عنه اي خبر وعندما ارسل المحامي في طلبي من اجل فتح الوصية لم يذكر في رسالته ان لدي ابنة عم .
فتنهد توم وقال : في الواقع هي ايضاً لا تعلم بوجودك اذ ان السنيور لم يحدثنا عنك او عن افراد عائلته مطلقاً وعندما اخبرني المحامي جو منذ يومين بأن ازميرالدا لديها ابن عم يعيش في اسبانيا كانت دهشتي كبيرة جداً ولا اخفي عنك بأن الفضول اخذ ينتابني لأعرف لما اخفى عنا السنيور مثل هذا الأمر .
فشرد اليخاندرو بفكره وقد تصلب وجهه اذ عادت به الذكرى للماضي القاسي حيث اكتشف ان عمه ليام قد استولى على ورثته التي خلفها له والده فرانكو وانه هاجر من اسبانيا دون رجعة الأمر الذي جعله يحقد على عمه الخسيس فضغط على قبضته وحاول ان يتمالك اعصابه وقال بتأني : انها قصة طويلة لا داعي لأن تشغل بالك بها يا ... ذكرني ما هو اسمك ؟
فرفع توم حاجبه وقد شعر بشيء من الأنزعاج لأن اليخاندرو سأله عن اسمه بعد ان قام بالتعريف عنه بكل وضوح فقال بصوت رجولي قوي : توماس جيفرسون هذا هو اسمي , ولكن يمكنك ان تناديني توم .
اليخاندرو : حسناً يا توم , هل قلت ان ابنة عمي تدعى ازميرالدا ؟
توم : اجل .
فأبتسم روبيرتو وقال : انه يعني الجوهرة باللغة الأسبانية فهل هي نادرة وجميلة كما الحال مع اسمها ؟
فرمقه اليخاندرو بنظرة اسكتته ثم نظر الى توم وقال : كم عمرها ؟
فتنهد توم وقال : انها تبلغ من العمر واحد وعشرون سنة .
فقال روبيرتو : ما زالت صغيرة لتتحمل صدمة كهذه .
فقال اليخاندرو بشيء من الحدة : لقد كنت اصغر منها عندما انتحر والدي لذا اعتقد انها ستتجاوز الأمر بعد مضي عدة ايام فالزمن كفيل في ان يجعل الأنسان ينسى اعمق الجروح حتى ولو كان عمقها كعمق البحار .
فأستغرب توم امر انتحار والد اليخاندرو وتسائل في نفسه عما اذا كانت هذه الحادثة هي السبب في قسوة اليخاندرو الواضحة للعلن وضوح الشمس ولكن سرعان ما توقف فضوله عند هذا الحد فنهض وقال : سأذهب لكي اخبرها بقدومكما علها تخرج من غرفتها اذا ما علمت بأن لديها ابن عم .
فنهض اليخاندرو وقال : افضل ان اخبرها انا بأنني ابن عمها لذا هلا ارشدتني الى غرفتها ؟
فزم توم فمه بعدم اقتناع ولم تعجبه الطريقة التي يتحدث بها اليخاندرو ولكنه فضل عدم افتعال اي مشكلة قد تؤدي الى نتائج سلبية وقال : بالطبع , تفضل معي رجاءٍ .
فنظر اليخاندرو الى روبيرتو وقال : انتظرني هنا اتفقنا .
فأومى له روبيرتو برأسه وقال : لقد لمحت اصطبلاً في الخارج عندما اتينا لذا سأذهب وإلقي نظرة على الخيول الموجودة به لعلي ارى جواداً قد ينال اعجابي .
فقال توم : اذاً سأدع جيب يطلعك على المكان فهو من يعتني بالأصطبل وكافة الخيول .
قال ذلك ثم امسك جهاز لا سلكي كان موضوعاً على الطاولة وتحدث عبره قائلاً بالأنجليزية : جيب هل تسمعني ؟
وما هي الا ثواني قد مرت حتى اجاب المدعو جيب قائلاً : اجل يا سنيور , انا اسمعك جيداً .
توم : جيد , اترك ما في يدك من عمل وتعال الى الفيلا فوراً فلدينا ضيف اريد منك اصطحابه في جولة لكي يرى الجياد .
فرد جيب قائلاً : لقد فهمت , سأتي في الحال .
قال ذلك وانهى الأتصال فنظر توم الى روبيرتو واردف قائلاً : سوف يصطحبك جيب في جولة وهو شاب اسمر ستعرفه فوراً ما ان تراه .
روبيرتو : حسناً , شكراً لك .
توم : على الرحب .
قال ذلك ثم نظر الى اليخاندرو واضاف قائلاً : تفضل معي من هنا يا سنيور .
فلحق به اليخاندرو الى الطابق العلوي حيث كانت غرفة نوم ازميرالدا وصادفا كارلا تخرج من الغرفة وهي تحمل صينية الطعام التي لم تمسها الفتاة اطلاقاً فنظرت الى توم وهزت رأسها قائله : ان السنيورة تستمر في رفض تناول الطعام يا توم وقد حاولت أذيتي عندما كنت احاول اقناعها بالعدول عن رأيها وانا اخشى بأن تنهار مجدداً ان بقيت على هذه الحال .
فقال اليخاندرو : منذ متى وهي ترفض تناول الطعام ؟
فنظر اليه توم وتنهد قائلاً : منذ وفاة السنيور اي لما يقارب الثلاثة ايام وقد انهارت في الأمس لذا اضطررنا ان نستدعي الطبيب الى هنا فعلق لها المغذي واخبرنا ان مفعول المحلول الذي في الكيس يعادل مفعول الطعام لهذا لم نقلق عليها كثيراً وبالرغم من ذلك اوصانا الطبيب بأن نهتم بها جيداً وقال بأنه يجب عليها ان تتناول الطعام في موعده حتى تسترد عافيتها بسرعة ولكنها تأبى فعل ذلك .
اليخاندرو : لقد فهمت .
اما كارلا فقالت : ما العمل الأن ؟ , لا يجب ان نتركها دون طعام .
فأخذ توم صينية الطعام من يدها وقال : سأحاول ان اجعلها تتناول القليل لذا لا تقلقي واذهبي لتباشري في اعداد العشاء .
فتنهدت كارلا قائله : حسناً .
قالت ذلك ثم احنت رأسها تحية لأليخاندرو فرد عليها التحية ثم غادرت بينما قال هو : يبدو ان علاقتك بعائلة عمي والناس العاملين في الفيلا وطيدة فمنذ متى وانت تعمل هنا ؟
فالتفت اليه توم وقال : انا لا اعمل هنا بل اعيش هنا .
فرفع اليخاندرو حاجبه وقال : وضح كلامك .
فرسم توم شبح ابتسامة على زاوية فمه عندما رأى الفضول في عينيّ اليخاندرو وقال بثقة : في الواقع لقد تبناني السنيور ليام بطريقة غير مباشرة منذ ان كنت في سن الخامسة عشر لذا انا اعيش في هذا المنزل لما يقارب الخمسة عشر سنة وازميرالدا تعتبرني اخيها الأكبر كما ان عملي الرئيسي هو حمايتها على مدار اربعة وعشرين ساعة بالأضافة الى أدارة شؤون المنزل في غياب السنيور .
اليخاندرو : هل تقصد انك حارسها الشخصي !
توم : يمكنك قول هذا .
قال ذلك ثم طرق الباب لمرة واحدة وبعدها دخل الى غرفة ازميرالدا وهو يحمل صينية الطعام فلحق به اليخاندرو الى داخل الغرفة التي كانت معتمة وكئيبة اذ ان الستائر كانت مغلقة والأضواء مطفأة , فتنهد توم ووضع الصينية على منضدة استطاع ان يراها بالقرب من الباب ثم اشعل النور وتوجه نحو الستائر فقام بفتحها لتدخل اشعة شمس ما بعد الظهر الى الغرفة ومن هذه اللحظة تمكن اليخاندرو من رؤية المكان جيداً فوجد نفسه في عالم اخر حيث كان اللون الوردي سيد المكان كما لو ان الغرفة تخص طفلة صغيرة وليس فتاة يافعة .
- وبينما كان يجول بنظره في الأرجاء متعجباً من كثرة الدمى وقع بصره على السرير الكبير الذي توسط الغرفة بشكلٍ ملوكي ولكن ما لفت نظره ليس فخامة السرير المصنوع من اغلى انواع الخشب بل الجسد الصغير المتقوقع على نفسه فوق الفراش المخملي وبالرغم من انه لم يستطع رؤية ازميرالدا بشكلٍ واضح نظراً الى بعد المسافة التي تفصل ردهة الغرفة عن السرير الا انه ادرك على الفور ان ابنة عمه هذه حسناء جميلة ومن الواضح انها مدللة لدرجة كبيرة , اما توم فقد انتهى من جمع الزجاج المكسور بجانب الأريكة والذي كان عبارة عن حطام تمثال زجاجي قذفته ازميرالدا بأتجاه كارلا منذ عدة دقائق مضت عندما اصرت عليها الأخيرة بأن تتناول الطعام فأقترب من السرير ثم جلس الى جوارها وابعد خصلات شعرها عن وجهها لتظهر تلك الملامح الملائكية التي جعلت اليخاندرو يكاد يشهق بصوت عالٍ عندما رأى وجهها وبالرغم من شحوبها وضعفها وشكلها الغير مرتب بدت فاتنة في نظره .
فقال توم بنبرة لطيفة : الى متى تنوين الأستمرار على هذه الحال ازميرالدا ؟ , ان ما تفعلينه الأن ما هو سوى جنون وانا متأكد بأن والدكِ لن يكون سعيداً اذا ما بقيتي مضربة عن الطعام ورؤية الناس .
فأبتلعت ازميرالدا المستلقية ريقها ودون ان تتكبد عناء النظر الى المكان من حولها قالت بصوت ضعيف ابح : دعني وشأني توم فانا لأ اريد رؤية اي شخص او تناول اي شيء فقط ارغب بالبقاء وحدي .
فنظر توم الى اليخاندرو الذي التزم الصمت وهز رأسه تعبيراً مجازياً ثم عاود النظر اليها وقال : ازميرالدا يا عزيزتي لا يجب ان تفعلي هذا بنفسكِ فأنتِ تؤذينني انا ايضاً بهذه التصرفات !
فبكت ازميرالدا وقالت بصوت عالٍ بعض الشيء : حباً بالله دعني وشأني يا توماس فانا اريد البقاء وحدي فلما لا تفهم !
في تلك اللحظة قرر اليخاندرو ان يتدخل فقام بطرقعة اصابعه ليلفت نظر توم اليه وعندما التفت الأخير طلب منه ان ينهض بحركة من يده حتى دون ان يتكبد عناء قول ذلك فقطب توم حاجبيه واراد ان يطلب منه ان يلتزم حدوده ولكنه تراجع عن الفكرة اذ انه لم يشاء ان يشعل جو من التشاحن بالقرب من ازميرالدا التي تعاني من انهيار عصبي حاد في هذه الفترة لذا ما كان منه سوى ان يمتثل لطلب اليخاندرو ونهض عن السرير , اما اليخاندرو فخطى بخطوات واثقة باتجاه ازميرالدا وعلى حين غفلة من توم امسك ذراعها وشدها لتنهض مما جعلها تجفل فشهقت دون ان تدرك ما الذي يحدث بينما صدم توم من هذا التصرف الغير متوقع والوقح وقال بعصبية : هيي ... ماذا تظن نفسك فاعلاً !
فنظر اليه اليخاندرو وقال بنبرة أمر : لا تتدخل .
اما ازميرالدا فسيطر عليها الرعب عندما رأت رجلاً غريباً ذو ملامح قاسية يمسك ذراعها واجبرها على النهوض فصرخت بخوف قائله : من انت وماذا تريد مني ؟
فلم يرد اليخاندرو عليها بل حملها فجأة ووضعها على كتفه دون ان يبدي اعتراضاتها او محاولات توم لأيقافه اي ذرة اهتمام وسرعان ما خرج بها من الغرفة فأخذت تصرخ وتستنجد بـ توماس الذي لحق به دون ان يتمكن من تخليص الفتاة منه مما جعل كارلا تخرج من المطبخ بعدما سمعت كل ذلك الصراخ وشهقت فوراً عندما رأت اليخاندرو يحمل ازميرالدا على كتفه كما تُحمل السجادة وينزل بها الدرج الملتوي وتوم خلفه يحاول ان يوقفه فيشق طريقه بعد ذلك الى الحديقة وما ان اصبحوا امام المسبح حتى القى بها الى الماء مما جعل توم يفقد عقله فسدد اليه لكمة قائلاً : كيف تجرؤ على فعل هذا ايها الوغد ؟
ولكن اليخاندرو تفادى ضربة توم بمهارة وبلمح البصر امسك ذراعه ولواها خلف ظهره مما جعل الشاب يتأوه بألم بينما قال هو بحدة : اهدأ قليلاً يا هذا فما فعلته كان من اجل مصلحة الفتاة .
قال ذلك ثم ترك توم الذي نظر اليه بغرابة وقال بعصبية : ايها المجنون انها لا تجيد السباحة .
قال ذلك ثم قفز في البركة بسرعة لينقذ ازميرالدا من الغرق بينما ظهر تعبير من التوتر على وجه اليخاندرو وسرعان ما اختفى عندما ظهر توم وهو يحمل ازميرالدا فصرخ به قائلاً : ما الذي تنتظره ؟ , اسرع وساعدني في اخراجها من المسبح .
فأقترب اليخاندرو بسرعة واخرج ازميرالدا من الماء ومددها على الارض وعندما خرج توم دفعه بعيداً واخذ يطبطب على وجه الفتاة قائلاً بنبرة قلق : ازميرالدا ... ازميرالدا هيا افتحي عينيكِ يا عزيزتي .
فقالت كارلا بنبرة هلع : لا بد وانها ابتلعت الكثير من الماء لذا اسرع واسعفها قبل ان تموت .
فوضع توم اذنه على صدر ازميرالدا ولم يسمع دقات قلبها لذا تفوه بلعنة وبدأ يضغط على صدرها ليحاول انعاشها قائلاً : هيا يا عزيزتي , افتحي عينيكِ ولا تُخيفيني هكذا .
في تلك اللحظة قال اليخاندرو : الا ترى انها بحاجة الى تنفس صناعي فما الذي تنتظره !
فقطب اليخاندرو حاجبيه وقال ساخطاً : يا لك من جبان , هيا ابتعد .
قال ذلك ثم دفع توم بعيداً ودون اي تردد احنى جسده وقام بأعطاء ازميرالدا تنفساً صناعياً ثم اخذ يضغط على صدرها وقد كرر ما فعله مرتين الى حين بدأت الفتاة تسعل فتخرج من فمها الماء الذي ابتلعته لذا ساعدها لتجلس واخذ يطبطب على ظهرها بلطف فأقترب توم ثم ابعده عنها وعانقها قائلاً بلهفة : هل انتِ بخير ؟
فأومت له برأسها وهي تسعل وقالت بصوت مرتجف : ا...اجل .
فتنفس الصعداء ونظر الى كارلا قائلاً : اذهبي لتحضري منشفة كبيرة بسرعة .
فقالت : حاضر
وسرعان ما هرعت الى الفيلا لتلبي طلب توم , اما هو فساعد ازميرالدا على الوقوف وما ان وقفت ونظرت الى اليخاندرو حتى تذكرت انه هو من القاها في الماء مما جعلها تفقد السيطرة على اعصابها فدفعت توم جانباً وبلمح البصر صفعت الرجل الغريب بكل ما أوتيت من قوة مما جعل وجهه يتحرك وقالت ساخطة : من انت ايها الحقير ولما فعلت هذا بي ؟
اما اليخاندرو فلم يحرك ساكناً لأنها صفعته بل رفع يده ليتحسس وجهه وعندما التفت اليها والتقت نظراتهما ارتبكت هي اذ انها شعرت بخطورة هذا الرجل لذا كررت سؤالها قائله بتلعثم : م...من انت ؟
فرسم ابتسامة شيطانية على وجهه عندما رأى الخوف في عينيها وقال بصوت رزين : ادعى اليخاندرو ديلافيغا وقد علمت لتوي بأنك ابنة عمي يا... عزيزتي ازميرالدا .
فأتسعت عينا ازميرالدا عندما سمعت ذلك وقالت بدهشة : قلت بأنني ... أبنة عمك !
قالت ذلك ونظرت تلقائياً الى توماس الذي كان يحدق بـ اليخاندرو بنظرات غريبة بينما قال الأخير : انها مفاجأة اليس كذلك ؟
فنظرت اليه غير مصدقة ان يكون هذا الرجل القوي والوقح والمخيف والجذاب في الوقت نفسه ابن عمها فأبتلعت ريقها وقالت بصوت ابح : ك...كيف تكون ابن عمي وانا لا املك اي عم ثم ان كان كلامك صحيح لما لم تظهر من قبل ؟
فضيق اليخاندرو عيناه وقال بشيء من الأنزعاج : ان هذه المسألة تخصني ولا اريد التحدث عنها ولكنني واثق ان والدكِ ادرك خطأه عندما شعر بأقتراب موعد رحيله لهذا اخبر محاميه ان يرسل في طلبي ليتم فتح الوصية ولا اخفي عنكِ انني متشوق لأرى كم من المال تركه لي ليام ديلافيغا تكفيراً عما اقترفه في حقي منذ زمن بعيد .
في تلك اللحظة تدخل توم قائلاً : عما تتحدث يا سيد وما الذي تقصده بقولك ان السنيور ليام اقترف خطأً في حقك ؟
فضحك اليخاندرو وقال : بالطبع انه لم يخبركم بما فعله بأبن شقيقه الوحيد لهذا لا ارغب في ان أقبح صورته بأعيونكما وسأكتفي بأسترجاع ما هو حقي بما ان الفرصة قد اتيحت لي اخيراً .
فضيقت ازميرالدا عيناها الخضراوين وقالت بأنفعال : لا تتحدث عن أبي بمثل هذا الطريقة كما لو انه سرق منك شيئاً فأنا لن اسمح لك بقول المزيد عنه هل تفهم يا هذا ؟
فرفع اليخاندرو حاجبه بأستمتاع وقد اعجبته شجاعتها فهي لو تعلم من يكون وكم هو شخص مهم في وطنه لما تجرأت على الصراخ في وجهه بمثل هذه البساطة ولكنه لم يشاء ان يعرفها عن طبيعة عمله وكونها قريبته الوحيدة التي فقدت والدها حديثاً قرر ان يغض النظر عن الموضوع فقال : انتِ طفلة مدللة لا تعرف اي شيء وانا بدوري لا اريد ان تعرفي ايضاً لذا يستحسن ان تغلقي فمكِ وكفي عن تمثيل دور الضعيفة لمجرد ان والدكِ قد مات فهذه ليست نهاية العالم .
فرمقته ازميرالدا بنظرة قاتلة وقالت من بين اسنانها : انت شخص عديم الأخلاق , كيف تتحدث معي بمثل هذه الطريقة ؟
فتدخل توم مجدداً وقد شعر ان لا خير سيأتي من اغضاب اليخاندرو لذا امسك ذراع ازميرالدا بسرعة قبل ان تتهور وتعاود صفع الرجل مجدداً ثم قال : لا تنفعلي يا عزيزتي فهذا ليس جيداً من اجل صحتكِ في الوقت الراهن , كما ان هذا السنيور ضيفنا لذا يجب ان نحسن استضافته هو وصديقه الى حين موعد رحيلهما .
فقالت بسخرية : وهل احضرت صديقك معك لكي يرث هو ايضاً القليل من مال أبي ؟
فأنزعج اليخاندرو مما قالته ولكنه قرر عدم الأنفعال لذا قال ببرود اعصاب : لا تغتري بنفسكِ يا فتاة فانا وصديقي نملك من المال اضعاف ما يملكه والدكِ ولسنا بحاجة لبضع ملايين اضافية ولكن بما ان والدكِ قد اصر على قدومي الى هنا ووضع شرطاً بأن لا يمكن فتح الوصية ان لم اكن موجوداً فقد اتيت لأشباع الفضول الذي انتابني حيال الأمر وليس لأي سبب آخر .
في تلك اللحظة اتت كارلا وهي تحمل منشفة كبيرة فأعطتها لتوم حيث قام هذا الأخير بوضعها على كتفي ازميرالدا بينما قالت هي بحدة : ان كان كلامك صحيحاً افضل ان ترحل فوراً بعد ان يتم قراءة الوصية لأنني لا اطيق النظر الى وجهك اكثر من هذا .
فضحك اليخاندرو وقال : انتِ صريحة اكثر مما ينبغي ولكن لا بأس فانا ايضاً لا اريد البقاء في هذا المكان العفن لمدة طويلة .
فقال توم : الا ترى يا سنيور بأنك قد تخطيت الحدود قليلاً ؟
فنظر اليه اليخاندرو بنظرة باردة حد الموت وقال بدون اكتراث : وان يكن , هل ستقوم بالتهجم عليَ مجدداً لكي تجعلني اصمت ؟
قال ذلك وبرقت عيناه بشيء من التحدي مما جعل توم يرتبك لأول مرة وخصوصاً بعدما قام اليخاندرو بتفادي لكمته بكل مهارة ومن ثم لوى ذراعه بسهولة وهذا ما جعله يدرك ان هذا الرجل ليس شخصاً عادياً ومن الواضح انه خبير في فنون القتال , فأبتسم وقال : اعتقد انها ليست فكره جيده اليس كذلك ؟
فأبتسم اليخاندرو بدوره وقال : من الجيد انك ادركت ذلك .
اما ازميرالدا فلم يعجبها التصرف الذي صدر عن توم لذا قالت بنبرة عدائيه : سأذهب الى غرفتي يا توم ولا اريد من اي شخص كان ان يزعجني وخصوصاً الغرباء عديمي الأخلاق .
قالت ذلك ونظرت الى اليخاندرو بنظرة جانبية قاسية ثم تحركت بخطواتها وتعمدت ان تدفعه بكتفها عندما مرت من جانبه مما جعله يتنهد بقلة حيلة بينما قال توم : لا اريد ان ابدو فظاً واسألك عما فعله السنيور ليام في حقك منذ زمن ولكن مهما كان ما فعله قد اغضبك لا تشرك ازميرالدا في الموضوع فهي لم تكن تعرفك حتى ولا علاقة لها بأي شيء .
فقال اليخاندرو بنبرة جادة : ليس اليخاندرو ديلافيغا رجلاً يشرك النساء في اموره الخاصة لذا كن مطمئناً ايها الشاب فانا مدرك تماماً بان تلك الطفلة لا علاقة لها بما فعله والدها الخسيس .
فقطب توم حاجبيه وقال بشيء من الغضب : وايضاً لا تتحدث عن السنيور امامي بمثل هذه الطريقة الحقيره فهو قد مات الأن ولا يجوز ان تتحدث بالسوء عن شخص ميت .
يتبع غداً..
#حب_على_شفير_النار الجزء 3
فأبتسم اليخاندرو ولا يعلم لما شعر بالراحة تجاه توم وقد ادرك انه شخص مخلص وجدير بالثقة لذا قال : هل تعلم ... تبدو لي انك شخص جيد كما انك مندفع ومليء بالحماس وانا احب الأشخاص امثالك لذا اعتقد بأننا سنكون على وفاق اذا ما احسنت التصرف .
فقال توم بمراوغة : وانت لا تبدو لي شخص عادي فهل استطيع ان اسألك ما هي طبيعة عملك بالتحديد ؟
فأبتسم اليخاندرو ابتسامة متكبرة زادته وسامة وقال : في الواقع قد لا يعجبك عملي ولكنني سأكتفي بأخبارك بانني اكسب لقمة عيشي من خلال التجارة وتربية الخيول واجني الأرباح التي تحققها السباقات التي اقيمها في اسبانيا .
فرفع توم حاجبه وقال : ان عملك مطابق طبق الأصل لعمل عمك الراحل فهو ايضاً كان يجني الأرباح عن طريق سباقات الخيل حيث انه كان تاجراً لأشهر الخيول الأمريكية .
فألتوى فم اليخاندرو بأبتسامة ساخرة وقال : ان هذا العمل هو جزء من عائلة ديلافيغا ولم استغرب كثيراً عندما علمت بأن عمي قد زاول هذه المهنة هنا ايضاً .
توم : حسناً اذاً , انا مضطر للذهاب الى غرفتي لكي ابدل ثيابي لذا سأدعك تتجول في ارجاء الفيلا واعتقد ان صديقك سيكون سعيداً اذا ما انضممت اليه فهو لم يظهر منذ مدة وهذا يعني ان خيولنا قد اعجبته .
اليخاندرو : لا شك في هذا .
توم : عن اذنك اذاً .
قال ذلك ثم ابتعد وترك اليخاندرو واقفاً امام المسبح بمفرده فرفع يده واخرج السلسلة التي يرتديها حول عنقه وضغط عليها لعدة ثواني وهو شارد الذهن , وبعد مدة وجيزة شعر بأن هنالك من يراقبه لذا رفع رأسه تلقائياً بأتجاه شرفة ازميرالدا حيث كانت تقف وتحدق به من الأعلى وهي ما تزال تضع المنشفة على كتفيها وعندما التقت نظراتهما ارتبكت وهرعت الى داخل غرفتها بسرعة وقد ازعجها تصرفها كثيراً فقالت تعاتب نفسها : ما كان يجب ان ادخل الى الغرفة بمثل هذه الطريقة , الأن سيعتقد ذلك الوقح انني خائفة منه وهذا ما لا اريد حدوثه .
اما هو فتنهد واخفى السلسلة تحت ياقة قميصه ثم قرر الذهاب للبحث عن صديقه روبيرتو الذي اختفى فجأة فقام بسؤال احد العاملين في الأصطبل عنه فاخبره الرجل انه كان برفقة جيب وقد خرجا الى الحضيرة الواسعة فذهب اليخاندرو الى هناك حيث كان روبيرتو يمطتي صهوة جواد جامح رمادي اللون من فصيلة الموستنج وكان يحاول ترويضه بكل ما أوتي من قوة وسيطرة بينما كان الشاب الأسمر المدعو جيب مستنداً الى السياج الخشبي ويراقبه بذهول اذ انه لم يسبق لأحد من قبل ان استطاع ترويض ذلك الجواد ولا حتى توماس الذي اشتهر بمهارته الفروسية , فحرك اليخاندرو عيناه بشكلٍ دائري وهز رأسه تعبيراً مجازياً لأن صديقه المقرب ما ان يرى حصان متمرد حتى تنتابه الأثارة ويرغب في ترويضه فوراً وهذا ما يبدو انه حدث مع ذلك الجواد المسكين الذي وقع تحت رحمة مهوس الخيول ذاك لذا قرر ان لا يقطع عليه متعته فعاد ادراجه الى الفيلا واخذ يتجول فيها لتمضية الوقت فهو غير معتاد على الجلوس دون فعل اي شيء ولم يرغب في ان يأخذ قيلولة الى حين موعد العشاء لذا ما كان منه سوى الأستسلام للأمر الواقع وعاد الى الأصطبل ليلقى نظرة على خيول عمه الراحل .
قامت كارلا بتجهيز غرفتي الضيوف من اجل اليخاندرو و روبيرتو فقام كل واحد منهما بأخذ حمام منعش ساعدهما على الأسترخاء ثم انضما الى توماس الذي كان جالساً في غرفة المعيشة فقال لهما : سيكون العشاء بعد نصف ساعة من الأن لذا ما رأيكما بتناول بعض المرطبات اولاً ؟
فجلس كل من روبيرتو واليخاندرو وقال الأول : لا بأس معي في ذلك ولكن اليخاندرو عادة ما يحتسي فنجان من القهوة السوداء بمثل هذا الوقت .
فقام توم بأستدعاء كارلا وطلب منها ان تحضر بعض المرطبات وفنجان من القهوة وبعدها نظر الى اليخاندرو الذي تخلى عن تحفظه حيث كان يرتدي بنطال من الجينز الداكن يلفه حزام من الجلد البني الأصيل وتيشرت سوداء بأكمام قصيرة جعلته يبدو اصغر سناً وخصوصاً عندما التصقت بصدره العريض لتبرز صلابته بينما كان حذائه يتماشى مع لون الحزام وقد صنع من الجلد ايضاً , اما روبيرتو فكانت ثيابه مشابهة لثياب صديقه ولكن الأختلاف الوحيد هو لون التيشرت حيث كانت خاصته رمادية مما جعلهما يبدوان كما لو انهما توأمين فأبتسم توم وقال : ان ذوقكما متشابه في اختيار الملابس .
فأبتسم روبيرتو وقال : يمكنك قول هذا .
اما اليخاندرو فلم يأبه بالحديث حيث كان منهمكاً في العبث بهاتفه المحمول وفي تلك اللحظة اتت كارلا وخلفها شاب يافع كان وسيماً بعض الشيء وذو بنية قوية وكان يحمل باقة من الورود الحمراء فقالت موجهة حديثها الى توم : لقد اتى السيد ميشيل يا سنيور ويرغب برؤية السنيورا .
فانصب اهتمام الرجال الثلاثة على ذلك الشاب الذي ابتلع ريقه عندما رأى تلك الوجوه العابسة بينما نهض توم وقال بالأنجليزية : ما الذي اتى بك يا كول ؟
فأرتبك المدعو كول ورد عليه بنفس اللغة قائلاً : لقد اتيت لرؤية ازميرالدا يا توم فمن واجب الأصدقاء ان يساندوا بعضهم البعض في مثل هذه الظروف وانا متأكد انها بحاجة لمن يواسيها في محنتها هذه .
فتنهد توم وقال : ولكنها لا ترغب برؤية اي شخص في الوقت الراهن ثم انا موجود الى جانبها واعلم كيف اواسيها جيداً لذا يمكنك العودة من حيث اتيت .
فقطب كول حاجبيه وقال بشيء من الأنزعاج : الا يجدر بك ان تخبرها بأنني هنا قبل ان تقوم بطردي , ربما تريد رؤيتي فما ادراك انت ؟
فاشتدت نبرة توم قسوة وهو يردف قائلاً : لقد اخبرتك بأنها لا تريد رؤية اي شخص لذا لا تجعلني اكرر كلامي .
فأرتعد كول وقال : حسناً حسناً , سوف ارحل الأن وسأتي في وقت لاحق .
قال ذلك ثم نظر الى اليخاندرو و روبيرتو وقد ازداد توتره عندما رأى الأول يحدق به بوجه جامد فتحرك نحو الباب فوراً وسرعان ما هم بالرحيل , اما روبيرتو فقال بالأسبانية : من هذا الفتى ؟
فجلس توم مجدداً وقال : انه كول مارشل , اكبر متسكع في المنطقة واحد الأشخاص الطامعين في ميراث ازميرلدا وعلى ما يبدو انه جاء اليوم الى هنا ليحاول التقرب منها وبالتالي يقوم بخداعها ولكنه لا يعلم انني سأقف في طريقه هو وغيره ولن اجعل احداً يستغلها ابداً .
فقال اليخاندرو : هل قلت انه احد الطامعين ؟
توم : اجل فمنذ وفاة السنيور ليام اتى الى هنا ما يقارب خمسة شباب من معارف ازميرالدا وكانت حجتهم واحده حيث ادعوا بأنهم يودون مواساتها ولكنني اعلم انهم ليسوا صادقين بمشاعرهم تجاهها فالعلاقة التي تربطهم بها علاقة سطحية جداً ولا توجد اي صداقة , يمكنك القول انهم مجرد معرفة بعيدة وهذا ما اكد لي انهم يحاولون التقرب منها طمعاً في ميراثها .
فقال روبيرتو : بصراحة لقد تشوقت لمقابلة سمو الأميرة ازميرالدا فهل ستتناول العشاء معنا يا ترى ؟
فقال اليخاندرو بشرود ذهن : بالتاكيد لن تفعل فهي اظهرت بشكلٍ واضح انها لا ترغب برؤيتي او رؤيتك وقد نعتتنا بالغرباء .
في تلك اللحظة سمعوا صوت انثوي ابح يقول : اولستما كذلك ؟
فنظر الرجال الثلاثة بأتجاه الصوت واذ بأزميرالدا واقفة عند مدخل القاعة وقد قررت الخروج من غرفتها وتناول الطعام معهم حتى لا يعتقد اليخاندرو انه تمكن من اخافتها فهي في نهاية المطاف من عائلة ديلافيغا ولا ترضى بأن يعتقد هذا الرجل بأنها جبانة اذ انه لا وجود لكلمة جبن في قاموسها , اما توم فنهض وعلى ثغره ابتسامة مشرقة لأنها قررت الخروج من غرفتها اخيراً فقال : ازميرالدا يا عزيزتي انا سعيد لأنكِ قررتي الخروج أخيراً من تلك الغرفة الكئيبة .
فتقدمت ازميرالدا بخطوات ثابتة وقد كانت ترتدي بنطال ضيق من الجينز ابرز جمال قدها المياس وقميص خفيف بالون الأسود بينما اكتفت بأسدال شعرها على كتفيها فقالت : بالطبع سأفعل ذلك وخصوصاً لأن هنالك بعض الغرباء قد اتوا الى هنا من اجل ان يرثوا ما خلفه والدي لذا لن اسمح لأي شخص بأن يعتقد انني ضعيفة ومنكسرة وبالتالي يقوم بخداعي حتى يستولي على الميراث .
فرمش روبيرتو عدة مرات ونظر الى اليخاندرو وسأله قائلاً : هل تقصدنا نحن بكلامها ؟
فأبتسم اليخاندرو ولم يرد على سؤال صديقه بل استرخى في مقعده كما لو انه جالساً في بيته ووضع قدم فوق الأخرى قائلاً : من يسمعكِ تقولين هذا سيعتقد اننا اتينا الى هنا من اجل المال حقاً .
فقطبت حاجبيها وقالت بأنزعاج : اوليست هذه الحقيقة ؟
فقال روبيرتو : مهلاً يا سنيوريتا , انكِ تسيئين فهمنا فنحن لسنا بحاجة للمال ابداً .
فرمقته ازميرالدا بنظرة شرسة وقالت : انا لم اسألك عن رأيك يا هذا .
فضحك اليخاندرو ملئ فمه بينما تعجب روبيرتو من جرأتها اما توم فقال موبخاً : ازميرالدا انهما ضيفان لذا حاولي ان تكوني اكثر لطفاً فهذا لا يليق بأصول الضيافة .
فقالت بعدم اكتراث : ان لم تعجبهما معاملتي لهما فانا لن اقف في طريق رحيلهما بل انني سأدفع ثمن تذاكر الطيران بنفسي ان لزم الأمر .
فقال روبيرتو بصوت خافت : يا الهي انها نسخة انثوية عن اليخاندرو !
اما اليخاندرو فقال بتحدي : لا حاجة بكِ لدفع تكاليف تذاكر الطيران فقد اتينا بطائره خاصة وسنرحل بها ولكن هذا لن يحدث الا عندما يتم فتح الوصية .
فقالت بجفاء : افعلوا ما يحلوا لكم , انا ذاهبة .
قالت ذلك وارادت مغادرة الغرفة فأوقفها توم بقوله : الى اين ؟
فنظرت اليه وقالت : اريد الخروج قليلاً لأستنشق بعض الهواء .
قالت ذلك ثم نظرت الى اليخاندرو من فوق كتفها واضافت قائله بنبرة حادة : فأن بقيت هنا سأختنق بكل تأكيد .
فوضع توم يده على ظهرها وقال بنبرة حنان : حسناً يا عزيزتي , هيا بنا .
فقالت : لا داعي لأن ترافقني هذه المرة توم كما انه يجب عليك الأهتمام بضيوفك .
فنظر توم الى الرجلين الجالسين خلفه وقال : لا بأس ان تركتكما لبعض الوقت فكما تعلمان انني حارسها الشخصي قبل كل شيء ويجب ان ارافقها الى كل مكان .
فأشار له اليخاندرو بيده ليذهب بينما قال روبيرتو : لا تقلق بشأننا فنحن على خير ما يرام .
توم : حسناً اذاً , عن اذنكما الان .
قال ذلك ثم خرج برفقة ازميرالدا من القاعة وما ان اصبحا في الخارج حتى التفت روبيرتو الى اليخاندرو وقال : ما هذه الفتاة يا رجل ؟؟ , انها تشبهك تماماً من الناحية المزاجية فطبعها ناري كطبعك عندما تغضب !
فأبتسم اليخاندرو وقال : لا تبالغ روبيرتو , من الواضح انها ما تزال غاضبة لأنني القيتها في المسبح منذ ثلاث ساعات .
فتعجب روبيرتو مما سمعه وقال بفزع : وهل فعلت ذلك حقاً ؟
فقال اليخاندرو بعدم اكتراث : اجل .
روبيرتو : ولكن لما فعلت شيئاً كهذا ؟
فنظر اليه وقال : لقد ذهبت برفقة توم لمقابلتها وعندما دخلت الى غرفتها كانت كمن يحاول الأنتحار قسراً فلم يعجبني الضعف الذي كانت عليه لذا لم اشعر بنفسي عندما حملتها على كتفي ونزلت بها الى الاسفل ثم القيتها في الماء لعلها تستفيق وتتخلص من ضعفها ولم اكن اعلم بأنها لا تجيد السباحة لهذا توجب على توم ان ينقذها من الغرق واعتقد انه هذا هو السبب في انزعاجها مني .
فقال روبيرتو معاتباً : لقد اخطأت التصرف اليخاندرو وما كان يجب ان تفعل ذلك وخصوصاً لأنها فتاة فقدت والدها بين ليلة وضحاها ومن الطبيعي ان تنهار .
فقال اليخاندرو بشيء من الحدة : انها احد افراد عائلة ديلافيغا ولا يجب ان تكون بمثل هذا الضعف لذا فعلت ما فعلته كي استفزها لتشعر بالغضب وبالتالي تخرج من غرفتها وتتابع حياتها واعتقد انني نجحت بفعل ذلك والدليل انها خرجت من تلك الغرفة حقاً .
فتنهد روبيرتو وقال : يا لك من رجل , دائماً تستخدم مثل هذه الأساليب لتحث الناس على مجابهتك والعجيب بالأمر ان خططك تكون ناجحة في كل مره .
فتنهد اليخاندرو وقال : ولكن هل تعلم ... لقد انشغل تفكيري بمصير هذه الفتاة فهي لا تبدو قوية الشخصية كما تدعي وان اصاب توماس اي مكروه ستقع في ورطة وخصوصاً لأنها هدف سهل لكثير من الطامعين .
فقال روبيرتو : تقصد الشبان الذين ذكرهم توم ؟
اليخاندرو : اجل , فانا لم استريح لذلك المدعو كول ميشيل الذي اتى الى هنا منذ قليل ولا بد ان الأشخاص الأخرين لا يقلون عنه خبثاً وحنكة .
روبيرتو : لا داعي لكل هذا القلق فهي ستكون بمأمن لانها تمتلك توم الى جانبها ومن الواضح انه رجل جدير بالثقة والا لما تبناه عمك وجعله المسؤول الأول عن كل شيء في غيابه .
اليخاندرو : ربما انت على حق .
في تلك اللحظة دخلت كارلا الى القاعة وقالت بشيء من التحفظ : لقد اصبح العشاء جاهزاً يا سنيور ديلافيغا لذا تفضلا رجاءً .
فأومى لها اليخاندرو برأسه ونهض هو وصديقه بينما كانت ازميرالدا جالسه في السيارة الى جانب توم بصمت ثقيل وكانت تنظر عبر النافذة بشرود ذهن , اما هو فكان ينظر اليها بين الفينة والأخرى ولم يشاء ان يزعجها بكلامه لذا فضل البقاء صامتاً وهو يقود السيارة بهدوء ولكنها فاجأته بقولها : ما اسمه ؟
فنظر اليها وقال : من ؟
فقالت دون ان تنظر اليه : الرجل الذي يدعي بأنه ابن عمي .
فأبتسم توم لأن الفضول بدأ ينتابها تجاه اليخاندرو فقال لها بهدوء : الم يخبركِ به سابقاً ؟
فقالت بعدم اكتراث : لقد نسيت اذ انني لم اكن في وضع يسمح لي بحفظ اسمه عندما القاني في الماء.
فقال توم : اسمه اليخاندرو , اليخاندرو ديلافيغا وصديقه يدعى روبيرتو ميغيل .
فنظرت اليه وقالت : لما لم يخبرني والدي ان لدي ابن عم ؟
فتنهد توم وقال : بصراحة انا لا املك ادنى فكره عن هذا الموضوع فهو لم يذكر امامي من قبل اي شيء عن عائلته او سبب رحيله من اسبانيا .
ازميرالدا : لقد تحدث ذلك الرجل حول شيء غريب وقد اتهم والدي بأنه اساء اليه فما الذي كان يقصده يا ترى ؟
توم : لما لا تسألينه ذلك بنفسك فانا لا اعتقد ان ابن عمك رجل سيء بغض النظر عن الغموض الذي يلفه .
فهزت ازميرالدا رأسها بالنفي وقالت : لا اريد التحدث معه فهو مخيف .
فتعجب توم مما سمعه وابتسم قائلاً : مخيف من اي ناحية يا عزيزتي ؟ , انه انسان مثلنا وليس غولاً قد اتى من كوكب اخر.
فقالت بأنزعاج طفولي : كف عن السخرية توم فانا لا اقصد هذا ولكنه مخيف بشكل ما .
قالت ذلك واخذت تحرك يديها بمحاولة للشرح وتابعت قائله : هناك ... هناك شيء غريب في عيناه وهو ما اخافني .
فقال توم بجدية : تقصدين وميض الغضب الذي يظهر في عيونه كلما ذكر اسم والدك امامه اليس كذلك ؟
فأمعنت ازميرالدا النظر بتوم وقالت : لقد لاحظت ذلك انت ايضاً ؟
فأومى لها برأسه فتابعت تقول : هذا يعني ان والدي قد اساء اليه في الماضي حقاً ولكن لما قد يفعل ابي شيئاً سيئاً لأبن اخيه ؟
توم : اعتقد اننا سنعرف هذا مع مرور الزمن لذا لا داعي لأن نستبق الأحداث , ورجاءً يا عزيزتي تجنبي اغضاب ذلك الرجل خلال فترة تواجده هنا فهو شخص غير عادي ويخالجني شعور انه يصبح خطيراً عندما يغضب .
فرمشت عدة مرات وقالت : بالمناسبة لقد سمعته يقول انك تهجمت عليه فهل هذا صحيح ؟
توم : لقد فعلت ذلك عندما رماكِ في المسبح فحاولت ان اضربه ولكنني فشلت بفعل ذلك .
فأندهشت ازميرالدا عندما سمعت ما قاله توم وقالت : انت فشلت في ضربه , ولكنك خبير في فنون القتال ولم اراك تفشل في ضرب اي شخص من قبل فكيف حدث وان فشلت بضرب ذلك الوقح ؟
فأبتسم توم بسبب ردة فعلها وقال : ما حدث يا عزيزتي ان ابن عمكِ الغامض قد تفادى ضربتي بمنتهى السهولة والمرونة وليس هذا فقط بل قام بلوي ذراعي لدرجة انني اعتقدت انه كسرها وهذا يدل على انه اقوى مني .
فقالت ازميرالدا بعدم تصديق : هذا مستحيل , انت تمزح اليس كذلك ؟
فرد توم عليها قائلاً بجديه : صدقيني انني اقول الحقيقة وانا واثق ان صديقه قوي مثله ايضاً حيث اخبرني جيب بأن الرجل قام بترويض "البرق الفضي" بمنتهى السهولة وهذا ما اكد لي بأنهما ليسا رجلين عاديين .
فقالت بصدمة واضحة : قلت ان الرجل الأخر قام بترويض البرق الفضي ؟
توم : هذا ما حدث .
فوضعت ازميرالدا يدها على جبينها غير مصدقة ما سمعته فهي تعلم كم استعصى على توم ان يروض ذلك الجواد المتمرد لدرجة انهم استسلموا في النهاية ووضعوه في حضيرة محايدة مع قفل متين حتى لا يكسره ويفر هارباً ولكن ان يظهر رجل اسباني غريب ويتمكن من ترويض الجواد بسهولة هذا ما لم يكن في الحسبان فقالت وكأنها تحدث نفسها : يجب ان اكون حذرة في التعامل مع هاذين الرجلين فهما ليسا شخصين عاديين بكل تأكيد .
فقال توم : هذا ما اقصده تماماً .
فنظرت اليه وقالت : حسناً هذا يكفي توم , اعدني الى المنزل .
توم : كما تريدين يا عزيزتي .
قال ذلك ثم انعطف وما لبث ان غير الأتجاه عائداً الى الفيلا وعندما وصلا كان كل من روبيرتو واليخاندرو قد انتهيا من تناول العشاء وقد استأذن الأول ليذهب الى غرفته ويخلد الى النوم حيث انه كان متعباً بعض الشيء والسبب في ذلك انه بذل مجهود كبير في ترويض الجواد المدعو " البرق الفضي " اما اليخاندرو فكان جالساً في الحديقة بالقرب من حمام السباحة ينظر الى سماء الليل المطرزة بالنجوم ويبدو شارد الذهن بينما كانت الى جانبه زجاجة من النبيذ ممتلئة حتى النصف وكأس زجاجية فارغة , فلمحته ازميرالدا من بعيد وتعمدت ان تتظاهر بأنها لم تراه حيث نظرت الى توم وقالت : لقد تأخر الوقت ولا بد ان كارلا ذهبت للنوم لذا سأضع القليل من الطعام كي نتناوله معاً فأنت لم تتناول عشائك بسببي .
فأبتسم توم لأنها ابدت رغبة في تناول الطعام وقال : لا داعي لأن تتعبي نفسكِ فانا من سأفعل ذلك .
ازميرالدا : كان الأجدر بنا ان نحضر خادمة اخرى لتساعد كارلا عوضاً عن السارقة جيسيكا .
توم : لقد اقترحت ذلك على والدكِ بالفعل ولكنه قال بأنه من الأفضل ان لا نحضر الى المنزل اشخاص غير موثوقين حتى لا يتكرر ما فعلته جيسيكا .
فتنهدت ازميرالدا وقالت : لقد كنت اعتبرها صديقتي اكثر من كونها خادمة ولم اتخيل ان تؤول بها الحقارة لسرقة مبلغ مالي كبير من خزنة ابي وتفر هاربه .
فربت توم على كتفها وقال : لا تفكري بهذا الأمر الأن فقد ولى واصبح جزء من الماضي وهيا بنا فانا سأهتم بعشائكِ لهذه الليلة يا سنيوريتا .
فأبتسمت ازميرالدا رغماً عنها وسارت برفقته حتى وصلا الى المطبخ المعتم فأشعل توم النور وبدأ في تسخين الطعام المطبقي من وجبة العشاء بينما جلست ازميرالدا تراقبه بصمت وهي تفكر بأمر الوصية التي تطلب فتحها استدعاء اليخاندرو من اسبانيا , اما الأخير فتنهد ثم نهض من مكانه وحمل زجاجة النبيذ والكأس الفارغ ثم توجه الى المطبخ ولكنه سمع اصوات هناك وادرك ان ازميرالدا وتوم يتناولان عشائاً متأخراً لذا لم يشاء الدخول وازعاجهما فوضع الزجاجة والكأس على منضدة قريبة ثم توجه الى غرفته لينام بعد ذلك اليوم الحافل .
في صبيحة اليوم التالي استيقظ اليخاندرو على صوت صراخ ازميرالدا فقفز من سريره وخرج من الغرفة على وجه السرعة ولم ينتبه انه نسي ارتداء التيشرت فنزل الى الأسفل عاري الصدر حيث كان كل من توم وكارلا يحاولان تهدأتها بينما كانت هي تحطم كل شيء تقع عليه يدها وتصرخ قائله : كيف يجرؤ ذلك الحقير بأن يأتي الى هنا ويقول ذلك الكلام لي ؟ , الهذه الدرجة اصبحت هدفاً سهلاً للطامعين امثاله ؟
في تلك اللحظة قال اليخاندرو بصوت عالٍ : ما الذي حدث ؟
فنظرت اليه وصرخت بوجهه قائله : هذا ليس من شأنك ابداً .
قالت ذلك ثم ركضت نحو الدرج ومرت من جانبه وهي تبكي فلاحقها بنظراته والفضول يعتريه وفي الوقت ذاته خرج روبيرتو من غرفته بعدما استحم وجهز نفسه فأصطدمت به وكادت ان تقع لولا انه امسك ذراعها قائلاً : حذاري ان تقعي !
قالت ذلك ثم توجهت الى غرفتها بينما نزل كل من اليخاندرو و روبيرتو فقال الأول موجهاً حديثه لتوم : ما الذي حدث لها منذ الصباح حتى تثور هكذا ؟
فتنهد توم بقلة حيلة وقال : لقد اتى الوغد المدعو كول ميشيل الى هنا مجدداً مستغلاً غيابي حيث كان يجب ان اذهب لتفقد بعض الأعمال وقد وافقت ازميرالدا على مقابلته فأخبرها انه معجباً بها ويرغب بالزواج منها ولكنها رفضته على الفور فأخذ يتفوه بكلام حقير مخل بالأداب لهذا ثارت ثائرتها وبدأت تحطم كل شيء وعندما اتيت الى هنا وجدتها في ذروة غضبها .
فقطب اليخاندرو حاجبيه قائلاً : ما الذي قاله لها ذلك الصعلوك ؟
توم : لم استطيع ان افهم عليها لأنها كانت تصرخ ولكنني متأكد انه تفوه بكلام بذيء .
اليخاندرو : حسناً , سأعرف ذلك بنفسي .
قال ذلك ثم اسرع بالصعود الى الطابق العلوي فلحق به كل من روبيرتو وتوم فقام بفتح باب غرفة ازميرالدا حتى دون ان يكبد نفسه عناء الأستأذان مما جعلها ترفع رأسها بعدما كانت تبكي على السرير وقالت بصراخ : ما الذي تريده انت ايضاً ؟
فقال دون اي مقدمات : ما الذي قاله لكِ ذلك الغر ؟
فردت عليه ساخطة : لا شأن لك , والأن اخرج من غرفتي فأنا اود البقاء بمفردي .
فأقترب توم من اليخاندرو وقال : دعنا نتركها لتهدأ قليلاً .
فتجاهل اليخاندرو ما قاله توم وقال بنبرة أمر : لقد سألتكِ سؤالاً لذا كفي عن النحيب واخبريني بسرعة ما الذي تفوه به ذلك الوغد المدعو كول .
فأمسكت ازميرالدا بالوسادة ورمتها عليه ثم قالت بحدة : لا يحق لك ان تأمرني بهذا الشكل ولن اخبرك بأي شيء لذا اذهب الى الجحيم .
فتدخل روبيرتو حيث قال : دعها وشأنها اليخاندرو فمن الواضح انها لا تريد التحدث .
فقال اليخاندرو : لا تدخل بهذا روبيرتو وانت ايضاَ يا توماس .
قال ذلك ثم قطع المسافة الفاصلة بينه وبين ازميرالدا فأراد توم ان يوقفه ولكن روبيرتو منعه قائلاً : لا تجازف توم فهو غاضب الأن وقد طلب منا عدم التدخل لذا من الأفضل ان لا نفعل ذلك .
توم : ولكن ..
فقاطعه روبيرتو قائلاً : ثق به توم فهو لا يؤذي النساء .
فتنهد توم ولم يقدم على اي حركة بينما قام اليخاندرو بأمساك ذراع ازميرالدا وجعلها تنهض رغماً عنها مما سبب لها الألم فصرخت قائله : دعني ايها المتوحش .
فصاح بها قائلاً : اخبريني ما الذي قاله ذلك الوغد وسأدعكِ ولكن ان لم تخبريني فلن ابرح هذا المكان ابداً لذا قرري بسرعة .
فحاولت التملص من قبضته وقد اربكها قربه منها وهو عاري الصدر فقالت : انت تؤلمني .
فقال بنبرة اقل قسوة : اخبريني وسأدع ذراعكِ .
فنظرت اليه من بين دموعها وادركت انه لن يدعها ما لم تخبره بما قاله كول لذا تنهدت واحنت رأسها قائله : حسناً سوف اخبرك ولكن دعني فذراعي قد تخدرت .
فترك اليخاندرو ذراعها وقال : ها قد تركتكِ لذا اخبريني ما الذي قاله المدعو كول ميشيل ذاك .
ففركت ازميرالدا معصمها والتفتت الى الجهة الأخرى قائله : سأخبرك بعد ان ترتدي قميصاً .
فنظر اليخاندرو الى نفسه وتنهد قائلاً : سأعود فوراً .
قال ذلك ثم مر من جانب روبيرتو وتوم دون ان يقول اي شيء فلحق به الأول بينما توجه توم نحو ازميرالدا وسألها قائلاً : هل انتِ بخير يا عزيزتي ؟
فنظرت اليه وقالت : ان المدعو اليخاندرو هذا شخص لا يطاق فهل رأيت كيف دخل الى غرفتي وفرض سيطرته عليّ بتلك الطريقة ؟
توم : دعينا منه واخبريني ما الذي قاله لك كول حتى تثور ثائرتكِ بتلك الطريقة .
فجلست على السرير وعضت على شفتها السفلى ثم قالت بخفوت : لقد عرض عليَ الزواج وعندما رفضت عرضه واخبرته بأنني اعلم تماماً انه ليس معجباً بي كما يدعي بل انه يطمع في المال الذي تركه لي والدي غضب واخبرني بأنني مغروره ومتكبره وان لا احد يحبني وانني لن استطيع المحافظة على ثروتي لأنني لا احسن التدبير كما انه قال ....
قالت ذلك والتزمت الصمت وهي تشد على قبضتها فسمعت صوت اليخاندرو الرجولي يقول : ما الذي قاله ؟
فنظرت هي وتوم اليه واذ به يقف عند عتبة الباب وقد ارتدى تيشرت كحلية ذات اكمام قصيرة فتنهدت وتابعت قائله : لقد قال بأنني سأفقد كل ثروتي قريباً جداً عندها لن اجد مكاناً يحتويني وسينتهي بي المطاف اعاشر الرجال من اجل الحصول على المال وانه عندما يحدث ذلك سيقوم بأستأجاري ليمتع نفسه وبعدها سيلقي عليَ مئة دولار لقاء خدماتي لهذا غضبت كثيراً فانا لست فتاة قد افعل شيئاَ كهذا حتى وان تضورت جوعاً .
فضغط اليخاندرو على قبضته وقد انتفض عصب في فكه السفلي ولكنه قال بهدوء : اهذا ما قاله حقاً ؟
فأحنت رأسها وأومت بالموافقة وفي تلك اللحظة انتصب توم واقفاً وقال بغضب : ان لم اجعل ذلك الوغد يبتلع لسانه القذر لن يكون اسمي توماس جيفرسون .
فقال له اليخاندرو بنبرة غامضة : لا تقلق فهو سيبتلع لسانه ولكن يجب ان يعتذر عما قاله اولاً لذا لا تتدخل في هذا الأمر .
قال ذلك ثم خرج من الغرفة وترك توم وازميرالدا في حيرة من امرهما فقالت : هل تعتقد انه سيقوم بضرب كول لأنه تحدث معي بتلك الطريقة ؟
فتنهد توم وقال : انا لم اعد استطيع فهم هذا الرجل ابداً .
فأمسكت ازميرالدا ذراعه وقالت : توم انني اخاف منه حقاً لذا اخبرني متى سيتم فتح الوصية حتى يعود هو وصديقه الى بلادهما .
توم : سوف يعود المحامي جو هذا المساء من لندن لذا سيأتي في صباح اليوم التالي الى هنا ليتم فتح الوصية .
فتنهدت قائله : ارجو ان ينتهي هذا الأمر بسرعة .
اما اليخاندرو فعاد الى غرفته وبعد ان استحم نزل الى الأسفل حيث كان روبيرتو يحتسي الشاي فسأله قائلاً : هل تمكنت من معرفة ما قاله المدعو كول ميشيل لها ؟
فجلس اليخاندرو قائلاً : اريد مقابلة ذلك الوغد بأي طريقة .
فأبتسم روبيرتو وقال : لقد كنت اعرف ما ستؤول اليه الأحداث لهذا سألت كارلا عن هويته واخبرتني بأنها لا تعرف عنه الكثير سوى انه متسكع ولديه ورشة لتصليح السيارات على بعد شارعين من هنا .
فنهض اليخاندرو قائلاً : انها معلومات اكثر من كافية لتلقينه درساً قاسياً لذا هي بنا .
فقال روبيرتو بتذمر : ما زلنا في الصباح يا رجل ثم انك لم تتناول الفطور حتى الأن وانا لم انهي فنجان الشاي بعد !
فرمقه اليخاندرو بنظره جانبية ولم يقل شيئاً فما كان من روبيرتو سوى ان ينهض فتنهد قائلاً : حسناً حسناً , ها قد نهضت .
اليخاندرو : اتبعني .
- وبالفعل خرجا من الفيلا رأساً الى حيث كان السائق بيل يقوم بمسح زجاج السيارة فقال له اليخاندرو : نحتاج الى السيارة يا بيل .
فألتفت بيل وابتسم قائلاً : بالطبع , اخبراني الى اين تودان الذهاب وسوف....
فقاطعه اليخاندرو بقوله : سنقودها بأنفسنا .
فرمش بيل عدة مرات وسرعان ما قال بتوتر : ح...حسناً .
قال ذلك ثم اعطا المفتاح لروبيرتو الذي شكره ثم صعد خلف المقود فصعد اليخاندرو الى جانبه ومن ثم انطلقا , وفي تلك الأثناء كان توم واقفاً على الشرفة يراقبهما وكانت ازميرالدا جالسه في الداخل فسألته قائله : الى اين ذهبا ؟
فنظر اليها وقال : لا اعرف ولكن يخالجني شعور سيء حيال هذا الأمر .
فتنهدت ازميرالدا قائله : لا يهمني ان كان ابن عمي ام لا فهو لم يعجبني لذا اريده ان يرحل من هنا بأسرع ما يمكن .
وبعد مدة وجيزة .....
وصل كل من روبيرتو واليخاندرو الى ورشة تصليح السيارات التي يمتلكها الشاب المدعو كول ميشيل وقد قاما بسؤال احد المارة عن مكان الورشة مدعيان انهما يريدان فحص سيارتهما فدلهما الرجل على مكانها وهكذا ترجلا من السيارة فنظر اليهما كول والذي كان منحنياً فوق محرك سيارة مكشوفة السقف حمراء اللون وكان يرتدي زي العمل وبجانبه شاب اخر لديه وشوم كثيره على ذراعيه فقال له بالأنجليزية : يبدو ان لدينا زبون جديد يا كول .
فأمعن كول النظر بالرجلين وقد انتابه التوتر لأنه سبق وان رأهما في منزل ازميرالدا عندما ذهب الى هناك في اليوم السابق فأبتلع ريقه وامسك قطعة قماش ليمسح يده واردف قائلاً : لا اعتقد ذلك .
اما اليخاندرو وصديقه روبيرتو فأقتربا من الشابان وقال الأول بلهجة انجليزية صحيحة : هيي انت ... تعال الى هنا .
فأشار الشاب الأخر الى نفسه قائلاً : هل تتحدث معي .
فرد عليه اليخاندرو قائلاً : بل مع الوغد الذي يقف الى جانبك .
في تلك اللحظة ازداد توتر كول بينما قطب الشاب الاخر حاجبيه وقال بأنزعاج : من تعتقد نفسك يا هذا حتى تقول عن كول بأنه وغد ؟
قال ذلك واقترب من اليخاندرو فاراد ان يدفع صدره ليفتعل شجاراً كما هي العادة ولكن يده لم تصل الى الرجل لأن روبيرتو قد امسك معصمه بقوة وقال بهدوء مخيف : ان لم تكن راغباً في ان تتأذى ابقى خارج هذا الموضوع ويستحسن ان ترحل من هنا .
فابتلع الشاب ريقه ونظر الى كول قائلاً : م...من هاذان الرجلان يا كول ؟
فاقترب كول بتوتر وقال : معذرة يا سادة ولكن هل استطيع ان اعرف لما اتيتما الى ورشتي وما الذي تسعيان خلفه ؟
فابتسم اليخاندرو بسخرية وقال : لقد رأيتنا في الأمس في منزل ليام ديلافيغا وهذا يعني انك تعلم لما اتينا الى هنا وخصوصاً لأنك تفوهت ببعض التفاهات منذ الصباح الباكر .
قال ذلك وبلمح البصر انقض على كول ممسكاً بياقته مما جعل الشاب يجفل وصرخ في وجهه قائلاً : كيف يجرؤ شخص حقير وتافه مثلك على اهانة فرد من افراد عائلة ديلافيغا ؟
قال ذلك وضرب كول على معدته مستخدماً ركبته مما جعل الشاب يصرخ من شدة الألم ... يتبع غداً
#حب_على_شفير_النار الجزء 4
انقض اليخاندرو على كول ممسكاً بياقته مما جعل الشاب يجفل وصرخ في وجهه قائلاً : كيف يجرؤ شخص حقير وتافه مثلك على اهانة فرد من افراد عائلة ديلافيغا ؟
قال ذلك وضرب كول على معدته مستخدماً ركبته مما جعل الشاب يصرخ من شدة الألم فحاول صديقه ان يتملص من قبضة روبيرتو لعله يستطيع تخليصه من بين يدي اليخاندرو ولكن روبيرتو امسك ذراعه بقوة ولواها خلف ظهره وقال بشيء من الأنزعاج : لقد طلبت منك عدم التدخل وانا اعني ما اقول لذا ابقى ساكناً ولا تدفعني لأذيتك .
فصرخ الشاب من شدة الألم قائلاً : ذراعي ... اترك ذراعي ارجوك !
ولكن روبيرتو لم يهتم بما قاله الشاب كثيراً ومع ذلك ارخى قبضته الحديدية التي كانت تلوي ذراع المسكين ولكنه لم يدعه بل اخذ يراقب اليخاندرو وهو يسدد بعض الضربات الى وجه كول قائلاً بغضب : لا احد يتجرأ على إهانة فرد من افراد عائلتي كما فعلت انت ايها الحقير وينجو بفعلته لذا سألقنك درساً قاسياً لن تنساه ابداً لكي تدرك ان العبث مع سليلة عائلة ديلافيغا ليس بالفكرة الجيدة .
قال ذلك واستمر بضرب كول الذي كان يصرخ مع كل ضربة ويحاول تجنبها ولكن دون جدوى لذا قرر روبيرتو ان يتدخل فترك ذراع الشاب الأخر وسرعان ما امسك ذراع اليخاندرو قائلاً : هذا يكفي يا صديقي , ان استمريت بضربه هكذا قد يموت عندها سنقع في المشاكل .
فنظر اليخاندرو الى روبيرتو وهو يلهث فأبتلع ريقه وقال : حسناً .
فترك روبيرتو ذراعه بينما استدار الى الشاب الأخر الذي كان يفرك يده وقد ارتسمت على وجهه تعابير الرعب فقال له : ان علمت بأنكما اخبرتما الشرطة عما حدث هنا او تسببتما لنا بالمشاكل فلن ارحمكما ابداً وستكون نهايتكما على يدي هل تفهم ؟
قال ذلك ثم رفع التيشرت التي كان يرتديها ليظهر مسدسه الملتصق بخاصرته مما جعل عيون الشاب تتسع بذعر لذا نهض بسرعة وفر هارباً وقد ترك كول مرمياً على الأرض يتلوى من شدة الألم والدم يسيل من انفه وفمه فنظر اليه اليخاندرو وسرعان ما جلس القرفصاء امامه ثم امسكه من ياقته ورفعه عن الارض قليلاً فقال بنبرة تدب الرعب بالنفوس : والان ايها الوغد , ستذهب معنا وتعتذر من ازميرالدا وانت تجثو على ركبتك وعندها فقط سأعفو عنك فهل انت مستعد ؟
فأخذ كول يتنفس بصعوبة ويرتجف ويرتعد خوفاً ولم يتمكن من النطق لذا اومى برأسه دليلاً على الموافقة مما جعل اليخاندرو يبتسم تلك الأبتسامة الشيطانية التي يخيف بها الناس في بلاده وتركه ثم نهض قائلاً : هذا جيد , سوف امنحك خمس دقائق كي تذهب وتغسل وجهك العفن من الدم وبعدها سنذهب .
فأستند كول بكلتا يديه على الأرض ليتمكن من النهوض وبعد جهد كبير تمكن من فعل ذلك وشق طريقه نحو المغسلة القريبة وهو يسير بصعوبة ويضع يده على خاصرته حيث ان اليخاندرو ضربه ضرباً مبرحاً ولولا بنيته القوية لتسببت له تلك الضربات ببعض الكسور في عظامه او ربما قد حدث ذلك حقاً , اما اليخاندرو فنظر الى يده اليمنى وقد تهشمت قليلاً بعدما استخدمها بضرب كول بالأضافة الى تلطخها بدم الشاب لذا نظر حوله وكأنه يبحث عن شيء يستخدمه في مسح يده فأعطاه روبيرتو منديله قائلاً : استخدم هذا .
فنظر اليه وابتسم قائلاً بالأسبانية : انت تفهمني جيداً يا صاح , شكراً لك .
قال ذلك واخذ المنديل ليمسح يده بينما ابتسم روبيرتو وقال : وهل يوجد احداً يفهمك غيري ؟
فنظر اليه اليخاندرو وقد لمعت عيناه بوميض غريب واردف قائلاً : آرتورو .
فتنهد روبيرتو وقال : شخصاً غيره .
اليخاندرو : لا يوجد احد سواكما انتما الأثنان .
فأبتسم روبيرتو وقال : هذه يجعلني مميزاً جداً .
فبادله اليخاندرو الأبتسامة ونظر الى الجهة الأخرى حيث كان كول جالساً يمسح الدم المتدفق من انفه بمنديل ورقي وعلى وجهه تعابير الأجهاد والتعب والألم ايضاً , فتوجه نحوه وقال بنبره انجليزية جافه : هيا انهض .
فنظر كول اليه وقال بصوت مرتبك : ار...ارجوك يا سيدي دعني وشأني وانا اعدك بأنني لن اتعرض لأزميرالدا بعد اليوم ابداً , حتى وان رأيتها مصادفة سأدعي بأنني لا اعرفها اعدك بهذا .
فامسكه اليخاندرو من زيه وجعله ينهض رغماً عنه قائلاً بخشونة : وفر وعودك هذه الى وقت اخر وتحرك امامي .
قال ذلك ودفعه بقوة فما كان من كول سوى ان يستسلم للأمر الواقع حيث سار معهما نحو السيارة وصعد في المقاعد الخلفية بينما قال اليخاندرو لصديقه : اعطيني المفاتيح روبيرتو فانا من سيقود السيارة .
فألقى روبيرتو مفاتيح السيارة عليه فالتقطها بمهارة ثم صعد خلف المقود ومع مهارته في القيادة وصلوا الى الفيلا خلال خمس دقائق حيث نزل من السيارة وفتح الباب الخلفي ثم سحب كول من زي العمل الخاص به واخرجه بعنف , وفي تلك الأثناء كانت ازميرالدا جالسه على شرفة غرفتها تحدق بالفراغ بتعابير وجه حزينه فهي لم تتغلب على حزنها بعد ولكنها لم تعد تقفل على نفسها وتبقى حبيسة الغرفة ايضاً والسبب في هذا التطور هو اليخاندرو الذي جعلها تكسر القوقعة التي بنتها لنفسها بالقوة لذا نهضت فوراً عندما رأته من فوق وهو يجر كول خلفه كما تجر الشاة الى المسلخ ليتم ذبحها فشهقت وسرعان ما ركضت لتخرج من الغرفة ثم شقت طريقها نحو الدرج الملتوي حيث نزلت الى الطابق السفلي ومن ثم خرجت الى الحديقة فلمحها توم حيث كان واقفاً مع الشاب الأسمر جيب يتحدثان حول طعام الخيول فربت على كتفه قائلاً بالأنجليزية : سوف نتابع حديثنا في ما بعد يا جيب .
قال ذلك ثم اسرع بخطواته ليلحق بازميرالدا التي توقفت مذهولة عندما رأت وجه كول بينما قام اليخاندرو بدفع الشاب حتى وقع امام قدميها فقالت بالأسبانية : ما الذي يحدث هنا بحق الله !
ولكن اليخاندرو رد عليها قائلاً بالأنجليزية : ان السيد ميشيل يود ان يقول لكِ شيئاً .
قال ذلك ثم وكز كول بقدمه واضاف قائلاً بحدة : هيا تحدث .
فرفع كول وجهه ناحية ازميرالدا وقد بدى عليه الذل ولكن ما باليد حيلة فقال بصعوبة : انا اعتذر .
فصرخ به اليخاندرو قائلاً : قل ذلك بصوت عالٍ فانا لم اسمعك .
فقال كول بصوت اشبه بالصراخ : انا اعتذر , اعتذر , اعتذر .
قال ذلك ونظر الى اليخاندرو واضاف قائلاً : هل هذا كافي ؟
فرد عليه قائلاً بجفاء : هذا جيد , هيا انصرف واياك ان تقترب من هذه الفيلا مجدداً والا سترى مني ما لن يعجبك .
فانسل كول من امامهم وهو يجر اذيال الخيبة والأهانة بينما نظرت ازميرالدا الى اليخاندرو بعدم تصديق فقالت : هل انت من قام بضربه بتلك الطريقة الوحشية !
فرفع هو حاجبه وقال بعدم اكتراث : بصراحة لقد كنت متساهلاً معه ولو انني استخدمت كامل قوتي لما رأيتيه على قيد الحياة .
في تلك اللحظة قال روبيرتو : سأذهب الى الداخل .
قال ذلك وانسحب بينما قالت ازميرالدا : يا لك من متوحش , كيف امكنك ان تقوم بضرب انسان بتلك الطريقة الهمجية ؟
فقال توم : يبدو ان ابن عمكِ قد فعل ذلك دفاعاً عنكِ يا عزيزتي ازميرالدا ولا انكر انني كنت سأفعل الأمر ذاته ولكن السنيور قد سبقني في تلقين ذلك الوغد درساً قاسياً .
فصرخت ازميرالدا قائله : لا تبرر فعلته توم فمهما كان ما قاله كول بحقي حقير ومزعج ولكن هذا لا يعني ان يقوم بضربه بمثل تلك الطريقة الوحشية ثم انا لم اطلب من احد ان ينتقم لأجلي اذ انني قادره على وضع كول وامثاله عند حدهم .
فقطب اليخاندرو حاجبيه وقال بحدة : لا تفهمي الأمر بشكلٍ خاطئ يا فتاة اذ انني لم انتقم من ذلك الصعلوك لأجلكِ بل قمت بضربه لأنه قام بأهانة احد افراد عائلة ديلافيغا وانا رجل إسباني متمسك بالعادات والتقاليد الأسبانية ولا اسمح لأي شخص كان بأن يتحدث عن احد افراد عائلتي بالسوء ثم ينجو بفعلته , اي ان المسألة برمتها لم تكن تعنيكِ فحسب بل انها مسألة كرامة وكونكِ سليلة عائلة ديلافيغا فهذا يجعلني مجبرا على قطع لسان كل من يسيء اليكِ اذا ما علمت بذلك .
فصاحت به قائله : تباً لك وللعادات والتقاليد التي تجعلك تصبح متوحشاً بمثل هذا الشكل , لقد كنت متأكدة منذ البداية انك شخص همجي ومتوحش لذا سارع بالرحيل من هنا فوراً فانا لا اطيق العيش مع رجل مثلك تحت سقف واحد كما انني لا ارحب بك في منزلي ويستحسن ان تجد مكان اخر لتمكث فيه الى حين موعد فتح الوصية .
قالت ذلك وارادت ان تغادر ولكنه امسك ذراعها وشدها بعنف مما جعل توم يتفاجئ فقال له بحدة : على رسلك !
اما هي فتأوهت بألم وشهقت لمجرد انها رأت الغضب يلمع في عيونه الزرقاء بينما قال هو بنبرة تشبح فحيح الثعابين : لا تعتقدي انني اريد البقاء في منزلكِ فانا افضل المبيت في زريبة للحيوانات على ان ابقى في مكان كان يعيش فيه والدكِ الحقير ولكن بما ان المحامي قد اخبرني بضرورة قدومي الى هنا وان السبب لا يتعلق بالميراث فقط فانا مضطر للمكوث والسبب الوحيد الذي يحتم عليّ البقاء هو الفضول الذي يعتريني لأرى ما الذي اراده مني ليام ديلافيغا بعدما سرق كل ميراثي وفر هارباً لذا اغلقي فمكِ ولا تتحدثي بأمور لا تعرفينها .
قال ذلك ثم دفعها فكادت ان تقع لولا ان توم قد اسندها وعلى وجهه علامات الحيرة بسبب ما سمعه للتو , اما هي فكانت تحدق به بصدمة ولم تعد تعلم اذا كان ما تعيشه الأن هو واقع ام خيال وقد اصابها الوهن ولكنها تمالكت نفسها وقالت بصوت كاد يختفي : ما... ما الذي تقصده بقولك ان أبي سرق ميراثك ؟
فأبتسم اليخاندرو بسخرية وقال : انها مفاجأة اليس كذلك ؟
اما توم فقال : هلا اوضحت لنا الأمر من فضلك فما تقوله الأن يعد اتهام خطير بحق السنيور ليام .
فقال اليخاندرو بجفاء : ان قولي للحقيقة قد يجرح مشاعركما وخصوصاً ابنة عمي العزيزة لذا افضل البقاء صامتاً ريث ما يتم فتح الوصية فعندها سيتم كشف جميع الأسرار وانا واثق ان خيبة أملكما ستكون كبيرة حينها .
قال ذلك ثم اراد ان يغادر ولكن ازميرالدا امسكت ذراعه دون وعي وقالت بصوت اشبه بالصراخ : انت لا يمكنك المغادرة بعدما تفوهت بمثل هذا الكلام الخطير لذا اخبرني الأن فوراً ما حكاية الميراث الذي سرقه والدي منك وأياك والكذب .
فقال توم : اهدأي يا عزيزتي فالأمور لا تتم بمثل هذه الطريقة .
فنظر اليخاندرو الى يديها الصغيرتين الممسكتين بذراعه القوية وسرعان ما نفض ذراعه وحررها من قبضتيها وقال : تريدين معرفة الحقيقة اذاً , حسناً لك ذلك .
قال ذلك ثم اخرج من تحت ياقة قميصه القلادة الجلدية التي تحمل ريشتين ثم انتزعها بعنف واضاف قائلاً : امعني النظر بهذه القلادة وهذه الريشة ذات اللون الفضي تحديداً , لقد علقتها حول عنقي منذ اكثر من واحد وعشرين سنة اي قبل ولادتكِ لكي تذكر دائماً كيف قام والدكِ الخسيس برميها في وجهي بعدما استولى على كل ميراثي متخلياً بذلك عن العهد الذي قطعه لوالدي عندما ولدت اذ ان ابي طلب منه الأعتناء بي اذا ما اصابه مكروه وقد اعطاه هذه الريشة وقتها دليلاً على الوعد الصادق بينما ابقى الريشة الذهبية حول عنقه ولكن عندما اقدم والدي على الانتحار اثناء لحظة ضعف استغل والدكِ تلك الفرصة واستولى على اكبر جزء من الأرث الذي خلفه أبي تاركاً لي مزرعة خيول مفلسة ومبلغ حقير لا يكفي لأشباع جوعي فتوجب عليّ العمل بجد لأنقاذ مزرعتي وانا ما ازال في سن الرابعة عشر من عمري فهل تدركين الأن ما الذي فعله والدكِ الحقير بأبن اخيه الوحيد ؟
فذرفت ازميرالدا الدموع وهزت رأسها نافية ما سمعته وقالت : هذا ليس حقيقياً , انت تكذب فوالدي لا يمكنه اذية اي شخص فما بالك بأذية ابن اخيه !
قالت ذلك ثم صرخت قائله : انت تكذب فقط لتحصل على جزء من المال الذي تركه لي اليس كذلك ؟
فقال اليخاندرو بعصبية : لا يهمني سواء صدقتي هذه القصة ام لا ولكن تأكدي ان كل هذه الرفاهية التي تعيشين بها الأن وان هذا المنزل القذر الذي تطرديني منه والأملاك الأخرى هي في الأصل ملكي انا لأن ولدكِ لم يكن يملك شيئاً منذ البداية حيث ان والدانا كانا يتيمين وابي هو من عمل بجد حتى جمع تلك الثروة وبما ان ليام كان شقيقه الأصغر فقد جعله شريكه في كل شيء واعطاه حصة من الأملاك في اسبانيا ولم يتخيل ابداً ان تؤول به الحقارة ويخون العهد الذي قطعه له ويسرق الميراث ثم يفر هارباً .
فغطت ازميرالدا اذنيها وصرخت قائله : كذب , كل هذا مجرد كذب وانا لن اصدقك مهما قلت .
فهرع توم نحوها واخذها في حضنه قائلاً : حسناً هذا يكفي يا سنيور ديلافيغا , لا داعي لأن تقول المزيد فهي لن تتحمل اكثر .
قال ذلك ثم اخذ يحاول تهدئتها بينما قام اليخاندرو بزم فمه بحركة تنم عن نفاذ الصبر ثم ارتد على عقبيه مغادراً الحديقه تاركاً ازميرالدا تبكي بحرقه في حضن توم وتحاول ان تنفي حقيقة ما سمعته عن والدها الراحل , اما توم فكان يعلم في قرارة نفسه ان ما قاله اليخاندرو ما هو سوى الحقيقة المرةُ والدليل على ذلك رغبة السنيور ليام الملحة على استدعائه من اسبانيا ليتم فتح الوصية في حضوره ولا يعلم لما وثق به بالرغم من قسوته وتصرفاته الهمجية تجاه ازميرالدا .
اما اليخاندرو فذهب الى اصطبل الخيول حيث كان بحاجة ماسة لتفريغ الغضب المكبوت داخله ولا شيء افضل بالنسبة له من امتطاء جواد قوي يعدو به في الهواء الطلق الذي يساعده على الأسترخاء , لذا طلب من جيب ان يجهز الجواد الرمادي الذي روضه روبيرتو في اليوم السابق وقد ابدى الشاب تردداً ملحوظاً لأن الجواد بالرغم من كونه مروض الا انه ما زال متمرداً ولكن نظرة واحدة من اليخاندرو كانت كفيلة في القضاء على هذه التردد وقام بتجهيز الجواد على الفور حيث امسك اليخاندرو باللجام واقتاده الى الحضيرة الواسعة وما لبث ان امتطاه واخذ يحثه على العدو بسرعة لعل ذلك يساعده في تصفية ذهنه الذي بات مشتت منذ ان رأى ابنة عمه التي تصغره بـ اربعة عشر عاماً .
وفي تلك الأثناء كان روبيرتو واقفاً على الشرفة العلية يراقب ما يحدث بصمت وقد ادرك ان اليخاندرو متوتراً جداً وغاضب بطريقة مخيفة لدرجة انه لجأ الى ممارسة الفروسية وهذا ما يفعله عادةٍ عندما يكون في ذروة غضبه ولكي يتجنب اذية من حوله يقوم بأجهاد نفسه وأجهاد الحصان الذي يمتطيه فتنهد وهز رأسه تعبيراً مجازياً ثم عاد الى الداخل ,
اما ازميرالدا فلم تحتمل ان يكون والدها سارقاً لذا انهارت بين يدي توماس وفقدت وعيها مما جعل الذعر يسيطر عليه فحملها وعاد بها الى الفيلا حيث طلب من كارلا ان تتصل بطبيب العائلة بسرعة ففعلت الاخيرة ذلك وما هي الى مدة وجيزه قد مرت حتى جاء الطبيب وقام بمعاينتها وشخص حالتها على انها انهيار عصبي حاد وانه يجب ان تحصل على قسط كافي من الراحة وتناول الدواء الذي وصفه لها لتستعيد عافيتها بشكلٍ اسرع .
في المساء كانت ازميرالدا ما تزال تغط في نوم عميق بينما كان توماس جالساً الى جوارها ينتظرها حتى تستيقظ فهي قد نامت معظم ساعات النهار بعدما فقدت وعيها ولم تستيقظ ولو لمرة واحده , وفي تلك الأثناء سمع توم صوت قرع على باب الغرفة وسرعان ما دخل اليخاندرو الذي كان يرتدي بنطال كاكي اللون وتيشرت خمرية بينما كان شعره ما يزال رطباً فقال بصوت رزين : الم تستيقظ بعد ؟
فنظر اليه توم وتنهد قائلاً : كما ترى .
فنظر اليخاندرو اليها ولا يعلم لما شعر بالذنب لأنه السبب في تعرضها للأنهيار العصبي لذا دخل واغلق الباب خلفه الباب ثم اقترب من السرير ووقف الى جوار توم ووضع يديه في جيوب بنطاله قائلاً : هل تعتقد انها ستتخطى الأمر ؟
فرد توم قائلاً : قد يستغرق الأمر وقتاً حتى تستوعب انك كنت تقول الحقيقة ولكنها ستتقبل ذلك في نهاية المطاف .
فنظر اليخاندرو اليه وقال : وهل تصدقني انت ؟
فنظر توم اليه بدوره وقال : في الواقع وددت كثيراً لو انني لا اصدقك لأنني احب السنيور ليام فهو من قام بتربيتي ومنحني عطفه ولكنك لا تبدو لي رجلاً قد يكذب بما يخص هذه الأمور وما اكد لي صدق كلامك هو رغبة السنيور في استدعائك الى هنا والتشديد على عدم فتح الوصية ان لم تكن موجوداً مما يدل على انه ندم عما اقترفه في حقك وبالتالي اراد ان يكفر عن ذنبه في جعلك الوريث الأخر .
فتنهد اليخاندرو وعاود النظر الى ازميرالدا قائلاً : انا لستُ مهتماً بالمال الذي تركه لي فكما قلت من قبل بأنني لا اسعى خلف بضع ملايين اخرى اذ لدي ما يكفي ويزيد ولكن المحامي جو قد اخبرني برسالته ان هنالك امر اهم من المال بكثير يستدعي حضوري من اسبانيا فهل لديك اي فكرة عما قد يكون هذا الأمر المهم ؟
فهز توم رأسه قائلاً : مع الأسف لم يخبرني المحامي بهذا الشأن كما ان السنيور ليام كان رجلاً غامضاً ولم يكن يخبرنا بما يجول في خاطره عادةٍ لهذا لا استطيع مساعدتك في الوقت الراهن ويجب ان ننتظر حتى الصباح لنعرف ما هو هذا الأمر فالمحامي جو قد ارسل الي رسالة نصية يخبرني بها ان طائرته قد تأخرت لبعض الوقت وانه سوف يصل الى لوس أنجلوس خلال خمس ساعات .
فنظر اليخاندرو الى ساعة يده وقال : سيكون الوقت متأخراً عند وصوله اي انه لا يوجد امامنا حل اخر سوى الأنتظار حتى الصباح .
توم : اجل .
اليخاندرو : حسناً اذاً , سأذهب الأن وعندما تستيقظ ازميرالدا ارجو ان تخبرني بذلك فانا يجب ان اتحدث معها بشأن قرار اتخذته .
توم : وما هو هذا القرار ؟
اليخاندرو : هذا امر خاص بيني وبينها , عن اذنك الأن .
قال ذلك ثم ارتد على عقبيه وخرج من الغرفة تاركاً توم يحدق به بحيرة بينما كانت ازميرالدا ما تزال تغط في نوم عميق , وهكذا مر ذلك اليوم دون ان تستيقظ ازميرالدا حيث بقيت تغط في سبات عميق حتى اليوم التالي وكأن جسدها لم يشبع من النوم طيلة الساعات الماضية فدخل توم الى غرفتها في الصباح التالي ووجدها جالسه في السرير تحدق بالفراغ بصمت مرعب لذا هرع نحوها ثم جلس الى جانبها وامسك يدها قائلاً بلهفة : هل انتِ بخير يا عزيزتي ؟
اما هي فنظرت اليه ولم تقل شيئاً في البداية بل وضعت رأسها على كتفه وقالت بصوت أبح : هل حقاً ان والدي سرق ميراث ذلك الرجل وفر هارباً يا توم ؟
فأبعدها توم عنه قليلاً وكور وجهها بكلتا يديه قائلاً : لا ترهقي نفسكِ بالتفكير حيال هذا الأمر الأن يا عزيزتي فما حدث في السابق لا شأن لنا به .
فأغرقت عيناها بالدموع وقالت بصوت مخنوق : انت لم تنفي الأمر وهذا يعني ان ذلك الرجل المدعو اليخاندرو كان يقول الحقيقة .
فمسح توم دموعها وقال : ازميرالدا يا حبيبتي الصغيرة انا اتمنى من كل قلبي ان يكون الكلام الذي قاله اليخاندرو عن والدكِ مجرد كذب اذ انكِ اكثر شخص يعلم كم كنت احب السنيور ليام ولكن نظراً الى الظروف ورغبة والدكِ الشديدة في ان يأتي ابن عمكِ من اسبانيا الى هنا ليتم فتح الوصية بحضوره يجعل نسبة الأتهام الموجه اليه كبيرة .
فازدادت ازميرالدا ببكائها وقالت : انا لا اصدق ان ابي قد يفعل شيئاً سيئاً كسرقة ميراث ابن اخيه ثم يفر هارباً , لا بد ان هنالك خطأ ما حيال هذا الموضوع .
فعانقها توم واخذ يملس على شعرها قائلاً : لا بأس يا عزيزتي , سنعرف كل شيء عندما يصل المحامي جو .
قال ذلك ثم ابعدها عنه واضاف وهو يمسح دموعها قائلاً : هيا انهضي وجهزي نفسكِ لأستقبال المحامي فقد تحدثت معه منذ قليل واخبرني بأنه سيأتي الى هنا خلال نصف ساعة لذا اريدكِ ان تتحلي بالقوة اتفقنا .
فأومت له برأسها مما جعله يبتسم وقبل جبينها ثم نهض قائلاً : سأدعكِ تجهزين نفسكِ الان .
قال ذلك وتركها فمسحت دموعها ونهضت عن السرير فشعرت ببعض الدوار ولكن سرعان ما سيطرت على توازنها فشقت طريقها نحو الحمام , اما توم فتوجه الى الحديقة حيث كان اليخاندرو جالساً برفقة روبيرتو يشربان الشاي فجلس برفقتهما وقال : لقد استيقظت ازميرالدا منذ قليل فتركتها لتجهز نفسها من اجل استقبال المحامي جو لأنني تحدثت معه منذ برهة وقال انه في طريقه الى هنا .
فتنهد روبيرتو وقال : هذا يعني ان موعد رحيلنا بات قريب .
فقال اليخاندرو : سيكون الرحيل افضل من بقائنا في هذا المنزل فمالكته الحالية لا ترحب بوجودنا فيه على الأطلاق .
فقال توم : ان ازميرالدا فتاة طيبة جداً ولكن الأحداث الأخيرة وموت والدها المفاجئ جعلاها تقول ذلك الكلام كما ان اسلوبك الخشن في التعامل معها كان سبباً كافياً ليحثها على طردك من هنا لذا لا تستاء منها فهي ما زالت تحت تأثير الصدمة ولا تعي ما الذي تفعله .
اليخاندرو : على العموم نحن سنغادر فوراً ما ان يقوم المحامي بقراءة الوصية .
وبعد مدة ....
اتى المحامي جو اخيراً وقد اندهش عندما وجد ان ابن اخ السنيور ليام رجلاً ناضجاً ويبدو انه قوي الشخصية وذو حضور قوي ناهيك عن وسامته الصارخة وجاذبيته التي تخطف الأنفاس , فاجتمعوا جميعاً في قاعة استقبال الضيوف واخذوا ينتظرون ازميرالدا كي تنزل فأتت الأخيرة وهي ترتدي فستان بسيط محتشم لونه اسود وعقصت شعرها بعقدة على شكل ذيل حصان وما ان دخلت الى القاعة حتى رمقت ابن عمها بنظرة قاسية ولو كانت النظرات تقتل لمات اليخاندرو فوراً من قسوة نظرتها وسرعان ما عبرت القاعة فنهض المحامي جو وصافحها قائلاً : يسعدني ان اراكِ بخير يا عزيزتي ازميرالدا .
فأومت له برأسها وقالت : شكراً لك , تفضل بالجلوس رجاءً .
قالت ذلك وجلست فجلس المحامي ايضاً واردف قائلاً : والأن يا سادة , بما ان الجميع مجتمعين هنا وقد اتى السيد اليخاندرو ديلافيغا من اسبانيا فهذا يعني انكم على اتم الأستعداد لسماع الوصية لذا سوف اقرأها عليكم فوراً .
قال ذلك ثم فتح حقيبته واخرج منها مغلفاً فقام بفتحه واخرج منه ورقتين مكتوبتين بخط اليد واردف قائلاً على لسان السنيور : انا الموقع ادناه المدعو ليام ديلافيغا اكتب وصيتي وانا بكامل قواي العقلية ودون ضغط من اي احد واوصي بتقسيم ورثتي واملاكي كلها بين الورثة الشرعين وهم ابنتي الشرعية ازميرالدا ديلافيغا وابن اخي اليخاندرو ديلافيغا ورجلي الموثوق توماس جيفرسون واترك لأبنتي المنزل الذي تعيش فيه حالياً والذي تعتبر قيمته المالية خمسة ملايين وثلاث مئة وأبعة وسبعون ألف دولار كما واترك لها مبلغ مصرفي بقيمة خمسة ملايين دولار , اما توماس فأترك له اليخت الذي املكه وقيمته المالية مليون ونصف دولار ومبلغ مصرفي بقيمة اربعة ملايين دولار وبالنسبة لأبن اخي اليخاندرو فأترك له باقي الأملاك وهي مضمار السباقات الذي املكه وكافة الخيول وقطعة الأرض التي تحتوي المضمار بالأضافة الى حصتي في اسهم فندق " The l.a. downtown " والتي تقدر قيمتها المالية ثلاث ملايين دولار بالأضافة الى مبلغ مصرفي بقيمة ثماني ملايين دولار ونصف اذ ان هذه الأملاك تعتبر حقه الشرعي حيث انني ارتكبت خطأً فادحاً بحقه منذ اكثر من واحد وعشرين سنة لهذا انا ادين له بكل هذه الثروة .
- ثم بدل المحامي الورقة وتابع قائلاً : كما انني اضع اليخاندرو ديلافيغا وصياً شرعياً على ابنتي ازميرالدا ديلافيغا وجميع املاكها حتى تبلغ من العمر خمسة وعشرين عاماً وانه يجب عليه حمايتها وحماية املاكها من الطامعين خلال السنوات الأربع القادمة وهي ملزمة بالأستماع لكل ما يقوله لها , وأن أبدت ازميرالدا او اليخاندرو اي اعتراض على هذا الأمر سيتم حرمانهم جميعاً من الميراث وسيتم منح كل الأملاك والعقارات والحسابات المصرفية الى الجمعيات الخيرية , الموقع ... ليام ديلافيغا .
قال ذلك وتوقف عن الكلام وفي تلك اللحظة شحبت وجوه كل الموجودين في القاعة وخصوصاً ازميرالدا التي نظرت الى اليخاندرو تلقائياً فوجدته يحدق بها وعلى وجهه تعابير تدل على صدمته الشديدة فنهضت فوراً وصرخت قائله : هذا هراء , انا لستُ بحاجة لهذا الرجل حتى يكون وصياً شرعياً عليّ اذ انني بالغة ولا احتاج لمن يرعاني كما لو كنت طفلة .
فقال المحامي وهو يخفي الوصية داخل الحقيبة : مع الأسف يا ابنتي هذه هي رغبة والدكِ وكما ذكرت لكم في الوصية انه لا يجب ان تعترضي على الأمر والا خسرتِ كل شيء .
فصاحت قائله : لا بد وان والدي كان ثملاً عندما كتب هذه الوصية السخيفة فهو ترك الجزء الأكبر من الميراث لأبن اخيه الذي لم يسبق لي وان رأيته من قبل وليس هذا فقط بل جعله وصياً شرعياً عليّ وعلى جميع املاكي فهل هذا تصرفاً منطقياً حسب رأيك !
في تلك اللحظة تدخل توماس حيث نهض قائلاً : اهدأي يا عزيزتي فما فعله والدكِ من اجل مصلحتكِ اذ انه كان خائفاً عليكِ من الطامعين لذا يجب ان تعذريه .
فنظرت اليه وقالت : كان بأمكانه ان يضعك انت وصياً شرعياً عليّ ولكنه لم يفعل ذلك بل احضر هذا الرجل الغريب وأوكله مهمة رعايتي كما لو انني طفلة وليس هذا فقط بل انني ملزمة بالأستماع لكل ما يقوله لي لمدة اربع سنوات !
فنظر توم الى اليخاندرو وقد اخافه هدوئه فقال له : الن تقول شيئاً حيال هذا الأمر يا سنيور ؟
فنظر اليخاندرو اليه بنظرات جامدة وسرعان ما تنهد ثم هب واقفاً ونظر الى روبيرتو قائلاً : هيا انهض يا صديقي فسوف نعود الى اسبانيا فوراً .
فنهض روبيرتو دون ان يتفوه بأي كلمة بينما قال المحامي : ولكن يا سنيور انت لم تخبرنا برأيك بخصوص الوصية لذا لا يمكنك العودة الى وطنك والا سيتم حرمانكم جميعاً من الميراث .
فنظر اليخاندرو الى المحامي وقال بعدم اكتراث : لست مهتماً بهذا الميراث السخيف ولو مثقال ذرة ولا اهتم ان تم منحه للجمعيات الخيرية فانا لن اخسر اي شيء لذا سأعود الى وطني الأن فوراً فهذا افضل من الأستماع لصراخ هذه الفتاة .
في تلك اللحظة انزعج توم منه وقال بعصبية : ان ما تقوله الأن أمر بمنتهى الحقارة والأنانية يا سنيور اليخاندرو ديلافيغا لأن قرارك هذا قد لا يؤثر عليك ابداً ولكنه سيؤثر على ازميرالدا فهي قد تصبح مشردة دون مأوى اذا ما تم منح الميراث الى الجمعيات الخيرية لذا انت مجبر على تغير رأيك من اجل ابنة عمك .
فالتفت اليخاندرو اليه وقال بسخط : انها لا تريدني في حياتها وبصراحة اكثر انا لا ارغب في ان اكون وصياً على طفلة مدللة مثلها لذا هي من اختارت وهي من سيتحمل العواقب .
فقالت هي ساخطة : هذا صحيح فانا لا اريدك ان تكون وصياً عليّ ولكن هذا لا يعني انني اتخلى عن ميراثي لذا جد لنا حلاً لهذه المشكلة اذ انه من المستحيل بالنسبة لي ان اتخلى عن هذا المنزل لأجل الجمعيات الخيرية .
اليخاندرو : هذه ليست مشكلتي فأنا لم اطلب من والدكِ ان يضع هذا الشرط في وصيته كما انني لم اطلب منه ان يستدعيني الى هنا ولو انني كنت اعلم ان الأمر المهم الذي ذكره المحامي هو ان اكون وصياً شرعياً عليكِ لما تكبدت عناء السفر من اسبانيا الى لوس أنجلوس .
قال ذلك ثم التفت الى روبيرتو وقال بعصبية : هيا بنا .
فلحق به روبيرتو الى الخارج حيث انهما كانا قد جهزا حقائبهما في وقت سابق لأن اليخاندرو كان ينوي التنازل عن حصته في الميراث لأبنة عمة فهو وبالرغم مما فعله به والدها وان تلك الحصة هي حقه الشرعي الا انه لم يشاء اخذها والسبب في تغير رأيه هو رؤيتها منهارة بعدما علمت بحقيقة والدها ولأنها بالأضافة الى ان شيئاً ما في اعماقه حرضه على منحها كامل حصته قبل ان يعود الى وطنه , ولكنه لم يكن يتوقع ان يجعله ليام ديلافيغا وصياً شرعياً عليها وعلى املاكها لمدة اربع سنوات لذا ارعبته الفكرة كثيراً وهو الذي لا يعرف معنى الخوف فقرر العودة متجاهلاً اعتراضات كل من توم والمحامي جو والصوت الداخلي الذي يخبره بعدم الرحيل .
وما ان اصبح هو وصديقه في الخارج حتى قال له روبيرتو : انت تتصرف بحماقة يا اليخاندرو هل تعلم ذلك ؟
فالتفت اليه اليخاندرو وقال بغضب : لما تقول هذا ؟
فقال روبيرتو بنبرة صارمة : انت تعلم لما اقول هذا وتعلم انني على حق اذ انه لم يسبق لك وان تخليت عن شخص يحتاج المساعدة وابنة عمك بحاجتك الأن لذا اخبرني لما تريد الهرب بمثل هذا الطريقة الجبانة ؟
فقال اليخاندرو بأنزعاج واضح : انها ليست بحاجتي لأن توم الى جانبها وانا متأكد انه لن يدعها تتسول في الشوارع .
روبيرتو : انا لا انكر ان توم رجل جيد وجدير بالثقة لدرجة ان عمك قد جعله احد الورثة ومنحه حصة من الميراث , ولكن الم تسأل نفسك لما جعلك الرجل وصياً شرعياً على ابنته ولم يجعل توم كذلك ؟
فصرخ اليخاندرو قائلاً : وهل تعتقد انني لم افهم السبب ؟ , ولكنني لن افعل ذلك فهي طفلة صغيرة وانا كما تعلم .....
قال ذلك وصمت فأردف روبيرتو قائلاً : انت ماذا ؟
فنظر اليه وقال : انا عراب مافيا يا روبيرتو ورجل خطير يخشاه الكثيرون وانت تعلم هذا جيداً يا صديقي لذا اخبرني كيف سأتمكن من ....
فقاطعه روبيرتو قائلاً : وهل هذا سبب كافي حسب رأيك ليجعلك تتخلى عن ابنة عمك وقريبتك الوحيدة ؟
اليخاندرو : ولكن الوغد ليام وضع شرطاً مستحيلاً فهي لا تريد ان اكون الوصي الشرعي عليها كما انني اجد صعوبة في التعامل معها لذا لا اعتقد انني قد انجح بهذه المهمة .
روبيرتو : ومنذ متى اصبحت متساهلا هكذا لدرجة انك تجد صعوبة في التعامل مع طفلة كما تدعوها ؟
فقال اليخاندرو بنفاذ صبر : اخبرني ما الذي تريده مني روبيرتو وكف عن المماطلة والا ساضربك .
قال ذلك ثم ارتد عائداً الى الداخل فضحك روبيرتو ولحق به حيث كانت ازميرالدا تحاول اقناع المحامي بتغير الوصية قائله : الا يمكنك ان تفعل ذلك لأجلي على الأقل ؟
فرد عليها قائلاً بنبرة صارمة : ان ما تطلبينه الأن يعد تزويراً وانا لن اقبل بأن اشوه سمعتي التي حافظت عليها لأكثر من ثلاثين سنة كمحامي نزيه لذا ان اردتِ الأحتفاظ بميراثكِ يجب ان تتخلي عن عنادكِ وتقبلين حقيقة ان ابن عمكِ اصبح وصياً شرعياً عليكِ .
فقالت ساخطة : ولكنني بالغة ولست بحاجة لوصي ثم ان ذلك الهمجي الذي تدعوه ابن عمي قد رحل ولا بد انه في طريقه الى المطار الأن .
فالتفت كل من ازميرالدا وتوم والمحامي جو بأتجاه الصوت حيث دخل اليخاندرو و روبيرتو الى القاعة فنهضواجميعاً وقالت هي بعصبية : كان الاجدر بك ان تذهب فلما عدت الى هنا مجدداً ؟
فرد عليها قائلاً : اسمعي يا فتاة ... انا لست رجلاً صبوراً في العادة ولكنني اكبح نفسى عن صب جام غضبي عليكِ منذ ان اتيت الى هنا , والان اغلقي فمكِ واذهبي لتوضبي اغراضكِ لأنكِ ستذهبين معي الى اسبانيا .
فأتسعت عينا ازميرالدا وقالت : ما الذي تتفوه به ايها المجنون ؟
اما توم فقال : ما الذي يعنيه هذا الكلام يا سنيور ؟
فقال روبيرتو : لقد وافق اليخاندرو بأن يصبح الوصي الشرعي عليكِ يا ازميرالدا وبهذه الطريقة لن يخسر اي منكم ميراثه .
فأبتسم المحامي وقال : اذاً لقد حلت المشكلة .
فصاحت ازميرالدا قائله : لم يحل اي شيء بعد .
قالت ذلك ونظرت الى ابن عمها واردفت قائله : هلا تكرمت واخبرتني لما يجب ان اذهب معك الى اسبانيا ؟
فرفع اليخاندرو حاجبه قائلاً : ان الأمر واضح وضوح الشمس فانا قد قبلت ان اكون وصيكِ الشرعي وهذا يعني انه يجب عليكِ مرافقتي الى اسبانيا لأنني اعيش هناك وسيتوجب عليكِ العيش معي لمدة اربع سنوات كما تنص عليه وصية والدكِ .
فقالت ازميرلدا بغضب : ان هذا الأمر لن يتم الا على جثتي فانا افضل الموت على ان اعيش معك تحت سقف واحد لمدة اربع سنوات وفي مكان غريب كلياً عني .
فأقترب منها فجأة وامسك ذراعها بقسوة وزمجر قائلاً : اذاً سيكون من دواعي سروري ان أجعلكِ تتعرفين على الوجه الأخر الذي يمتلكه اليخاندرو ديلافيغا وتأكدي انه لن يعجبكِ ابداً .
فدفعته ازميرالدا بعيداً عنها وقالت ساخطة : لن تجبرني على الذهاب معك حتى لو قطعت رأسي هل تفهم ؟
فأبتسم اليخاندرو بخبث وقال : هكذا الأمر اذاً , حسناً كما تريدين .
قال ذلك ثم سحب مسدسه عن خاصرته فجأة مما جعلها تطلق شهقة ولكنه لم يوجه اليها بل اشار به تجاه توم الذي تملكته الصدمة وقال : انت تمزح معي اليس كذلك ؟
فتجاهل اليخاندرو ما قاله توم وقال محدثاً ابنة عمه : قد لا تهمكِ حياتكِ كثيراً الأن ولكنني متأكد ان حياة هذا الشاب تهمك اليس كذلك يا ابنة عمي العزيزة ؟
فأتسعت عينا توم لأنه رأى الجد يلوح في عيون اليخاندرو اما هي فصرخت قائله : ما الذي تفعله ايها المجنون ؟؟؟
فقال لها بصراخ : سأمنحكِ خمس دقائق حتى تقرري اذا ما كنتِ ستذهبين معي الى اسبانيا وبتالي تعيشين تحت رعايتي لمدة اربع سنوات كما تنص عليه وصية ابيكِ او سأضطر لقتل هذا الشاب الذي تعتبرينه بمثابة اخيكِ وهذا لن يمنعني من سحبكِ الى الطائرة في كلا الحالتين لذا قرري بسرعة .
فقالت بتحدي : انت لا تعني ما تقوله ولن تخدعني بمثل هذا التصرف لأن قتل الناس أمر يعاقب عليه القانون لذا انا لن اصدقك ابداً ولتذهب الى الجحيم .
فأبتسم اليخاندرو تلك الابتسامة الشيطانية ولم يتردد في اطلاق النار مما جعلها تصرخ ملئ فمها بينما وقع المحامي جو ارضاً من هول الموقف , اما هو فقال : هل ادركتي الأن بأنني لا امزح ؟.. يتبع غداً
#حب_على_شفير_النار الجزء 5
- أبتسم اليخاندرو تلك الابتسامة الشيطانية ولم يتردد في اطلاق النار مما جعل ازميرالدا تصرخ ملئ فمها بينما وقع المحامي جو ارضاً من هول الموقف , اما هو فقال : هل ادركتي الأن بأنني لا امزح ؟
في تلك اللحظة خرجت كارلا من المطبخ مذعورة لأنها سمعت صوت اطلاق نار بينما تنهد روبيرتو وهز رأسه تعبيراً مجازياً اما ازميرالدا فألتفتت تلقائياً نحو توماس وعندما رأته واقفاً ولم يصيبه اي مكروه عدى انه كان مصدوماً لأن اليخاندرو لم يتردد في اطلاق النار على الجدار الذي خلفه تنفست الصعداء ولم تعد قدماها قادرتين على حملها فهوت الى الأرض مما جعل توماس يستيقظ من صدمته اخيراً وسرعان ما هرع اليها واخذ يهزها قائلاً بنبرة ذعر : ازميرالدا ما الذي حدث لكِ ؟
فنظرت اليه ورفعت يدها تتحسس وجهه قائله : انت ... لم تصب بأذي صحيح ؟
في تلك اللحظة اعاد اليخاندرو وضع السلاح على خاصرته قائلاً بنبرة صارمة : لو انني كنت انوي قتله لما ترددت بفعل ذلك ابداً لذا كوني متأكدة من هذا ايتها الصغيرة , كما انني اردت ان أريكِ بأنني لا اعرف المزاح وان لم تنهضي الأن فوراً لتوضبي اغراضكِ من اجل السفر سيكون لي تصرف اخر معكِ وانا متأكد بأنه لن يعجبكِ .
فنهضت ازميرالدا بنوبة غضب عاصفة ودون ان تعي ما الذي تفعله تهجمت عليه كما لو انها لبؤة صيادة انقضت على فريسة فأنهالت عليه بوابل من الضربات وهي تصرخ قائله : ايها المعتوه القذر , هل تعتقد ان حياة الناس مجرد لعبة بين يديك القذرتين !
اما هو فتعجب من ردة فعلها ولم يتوقع ان تتهجم عليه فجأة بتلك الطريقة لذا لم يستطيع تفادي ضرباتها فما كان منه سوى ان يحمي وجهه من اظافرها التي تحولت الى مخالب حادة وبالرغم من الضغط الذي يواجهه الا انه لم يكن غاضباً بل مستمتعاً لسبب ما فأسرع توم ليبعدها عنه وصدم عندما واجه صعوبة بفعل ذلك اذ انها خفيفة الوزن في العادةٍ ويستطيع حملها بمنتهى السهولة ولكنها الان اطلقت العنان لغضبها المكبوت مما جعلها تصبح اقوى لذا لم يتمكن من سحبها وابعادها عن اليخاندرو الذي قرر ان يقلب الموازين فقام بمباغتتها وامسك كلتا يديها بحركة اعجزتها عن الحركة وقال بصوت اشبه بالصراخ : توقفي عن هذا الجنون الأن !
ولكنها لم تتوقف عن التحرك بل اخذت تقاومه وتحاول التملص منه فلم تقدر على تحرير يديها لذا بدأت تركله قائلة بصراخ : دعني ايها الحقير والا قتلتك .
فقام اليخاندرو بالضغط على يديها بقسوة جعلتها تتألم بعض الشيء وصرخ في وجهها قائلاً : كفى !!
في تلك اللحظة فقط توقفت ازميرالدا عن المقاومة وعن التحدث ايضاً اذ انه ارعبها بتلك الصرخة فلم تتمالك نفسها ولم تعد قادرة على كبح دموعها اكثر من ذلك لذا اطلقت العنان لنفسها وبكت كما لو انها لم تبكي من قبل مما جعله يتوتر فتركها فوراً وقال بنبرة اقل خشونة : انتِ مزعجة حقاً .
قال ذلك ثم استدار فوراً وترك القاعة دون ان ينظر للوراء ولو لمرة واحدة فلحق به روبيرتو بينما هرع كل من كارلا وتوم اليها فرمت نفسها عليه تلقائياً واخذت تنتحب وتبكي لذا ما كان منه سوى ان يحاول تهدئتها وفي عينيه وميض من الغضب والتوعد بينما وقفت كارلا جانباً لا حول لها ولا قوة , اما المحامي فكان ما يزال مصدوماً بسبب التصرف الغير عقلاني الذي صدر عن اليخاندرو ديلافيغا لذا نهض وقال بصوت مرتبك : م..من الأفضل ان اغادر الأن قبل ان يحدث شيء جنوني آخر قد يؤدي بحياتي اذا ما بقيت هنا .
قال ذلك ثم ولى هارباً خوفاً من الرجل المجنون الذي من الواضح انه لا يخشى شيئاً والا لما تصرف بتلك الطريقة الهستيرية واطلق النار على الجدار , في الواقع لقد ظن توم ان تلك هي نهايته اذ ان اليخاندرو كان يبدو جاداً لأبعد الحدود وخصوصاً عندما سحب الزناد واطلق النار لتمر الرصاصة من جانبه ولا يفصلها عن اصابة وجهه سوى انشات قليلة فأصابت الجدار وهذا دل على ان الرجل خبير مخضرم باستخدام الأسلحة ومن الواضح انها ليست المرة الأولى التي يطلق بها النار على شخص ما اذ انه كان يعرف ما يقوله ومتأكد مما يفعله .
عند اليخاندرو ....
كان قد خرج الى الحديقة وهو منزعج بعض الشيء فأخذ يجوب المكان ذهاباً وإياباً على غير هدا بينما كان روبيرتو مستنداً الى باب الزجاج عاقداً ذراعيه الى صدره ويراقبه بصمت فقال اخيراً : لقد تماديت قليلاً اليخاندرو اذ انه لم يكن من الضروري استخدام السلاح ابداً .
فنظر اليخاندرو اليه بنظرة شرسة وادرك في تلك اللحظة انه بحاجة لتفريغ غضبه على شخص والا سينتهي به المطاف باقتراف خطأ فادح قد يندم عليه في ما بعد لذا وبدون اي تفكير قطع المسافة التي تفصل بينه وبين روبيرتو الذي ادرك فوراً ما الذي ينوي ان يفعله صديقه لذا رفع يده قائلاً : اليخاندرو انتظر ...
وقبل ان يتمكن من انهاء جملته قام اليخاندرو بتسديد لكمة قوية اليه فجعلته يترنح من شدة قوتها ناهيك عن الألم الذي افتك بوجهه فوضع يده يتحسس فكه الذي كاد ان يتحطم وقال ساخطاً : سحقاً يا رجل , لقد كدت ان تحطم عظام وجهي !
في تلك اللحظة هدأ اليخاندرو وقال بدون اكتراث : تستحق ذلك فأنت السبب بما حدث .
فبصق روبيرتو الدم من فمه ومسح شفته ثم قال : وما شأني انا بخلافاتك مع ابنة عمك !
فقال اليخاندرو بحدة : لقد كنت على وشك الرحيل من هنا دون رجعة ولكنك جعلتني اتراجع عن قراري بكلامك السخيف لهذا انت المذنب وتستحق تلك اللكمة .
فرفع روبيرتو حاجبه وقال : يا لك من كاذب , حسناً لنفترض انني انا المذنب لأنني اقنعتك بالبقاء ولكن اخبرني هل انا من اخبرك بأن تتصرف بجنون وتسحب مسدسك ؟
فقال اليخاندرو دون تردد : اجل , لقد قلت لي بأن اظهر شخصيتي القوية لتلك الفتاة وأجعلها تخضع لسيطرتي ولم اجد سوى تلك الطريقة حتى تعلم انه لا يمكنها مفاوضتي ابداً .
فتنهد روبيرتو بقلة حيلة وقال : حسناً لقد فهمت , ولكن كيف ستفسر تصرفك الأرعن ذاك لتوم فهو لن يتغاضى عن الأمر بكل تأكيد .
في تلك اللحظة سمعوا صوت توم يقول بنبرة غاضبه : بالطبع لن ادع ما حدث منذ قليل يمر هكذا دون ان تعطيني اي تفسير يا سنيور ديلافيغا فأنا لست فأر تجارب عندك حتى تستغلني بمثل تلك الطريقة فقط لتجعل ازميرالدا تقوم بالعدول عن رأيها بشأن مرافقتك الى إسبانيا .
فنظر كل من اليخاندرو و روبيرتو اليه وقال الأول بهدوء : لا تخف فانا لم اكن انوي قتلك على اي حال لذا لا داعي لكل هذا العداء .
فقال توم بأنزعاج : لقد تصرفت بجنون وجعلت الفتاة ترتعد خوفاً لأنها ظنت انك قتلتني وتقول هذا الكلام بمنتهى البساطة وكأن حياة البشر لا تهمك !
فقطب اليخاندرو حاجبيه وقال بشيء من العصبية : اسمعني ايها الشاب , من الواضح ان سنيورك المحبوب ليام كان مجنوناً او مخدراً عندما كتب تلك الوصية السخيفة وجعلني وصياً شرعياً على طفلته المدللة لذا انا لا املك حلاً اخر سوى اخذها معي الى إسبانيا لكي تبقى تحت حمايتي ورعايتي والسبب في ذلك هو انني لن اتخلى عن حياتي في الوطن لأقوم بمجالسة طفله في هذا البلد الغريب لمدة اربع سنوات .
قال ذلك ثم خطى خطوتين بأتجاه توم واضاف قائلاً : وان كنتم لا تريدون خسارة ميراثكم اللعين يجب ان تنفذوا ما اقوله والا سأغير رأيي مجدداً واعود الى إسبانيا فوراً ولن اهتم ان ذهبت كل الثروة والأملاك للجمعيات الخيرية فأنا في كلا الحالتين لن اخسر شيئاً بينما الحال مختلف معك انت وتلك الفتاة المدللة .
فقال توم : انا لست قلقاً على نفسي اذ انني استطيع تدبر امري جيداً اذا ما ذهبت الأملاك للجمعيات الخيرية ولكنني قلق على ازميرالدا فهي لم يسبق لها وان عملت من قبل وعاشت منذ نعومة اظفارها على انها اميرة لا ينقصها اي شيء لهذا سيكون من الصعب بل من المستحيل بالنسبة لها ان تتدبر امرها اذا ما خسرت ميراثها ولن تتحمل ذلك ابداً وخصوصاً خلال هذه الفترة فهي لم تتخطى صدمة موت والدها المفاجئ ومعرفة ان لديها ابن عم يتهم والدها بالسرقة .
فأبتسم اليخاندرو بسخرية وقال : اذاً ستكون مهمتك اقناعها بالذهاب معي الى إسبانيا وسأمنحك مهلة حتى صباح غداً لذا ابذل جهدك فانا لن اقوم بأعطائك مهلة اخرى وسأقلع بطائرتي عند الساعة العاشرة في الصباح التالي سواء أكانت تلك الفتاة برفقتي ام لا .
قال ذلك ثم هم بالمغادرة حيث قرر ان يتمشى قليلاً تاركاً توم برفقة روبيرتو فالتفت اليه وقال : هل دائماً يكون عديم الأحساس هكذا ام انه يعاملنا نحن فقط بهذه الطريقة ؟
فأبتسم روبيرتو وقال : لو انك تعرفه كما اعرفه انا لما قلت هذا الكلام عنه فهو ليس عديم الأحساس كما تتهمه بل انه حساس للغاية والدليل على كلامي انه وافق بأن يكون وصياً شرعياً على ازميرالدا بغض النظر عما فعله به والدها في الماضي .
فتنهد توم وقال بأستسلام : بصراحة انا لا افهم ما الذي يجول بخاطر هذا الرجل اذ انني تارة اشعر بأنه خطير ولا يجب ان نحتك به وتارة اشعر بأنه جدير بالثقة وتارة اخرى اشعر انه مجنون فما هي شخصيته الحقيقية يا ترى !
فتنهد روبيرتو بدوره وقال بجدية : انه ليس مجنوناً يا توم كما انه ليس عديم الأحساس ولكن ما حدث له في الماضي جعله يصبح بارد المشاعر بالأضافة الى خوفه من الثقة بالناس فهو قد رأى امه تخون والده مع السائق الخاص بها عندما كان في الرابعة عشر من عمره مما جعل والده يقتلهما معاً وبعد ذلك اقدم على قتل نفسه وقبل ان يتمكن اليخاندرو من تجاوز تلك الصدمة تعرض لصدمة اخرى عندما قام عمه بسرقة الأرث منه وهرب الى هذا البلد لذا لا يمكن لأي شخص ان يتهمه بالجنون او عدم الأحساس .
فقطب توم حاجبيه وقد تشوش تفكيره بسبب ما سمعه من روبيرتو عن ماضي اليخاندرو المؤلم فقال : يا له من ماضي قاسي , لا عجب وانه اصبح هكذا .
روبيرتو : صدقني يا توماس ان اليخاندرو رجل شهم ونبيل وان احسنت التصرف معه ومنحته ثقتك كامله فلن يخون هذه الثقة حتى لو قطعت رأسه بالأضافة الى انه يكره الظلم كثيراً ولا يقبل ان يكون الأشخاص المحيطين به ضعفاء لهذا تعمد ان يزعج ازميرالدا كي يحثها على الخروج من غرفتها ومجابهته وبالتالي ستتخطى صدمة موت والدها شيئاً فشيئاً .
توم : لقد فهمت .
روبيرتو : بالمناسبة اين هي ازميرالدا الأن ؟
توم : لقد كادت ان تنهار مجدداً بسبب ما فعله اليخاندرو لهذا طلبت من كارلا ان تبقى برفقتها ريث ما تهدأ .
روبيرتو : انها فتاة مدللة حقاً , اعتقد انها اصبحت كذلك لأنكم لا ترفضون لها طلباً وتسعون الى ارضائها بشتى الوسائل وهذا ليس بالتصرف الصحيح فهي يجب ان تتعلم كيفية الأعتماد على نفسها ولو كانت كذلك لما اضطر والدها بأن يجعل اليخاندرو وصياً عليها لمدة اربع سنوات ليحميها من الطامعين ريث ما تصبح ناضجة اكثر .
توم : انا اوافقك الرأي من هذه الناحية اذ ان الدلال الزائد قد افسدها فعلاً ولكنها فقدت والدتها في سن صغيرة لهذا كان السنيور ليام حريص على تعويضها الحنان الذي تفتقر اليه ورأى ان يقوم بتدليلها ومنحها كل ما ترغب به هو افضل وسيلة لتتخطى صدمة موت السنيورا روزالينا .
روبيرتو : روزالينا , هل هي والدتها ؟
توم : اجل , كانت امرأة رائعه حقاً وقلبها طيب لأبعد الحدود ولكنها لم تكن إسبانيه بل كانت من اصل برازيلي وقد تعرف عليها السنيور هنا في لوس أنجلوس اذ انها كانت تعيش في هذه المنطقة واحبا بعضهما كثيراً فكانت ازميرالدا ثمرة هذا الحب كما ان السنيورا كانت تعاملني بمثابة الأبن ولم تفرقني عن ابنتها ابداً ولم تهتم كوني يتيم الأبوين لهذا اثر موتها بي كما اثر بزوجها وابنتها .
فقال روبيرتو كمن يحدث نفسه : كانت والدتها برازيلية اذاً , هذا يفسر سبب جمالها الفريد .
قال ذلك ثم نظر الى توم واضاف قائلاً : وكيف ماتت السنيورا يا توم ؟
فارتسم تعبير من الحزن على وجه توم عندما تذكر الحادثة وقال : لقد كانت مهوسة بالخيول فهي قد تعلمت الفروسية على يد السنيور ليام وذات يوم احضر السنيو فحلاً متمرداً اراد ان يشركه في السباقات ولكن كان يجب ان يروض اولاً ودون ان يعلم اي شخص قامت السنيورا بالتسلل الى الأصطبل اثناء الليل وحاولت ان تروض الفحل بمفردها ولكنه اوقعها ارضاً بقوة ثم رفسها مما ادى الى تحطيم عظام جمجمتها وكسر عنقها وقد كنت انا أول من وجدها بعدما لقيت مصرعها بتلك الطريقة البشعة .
قال ذلك ثم ارتعد قليلاً بسبب الذكرى وتابع قائلاً : لقد كان منظرها مروعاً للغاية لدرجة ان صورتها قد حفرت في ذاكرتي ولن اتمكن من نسيانها ابداً .
فتنهد روبيرتو بشيء من الحزن وقال : لا بد وان ازميرالدا تشعر الأن بأنها وحيدة وخصوصاً لأن والدها قد مات ايضاً .
فنظر توم اليه وقد لاحظ لمحة الحزن التي في عينيه فقال : هذا مؤكد , ولكن هل انت حزين لأجلها ؟
فأبتسم روبيرتو بمرارة وقال : لقد تذكرت والدتي فهي ماتت ايضاً منذ عشر سنوات ولكن والدي لم يعاملني كما تعامل ليام ديلافيغا مع ابنته بل تزوج مرة اخرى من امرأة يمكنك القول انها صائدة ثروات وقد ازعجها وجودي في المنزل لهذا قامت بتحريض والدي حتى طردني من منزله .
فرمش توم عدة مرات وقال : هل طردك حقاً لأن زوجته طلبت منه ذلك ؟
فألتوى فم روبيرتو بأبتسامة ساخرة وقال : عندما تكون الزوجة الجديدة عبارة عن شابة جميلة وماكرة كما لو انها افعى سامة هكذا تكون النتيجة وخصوصاً عندما يكون الرجل الذي تزوجها ساذج ولا يفكر بالأمور ملياً وفوق هذا كله لديه ابن في الثالثة والعشرين من عمره وهذه حالة والدي اذ انه فضل زوجته الشابة على ابنه الوحيد الذي من لحمه ودمه .
عند اليخاندرو ..........
- كان يتمشى في الحديقة ويبدو انه غارق في افكاره لذا لم ينتبه الى الفتاة التي كانت تراقبه من شرفة غرفتها وتعابير الكره تبدو جليه على وجهها الشاحب فالتفتت الى الخلف حيث كانت كارلا ترتب لها خزانة ملابسها وقالت : اريد بعض العصير الطازج يا كارلا .
فنظرت اليها المرأة الأربعينية وابتسمت فوراً قائله : سوف احضره في الحال .
قالت ذلك وتركت العمل العالق بين يديها وخرجت من الغرفة تاركه ازميرالدا تحدق بأبن عمها وعلى ثغرها ابتسامة ماكرة , اما هو فشعر بأن هنالك من يراقبه لذا اخذ يتلفت حوله ولم يجد احداً لذا رفع رأسه تلقائياً حيث وقع نظره عليها وهي واقفة بكل شموخ على شرفة غرفتها وتحدق به بنظرات تحدي والعجيب بالأمر انها لم تخشاه هذه المرة وتفر هاربة الى الداخل كما فعلت سابقاً بل عقدت ذراعيها بحركة تنم عن الكبرياء ولم تبعد نظرها عنه مما جعله يدرك انها تخطط لفعل شيء ما ومن الواضح انه شيء مزعج .
اما كارلا فعادت وهي تحمل صينية وضع عليها طبق من الكعك المحلى وكأس كبيرة تحتوي على عصير البرتقال الطازج فأبتسمت قائله : لقد احضرت لكِ الكعك المحلى ايضاً لتتناوليه كوجبة خفيفة ريث ما يحين موعد الغداء .
فقالت ازميرالدا وهي ما تزال تنظر الى ابن عمها : لقد طلبت العصير فقط ولا احتاج الى الكعك المحلى .
قالت ذلك ثم حولت نظرها عنه اخيراً حيث التفتت الى كارلا ثم قطعت المسافة الفاصلة بينهما واخذت كأس العصير قائله : سأذهب لأجلس في الحديقة .
- وبالفعل نزلت من غرفتها الى الطابق السفلي فخرجت واذ بها تجد توم وروبيرتو جالسان معاً بالقرب من المسبح فنهض توم فور رؤيته لها وقال : هل انتِ بخير يا عزيزتي ؟
فقالت بشيء من الأنزعاج : انا لست طفلة يا توم لذا كف عن القلق بشأني .
فأبتسم روبيرتو وقال : نظراً الى سلوكها العدائي فهي بخير لذا لا تقلق .
فرمقته ازميرالدا بنظرة جانبية قاتله وقالت : هذا ليس من شأنك ابداً .
فتنهد روبيرتو ومدد جسده بكسل ثم اردف قائلاً : رجاءً يا سنيوريتا لا تحمليني ذنب خلافاتكِ مع ابن عمك فأنا لست مسؤولاً عنها كما انني لا اود التدخل بها .
قال ذلك وانتصب واقفاً ثم اضاف قائلاً : وان اردت نصيحتي لا تتخذي من اليخاندرو عدواً لكِ فأنتِ ابعد من ان تكوني عدوته ولن تقدري على منافسته ابداً .
فقالت بأنزعاج : لن تخيفني بكلامك , وايضاً انا ابغضك انت وذلك المجنون كثيراً لذا لا تتحدث معي مجدداً .
قالت ذلك ثم تركت الرجلين وابتعدت اما توم فتنهد وقال : لا تأخذ كلامها على محمل الجد فهي لا تقصد الإهانة ابداً .
فأبتسم روبيرتو قائلاً : انت تدافع عنها كثيراً هل تعلم هذا ؟
فأبتسم توم بدوره وقال : اولست حارسها الشخصي ؟
اما هي فتوجهت الى حيث كان اليخاندرو فشعرت ببعض التوتر عندما التفت اليها ورمقها بتلك النظرة وقال : هل اتيتي لتخبريني بأنكِ ذاهبة الى إسبانيا برفقتي ؟
فقالت بقوة مصطنعة : انت تحلم بذلك فانا لن ارافقك الى ذلك البلد الغريب مهما حدث .
فعقد اليخاندرو حاجبيه قائلاً : ان إسبانيا وطنكِ الأصلي ام انكِ نسيتي هذا الأمر ايضاً كما نسيتي أصول الضيافة واللباقة ؟
فأبتسمت ازميرالدا بسخرية وقالت : انا لا احتاج لأن اكون لبقة في التعامل مع رجل مجنون مثلك .
فزفر اليخاندرو الهواء من فمه بنفاذ صبر وقال بشيء من الأنزعاج : قولي ما تودين قوله بسرعة فانا لست بمزاج جيد لسماع تفاهاتكِ الأن .
فأسدلت اهدابها الكثيفة ونظرت الى كأس العصير الذي تحمله ثم قالت : في الواقع لقد كنت اراقبك من شرفة غرفتي وشعرت بأنك تحتاج لشيء بارد كي يساعدك على التخفيف من هذه العصبية التي تنتابك لهذا احضرت لك العصير وارجو ان ينال اعجابك .
فرفع اليخاندرو حاجبه وقال بعدم اقتناع : انتِ احضرتي العصير لي انا !
فأبتسمت على غير العادة وقالت : انا لست سيئة لهذه الدرجة .
قالت ذلك ثم القت محتويات الكأس على وجهه فجأة مما جعله يشهق بينما تابعت هي قائله : هذا لأنك اخفتني ايها المتوحش .
قالت ذلك ثم ولت هاربة قبل ان يمسك بها فهي قد قررت ان تصبح مجنونة مثله عندما سكبت العصير على وجهه ولكنه لم يلحق بها كما كانت تتوقع بل اخذ يمسح العصير عن عيونه وعلى ثغره ابتسامة عذبة سرعان ما تحولت الى ضحكة هستيرية , اما هي فعادت راكضه ومرت من جانب روبيرتو وتوم ثم دخلت الى الفيلا بدون ان تفسر لهما اي شيء مما جعلهما يدركان انها اقدمت على فعل امراً ما لذا نظرا الى بعضهما وتذكر توم ان الكأس بيدها كان مليئ بالعصير عندما اختفت عن انظارهما ولكنها اعادته فارغاً ونظراً الى طريقة ركضها ادرك ما فعلته فنهض بسرعة وقال بأنفعال : هذا لا يعقل .
فرد عليه روبيرتو قائلاً : بل يعقل فهي في النهاية سليلة عائلة ديلافيغا والتحدي يجري بدمها كما الحال مع اليخاندرو , لذا دعنا نذهب ونحاول تهدئته فوراً قبل ان يقوم بهدم هذه الفيلا فوق رؤوسنا .
- ولكن عندما ذهبا الى حيث كان اليخاندرو جالساً على المقعد الخشبي صدما لأنه كان يمسح العصير عن وجهه مستخدماً منديله وعلى ثغره ابتسامة فأقترب منه روبيرتو وقال بحذر : ما الذي حدث ؟
فنظر اليهما ولم تختفي الأبتسامة عن وجهه واردف قائلاً : وما الذي تعتقد انه حدث ؟
فقال توم : هل ازميرالدا من فعل هذا بك ؟
فنهض اليخاندرو وقال : لقد قالت بأنني احتاج لشيء بارد حتى يساعدني على الأسترخاء لذا سكبت العصير على وجهي ثم ولت هاربه .
روبيرتو : حسناً لقد فهمت هذه النقطة ولكن ما لم افهم هو تصرفاتك فأنت لا تبدو غاضباً ابداً بل على العكس اذ انك تبدو مستمتعاً بما فعلته بك !
فأبتسم اليخاندرو وقال : ان ما فعلته تلك افتاة يعد تصرف طفولي ولا داعي لأن اغضب لمثل هذه التصرفات كما انها قالت لي ان هذا جزائي لأنني اخفتها لذا نحن متعادلان الأن .
فأبتسم روبيرتو وقال : هذا ما يبدو عليه الأمر .
فقال توم : انا اعتذر منك بالنيابة عنها .
اليخاندرو : لا داعي لذلك فالأمر ليس بتلك الأهمية , عن اذنكما الأن فعلى ما يبدو انني مضطر لأن استحم مره اخرى .
قال ذلك ثم تركهما يحدقان به وهو يبتعد فنظر توم الى روبيرتو وقال : انه شخص غريب حقاً , لقد ظننت انه سيكون غاضباً لأن ازميرالدا إلقت بالعصير على وجهه ولكنه لم يحرك ساكناً فهل تصرفه هذا منطقي حسب رأيك ؟
فرفع روبيرتو يده واخذ يملس ذقنه وقال دون ان يبعد نظره عن اليخاندرو : مع الحال التي وصل اليها صديقي فأنا اعتقد ان هذا التصرف منطقي جداً .
توم : ما الذي تقصده ؟
فنظر روبيرتو اليه وابتسم قائلاً : لا شيء , هيا دعنا نعود .
حل المساء وكان توم ما يزال يحاول اقناع ازميرالدا بالذهاب مع ابن عمها الى إسبانيا ولكنها مع كل محاولة تصدر عنه كانت تعترض بشدة وتقول " لن اذهب معه الى بلاده مطلقاً " فما كان منه سوى ان يضغط على وترها الحساس حيث قال : ولكن يا عزيزتي ان لم توافقي على ان يكون اليخاندرو وصياً شرعياً عليكِ فأن الميراث سيذهب للجمعيات الخيرية وان حدث ذلك ستخسرين هذا البيت بكل تأكيد فهل انتِ مستعدة لتحمل هذه الخسارة ؟
في تلك اللحظة لانت تعابير وجه ازميرالدا فقالت : سأجد طريقة ما لأحاول اقناع المحامي جو بأن يزور الوصية او على الأقل يحذف الجزء المتعلق بخسارة الميراث ان لم اوافق على ان يكون ذلك المتوحش وصياً شرعياً عليّ .
فهز توم رأسه قائلاً : انتِ تعلمين كما اعلم انا ان المحامي لن يوافق على طلبكِ هذا حتى لو اشعلتي اصابعكِ العشرة شموعاً اذ ان المسألة بالنسبة له تتعلق بالمبادئ والقيم الأخلاقيه وبحسب معرفتي به فمن المستحيل ان يقدم على فعل أمر سيء مثل التزوير الذي يتناقض تماماً مع مبادئه .
فنهضت ازميرالدا وقالت بأنزعاج : الا ترى بأنك تصعب الأمور عليَ يا توم ؟
فنهض توم بدوره وامسك يدها قائلاً : انه الحل الوحيد يا عزيزتي كما انها رغبة والدكِ لذا اخبريني الا تريدين تحقيقها من اجله على الأقل ؟
فقالت بنبرة مرهقة : ولكن ان وافقت على ان يكون ذلك الـ ...المتعجرف وصياً شرعياً عليّ فهذا يعني العيش تحت رحمته لمدة اربع سنوات في بلاد غريبة وليس هذا فقط بل انني لن اتمكن من رؤيتك مجدداً وهذه الفكرة ترعبني فانا لا اريد الأبتعاد عنك مطلقاً .
فأبتسم توم ورفع يده يتحسس خدها بلطف وقال : لا تقلقي بهذا الشأن فانا سأقوم بزيارتكِ في إسبانيا كلما رغبتي برؤيتي .
فذرفت ازميرالدا دمعة وعانقته كما لو انها طفله وقالت بأحتجاج : ولكنني لا اريد ان تزورني بل اريد ان تبقى الى جانبي فأنت اخي وصديقي الوحيد الذي اثق به في هذا العالم .
فتنهد توم ورفض ان يضعفه قولها ذاك مما يجعله يتوقف عن محاولة اقناعها لذا ابعدها عنه وقال : سيأتي يوم يحتم افتراقنا يا حبيبتي وانتِ تعلمين هذا جيداً اذ انه ليس من المعقول ان ابقى الى جانبكِ دوماً , ثم انتِ لن تعيشي هناك الى الأبد بل لمدة اربع سنوات وبعدها ستعودين الى هنا وسأكون انا قد تزوجت وكونت عائله خلال هذه المدة وسنعيش معاً مرة اخرى فما رأيكِ ؟
قال جملته الأخيرة بنبرة مرحة لعلها تقتنع فقالت بأصرار : لا اريد , انا لا اعرف احداً في إسبانيا كما انني اخاف من فكرة العيش مع ذلك الرجل المجنون ان لم تكن انت موجوداً الى جانبي .
فالتزم توم الصمت لبرهة وكأنه يفكر في أمر ما وسرعان ما قال : حسناً , سأذهب معكِ اذاً فهل هذا يفي بالغرض ؟
فنظرت اليه وقالت : هل انت واثق مما تقوله الأن ؟
توم : بما انكِ ترفضين الأبتعاد عني فأنا لا املك سوى هذا الحل لأنني لن اسمح بأن يذهب ميراثكِ الى الجمعيات الخيرية مما سيجعلكِ تبقين في الشارع دون مأوى .
فحسمت ازميرالدا قرارها اخيراً وقالت : حسناً انا موافقة على الذهاب الى إسبانيا شرط ان تعدني بأنك لن تتركني هناك وتعود الى هنا بمفردك .
توم : اعدكِ بذلك فهل انتِ راضية الأن ؟
ازميرالدا : اتفقنا .
توم : دعينا نذهب لنخبرهم بذلك اذاً .
فتنهدت قائله : هيا بنا .
- وبالفعل ذهبا الى غرفة المعيشة حيث كان روبيرتو واليخاندرو جالسين فنظرت هي الى الأخير بتهكم ولم تقل شيئاً بينما قال توم : لقد وافقت ازميرالدا بأن تذهب معك الى اسبانيا يا سنيور ديلافيغا .
فنظر اليخاندرو اليها وقال بهدوء : جيد , سوف نسافر غداً عند الساعة العاشرة صباحاً لذا كوني جاهزة قبل الموعد وضعي في حسبانكِ ان الرحلة ستكون طويلة .
فلم تعجبها الطريقة التي يلقي بها الأوامر لذا قالت بعصبية : سأذهب ولكن بشرط واحد .
فرفع اليخاندرو حاجبه وقال : وما هو هذا الشرط ؟
فأمسكت هي يد توم وقالت : سيرافقنا توماس ايضاً ويبقى برفقتي طوال الوقت حتى تنقضي السنوات الأربع ومن ثم نعود الى هنا معاً .
فنظر اليخاندرو الى روبيرتو الذي اكتفى بالصمت ثم عاود النظر اليها وقال : حسناً .
فرفعت حاجبها وقالت : حسناً !
اليخاندرو : هل تريدين شيئاً اخر ؟
فقالت بحذر : لقد وافقت بأن يرافقنا توم بسرعة فهل انت واثق من هذا ؟
فنظر اليخاندرو الى توم وقال : لقد كنت افكر في ان اطلب منه مرافقتنا بالفعل لأنني اعلم كم انتِ متعلقه به كونكما اخوة في التبني بالأضافة الى كونه حارسكِ الشخصي لذا سيكون تواجده برفقتكِ عندما نذهب الى إسبانيا فكرة حسنة فانا لن ابقى معكِ طوال الوقت لهذا احتاج لوجود شخص جدير بالثقة ليقوم بحمايتكِ من المخاطر وتوم هو افضل شخص لمثل هذه المهمة .
فأبتسم توم لأن اليخاندرو وثق به فقال : اتفقنا اذاً .
اما ازميرالدا فكانت تبدو شاردة الذهن وكأنها تفكر بأمر معين ولكن سرعان ما نظرت الى ابن عمها وقالت : انا اعلم لما قام والدي بتعين توم كحارساً شخصياً يرافقني الى كل مكان والسبب في ذلك انه كان لديه بعض الأعداء ومن الممكن ان يحاولوا اذيتي ليضغطوا عليه ولكني لا اعرف احداً في إسبانيا اذ انني لم اذهب الى هناك مطلقاً وبالتالي لا احد يعرفني ولكنك قلت منذ قيل انني بحاجة للحماية وذكرت كلمة " مخاطر " فهلا اخبرتني ما هي هذه المخاطر التي تنتظرني في بلادك ؟
في تلك اللحظة صدرت ضحكة عن روبيرتو بينما توتر اليخاندرو لذا رمقه بنظرة سريعة وقال بعصبية : كف عن الضحك .
فوضع روبيرتو يده على فمه ليكتم ضحكته بينما نظف اليخاندرو حلقه واردف قائلاً : لقد ذكرت ذلك اثناء صياغة الحديث حيث انه من الممكن ان تقعي في مشاكل عدة بما انكِ ستذهبين الى بلد لم يسبق لكِ وان زرتيه من قبل .
فكتفت ازميرالدا ذراعيها وقالت بأصرار : انا واثقة بأنك قلت مخاطر وكلمة مخاطر مختلفة تماماً عن كلمة مشاكل .
في تلك اللحظة ندم اليخاندرو اشد الندم على زلة لسانه تلك فهي ان علمت بحقيقة كونه عراب مافيا وانه لديه اعداء كثر من الممكن ان يستغلوها كونها قريبته الوحيدة ليحاولوا الضغط عليه فلن تذهب معه الى إسبانيا ابداً لذا قرر انهاء الحديث برمته هذه المرة حيث نهض وقال بنبرة حاسمة : لا يجب ان تدققي في كل كلمة اقولها فهذه عادة مزعجة وتضايقني كثيراً , والان سأذهب لأجري اتصالاً هاماً لذا عن اذنكم .
قال ذلك ثم ترك القاعة فنظرت هي الى توم وقالت : انا واثقة انه يخفي شيئاً خطيراً عنا والا لما ذكر ان هنالك مخاطر تنتظرني في بلاده .
فنظر توم الى روبيرتو الذي كان مسترخياً وقد نبهه كلام ازميرالدا الى اشياء كثيره كما ان حمل اليخاندرو للسلاح من الواضح انه ليس مجرد امر عادي ومع ذلك لم يشاء ان يخيف الفتاة لذا نظر اليها وابتسم قائلاً : انتِ تضخمين الموضوع فحسب يا عزيزتي وهذا لأنكِ منزعجة من ابن عمكِ .
فزمت ازميرالدا فمها بشكلٍ طفولي وقالت : انا لست منزعجة منه فحسب بل انني اكرهه ايضاً , والان سأذهب لتوضيب حقائبي فانا لا اعلم ما الذي يجب ان أخذه معي الى إسبانيا لهذا احتاج الكثير من الحقائب .
فقال لها روبيرتو : ان المناخ في بلادنا لا يختلف كثيراً عن هنا اذ ان الصيف يكون حاراً كما الحال في معظم دول حوض البحر الأبيض المتوسط بينما يكون الشتاء شديد البرودة وبما اننا في أوائل فصل الصيف فانا انصحكِ بأن تأخذي معكِ الكثير من ملابس السباحة .
فنظرت اليه بنظرات جانبية ولم تقل شيئاً في البداية ولكن سرعان ما اردفت قائله بجفاء : عندما احتاج لنصيحة من شخص ما سوف استشيرك لذا يستحسن ان تبقى صامتاً الى ذلك الحين .
قالت ذلك ثم همت بترك القاعة فتنهد روبيرتو وقال : يا الهي انها نسخة أنثوية عن ابن عمها حقاً وسيكون التعامل معها صعب وربما اصعب من التعامل مع اليخاندرو بنفسه !
فأقترب توم منه وجلس مقابلاً له ثم قال بجدية : اخبرني روبيرتو ما الذي كان يقصده اليخاندرو عندما ذكر امر المخاطر التي في إسبانيا ولا تحاول ان تكذب عليّ فانا لم اقتنع بما اخبره لأزميرالدا منذ قليل ولكنني لم اشاء ان اخيفها لهذا لم اقل شيئاً امامها .
فتنهد روبيرتو وقال : انت لا تخفى عليك خافية حقاً , ولكنني سأكتفي بأخبارك ان عملنا ليس عادياً ولا يقتصر على سباقات الخيول التي تعود علينا بارباح كثيرة وان هنالك الكثير من الأعداء الذين يحاولون الأيقاء بأليخاندرو وان علموا بأن لديه ابنة عم فهذه ستكون ورقة رابحة بالنسبة لهم لهذا هي بحاجتك لتقوم بحمايتها لان ابن عمها لن يكون الى جانبها طوال الوقت .
فقال توم بحذر : هل انتم رجال عصابة ؟
فضحك روبيرتو وقال : كلا لسنا رجال عصابة لأن رجال العصابات يقدمون على فعل امور مشينة كالتهريب وبيع المخدرات والسرقة ايضاً بينما نحن نمنع حدوث مثل هذه الأمور .
فضيق توم عينيه وقال : رجل شرطة ؟
فقال روبيرتو بهدوء : بل مافيا .
فأتسعت عينا توم عندما سمع ذلك وقال : انت لست جاداً اليس كذلك ؟
روبيرتو : بما انكِ ستذهب برفقة ازميرالدا الى إسبانيا فسوف تعلم بهذا الأمر عاجلاً أم أجلاً لهذا دعني اخبرك منذ الأن بأننا مافيا واليخاندرو هو الدون وانا مساعده الاول وذراعه الأيمن ولكننا لسنا كما تعتقد ابداً .
فقطب توم حاجبيه وقال بشيء من الحدة : وما الذي سيميزكم عن غيركم فأنتم مافيا وهذا يفسر لما تحملون الأسلحة اي ان قتل الناس اشبه بشرب الماء بالنسبة لكم لهذا لا استطيع ان اسمح لأزميرالدا بالذهاب معكم .
فقال روبيرتو بلهجة صارمه بعض الشيء : اهدأ قليلاً واستمع لما سأقوله قبل ان تنفعل بهذا الشكل .
توم : انت لا تستطيع ان تأمرني فانا لست احد افراد عصابتكم .
في تلك اللحظة سمعوا صوت اليخاندرو يقول : لقد اخبرك بأننا لسنا عصابة لذا تذكر هذا جيداً فنحن لا نقوم بالسرقة وقطع الطرقات ولا حتى التجارة بالمخدرات وهذا ما يميزنا .
فنظر توم اليه ونهض قائلاً : ولكنكم تقتلون الناس اليس كذلك ؟
فأقترب اليخاندرو قائلاً : وهل ترانا قتلة او سفاحين لكي نقتل الناس دون ذنب ؟
توم : انت لم تنفي فكرة انك تقتل الناس وهذا يجعلك قاتلاً .
فقال روبيرتو : نحن لم نقتل احداً حتى الأن اذ اننا نفضل منح اعدائنا فرصة ثانية وهذه الأسلحة التي تراها نستخدمها لحماية الأخرين وليس العكس .
فنظر توم اليه وقال : ماذا تعني بحماية الأخرين ؟
فقال له : الم تسمع من قبل عن مافيا تقوم بحماية الضعفاء والمضطهدين ؟
توم : هل تعني انكم مافيا من هذا النوع ؟
فقال اليخاندرو : اجل , نحن لا نقتل احداً وان حدث واضطررنا لقتل شخص ما سيكون هذا الشخص حقيراً لأبعد الحدود كما اننا لا نستخدم قوتنا ونفوذنا ضد النساء والأطفال والعجائز وكذلك الضعفاء من الرجال .
توم : مع هذا ان سمعة رجال المافيا لا تكون جيدة عادةٍ لهذا اخشى ان تؤثر حقيقتكم على ازميرالدا فهي لن تتحمل المزيد من الصدمات .
فقال اليخاندرو : لن نخبرها بهذا الأمر ابداً .
توم : وكيف هذا فكما استنتجت من خلال كلامكما انكما تقومان بحماية الضعفاء وهذا يجعلكم اشخاص معروفين في بلادكم اي انه لا بد وان تعلم ازميرالدا بحقيقتكم اذا ما خرجت الى المدينة واختلطت بالناس فيها .
فشرد اليخاندرو بفكره وقد ادرك ان توم على حق اذ انه من المستحيل بالنسبة لهم اخفاء الحقيقة عن الفتاة لمدة اربع سنوات لذا تنهد وقال : سنحاول ان نخفي الأمر عنها وان علمت بالحقيقة في نهاية المطاف عندها سيتوجب عليها تقبل الواقع اذ ان هذه هي حقيقتي ومن الصعب ان اتغير الأن لأجلها .
فتنهد توم وقال : حسناً ولكن عدني بأن لا يصيب ازميرالدا اي مكروه بسبب عملك هذا .
اليخاندرو : سأحاول ان احميها بشتى الوسائل حتى تنقضي الأربع سنوات التي ستكون خلالها تحت رعايتي ولكنني احتاج مساعدتك وتقديم يد العون بما يخص حمايتها عندما لا اكون موجوداً .
توم : يجب ان تتأكد بأنني على استعداد تام بأن اموت في سبيل حمايتها فهي اختي حتى وان لم تربطنا صلة دم .
فقال روبيرتو : احياناً تكون العلاقات المبنية على الثقة المتبادلة والأخلاص والوفاء اقوى بكثير من علاقات صلة الدم وهذا ما اراه عندما انظر اليك انت وازميرالدا لهذا نحن واثقان من قدرتك على حمايتها .
اليخاندرو : ان روبيرتو على حق وقد لاحظت تعلقها الشديد بك لهذا انا اعتمد عليك في توفير الحماية لها عندما لا اكون معها .
توم : ثق بأنني سأكون اكثر من درع يصد الرصاص عنها اذا ما اقتضى الأمر .
.
.
- بعد مرور اثنتا عشر ساعة وخمسين دقيقة هبطت الطائرة الخاصة بأليخاندرو اخيراً في مطار أدولفو سواريز الدولي القابع في منطقة باراخاس في العاصمة الإسبانية مدريد فنزل المسافرون منها وهم اليخاندرو وصديقه روبيرتو وبرفقتهما توماس وازميرالدا التي كانت مرهقة للغاية نظراً لطول الرحلة وقد كان المطار يعج بالناس بالرغم من ان الوقت كان ليلاً ومن حسن الحظ ان اليخاندرو اخبر سائقه في وقت سابق بموعد وصولهم الى مدريد حيث كان ينتظرهم امام المطار بسيارة ليموزين سوداء مجهزة بكافة التجهيزات التي تمكن المرء من الشعور بالراحة فصعدوا بها حيث جلس اليخاندرو و روبيرتو بجانب بعضهما بينما جلست ازميرالدا الى جانب توم مقابلاً لهما واخذت تنظر من خلال نافذة السيارة الى اضواء المدينة بينما قال توم : كم تبعد المزرعة عن هنا ؟
فقال روبيرتو : تقريباً ساعة وعشرون دقيقه فهي في ضواحي المدينة .
فالتفتت ازميرالدا اليه وقالت : وماذا عن منزلك انت ؟
فاجابها اليخاندرو قائلاً : ان روبيرتو يعيش في المزرعة ايضاً .
فقالت بتكهم : وهل منزلك كبير حتى يستوعب ان نعيش فيه جميعنا ؟
فالتوى فم اليخاندرو بأبتسامة ساخرة اذ انه فهم ما الذي تحاول قوله لذا قال : لا تقلقي فالمنزل كبير بما فيه الكفاية وأنتِ سيكون لديكِ جناحكِ الخاص .
فزمت فمها بحركة طفولية ولم تعلق بشيء اخر بل عادت لتحدق من خلال النافذة بينما قال توم : ان الفارق الزمني بين مدريد ولوس انجلوس ثلاث ساعات اليس كذلك ؟
فرد عليه روبيرتو قائلاً : هذا صحيح وبما ان الساعة الأن هي العاشرة والنصف هنا فهذا يعني انها الواحدة بعد منتصف الليل في لوس أنجلوس ولكن لا داعي للقلق فسوف تعتادون على هذا التوقيت الجديد مع مرور الأيام .
قال ذلك ثم تنهد بأسترخاء ووضع يده في جيب سترته ليخرج هاتفه ولكنه اخرج سوار نسائي صنع يدوياً فأبتسم وهو يحدق به وفي تلك اللحظة رأه اليخاندرو فسأله قائلاً : ما هذا ؟
فنظر اليه وابتسم قائلاً : انها هدية تذكارية قدمتها لي كارلا قبل رحيلنا وافكر بأعطائها لريتا .
اليخاندرو : انه جميل .
فأعطاه روبيرتو السوار قائلاً : اذاً اعطيها اياه على انه منك وانا واثق بأنها ستحبه كثيراً .
اليخاندرو : انه ملكك انت لذا اعطيها اياه بنفسك ان كنت راغباً بذلك فانا احضرت لها هدية بالفعل .
روبيرتو : حقاً , متى فعلت ذلك ؟
فقال اليخاندرو بعدم اكتراث : ظهر أمس , لقد خرجت وتجولت في المدينة قليلاً واثناء ذلك اشتريت لها هدية .
فأعاد روبيرتو السوار الى جيبه وقال : حسناً هذا جيد .
في تلك اللحظة لم تتمالك ازميرالدا نفسها اذ ان الفضول انتابها لذا سألت اليخاندرو قائله : من هي ريتا , هل هي زوجتك ؟
فضحك رغماً عنه بينما ابتسم روبيرتو وقال : كلا انها ليست زوجته .
ازميرالدا : اذاً هي زوجتك انت اليس كذلك ؟
فقال لها : نحن لسنا متزوجان ابداً .
واضاف اليخاندرو قائلاً : ريتا فتاة تعيش معنا في المزرعة وهي اكبر منكِ بثلاث سنوات .
فرفعت ازميرالدا حاجبها وقالت : انها عشيقة احدكما اذاً .
فتنهد اليخاندرو وقال : بل انها بمثابة اختنا الصغرى وهي من تقوم بطهو الطعام لنا ولكنها ليست خادمة .
فنظر توم الى ازميرالدا وابتسم قائلاً : يبدو انكِ فضولية لمعرفة الكثير من الأمور حول ابن عمكِ اليس كذلك ؟
فعقدت حاجبيها وقالت بأنفعال : هذا ليس صحيحاً انا فقط شعرت بالملل لهذا اردت المشاركة بالحديث ولا تهمني الأمور الأخرى على الأطلاق .
قالت ذلك ثم عاودت لتنظر الى الخارج من خلال النافذة بينما ابتسم توم واكتفى بالصمت وكذلك فعل كل من روبيرتو واليخاندرو الذي اغمض عيناه واسند رأسه الى الخلف , وهكذا مرت الساعة بسرعة حتى وصلوا الى المزرعة فقال روبيرتو : لقد وصلنا .
قال ذلك ثم وكز اليخاندرو قائلاً : هيا استيقظ يا صديقي فقد وصلنا الى المنزل .
ففتح اليخاندرو عينا ورمش عدة مرات ولم يصدق انه نام حقاً بالرغم من انه قد نام لمدة خمس ساعات اثناء رحلة الأثنتا عشر ساعة على متن الطائرة لذا نظف حلقه ونظر الى ابنة عمه تلقائياً فوجدها تحدق من خلال النافذة الى واجهة المنزل الضخم وهي مخطوفة الأنفاس اذ ان المبنى كان اكبر من الفيلا التي تملكها في لوس أنجلوس واكثر جمالاً وربما اغلى ثمناً بأضعاف مضاعفة .
- فنزلوا جميعاً من سيارة اليموزين وقد شعرت ازميرالدا بالتفاهة لأنها قامت بطرد اليخاندرو من منزلها لعدة مرات عندما كانوا في لوس أنجلوس ولم تصدق آن ذاك انه اغنى من والدها ولكن بعدما رأت واجهة منزله ادركت انه كان يقول الحقيقة حتى قبل ان تتعرف الى اقسام المزرعة الأخرى والتي كانت تمتد اراضيها لمساحات شاسعة وتبعد عن المبنى الرئيسي لعدة اميال , ولكن ما لفت نظرها اكثر هو الحراسة المشددة والرجال المنتشرين حول المنزل والذين كانوا يرتدون بدلات سوداء واضعين اجهزة اتصال في آذانهم ويحملون الأسلحة علناً مما اثار الريبة في نفسها لذا قالت في سرها ان ابن عمها هذا ليس رجلاً عادياً بكل تأكيد ومع ذلك لم تشاء ان تثير جدلاً حول هذا الموضوع في الوقت الراهن اذ انها كانت مرهقة ومتعبة من عناء السفر وكل ما تريده هو الجلوس لبعض الوقت في حوض استحمام مليئ بالماء الدافئ وفقاعات الصابون وبعد ذلك تأوي الى الفراش لتنام نوماً عميقاً .
وبينما كانت مشغولة بأخبار نفسها بما تنوي فعله خرجت من المنزل فتاة إسبانية الملامح ذات قوام رشيق وبشرة حنطية وشعر بني ناعم يصل الى منتصف ظهرها وكانت ترتدي بنطال ضيق من الجينز الفاتح وتيشرت وردية اللون بحملات رفيعة مما جعل جمال كتفيها وعنقها بارزاً للعلن بينما كانت قسمات وجهها الأنثوي تتمتع بجمال ناعم فرسمت على وجهها ابتسامة مشرقة وهرعت نحوهم ثم قالت بالإسبانية : اهلاً بعودتكما .
فأبتسم لها اليخاندرو بعطف وقال : شكراً لكِ ريتا .
اما روبيرتو فقال بمرح : اوه ريتا ...ريتا ...ريتا لقد اشتقت لكِ كثيراً يا فتاة .
قال ذلك وقبل وجنتها قبله عفوية فأبتسمت وقالت : تقصد انك اشتقت لتناول الطعام الذي اصنعه لك عادةٍ اليس كذلك يا سنيور ؟
فضحك وقال : لا تقولي هذا فانتِ تعلمين كم انكِ مهمة بالنسبة لنا .
فقال اليخاندرو : دعكِ من هذا التملق روبيرتو , اما انتِ يا ريتا فتقدمي لكي تتعرفي على ابنة عمي ازميرالدا وحارسها الشخصي توماس .
في تلك اللحظة نظرت اليهما ريتا وابتسمت قائله تخاطب ازميرالدا : مرحباً بكِ يا سنيورا , انا ادعى ريتا سابيلا ويسعدني التعرف إليكِ .
قالت ذلك ومدت يدها لتصافح ازميرالدا فصافحتها الأخيرة دون تكلف او تكبر اذ انها شعرت بالراحة لوجود فتاة شابة غيرها في هذه المنطقة التي تعج بالرجال وابتسمت بخفوت قائله : انا ازميرالدا ديلافيغا ويسعدني وجودكِ هنا اذ انني خشيت ان اكون العنصر الأنثوي الوحيد في هذا المكان .
فضحكت ريتا قائله : لا تقلقي نحن لسنا الفتاتين الوحيدتين فهناك ريجينا وهي امرأة تعمل هنا منذ سنوات ولكنها لا تعيش معنا اذ انها تأتي كل يوم لتقوم بأعمال التنظيف ومن ثم تعود الى منزلها في تمام الساعة الثامنة مساءً , على العموم سترينها كثيراً خلال الأيام المقبلة .
ازميرالدا : اتطلع لذلك حقاً .
اما روبيرتو فوضع يده على كتف توم وقال محدثاً ريتا : كفي عن الثرثرة قليلاً يا عزيزتي ريتا فأنت لم تتعرفي على توماس بعد فهو مهم ايضاً بقدر ازميرالدا اذ انه بمثابة الأخ بالنسبة لها وقد تربيا سوياً .
فالتفتت ريتا الى توم وابتسمت بعفوية ثم اردفت قائله : ارجو المعذرة ولكنني كنت متحمسة لكي اتعرف على ابنة عم السنيور لدرجة انني تجاهلتك لذا اغفر لي قلة احترامي رجاءً .
اما توم فلا يعلم لما انجذب الى هذه الفتاة فوراً لذا ابتسم بطريقة ساحرة وقال : لا عليكِ يا سنيوريتا .
قال ذلك ثم مد يده ليصافحها قائلاً : انا توماس جيفرسون ولكن اصدقائي يدعونني توم .
في تلك اللحظة قطبت ريتا حاجبيها وشردت قليلاً وكأن الاسم ذكرها بشخص ما وسرعان ما نظرت الى توم بغرابة وقالت بتساؤل : هل قلت ان اسمك توماس جيفرسون ؟ يتبع غداً
#حب_على_شفير_النار الجزء 6
- قطبت ريتا حاجبيها وشردت قليلاً وكأن أسم توم قد ذكرها بشخص ما وسرعان ما نظرت اليه بغرابة وقالت بتساؤل : هل قلت ان اسمك توماس جيفرسون ؟
فأومى توم برأسه وضيق عيناه قائلاً : اجل , هل من خطب ما في اسمي يا سنيوريتا ؟
فقالت على عجل : لا ابداً ولكن ....
قالت ذلك ثم تنهدت واردفت قائله وهي تبتسم : اعتقد ان الأمر مجرد تشابه اسماء اذ انني كنت اعرف شخصاً يدعى توماس منذ زمن بعيد وقد ذكرتني به عندما ذكرت اسمك والعجيب في الأمر انكما تشبهان بعضكما الى حد ما .
فقال روبيرتو بمزاح : ربما كان شخصاً عزيزاً على قلبكِ حتى تتذكرينه الان اليس كذلك ؟
فنظرت اليه وابتسمت قائله : بالنسبة لفتى مراهق فهو كذلك .
وبعدها عاودت النظر الى توماس قائله : تشرفت بمعرفتك , انا ريتا سابيلا ويمكنك الأعتماد عليَ بما يخص الطعام اذ ان السنيور ديلافيغا يقول انني طاهية ماهرة .
فأبتسم توم وقال : سعدت بلقائكِ .
اما اليخاندرو فقال بهدوء : هل انهيتِ حديثكِ اخيراً يا ريتا ؟
فنظرت اليه وابتسمت بسذاجة ثم قالت : اجل .
فتنهد وقال : هذا جيد , دعونا ندخل اذاً .
وبالفعل دخلوا جميعاً الى المنزل الذي كان داخله اكثر روعة وجمالاً من خارجه حيث ان كل زاوية فيه تعبر عن الجمال والأناقة والأصالة والإبتكار فهو كان يضم ست غرف نوم وثماني حمامات ومطبخاً واسعاً اقل ما يقال عنه انه قمة في الروعة والفخامة بينما كانت غرف الجلوس في الطابقين الأول والثاني مريحة وتساعد في تعميق الاحساس بالطراز الاسباني العريق السائد في أركان المنزل , اما بالنسبة لقاعة استقبال الضيوف الرئيسية فكانت عبارة عن عمل فني متقن التصميم اذ انها تطلّ على المساحة الخارجية من خلال الأبواب الزجاجية الضخمة المؤطرة بالخشب الأبيض فيما كانت مرتبة بعناية فائقة واثاثها يقتصر على قطع الموبيلية الأثرية والمقاعد المخملية الوثيرة التي تتكئ على " الموكيت " الأندلسي الذي يغطي الأرضية المصقولة بخشب الباركية بينما كان موقد النار الرخامي مثبتاً ضمن الجدار الرئيسي ويمنح كل من يراه شعوراً جذاباً بالدفء .
- فلم تستطيع ازميرالدا اخفاء اعجابها وافتتانها الشديد بمنزل ابن عمها اذ انها لم تكن تتوقع ان يكون هذا الرجل القاسي والمتوحش كما تدعوه ذو ذوق رفيع فمنزله كان ساحراً بصورة خيالية لدرجة انها ابتسمت دون وعي عندما خطت الى الداخل ورأت كيف تكون الرفاهية الحقيقية مما جعل منزلها في لوس أنجلوس يبدو تافهاً تماماً اذا ما تمت مقارنته بهذا المنزل الذي اغراها بأن تعيش فيه الى الأبد , وقد لاحظوا جميعاً كم هي مبهورة بما تراه لذا فضل اليخاندرو ان يبقى صامتاً حتى لا ينغص عليها تلك اللحظة اذا ما تحدث معها ولو بكلمة واحدة بينما لم يتمالك روبيرتو نفسه فهو كان يتوق شوقاً لقدوم هذه اللحظة حتى ينتقم منها لأنها طردتهم اكثر من مرة عندما كانوا في منزلها فقال بغرور : ارى بأن المنزل قد اعجبكِ كثيراً يا سنيورا لدرجة ان عيناكِ اخذت تلمعان لمجرد انكِ رأيتي الردهة فقط فهل ادركتي كيف يكون الشكل الحقيقي للرفاهية ؟
في تلك اللحظة تبدد كل السحر الذي كانت تعيشه ازميرالدا وقد عادت الى طبيعتها اخيراً فنظرت اليه وعلى وجهها تعبير ينم عن الأستياء والكره الشديد تجاه هذا الرجل المزعج الذي نغص عليها تلك اللحظات الجميلة التي كانت تشعر خلالها بالأفتتان لذا تجهم وجهها وقالت بنبرة عدائية واضحة : الأمر ليس هكذا , انا فقط اعجبت قليلاً بديكور المنزل فهو مبتكر وفريد ومختلف عن جميع الديكورات التي رأيتها سابقاً ولكن هذا لا شيء بالنسبة لي .
فتدخل اليخاندرو قائلاً بثقة : اننا نحن الإسبانيون نعشق كل ما هو كلاسيكي وتقليدي لهذا منزلي يعتمد على اتباع الأسلوب الأسباني العريق الذي يجمع بين الحضارة والكلاسيكية لهذا تجدينه مميزاً بعكس منازلكم في لوس أنجلوس والتي تبدو كبيوت الدمى التي تخلو من الحيوية والذوق الرفيع .
فأنزعجت ازميرالدا لأنه قال ذلك عن منزلها الذي عاشت فيه اجمل سنين عمرها وقد ندمت اشد الندم لأنها ابدت اعجابها بمنزله لذا هبت تدافع عن بيتها قائله : قد يبدو منزلي بالنسبة لك خالي من الحيوية وانا لا انكر انه اقل جمالأ من منزلك ولكنه بالنسبة لي افضل من هذا المكان الذي تتفاخر به امامي بمئة مرة اذ انني عشت فيه اجمل سنين عمري ولدي ذكرى جميلة داخل كل ركن من اركانه لهذا اخشى فقدانه وهذا هو السبب الريئسي الذي جعلني اوافق على ان تكون وصياً شرعياً عليَ .
قالت ذلك وقد لمعت عيناها بوميض الغضب واضافت قائله : وافقت على ان اكون تحت رعايتك فقط لأنني لا اريد خسارة منزلي اذا ما تم منحه للجمعيات الخيرية .
في تلك اللحظة تدخلت ريتا اذا نها شعرت بالجو المتوتر بين الفتاة وابن عمها لذا قالت باسمة : دعونا من كل هذا الكلام الأن فأنتم جميعكم تبدون منهكين من عناء السفر لهذا انا اقترح ان تذهبوا الى غرفكم وتأخذوا اكبر قسط من الراحة .
فقال روبيرتو : ان ريتا على حق وبما ان الساعة الأن قاربت على ان تصبح منتصف الليل لا اعتقد اننا سنتمكن من السهر لهذا اليوم ويستحسن ان نخلد جميعنا للنوم فغداً سيكون يوماً حافلاً بكل تأكيد .
فقال توم : وانا اوافقكما الرأي .
فتنهد اليخاندرو وقال : ريتا رافقي ازميرالدا الى غرفتها من فضلكِ بينما سيقوم روبيرتو بأرشاد توم الى غرفته .فقالت ريتا : حاضر يا سنيور .
قالت ذلك ثم التفتت بأتجاه توماس وروبيرتو قائله : ستكون غرفة السنيور جيفرسون بجانب غرفتك يا سنيور ميغيل اذ انني رتبتها قبل وصولكم وفقاً لتعليمات السنيور ديلافيغا .
فقال توم : شكراً لكِ .
فأبتسمت قائله : لا شكر على واجب .
ثم التفتت الى ازميرالدا واردفت قائله : تفضلي معي يا سنيورا لكي ارشدكِ الى غرفتكِ .
فنظرت ازميرالدا الى اليخاندرو بنظرات غاضبة وسرعان ما همت بمرافقة ريتا الى الطابق العلوي حيث ارشدتها الأخيرة الى غرفة النوم القابعة في القسم الشرقي وكانت الغرفة كبيرة ومختلفة تماماً عن غرفتها التي اعتادت عليها في لوس أنجلس حيث طلب اليخاندرو بنفسه من ريتا ان تجهزها حسب رغبته هو وقد اوصاها بأن تبتعد كلياً عن اللون الوردي الذي اثار اشمئزازه عندما دخل الى غرفتة ابنة عمه في لوس أنجلوس لذا اختارت ريتا الواناً هادئة للمفروشات وكان السرير كبير بحيث يتسع لأربعة اشخاص في آن واحد وضع عليه اغطية صنعت من الحرير الأبيض والدانتيل الذهبي بينما كانت الستائر طويلة وسميكة باللون الأخضرالزيتي الذي يتناسب مع لون ورق الجدران الكريمي اما بالنسبة للمقاعد فكانت اطرافها خشبية ومنجدة بالجلد البني الغامق وقد فرشت على الأرضية الرخامية سجادة رفيعة يتناسب لونها مع لون الستائر الزيتي وبها لمسة ذهبية بينما احتلت الخزانة العملاقة جداراً بأكمله وقد انسجم لون خشبها الغامق مع اللون الكريمي لأوراق الجدران والأمر ذاته مع التلفاز الذي استقر على طاولة منخفضة لونها بني , اما الشرفة فلم تكن كبيرة كثيراً بعكس شرفة غرفتها في لوس أنجلوس وقد وضع عليها أرجوحة خشبية ومقعدين وطاولة بالأضافة الى بعض الأصص الزراعية التي تضم عدداً كبيراً من ازهار الجاردينيا البيضاء ولسبب ما اعجبت ازميرالدا بغرفتها الجديدة ولم تتذمر لعدم وجود اللون الوردي الذي تعشقه وما اثر بها حقاً هو الجو المريح لهذه الغرفة لذا التفتت الى ريتا قائله : هل انتِ من قام بترتيب هذه الغرفة ؟
فأبتسمت ريتا قائله : اجل انا من رتبها لكِ لذا ارجو ان تنال اعجابكِ .
فأبتسمت ازميرالدا بدورها قائله : انها مريحة جداً وجميع الألوان متناسقة بشكل جميل .
ريتا : يسعدني سماع هذا , سأدعكِ الأن لكي تحصلي على قسط من الراحة وغداً سأقوم انا وريجينا بمساعدتكِ على افراغ الحقائب وترتيب كافة الثياب داخل الخزانة .
ازميرالدا : شكراً لكِ .
ريتا : لا شكر على واجب , عن اذنكِ الأن .
قالت ذلك ثم خرجت من الغرفة تاركة ازميرالدا بمفردها فقامت الأخيرة بخلع حذائها ثم تهاوت على السرير فوجدته مريح جداً ويغري المرء بأن يندس فيه لينام فوراً ولكنها رفضت ان تفعل ذلك قبل ان تستحم اولاً لهذا فتحت احدى حقائبها واخرجت منها ملابس النوم بالأضافة الى الملابس الداخلية ثم فتحت باب الحمام وابتسمت فوراً عندما رأته اذ كان مجهزاً للأستعمال وقد وضع على طرف المغسلة فرشاة اسنان جديدة وعبوات شامبو وغيرها من الأمور بالأضافة الى مجموعة مناشف نظيفة ومختلفة الأحجام لذا اغلقت الباب بالمفتاح ثم نزعت دبوس شعرها وبدأت بملئ حوض الأستحمام بالماء الدافئ والصابون السائل ذو الرائحة العطرة , اما غرفة توماس فكانت قابعة في القسم الغربي ولا تختلف كثيراً عن غرفة روبيرتو اذ ان ريتا جعلتها تبدو مناسبة ومريحة من وجهة نظر رجل عازب فأختارت اللونين البني والبيج للمفروشات وقد تناسب اختيارها تماماً مع اللون الأبيض الذي يكسو الجدران والأرضية المغطاة بسجادة عجمية غامقة اللون حاوطها اربعة أرائك من الخشب المنجد بالقماش ذو اللون السكري وطاولة مربعة الشكل وضع عليها اناء من الورود الجورية البيضاء لتعطي الغرفة بعض الحيوية وقد سره ان تكون الشرفة مطلة على أراضي المزرعة الشاسعة والتي بدت له انها جميلة وخلابة حتى بالرغم من عتمة الليل .
اما ريتا فعادت الى غرفتها التي في الطابق السفلي وكانت غرفة واسعة ومريحة بالنسبة لفتاة عادية مثلها وكان اللونين الأبيض والازرق السماوي هما العنصرين الاساسيين في الغرفة لذا اغلقت بابها ثم اسرعت نحو خزانتها فأخذت تبحث بين اغراضها عن شيء ما من الواضح انه مهم للغاية فقالت تحدث نفسها : اين هو , انا واثقة انني وضعته في مكان ما هنا .
وفي تلك اللحظة عثرت على صندوق خشبي قديم ومتوسط الشكل فأبتسمت قائله : ها قد وجدتك اخيراً .
قالت ذلك ثم حملت الصندوق وجلست على حافة السرير فقامت بفتحه واخرجت مجموعة صور قديمة تضمها مع والديها قبل ان يموت والدها وتتزوج امها مرة اخرى من رجل سكير جعلها تموت قهراً وهي ما تزال في سن الثانية والأربعين من عمرها , وبالرغم من انها شعرت بالحنين الى والديها وكادت ان تبكي الا انها حسمت امرها في النهاية ووضعت مشاعرها جانباً وأخذت تبحث بين الصور القديمة عن صورة معينة وعندما وجدتها انفرجت اساريرها بابتسامة واسعة فقالت : ها انتِ ذا .
قالت ذلك ثم رفعت الصورة واخذت تحدق بها بتمعن اذ كانت تضمها وهي في سن العاشرة برفقة شاب صغير يشبه توم كثيراً وقد كانا يمسكان ايادي بعضهما بينما التقطت الصورة لهما عندما كانا يحاولان القفز من فوق قارب صيد صغير وكانت الأبتسامة مرسومة على وجهيهما , فقلبت ريتا الصورة حيث كتب على الطرف الأخر شيئاً بالأسبانية وسرعان ما تنهدت بقوة وانزلت الصورة قائله : لقد كنت واثقة انه الشخص ذاته وان الأمر ليس مجرد تشابه اسماء ولكنه لم يتذكرني فهل اخبره بأننا نعرف بعضنا منذ زمن ام اغض النظر عن هذا الموضوع كلياً فقد مر على فراقنا ما يقارب الخمسة عشر سنة ومن الطبيعي ان ينساني خلال هذه المدة الطويلة .
- وبقيت تفكر ان كان يجب عليها اخبار توم بانهما كانا يعرفان بعضهما في الماضي ام تدعه ليتذكرها بمفرده واخيراً حسمت امرها واعادت الصورة الى مكانها في الصندوق قائله : لا داعي لأن اخبره بأي شيء فمن الذي سيتذكر فتاة صغيرة عرفها لمدة خمسة اسابيع ثم اختفى بعد ذلك دون ان يقول اي شيء ؟
في صبيحة اليوم التالي استيقظت ازميرالدا في تمام الساعة السابعة والنصف صباحاً وهي تشعر بشعور مختلف عما كانت تشعره في لوس أنجلوس اذ انها شعرت بالغربة والغرابة وشيء من الحماس الممزوج بالتوتر وعدم الراحة لذا فكرت بأن حمام منعش قد يساعدها على التركيز وبالفعل كانت الفكرة جيدة حيث انها شعرت بالأسترخاء بعد أن استحمت بالماء البارد فالجو كان حاراً في الصباح عكس ما كان عليه في الليلة السابقة اذ ان درجة الحرارة كانت معتدلة مع وجود نسمات هواء منعشة , وبعد ان ارتدت تنورة قصيرة من الجينز وتيشرت وردية ذات حملات رفيعة وسرحت شعرها على شكل ذيل حصان قررت الخروج من غرفتها لتستكشف المكان الذي ستعيش فيه لمدة اربع سنوات وفي تلك الأثناء وبينما كانت تغلق باب غرفتها صدمت عندما خرج اليخاندرو من الغرفة المجاورة وهو يرتدي بنطال جينز ابرز صلابة قده وتيشرت سوداء ذات اكمام قصيرة وضيقة بينما كان شعره ما يزال رطباً فنظرت اليه شزراً ولا تعلم لما شعرت ببعض الأنجذاب تجاهه لذا انزعجت من نفسها وقالت له بشيء من الحدة : ما الذي تفعله هنا ؟
اما هو فرفع حاجبه بتعجب وقال : عذراً ولكن هذا منزلي ام انكِ نسيتي ذلك ؟
فأغمضت عيناها لوهلة قصيرة ولامت نفسها لأنها طرحت مثل ذلك السؤال الغبي وتنهدت قائله : لا لم انسى ولكن ما قصدته هو سبب وجودك في هذا القسم من المنزل فأنت تعلم ان غرفتي قابعة هنا ومن المؤكد انك اصبحت على دراية بانني لا اطيق تواجدك بالقرب مني .
في تلك اللحظة التوى فم اليخاندرو بأبتسامة ساخرة وقال : اه انت تقصدين ما الذي افعله بالقرب من غرفتكِ منذ الصباح اليس كذلك ؟
فقطبت حاجبيها وكتفت يديها قائله بتكهم : هذا ما اقصده تماماً لذا هيا اخبرني بسرعة لما انت هنا .
فأتسعت ابتسامة اليخاندرو وقد رفع يده اليمنى ليحك ذقنه بطرف ابهامه وهز رأسه تعبيراً مجازياً دون ان يعلق بشي مما جعل تصرفه يستفزها لذا قالت بحدة : انا انتظر جواباً منك يا سنيور .
فرفع اليخاندرو رأسه ونظر اليها وقد لاحظت بتلك اللحظة فرق الطول الشاسع الذي بينهما حيث بدت امامه كما لو انها قزمة مما جعلها تنزعج اكثر وحاولت ان تزيد من طولها حتى تجاريه فوقفت على رؤس اصابع قدميها وكادت ان تفقد توازنها بينما قال هو بهدوء : اولاً انتِ لا تحتاجين لأن تقفي بهذا الشكل لتزيدي من طولكِ فهو مناسب نظراً لسنكِ وجسدكِ الفتي كما ان هذه الوقفة قد تفقدكِ توازنكِ مما يؤدي الى تعرضكِ للأذى اذ ما وقعتي من فوق هذا الدرج .
فوقفت ازميرالدا بأعتدال وقالت بجفاء : لا تملي عليَ ما يجب ان افعله واخبرني ما الذي سيكون ثانياً .
فحرك اليخاندرو عيناه بشكلٍ دائري وقال بتأني وصبر : ثانياً انا لست منحرفاً ايتها الصغيرة وبالتالي لم أتي الي هنا لأتجسس عليكِ اثناء تواجدكِ في غرفة نومكِ ولكنني خرجت من غرفتي في الوقت ذاته الذي خرجتي فيه انتِ من غرفتكِ لهذا تقابلنا مصادفةٍ .
فرمشت ازميرالدا عدة مرات بمحاولة لأستيعاب ما سمعته منه منذ قليل وسرعان ما قالت بشيء من الدهشة : قلت غرفتك , هل تقصد ان الغرفة المجاورة لغرفتي هي غرفتك انت !!
فنظر اليخاندرو بأتجاه باب غرفته لوهلة قصيرة ثم عاود النظر اليها وقال بعدم اكتراث : اجل ولكن لما انتِ مندهشة هكذا ؟
فلم تجيب ازميرالدا عليه بل مرت من جانبه ثم فتحت باب غرفته دون اي تردد وكأنها تريد ان تتأكد اذا ما كان هو جارها حقاً وقد صدمتها هذه الحقيقة وخصوصاً عندما رأت غرفته التي أقل ما يقال عنها انها في قمة الروعة والإبتكار حيث كانت واسعة جداً وكلاسيكية تجمع بين اللون البيج المنسوب الى الجدران واللون البني المحروق المنسوب الى قطع الأثاث بينما كانت الأرض مصقولة بخشب الباركيه ذو اللون الفاتح تغطيها قطع من السجاد العجمي , اما مفروشات السرير فكانت باللون الأبيض وكذلك كانت الستائر التي اسدلت لتغطي باب زجاجي كبير يفصل الغرفة عن الشرفة المطلة على حديقة المنزل وعلى السهول الواسعة التي تليها .
وبعدما استوعبت ازميرالدا الوضع التفتت نحو ابن عمها وسالته ساخطة : لم يجب ان تكون غرفة نومي بجانب غرفتك !
فرد عليها قائلاً بهدوء : لكي اكون قريباً منكِ اذا ما اصابكِ اي مكروه كما ان هذا القسم من المنزل هو مخصص لأفراد العائلة وانتِ فرد من اسرة ديلافيغا لذا يجب ان تكون غرفتكِ فيه .
فضربت ازميرالدا الأرض بقدمها وقالت تحتج : اريد ان تكون غرفتي بعيدة عن غرفتك فانا لا اشعر بالراحة وانت بقربي .
فرمقها اليخاندرو بنظرة جانبية ثم استدار متجاهلاً ما قالته وشق طريقه بأتجاه الدرج لكي ينزل الى الطابق السفلي مما جعل تصرفه يستفزها كثيراً فلحقت به غاضبة وامسكت ذراعه فأوقفته عن السير قائله بأنزعاج : انت لا يحق لك تجاهلي بهذا الشكل .
فتنهد والتفت اليها ثم نزع ذراعه من قبضتها وقال بنفاذ صبر : انا من يقرر كل صغيرة وكبيرة في هذا المنزل لذا يجب ان تعتادي على هذا الأمر وان لم يعجبكِ فيمكنني اعادتكِ الى لوس أنجلوس الأن فوراً واتخلى عن وصايتكِ وانتِ تعلمين جيداً ما الذي سيحدث لميراثكِ اذا ما قررت ان اتراجع عن قرار الوصاية اليس كذلك ايتها الصغيرة ؟
فضغطت ازميرالدا على قبضتها وعضت شفتها السفلى بحركة طفولية تعبيراً عن غضبها ثم فجرت الغضب اخيراً حين قالت بأنزعاج : انت مستبد وانا اكرهك .
قالت ذلك ودفعته جانباً ثم نزلت عن الدرج بينما هز هو رأسه استنكاراً على تصرفاتها ثم نزل ايضاً فتوجه تلقائياً الى غرفة الطعام حيث كان كل من روبيرتو و توماس جالسان يتناولا وجبة الفطور التي اعدتها ريتا لهم فقال الأخير : لقد استيقظت اخيراً , ليس من عادتك ان تنام لمثل هذا الوقت فهل انت مريض ؟
فجلس اليخاندرو في مكانه المعتاد على رأس المائدة وقال : لا لست مريضاً ولكنني كنت متعباً بعض الشيء .
في تلك اللحظة قال توم : وهل رأيت ازميرالدا ؟
فتنهد وقال : لقد رأيتها منذ قليل وبالطبع تجادلنا فهي تريد ان تبدل غرفتها ولكنني لم اوافق لأن ريتا بذلت جهداً في ترتيب تلك الغرفة من اجلها وليس من المنصف بحقها ان نجعل مجهودها يذهب ادراج الريح فقط لأن سمو الأميرة المدللة لا تريد ان تكون غرفتها بجانب غرفتي .
فرفع توم حاجبه وقال بدهشة : هل غرفتها بجانب غرفتك حقاً ؟
فقال اليخاندرو بعدم اكتراث : اجل , وقبل ان تسأل عن السبب سأخبرك انني تعمدت ان تكون غرفة تلك الطفلة الى جانب غرفتي حتى اتمكن من حمايتها اذا ما حدث اي شيء قد يعرضها للأذى .
فقال توم بحذر : تقصد بسبب عملكم ؟
فأومى اليخاندرو برأسه بينما قال روبيرتو : في الواقع لقد تعرضنا لهجوم مفاجئ قبل شهرين حيث قام بعض الأوغاد بمحاولة اغتيال اليخاندرو لأنه منعهم من بيع المخدرات في المنطقة ولكنهم فشلوا حيث اننا تصدينا لهم ومع هذا يجب ان نبقى حذرين ولا نغفل عن اي شيء سواء أكان كبيراً ام صغيراً .
فوضع توم الشوكة والسكين من يديه وقال : ان علمت ازميرالدا بهذا الأمر سيجن جنونها بكل تأكيد .
فقال اليخاندرو بعد ان ارتشف قليلاً من العصير : اذاً لا داعي لأخبارها عندها لن يجن جنونها .
في تلك اللحظة اتت ريتا وهي تحمل ابريق من القهوة فوضعته على المائدة واردفت قائله : لقد رأيت السنيورا تقف في الخارج منذ قليل فهل تفضل تناول فطورها في الحديقة ؟
فقال اليخاندرو : لا املك ادنى فكرة عما تفضله او تكرهه تلك المدللة لذا ان اردتِ جواباً على سؤالكِ هذا فيمكنكِ سؤالها .
فقال توماس : في العادة هي تتناول وجبة الفطور في الهواء الطلق ولكنها لم تفعل ذلك منذ اسبوع تقريباً اي منذ ان توفي والدها حيث كانت ربة المنزل تأخذ لها صينية الفطور الى غرفتها عندما كنا في لوس أنجلوس .
ريتا : لقد فهمت , سأذهب لكي اسألها اذا كانت راغبة بتناول الطعام في الخارج .
قالت ذلك وابتعدت فقال روبيرتو موجهاً كلامه لصديقه اليخاندرو : لقد اتصل السنيور فيغاس وقال انه يرجو مشاركتنا في الحدث القادم .
فتنهد اليخاندرو وقال : ومتى سيكون ذلك ؟
روبيرتو : بعد يوم غداً , وقد اكد عليّ بأن العرض سيكون حدثاً ضخماً هذه المرة فما رأيك ؟ ا
اليخاندرو : حسناً لا بأس .
فقال توماس بتساؤل : عما تتحدثون ؟
فأبتسم روبيرتو قائلاً : نتحدث عن مصارعة ثيران , هل تريد الأشتراك كتجربة جديدة ؟
فأتسعت عينا توماس وقال بشيء من الهلع : قلت مصارعة ثيران ؟
فنهض اليخاندرو بعد ان انهى فطوره وقال ببرود : اهلاً بك في إسبانيا .
قال ذلك ثم اخذ فنجان من القهوة وخرج الى الحديقة بينما التفت توم نحو روبيرتو وقال : هل ستشتركون بمثل هذه المصارعة الوحشية حقاً ؟
فضحك روبيرتو وقال : يا الهي , اخبرني توم هل انت إسباني حقاً ؟
توم : بالطبع انا كذلك .
روبيرتو : اذاً لما تجد ان هذا الأمر عجيباً فجميع الأسبانيون يعتبرون مصارعة الثيران اهم رياضة هنا لهذا تجد الكثير من الرجال الأشداء يشتركون في هذا الحدث الذي يقام بين الفينة والأخرى .
توم : هذا جنون لا بل انتحار فمن الذي يرغب بأن يضع نفسه في خطر محدق امام ثور غاضب ؟
فأبتسم روبيرتو وقال : معك حق بأن الأمر جنوني ولكن هنا تكمن المتعة .
توم : وهل سبق لك وان اشتركت في مصارعة كهذه ؟
روبيرتو : فعلت ذلك ثلاث مرات فقط وقد تغلبت على الثور في أول مرتين ولكن في المرة الثالثة كدت ان القى حتفي اذ ان ذلك الوحش غرس قرنه في خاصرتي ثم القى بي بقوة وقبل ان يتمكن من قتلي تدخل اليخاندرو وسيطر على الوضع بينما قام فريق الأسعاف بأخراجي من الحلبة لهذا لم اشارك في اي مصارعة بعد تلك التجربة ولكنني لست نادماً عليها ابداً .
توم : ومتى حدث ذلك ؟
روبيرتو : قبل اربع سنوات تقريباً .
توم : وهل اليخاندرو قادر على مجابهة الثيران حتى يتدخل ويخلصك من بين حوافر ذلك الوحش ؟
روبيرتو : انه اشجع رجل قابلته في حياتي حيث انه اقدم على المشاركة في اكثر من عشرين مصارعة وقد تمكن من الفوز بها كلها بغض النظر عن الاصابات التي كان يتعرض لها وهذا ما جعل السنيور فيغاس شغوفاً به لدرجة كبيرة .
توم : ومن هو السنيور فيغاس ؟
روبيرتو : انه رجل اعمال وهو من يقوم بتنظيم هذه المصارعات في المدينة حيث يقوم بجني الأرباح بهذه الطريقة .
توم : لقد فهمت .
روبيرتو : سأدعك ترافقنا عندما يحين موعد المصارعة وسترى بعينك ما عنيته عندما قلت ان الأمر جنوني ولكنه ممتع .
توم : لا اعتقد انني قادر على ترك ازميرالدا بمفردها فمهمتي هي حمايتها على مدار الساعة .
روبيرتو : لا تقلق حيال هذا الأمر لان ريتا ستذهب ايضاً وبالتالي يمكنك ان تصطحب تلك المدللة معك لعلها ترفه عن نفسها قليلاً .
توم : سنرى كيف ستتم الأمور .
عند ازميرالدا .......
كانت تلقي نظرة على الرجال المسلحين في الحديقة ولم يشعرها ذلك بالأمان لذا عندما اتت ريتا تسألها اذا ما كانت تريد تناول الفطور رفضت ذلك وقالت لها : اخبريني يا ريتا لما وضع ذلك البغيض كل هذه الحراسة المشددة على المنزل ؟
فرفعت ريتا حاجبيها وقالت بتعجب : من تقصدين بالبغيض يا سنيورا ؟
فتنهدت ازميرالدا وقالت : اقصد ابن عمي الوقح , اليخاندرو .
فشهقت ريتا عندما سمعت ذلك وقالت : يا الهي انتِ اول انثى اسمعها تقول مثل هذا الكلام عن السنيور اذ ان جميع نساء المدينة شغوفات به ويتمنين ان ينظر اليهن مجرد نظرة واحدة .
فكتفت ازميرالدا ذراعيها وقالت بعدم اكتراث : ولكنني لست احدى نساء بلدكم لهذا انا لست مهتمة به على الأطلاق .
فتنهدت ريتا بقلة حيلة وقالت : حسناً , لقد فهمت .
ازميرالدا : اذاً ما قصة كل هؤلاء الرجال المسلحين ؟
فأرتبكت ريتا لأن ازميرالدا سألتها ذلك السؤال ولكن بما ان اليخاندرو قد طلب منها اخفاء حقيقته عن ابنة عمه قررت ان تنفذ ما طلبه منها لذا كذبت قائله : ان السنيور رجل اعمال مشهور جداً وبالطبع لديه اعداء ومنافسين كثر لهذا توجب عليه تعيين هؤلاء الرجال للحفاظ على سلامته وأمان منزله .
فقالت ازميرالدا بعدم اقتناع : ولكنني رأيت كيف قام بتشوية وجه شاب اعرفه عندما كنا في لوس أنجلوس وهذا يؤكد لي بأنه لا يحتاج للحماية بل يجب ان نحمي الأخرين منه .
فضحكت ريتا وقالت : يبدو انكما لا تتفقان في ما بينكما وقد لاحظت هذا الأمر في الليلة السابقة ولكن صدقيني يا سنيورا ان ابن عمكِ افضل شخص قابلته على الأطلاق .
ازميرالدا : حتى مع قولكِ هذا الكلام عنه فانا لن اسامحه لأنه يتصرف معي بلؤم .
في تلك اللحظة سمعن صوت رجولي يقول : لا داعي لأن تتعبي نفسكِ بشرح اي شيء يا ريتا فانا لست مهتماً كيف تراني هذه الصغيرة .
فنظرت كل من ريتا وازميرالدا اليه وقالت الأخيرة ساخطة : كف عن نعتي بالصغيرة فأنا ابلغ من العمر واحد وعشرون عاماً وهذا يجعلني بالغة بما فيه الكفاية .
فتنهدت ريتا وحركت رأسها بأستسلام ثم تركتهما وعادت الى الداخل بينما قال اليخاندرو : اذاً يجب ان تلتحقي بالجامعة لذا قرري ما هو الموضوع الذي تريدين دراسته وسأتكفل انا بباقي الامور .
فنظرت اليه بغرابة وقالت : انا لا اريد الألتحاق بالجامعة لأنني لا احب الدراسة .
فنظر اليها بدوره وقال بنبرة حاسمة : بل ستذهبين وهذا امر مفروغ منه .
فقطبت حاجبيها وقالت بانزعاج : انت لا تستطيع ان ترغمني على فعل شيء لا ارغب به وانا لا ارغب بالدراسة .
فأبتسم اليخاندرو بخبث وقال : حسناً كما تريدين ولكنكِ بهذا التصرف تقومين بالتوقيع على وثيقة سجنكِ في هذا المنزل لمدة اربع سنوات فانا لن اسمح لكِ بالخروج من هنا ان لم تلتحقي بالجامعة .
فصرخت به قائله : هذا ليس عدلاً فانا لست سجينتك ايها المتسلط وبالتالي لن تتمكن من سجني هنا لمدة اربع سنوات اذ انني لن اسمح لك بفعل ذلك ابداً .
فقال بتحدي : جربيني وسنرى من الذي سيفوز في النهاية .
قال ذلك ثم تركها وتحرك بخطواته نحو الأمام واخذ يمدد جسده فلحقت به ووقفت امامه قائله : انا لم انهي كلامي بعد لذا لا يمكنك الذهاب قبل ان نتوصل الى حل .
فتنهد اليخاندرو وقال : الحل الوحيد الذي سيمكنكِ من الخروج هو التحاقكِ بالجامعة فأنتِ من قلتِ بأنكِ بالغة لهذا يجب ان تلتحقي بالجامعة وتدرسي والا لن اسمح لكِ بالخروج حتى لو وقفتي على يد واحدة .
قال ذلك ثم ابعدها عن طريقه بحركة من يده ولكنها عادت لتقف امامه قائله بنبرة تحدي : لن اذهب الى الجامعة وانت لن تتمكن من سجني هنا وسترى الأن كيف سأخرج لأتفسح في المدينة رغماً عن انفك .
فضحك اليخاندرو وقال بسخرية : ومن الذي سيأخذكِ لتقومي بهذه الفسحة ؟
فقالت بثقة : توم بالطبع فهو لا يرفض لي طلباً .
اليخاندرو : سنرى اذاً .
قال ذلك ثم امسك ذراعها على حين غرة مما جعلها تشهق فقالت بأستنكار : الى اين تأخذني ؟
ولكنه لم يرد عليها بل سحبها الى الداخل حيث كان توم و روبيرتو جالسان يتناولان القهوة فنهضا فوراً عندما دخلت ازميرالدا وهي تحتج لأن اليخاندرو يعاملها كما لو انها طفلة فقال توم : ما الذي حدث ؟
فأنتزعت ذراعها وقالت بحدة : ان هذا الرجل مستبد وانا لا اطيق التواجد معه ابداً .
اما اليخاندرو فقال : اخبرني يا توم هل كنت موجوداً عندما تم قراءة الوصية ؟
توم : بالطبع لقد كنت موجوداً ام انك نسيت ؟
اليخاندرو : هذا يعني انك سمعت ما قاله المحامي بأنني عندما اصبح وصياً شرعياً على هذه الفتاة سأكون الشخص المسؤول عن اتخاذ القرارات بالنيابة عنها اليس كذلك ؟
توم : اجل ولكن لما تقول هذا الأن ؟
فقالت ازميرالدا بغضب : لقد قرر ان يسجنني في هذا المنزل ولكنني ارفض ان اكون عبدة عند رجل ظالم مثلك لذا انت لن تستطيع ان تمنعني من الخروج .
فقال اليخاندرو بشيء من الأنزعاج : لقد اخبرتكِ بأنكِ لن تخرجي من هنا طالما ترفضين الألتحاق بالجامعة .
قال ذلك ثم نظر الى توم واردف قائلاً بلهجة أمر : وانت اياك وان تصطحبها الى الخارج دون اذن مني والا لن تعجبك ردة فعلي ان فعلت ذلك .
فتدخل روبيرتو حيث قال : مهلاً اليخاندرو اعتقد انه من حق توم ان يفهم ما الذي يحدث هنا ولما تريد من ازميرالدا البقاء في المنزل .
فقال : لقد اخبرتها بأنه يجب عليها الألتحاق بالجامعة لتدرس فهي ستبقى هنا لمدة اربع سنوات وهذه مدة كافية لتحصل على شهادة جامعية تساعدها على ايجاد عمل اذا ما ساءت الأمور في المستقبل ولكنها مدللة لدرجة تصيبني بالغثيان وترفض ان تدرس لهذا بصفتي الوصي الشرعي عليها امنعها من الخروج طالما ترفض الذهاب الى الجامعة .
فقال توم موجهاً كلامه للفتاة : اعتقد ان السنيور على حق يا عزيزتي ازميرالدا فقد آن الآون لكي تلتحقي بالجامعة وتحددي مستقبلكِ .
فقالت ساخطة : انا املك من المال ما يكفي لأن اعيش حياتي كما اريدها ولست بحاجة لأيجاد عمل سخيف لهذا لن اذهب الى الجامعة ابداً فانا اكره الدراسة .
فقال روبيرتو : ولكن قد يحدث امر يجعلكِ تفقدين ثروتكِ بغمضة عين عندها ستكون حالتكِ بالويل وان لم تدرسي وتحصلي على شهادة جامعية تخولكِ من ايجاد عمل جيد لن تتمكني من العيش في هذا العالم القاسي .
في تلك اللحظة تبددت تعابير الغضب عن وجه ازميرالدا وحل محلها تعبير ينم عن القلق فقالت : انا واثقة انني سأكون بخير .
فقال توم بنبرة رقيقة : استمعي الي جيداً يا عزيزتي , انتِ بحاجة للدراسة حقاً وخصوصاً لأن السنيور ليام قد توفي وترك القسم الأكبر من الأرث لأبن عمكِ اي ان جميع الأعمال التي كنا نجني من خلالها الأرباح لم تعد ملككِ وسيأتي يوم قد تصرفين فيه كل ثروتكِ عندها لن يتبقى لديكِ اي مال ولكن ان التحقتي بالجامعة ودرستي موضوعاً قد يعود عليكِ بالفائدة ستتمكنين من مضاعفة ثروتكِ ولن ينتهي بكِ المطاف مشردة .
فتنهدت ازميرالدا وقالت بنبرة مرهقة : ولكنني لا اعلم ما الذي يجب ان ادرسه .
في تلك اللحظة قال اليخاندرو : لا داعي لان تدرسي موضواعاً معقداً كالطب او المحاماة بل اختاري موضوعاً تعتقدين انه سيكون مناسباً لكِ .
فنظرت اليه وقالت : وما الذي تعلمه انت ايها الهمجي عن الدراسة , انا واثقة انك لم تفلح في دراسة اي موضوع لانك شخص شرس ولا بد ان الأساتذة في الجامعة كانوا يلقون بك خارج قاعة المحاضرات بسبب تصرفاتك الرعناء .
في تلك اللحظة بدى الحزن جلياً على وجه اليخاندرو فهو لم يتمكن من الألتحاق بأي جامعة لأنه كان يعمل جاهداً منذ الصغر حتى يتمكن من انقاذ المزرعة بعدما قام عمه بسرقة ميراثه ولكنه رفض ان يكون مثير للشفقة فقال بخشونة : لقد قلت ما لدي وان اردتِ الخروج يجب ان تذهبي الى الجامعة ولكن ان علمت بأنكِ عصيتي اوامري وخرجتي من المنزل اقسم لكِ بأنني سأقوم بسجنكِ في القبو دون ان يرف لي اي جفن .
قال ذلك ثم ارتد على عقبه وتركهم جميعاً فقالت بصراخ : لن تقدر على فعل ذلك .
اما روبيرتو فصاح بها قائلاً : هذا يكفي !
فنظرت اليه وقالت بسخط : ومن انت حتى تصرخ بوجهي هكذا ؟
فقال توم : اهدأي ازميرالدا فهذه ليست طريقة جيدة لتتحدثي بها مع من هم اكبر منكِ سناً .
اما روبيرتو فقال بأنزعاج : منذ ان تعرفت عليكِ وانا ارفض ان اتدخل بالمشاكل والخلافات التي تحدث بينكِ وبين ابن عمكِ لأن هذا ليس من شاني ولكن هذا لا يعني انني سألتزم الصمت واسمح لكِ بجرح مشاعره بدماً بارد كما فعلتِ الان فهو صديقي في النهاية .
فقطبت حاجبيها وقالت : قلت انني جرحت مشاعره , وكيف اكون قد جرحت مشاعره في حين هو من قام بفعل ذلك وجرح مشاعري بتصرفاته الأنانية ؟
فقال روبيرتو بنبرة اقل حدة : بلا لقد فعلتِ ذلك حين تحدثتِ دون وعي عن عدم قدرته على دراسة اي موضوع فهو لم يفعل ذلك حقاً والفضل في هذا يعود الى والدكِ الذي دمر مستقبله عندما سرق المال وفر هارباً .
فصمتت ازميرالدا ولم تعلق بشي بينما قال توم : هلا اوضحت كلامك اكثر من فضلك ؟
فتنهد روبيرتو وقال : ان اليخاندرو ترك المدرسة عندما كان مراهقاً صغيراً والسبب في ذلك هو عدم قدرته على دفع اقساط التعليم لأن ليام ديلافيغا سرق كل الميراث وفر هارباً مما جعل صديقي يضطر للعمل في مختلف الاعمال فقط ليتمكن من انقاذ هذه المزرعة وقد تخلى عن حلمه في ان يصبح شرطياً يحمي المواطنين واخيراً اصبح ما هو عليه الأن .
فتنهد توم وفهم ما الذي يحاول روبيرتو ان يقوله بينما قالت ازميرالدا بشيء من الخزي : انا لم ... لم اكن اعلم بهذا .
فزجرها روبيرتو قائلاً : انتِ لا تعلمين الكثير من الأمور لذا يستحسن بكِ ان تفكري اولاً قبل ان تتحدثي بكلام قد يجرح مشاعر الأخرين .
قال ذلك ثم هم بالمغادرة تاركاً خلفه توم وازميرالدا وحدهما فنظرت هي الى توم تنشده ان يواسيها ولكنه قرر ان يكون صارماً معها لذا قال بنبرة صارمة : لا تنظري الي هكذا ازميرالدا فانتِ تعلمين بأنكِ مخطئة وانا لن اساندكِ هذه المرة حتى تتعلمي من خطأكِ .
قال ذلك وتركها وحدها في غرفة الجلوس بينما ذهب هو الى المطبخ ليشرب بعض الماء فوجد ريتا تقوم بصنع بعض الحلوى ولا يعلم لما شعر بالصداع عندما رأها ولكنه لم يأبه بالأمر وقال : ما الذي تصنعينه ؟
فنظرت اليه وابتسمت قائله : اقوم بصنع الكعك المحلى .
فأقترب توم وامسك قطعة من الكعك لم يتم تحميصها بعد ثم رفعها واخذ يتأملها قائلاً : يبدو انها ستكون شهية .
قال ذلك ثم اعادها الى مكانها ونظر الى ريتا واضاف قائلاً : هل تعيشين هنا منذ زمن بعيد ؟
فتابعت هي عملها قائله : منذ ان كنت في التاسعة عشر من عمري , اي منذ ما يقارب الست سنوات حتى الأن .
فأسند توم جسده على الرخام وقال : اذاً انتِ في الخامسة والعشرين من عمركِ .
فنظرت اليه لوهلة ثم ابتسمت وعادت لتتابع عملها قائله : هل ابدو اكبر من ذلك ؟
فأبتسم وقال : بل تبدين اصغر .
فنظرت اليه وقالت : هذا من لطفك يا سنيور .
فقال : ناديني توم فقط فانا لا اهتم بهذه الشكليات .
فنظرت اليه وقالت : شرط ان تناديني ريتا انت ايضاً .
فأبتسم قائلاً : حسناً يا ريتا , سأدعكِ تكملين عملكِ الأن .
قال ذلك ثم سكب لنفسه كوب من الماء واخذه ثم خرج من المطبخ واثناء سيره عاوده الصداع مرة اخرى ومرت بذاكرته صورة لفتاة صغيرة كانت تجري على سطح قارب صغير وتضحك بسعادة غامرة بينما كان هو ما يزال مراهقاً وكان يركض خلفها حاملاً سمكة يريد ان يخيفها بها لذا وبدون ان يدرك ذلك فقد توازنه وكاد ان يقع لولا ان ازميرالدا امسكت به في اللحظة الاخيرة وسألته قائله بقلق : توم ما الذي حدث لك , هل انت مريض ؟
فنظر توم اليها ورمش عدة مرات ثم قال : انا بخير ولكن اعتقد انني متعب قليلاً فانا لم اعتاد على المناخ هنا بعد .
فأمسكت ذراعه واخذت كأس الماء من يده ثم قربته من فمه قائله : اشرب بعض الماء واذهب لتأخذ قسط من الراحة ولا تقلق بشأني فانا لن اذهب الى اي مكان .
فأومى لها برأسه وشرب القليل من الماء ثم قال : سأكون في غرفتي اذا ما احتجتيني لأي شيء , عن اذنكِ الأن .
قال ذلك ثم توجه الى الطابق العلوي بينما تنهدت ازميرالدا وخرجت لتبحث عن اليخاندرو حيث ارادت ان تخبره بأنها قد وافقت على اقتراحه , في الحقيقة لقد جلست مع نفسها بعدما تركها توم وفكرت ملياً بما اخبره بها روبيرتو بشان ابن عمها فوجدت نفسها مخطئة بحقه فعلاً فهو في نهاية المطاف كان يفكر بشأن مستقبلها عندما اقترح عليها ان تلتحق بالجامعة لذا حسمت امرها وخرجت لتبحث عنه وحين سألت احد الحراس اخبرها انه ذهب برفقة روبيرتو الى الأسطبلات ليتفقدا الخيول التي ولدت حديثاً فتنهدت بقلة حيلة وعادت ادراجها وسرعان ما قررت ان تقوم بجولة في الأرجاء لتتعرف على المنزل بشكل افضل اذ انها لم ترى جميع اقسامه بعد بينما كانت العاملة ريجينا والتي تبلغ من العمر خمسة وثلاثون عاماً ترتب لها خزانتها وتفرغ الحقائب كما طلبت منها ريتا في وقت سابق من الصباح .
حل المساء وعاد اليخاندرو وروبيرتو الى المنزل اخيراً فهما قضيا معظم ساعات النهار بالأشراف على شؤون المزرعة والخيول ناهيك عن حل بعض الأمور المتعلقة بعملهم كرجال مافيا بينما استعاد توم عافيته تماماً بعد ان نام لمدة من الزمن ولكن الذكرى التي رأها في الصباح اشغلت تفكيره اذ انه لا يتذكر اي شيء عنها او عن الفتاة التي كان برفقتها عندما كان مراهقاً , اما ازميرالدا فكانت منزعجة لأن الملل لم يفارقها ولو للحظة واحدة بالرغم من استمتاعها بالجولة التي قامت بها في ارجاء المنزل لذا عندما اجتمعوا جميعاً على مائدة العشاء قالت دون اي مقدمات : سألتحق بالجامعة .
فنظروا جميعاً اليها وقد ابتسم توم قائلاً : احسنتِ بأتخاذ هذا القرار .
اما اليخاندرو فقال بهدوء : هل فكرتي بالموضوع الذي ترغبين بدراسته ؟
فقالت بشيء من الحماس : اجل وقد اتخذت قراري بأن اصبح مهندسة ديكورات وتصميم داخلي .
فقال روبيرتو : ولكن لما اخترتي هذا الموضوع بالتحديد ؟
فنظرت اليه وقالت : في الواقع لقد شدني ديكور هذا المنزل واعجبني كثيراً لهذا فكرت بأن ادرس هندسة الديكورات لعلي اصبح مهندسة ماهرة كالشخص الذي صمم ديكور هذا المكان .
فقال توم : انها مهنة جيدة وتستطيعين ان تفتتحي شركة صغيرة بهذا المجال بعد التخرج .
فنظرت اليه وابتسمت قائله : هذا ما فكرت به تماماً .
فقال اليخاندرو : حسناَ , سأهتم بمسألة دخولكِ الى كلية الهندسة وسيكون توم مرافقكِ الدائم حتى اثناء ساعات الدوام .
فنظرت اليه وقالت : اذاً انا لم اعد سجينة اليس كذلك ؟
فقال بهدوء مرعب : لا , لم تعودي سجينة ولكن هذا لا يعني انكِ تملكين كامل الحرية بالتجول كما يحلو لكِ .
فزمت فمها وقالت بتذمر : على الأقل هذا افضل من البقاء في هذا السجن الكبير دون ان يهتم بي اي شخص .
فقال روبيرتو : لقد طلبت من توماس ان يصطحبكِ معه لحضور مصارعة الثيران التي سيشترك بها اليخاندرو بعد يوم غد لذا اعتقد ان هذا الأقتراح قد يبعد عنكِ الملل لبعض الوقت .
فقالت بغير تصديق : هل تقصد انه سيواجه ثور حقيقي كما يحدث في الأفلام الإسبانية !
قالت ذلك واشارت الى اليخاندرو فضحك روبيرتو وقال : اجل فأنتِ في إسبانيا حقاً وهذا امر شائع هنا .
اما اليخاندرو فقال بعدم اكتراث : ان لم تكوني راغبة فلا حاجة بكِ للذهاب , وايضاً العرض قد يكون دموياً لذا انا اقترح بأن ....
فقاطعته قائله بأصرار : بل سأذهب , فكما قال روبيرتو ان هذا قد يبعد عني الملل لبعض الوقت .
فرفع اليخاندرو حاجبه ولم يعلق بينما قال روبيرتو : انها المرة الأولى التي تناديني باسمي فهل استطيع ان اعتبر هذه بداية صداقة جديدة ؟
فنظرت اليه ونظفت حلقها قائله : حسناً , بالرغم من كونك عديم الفائدة الا انني لا اظنك شخص سيء كما انك لم تفعل لي شيئاً لذا لا بأس بأن نصبح صديقين .
فأبتسم اليخاندرو بسخرية بينما كانت ابتسامة توم تنم عن التسلية اما روبيرتو فضحك قائلاً : حسناً يا سنيورا , سيكون هذا من دواعي سروري .
فقال اليخاندرو ببرود : لقد اقترحت ان تكونا صديقين فقط لذا تذكر هذا جيداً روبيرتو .
فأبتسم روبيرتو وقد فهم ما الذي يعنيه قول اليخاندرو فقال بشيء من الغموض : لا تقلق حيال هذا الموضوع لأن قائمتي لا تشمل صغار السن .
فأبتسم توم لأنه فهم عما يتحدثان بينما لم تفهم ازميرالدا اي شيء فقررت ان تغير الموضوع حيث قالت : بالمناسبة انا ارغب بأن اقتني جواداً .
فنظر اليها اليخاندرو وقال : هل تجيدين الفروسية ؟
فقالت بثقة : تعلمتها منذ نعومة اظفاري كما انني املك حصان في لوس أنجلوس ولكنه اصبح ملكك الأن بعدما قام ابي بتقسيم الميراث وحصلت انت على القسم الاكبر .
فنهض اليخاندرو بعدما انهى تناول عشائه وقال : سأحضره لكِ اذاً .
قال ذلك ثم ترك الغرفة وصعد الى غرفته ليأخذ قسط من الراحة بينما استغربت هي من تصرفه حيث وافق على ان يكون لديها جواد خاص بها وليس هذا فقط بل وعدها بأنه سيحضر جوادها الذي في لوس أنجلوس لذا نظرت الى روبيرتو وقالت : هل هو مريض ؟
فقال : لا انه ليس كذلك ولكن لما تسألين ؟
فقالت : لقد اخبرته انني ارغب باقتناء جواد خاص بي ولم يعترض كما يفعل عادةٍ وفوق هذا كله اخبرني بأنه سيحضر حصاني من لوس أنجلوس لهذا انا لا اشعر بالراحة تجاه تغيره المفاجئ .
فتنهد روبيرتو وقال : انه يحاول ان يجعلكِ تشعرين كما لو كنتِ في منزلكِ ففي النهاية انتِ ابنة عمة وقريبته الوحيدة وشاء القدر ان تعيشي هنا لمدة اربع سنوات لذا لا داعي للتعجب فهو ليس شخصاً سيئاً كالصورة التي كونتيها عنه في مخيلتكِ .
فقال توم : هذا ليس مهماً يا عزيزتي ازميرالدا بل يجب ان تكوني شاكرة له لأنه سمح لكِ بأقتناء الجواد وليس هذا فقط بل انه سيحضره من لوس أنجلوس خصيصاً من اجلكِ .
فتنهدت قائله : حسناً لقد فهمت , سأقوم بشكره في ما بعد .
مر اليوم التالي دون اي مستجدات فقط كانت ازميرالدا تحاول التأقلم مع نمط حياتها الجديدة وقد تعمدت ان تتجنب افتعال المشاكل مع ابن عمها الذي خرج من المنزل في الصباح برفقة روبيرتو ولم يعودا الى حين اسدل الليل ستاره بينما كان توم مشغول البال بالذكرى التي عاودت الظهور في مخيلته كما لو انها شريط فيديو والعجيب بالأمر انه لم يتمكن من معرفة هوية الفتاة الصغيرة التي رأها ولا السبب الذي جعله يلعب معها على متن قارب الصيد ذاك وبالنسبة لريتا فكانت تقوم بواجبات الطهي على اكمل وجه وقد اقترحت ان تعلم ازميرالدا كيفية صنع ايس كريم الفراولة فأبدت الأخيرة ردة فعل ايجابية تجاه الفكرة وخصوصاً لأنها كانت تشعر بالملل .
اما في اليوم الذي يلي ذلك اي اليوم المحدد لمصارعة الثيران , توجهوا جميعاً الى وسط المدينة وقد اصطحب اليخاندرو ازميرالدا في سيارته الخاصة بينما ذهب كل من ريتا وتوم برفقة روبيرتو وقام الحراس الشخصيين بتتبعهم بسيارة اخرى وحين وصلوا الى المكان المنشود تفاجات ازميرالدا عندما رأت ان كثير من الناس قد تركوا اشغالهم ومصالحهم وجاءوا لمشاهدة الحدث فأبدت حماس طفولي عندما نزلت من السيارة وكادت ان تضيع بين الحشود لولا ان ابن عمها امسك بذراعها وقال موبخاً : لا يجب ان تبتعدي عني والأ قد تضيعين فأنتِ لا تعرفين المدينة لذا انتظري حتى يصل البقية .
فقالت بتذمر : سأتمكن من معرفتها مع مرور الوقت كما انني لست طفلة لذا لا تتعامل معي على هذا الأساس .
في تلك اللحظة سمعا صوت رجولي ساخر يقول : يا الهي انظروا من هنا , انه اليخاندرو ديلافيغا العظيم .
فنظر كل من اليخاندرو وازميرالدا بأتجاه مصدر الصوت حيث كان صادراً عن رجل وسيم ذهبي الشعر ذو عيون زرقاء باردة وكان يبدو بمثل سن اليخاندرو ولكنه انحف واقصر منه بقليل والعجيب في الأمر انه كان يرسم ابتسامة ساخرة على وجهه عندما تحدث فتنهد اليخاندرو وامسك ازميرالدا من ذراعها ثم سحبها لتقف خلفه وكانه يحاول ان يخفيها عن الرجل وسرعان ما اردف قائلاً : ما الذي اتى بك الى هنا آرتورو ؟
في تلك اللحظة قال الرجل المدعو آرتورو بنبرة عدائية واضحة : اتيت لكي اهزمك شر هزيمة وسأتمكن من فعل ذلك هذه المرة بكل تأكيد .
قال ذلك ثم حرك رأسه ونظر بأتجاه ازميرالدا التي لم تعجبها نظراته فأبتسم واضاف قائلاً : ولكن هل قررت مصاحبة قاصر هذه المرة يا اليخاندرو ؟
فقطب اليخاندرو حاجبيه وقال بأنزعاج : لا شأن لك بها آرتورو فهي ليست كما تظن ابداً لذا ابقى بعيداً عنها .
فتجاهل آرتورو ما قاله اليخاندرو واقترب من ازميرالدا واراد ان يتحدث معها ولكن اليخاندرو امسك ذراعه وقال بحدة : لقد أخبرتك بأنها ليست كما تظن لذا ابقى بعيداً عنها ولا تجعلني أوذيك حقاً هذه المرة .
فانتزع آرتورو ذراعه بعنف وبدون سابق انذار سدد لكمة الى وجه اليخاندرو مما جعل الفتاة تشهق وقال بحدة : لا تقترب مني مجدداً ايها الخائن .
فمسح اليخاندرو الدم عن زاوية فمه وقال بنبرة جادة : ازميرالدا اصعدي الى السيارة .
فقالت بتوتر : لماذا ؟
فصرخ بها قائلاً : لقد قلت اصعدي الى السيارة حالاً لذا افعلي ذلك بسرعة.. يتبع غداً بإذن الله
#حب_على_شفير_النار الجزء 7
- انتزع آرتورو ذراعه بعنف وبدون سابق انذار سدد لكمة الى وجه اليخاندرو مما جعل ازميرالدا تشهق وقال بحدة : لا تقترب مني مجدداً ايها الخائن .
فمسح اليخاندرو الدم عن زاوية فمه وقال بنبرة جادة : ازميرالدا اصعدي الى السيارة .
فقالت بتوتر : لماذا ؟
فصرخ بها قائلاً : لقد قلت اصعدي الى السيارة حالاً لذا افعلي ذلك بسرعة .
فأرتعدرت الفتاة خوفاً لأنها رأته غاضباً بحق هذه المرة لذا ما كان منها سوى ان تمتثل لطلبه فصعدت في السيارة واغلقت الباب ثم اخذت تراقبهما بترقب والتوتر ظاهر على وجهها , اما هو فنظر اليها لوهلة ثم التفت نحو آرتورو وبلمح البصر امسكه من ياقته وقال بنبرة غاضبة : اسمعني جيداً آرتورو ... انا لست راغباً في ان اقوم بضربك الأن حتى لا اجعل ازميرالدا تخاف اكثر من هذا فهي فتاة حساسة ولا تقوى على رؤية العنف وخصوصاً في هذه الفترة ولكن ان لم تختفي من امامي خلال دقيقة فأقسم لك بأنني سأتجاهل وجودها وابرحك ضرباً لدرجة انك لن تتمكن من الوقوف لمدرة اسابيع .
قال ذلك ثم دفعه فأبتسم آرتورو بسخرية وقال : هل تعلم , انا ارغب بأن تبرحني ضرباً لذا اريني ما الذي انت قادر على فعله يا زعيم المافيا .
فتنهد أليخاندرو وقال : لا تستفزني آرتورو واختفي من اماماً الأن فانا بالكاد أستطيع أن اردع نفسي عنك .
فنظر آرتورو بأتجاه ازميرالدا وقال : يبدو ان تلك الفتاة مهمة جداً بالنسبة لك حتى تتخلى عن طبيعتك الخشنة ولا تقوم بضربي الان.
فقال اليخاندرو بنفاذ صبر : لقد اخبرتك بأنها ليست كما تظنها لذا اياك وان تشركها بخلافاتنا هل تفهم ؟
فقال آرتورو بسخرية : انت حقاً اوقح رجل رأيته في حياتي كلها , الا يكفي انك قمت بخيانتي وفوق هذا كله تدعي بأنك مظلوم بالرغم من انك اغويت زوجتي .
فقال اليخاندرو بنبرة خافتة ولكن مرعبة : لقد اخبرتك مراراً بأنني لم اخنك وان كان هنالك خائن فهي زوجتك التي حاولت التودد الي بالرغم من معرفتها بأننا صديقين .
فصاح آرتورو قائلاً : لا تقل عني صديقك فانا لست كذلك ابداً , بل أنني نادم لأنني كنت صديق رجل حقير مثلك استغل غيابي وقام بأغواء زوجتي لتعاشره سراً والان يصادق طفلة لأشباع رغباته الدنيئة .
في تلك اللحظة طفح كيل اليخاندرو لذا قام بلكم آرتورو بقوة جعلت الأخير يقع ارضاً ولكن سرعان ما نهض وهجم عليه وبدأ الشجار بينهما وفي تلك الأثناء شهقت ازميرالدا بينما كانت تشاهد ما الذي يحدث بنظرات مرعوبة ومن حسن الحظ ان روبيرتو والبقية وصلوا فعندما انتبهت ريتا الى الناس المتجمعين يشاهدون الشجار شهقت قائله : يا الهي انه السنيور !
فنظر روبيرتو بأتجاه التجمع وعندما رأى ان صديقه يتشاجر مع أرتورو بطريقة وحشية تفوه بلعنة ثم نزل من السيارة على عجل وكذلك فعل كل من توماس وريتا والحراس الشخصيين فركضوا جميعاً نحو اليخاندرو و آرتورو حيث لم يجرؤ اي شخص من الموجودين ان يحاول التدخل لأيقاف الشجار فأضطر روبيرتو لأن يتدخل بنفسه حيث حاول ان يبعد اليخاندرو عن آرتورو مستخدماً كامل قوته لأيقاف صديقه من تسديد اللكمات الى وجه الرجل الأخر فقال له بصراخ : توقف اليخاندرو قد يموت ان استمريت بضربه هكذا !
في تلك اللحظة فقط عاد اليخاندرو الى وعيه حيث ان الغضب قد اعمى بصيرته ولم يدرك ما الذي كان يفعله فنظر الى آرتورو الذي كان مستلقياً على الأرض والدم يغطي وجهه ويسعل بشدة لذا ابتعد عنه فوراً وصرخ برجاله قائلاً : احضروا الأسعاف حالاً .
قال ذلك ثم هرع نحو آرتورو وكور وجهه بكلتا يديه قائلاً بنبرة قلق : آرتورو يا صديقي ارجوك لا تفقد وعيك , انا اعتذر لذا لا تغمض عينيك اتفقنا .
فقال آرتورو بصعوبة وهو يحاول ان يبعد اليخاندرو عنه : س...سوف اقتلك .
فقال اليخاندرو متوسلاً : حسناً حسناً , انا موافق بأن تقتلني كما يحلو لك لذا ابقى مستيقظاً وارجوك لا تحملني عبء جديد فما لدي يكفيني .
في تلك الأثناء كان توماس يحدق بأليخاندرو بعدم فهم ودهشة ولم يدرك بعد ان ازميرالدا كانت تجلس في السيارة بصمت مخيف وهي لا تبعد عيناها عن اليخاندرو الذي فقد اعصابه بلحظة غضب واصبح كالحيوان الهائج عندما انقض على الرجل الأخر واخذ يضربه بكل وحشية ولكن ريتا لم يخفى عنها الأمر اذ انها لاحظت غياب الفتاة لذا اخذت تتلفت حولها وعندما رأتها في سيارة اليخاندرو وكزت توم قائله : توم , انظر هناك .
فنظر توم بأتجاه السيارة وعندما رأى ازميرالدا داخلها وتبدو كمن رأى شبحاً هرع نحوها بسرعة اذ انه ادرك الوضع وعرف فوراً انها شاهدت الشجار الدموي منذ البداية لذا فتح باب السيارة وامسك وجهها قائلاً : ازميرالدا هل انت بخير يا عزيزتي ؟
ولكنها لم تقل شيئاً بل عادت لتنظر الى اليخاندرو الذي كان يحاول ان يجعل الرجل الذي ضربه مستيقظاً بشتى الوسائل الى حين وصول الأسعاف فقالت بصوت يكاد يختفي : هل ... هل مات ؟
فضيق توم عيناه ولم يفهم ما الذي عنته في البداية ولكن سرعان ما ادرك انها تتحدث عن آرتورو لذا امسك وجهها مجدداً وجعلها تحول نظرها عن المشهد حيث نظرت اليه فأردف قائلاً : كلا يا عزيزتي , انه لم يمت لذا لا تفكري بالأمر ودعيني اعيدكِ الى المنزل اتفقنا .
ولكنها لم تأبه بما قاله بل نزلت من السيارة فحاول ان يوقفها ولكنها ابعدته وأسرعت نحو اليخاندرو والبقية حيث كان فريق المسعفين يحاولون علاج آرتورو الذي وصل حراسه الشخصيين بعد فوات الأوان ولأنهم لم يستطيعوا حماية رأيسهم سحبوا اسلحتهم ومن ثم اشهروها نحو اليخاندرو ولكن رجاله تصدوا لهم ومع ذلك قال روبيرتو بلهجة صارمة : لا داعي لأن تضخموا الموضوع بهذا الشكل .
قال ذلك ثم نظر الى رجالهم وقال بنبرة أمر : اخفضوا اسلحتكم فوراً .
فتردد الحراس مما جعله يزجرهم قائلاً : لقد قلت فوراً .
فما كان منهم سوى اطاعة الأوامر فهو في نهاية المطاف ذراع اليخاندرو الأيمن وكلمته تعادل كلمة رئيسهم , اما اليخاندرو فكان قلقاً على آرتورو لدرجة انه نسي وجود ازميرالدا التي اقتربت منهم وقالت بصوت يرتجف : ايها المتوحش , كيف ... كيف امكنك ان تقوم بضرب الرجل بمثل هذه الوحشية دون ان يرف لك جفن !
فنظر الجميع اليها بينما عقد اليخاندرو حاجبيه وتفوه بلعنة ثم التفت الى توم وقال : ابعدها من هنا يا توم .
فأومى له توم برأسه وامسك ذراع ازميرالدا وحاول ان يبعدها عن المكان ولكنها انتزعت ذراعها واقتربت من اليخاندرو ثم دفعت صدره بكل ما أوتيت من قوة وقالت بصراخ : انت لا يحق لك معاملة البشر بهذه الطريقة وكأنهم مجرد حشرات تعترض طريقك ويجب ان يتم سجنك بسبب هذا التصرف الا اخلاقي .
فلم يقل اليخاندرو اي شيء بل نظر الى آرتورو الذي وضعه المسعفين في سيارة الأسعاف بينما قال روبيرتو بشيء من الحدة : انتِ لا تعلمين شيء بشأن هذا الموضوع لذا لا تتحدثي بالتفاهات ومن الأفضل لكِ ان تعودي الى المنزل برفقة توم فوراً .
وفي الوقت ذاته جاء رجل اشيب الشعر في الخمسين من عمره وقال بصوت خشن : ما الذي حدث هنا يا سنيور ديلافيغا ؟
فنظر الجميع بأتجاه الرجل وسرعان ما امسكه اليخاندرو من ياقة قميصه وقال بعصبية : لما لم تخبرني ان آرتورو سيشارك في هذا الحدث يا ماريو , لو كنت اعلم انه سيكون هنا لما اتيت منذ البداية لذا تحدث بسرعة .
قال ذلك ودفعه بعيداً فأبتلع المدعو ماريو ريقة وقال بتلعثم : في الواقع انا ....
فقاطعه روبيرتو قائلاً بسخط : انت جنيت على نفسك يا سنيور فيغاس لأنك تعلم ان هنالك خلاف قديم بين أرتورو واليخاندرو وانهما يتشاجرا كلما التقيا في مكان واحد ومع هذا وجهت لهما دعوة للمشاركة بهذا الحدث اللعين مما تسبب بكل هذا الفوضى .
فأخرج ماريو فيغاس منديلاً من جيبه واخذ يمسح حبات العرق عن جبينه اذ انه شعر بالتوتر وقال بتلعثم : صدقني يا سنيور ديلافيغا انا لم اشاء بأن ادعو السنيور خوسيه الى هذا الحدث ولكنه اصر على المشاركة عندما علم بأنك ستشارك ايضاَ لهذا لم استطيع منعه من القدوم الى هنا .
فرمقه اليخاندرو بنظرة قاتله جعلته يرتعد خوفاً ثم قال بنبرة تهديد واضحة : لو انني علمت بأنك فعلت ذلك عمداً كي نتشاجر انا وآرتورو اعلم بأن نهايتك ستكون على يدي هل تفهم ؟
قال ذلك ثم ارتد على عقباه بأتجاه السيارة دون ان يعلق بشيء اخر ولكن ماريو فيغاس قال : ولكن ماذا بشأن مصارعة الثيران ؟
فنظر اليه روبيرتو وقال بجفاء : فلتذهب الى الجحيم انت وجميع ثيرانك .
قال ذلك ثم التفت الى ريتا والبقية وقال : هيا بنا , سنعود الى المنزل .
فقام توم بأمساك يد ازميرالدا وقال : ستعودين معنا في السيارة هذه المرة .
فنظرت هي الى سيارة اليخاندرو الذي كانت بدأت تبتعد عن الأنظار ثم تنهدت وسارت برفقة توم بأتجاه سيارة روبيرتو دون ان تعلق بشيء , اما اليخاندرو فكان غاضباً جداً لدرجة انه كان يقود السيارة بسرعة جنونية اذ ان سبب غضبه كان فقدانه السيطرة على اعصابه مما جعله يقوم بضرب آرتورو الذي كان صديقه في يوم من الأيام بينما كان السبب الثاني هو ازميرالدا التي اتهمته بالوحشية امام الجميع فهو ليس متوحشاً بغض النظر عن التصرف الهمجي الذي صدر عنه ولكن ما لا تعرفه هي ان هنالك سوء فهم تسبب بتدمير العلاقة بينه وبين صديق طفولته آرتورو خوسيه .
عودة في الزمن قبل اربع سنوات ......
حيث كان أرتورو متزوجاً من امرأة تدعى ريبكا تصغره بخمس سنوات وكانت على قدر كافي من الجمال ذات شعر اسود وعيون رمادية وبشرة بيضاء بالأضافة الى جسد متناسق مما جعله يقع في حبها ومن ثم يتزوجها وكان يعتقد آن ذاك انه اسعد رجل في العالم بغض النظر عن أمر العقم الذي كانت تعاني منه ريبيكا مما جعلها تصبح غير صالحة لأنجاب الأطفال , ولكن ما لم يكن يعرفه آرتورو هو ان زوجته التي احبها بصدق لم تكن تحبه بل تزوجته لأجل المال وفوق كل هذا كانت مغرمة بصديقه اليخاندرو الذي سحرها بشخصيته القوية ورجولته الطاغية لذا كانت تحاول التودد اليه كلما اتى لزيارة آرتورو وهو لانه لم يشاء ان يجرح مشاعر صديقه اخفى عنه ما كانت تحاول ريبيكا ان تفعله الى حين اتى ذلك اليوم الذي تخطت فيه كل الحدود حيث استغلت غياب زوجها الذي ذهب الى مدينة برشلونه برحلة تخص عمل مزرعته فقامت بأستدعاء اليخاندرو الى منزلها مدعية انها تشاجرت مع زوجها وانها تريد ان تتحدث معه كصديق لعله يحل الخلاف بطريقته الخاصة فما كان منه سوى ان يتخلى عن حذره ويلبي دعوتها وحين خطى الى داخل المنزل ورأها ترتدي ذلك القميص الأسود الملفت للنظر احس بالندم بسرعة فحاول ان يجعل اللقاء قصير قدر الأمكان حيث قال لها بصوت جاف : ريبيكا انا مشغول جداً لذا ارجو ان تخبريني ما الذي حدث بينكِ انتِ وآرتورو بسرعة لعلي استطيع مساعدتكِ بحل المشكلة .
فأستغلت ريبيكا قربه ورمت بنفسها عليه تذرف دموع كاذبة وتنشد السلوان منه ولكنه ابعدها عنه فوراً وقال بحدة : لا تفعلي هذا مجدداً فانا اتيت لأرى ما الذي استطيع فعله من اجلكما انتِ وزوجكِ اذ ان واجب الصداقة يحتم عليّ ان اساعدكما اذا ما واجهتكما مشكلة وليس لأي سبب آخر لذا لا تجعليني اندم على قدومي الى هنا .
فمسحت ريبيكا دموعها المزيفة وقالت بنبرة ناعمة : اعتذر منك اليخاندرو ولكنني متعبة حقاً , هيا تفضل بالجلوس رجاءً .
فتنهد اليخاندرو بصبر ثم جلس وقال : حسناً , تحدثي فكلي آذان صاغية .
فقالت بمراوغة : سوف اصنع بعض القهوة اولاً لذا انتظر قليلاً من فضلك .
قالت ذلك وابتعدت من امامه متعمدة ان تسير بطريقة مغرية جعلته يشعر بالأشمئزاز وفكر للحظة ان يستغل تلك اللحظة ويغادر ولكنه لم يفعل فهو ظن انها ربما تكون قد تشاجرت مع زوجها حقاً وانها تحتاجه لأن يحل المشكلة لذا بقي جالساً الى حين عادت وهي تحمل كوبين من القهوة فقدمت له واحداً وتعمدت ان تفعل ذلك عن قرب مما ازعجه قربها فأبتعد قليلاً ومع ذلك لم تشعر بالحياء بل جلست بجانبه وكأنها علقة تحاول الألتصاق به وجراء ذلك ارتفع قميص نومها ليكشف عن ساقيها اكثر وبدات تخبره بأمور كاذبة عن آرتورو لتبدو وكأنها تعيش حياتها بتعاسه برفقة زوجها الظالم , وبينما كانت تكذب اخذت يدها تتسلل الى صدره وبحركة مباغتة تعلقت بعنقه قائله : اوه اليخاندرو انت هو من احتاجة وليس آرتورو الذي لا يحبني .
قالت ذلك وقبلته فدفعها عنه ونهض قائلاً بسخط : انتِ حقاً عاهرة , كيف يمكنكِ ان تفعلي هذا في حين انني صديق زوجكِ !
فنهضت بدورها وضحكت بسخرية قائله : كف عن ادعاء الفضيلة اليخاندرو فانا اعلم بأنك ترغب بي كما ارغب بك والا لما اسرعت بالقدوم الى هنا فقط لأنني اتصلت بك وطلبت منك القدوم .
فقال اليخاندرو بنبرة غضب : لقد اتيت لأنني اعتقدت انكِ تشاجرتي مع آرتورو حقاً وكانت نيتي ان احل الخلاف الذي بينكما ولكن اتضح لي الأن بأنكِ مجرد كاذبة ولا تستحقين الحب العظيم الذي يكنه لكِ زوجكِ .
فقالت ريبيكا ببرود : بربك يا رجل , كلانا يعلم ان الحب مجرد امر تافه وان جميع العلاقات تحدث بسبب الرغبة فقط لهذا كف عن تضيعة الوقت ودعنا نستمتع بما ان آرتورو ليس هنا وانا اعدك بأنني لن اخبر اي شخص عنا .
في تلك اللحظة انفجر اليخاندرو غضباً وبالكاد استطاع ردع نفسه عن صفعها لذا قال بلهجة تهديد واضحة : اسمعيني جيداً ايتها الساقطة , ان لم تخرجي من حياة آرتورو وتكفين عن خداعه فسوف اقتلكِ بيدي لأنكِ احقر من ان تكوني زوجة لرجل صادق مثله .
فضحكت هي ولم تأبه بما قاله بل اقتربت منه قائله : هل تعلم , لطالما عشقت شخصيتك الهمجية هذه لهذا انا اعتقد انك الرجل المناسب لي وليس ذلك الضعيف آرتورو الذي لا يفقه شيئاً .
فأمسك اليخاندرو كتفيها وضغط عليهما بقوة جعلتها تتأوه بألم وقال من بين اسنانه : ان تحدثتي بالسوء عن صديقي مجدداً سأقطع لسانكِ القذر هذا دون ان يرف لي اي جفن لذا انصحكِ بأن تغلقي فمكِ وترحلي عن هذا المنزل قبل عودة مالكه لأنني لن اسمح لعاهرة حقيرة مثلكِ بان تخدع آرتورو اكثر من هذا .
فأبتسمت ريبيكا وقد لمعت برأسها فكرة شيطانية لذا قربت وجهها منه وقبلته بكل شغف لعله يضعف امام سحرها ومن سوء حظ اليخاندرو ان آرتورو واخته آيفا دخلا الى المنزل في تلك اللحظة بالذات اذ ان الرجل قد أجل موعد رحلته عندما علم بأن اخته الصغرى قادمة من فرنسا في الموعد ذاته لذا قررا ان يجعلان خبر عودتها بعدما انهت دراسة الفنون في باريس مفاجأة لريبيكا ولم يتوقعا ابداً ان تستغل هذه الأخيرة غياب زوجها لتقيم علاقة غير شرعية مع رجل أخر والمصيبة ان اليخاندرو اعز اصدقاء آرتورو فلم يحتمل تلك الصدمة لذا صرخ بأعلى صوته مما جعل زوجته تبتعد عن اليخاندرو الذي ادرك على الفور ان صديقه اساء الفهم لذا حاول ان يشرح له الأمر ولكن الغضب اعمى بصيرة آرتورو الذي اندفع نحوه وانهال عليه بالضرب واخذ يتهمه بالخيانة بينما كانت ريبيكا ما تزال تحت تأثير الصدمة , اما آيفا فحاولت ان تبعد اخيها عن صديقه حتى لا يتهور ولكنها لم تتمكن من فعل ذلك فما كان من اليخاندرو سوى ان يقلب الموازين حيث لكم آرتورو بقوة وقال بغضب : كفاك جنوناً واستمع الى تفسيري اولاً قبل ان تتهمني بالخيانة !
فنهض آرتورو ومسح الدم عن زاوية فمه ثم صرخ قائلاً : اصمت ايها الخائن فانا رأيتكما بأم عيني ولو انني لم اقرر العودة فجأة لربما بقيت مغفلاً طوال الوقت .
قال ذلك ثم التفت الى زوجته وسرعان ما وثب بخطواته وانقض عليها واخذ يصفعها بكل ما أوتي من قوة ويصرخ ويتهمها بالخيانة والفسوق بينما اخذت هي تبكي وتحول التملص من قبضته فأراد اليخاندرو ان يتدخل قبل ان يقوم صديقه بقتلها مما قد يؤدي الى وقوعه بالمشاكل ولكن آرتورو سحب مسدسه وأشهره بوجهه قائلاً : ان اقتربت خطوة واحدة سيكون هذا المنزل قبرك هل تفهم ؟
فتوقف اليخاندرو مكانه بينما قالت آيفا ساخطة : لا تتهور يا اخي فهما لا يستحقان ان تدمر نفسك من اجلهما .
فنظر اليها اليخاندرو وقال معاتباً : ما الذي تقولينه يا آيفا , انا لم افعل شيئاً يستحق هذه المعاملة ام انكِ نسيتي من اكون !
فقالت له بنبرة جافة : لقد رأيناكما معاَ اليخاندرو لذا لا تحاول انكار ذلك ويستحسن ان تغادر من هنا قبل ان تسوء الأمور اكثر من هذا .
فنظر اليخاندرو الى آرتورو وقال : صدقني يا صديقي انا ....
فقاطعه آرتورو حين صرخ قائلاً : اخرج من منزلي ايها الحقير وأياك ان تناديني صديقي مرة اخرى فانا لا يشرفني ان اكون صديقك بعد اليوم .
فقطب اليخاندرو حاجبيه وبالرغم من انه مدرك تماماً ان آرتورو غاضب ولا يجب ان يأخذ كلامه على محمل الجد الى ان كبريائه منعه من البقاء داخل المنزل الذي طرد منه اكثر من ذلك لذا قال : اعلم جيداً ان اليخاندرو ديلافيغا لا يخون احداً حتى لو كان غريباً عنه فما بالك لو كان هذا الشخص هو صديقه , وان كنت مصراً على انهاء صداقتنا فانا لن امانع ولكنني لن انسى لك هذا التصرف وسيأتي يوم وتدرك فيه انني كنت اقول الحقيقة عندها ستندم في حين لن ينفعك الندم .
قال ذلك ثم ارتد على عقبيه واراد ان يغادر ولكنه توقف مجدداً وعاود النظر اليهم والى ريبيكا التي كنت تبكي بحرقة على الأرض بينما كان فمها وانفها ينزفان فتملكه الغضب حين رأها وقال بسخط : سوف اسديك نصيحة قبل ان اغادر , اياك وان تسامح هذه العاهرة فهي لا تحبك كما انها حاولت اغوائي مستغلة غيابك وخطأي الوحيد انني صدقتها واتيت الى هنا دون علمك لهذا انا مذنب ايضاً .
وبعد ان قال ذلك غادر وتركهم فلم يتحمل آرتورو اكثر لذا قام بطرد زوجته من المنزل قبل ان يتهور ويقوم بقتلها وبدأً من ذلك اليوم انتهت الصداقة بينه وبين اليخاندرو واصبح شغله الشاغل هو أذية صديقه القديم بأي شكل من الأشكال ودام الخلاف لمدة اربع سنوات دون ان يحاول آرتورو سماع الحقيقة من اليخاندرو ولو لمرة واحدة بغض النظر عن المرات الكثيرة التي حاول بها الأخير بأن يخبره بها .
عودة الى الواقع ...........
حيث كانت ازميرالدا جالسة برفقة كل من توم وروبيرتو في المنزل وكان روبيرتو قد اخبرهم بقصة الخلاف القديم كاملة حتى لعل الفتاة تدرك ان ابن عمها ليس همجياً كما تصفه ولكنها لم تقتنع بل قالت بشيء من الحدة : حتى وان كانت هذه حقيقة الموضوع هذا لا يبرر له فعلته فهو قام بضرب الرجل الذي من المفترض ان يكون صديقه بطريقة تخلو من الأنسانية .
فقال روبيرتو بأنزعاج : انتِ حقودة جداً هل تعلمين هذا ؟
فنهضت قائله بغضب : انت تتهمني بهذا الشكل لأنني لم اتقبل تصرفات صديقك الهمجي اليس كذلك ؟
فنهض هو ايضاً وقال بغضب : من تقولين عنه همجياً يكون ابن عمكِ يا سنيورا وهو الوصي الشرعي عليكِ لذا حافظي على الفاظكِ جيداً فانا لن اسمح لكِ بالتحدث عنه بالسوء اكثر من هذا فقط لأنه لم يعاملكِ بلطف كما اعتدتي ان يعاملكِ الأخرين .
فنهض توم وقال : رجاءً روبيرتو لا داعي لكل هذا الأنفعال .
قال ذلك ثم التفت الى الفتاة واضاف قائلاً : وانتِ ايضاً ازميرالدا , كفي عن انتقاد كل ما يفعله اليخاندرو فحياته الخاصة وتصرفاته لا تعنيكِ ابداً .
فقالت بسخط : كيف تريدون مني ان اغض النظر عن تصرفاته المتوحشة وهو يقوم بضرب الناس بمثل تلك الطريقة البربرية ؟
فقال روبيرتو : انا واثق بأن اليخاندرو قام بضرب آرتورو لسبب وجيه والا لما اقدم على فعل ذلك التصرف ابداً فهو يحب آرتورو كثيراً بغض النظر عن الخلافات التي بينهما .
فقالت بسخرية : لقد ابرحه ضرباً وادخله المستشفى بالرغم من انه يحبه فما الذي كان سيفعله بذلك المسكين ان كان يكرهه !
فقال توم بحدة : هذا يكفي ازميرالدا , لقد اخبرتكِ بأن ما يفعله ابن عمكِ ليس من شأننا لذا دعينا ننهي هذا النقاش الأن فوراً .
فزمت ازميرالدا فمها بأنزعاج وضربت الأرض بقدمها بحركة طفولية ثم تركتهما وخرجت من غرفة المعيشة بينما قال روبيرتو : يا لها من مزعجة , تتحدث وكأن اليخاندرو شيطان خرج من الجحيم فقط ليضرب الناس !
فنظف توم حلقه وقال : يجب ان تعذرها فهي كانت خائفة لأنه لم يسبق لها وان رأت رجلين يتشاجران بتلك الطريقة من قبل .
فنظر روبيرتو اليه وقال بتذمر : هذا ليس بيت القصيد فهي تكره اليخاندرو منذ البداية لهذا تحاول ان تشوه سمعته قدر الأمكان بأتهامها له بأنه رجل بربري ومتوحش ولكنني لن اسمح لها بذلك لذا يجب ان تخبرها انه يجب عليها التزام حدها قبل ان يجن جنوني عليها فهي لم تعرفني بعد اذا ما فقدت اعصابي .
قال ذلك وغادر الغرفة تاركاً توم بمفرده فتنهد بقلة حيلة وقال محدثاً نفسه : ما هذه الورطة التي اوقعتنا بها يا سنيور ليام !
اما عند اليخاندرو .....
فذهب الى المستشفى حيث كان آرتورو يتلقى علاجه ولكن الحراس رفضوا ان يسمحوا له بالدخول لهذا لم يشاء ان يعترضهم ويتسبب بخلق مشكله في المشفى لذا وقف ينتظر بالقرب من الباب , وفي تلك اللحظة اتت تلك الفتاة الشقراء التي تشبه آرتورو لدرجة كبيرة وحين رأته توجهت نحوه فوراً ثم صفعته بقوة وقالت بسخط : كيف امكنك ان تفعل ذلك به ؟
اما هو فلم يحرك ساكناً لأنها صفعته بل تنهد وقال بهدوء : هو من بدأ اولاً يا آيفا لذا لا تحمليني كامل المسؤلية .
فذرفت آيفا الدموع وقالت : لقد كنت احاول ان اصلح العلاقة التي تهدمت بينكما بسبب غبائك ولكنك بفعلتك هذه دمرت كل شيء ولن يسامحك آرتورو ابداً هذه المرة .
فقال اليخاندرو بشيء من الغضب : لقد اخبرتكِ بأنه هو من بدأ اولاً وانا لست ملاك حتى اتمالك اعصابي امام استفزازه لهذا لم اشعر بنفسي عندما بدات اتشاجر معه , ثم انتِ تعلمين انني لم اخنه وان ريبيكا هي من كانت تحاول التودد الي لهذا يجب ان تقنعيه بهذه الحقيقة لعله يستمع منكِ .
فقالت آيفا بسخط : هذه ما اخبرتني به انت اليخاندرو ولأنني اعلم انك لا تفعل شيئاً حقيراً كالخيانة صدقتك عندما اخبرتني القصة ولكن هذا لا يعني انني سوف اسامحك بسبب ما فعلته اليوم بأخي فهو سيشعر بالذل الأن لأنك ضربته امام الكثير من الناس .
فزفر اليخاندرو الهواء بنفاذ صبر وقال : في هذه الحالة سأجعله يقوم بضربي ايضاَ عندها سنكون متعادلان .
آيفا : وهل تظن ان هذا قد يحل المشكلة وخصوصاً لأنه ليس نداً لك ؟
فقال بأنزعاج : اخبريني اذاً ما الذي تريدين مني ان افعله في حين ان شقيقكِ قد فقد عقله منذ اربع سنوات وقد اصبح شغله الشاغل مضايقتي على الدوام ؟
فتنهدت هي وقالت : انت تعلم انه يرفض ان يتقبل حقيقة ما حدث وخصوصاً لأن الحقيرة ريبيكا قد فضلتك عليه لهذا هو حاقد عليك وانت يجب ان تراعي شعوره باعتبارك صديقه .
فقال اليخاندرو بنبرة اقل حدة : وهذا ما احاول ان افعله منذ اربع سنوات حتى الأن , ان اراعي شعوره لأنه يشعر بالإهانة بسببي ولكن هذا لا يعطيه الحق في ان يتهمني بالحقارة كلما رأني وقد تخطى كل الحدود اليوم لدرجة انني فقدت السيطرة على اعصابي وقمت بضربه .
فتنهدت آيفا مجدداً وقالت : حسناً , انا اعتذر منك بالنيابة عنه لذا ارجوك ان تغض النظر عما قاله او فعله .
فغرس اليخاندرو اصابعه بين خصلات شعره واعاده الى الخلف ثم اردف قائلاً : حسناً , سوف اذهب الأن ولكن لا تنسي ان تتصلي بي عندما يستيقظ لتخبريني كيف اصبحت حالته .
آيفا : لن انسى ولكنك بحاجة للعلاج ايضاَ لذا لا تهمل نفسك وضع بعض الدواء على جرحك والا سيترك ندبة .
فوضع اليخاندرو يده على الجرح الذي بزاوية فمه ثم ابتسم بلطف وقال : لا تقلقي سأكون بخير .
فأبتسمت له بدورها وقالت : ليت اخي يفهم انك لم ولن تخونه ابداً .
فقال اليخاندرو بجدية : سيأتي يوم ويدرك به انه ظلمني , عن اذنكِ الأن .
قال ذلك ثم ربت على كتفها وغادر اما هي فتنهدت وذهبت لتلقي نظرة على اخيها الذي لم تكن حالته خطرة بغض النظر عن الكسر الذي في الأنف وبعض الرضوض والكدمات التي ستختفي مع مرور الوقت , وحين عاد اليخاندرو الى المنزل في فترة ما بعد الظهر اي حوالي الساعة الثالثة والنصف تعمد ان يتجنب الألتقاء مع ازميرالدا لأنه لم يكن راغباً في ان يستمع الى إهاناتها التي لا تنتهي ولكن القدر كان له رأي اخر حيث انه رأها تتمشى في الحديقة وقد توقفت حين رأته ورمقته بنظرات عدائية فتنهد وتجاهلها تماماً ثم تابع طريقه باتجاه المنزل وهو يتحسس جرحه وعندما مر من جانبها قالت ببرود : تستحق هذا ايها البربري .
قالت ذلك ثم ارادت ان تبتعد ولكنه رفض ان يغض النظر عما قالته فهو في النهاية اكبر منها بسنوات طويلة والوصي الشرعي عليها لذا يتوجب عليها احترامه وان لم يكن الامر بالحسنى سيكون بالقوة لذا امسك ذراعها فجأة مما جعلها تشهق قائله : ما الذي تفعله ايها المجنون , دعني فوراً ! .
ولكنه لم يدعها بل امسك فكها بقبضة من حديد وقال بحدة : ان قلتي اي كلمة اخرى سأجعلكِ تتعرفين على اليخاندرو ديلافيغا الحقيقي , والان استمعي الي جيداً يا فتاة ...انا قليل الصبر ولا اطيق الأشخاص المزعجين امثالكِ ولكنني مضطر لأن اتحملكِ لمدة اربع سنوات لذا يجب عليكِ التكيف مع نمط حياتي هذا وايضاً ان سمعتكِ تتحدثين معي او مع اي شخص اكبر منكِ بقلة احترام مجدداً سيكون حسابكِ عسيراً هل فهمت هذا ؟
اما هي فقد خافت منه حقاً وخصوصاَ لأنه كان يبدو غاضباً للغاية لذا ادمعت عيناها وأومت برأسها مما جعله يرتبك امام دموعها فتركها فوراً وقال بأنزعاج : اذهبي من امامي فوراً .
فمسحت ازميرالدا دموعها وقالت بصوت مرتجف : انت قاسي جداً وانا اكرهك ولا اطيق النظر في وجهك .
قالت ذلك ثم ركضت بأتجاه الداخل تاركة اليخاندرو واقفاً مكانه وقد انتابته نوبة غضب فكاد ان يجن جنونه لذا صب جام غضبه على الأصص الزراعية التي بجانبه حيث اخذ يدمرها ويصرخ مما اثار الرعب في قلوب الحراس الذين شهدوا على ذلك ولأنهم يدركون تماماً كيف ينتهي المطاف بكل شخص يقترب منه عندما يكون غاضباً فضلوا عدم الأقتراب منه في تلك اللحظات , اما هو فأخذ يلهث وقد هدأ قليلاً اذ انه شعر بالتعب بعد تلك النوبة المجنونة التي اصابته فرفع رأسه واذ بصديقه روبيرتو واقفاً على الشرفة العليا من المنزل وكان يراقبه بصمت فأشار اليه بحركة من يده لكي ينزل فنزل روبيرتو وتوجه اليه فقال له اليخاندرو : سأذهب الى البيت الذي في الجبل لأقضي بعض الوقت بمفردي لذا لا تخبر اي احد عن مكاني واذا حدث اي شيء يستدعي حضوري انت تعلم اين تجدني .
فتنهد روبيرتو قائلاً : اهذا كله لأن تلك الفتاة قالت بأنها تكرهك !
فنظر اليه اليخاندرو وقال بنبرة غضب : اياك .. اياك وان تتفوه بهذا الهراء مجدداً روبيرتو فهي لا تهمني على الأطلاق .
فقال روبيرتو بشيء من الحدة : كف عن الكذب فانت تستطيع ان تقول هذا الكلام لأي شخص ولكن ليس لي انا لأنني اعرفك جيداً ربما اكثر مما تعرف نفسك وانت واقع في حبها دون شك لهذا انت غاضب الان .
فلم يحتمل اليخاندرو سماع تلك الحقيقة او الأعتراف بها لذا قام بضرب روبيرتو وقال : اصمت !
فوضع روبيرتو يده على فمه وبالرغم من انه نزف ابتسم قائلاً : اذا انا محق اليس كذلك ؟
فعاد اليخاندرو وضربه مجدداً قائلاً بصراخ : لقد قلت لك بأن تصمت لذا لا تقل المزيد .
ولكن روبيرتو لم يأبه باللكمات التي تلقاها بل قال : يجب ان تعترف لنفسك بهذه الحقيقة يا صديقي والا ستفقد عقلك ان بقيت هكذا مع انني لا افهم كيف انتهى بك المطاف بأن تحب تلك الطفلة خلال هذا الوقت القصير .
فأنهال اليخاندرو عليه بالضرب وهو يصرخ قائلاً : تباً لك روبيرتو ايها اللعين , لقد اخبرتك بأن تصمت لذا يجب ان تفعل ذلك .
في تلك اللحظة امسك روبيرتو بكلتا يدي صديقه وقال بنبرة صارمة : وانت يجب ان تعترف بأنك وقعت في حب ابنة عمك لهذا لا تحتمل ان تنظر اليك بتلك الطريقة البشعة التي كونتها عنك .
فانتزع اليخاندرو يديه وقال ساخطاً : حسناً ايها الوغد , لقد وقعت في حبها بالفعل لذا هل انت سعيد الأن ؟
فتنهد روبيرتو وقال : في هذه الحالة يجب عليك ان تصارحها بما ....
فقاطعه اليخاندرو قائلاً : لا , اياك وان تخبر اي احد عن هذا الأمر روبيرتو وخصوصاً ازميرالدا فهي لن ترضى بأن يحبها شخص همجي مثلي اذ انها أرق من ان تكون حبيبة لزعيم مافيا تكرهه كما لو انه سفاح اتى من الجحيم .
فوضع روبيرتو يده على كتف اليخاندرو وقال : اذاً لما لا تجعلها ترى الجانب الجيد من شخصيتك ؟
فتنهد اليخاندرو قائلاً : انا لست مضطراً لأن افعل اي شيء لأجعلها تدرك انني احبها كما انني لا اريد ان احبها اكثر فكل ما اشعر به تجاهها ما هو الا نزوة عابرة لهذا سأدعها في عهدتك لبعض الوقت حتى اتغلب على هذه المشاعر المزعجة .
روبيرتو : وهل الهروب الى بيت الجبل هو الحل برأيك ؟
اليخاندرو : على الأقل سأكون بعيداً عنها ولن اراها وبالتالي لن تتطور مشاعري نحوها لأنه من المستحيل بالنسبة لي ان اضع نفسي بموقف ساخر مثل هذا .
فقطب روبيرتو حاجبيه وقال : ما الذي تقصده بقولك ساخر ؟
اليخاندرو : اقصد انني وبكل بساطة تركت نساء العالم اجمع ووقعت في حب ابنة عمي التي لا يتجاوز عمرها واحد وعشرين سنة وفوق كل هذا انها تكرهني ولا تطيق النظر في وجهي وقد اخبرتني هذا بكل وضوح منذ قليل .
روبيرتو : انها لا تفقه شيئاً يا صاح وانا اعتقد انها غاضبة منك فقط لأنك تعاملها بطريقة لم تعتاد عليها عندما كانت اميرة في لوس أنجلوس ولكن هذا لا يعني انها تكرهك فعلياً وربما في اعماقها هي تعلم ذلك وترفض الأعتراف به لانها مهتمة بك وبما تفعله بطريقة غير اعتيادية .
اليخاندرو : لا تتحدث بالتفاهات فقط لأنك تريد ان تخفف عني لأنني اعلم جيداً كيف تراني تلك الفتاة وان كان هنالك اي أمل في جعلها تغير نظرتها عني فقد قتلته عندما ارعبتها منذ قليل .
روبيرتو : اذاً لما اخفتها بتلك الطريقة ؟
فقال اليخاندرو بأنزعاج : لأنها لا تحترم احداً وكان لا بد وان افرض عليها احترامي فانا الوصي الشرعي عليها وقريبها الوحيد وقد اويتها واحضرتها الى منزلي بغض النظر عما فعله والدها فقط لأنني ...
قال ذلك والتزم الصمت فتنهد روبيرتو وقال : لأنك وقعت في حبها .
فنظر اليه اليخاندرو وقال : انا ذاهب , احرص على ان تكون المزرعة بخير اثناء غيابي .
قال ذلك ثم اراد ان يغادر ولكنه توقف عندما سمع صوت ريتا تصرخ قائله : لا يا سنيورا ان هذا خطر !
فنظر اليخاندرو الى روبيرتو كما فعل الأخير الأمر ذاته وسرعان ما ركضا الى داخل المنزل حيث كانت ازميرالدا قد جمعت اغراضها وقررت العودة الى لوس أنجلوس ولكي لا يعترض اي شخص طريقها تسللت الى غرفة اليخاندرو واخذت مسدسه الأحتياطي من درج الكوميدينو وقد وجدته معتمدة على غريزتها الأنثوية وعندما ابدى توم اعتراضاً على رغبتها في الرحيل اشهرت المسدس في وجهه بلحظة جنون وقالت : لا اريد من احد ان يقف في طريقي فانا لن ابقى في هذا المنزل دقيقة واحدة وخصوصاً لأن ذلك المتوحش يعيش هنا .
فقالت ريتا بتوسل : رجاءً يا سنيورا لا تتهوري .
اما توم فقال بحذر : ازميرالدا يا عزيزتي اهدأي واعطيني المسدس فقد تؤذين نفسكِ دون ان تدركي ذلك .
فصرخت قائله : لن افعل .
في تلك اللحظة وصل كل من روبيرتو واليخاندرو الذي اتسعت عيناه عندما رأها تحمل المسدس فصرخ بها قائلاً : ما الذي تفعلينه ايتها المجنونة , اعطيني المسدس من يدكِ فوراً .
قال ذلك ثم اراد ان يقترب ولكنها اشهرت المسدس في وجهه وقالت بصراخ : ابقى مكانك ولا تقترب مني ابداً .
فقال روبيرتو بسخط : اللعنة عليكِ من اين احضرتي هذا المسدس !
فقالت وهي ترتجف : لا شأن لك , والان ساغادر هذا المنزل فانا لن اعيش مع رجل بربري لمدة اربع سنوات مهما كلفني الأمر .
فتفوه اليخاندرو بلعنة وقد ضاق ذرعاً من كل الأحداث التي حدثت خلال النهار لذا خطى نحوها قائلاً : كفاكِ جنوناً واعطيني المسدس اللعين بما انني ما زلت اتحدث معكِ بلطف
فقالت بأصرار : ان تقدمت خطوة واحدة سأطلق النار عليك .
فلم يأبه بما قالته فهو كان مدرك تماماً بأنها لن تفعل ذلك ولكنها صدمته وصدمت الجميع عندما اطلقت النار عليه فعلاً واصابته بذراعه مما جعل روبيرتو يصرخ قائلاً : ايتها المجنونة اللعينة ما الذي فعلتيه !
قال ذلك ثم هرع نحو اليخاندرو الذي لم يستوعب بعد انها اطلقت النار عليه حقاً وفي تلك الأثناء تجمع كل حراس المنزل على اثر صوت الطلق الناري بينما تملك الخوف قلب ريتا عندما رأت ان اليخاندرو ينزف وبالنسبة لتوم فتجمد في مكانه تماماً اذ انه لم يصدق ان تقوم ازميرالد ا بفعل شيء كهذا , اما هي فأستيقظت اخيراً من نوبة الجنون التي انتابتها وعنددما ادركت ما فعلته اوقعت المسدس وسرعان ما وقعت مغشى عليها فقال اليخاندرو بصوت محشرج : انا بخير روبيرتو , لذا لا تقلق .
قال ذلك ثم نظر الى الحراس وقال بخشونة : لم يحدث اي شيء يذكر لذا عودوا الى عملكم , وانت يا توم لا تقف مدهوشاً هكذا وخذ ازميرالدا الى غرفتها فوراً .
فرمش توم عدة مرات وسرعان ما قال : ح..حسناً .
قال ذلك ثم اسرع نحوها وحملها فلحقت به ريتا وهي تحمل الحقيبة بينما قال روبيرتو بقلق : دعنا نذهب الى المشفى اليخاندرو فأنت تنزف .
فنظر اليخاندرو الى جرح الرصاصة بذراعه وقال وهو يضغط على الجرح : لا داعي لذلك فالرصاصة لم تدخل في ذراعي اي ان الأمر ليس مهماً لهذه الدرجة .
فأخذ روبيرتو يتفحص الجرح وسرعان ما تنفس الصعداء وقال : حمداً لله ان الجرح سطحي ولكن مع هذا يجب ان تتلقى العلاج .
قال ذلك وضغط على قبضته قائلاً من بين اسنانه : تلك المدللة المجنونة ان لم اقوم بكسر ذراعها فلن يكون اسمي روبيرتو ميغيل .
فقال اليخاندرو : على رسلك يا رجل فهي لم تكن تعي ما الذي تفعله وانا واثق من هذا .
فنظر اليه روبيرتو وقال : لا تدافع عنها اليخاندرو فهي اخطأت ويجب ان تعاقب على خطأها حتى لا تكرره مجدداً .
اليخاندرو : سوف تعاقب , ثق بأنني سوف اعاقبها ولكن على طريقتي الخاصة .
.
.
استيقظت ازميرالدا اخيراً في تمام الساعة العاشرة وخمسين دقيقة ليلاً فوجدت ان الليل قد اسدل ستاره وانها وحدها في غرفتها المعتمة لذا عندما استرجعت احداث ما حصل وادركت انها ارتكبت خطأ فادح بحق ابن عمها اصابها الذعر تماماً فقفزت من السرير كمن لدغها عقرب ثم اخذت تتخبط بخطواتها بأتجاه باب الغرفة ولكنها لم تتمكن من الخروج اذ ان ذراع قوية امسكت بخاصرتها فأزدادت ذعراً واخذت تحاول ان تتملص من الشخص الذي امسكها ولكنها صدمت عندما هزها قائلاً : اهدأي انه انا .
وفي تلك اللحظة اشعل المصباح فنظرت اليه وسرعان ما تجمعت الدموع في عيونها فقالت : توم , توم انا اسفه صدقني لم اقصد ان اشهر المسدس في وجهك او ان ....
فعانقها توم وقال بنبرة حنان : اعلم هذا يا عزيزتي لذا لا تتعبي نفسكِ بالشرح واخبريني هل انتِ بخير الان ؟
قال ذلك ثم ابعدها عنه فنظرت اليه وقالت : انا بخير ولكن , اليخاندرو .
فأبتسم لكي يطمئنها وقال : انه بخير , لقد خدشته الطلقة النارية ومن حسن الحظ ان اصابته ليست خطيرة .
فابتلعت ريقها وقالت : اريد ان اراه .
توم : انه في غرفته الأن وطلب بأن لا يزعجه احد لأن مرهق بسبب كل ما حدث خلال النهار .
فأمسكت ازميرالدا ذراعه وقالت : توم انت لا تفهمني , انا ... لقد ارتكبت خطأ فادح لذا لن ارتاح الا عندما اتحقق بأنه بخير .
فتنهد توم وقال : انه لا يريد ان يراكِ ازميرالدا , هذا ما قاله لذا ابقي بعيدة عنه رجاءً على الأقل حتى يخف غضبه منكِ .
فقالت بأصرار : سوف اتحدث معه لذا ارجوك لا توقفني وانا اعدك بأنني ساحاول ان اتجنب ازعاجه تماماً .
فقال توم بتذمر : لقد اصبحتِ عنيدة جداً وخارجة عن السيطرة ازميرالدا لذا افعلي ما تشائين ولكن لا تلوميني عندما ينفجر غاضباً في وجهكِ فانا قد حذرتكِ مسبقاً .
قال ذلك ثم خرج من الغرفة وتركها لوحدها فوقفت مترددة هل تخرج من غرفتها لتذهب وتطمئن على ابن عمها الذي اطلقت النار عليه دون وعي ام تغض النظر عن الفكرة كلها ولكن احساسها بالذنب منعها من ان تبقى في غرفتها لذا استجمعت شجاعتها وخرجت من الغرفة اخيراً فنظرت حولها لترى ان كان هنالك اي احد بالجوار فلم ترى احداً فتنفست بعمق وخطت عدة خطوات بأتجاه باب غرفة اليخاندرو ثم مدت يد مرتجفة وقرعت الباب بخفوت ولكنها لم تسمع رداً لذا فتحته بحذر حيث كانت الأضائة خافتة والصمت سيد المكان فأبتلعت ريقها عندما رأته مستلقاً على سريره عاري الصدر وذراعه مضمدة بينما كانت عيناه مغمضة بهدوء لذا اخذت ترتعد خوفاً من ان يستيقظ ويراها في غرفته ولكن ذلك لم يمنعها من الأقتراب من سريره لتلقي نظرة على ذراعه وبعدها تخرج فوراً .
فأخذت تسير بخطوات خافتة وحذرة جداً ومع كل خطوة تخطوها كان خوفها وتوترها يزداد اكثر وخصوصاً عندما اصبحت واقفة بجواره تماماً فانحنت بجسدها قليلاً وارادت ان تلمس مكان الجرح ولكن ما حدث هو ان اليخاندرو سحب مسدسه من تحت الوسادة وبلمح البصر سحبها من يدها وثبتها على السرير واضعاً المسدس على جبينها مما جعل الذعر يتغلغل في قلبها فنظرت اليه بخوف ولم تقوى على نطق اي حرف بينما تنهد هو عندما ادرك انها هي من تسلل الى غرفته خلسة وقبل ان يقول اي شيء وقع بثقل جسده عليها فاقداً للوعي... يتبع غداً
#حب_على_شفير_النار الجزء 8
(آسف على التأخير)
- أخذت ازميرالدا تسير بخطوات خافتة وحذرة جداً ومع كل خطوة تخطوها كان خوفها وتوترها يزداد اكثر وخصوصاً عندما اصبحت واقفة بجوار سرير اليخاندرو تماماً فانحنت بجسدها قليلاً وارادت ان تلمس مكان الجرح الذي في ذراعه ولكن ما حدث هو ان اليخاندرو سحب مسدسه من تحت الوسادة وبلمح البصر سحبها من يدها وثبتها على السرير واضعاً المسدس على جبينها مما جعل الذعر يتغلغل في قلبها فنظرت اليه بخوف ولم تقوى على نطق اي حرف بينما تنهد هو عندما ادرك انها هي من تسلل الى غرفته خلسة وقبل ان يقول اي شيء وقع بثقل جسده عليها فاقداً للوعي فأصابها الفزع تماماً وأخذت تحاول ابعاده عنها ولكن دون جدوى لأن الرجل كان ثقيلاً جداً وفوق كل هذا فقد وعيه لسبب تجهله .
وعندما لمست كتفه العاري لتبعده وتنهض تفاجأت بأن حرارته كانت مرتفعة لذا وضعت يدها على جبينه تلقائياً حيث ادركت انه مصاب بالحمى فقررت ان تستجمع قوتها كاملة لتحركه قليلاً وبالفعل تمكنت من فعل ذلك ثم نهضت وارادت ان تخرج من الغرفة بأسرع ما يمكن ولكن شيئاً ما في داخلها منعها من الخروج وخصوصاً عندما رأته يتنفس بشكل غير منتظم فتنهدت واقتربت منه مرة اخرى ولمست جبينه بعد تردد ومن ثم اخذت تلتفت حولها وكأنها تبحث عن شيء ما فوقع نظرها على باب الحمام لذا أسرعت بدخوله ثم فقتحت خزانة المغسلة واخرجت منها فوطة قطنية صغيرة الحجم وبعدها بللتها بالماء البارد ثم عادت الى حيث كان اليخاندرو نائماً فوضعت الفوطة على جبينه واخذت المسدس من يده بحذر ووضعته جانباً ثم وقفت تحدق به وقالت محدثة نفسها : هذا لن يجدي نفعاً , يجب ان يفحصه الطبيب لعل الحمى التي اصابته ناتجة عن تعرضه للأصابة بالطلق الناري .
قالت ذلك ثم اسرعت بالخروج من الغرفة وبعدها شقت طريقها بأتجاه الدرج المؤدي الى الطابق السفلي فصادفت روبيرتو امامها وكادت ان تصطدم به مما جعله يرفع كأس الماء الذي كان يحمله وقال : على رسلكِ يا فتاة .
اما هي فتنهدت بأرتياح وقالت : من الجيد انك هنا , لقد كنت على وشك ان اطلب من ريتا الأتصال بالطبيب لأن اليخاندرو مصاب بالحمى على ما اعتقد .
فأتسعت عينا روبيرتو عندما سمع ذلك وقال بنبرة قلق : قلتي حمى , ولكن كيف عرفتي انه مصاب بالحمى ؟
فقالت دون تردد : لقد اردت الأطمئنان عليه لأنني شعرت بالذنب بسبب فعلتي لذا دخلت الى غرفته وعندما اقتربت من سريره استيقظ لمدة وجيزة وسرعان ما فقد وعيه وعندما تحسست جبينه كانت حرارته مرتفعة لهذا وضعت له فوطة مبللة لتساعد في انخفاض حرارته ولكن هذا ليس كافياً فهو بحاجة لرعاية طبية .
فوضع روبيرتو كأس الماء على منضدة قريبة منه وقال : سأذهب لأتفقده .
قال ذلك واسرع بالذهاب الى غرفة اليخاندرو فلحقت به ازميرالدا وعندما دخلا واقترب روبيرتو من السرير حيث ينام صديقه أبعد الفوطة عن جبينه ثم اخذ يقيس درجة حرارته فوجدها لا تزال مرتفعة لذا نظر الى ازميرالدا وقال : انه مصاب بالحمى حقاً لذا سأتصل بالطبيب كي يأتي الى هنا وانتِ قومي بغسل هذه الفوطة بالماء البارد وضعيها على جبينه مجدداً فهذا سيجعل الحرارة تنخفض تدريجياً ريث ما يصل الطبيب .
فأومت له برأسها قائله : حسناً , لقد فهمت .
قالت ذلك ثم اخذت الفوطة وتوجهت الى الحمام بينما قام هو بأخراج هاتفه المحمول من جيب بنطاله الجينز ثم اتصل بالطبيب الخاص بهم وعندما شرح له الوضع اخبره الطبيب ان يستمرا في وضع الفوطة المبللة على جبين اليخاندرو ومسح جسده بالماء البارد ريث ما يصل , فأنها روبيرتو المكالمة وفي تلك اللحظة اتت ازميرالدا وهي تحمل الفوطة فأخذها من يدها وقال بنبرة باردة : يمكنكِ الذهاب للنوم الأن فقد اتصلت بالطبيب وهو قادم وانا سأبقى لكي اعتني بصديقي ريث ما يصل الطبيب .
فنظرت ازميرالدا الى اليخاندرو النائم وجسده يتصبب عرقاً بينما كان تنفسه ثقيلاً مما جعلها تشعر بالذنب فقالت بصوت خافت : لا بأس , سأبقى هنا وسوف اساعدك على الأعتناء به .
فنظر روبيرتو اليها لوهلة ولم يعلق بل جلس بجانب صديقه واخذ يمسح صدره وجبينه ثم اردف قائلاً بجفاء : لا داعي لأن تمثلي دور الفتاة الجيدة الأن لأنكِ لو كنتِ تهتمين به ولو قليلاً لما تجرأتي واطلقتي النار عليه ومن حسن حظكِ ان الرصاصة لم تدخل في ذراعه لهذا اشكري الرب لان الأمر لم يشكل تهديداً على حياة صديقي والا لكنت سأقوم بكسر ذراعكِ التي استخدمتيها في اذيته .
فأحنت ازميرالدا رأسها وقالت بصوت يكاد يكون مسموعاً : انا .. في الواقع لقد كنت غاضبة جداً لأنني تشاجرت معه ولم اكن اعي ما الذي افعله آن ذاك لهذا انا اعتذر عما بدر مني فانا من المستحيل ان اقوم بأذيته عمداً حتى وان كان لئيماً معي .
فتنهد روبيرتو وقال بنبرة اقل حدة : حسناً هذا لا يهم الان فما حدث قد حدث وانتهى الأمر .
قال ذلك ثم نهض والتفت اليها واضاف قائلاً : لذا هل تستطيعين الأعتناء به ريث ما اعود ؟
فقالت بأندفاع : بالطبع .
روبيرتو : كل ما عليكِ فعله هو مسح جسده وجبينه بالماء البارد ريث ما يصل الطبيب وانا لن اتأخر اذ انني سأذهب لأجراء مكالمة ضرورية في الخارج .
فأخذت الفوطة من يده وقالت : لا تقلق بشأنه .
روبيرتو : حسناً اذاً .
قال ذلك ثم خرج من الغرفة وترك ازميرالدا برفقة اليخاندرو النائم بعمق فنظرت اليه ومن ثم نظرت الى الفوطة التي بيدها وسرعان ما تنهدت بعمق وعادت الى الحمام فأخذت تبحث عن اناء تضع به الماء حتى لا تنهض كل دقيقة لغسل الفوطة فلم تجد ما تبحث عنه في حمامه لذا اسرعت بالذهاب الى المطبخ القابع في الطابق السفلي حيث اخرجت من احدى الخزائن اناء زجاجي فملأته بالماء وبعدها وضعت فيه بعض قطع الثلج لتزيد من برودة المياه ومن ثم عادت الى غرفة اليخاندرو فجلست بجواره على السرير وغسلت الفوطة ثم ارادت ان تضعها على جبينه ولكنها تذكرت ان روبيرتو اخبرها بأن تقوم بمسح جسده اولاً فنظرت الى صدره العاري المليء بالعضلات ولا تعلم لما انتابها التوتر لأن فكرة ان تلمس صدره لم تكن وارده في الحسبان وخصوصاً لأنه لا يرتدي قميصاً وفوق كل هذا من الصعب جداً بالنسبة لها ان تتجاهل وسامته وجاذبيته الطاغية فأبتلعت ريقها وقالت في نفسها : هيا ازميرالدا , انتِ تقومين بعمل انساني لذا لا داعي لكل هذا التوتر فهو لا يعلم انكِ تعتنين به اذ انه لا يدرك ما الذي يحدث من حوله في هذه اللحظة .
قالت ذلك ثم استجمعت شجاعتها وبدأت تمسح صدره وعنقه بالماء البارد بلطف شديد وبينما كانت تفعل ذلك انتابها شعور غريب لم يسبق لها وان شعرت به من قبل حيث كان عبارة عن خوف ممزوج بالمتعة والتوتر والغرابة وقد حرضها هذا الشعور بأن تمعن النظر بقسمات وجه ابن عمها النائم فوجدته شديد الوسامة لدرجة مؤلمة خصوصاً لان تعابير وجهه كانت مسترخية بعض الشيء بغض النظر عن العقدة التي بين حاجبيه والتي كان من الواضح انها ناتجة عن شعوره بعدم الراحة بسبب الحمى التي اصابته فجأة , فقامت بوضع الفوطة على جبينه ولم تستطيع منع يدها من ان تلمس خصلة الشعر الفاحمة التي انسدلت على وجهه فوجدت ان ملمس شعره انعم بكثير مما كانت تخيله مما جعلها تبتسم دون وعي وخصوصاً عندما انتبهت الى رموشه السوداء الطويلة وذقنه الخفيفة والمهذبة بشكل متقن لتجعله يبدو رجولياً فأيقنت حينها انه رجل لا بد وان يكون مرغوب بشدة من قبل النساء وهذا ما يفسر لما قامت زوجة صديقه آرتورو بالتودد اليه بالرغم من انها امرأة متزوجة وزوجها لا يقل عنه بالوسامة .
- وبينما كانت تمسح العرق عن جبينه لم تشعر به عندما فتح عيناه فأمسك يدها مما جعلها ترتبك وقالت بتوتر : هل .. هل انت بخير الأن ؟
فأبعد اليخاندرو الفوطة عن جبينه وابتلع ريقه وهو يعتدل بجلوسه قائلاً بصوت محشرج : ماذا تفعلين في غرفتي ؟
فأبتلعت ازميرالدا ريقها ثم نهضت وقالت : في الواقع انا ... لقد اتيت لأرى كيف حالك ولكنك فقدت وعيك بسبب الحمى لهذا طلب مني روبيرتو ان اعتني بك ريث ما يصل الطبيب بينما ذهب هو لأجراء مكالمة هاتفية في الخارج .
فسعل اليخاندرو واردف قائلاً : لا داعي لأستدعاء الطبيب فانا بخير وانتِ يمكنكِ الذهاب الى غرفتكِ الأن .
فقالت بأرتباك : هل ... هل تؤلمك ذراعك ؟
فنظر اليخاندرو الى ذراعه المصابة ثم عاود النظر الى ابنة عمه وقال بهدوء : كلا , انها لا تؤلمني .
فتنهدت وقالت بصدق : انا اعتذر عما سببته لك من أذى وصدقني انني لم اكن اريد فعل ذلك ولكن لا اعلم ما الذي حدث لي اذ انني لست ممن يؤذون الناس في العادة .
فأبعد اليخاندرو الغطاء عن الجزء السفلي من جسده ثم انتصب واقفاً وقد شعر ببعض الدوار ولكنه استطاع ان يحافظ على توازنه وبعدها اقترب منها حتى اصبح واقفاً امامها مباشرة مما جعلها تشعر ببعض الخوف والتوتر لذا فضلت ان تتجنب النظر اليه فأحنت رأسها دون ان تعلق بشيء بينما تنهد هو وامسك ذقنها ثم رفع رأسها لتنظر اليه فوجد تعابير وجهها تنذر بالبكاء ومع ذلك قال لها بشيء من الحدة : ما فعلتيه اليوم خطأ فادح وخصوصاً لأنكِ تسللتي الى غرفتي دون اذن من احد وسرقتي مسدسي وبعدها كدت ان تودي بحياتي بلحظة جنون لذا اياكِ وان يتكرر هذا الأمر مرة اخرى والا سيكون لي تصرف اخر معكِ هل كلامي مفهوم ؟
فأومت له برأسها وقالت بصوت اختنق تحت الدموع : انا ....
فأسكتها بقوله : لا تقولي اي شيء الأن واذهبي الى غرفتكِ فقد تأخر الوقت .
فرفعت يدها ومسحت الدمعة العالقة في زاوية عينها ثم التفتت وقالت : تصبح على خير .
قالت ذلك وهمت بالخروج من الغرفة وفي الوقت ذاته دخل روبيرتو وبرفقته رجل في منتصف العمر فمرت من جانبهما دون ان تقول اي شيء بينما راقبها روبيرتو وسرعان ما نظر بأتجاه اليخاندرو وسأله قائلاً : اليخاندرو هل انت بخير ؟
فجلس اليخاندرو على السرير بتثاقل وقال بصوت أجش : لست بأفضل حالاتي اذ انني اشعر بالخمول ولكن اعتقد ان قليل من الراحة ستكون كافية حتى استرجع نشاطي .
فاقترب الرجل الذي اتى برفقة روبيرتو وقال : ومع هذا يجب ان اقوم بفحصك لأن الحمى قد تسبب بعض الخطورة على حياتك اذا تجاهلتها .
فتنهد اليخاندرو وقال : حسناً ايها الطبيب .
فوضع الطبيب حقيبته جانباً ثم فتحها واخرج منها " الستيتوسكوب " او لنقل السماعة الطبية وبعدها اقترب من اليخاندرو ليقوم بفحصه بينما وقف روبيرتو جانباً وكتف يديه بصمت منتظراً تشخيص الطبيب , وعندما انتهى الأخير من فحص اليخاندرو قال : لا تقلق يا سنيور ديلافيغا اذ ان حالتك ليست خطيرة وسبب الحمى ناتج عن جرح الرصاصة الذي اصبت به وعلى الأرجح ان من قام بالأسعافات الأولية لك لم يدرك ان الجرح سيلتهب في ما بعد لهذا سأعطيك حقنة مضاد حيوي ستساعدك في التغلب على هذه الحمى .
فقال روبيرتو : وماذا بشأن الجرح الذي في ذراعه يا دكتور ؟
فنظر الطبيب اليه وقال : لقد القيت نظره عليه وحسب ما رأيته ان الشخص الذي قام بخياطته فعل الأمر على اكمل وجه ولا يوجد ما افعله سوى ان اغير الضمادات بأخرى جديدة .
فقال اليخاندرو : لا بأس فهذه الضمادات لم تتلف بعد لذا لا داعي لأن تتعب نفسك .
الطبيب : حسناً اذاً استلقي رجاءً حتى اتمكن من اعطائك الحقنة .
- وبعد ان انتهى الطبيب من عمله رافقه روبيرتو الى الباب ثم عاد الى غرفة اليخاندرو الذي كان مستلقياً في سريره واضعاً احدى ذراعيه خلف عنقه ويبدو شارد الذهن فأقترب منه وقال : هل تشعر بتحسن الأن ؟
فرمش اليخاندرو عدة مرات ونظر اليه ثم نظف حلقه وقال : اجل , هل جعلتك تقلق ؟
فتنهد روبيرتو ودس يديه بجيوب بنطاله ثم قال : من الأفضل ان لا تسأل .
فأبتسم اليخاندرو وقال : احياناً تجعلني اشعر وكأنك والدي مع انني اكبر منك سناً .
فأبتسم روبيرتو وجلس على حافة السرير وقال : من يسمعك تقول هذا الأن يعتقد انك عجوز طاعن في السن بينما الفارق العمري بيني وبينك مجرد سنتين لا اكثر .
فتنهد اليخاندرو وقال : لقد اخبرتني تلك الفتاة عندما استيقظت بأنك ذهبت لأجراء مكالمة هاتفية في الخارج فهل كنت تتحدث مع والدك ؟
فقال روبيرتو : انت تعلم اننا متخاصمان وانه لا يجيب على مكالماتي عندما اتصل به والسبب في خصامنا هذا هي زوجته الأفعى صوفيا .
اليخاندرو : اذاً مع من كنت تتحدث ؟
فتنهد روبيرتو واردف قائلاً : لقد تحدثت مع آندريه واخبرته بأن يأتي الى هنا غداً لأكمال العمل فأنت لن تذهب الى المكتب بينما صحتك ليست جيدة .
اليخاندرو : لا تبالغ روبيرتو فانا بخير تماماً وسأكون بافضل حال اذا ما اخذت قسط كافي من الراحة .
فنهض روبيرتو قائلاً : دعنا من هذا الحديث الان وهيا اخلد للنوم وان اردت اي شيء اثناء الليل اتصل بي لأتي فوراً .
اليخاندرو : حسناً .
روبيرتو : تصبح على خير .
قال ذلك ثم هم بمغادرة الغرفة تاركاً اليخاندرو بمفرده فعاد ليغوص بتفكيره المنصب حول ابنة عمه حيث كان يحاول البحث عن حل لتلك المشاعر التي تنتابه تجاهها فهو بالرغم مما فعلته الا انه لم يستطيع ان ينزعج منها بغض النظر عن الطريقة التي وبخها بها , اما هي فكانت جالسة في سريرها بصمت تفكر بكل ما حدث خلال النهار وبالرغم من انها كانت مستائة لأنها تسببت بالأذى لأبن عمها الذي تبغضه الا ان شيء في داخلها جعلها تنسى الجزء السيء ولم تعد تفكر سوى به عندما كان نائماً بينما كانت هي تعتني به فتقلبت على سريرها وقالت بشيء من الفزع : ما الذي يحدث لي , لما افكر به بمثل هذه الطريقة ؟
قالت ذلك ثم نظرت الى يدها واضافت قائله : لا بد وان ما اشعر به الأن ناتج عن شعوري بالذنب لأنني قمت بأذيته وهذا يفسر لما لم انزعج منه عندما قام بتوبيخي منذ قليل , وبعد ان اقنعت نفسها بذلك الكلام قررت ان تخلد للنوم وهكذا مر ذلك اليوم الطويل اخيراً ليحل محله فجر يوم جديد فأستيقظت ريتا قبل الجميع في تمام الساعة السادسة وبدأت تصنع الخبز والكعك من اجل الفطور وبعدها بنصف ساعة استيقظ توم فنزل الى الطابق السفلي وتوجه الى المطبخ فوجدها منهمكة بعملها وهي تدندن بألحان اغنية اسبانية قديمة فأبتسم وقال : صباح الخير .
فالتفتت اليه وبادلته الأبتسمة قائله : صباح الخير .
فأقترب توم وقال : ان الرائحة شهية فما الذي تصنعينه منذ الصباح يا ترى ؟
فنظرت ريتا الى قوالب الكعك ثم عاودت النظر اليه قائله : كعك التوت البري بالأضافة الى خبز الشوفان , سيكون جاهزاً للأكل خلال مدة قصيرة وانا متأكدة بأن مذاقه سيعجبك .
توم : انتِ ماهرة في الطهو حقاً اذاً لما لا تفتتحين متجراً لبيع الكعك والحلوى ؟
فضحكت ريتا قائله : لا حاجة لي بذلك فانا سعيدة بعملي هنا .
فأبتسم توم وقال : هذا واضح جداً لأنكِ تصنعين الذ الأطعمة والمعجنات .
فأتسعت ابتسامة ريتا وقالت : لقد اقترحت على السنيورا ازميرالدا بأن اعلمها صنع عدة اصناف من الحلوى كهواية وقد ابدت ردة فعل ايجابية تجاه الفكرة فما رأيك انت ؟
توم : انها فكرة حسنة وخصوصاً لأنها تشعر بالملل في كثير من الأحيان وان اشغلت نفسها في تعلم صنع الحلوى لن تشعر بالملل مجدداً على الأقل حتى تلتحق بالجامعة.
فعقدت ريتا حاجبيها وقالت : ولكنني اخشى انها لن تطيل البقاء هنا بعد كل ما حدث في الأمس وخصوصاً لأنها قامت بأطلاق النار على السنيور اليخاندرو وكادت ان تتسبب في قتله .
فتنهد توم وقال : لا اعتقد انها ستغادر لأنها عندما استيقظت في الليلة الماضية كانت قلقة بشأنه كثيراً وقد شعرت بالذنب بسبب فعلتها وبالتالي ادركت غلطتها لهذا لن تذهب من هنا بمثل هذه السهولة .
ريتا : هل تعلم , لقد شعرت بالخوف على السنيور كثيراً عندما اصابته بالعيار الناري ولكنني خفت عليها اكثر عندما فقدت وعيها بتلك الطريقة .
توم : انها فتاة حساسة للغاية وقد أثرت عليها حادثة موت والدها لأنها كانت متعلقة به كثيراً وفجأة لم يعد موجوداً لذا انا احاول جاهداً ان اجعلها تتخطى هذه المحنة الصعبة بشتى الطرق .
في تلك اللحظة سمعوا صوت رجولي يقول : ومع هذا لا يجب ان نغض النظر عن تصرفاتها المتهورة والا سوف تتمادى بأفعالها كما حدث في الأمس .
فالتفت كل من توم وريتا باتجاه مصدر الصوت حيث دخل روبيرتو الى المطبخ فتنهد توم وقال : انا مدرك بأن ما فعلته ازميرالدا في اليوم السابق كان عملاً متهوراً ولكنها كانت خائفة ايضاً لأن اليخاندرو تعامل معها بقسوة وهي لم تعتاد ان يقسو عليها اي شخص منذ ان ولدت حتى اصبحت بالغة .
روبيرتو : دعونا من هذا الكلام الأن فلا طائل منه لأن ما حدث قد حدث وانتهى الامر ولن يتغير اي شيء حتى وان بقينا نتحدث طيلة النهار .
قال ذلك ثم نظر الى ريتا واضاف قائلاً : وانتِ يا ريتا اريد منكِ ان تعدي فطوراً صحياً لأجل اليخاندرو لأنه كان مصاب بالحمى في الليلة الماضية وقد اوصانا الطبيب بأن نحرص على جعله يتناول طعاماً صحياً كي يستعيد نشاطه بسرعة .
فقالت ريتا بشيء من القلق : وكيف حاله الأن ؟
روبيرتو : اعتقد انه افضل عن ذي قبل لأنني اتصلت بالطبيب في اللية السابقة وقد اعطاه حقنة مضاد حيوي لتخفيض الحرارة .
فقال توم : هل ازميرالدا على علم بهذا الأمر ؟
روبيرتو : لقد كانت هي اول من اكتشف اصابته بالحمى وهي من اخبرني بذلك .
ريتا : حسناً , سوف اعد له فطور صحي لم يتناول مثله من قبل .
روبيرتو : هذا جيد , عن اذنكما الأن .
قال ذلك ثم خرج من المطبخ فلحق به توم وقال : مهلاً روبيرتو .
فنظر اليه وقال : ما الأمر ؟
توم : اعتقد بأن اليخاندرو لن يخرج من المنزل اليوم لأنه متعب لذا يستحسن بنا ان نشكل له جو من الراحة لهذا ما رأيك بأن اخذ ازميرالدا لكي تتفسح في المدينة وبهذه الطريقة لن تكون قريبة منه ولن يتشاجرا هذا النهار على الأقل .
روبيرتو : انها فكرة جيدة ولكن يجب ان نسأل اليخاندرو اولاً فكما تعلم انه الوصي الشرعي عليها ولا يجب ان تخرج من المنزل دون ان تسأله اولاً .
توم : حسناً .
روبيرتو : اذاً سأقوم بسؤاله بشأن الأمر عندما يستيقظ .
توم : اتفقنا اذاً .
استيقظت ازميرالدا في تمام الساعة الثامنة وبعد ان استحمت وارتدت بنطال جينز قصير وتيشرت ذات حمالات رفيعة باللون الخمري خرجت من غرفتها فنظرت تلقائياً بأتجاه غرفة اليخاندرو حيث كان الباب مغلقاً فاقتربت منه بخطوات حذرة ثم وضعت اذنها عليه وسرعان ما قرعته بخفة قائله : ارجو المعذرة ولكن هل انت في الداخل ؟
فلم تسمع اي جواب لذا قررت ان تفتح الباب وتلقي نظرة وعندما فعلت ذلك لم تجد اليخاندرو في سريره فقطبت حاجبيها قائله : اين ذهب يا ترى , هل هو في الحمام ؟
قالت ذلك ودخلت فتوجهت نحو باب الحمام ولكنها وجدته مفتوحاً وابن عمها ليس في الداخل فأخت تبحث عنه في ارجاء الغرفة ولم تجده , اما هو فكان واقفاً على الشرفة يستنشق بعض الهواء بعد ان قام بالأستحمام ولكنه كان ما يزال مرتدياً ثوب الأستحمام فالتفت عندما سمع حركة في غرفته وسرعان ما دخل وحين رأها قال بصوته الوقار : الا تعلمين ان التسلل الى غرف الأخرين ليس تصرفاً لائقاً وخصوصاً عندما تكون هذه الغرفة خاصة برجل ؟
فالتفتت اليه بسرعة حيث افزعها صوته وارتبكت فوراً عندما رأته فقالت بتلعثم : انا ... لقد قرعت الباب قبل ان ادخل لهذا لا يمكنك القول انني تسللت الى هنا .
اليخاندرو : حسناً , ماذا تريدين الأن ؟
فنظفت حلقها وقالت : في الواقع لقد اتيت لكي ...
فقاطعها بقوله : هل يعقل انكِ ما زلتِ قلقة بشأني !
فأرتبكت اكثر عندما قال ذلك بتلك الطريقة لذا قالت بأندفاع : انا فقط اردت ان اطمئن على جرحك الذي اصبت به بسببي وهذا كل ما في الأمر .
فرفع اليخاندرو حاجبه ورسم شبح ابتسامة على شفتيه ثم كتف يديه قائلاً : لقد فهمت , حسناً اقتربي .
فنظرت اليه بصدمة وقالت : لما ... تريد مني ان اقترب ؟
اليخاندرو : حتى تطمئني على الجرح ام انكِ غيرتي رأيكِ ؟
فابتلعت ازميرالدا ريقها وقالت : لا لم اغير رأيي .
قالت ذلك ثم خطت نحوه عدة خطوات ولكن سرعان ما توقفت وقالت : حسناً من الواضح انك بخير لذا لا داعي لأن ارى جرحك , سأذهب الأن .
وعندما كانت على وشك الخروج من الغرفة اوقفها بقوله : انتظري .
فنظرت اليه ولا تعلم لما تملكها التوتر فقالت : ماذا الأن ؟
فأقترب اليخاندرو منها ووقف امامها ثم اردف قائلاً : لقد قمت بتسجيلكِ في اكبر جامعات في مدريد لذا ستبدأين الدراسة ابتدأً من يوم الأثنين المقبل لذا لا تنسي هذا .
ازميرالدا : حسناً , شكراً لك .
اليخاندرو : وايضاً لا يسمح لكِ مصادقة الشباب الذكور اثناء تواجدكِ في الجامعة لأنكِ لا تعرفين شبان هذه البلاد كما اعرفهم انا .
فتنهدت وقالت : هل من أوامر اخرى ؟
اليخاندرو : هذا كل شيء في الوقت الراهن .
ازميرالدا : عن اذنك .
قالت ذلك ثم خرجت من الغرفة ولامت نفسها لانها دخلت لكي تطمئن عليه اذ انها سمحت له بأن يملي عليها ما يجب ان تفعله وهي لا تحب ذلك , اما هو فأبتسم وقال : يا لكِ من طفلة .
قال ذلك ثم توجه نحو خزانته لكي يرتدي ملابسه وسرعان ما فعل ذلك ونزل الى الطابق السفلي حيث كان الجميع مجتمعين في الحديقة بينما كانت الخادمة ريجينا تساعد ريتا في وضع اطباق الفطور على المائدة , اما روبيرتو فقال : هل انت بخير يا صاح ؟
فجلس اليخاندرو وقال : اجل , شكراً لك .
فأبتسم روبيرتو قائلاً : هذا جيد .
اما توم فقال : لقد سمعت بأنك اصبت بالحمى في الليلة الماضية لذا انا سعيد لأنك تبدو بخير .
اليخاندرو : شكراً لك توم .
قال ذلك ثم نظر الى ازميرالدا التي كانت تحرك الطعام في طبقها دون شهية واضاف قائلاً : ستبدأ ازميرالدا الدراسة منذ يوم الأثنين المقبل لذا سيتوجب عليك مرافقتها الى الجامعة يا توم وانا واثق بأنك ستقوم بعملك على اكمل وجه اليس كذلك ؟
توم : لا تقلق حيال هذا الامر .
فقال روبيرتو : اليخاندرو انت لن تذهب الى المكتب اليوم لأنه يجب عليك ان تستريح قدر الأمكان لهذا انا اقترح بأن تذهب ازميرالدا لتتفسح في المدينة برفقة توماس وريتا وبالتالي لن يقوم اي شخص بأزعاجك طيلة النهار فما رأيك ؟ يتبع غداً
#حب_على_شفير_النار الجزء 9
قال روبيرتو : اليخاندرو انت لن تذهب الى المكتب اليوم لأنه يجب عليك ان تستريح قدر الأمكان لهذا انا اقترح بأن تذهب ازميرالدا لتتفسح في المدينة برفقة توماس وريتا وبالتالي لن يقوم اي شخص بأزعاجك طيلة النهار فما رأيك ؟
أراد اليخاندرو ان يقول شيئاً ولكن ازميرالدا سبقته حين قالت بحدة : وهل تعني بانني مصدر ازعاج يا سنيور ميغيل !
فتنهد روبيرتو وقال : انا لم اقصد هذا ولكنني لا اريد ان تبقي في المنزل حتى لا تتشاجري مع اليخاندرو مجدداً اثناء تواجده هنا وتحدث مشكلة اخرى نحن بغنى عنها كما انني اعلم كم انتِ راغبة في الخروج الى المدينة لهذا اقترحت الأمر .
فقال اليخاندرو : لا بأس روبيرتو , ان كانت لا ترغب بالخروج من المنزل فلا داعي لأن نرغمها على فعل ذلك كما انني لن ابقى هنا اذ انه لدي بعض الامور العالقة ويجب ان انجزها .
فقال روبيرتو بنبرة صارمة : لقد اخبرتك بأنك لن تذهب الى المكتب اليوم وهذا امر مفروغ منه لذا لا تتعب نفسك .
اليخاندرو : لن اذهب الى المكتب بل الى المشفى فانا اريد الأطمئنان على حال آرتورو .
فقال توم : هل تقصد ذلك الرجل الذي تشاجرت معه في الأمس ؟
اليخاندرو : اجل هو فنحن اصدقاء قدامى بغض النظر عن كل ما حدث بيننا .
فقالت ازميرالدا بصوت خافت : اصدقاء كادوا ان يقتلوا بعضهم البعض .
فنظر اليخاندرو اليها حيث انه سمع ما قالته ولكنه لم يعلق بينما قال روبيرتو : لا بد وانك قد فقدت عقلك حتى تفكر بالذهاب لزيارة ذلك المخبول بعد كل ما فعلته به في الأمس .
اليخاندرو : يجب ان اذهب وانت تعلم هذا .
روبيرتو : اذاً سأذهب معك انا ايضاً .
اليخاندرو : بل ستبقى لتهتم بالعمل عندما يأتي آندريه الى هنا .
روبيرتو : ولكن ....
فقاطعه اليخاندرو بقوله : روبيرتو انا ساكون بخير لذا كف عن القلق بشأني فأنت تبالغ كثيراً .
فتنهد روبيرتو وقال : حسناً , كما تريد .
في تلك اللحظة نهضت ازميرالدا وقالت : لقد شبعت لذا سأذهب الى غرفتي .
فنظر الجميع اليها وقال توم : هل قررتي الخروج ام لا ؟
فتنهدت وقالت : لا رغبة لي بفعل ذلك اليوم , لندع الأمر ليوم آخر .
توم : حسناً , كما تريدين .
فأرادت ان تذهب ولكن اليخاندرو اوقفها بقوله : غداً سيتم احضار حصانكِ من لوس أنجلوس فأنا افي بوعودي دائماً .
وبعد ان سمعت ازميرالدا ذلك شعرت بالفرح فأبتسمت ونظرت اليه قائله : هل ما تقوله الان صحيح ؟
فشعر اليخاندرو بالسعادة لأنها ابدت ردة فعل ايجابية تجاه ما قاله لذا ابتسم ابتسامة خفيفة وقال : ان لم تصدقينني يمكنكِ التأكد من الأمر عندما يصل الحصان غداً .
فأنفرجت اسارير ازميرالدا ولم تشعر بنفسها عندما وصلت الى مقعد ابن عمها وعانقته فجأة قائله : هذا اجمل خبر اسمعه منذ ايام , شكراً جزيلاً لك .
اما اليخاندرو والبقية فقد تملكتهم الصدمة الشديدة بسبب ذلك العناق العفوي وخصوصاً هو اذ انه ارتبك كثيراً لأنه لم يكن يتخيل في اقصى احلامه انها ستعانقه في يوم من الأيام وخصوصاً بعد كل المشاحنات التي حدثت بينهما ولكنها صدمته عندما فعلت ذلك حقاً وبدون اي تردد والعجيب بالأمر انها فعلت ذلك فقط لأنه سيحضر حصانها من لوس أنجلوس مما جعله يدرك كم هي متولعة بذلك الحصان فنظف حلقه وقال بهدوء مصطنع : حسناً , لا داعي للشكر .
اما هي فعادت الى طبيعتها اخيراً وسرعان ما ادركت وضعها والحماقة التي اقدمت عليها لذا ابتعدت عنه كمن فر هارباً من بين براثن اسد كاسر وكم ارتبكت بسبب تصرفها الطائش لذا اخذت تتلعثم بالكلام قائله : انا اسفه اذ انني لم اكن اقصد معانقتك بهذا الشكل ولكنني شعرت بالحماس قليلاً لهذا ....
فقاطعها عندما نهض وقال بنبرة حاسمة : لا بأس , انا افهم ما الذي تحاولين قوله لذا لا تهتمي للأمر كثيراً .
قال ذلك ثم نظر بأتجاه روبيرتو وتوم واضاف قائلاً : سأذهب لأتمشى , عن اذنكم .
- ثم اسرع بالذهاب ولم ينظر اليها ولو لمرة واحدة بينما شعرت هي بالخجل ولم تجرؤ على النظر الى روبيرتو وتوم فقالت بأندفاع : سأذهب الى غرفتي .
قالت ذلك وركضت بأتجاه المنزل بينما رمش توم عدة مرات ونظر الى روبيرتو الهادئ فقال بعدم تصديق : هل ما رأيته منذ قليل حقيقة ام انني كنت اتوهم ؟
فتنهد روبيرتو وارتشف بعض الشاي ثم اردف قائلاً : كلا انت لا تتوهم .
توم : هل قامت ازميرالدا بمعانقة اليخاندرو حقاً !
روبيرتو : هذا صحيح وعلى ما يبدو ان ما فعلته كان عبارة عن ردة فعل عفوية ولا تعني بها شيئاً .
قال ذلك ثم اضاف قائلاً في سره : ولكنني واثق ان صديقي يكاد يطير فرحاً بهذه اللحظة .
اما توم فقال : حتى وان كان الأمر مجرد عناق عفوي ولكن هذا يعني انها بدأت تشعر بالألفة تجاه أبن عمها وهذا جيد جداً اذ انني كنت اخشى ان يستمر الخصام بينهما مما سيجعل اقامتنا هنا صعبة .
فأبتسم روبيرتو وقال : لا شيء يستمر الى الأبد يا صديقي وفي النهاية هما ابناء عمومة اي انهما افراد عائلة واحدة وكما يقولون الدماء لا تصبح ماء .
عند اليخاندرو ........
كان في الحديقة الواسعة يتمشى على الممر المغطى بالحصى مرتدياً سروالاً أبيض وقميص ازرق ذو اكمام قصيرة وعلى ثغره ابتسامة هادئة سرعان ما اتسعت عندما تذكر كيف قامت ازميرالدا بمعانقته فجأة فوضع يديه في جيوب بنطاله وهز رأسه تعبيراً مجازياً ومن ثم رفع رأسه نحو السماء حيث كانت الشمس ساطعة وتبعث الدفء في الأرجاء مما جعله يخرج يده اليمنى من جيب بنطاله ويضلل بها عيناه الزرقاوين وبعدها اردف قائلاً : لقد اشتد حر الصيف كثيراً في الأونة الأخيرة لذا كيف ستكون ردة فعلها اذا ما اخذتها في نزهة الى الشاطئ من اجل السباحة ؟
وفي الوقت ذاته كانت زميرالدا في غرفتها تجوب المكان ذهاباً وأياباً وهي تلوم نفسها على التصرف اللاعقلاني الذي اقدمت على فعله دون تفكير فقالت محدثة نفسها وهي تقضم اظافرها : يا لكِ من غبية مجنونة ازميرالدا , كيف امكنكِ ان تعانقي الرجل بتلك الطريقة دون ان تفكري اولاً !
قالت ذلك ثم تهاوت على السرير وتنهدت قائله بتذمر : ما العمل الأن , لا بد وانه يعتقد انني سخيفة بسبب ما فعلته .
في تلك اللحظة سمعت قرع على باب غرفتها فقفزت عن السرير واقفه حيث خفق قلبها فأبتلعت ريقها وقالت بحذر : من ؟
فأتاها صوت انثوي قائل : هذه انا يا سنيورا , هل تسمحين لي بالدخول ؟
فتنفست ازميرالدا الصعداء وتوجهت نحو الباب ثم فتحته وابتسمت قائله : بالطبع تفضلي .
فدخلت ريتا الى الغرفة وهي تحمل كأس من العصير الطازج وقطعة كعك من الذي اعدته في الصباح وابتسمت قائله : انتِ لم تتناولي الحلوى لهذا احضرتها لكِ وارجو ان تنال اعجابكِ .
قالت ذلك ووضعت الصينية على الطاولة فشكرتها ازميرالدا واضافت قائله : اين ذهب البقية ؟
فتنهدت ريتا وقالت : لقد رأيت السنيور اليخاندرو يتمشى في الحديقة بينما كان السنيور روبيرتو يتجهز من اجل العمل اما توماس فلم اراه بعد الفطور واعتقد انه في غرفة المعيشة الان .
فجلست ازميرالدا وقالت : لا بد وان توم المسكين يشعر بالملل هنا اذ انه ليس معتاداً على الجلوس دون القيام بفعل أي شيء .
فجلست ريتا بجانبها وقالت : اذا لما لا تخرجي من المنزل حتى يذهب معكِ وبهذه الطريقة لن يشعر بالملل .
فنظرت ازميرالدا اليها وقالت : انا لا انكر بأنني اطوق شوقاً لرؤية معالم المدينة بصورة موسعة ولكنني لا اعلم لما لا ارغب بفعل ذلك اليوم بالذات .
ريتا : يبدو ان ما حدث في الأمس ما زال تأثيره واضحاً عليكِ ولكن انا لدي الحل .
قالت ذلك ونهضت ثم اردفت قائله بحماس : هيا انهضي يا عزيزتي ودعينا نذهب الى الشاطئ .
فرمشت ازميرالدا عدة مرات وقالت : الشاطئ , في هذا الوقت !
فأبتسمت ريتا وقالت : ان الساعة لم تتجاوز العاشرة صباحاً وما زال النهار في بدايته وانا واثقة ان السباحة في مياه البحر ستنعشكِ كثيراً خصوصاً لأننا في فصل الصيف وعادةٍ ما يكون البحر هو الحل الأمثل لأحتمال هذه الحرارة العالية .
فتنهدت ازميرالدا وقالت : انا حقاً لست راغبة بالخروج هذا اليوم كما انني لا اجيد السباحة جيداً لذا دعينا نذهب في وقت لاحق .
فأمسكت ريتا يديها وساعدتها على النهوض قائله بأصرار : هيا هيا , صدقيني سوف تشعرين بالمتعة كثيراً وانا سأذهب معكِ ايضاً اذ انني لم اذهب الى هناك منذ مدة طويلة وليس من المفروض ان نسبح في مياه عميقة لذا لا تقلقي حيال هذا الموضوع .
فوقفت ازميرالدا تنظر اليها مطولاً وسرعان ما ابتسمت وقالت : حسناً , دعينا نستمتع بوقتنا قدر الأمكان .
فأبتسمت ريتا وقالت : اذاً سأدعكِ تجهزين نفسكِ وسأذهب لأخبر توم بأنكِ غيرتي رأيكِ بشأن الخروج وانا واثقة بأنه سيكون مسروراً بعد سماع هذا القرار .
فأومت ازميرالدا برأسها وقالت : حسناً .
- ثم خرجت ريتا من الغرفة وتركتها فتنهدت والتفتت بأتجاه خزانتها وسرعان ما فتحتها واخرجت منها ثوب السباحة المفضل لديها والذي كان عبارة عن قطعتين باللون الوردي فدخلت الى الحمام لترتديه وبعدها ارتدت فوقه قميص خفيف باللون الأبيض ثم رفعت شعرها على شكل ذيل حصان وانتعلت صندلاً مشبكاً مما جعلها تبدو مثيرة جداً , اما ريتا فكانت قد اخبرت توم بالأمر لذا ذهب ليجهز نفسه بينما ذهبت هي الى غرفتها وارتدت ثوب السباحة الخاص بها والذي كان عبارة عن قطعة واحدة باللون الأسود وارتدت فوقه قميص شيفون باللون الأزرق وقبعة جش ذات شريط وردي بالأضافة الى حذائها الصيفي وعندما اصبحوا جاهزين لم يستطيع توم ان يتجاهل جمال ونعومة ريتا لذا اثنى عليها قائلاً : تبدين رائعة .
فأحمرت وجنتيها خجلاً وقالت : شكراً لك .
وفي تلك اللحظة نزلت ازميرالدا وهي تحمل قبعتها بيدها وعلى وجهها ابتسامة فقالت : انا جاهزة , هل نذهب ؟
فبادلها توم الأبتسامة وقال : هيا بنا .
وعندما كانوا على وشك الخروج من الفيلا الى الحديقة صادفوا اليخاندرو امامهم فرفع حاجبه مستنكراً عندما رأى ما الذي ترتديه ازميرالدا وقال بشيء من الحدة : الى اين ؟
فأجابته ريتا قائله : سنذهب الى الشاطئ لان الجو مناسب جداً للسباحة .
فقالت ازميرالدا بتوتر : هل لديك اعتراض ؟
فكتف اليخاندرو يديه قائلاً : لا ولكن ...
قال ذلك ثم التزم الصمت لوهلة وهو يمعن النظر بالقميص الخفيف الذي ترتديه والذي يكشف عن ثوب السباحة واراد ان يقول لها بأن تذهب لكي تبدل ملابسها وترتدي شيئاً اكثر احتشاماً ولكنه غير رأيه اذ انهم ذاهبون الى البحر وهكذا تكون ملابس السباحة في العادة لذا تنهد بعصبية وقال : لا شيء , يمكنكم الذهاب ولكن لا تتأخروا في العودة .
قال ذلك ثم نظر الى توم واضاف قائلاً : احرص على سلامتهن .
فقال توم : لا تقلق , سأعتني بهن جيداً .
اليخاندرو : هذا جيد .
قال ذلك ثم عاود النظر الى ابنة عمه التي كان من الواضح عليها انها مرتبكة وسرعان ما اشاح بنظره وتركهم فتنفست هي الصعداء بينما ابتسمت ريتا قائله : هيا دعونا نذهب قبل ان تزداد درجة الحرارة .
- وبالفعل ذهبوا في سيارة دفع رباعي كان اليخاندرو قد وضعها تحت تصرف توماس , اما هو فدخل الى غرفة المعيشة التي في الطابق السفلي بوجه يخلو من التعبير فجلس على احد المقاعد الجلدية ولم يصدر عنه اي تصرف خلال الخمس دقائق الأولى ولكن سرعان ما ضرب ذراع المقعد بيده وقال محدثاً نفسه : الم تجد ملابس اخرى لكي ترتديها سوى ذلك القميص الذي يكشف من جسدها اكثر مما يخفيه !
في تلك اللحظة اتت الخادمة ريجينا وقالت : معذرة على الأزعاج يا سنيور ولكن السنيور ميغيل طلب مني ان اعطيك هذا الدواء واصر بأن تتناوله في موعده .
فتنهد اليخاندرو وقال : حسناً .
فأقتربت ريجينا منه وهي تحمل صينية وضعت عليها كأس ماء متوسطة الحجم وطبق صغير يحتوي على قرصين من الدواء فتناوله اليخاندرو على عجل وبعد ان ارتشف الماء قال : اين هو روبيرتو الأن ؟
فقالت ريجينا : لقد ذهب الى الأصطبلات برفقة السنيور آندريه ميكيلا وقد اخبرني بأن اخبرك ان لا تقلق بشأن العمل .
فنهض وقال : حسناً , شكراً لكِ .
قال ذلك ثم خرج من غرفة المعيشة ثم من المبنى وتوجه الى الحديقة حيث استدعى احد الحراس واخبره ان يجهز سيارة الدفع الرباعي المكشوفة لكي يذهب ويتفقد احوال المزرعة قبل ان يذهب الى المشفى ليطمئن على حال آرتورو كما قال مسبقاً ففعل الحارس ما أمره به على الفور , اما في مكان اخر فكان آرتورو مستلقياً على السرير في المشفى وقد بدأت الكدمات التي في وجهه بالشفاء بغض النظر عن الأثار الغامقة التي ولدتها وكم كان منزعجاً في تلك اللحظة وخصوصاً لأن لم يستطيع ان يتغلب على أليخاندرو بينما كانت اخته آيفا تقشر بعض الفاكهة من اجله فأبتسمت وقالت : انظر يا اخي , ان هذه الفاكهة تبدو شهية وسيعجبك مذاقها بكل تاكيد .
فأمسك آرتورو جهاز الريموت الخاص بالتلفاز ثم القاه ارضاً وقال ساخطاً : بربكِ آيفا هل تعتقدين انني بمزاج جيد يسمح لي بأن اتناول الفاكهة الأن !
فنظرت اليه وقالت بهدوء اعصاب : ولما لا ؟
فانفجر في وجهها قائلاً : تسألين وكأنكِ لا تعرفين , لقد فقدت هيبتي وكرامتي بسبب ما فعله بي ذلك الوغد اليخاندرو في الأمس مما جعلني اشعر بالأحتقار تجاهه اكثر عن ذي قبل لذا اخبريني كيف سأتمكن من ابتلاع اي طعام وانا على هذه الحالة المزرية ؟
فتنهدت آيفا وقالت موبخة : انا ادرك بأن ما تشعر به الأن مؤلم كثيراً ومهين لرجولتك وخصوصاً لأنك لم تكن نداً له ولكن هذا لا يعني ان تفرغ جام غضبك على الناس من حولك اذ انني لم اطلب منك الأشتباك مع اليخاندرو حتى يبرحك ضرباً لذا لا تصرخ في وجهي مجدداً فانا لست احدى رجالك الأغبياء .
فتنهد هو ايضاً وقد هدأ روعه قليلاً وقال : حسناً انا اعتذر , لم اقصد ان اثور في وجهكِ لذا لا تحزني اتفقنا .
فهزت رأسها وقالت : انا لست مستائة منك فأنت اخي ولكن لا تعجبني الحال التي وصلت اليها لأنك تعيش اسيراً للماضي وهذا قد يضرك كثيراً .
فضغط آرتورو على قبضته وقال من بين اسنانه : من المستحيل بالنسبة لي ان انسى ما فعله ذلك الحقير الذي كنت اعتبره صديقي .
فنهضت آيفا ووقفت امام سرير شقيقها وقالت بحدة : لا داعي لأن تستمر بخداع نفسك آرتورو فأنت تعلم في اعماق قلبك بأن اليخاندرو لم يقم بخيانتك ابداً بل ان تلك الحقيرة ريبيكا هي من حاولت التودد اليه ولكنك ترفض الأعتراف بهذا لأنك تشعر بالإهانة بسبب عقدة النقص التي لديك .
فصاح بها قائلاً : لا تقولي هذا فأنتِ لا تعرفين شيئاً عما اشعر به .
فقالت بأصرار : بلا اعرف , انت تحقد على اليخاندرو لأن ريبيكا فضلته عليك بالرغم من انك قدمت لها كل شيء ولكن هذا ليس ذنبه فهو لم يختار بأن يكون جذاباً بطريقة قاسية حتى تقع في حبه كل نساء المدينة بمن فيهن زوجتك الوقحة .
فقال آرتورو بأندفاع : انها لم تعد زوجتي وانا لا يشرفني الأرتباط بعاهرة مثلها , اما ذلك الحقير اليخاندرو فانا لن ادع ما فعله بي يمر دون عقاب وسترين ما الذي سأفعله به .
فنظرت اليه آيفا بريبة وقالت : ما الذي تنوي فعله ؟
فأبتسم ابتسامة شيطانية وقال : ستعرفين ذلك في الوقت المناسب .
اما في الشاطئ ...
فكانت ازميرالدا تشعر بالمتعة كثيراً برفقة ريتا وتوم وخصوصاً لأن السباحة في مياه البحر المنعشة قد افادتها حقاً كما اخبرتها ريتا مما جعلها تنسى كل ما حدث في اليوم السابق وحتى توترها بسبب العناق العفوي الذي عانقته لأبن عمها , اما توم فكان يبدو مسترخياً وهو يجلس على الرمال مرتدياً ذلك الشورت الأبيض القصير بينما لم يكن يرتدي قميصاً وقد اكتفى بوضع نظارته الشمسية واخذ يراقب الفتاتين وهما تلعبان في الماء بسعادة عارمة كما لو انهما طفلتين في سن الخامسة وبينما كان ينظر الى ريتا وهي ترمي بالكرة المنفوخة بأتجاه ازميرالدا التي التقطتها وضحكت عاود تذكر تلك الفتاة الصغيرة التي كان يلعب برفقتها على متن قارب الصيد الصغير مما جعله يشعر بصداع فظيع فنزع النظارة الشمسية وأمسك بعظمة جسر انفه ثم ضغط عليها وهو مغمض العينين وتأوه بألم ثم قال محدثاً نفسه : ما الذي يحدث لي , لما استمر برؤية هذه الطفلة في الأونة الأخيرة ؟
في تلك اللحظة انتبهت اليه ريتا وقد انتابها القلق لذا نظرت الى ازميرالدا وقالت : ما رأيكِ بأن نأخذ استراحة قصيرة ؟
فأبتسمت ازميرالدا وقالت : بصراحة لقد اعجبتني السباحة هنا كثيراً وخصوصاً لأن المياه غير عميقة هنا لذا لا ارغب بالخروج ولكن ان كنتِ تريدين فعل ذلك فأذهبي وانا سأبقى لبعض الوقت .
ريتا : حسناً يا عزيزتي ولكن لا تبتعدي كثيراً فالبحر خطر جداً وانتِ لا تجيدين السباحة جيداً .
ازميرالدا : لا تقلقي , لن افعل ذلك .
ريتا : حسناً , عن اذنكِ الأن .
قالت ذلك ثم خرجت من الماء واسرعت بخطواتها الى حيث كان توماس جالساً فوضعت يدها على كتفه وقالت بنبرة قلقة : هل انت بخير يا توم ؟
فنظر توم اليها وقد ازداد ألم رأسه ولكنه استطاع ان يتمالك نفسه فأبتلع ريقه وقال : اجل , انا بخير ولكن شعرت ببعض الصداع .
ريتا : هذا لأنك جلست تحت اشعة الشمس لمدة طويلة دون ان تضع قبعة , ولكن لا تقلق انا احمل معي بعض اقراص الأسبرين وسوف اعطيك واحداً وبعدها ستشعر بتحسن .
قالت ذلك ثم اسرعت نحو حقيبتها واخرجت علبة الدواء ثم اعطته قرص الأسبرين وقارورة مياه باردة فشكرها وتناول القرص ثم ارتشف الماء وبعدها ابتسم وقال : انتِ لطيفة جداً يا ريتا , شكراً لكِ .
فأمسكت ريتا منشفتها الكبيرة وفرشتها على الرمل بجانبه ثم جلست عليها وقالت : لا داعي للشكر فأنا لم افعل شيئاً يذكر .
ثم دام الصمت قليلاً ولكن سرعان ما نظر اليها توم مطولاً لدرجة انها ارتبكت فقالت بتوتر : هل ... يوجد شيئاً ما على وجهي ؟
فهز رأسه نافياً وقال : كلا ولكنني اشعر بشيء غريب كلما نظرت اليكِ .
فرمشت عدة مرات وقد انتابتها موجة من السعادة والتوتر لأنه قال ذلك لذا ابتعلت ريقها وقالت برباطة جأش : هلا اوضحت كلامك من فضلك ؟
فتنهد توم وحول نظره عنها حيث اخذ يحدق بالبحر امامه وقال بهدوء : لا اعلم كيف اصف الأمر لكِ ولكنني بدأت ارى اشيائاً غريبة منذ ان تعرفت عليكِ .
قال ذلك ثم نظر اليها واضاف قائلاً : منذ ان رأيتكِ لأول مرة وانا ارى سراباً لا بل طيف فتاة صغيرة تظهر صورتها في مخيلتي وهي تلعب على متن قارب صيد وانا كنت في الخامسة او الرابعة عشر من عمري وكنا نستمتع بوقتنا معاً ولكنني لا اتذكر اي شيء اخر بعد ذلك او من تكون تلك الفتاة وما هي العلاقة التي كانت تجمعني بها .
فادمعت عينا ريتا وهي تنظر اليه لذا اشاحت بنظرها فوراً وقالت بهدوء : ربما كانت صديقة .
فقطب توم حاجبيه عندما لمح الدموع في عيونها وقد شعر بشيء غريب حرضه على ان يمسك ذقنها ويدير وجهها لتنظر اليه ثم اردف قائلاً : لما البكاء ريتا ؟
فرفعت ريتا يدها ومسحت دموعها ثم قالت بقوة مصطنعة : اي بكاء , انا لا ابكي بل ان هنالك بضع ذرات من الرمل قد دخلت في عيني لهذا ادمعت .
قالت ذلك ثم اخذت تشغل نفسها في ابعاد ذرات الرمل عن اصابع قدمها متجنبة بذلك النظر اليه ولكنه فاجأها عندما قال : انها انتِ اليس كذلك ؟
فنظرت اليه بدهشة ولم تعلق بشيء بينما تنهد هو وتابع قائلاً : لقد فقدت ذاكرتي عندما كنت غلاماً ولا اعلم لما انتهى بي المطاف في لوس أنجلوس ومنذ ذلك الحين لم اعرف شيئاً عن ماضي حياتي الى حين التقيتكِ هنا وبدأت ارى تلك الذكرى التي تجمعني مع فتاة في العاشرة من عمرها ولا اخفي عنكِ انني شعرت ببعض الألفة عندما رأيتكِ وخصوصاً عندما استغربتي عند سماعك لاسمي الكامل لهذا اعتقد انكِ تعرفينني من قبل لذا اخبريني بالحقيقة رجاءً .
في تلك اللحظة ادركت ريتا لما لم يتذكر اسمها عندما تعارفا والسبب في ذلك هو فقدانه للذاكرة لسبب مجهول فتنهدت وقالت : لقد كنا صديقين يا توم , ليس لمدة طويلة فقط لما يقارب الخمسة اسابيع اذ انك كنت ابن لأحد الصيادين وانا كنت اهرب من المنزل دائماً لكي اذهب الى الميناء حيث تقابلنا لأول مرة منذ خمسة عشر عاماً اي عندما كنت في العاشرة من عمري .
فتبدلت تعابير وجه توم بعد سماعه لما قالته ريتا فامسك يدها وقال بصوت يكاد يختفي : تابعي كلامكِ رجاءً .
فذرفت هي دمعة وقالت : لقد كنت اعيش مع امي وزوجها آن ذاك لأن والدي قد توفي عندما كنت في سن السابعة وبالتالي تزوجت امي من رجل وغد وسكير كانت قد وقعت في حبه بلحظة غباء وعشنا نحن الثلاثة في المنزل الذي تركه لنا والدي , ولكنني كنت اكره ذلك الرجل المدعو فاكوندو بيلر لأنه كان يضربني كلما ارتكبت خطأ صغير كان ام كبير وعندما اصبحت في سن العاشرة كنت اذهب الى الميناء كثيراً بعد انتهاء دوام المدرسة حيث انني رغبت في ان اجد لنفسي مكان اجلس فيه بعض الوقت دون ان يتم ضربي من قبل ذلك الرجل وهكذا رأيتك على متن احد قوارب الصيد الصغيرة وكنت حينها تساعد والدك في عمله .
فذرف توم دمعة رغماً عنه وقال : هل ... كان والدي صياد ؟
فأبتسمت له وقالت : لقد كان كذلك بالفعل كما انه كان رجل لطيف وانا احببته كثيراً لدرجة انني تمنيت ذات مرة لو ان امي قد تزوجته هو عوضاً عن ذلك الوغد فاكوندو الذي تسبب لها بالموت قهراً .
فمسح توم دمعته وقال : تقولين انكِ تمنيتي لو ان امكِ تزوجته ولكن ماذا عن امي ؟
فأحنت ريتا رأسها وقالت برباطة جأش : لقد اخبرتني ذات مرة بأن امك توفيت عندما انجبتك لهذا توجب على والدك ان يصطحبك معه دائماً اثناء رحلاته .
فصمت توم قليلاً ولم يقل شيئاً لوهلة ولكن سرعان ما قال بصوت كاد ان يختفي : وكيف ... وكيف اصبحنا صديقين ؟
فتنهدت ريتا مجدداً وقالت : لقد هربت من المنزل ذات مرة حين قام زوج امي بضربي لأنني كسرت احدى زجاجات الخمر خاصته دون قصد لهذا ذهبت الى الميناء لأجلس بمفردي وصادف انكِ كنت هناك تقوم بتنظيف القارب بعد رحلة صيد طويلة فرأيتني بمفردي لهذا اتيت وجلست بجانبي ثم سألتني عن سبب بكائي واخبرتني بأنك لن تخبر احداً عما اقوله لك وهكذا اصبحنا صديقين حيث كنت أذهب كل يوم بعد دوام المدرسة للعب معك على متن القارب لمدة خمس اسابيع وقد التقطنا صورة معاً الى حين اتى اليوم الذي اختفيت فيه انت ووالدك ولم اراك منذ ذلك الوقت .
فنظر اليها توم وقال بتساؤل : قلتِ صورة ؟
فأبتسمت وقالت : سأدعك تراها عندما نعود الى المنزل فانا ما ازال احتفظ بها حتى الأن .
فأبتسم توم بلطف وقال : شكراً لكِ ريتا لأنكِ اخبرتيني بهذا فانا اعتقدت ان والداي قاما بالتخلي عني عندما كنت صغيراً ولكن بعدما اخبرتيني بحقيقة الأمر ادركت انني كنت على خطأ ومن الواضح انكِ كنت شخص مهم بالنسبة لي والا لما تذكرتكِ بعد مرور اكثر من خمسة عشر عاماً على فقداني للذاكرة .
فأكتست وجنتا ريتا خجلاً واحنت رأسها قائله بصوت خافت : في الواقع لقد اخبرتني بأنك ستتزوجني عندما اكبر وانك ستقوم بضرب الحقير فاكوندو اذا ما عاود ضربي مجدداً .
فرفع توم حاجبيه بدهشة وسرعان ما انفجر ضاحكاً مما جعلها تخجل اكثر فنهضت وقالت بأرتباك : سأذهب لأرى السنيورا .
قالت ذلك ثم ركضت بأتجاه البحر فنهض توم وقال بمرح : اذاً انتِ خطيبتي الأن اليس كذلك ؟
فالتفتت اليه وقد ازدادت خجلاً فقالت بشيء من الأنفعال : لقد كنا طفلين آن ذاك !
فابتسم توم وقد شغف بها حباً
.
.
- نهض آرتورو عن سريره في المشفى واستغل غياب اخته آيفا حيث بدل ملابسه بملابس الخروج ثم خرج من الغرفة فأقترب منه الحارسان الذان كانا واقفين بقرب الباب وسأله احدهما قائلاً : هل تحتاج اي شيء يا سيدي ؟
فقال بنبرة جامدة : اريد الخروج من هذا المكان فقد اصاب بالجنون ان بقيت دقيقة اخرى .
فقال الحارس الأخر : ولكن يا سيدي انت لم تشفى تماماً لذا انا اقترح ....
فأسكته آرتورو حين قال بحدة : لا تقترح اي شيء واذهب لكي تدفع فاتورة المستشفى ثم وافينا الى الخارج .
قال ذلك ونظر الى الحارس الأخر واضاف قائلاً : وانت احضر الحقيبة واتبعني .
فقال الحارسان في آن واحد : كما تريد يا سيدي .
اما هو فأخرج هاتفه من جيب سترته وطلب رقماً ثم وقف ينتظر ان يرد الطرف الأخر وما هي الا ثواني حتى قال بنبرة أمر : يمكنك ان تفعل ما طلبته منك ولكن اياك وان يحدث اي خطأ هل تفهم ؟
ثم صمت وبعدها اضاف قائلاً : جيد , سنلتقي في بيت الجبل اذاً بعد ساعتين .
قال ذلك ثم انهى المكالمة ورسم على فمه شبح ابتسامة وبعدها هم بالمغادرة فلحق به الحارسان , اما على شاطئ البحر فكانت ريتا جالسة برفقة توماس وكانا منهمكين في تبادل اطراف الحديث عن ذكرياتهما بينما كانت ازميرالدا ما تزال تسبح في مياه البحر المنعشة والغير عميقة ولكنها قررت ان تخرج من الماء اخيراً لتحصل على شراب منعش وتستريح قليلاً وبينما كانت تسير بأتجاه الشاطئ لمحت طفلة صغيرة كانت جالسة على الرمال وهي ترتدي ثوب سباحة لطيف جداً ولكنها كانت وحيدة وتبكي فتوجهت نحوها وسرعان ما جلست القرفصاء امامها وقالت بنبرة حنونة : لما تبكين يا صغيرتي ؟
فرفعت الطفلة رأسها الأشقر ونظرت اليها بتلك العيون الذهبية الدامعة وقالت بلكنة طفولية مكسرة : لقد بنيت قلعة رملية ولكن الموج دمرها قبل ان تتمكن امي من رؤيتها .
فأبتسمت ازميرالدا وقالت : الهذا السبب السخيف تبكين , حسناً ما رأيكِ بأن اساعدكِ في بناء قلعة اخرى ؟
فأبتسمت الطفلة بدورها وقالت بحماس : حقاً ؟
فأومت لها ازميرالدا برأسها وقالت : اجل , ولكن اخبريني اولاً ما هو اسمكِ واين هي امكِ الأن ؟
فمسحت الطفلة الدموع وقالت : انا ادعى اليسا وامي تجلس هناااااك برفقة ابي .
قالت ذلك واشارت الى مكان بعيد فنظرت ازميرالدا بأتجاه الرجل والمرأة اللذين كانا جالسين بعيداً عن مكان لعب ابنتهما وقد استغربت كيف سمحا لها بأن تلعب في مكان بعيد كهذا ولكن سرعان ما غضت النظر عن الموضوع وأبتسمت قائله : حسناً يا اليسا انا ادعى ازميرالدا وسوف اساعدكِ في بناء القلعة شرط ان لا تلعبي في مكان بعيد عن والديكِ مجدداً اتفقنا .
فشردت اليسا قليلاً وسرعان ما قالت بفضول : اسمكِ يعني الؤلؤة هذا ما اخبرتنا به المعلمة في المدرسة فهل انتِ لؤلؤة ؟
فضحكت ازميرالدا وقالت : لا يا عزيزتي , انا لست لؤلؤة .
فأبتسمت اليسا وقالت : ولكنكِ جميلة مثل اللآلئ , لا بل مثل حوريات البحر .
فأتسعت ابتسامة ازميرالدا وقالت : شكراً لكِ , هيا دعينا نبدأ في صنع اكبر قلعة رملية على الأطلاق .
فهتفت اليسا قائله : حسناً .
- وبالفعل بدأت ازميرالدا تساعد الطفلة في بناء القلعة الرملية وكانت مستمتعة كثيراً بفعل ذلك ولم تدرك ان هنالك من يراقبها الى حين اقترب منها رجلان غريبان عنها كلياً ولم ترى اي شخص منهما في حياتها كلها فقالت لهما بشيء من الحذر : كيف استطيع مساعدتكما ؟
فقال احد الرجلين : في الواقع ان السنيور ديلافيغا قام بتجهيز مفاجأة لكِ لهذا ارسلنا لكي نأخذكِ يا سنيورا .
في تلك اللحظة ظنت ازميرالدا لوهلة قصيرة ان اليخاندرو قد احضر حصانها قبل الموعد المحدد وقد ارسل رجاله لكي يصطحبوها الى المنزل لذا ابتسمت ونظرت الى الطفلة الصغيرة اليسا وقالت : حسناً يا عزيزتي يجب ان اذهب الأن , لذا هيا اذهبي الى حيث يجلس والداكِ ولا تلعبي بعيداً عنهما مجدداً .
فأومت اليسا رأسها وقالت : حسناً , شكراً لكِ .
قالت ذلك ثم ركضت لكي تحضر امها لترى القلعة الرملية وفي الوقت ذاته قال احد الرجلين : تفضلي معنا يا سنيوريتا .
فقالت ازميرالدا : انتظرا قليلاً ريث ما احضر اغراضي واخبر توم بأنني ....
وفي تلك اللحظة تذكرت انها اتت الى الشاطئ برفقة توماس وريتا وان كان اليخاندرو يريد منها العودة الى المنزل لأنه حضر لها مفاجأة حقاً فمن المؤكد انه سيتصل بتوم ويخبره بالأمر وبالتالي سيقوم الأخير بأستدعائها ويخبرها بأنه حان موعد عودتهم الى المزرعة ولكن لا شيء من هذا كله قد حصل لذا نظرت الى الرجلين بنظرات تنم عن الخوف واكدت لها ذاكرتها انها لم تراهما بين حراس ابن عمها من قبل لذا تسلل الذعر الى قلبها وعادت بخطواتها الى الوراء ثم قالت بنبرة تنم عن الرعب : انتما كاذبان , اليخاندرو لم يرسلكما فلو انه كان يريد مني العودة الى المزرعة حقاً لقام باخبار توماس بذلك ولن يحتاج لأن يرسل حراسه الشخصيين لذا اخبراني بسرعة من انتما وما الذي تريدانه مني ؟
فنظر الرجلين الى بعضهما وسرعان ما عاودا النظر اليها وبسرعة البرق قام احدهما بأمساك ذراعها مما جعلها تصرخ قائله : توووم , ارجوك انقذني ! .
فقام الرجل بضربها على معدتها فوراً مما افقدها الوعي ثم حملها على كتفه ونظر الى رفيقه قائلاً : دعنا نذهب بسرعة .
فأومى له الرجل الأخر وسرعان ما لاذا بالفرار ومن سوء الحظ لم يشاهدهما اي شخص عندما قاما بخطفها , اما توماس وريتا فلم يصلا في الوقت المناسب بعد ان سمعا صرختها وهي تطلب النجدة مما جعل توم يبحث عنها كالمجنون في كل ركن وزاوية ولكن دون جدوى الأمر الذي جعله يلعن نفسه لأنه غفل عنها لبعض الوقت بينما اخذت ريتا تلوم نفسها ايضاً لأنها تركتها بمفردها وذهبت لتجلس برفقته فقالت بنبرة ذعر : ما العمل الأن ؟ , انها ليست في اي مكان هنا كما انني سألت عنها جميع الأشخاص الذين في الجوار ولكن لم يراها اي شخص فأين ذهبت يا ترى ؟
فصب توم جام غضبه على الرمال تحت قدميه حيث اخذ يبعثرها بنوبة غضب وهو يصرخ قائلاً : انا السبب لو انني لم اغفل عنها لما حدث هذا.. يتبع غداً
#حب_على_شفير_النار الجزء 10
حاولت ريتا ان تمسك ذراع توم قائله : اهدأ رجاءً فأنت ...
ولكنه زجرها قائلاً بحدة : لا تقتربي مني !
مما جعلها تتراجع للخلف واغرقت عيناها بالدموع فقالت بصوت مخنوق : انا اسفة .
فتنهد توم بعمق وقد ندم على تصرفه تجاه ريتا فهي لا ذنب لها بأختفاء ازميرالدا اذ انه هو المذنب الوحيد لأنه حارسها الشخصي ومن المفروض ان يلازمها على مدار الساعة عندما تكون خارج المنزل لهذا اقترب من الفتاة وامسك ذقنها وجعلها تنظر اليه قائلاً : انا اسف ريتا , صدقيني لم اقصد ما عنيته ولكنني ..
فقاطعته ريتا بقولها : لا عليك , انا مدركة للوضع تماماً فأنت قلق على ازميرالدا لذا لا داعي للأعتذار ودعنا نعاود البحث عنها .
فأبتعد توم للوراء ووضع يده على جبينه ثم قال بنبرة قلقة : انا واثق بأن مكروهاً قد اصابها ولكنني لا اعلم اين هي لهذا اكاد اجن .
فنظفت ريتا حلقها وقالت : هل تعتقد انها غرقت دون ان يراها اي احد , لقد اخبرتني سابقاً بأنها لا تجيد السباحة كما يجب لذا ان هذا الأحتمال وارد الحدوث .
فهز توم رأسه وقال : ان حدث ذلك فعلاً فهي لن تختفي تماماً بل ستظهر وهي تكافح من اجل النجاة مما سيمكننا من رؤيتها في الماء بعد تلك الصرخة ولكنها اختفت من المنطقة كلها وهذا ما يحيرني !
فتنهدت ريتا وقالت : اذا نحن لا نستطيع اخفاء هذا الأمر عن السنيور اليخاندرو فهو الوصي الشرعي عليها ويجب ان يعرف ما الذي حدث لعله يرسل احداً يساعدنا في البحث عنها .
فقال توم بحنق : لقد وضعها في عهدتي واوصاني بأن اهتم بها ولكنني خذلته لذا انا لست جدير بالثقة التي منحني اياها .
فشعرت ريتا بالأسى عليه لذا قالت بعطف : لا تقلق فانا واثقة ان السنيور سيجدها مهما كلف الأمر .
قالت ذلك ثم اخذت تضغط بعض الأرقام في هاتفها المحمول ووقفت تنتظر ان يرد عليها الطرف الأخر وسرعان ما اتاها صوت رجولي قائل : ريتا انا مشغول الأن ..
فقاطعته قائله بأندفاع : لقد اختفت ازميرالدا يا روبيرتو ونحن قلقون عليها جداً .
في تلك اللحظة نظر روبيرتو تلقائياً الى اليخاندرو الذي كان واقفاً برفقة الرجل المدعو آندريه كابيلا حيث كانا في اصطبل الخيول الرئيسي يقومان بالقاء نظرة على الخيول التي تشارك عادةٍ في السباقات وقد تملك روبيرتو القلق لذا ابتعد عنهما وقال بصوت خافت : ما الذي تقولينه الأن يا ريتا , اخبريني كيف اختفت ازميرالدا واين كنتما انتِ وتوم عندما حدث ذلك !
فاخذت ريتا تخبره بكل ما حدث منذ ان تركت ازميرالدا تسبح بمفردها الى حين سمعا صوتها وهي تطلب النجدة من توم واخيراً اضافت قائله بنبرة قلق : لم نترك شخصاً في المكان دون ان نسأله عنها ولكن النتيجة واحدة وجميعهم قالوا بأنهم لم يروها كما اننا بحثنا عنها كثيراً ولكن دون جدوى .
فقال روبيرتو بشيء من الحدة : يا لكما من احمقين , كيف امكنكما ان تغفلا عنها في حين ان توماس يكون حارسها السخصي ومن واجبه حمايتها !
فأرادت ريتا ان تقول شيئاً ولكن توم كان بجانبها وقد سمع ما قاله روبيرتو لذا اخذ الهاتف من يدها وقال : انت محق روبيرتو , ان ما حدث كان خطأي بالكامل لهذا سأتحمل المسؤولية كاملة ولن يهنأ لي عيش الا عندما اجدها واعيدها الى المنزل سالمة .
فقال روبيرتو : واين ستبحث عنها بينما انت لا تعرف الى اين ذهبت او مع من ؟
فقال توم : لا ادري , سأبحث عنها في كل مكان حتى لو اضطررت للبحث في كل انحاء إسبانيا .
فتنهد روبيرتو وقال : من الأفضل ان تنتظراني حتى اصل اليكما وسنبحث عنها جميعناً بشكلٍ مكثف ولن نخبر اليخاندرو حتى لا يجن جنونه ان علم بالأمر لذا اخبر ريتا بأن تلتزم الصمت وانا سأتصرف .
توم : حسناً , نحن في انتظارك .
قال ذلك ثم نظر الى ريتا واردف قائلاً : سيأتي روبيرتو الى هنا ليساعدنا في البحث عنها وقد طلب مني ان نخفي الامر عن اليخاندرو حتي لا يجن جنونه .
فوضعت ريتا يديها على خاصرتها وقالت بنبرة قلق : من اين اتت هذه المشكلة الأن ؟
اما روبيرتو فكان قلقاً للغاية وقد بدى على وجهه ذلك بكل وضوح فقال في نفسه : اخشى ان ما افكر فيه قد حدث عندها ستحدث مشكلة كبيرة هذه المرة .
قال ذلك ثم توجه نحو اليخاندرو والرجل الأخر فنظف حلقه وقال بأرتباك : اليخاندرو لقد طرأ لدي عمل مهم لذا سأذهب الان .
فنظر اليخاندرو الى صديقة وسرعان ما استشعر قلقه فقطب حاجبيه وقال : ما الأمر روبيرتو ؟
فأرتبك روبيرتو وقال : لا شيء مهم , سنتحدث لاحقاً .
قال ذلك واراد ان يغادر ولكن اليخاندرو امسك ذراعه وقال بشيء من الحدة : روبيرتو لقد سألتك ما الذي حدث لذا اجب على سؤالي دون مراوغة .
فتنهد روبيرتو بعمق وقال : لقد اختفت ازميرالدا وتوم وريتا بحثا عنها ولكن دون جدوى .
فأتسعت عينا اليخاندرو عندما سمع ذلك وقال بصوت كاد ان يختفي : ما الذي قلته للتو !
فقال روبيرتو بتوتر : اسمع يا صديقي , انا اعتقد ان الفتاة خطفت اذ انها اختفت فجأة حسب قول ريتا وتوماس لذا دعنا نتريث ولا ...
وقبل ان يتمكن من انهاء جملته ترك اليخاندرو المكان كما لو انه اعصار هائج مما جعل الرجل المدعو آندريه كابيلا ينتابه الفضول بشأن ما حدث , اما روبيرتو فلحق به ركضاً وحين ادركه وقف امامه قائلاً : انتظر اليخاندرو نحن لا نعلم اين هي ازميرالدا الأن لذا يجب علينا ان نفكر اولاً قبل ان نتصرف دون تفكير .
فقال اليخاندرو بنبرة غاضبة : هذا الكلام لن يجدي نفعاً لذا سأذهب لأبحث عنها بنفسي وعندما اجدها سأقوم بتحطيم عظام توماس لأنه سمح بحدوث أمر كهذا بالرغم من انني طلبت منه ان يحرص على سلامتها اكثر من مرة .
وفي تلك اللحظة وردته رسالة هاتفية فأخرج هاتفه من جيب بنطاله وعندما تفقد الرسالة اتسعت عيناه وقد لمعت نظراته بشيء من الخوف عندما رأى صورة ازميرالدا فاقدة للوعي ومقيدة على كرسي خشبي وهي ما تزال ترتدي ثوب السباحة الخاص بها مما جعل روبيرتو يشعر بالقلق فقال : ما الأمر اليخاندرو ؟
فرفع اليخاندرو نظره عن الصورة الهاتفية ونظر اليه ثم اعطاه الهاتف قائلاً بصوت محشرج : انظر .
فأخذ روبيرتو الهاتف وعندما القى نظرة على الصورة وقرأ الرسالة التي تنص على ان يذهب اليخاندرو بمفرده ان اراد انقاذ الفتاة تفوه بلعنة واردف قائلاً : هذا ما كنت اخشاه , انه هو اليس كذلك ؟
فضم اليخاندرو قبضته وضغط عليها قائلاً من بين اسنانه : لقد اخبرته بان يبقى بعيداً عنها ولكنه تجاهل تحذيري .
فتنهد روبيرتو وقال : ماذا ستفعل حيال هذا الأمر ؟
اليخاندرو : ان الأمر واضح , سأذهب لأنقذها .
روبيرتو : سأذهب معك .
فقال اليخاندرو بنبرة أمر : لا .
روبيرتو : يستحيل ان ادعك تذهب بمفردك اليخاندرو !
فنظر اليه اليخاندرو بنظرة جدية وقال : انه يريدني ان اذهب بمفردي والا سيقوم بأذية الفتاة ان لم انفذ ما قاله ذلك الوغد .
روبيرتو : ولكن انت ....
فقاطعه اليخاندرو حين قال بنبرة غاضبة : كفى كلاماً روبيرتو وابقى هنا فهذا أمر واياك ان تخالفه .
قال ذلك ثم هم بمغادرة المكان ركضاً , اما روبيرتو فتنهد وقال محدثاً نفسه : اللعنة , ماذا سأفعل الأن ؟
- اما في مكان اخر وتحديداً داخل بيت حجري قديم قابع في المنطقة الجبلية فكانت ازميرالدا ما تزال فاقدة للوعي وهي مقيدة على ذلك الكرسي الخشبي في احدى الغرف المظلمة والمثير للشفقة انها لم تكن ترتدي ملابس محتشمة تقيها شر البعوض كما ان خاطفها لم يكلف نفسه بأن يقدم لها قميصاً لترتديه او غطاء لتغطي نفسها به بل أمر رجاله بعدم الأقتراب منها نهائياً او التحدث معها فبدأت تستيقظ شيئاً فشيئاً وعندما وجدت نفسها مقيدة و لا تستطيع الحركة تسلل الذعر الى قلبها وبدأت تأن وتتحرك بمحاولة التملص من تلك الحبال التي تقيدها والشريط الاصق الذي يغطي فمها ولكن دون جدوى لذا تغلب عليها الخوف والرعب وشعرت بأنفاسها تكاد ان تنقطع وأنها على وشك الإنهيار التام فأسندت رأسها للخلف في محاولة للسيطرة على نفسها لكن دون أن تشعر إنسابت دموعها حارة على وجنتيها وفي تلك اللحظة فُتح باب الغرفة ودخل منه رجل طويل وعريض المنكبين ووجهه الوسيم كان مليء بالندوب فتذكرته على الفور عندما رأته مما جعلها تخاف اكثر بينما هو ابتسم واقترب منها قائلاً بنبرة هادئة : لا تخافي يا صغيرة فقد ارسلت الى خليلكِ رسالة واخبرته بأنكِ ضيفتي لذا اعتقد انه في طريقه الى هنا الأن فهو لا يتأخر ابداً عن مساعدة الأخرين .
قال جملته الأخيرة بنبرة سخرية فبدأت ازميرالدا تتحرك وتأن بمحاولة لقول شيء ما ولكن كلامها لم يكن واضحاً لذا نزع الشريط الاصق عن فمها فقالت بأندفاع ومن بين دموعها : انت مخطئ فانا واليخاندرو لا تربطنا تلك العلاقة التي تتخيلها لأنه ابن عمي وانا لا شأن لي بما حدث بينكما لذا دعني ارحل ارجوك يا سنيور خوسيه .
فأندهش آرتورو لسببين الأول لأنها عرفت اسمه والثاني لأنها اخبرته بأنها ابنة عم اليخاندرو وليست حبيبته فقال بشيء من الفضول : ماذا تقصدين بأنه ابن عمكِ , هل يعقل انكِ ابنة ليام ديلافيغا !
فأومت له برأسها وقالت وهي تبكي : اجل , انا لم اكن اعلم ان لدي ابن عم وقد علمت بالأمر منذ عدة ايام فقط لأن والدي قد مات ولكنه جعل اليخاندرو وصياً شرعياً عليَ قبل ان يموت وقد عشت حياتي كلها في لوس أنجلوس لهذا انا لست حبيبته وبالتالي لا شأن لي بالخلافات التي بينكما لذا لا تقوم بأذيتي رجاءً .
في تلك اللحظة سيطر التوتر على آرتورو لدرجة انه مسح وجهه براحة يده وقال بشيء من الحدة : ليس من المفروض ان تكوني ابنة عمه ولكن لا بأس بهذا فهو سيأتي الى هنا لينقذكِ وهذا ما اريده .
فقالت ازميرالدا بنبرة غاضبة : ما الذي تنوي ان تفعله به ؟
فأبتسم آرتورو وقال : لا تقلقي فانا لا انوي قتله اذ انني لست مجرماً مثله ولكن هذا لا يعني انني سأكون لطيفاً معه وسأجعله يذوق من نفس الكأس التي اذاقني منها عندما اذلني امام الناس بتلك الطريقة المهينة للكبرياء .
فطرفت ازميرالدا برموشها عدة مرات وقالت بشيء من الذعر : ما الذي تقصده بقولك انه مجرم ؟
فرفع آرتورو حاجبه بأستغراب وسرعان ما انفجر ضاحكاً مما جعلها تذعر اكثر فقالت بأنفعال : لقد سألتك سؤالاً لذا كف عن الضحك واجب عليه بسرعة !
فتوقف آرتورو عن الضحك فعلاً ولكن البسمة لم تغيب عن وجهه واقترب منها قليلاً مما جعلها ترتعد للوراء ثم قال : يا لكِ من فتاة مسكينة , يبدو انكِ لا تعرفين حقيقة ابن عمكِ حتى الأن اليس كذلك ؟
فأبتلعت ازميرالدا ريقها وقالت بخوف : عن اي حقيقة تتحدث ؟
فأتسعت ابتسامة آرتورو وقال : الحقيقة التي اقصدها يا عزيزتي هي ان ابن عمكِ المحبوب يكون زعيم مافيا خطير لدرجة ان رجال الحكومة لا يستطيعون الوقوف في وجهه , وليس هذا فقط حيث أن قتل الناس بالنسبة له مثل شرب الماء تماماً .
فأتسعت عينا ازميرالدا عندما سمعت ذلك وقالت بصوت مرتجف : انت تكذب لتجعلني اخاف اليس كذلك ؟
فأبتعد آرتورو الى الوراء وكتف يديه قائلاً بنبرة جادة : لقد رأيتيه كيف قام بضربي بتلك الطريقة الوحشية كما انني متأكد بأنكِ رأيتي الرجال المسلحين الذين يحاوطون مزرعته من جميع الجهات ولا يسمحون لأي شخص بالاقتراب من المزرعة وسيدها لهذا ان كنتِ ذكية ولو قليلاً فسوف تدركين بنفسكِ انني اقول الحقيقة .
فصرخت ازميرالدا قائله : كفى , لا اريد سماع المزيد .
فصفعها آرتورو فجأة وصرخ في وجهها قائلاً : اياكِ وان تصرخي في وجهي مجدداً هل تفهمين ايتها الوضيعة !
فنظرت اليه بصدمة لأنه كان اول شخص يرفع يده عليها ويضربها مما جعلها تشعر بالإهانة العظمى وخصوصاً لأنها مقيدة ولا تستطيع ان تدافع عن نفسها لذا سرعان ما تحولت نظراتها من نظرات مصدومة الى نظرات يتطاير الشرر منها وقالت من بين اسنانها : ان اعتذرت عما فعلته الأن فلن اقول لتوماس وبالتالي لن يقتلك لأنك تجرأت وضربتني .
فضحك آرتورو وقال بعدم اكتراث : ومن يكون توماس هذا , هل هو حبيبكِ ام مجرد مغفل اخر يعمل عند اليخاندرو ؟
فقالت بنبرة تنم عن الغضب والكره : بل انه اخي في التبني وهو قادر على ان يجعلك تدفع ثمن ما فعلته بي غالياً جداً وانا واثقة انه لن يرحمك عندما يعلم ما الذي فعلته بي .
فأراد آرتورو ان يقول شيئاً ولكن رنين هاتفه اوقفه فتنهد واخرج الهاتف من جيب بنطاله وعندما قرأ اسم المتصل ابتعد عن ازميرالدا ثم خرج من الغرفة واجاب قائلاً : ما الأمر ؟
فقال الطرف الأخر بصوت انثوي مضطرب : لقد وقعت السنيورا آيفا عن السلم يا سنيور وتأذت بشدة لذا تم نقلها الى المشفى لهذا اتصلت بك لكي اخبرك بما حدث .
في تلك اللحظة اغلق آرتورو الهاتف وركض بسرعة نحو الخارج فتوقف وقبل ان يصعد في سيارته القى نظره على البيت وقد تردد قليلاً اذا ما كان يجب عليه البقاء وانتظار اليخاندرو او ان يسرع بالذهاب الى اخته التي اصابها مكروه ولكن مشاعر الواجب الأخوي انتصرت في النهاية لذا صعد في السيارة وقادها الى الوراء ثم انطلق بها بأقصى سرعة ولحق به حارساه الشخصيان وبقيت ازميرالدا بمفردها مع الرجلان المسلحان الذان خطفاها حيث انه عينهما لمراقبة المكان , اما هي فكانت تبكي وتحاول ان تفك وثاقها ولكن مع كل محاولة كانت تشعر بالألم اكثر ولا تعلم ان كان السبب الحقيقي لشعورها ذاك هو انها مخطوفة ومقيدة بشكل يرثى له ام لأن آرتورو اخبرها بحقيقة ان ابن عمها ما هو سوى زعيم مافيا مما زرع الرعب في قلبها بالأضافة الى شعورها بالإهانة بسبب الصفعة التي تلقتها من الرجل .
اما اليخاندرو قد شارف على الوصول الى المكان الذي هي فيه وكان الغضب والأنزعاج واضحين على وجهه وضوح الشمس وفي الوقت ذاته كان روبيرتو يقود سيارته على الطريق الجبلية ذاتها وبرفقته كلن من توماس المتوتر وريتا الخائفة فهو قد ذهب اليهما واخبرهما بأن آرتورو خطف ازميرالدا لكي يستدرج اليخاندرو وينتقم منه بسبب اخر شجار حدث بينهما وبالتالي لحقوا به , فقالت ريتا بنبرة قلقه : ارجو ان نصل في الوقت المناسب فانا اخشى ان يتهور السنيور ويقوم بأذية آرتورو الغبي مجدداً .
فقال روبيرتو : ما يخيفني اكثر هو ان يقوم ذلك الوغد آرتورو بأذية ازميرالدا لكي ينتقم من اليخاندرو لأنه متهور وقد يفعل اي شيء في سبيل التغلب على اليخاندرو .
فقال توم بحدة : سأقتله ان لمس خصلة من شعرها .
فنظر اليه روبيرتو وقال : من الأفضل ان لا تتدخل يا توم فهذه المشكلة بين اليخاندرو وآرتورو وانا واثق ان اليخاندرو سيقوم بأنقاذها دون تدخلنا لذا صلوا ان لا يحدث اي شيء قد يقلب كل الموازين .
قال ذلك واضاف قائلاً في سره : ان اليخاندرو يحبها لذا من المستحيل ان يسمح لأي شخص بأن يقوم بأذيتها وانا واثق من هذا .
وبعد مدة من الزمن ......
- وصل اليخاندرو الى المكان المنشود اخيراً فقام بتلقيم مسدسه بحركة واحدة ثم ترجل من السيارة دون اي تردد وفي تلك الأثناء علم الرجلان بأنه اتى لذا لقما اسلحتهما وجهزا نفسيهما لملاقاته وكلهما امل بأن يتغلبا عليه ولكن ما حدث هو ان اليخاندرو لم يقدم على اي تصرف احمق حيث وقف امامهما وقال بهدوء : اين رئيسكم الغبي , لما لم يخرج هو لملاقاتي ؟
فقال احد الحارسان بشيء من التوتر وهو يشهر سلاحة في وجه اليخاندرو : لا شأن لك بهذا لذا ارمي سلاحك فوراً وارفع يديك لكي اراهما بشكلِ واضح .
فتنهد اليخاندرو ولكنه امتثل لطلب الرجل حيث القى عليه المسدس وقال : اياك وان يضيع منك فهو كان لوالدي ويعني لي الكثير .
فالتقط الرجل المسدس وابتسم قائلاً : قد لا تحتاجه بعد الان فانا اشك بان السنيور خوسية سيدعك تخرج من هنا حياً .
فرمقه اليخاندرو بنظره قاتله جعلته يبتلع ريقه وسرعان ما سأله قائلاً : اين الفتاة ؟
فقال الرجل الأخر : لا تقلق ستنضم اليها بعد قليل .
قال ذلك ثم اقترب من اليخاندرو ودفعه بمؤخرة البندقية الألية ليحثه على السير الأمر الذي جعل اليخاندرو ينزعج ولكنه سيطر على اعصابه فهو كان بحاجة لان يبقى هادئاً حتى يتمكن من انقاذ ابنة عمه بأي شكل من الأشكال لذا سار برفقة الحراس بصمت وسرعان ما قام احدهما بوضع الأصفاد حول يديه حتى لا يتمكن من الهرب وبعدها فتح باب الغرفة التي فيها ازميرالدا وعندما رأته هي بدأت تصرخ قائله : ايها الكاذب لقد خدعتني وانا لن اسامحك ابداً .
اما هو فلم يفهم ما الذي تتحدث عنه ولكنه تجاهل صراخها برمته عندما رأها مقيدة وهي ترتدي ثوب السباحة المكون من قطعتين لذا التفت الى الحارس الذي خلفه وبلمح البصر امسك ياقته بالرغم من ان يديه مكبلتين بالأصفاد وقال بنبرة تدب الرعب في النفوس : اذهب واحضر غطاء لأجلها ان اردت البقاء على قيد الحياة .
اما الحارس فأنتابه الذعر لأنه يعلم من يكون اليخاندرو وكيف يصبح اذا ما اغضبه احداً كما انه يعلم انه لو اراد لقتله هو ورفيقه بالرغم من وجود الأصفاد حول يديه فهي لا تشكل عائقاً لرجل محنك وخبير فنون قتاليه مثله لذا ابتلع ريقه وأومى له برأسه فتركه اليخاندرو والتفت الى ازميرالدا وكم تمنى ان يقوم بضرب آرتورو ضرباً مبرحاً مرة اخرى لأنه خطفها وهي ترتدي ملابس غير لائقة ابداً , لذا عندما عاد الحارس وهو يحمل الغطاء انتزعه من يده وتوجه فوراً نحو ابنة عمه ثم قام بتغطيتها بينما قالت هي بحنق : انا اكرهك .
فنظر اليها بنظرات قاسية وقال : ما الذي اخبرك به آرتورو عني ؟
فقالت بعدائية واضحة : لقد اخبرني بحقيقتك ايها المجرم وانك زعيم مافيا ولست رجل اعمال كما ادعيت لهذا انا لن ابقى في منزلك ابداً وسأعود الى لوس أنجلوس فور خروجي من هذا المكان القذر .
فتنهد اليخاندرو وقال : انا لن انكر بأنني زعيم مافيا لأن هذه الحقيقة وانت مجبرة على تقبلها سواء رغبتي بذلك ام لم ترغبي ولكن هنالك شيئاً واحداً يجب ان تعرفيه وهو انني لست مجرماً فأنا لا اقتل الأبرياء والضعفاء مهما كانت الظروف .
فقالت بحدة : وفر كلامك لتقوله امام شخص اخر فانا لن اصدقك ابداً كما انني لن اخاف منك وسترى كيف سأعود الى وطني دون ان اكترث لأي شيء .
فأقترب اليخاندرو من كرسيها وانحنى بجسده بالقرب منها مما جعلها تشعر ببعض الخوف ولكنها تصنعت القوة وهي تنظر اليه بينما قال هو بنبرة جادة : اولاً وطنكِ هنا في إسبانيا وهذا امر مفروغ منه لأن الدماء الإسبانية تجري في عروقكِ , ثانياً والأهم لا تعتقدي انكِ قادرة على اعطائي الأوامر فقط لأنكِ احد افراد عائلتي فانا لا اتلقى الأوامر من اي شخص لذا ان اردتِ الخروج من هذا المكان فالأجدر بكِ ان تغلقي فمكِ قبل ان اغلقه لكِ على طريقتي الخاصة .
فذرفت ازميرالدا الدموع وقالت بصوت مخنوق : هل ستقوم بصفعي كما فعل ذلك المعتوه ؟
وبعدما سمع اليخاندرو ما قالته تجمعت الشياطين من حوله فقال بأنفعال : من الذي قام بصفعكِ ؟
فقالت وقد ازدادت بالبكاء : وهل يهمك ان تعرف ؟
فركل اليخاندرو الطاولة التي كانت بالقرب منه مما جعلها تجفل وصرخ قائلاً : لا تجيبي على سؤالي بسؤال اخر واخبريني من الذي قام بصفعكِ بحق خالق الجحيم ؟
فأبتلعت ريقها وقالت بتوتر : انه... انه ذلك الرجل المدعو آرتورو .
فنظر اليها وقد اتسعت عيناه وقال : آرتورو هو من صفعكِ !
فقالت بشيء من الأنزعاج : لما انت مندهش هكذا فهو كان صديقك ولا عجب بأنه وقح مثلك ولا يعرف كيف يتعامل مع النساء لهذا السبب لن اسامحكما انتما الأثنان ابداً .
فتفوه اليخاندرو بلعنة وقد انتابته موجة غضب لذا اخذ يركل الباب الخشبي بقدمه بكل ما اوتي من قوة الأمر الذي جعل الفتاة تخاف اكثر وسرعان ما حطمه فأتى على اثر ذلك الحراس فصرخ بهما قائلاً : أين آرتورو ؟
فأبتلع احدهما ريقه وقال : ما الأمر لما ....
فقاطعه اليخاندرو حين صرخ قائلاً : اجب على سؤالي ايها الوغد واخبرني اين هو ذلك النذل ؟
فقال الحارس بتلعثم : لقد ... غادر منذ مدة .
فأغمض اليخاندرو عيناه واخذ نفساً عميقاً ثم نظر اليه وقال بنبرة أمر : انزع الأصفاد عن يدي .
فنظر الحارس الى زميله الذي قطب حاجبيه وقال بنبرة انزعاج : هيي , هل تعتقد اننا نعمل عندك حتى تملي علينا ما يجب ان نفعله ؟
في تلك اللحظة لم يعرف اي من ازميرالدا او الحارس الأخر كيف اقترب اليخاندرو من الرجل الذي تحدث معه بفظاظة ونطحه برأسه مما جعل انفه ينزف بغزارة فأوقع سلاحه ارضاً ووضع يده على انفه واخذ يتأوه بألم بينما شهقت ازميرالدا عندما رأت ما فعله ابن عمها بالرجل , اما هو فنظر الى الحارس الأخر وقال بنبرة حادة : هل ترغب بأن يحدث لك الأمر ذاته ؟
فقطب الحارس حاجبيه واشهر مسدسه في وجه اليخاندرو وصرخ به قائلاً : اياك وان تقترب والا سأطلق النار .
وقبل ان يتصرف اليخاندرو سمعوا صوتاً مألوفاً يقول : بل انا من سيطلق النار ان لم ترمي سلاحك فوراً .
فنظروا جميعاً بأتجاه الصوت حيث ظهر كل من روبيرتو وهو يحمل مسدسه وكذلك توم الذي كان يوجه مسدسه بأتجاه الرجل الأخر ويبدو منزعجاً اما ريتا فركضت بأتجاه ازميرالدا وقالت بنبرة فزع : يا الهي , هل انتِ بخير يا عزيزتي ؟
في تلك اللحظة انفجرت ازميرالدا بالبكاء حين رأت توماس وريتا فقالت بنبرة توسل : لما تأخرت يا توم ؟
فنظر توم اليها وسرعان ما ركض بأتجاهها وقام بفك وثاقها قائلاً : انا اسف يا عزيزتي , لم استطيع حمايتكِ لذا سامحيني .
اما هي فنهضت واحكمت لف الغطاء على جسدها وسرعان ما عانقته قائله : اخرجني من هنا ارجوك .
فقال اليخاندرو بعد ان فك الأصفاد عن يده : ستعودين معي في سيارتي فانا لن اسمح بأن يتم خطفكِ مجدداً .
قال ذلك وتعمد ان ينظر الى توماس بتلك النظرة القاتلة مما جعل الأخير يحني رأسه وهو يشعر بالخزي بينما انتفضت هي وقالت بعدائية : لن اذهب معك في سيارة واحدة فأنت مجرم وانا لا ارافق المجرمين .
فنظر البقية الى بعضهم البعض بينما كان الحارسان جاثيان على ركبتهما لأن روبيرتو قد اجبرهما على فعل ذلك اما اليخاندرو فلم يعلق بشيء عما قالته ابنة عمه بل قطع المسافة القصيرة التي تفصل بينهما بخطوات واسعة وسرعان ما دفع توماس بقوة ليبعده جانباً ثم امسك ذراعها مما جعلها تشهق وتعترض ولكنه لم يبالي بذلك وبحركة واحدة حملها على كتفه بكل سهولة وقال بحدة : اصمتي والا سألقيكِ ارضاً .
فاخذت تضربه على ضهره قائله : انزلني ايها الوغد , انا اكرهك لذا انزلني فوراً !
فنظر هو الى روبيرتو واشار له بأن يدع الحارسان يذهبا ثم خرج من المنزل بينما اقتربت ريتا من توم الذي كان واقفاً يحني رأسه بصمت فوضعت يدها على ذراعه قائله : لا تحزن يا توم , انا واثقة ان السنيور لم يقصد التشكيك في قدرتك على حماية ازميرالدا ولكنه فعل ذلك لأنه غاضب الان .
فهز توم رأسه وقال : انه محق في كل ما فعله لأنني خذلته وهذه المرة الأولى التي افشل في حماية ازميرالدا لهذا انا منزعج من نفسي .
فقال روبيرتو : لا طائل من هذا الكلام ودعونا نذهب الأن .
قال ذلك ثم رمق الحارسان وقال بحدة : اخبرا آرتورو الغبي بأنه ان كرر فعلته هذا فأنا من سيقتله وليس اليخاندرو .
اما عند اليخاندرو .....
فأنزل ازميرالدا اخيراً بالقرب من سيارته بعدما كادت ان تشوه عنقه بأظافرها فأرادت ان تصفعه ولكنه امسك ذراعها وقال بحدة : هذا يكفي , هيا اصعدي في السيارة فقد طفح كيلي من تصرفاتكِ الرعناء .
اما هي فأنتزعت ذراعها من قبضته وقالت بجفاء : انت احقر رجل رأته عيناي وسوف اجعلك تندم على هذا التصرف .
فزم اليخاندرو فمه بحركة تنم عن العصبية وفتح باب السيارة ثم اجلسها رغماً عنها وسرعان ما اغلق الباب والتف حول السيارة ثم جلس امام المقود فأرادت ان تقول شيئاً ولكنه نظر اليها واشهر اصبعه الثاني في وجهها وقال بنبرة تحذير : لا اريد سماع صوتكِ حتى نصل الى المزرعة ومن الأفضل لكِ ان تجلسي بهدوء ولا تجعليني افقد اعصابي فهذا ليس بصالحكِ ابداً .
فزمت فمها بحركة تنم عن الغضب وقالت : هل ستقوم بقتلي ان لم اصمت ؟
فأدرك اليخاندرو انها تحاول ان تستفزه بكلامها لذا قرر ان لا يسمح لها بذلك وفجأة ارتسمت على ثغره ابتسامة صفراء واردف قائلاً : هنالك طرق اخرى تمكنني من اغلاق فمكِ دون اللجوء للعنف كهذه الطريقة مثلاً .
قال ذلك ولم تشعر ازميرالدا كيف اقترب منها فجأة وقبلها على حين غرة قبلة جامحة مما جعلها تجفل وتتجمد في مكانها بينما ابتعد هو عنها وقال بنبرة اقل توتراً : هل رأيتِ ؟
فأستيقظت ازميرالدا من صدمتها ونظرت اليه بعيون ملؤها الغضب وسرعان ما قالت بحنق : ايها السافل اللعين , كيف تجرؤ على .....
وقبل ان تتمكن من انهاء جملتها امسك اليخاندرو بمؤخرة رأسها وجذبها نحوه مقبلاً اياها مرة اخرى فاخذت تضربه وتحاول ان تبعده عنها ولكنها لم تستطيع ان تتملص منه فتركها هو وقال بهمس : هل ادركتي الأن ما الذي استطيع فعله ان لم تصمتي ؟
فذرفت دموعها وقالت بصوت محشرج : ستدفع ثمن هذا غالياً جداً , انا اعدك .
قالت ذلك ثم نظرت الى الجهة الأخرى ولم تقل اي شيء اخر فقط كانت تبكي بصمت لأن تصرفه تجاهها كان إهانة من وجهة نظرها اما هو فأمعن النظر بها وسرعان ما تنهد وشغل محرك السيارة ثم هم بالمغادرة كما ان روبيرتو وتوم وريتا لحقا بهما ايضاً في السيارة الأخرى , اما عند آرتورو فكان قد وصل الى المدينة لذا هرع فوراً الى المشفى التي نقلت اليه اخته آيفا وعندما سأل قسم الأستقبال عنها اخبرته الموظفة انها في الغرفة رقم ثلاث مئة واثنان فركض بسرعة بأتجاه المصاعد وعلامات القلق تكسو وجهه وحين وصل الى غرفة شقيقته كانت هي مستلقية على السرير ولكنها لم تكن فاقدة للوعي ومع ذلك بدت شاحبة جداً وخصوصاً لأن جابرة العمود الفقري كانت حول عنقها بالأضافة الى الجبيرة التي تغطي قدمها اليسرى وكانت ربة منزلهما المرأة الأربعينية ماري تعتني بها فأقترب منها بسرعة وجلس على حافة السرير ثم امسك يدها وقال بنبرة قلق : اوه آيفا , هل انتِ بخير يا حبيبتي ؟
فأومت آيفا رأسها ببطء شديد حتى لا تتألم ولكن بالرغم من حذرها تأوهت بألم وقالت بصوت ضعيف : لا تقلق فانا بخير .
فنظر هو الى المرأة المدعوة ماري وقال بلهفة : كيف حدث هذا يا ماري ؟
فقالت ماري بشيء من التوتر : لقد كانت تعمل على اكمال نحت العمود الذي في الورشة وعندما كانت واقفة على السلم فقدت توازنها ووقعت على الأرض ومن سوء الحظ ان السلم وقع فوقها .
فقال آرتورو بهلع : يا الهي , وما الذي قاله الطبيب ... هل حالتها خطرة ام ماذا ؟
فضغطت آيفا على يده وقالت : لا يا اخي , حالتي ليست بتلك الخطورة ومن حسن الحظ ان قدمي التي كسرت وليس احدى ذراعيّ والا لكنت قد وقعت في مشكلة كبيرة لأن اي مكروه يصيب يد فنان النحت قد يقضي على مستقبله المهني .
فرفع آرتورو يدها ووضعها على خده وقال بنبرة مرهقه : حباً بالله يا اختي توقفي عن هذا العمل فهذه ليست المرة الأولى التي تقعي بها عن السلم وان تكرر الأمر قد تفقدي حياتكِ وهذا ما اخشاه !
فرسمت آيفا شبح ابتسامة وقالت : ان النحت والفنون التشكيلية شغفي يا اخي فكيف تطلب مني ان اتخلى عن هذا الشغف ؟
فقال بشيء من الحدة : انظري الى نفسكِ اولاً وبعدها تحدثي عن الشغف .
فقالت ماري : لقد اخبرنا الطبيب بأن عنقها قد تأذت لهذا يجب ان تبقى هذه الجبيرة حول رقبتها لمدة اسبوعين على الأقل حتى تشفى تماماً بينما يجب ان تبقى الجبيرة التي على قدمها لمدة اربعة اسابيع ومن ثم يجب ان تقوم بالعلاج الفيزيائي .
فتنهد آرتورو وقال : حسناً , سأذهب لأتحدث مع الطبيب الذي شخص حالتكِ يا حبيبتي وسأجعلهم ينقلونكِ الى غرفة خاصة غير هذه التي تعج بالمرضى كي تأخذي راحتكِ .
فقالت آيفا وهي تلمس الندوب التي على وجهه : وماذا بشأنك , هل انت بخير ؟
فأبتسم لها وقبل يدها قائلاً : انا بخير وستشفى هذه الندوب قريباً لذا لا تقلقي بشأني .
قال ذلك ونظر الى ماري ثم اضاف قائلاً : اعتني بها جيداً يا ماري وانا لن اتأخر .
ماري : حسناً يا سنيور .
- وبالفعل خرج آرتورو من الغرفة وذهب ليتحدث مع الطبيب وفي الوقت ذاته كان قسم الطوارئ في حالة استنفار اذ ان شخصية هامة سيتم نقلها الى المشفى , اما روبيرتو فكان ما يزال يقود السيارة عندما سمع الخبر التالي : خبر عاجل , لقد وردنا منذ قليل ان رجل الأعمال الشهير كارلو ميغيل قد تعرض لذبحةٍ قلبية مفاجئة اثناء تواجده في احدا الأجتماعات وقد تم نقله في سيارة الأسعاف الى مستشفى روبر الدولي وقد تأكدنا من ان وضعه حرج للغاية كما وان .....
وفي تلك اللحظة اوقف روبيرتو السيارة في منتصف الطريق بعد سماعه لذلك الخبر الذي نزل عليه مثل الصاعقة مما جعل توم وريتا يجفلان ولكن ريتا قالت بنبرة قلق : اليس هذا الخبر متعلق بوالدك يا سنيور ؟
فلم يرد عليها روبيرتو حيث قام بتحريك المقود بسرعة وقبل ان يتحرك قال : انزلا من السيارة وعودا الى المزرعة فانا سأذهب الى المشفى .
فقال توم بشيء من التوتر : هل انت بخير ؟
فأومى له روبيرتو برأسه حيث انه لم يقدر على النطق بينما قامت ريتا بالضغط على كتفه واردفت قائله : لا تقلق , سيكون بخير .
قالت ذلك ثم اضافت قائله : هيا بنا توم .
فترجلت هي وتوماس من السيارة وسرعان ما انطلق بها روبيرتو بأقصى سرعة وعلامات القلق تعلو وجهه فهو يحب والده بالرغم من الخلاف الذي بينهما , اما توم فنظر الى ريتا وقال : الم تلاحظي ان هذا اليوم مشؤوم ؟
فتنهدت قائله : بلا لقد لاحظت ذلك وبصراحة انا نادمة لأنني اصريت على السنيورا لكي نذهب الى الشاطئ فلو انني ابقيت فمي مغلقاً لما حدث كل هذا .
فهز توم رأسه وقال : الذنب ليس ذنبكِ لأن مسؤولية حماية ازميرالدا تقع على عاتقي لذا انا المذنب الوحيد في كل ما حدث .
فلم تجد ريتا ما تقوله حيال الأمر لذا تنهدت مجدداً وقالت : دعنا نوقف سيارة أجرة ونعود الى المزرعة .
اما بالنسبة الى اليخاندرو وازميرالدا فقد وصلا الى المزرعة اخيراً واثناء الطريق لم يتحدث اي منهما بعدما قام اليخاندرو بتقبيلها مرتين بلحظة جنون لذا احكمت تغطية جسدها بالغطاء وترجلت من السيارة ثم صفقت الباب بقوة فنزل اليخاندرو ايضاً وزجرها قائلاً : يجب ان نتحدث لذا اتبعيني .
فتجاهلته تماماً وشقت طريقها بأتجاه الباب مما جعل تصرفها يستفزه لذا اسرع بخطواته وامسك بذراعها ولكنها انتزعت ذراعها من قبضته ومن ثم صفعته بقوة امام الحراس وصرخت به قائله : أياك وان تلمسني مجدداً هل تفهم ؟ يتبع غداً
#حب_على_شفير_النار الجزء 11
وصل كل من اليخاندرو وازميرالدا إلى المزرعة اخيراً واثناء الطريق لم يتحدث اي منهما بعدما قام اليخاندرو بتقبيلها مرتين بلحظة جنون لذا احكمت تغطية جسدها بالغطاء وترجلت من السيارة ثم صفقت الباب بقوة فنزل اليخاندرو ايضاً وزجرها قائلاً : يجب ان نتحدث لذا اتبعيني .
فتجاهلته تماماً وشقت طريقها بأتجاه الباب مما جعل تصرفها يستفزه لذا اسرع بخطواته وامسك بذراعها ولكنها انتزعت ذراعها من قبضته ومن ثم صفعته بقوة امام الحراس وصرخت به قائله : أياك وان تلمسني مجدداً هل تفهم ؟
قالت ذلك وهي ترتجف غضباً وانفعالاً وكان الشرر يتطاير من عيناها الخضراوين وهي تنظر اليه بنظرات قاسية , اما هو فلم يصدر عنه اي ردة فعل في البداية اذ انه لم يستوعب كيف تجرأت فتاة تصغره بسنوات طويلة بأن تصفعه بكل قوتها امام رجاله لذا رفع يده ثم لمس خده وسرعان ما التفت اليها ببطء ونظر اليها بنظرة لا تحمل اي ذرة من العاطفة بل كانت نظراته مرعبة وخصوصاً لأن لون عينيه الازرق اصبح اعمق وينذر بالشر مما جعلها تبتلع ريقها عندما ادركت انها ايقظت الوحش الذي في داخله لذا لم تشعر بنفسها كيف فرت هاربة من امامه قبل ان ينقض عليها واثناء جريها بأتجاه باب المنزل تعثرت مرتين امام ناظريه وبالرغم من ذلك لم تتوقف عن الركض ولو لثانية واحدة كما انها لم تجرؤ على النظر خلفها فصعدات رأساً الى غرفتها واقفلت الباب بالمفتاح ثم استندت إليه وهي تلهث وقالت محدثة نفسها : ما العمل الأن , لقد اوقعت نفسي في مشكلة انا بغنى عنها فكيف سأتصرف اذا ما قرر ذلك المتوحش بأن ينتقم مني بسبب تلك الصفعة !
قالت ذلك وقلبها يعصف من شدة الخوف والتوتر , اما اليخاندرو فدخل الى المنزل بوجه متجهم للغاية وكأن شياطين العالم أجمع مجتمعة حوله وكان تفكيره منصب على أمر واحد ووحيد الا وهو تلقين ابنة عمه درساً قاسياً لن تنساه ابداً لأنها تجرأت وصفعته امام رجاله مما سبب له الإهانة فصعد الى الطابق العلوي من المنزل وشق طريقة نحو الجناح الشرقي حيث تتواجد غرفهما وعندما وصل الى باب غرفتها اخذ يقرعه بعنف قائلاً : افتحي هذا الباب اللعين والا سأقوم بتحطيمه ان لم تفعلي .
وفي تلك اللحظة اخذ قلب ازميرالدا يخفق بأضطراب من شدة الخوف والتوتر وخصوصاُ لأنها استشعرت الغضب في نبرة صوته لذا قالت بأندفاع من خلف الباب : لن افتح الباب لك حتى ولو كلفني هذا الأمر حياتي .
فضرب اليخاندرو الباب بقوة جعلتها تجفل وصرخ قائلاً : سوف امهلكِ خمس ثواني لكي تفتحي الباب واقسم لكِ بأنني سأحطمه فوق رأسكِ اللعين ان لم تفعلي ذلك لذا لا تختبري صبري .
فأبتلعت ازميرالدا ريقها وقد اصابها الوهن والرعب من الأتي ولكنها ادركت انه يجب عليها اطاعته ان ارادت النجاة من غضبه لأن العناد لن يعود عليها بالمنفعة لذا نظرت حولها بنظرة سريعة وسرعان ما وقع بصرها على قميص نومها الأسود لذا اسرعت وارتدته فوق ثوب السباحة ثم فتحت الباب بيد مرتجفة وقبل ان تتمكن من قول اي شيء كان اليخاندرو ممسكاً ذراعها بقسوة وقام بلويها مما جعلها تصرخ بألم ومع ذلك لم يأبه بصرختها بل دفعها الى داخل الغرفة واغلق الباب بركلة من قدمه ثم قال ساخطاً : كيف بحق الجحيم تجرأتي على صفعي امام رجالي !
فبدأت ازميرالدا تبكي ألماً لأنه كان ممسكاً ذراعها بعنف لدرجة انها شعرت بعظام كتفها قد تحركت من مكانها فقالت بنبرة توسل : دعني فأنت تؤلمني .
ولكنه لم يدعها بل احكم لوي ذراعها اكثر وفي الوقت ذاته جذبها بعنف فأصطدمت بصدره العريض وقال بحدة : تشعرين بالألم اليس كذلك ؟ , هذا لا شيء مقارنة مع الإهانة التي سببتيها لي امام رجالي لذا يجب ان تعلمي جيداً كيف تكون عاقبة العبث مع اليخاندرو ديلافيغا .
فنظرت اليه بعيون خضراء دامعة وقالت بصوت محشرج : دعني ايها المتوحش !
فأمسك فكها بحركة عنيفة وقال بحنق : انتِ لم تري شيئاً بعد لذا اياكِ وان تقللي من شأني امام رجالي مرة اخرى هل هذا مفهوم ؟
فحركت رأسها بعنف للتملص من قبضته وقد شعرت بأن ذراعها تخدرت لذا صرخت بغير وعي قائله : حسناً انا اسفه لذا دعني ارجوك فانا لم اعد اشعر بذراعي !
في تلك اللحظة فقط حررها اليخاندرو من قبضته فكان شعورها كمن وقع من فوق جرف على ارض صلبة مما سبب لها الوهن فوقعت ارضاً واخذت تفرك ذراعها وتبكي ألماً بينما انحنى هو وجلس القرفصاء امامها وقد لانت قسمات وجهه وكأن الشيطان الذي تلبسه وحرضه على اذيتها قد غادر لذا شعر بالذنب فوراً عندما رأى احمرار يدها فحاول ان يلمسها قائلاً : دعيني ارى ..
ولكنها جذبت نفسها بعيداً عنه وقالت بعنف : لا تلمسني , لقد اذيتني وانا لن اسامحك لذا ابقى بعيداً عني .
فشعر اليخاندرو بالغضب من نفسه لأنه اخافها وقام بأذيتها لذا اراد ان يُصلح الموقف فلم يأبه بأعتراضها وجذبها من كتفيها بلطف ثم ضمها الى صدره وقال بصوت محشرج : انا اسف .
اما هي فأخذت تحاول الخلاص من عناقه وقد اطلقت العنان لدموعها لذا اخذت تضربه على صدره وهي تبكي قائله : دعني ايها المتوحش , انا لا احبك ولا احب ان تعانقني او ان تقترب مني بأي شكل من الأشكال .
ولكنه لم يدعها بل تمسك بها اكثر وقال : لا تبكي , انا اسف لم اكن اقصد اذيتكِ .
فلم تحتمل ازميرالدا ان يعاملها بتلك الطريقة الحنونة بعدما كاد ان يكسر ذراعها لذا دفعته بكل ما أوتيت من قوة ونهضت قائله ببكاء : اريد العودة الى لوس أنجلوس , انا لا احتمل العيش معك لذا اعدني الى بلادي فوراً .
فنهض هو ايضاً وقد عاوده الغضب فقال بنبرة أمر : لقد اخبرتكِ سابقاً انكِ ستبقين هنا لمدة اربع سنوات لأنني الوصي الشرعي عليكِ ويجب ان تتواجدي حيث اتواجد انا لذا كفي عن التفوه بالحماقات فانا لن اسمح لكِ بالعودة الى لوس أنجلوس ابداً على الأقل حتى تنقضي السنوات الأربع .
فصرخت به قائله : انا لا اطيق العيش هنا وخصوصاً مع مجرم مثلك لذا سأعود الى بلادي سواء ان قبلت بذلك ام لا .
فأمسك اليخاندرو ذراعها وشدها بحركة تنم عن العصبية واردف قائلاً : جربي ان تخرجي من هذا المنزل دون اذني وسترين ماذا سأفعل بكِ .
قال ذلك ثم دفعها وهم بالخروج من الغرفة وهو في اوج غضبه اما هي فلم يسعها سوى ان ترمي نفسها على السرير واخذت تبكي بحرقة , وفي تلك الأثناء وصل كل من ريتا وتوماس الى المزرعة وصادف انهما دخلا الى المنزل في الوقت ذاته الذي نزل به اليخاندرو من الطابق العلوي وحين رأى توم قطب حاجبيه بغضب وتقدم منه بخطوات سريعة وما هي الا ثانية حتى وقع توم ارضاً بسبب اللكمة التي سددها اليه اليخاندرو بينما شهقت ريتا بذعر فأردفت قائله : رجاءً يا سنيور لا تفعل هذا .
فزجرها اليخاندرو قائلاً : لا تتدخلي بهذا الموضوع ريتا واذهبي الى غرفتكِ حالاً .
فلم تستطيع ريتا ان تعترض او ان تقول اي شيء لذا نظرت الى توم الجالس على الأرض وهو يمسح الدم عن زاوية فمه ثم تنهدت وغادرت بينما قال اليخاندرو بنبرة حادة : انهض .
فنظر اليه توم ولم يقل شيئاً بل نهض فأردف اليخاندرو قائلاً : اتبعني .
قال ذلك وشق طريقه نحو باب الخروج فلحق به توماس بصمت وحين وصلا الى وسط الحديقة التفت اليه اليخاندرو فجأة ولكمه مرة اخرى وصرخ به قائلاً : ان كنت لا تستطيع حماية الفتاة لما جعلتني اثق بك ايها الوغد ؟
فبصق توم الدم من فمه ثم قال بنبرة اشبه بالصراخ : انها المرة الأولى التي يحدث بها شيئاً كهذا وصدقني لو انني كنت اعلم انها معرضة للخطر لما تركتها ولو لثانية واحدة ولكنني لست عرافاً او منجماً حتى اعلم ما الذي يخبئه المستقبل .
فأمسك اليخاندرو بياقته وقال بحدة : لقد طلبت منك أن تحرص على سلامتها ولكنك خذلتني عندما سمحت لأولئك الأوغاد بخطفها لذا اخبرني كيف سأثق بك بعد الأن ؟
فتملص توم من قبضة اليخاندرو وقال : لن التمس الأعذار فانا اعلم بأنني لم اقوم بواجبي تجاه ازميرالدا لذا انت تمتلك حرية الخيار ان كنت ستثق بي بعد الان ام لا ولكنني لن اسامح نفسي على هذا الخطأ ابداً .
قال ذلك ثم سحب مسدسه واراد ان يطلق النار على راحة يده كعقاب له ولكن ردة فعل اليخاندرو كانت اسرع من تصرفه المتهور حيث قام الأخير برفع المسدس لتخرج الرصاصة وتشق طريقها نحو السماء ثم صرخ به قائلاً : هل انت مجنون ام ماذا ؟
فقال توماس بأنفعال : لما تدخلت , لقد اردت ان اعاقب نفسي لذا دعني اقوم بفعل ذلك .
فأنتزع اليخاندرو المسدس من يده وقال بعصبية : ان ما تفعله ليس عقاب وانما جنون وانا لن اسمح لك بأذية نفسك حتى وان كنت غاضباً منك .
فقال توم : اذاً اخبرني ما الذي يجب ان افعله حتى اكفر عن خطأي , انا لم يسبق لي وان جعلت ازميرالدا تتعرض لأي خطر لهذا بت اكره نفسي لأنني غفلت عنها لوهلة قصيرة .
فتنهد اليخاندرو وقد هدأ روعه ثم اقترب منه وضغط على كتفه قائلاً : اذاً يجب عليك ان تكون اكثر حذراً في المرة القادمة فانا واثق بأنك اهل للثقة ولن تدع ما حدث اليوم يتكرر مجدداً اليس كذلك ؟
فنظر اليه توم وقال بكل ثقة : لن يحدث ذلك حتى ولو كلفني الأمر حياتي , انا اعدك بهذا .
فأعطاه اليخاندرو المسدس واردف قائلاً : ان الأسلحة لم تصنع لكي نؤذي انفسنا بها لذا لا تكرر فعلتك مجدداً لأنك لو فعلت ذلك ستحزن ازميرالدا كثيراً عندها لن اسامحك .
قال ذلك ثم تركه وهم بالمغادرة فنظر توم الى مسدسه لوهلة ومن ثم نظر بأتجاه المنزل حيث لمح ريتا واقفه بالقرب من الباب وعلى وجهها علامات القلق فتنهد وشق طريقه نحوها وحين وصل اليها سألته قائله : هل انت بخير ؟
فأومى لها برأسه وقال : اجل .
فرفعت يدها بتردد ولمست وجهه قائله : لقد تأذيت , دعني اعالج جرحك .
فتنهد توم ورفع يده ثم امسك يدها وانزلها قائلاً : لا تقلقي بشأني واذهبي لتعتني بأزميرالدا فهي بحاجتكِ اكثر مني .
ريتا : ولكنك بحاجة للعلاج ايضاً .
توم : سأكون بخير لذا اذهبي رجاءً واعتني بأختي .
فتنهدت ريتا وقالت : حسناً .
قالت ذلك ثم تركته وعادت الى الداخل بينما تنهد هو ولمس زاوية فمه بحذر ومع ذلك تأوه بالم وقال محدثاً نفسه : اللعنة , ان ذلك الرجل يمتلك قبضة حديدية لذا يجب ان اتجنب اثارة غضبه .
اما في المشفى ....
وصل روبيرتو وتوجه فوراً الى قسم الطوارئ حيث تم ادخال والده المدعو كارلو ميغيل الى غرفة العمليات وكانت زوجة ابيه المدعوة صوفيا تجوب المكان ذهاباً وأياباًُ وقد كانت امرأة شابة في الثلاثين من عمرها بشعر اسود وعيون زرقاء وبشرة سمراء شاحبة ويبدو عليها الخبث لذا تملكها الرعب عندما رأته قادم فابتلعت ريقها وقالت بتلعثم : لم ... لم اتوقع قدومك الى هنا .
فرمقها بنظرة قاتله وقال بحدة : ما الذي اصاب ابي ؟
فأرتبكت واخذت تتلعثم بالكلام قائله : لقد .. لقد تعرض لذبحة قلبية اثناء تواجده في احد الأجتماعات لذا ادخلوه الى غرفة العمليات فوراً .
فأمسك روبيرتو ذراعها بقسوة وقال بسخط : اخبريني بشيء لا اعرفه صوفيا والا اقسم لكِ بأنني سأقتلكِ الان فوراً .
فاتسعت عينا صوفيا وقالت : لما تتحدث معي بهذه الطريقة وكأنني انا من تسببت له بهذه الذبحة القلبية !
فضغط روبيرتو على ذراعها مما جعلها تتأوه بألم وقال بصوت يدب الرعب بالنفوس : لأنني اعرف حقيقتكِ وانا مدرك بأنكِ سعيدة الأن لأن حياة والدي في خطر لذا كفي عن المراوغة واخبريني ما الذي حدث حتى يصاب ابي بذبحة قلبية مفاجأة واياك والكذب هل تفهمين ؟
فأنتزعت صوفيا ذراعها من قبضته واخذت تفرك معصمها قائله بنبرة تنم عن الكره : انت لم تتغير ابداً , ما زلت متوحشاً كما لو انك حيوان بري لهذا انا اشكر الرب لأن كارلو طردك من المنزل .
فاستشاط روبيرتو غضباً وبسرعة البرق امسك شعرها وقال بهمس يشبه همس الشياطين : ان لم تخبريني لما تعرض ابي لنوبة قلبية سأجعلكِ تتعرفين على الجانب الحيواني من شخصيتي وانا واثق انه لن يعجبكِ ابداً لذا تحدثي بسرعة ايتها العاهرة والا سأقوم بسحب الكلمات من فمكِ اللعين بنفسي .
فأخذت صوفيا ترتعد خوفاً لأنها تعرف كم يكرهها روبيرتو وانه جاد في كل كلمة قالها لذا قالت بأندفاع : حسناً حسناً , سأخبرك ولكن دعني اولاً .
فقام روبيرتو بدفعها بعيداً عنه وقال بجفاء : هيا تحدثي .
فقامت هي بترتيب شعرها ونظفت حلقها قائله : في الواقع انها ليست المرة الاولى التي يصاب بها كارلو بذبحة قلبية فهو يعاني من مرض في القلب منذ سنتين ومع هذا لم يعرف اي شخص بأنه مريض ولكن ما حدث اليوم هو ان الشركة وقعت في ضائقة مالية لان مشروع بناء سلسلة الفنادق الجديدة الذي كان يعمل عليه باء بالفشل مما تسبب له بهذه الذبحة القلبية عندما علم بأنه على وشك الأفلاس .
فأتسعت عينا روبيرتو عندما سمع ذلك وقال بهلع : ما الذي قلتيه للتو ؟
فكتفت صوفيا ذراعيها وقالت بعدم اكتراث : كما سمعت .
فرطب روبيرتو شفتيه بطرف لسانه وقال : وكم تحتاج الشركة من مال لحل المشكلة ؟
صوفيا : لقد سمعت ان المبلغ كبير جداً وانه ....
فقاطعها روبيرتو حين قال بحدة : اعطيني رقماً .
فتنهدت قائله : سبعون مليون .
وفي تلك اللحظة خرج الطبيب من غرفة العمليات فهرع روبيرتو نحوه وسأله قائلاً : كيف حال ابي يا دكتور ؟
فتنهد الطبيب قائلاً : لقد نجحت العملية ولكنه لم يتجاوز مرحلة الخطر بعد لهذا يجب ان يبقى تحت المراقبة .
فتنفس روبيرتو الصعداء وقال : على الأقل انه لم يمت , حسناً شكراً لك يا دكتور .
الطبيب : لا شكر على واجب , عن اذنكما .
قال ذلك ثم غادر اما صوفيا فتنهدت قائله كمن يحدث نفسه : ما هذا الأزعاج , الأن انا مضطرة للبقاء في المشفى لكي اعتني به وهذا يعني انني لن اتمكن من الذهاب في رحلة الأستجمام التي خططت لها .
فرمقها روبيرتو بنظرة قاتله ولم يعلق بشيء بل اخرج هاتفه من جيب بنطاله ثم طلب رقماً ووقف ينتظر ان يرد عليه الطرف الأخر وسرعان ما ابتعد عن زوجة ابيه واردف قائلاً : اليخاندرو انا بحاجة لبعض المال .
فرد عليه اليخاندرو في الطرف الأخر قائلاً : كم تريد ؟
روبيرتو : سبعين مليون يورو
فقال اليخاندرو : سأخبر المحاسب ان يحول المبلغ الى حسابك ولكن اخبرني لما تريد هذا المبلغ الضخم فجأة ؟
فتنهد روبيرتو وقال : ان شركة والدي تعاني من ضائقة مالية تهدد بأفلاسه لهذا لم يحتمل الخبر مما تسبب له بذبحة قلبية وقد خضع لعملية جراحية للتو لهذا انا اريد مساعدته فانا لا احتمل خسارته وسوف اعيد لك المبلغ في القريب العاجل .
فقال اليخاندرو : لا تقل هذا فلا فرق بيننا ومالي هو مالك ولكن اخبرني كيف حال والدك الأن ؟
روبيرتو : لقد نجحت الجراحة ولكنه لم يتجاوز مرحلة الخطر لهذا سأبقى في المستشفى تحسباً لأي طارئ .
اليخاندرو : حسناً , ان احتجت لأي شيء اتصل بي فوراً .
روبيرتو : شكراً لك يا صديقي , سأغلق الأن .
قال ذلك ثم انهى المكالمة ونظر الى زوجة ابيه وقال بنبرة تنم عن الكراهية : سأحل مشكلة الضائقة المالية لذا ابقي هنا لتعتني بوالدي واتصلي بي فوراً ان حدث اي شيء هل هذا مفهوم ؟
فحركت صوفيا عيناها بشكلٍ دائري وقالت : حسناً .
فتحرك روبيرتو بخطواته وابتعد واثناء خروجه من قسم الطوارئ صادف آرتورو في طريقه فتوقف لوهلة قصيرة ونظر اليه بنظرات غاضبة ولكنه لم يقل شيئاً بل تابع سيره اما آرتورو فأبتسم وقال بسخرية : لما انت هنا روبيرتو ؟
فتوقف روبيرتو ونظر اليه قائلاً : لا شأن لك بي .
فضحك آرتورو قائلاً : اه لقد سمعت ان والدك تعرض لأزمة قلبية فهل اتيت لكي تتأكد أنه فارق الحياة ام لا فرجال المافيا امثالك انت واليخاندرو لا يملكون اي مشاعر لهذا انا اشك في انك اتيت لكي تطمئن على الرجل المسكين .
فضم روبيرتو قبضته وقال بمحاولة لكبح اعصابه : اغرب عن وجهي آرتورو فانا لست بمزاج جيد لكي اتشاجر معك الأن .
فقطب آرتورو حاجبيه وقال بسخط : لقد علمت بأنكم انقذتم الفتاة ولكن صدقني بأنني سأتمكن من تلقين اليخاندرو درساً قاسياً في المرة القادمة لهذا اخبره بأنني اجهز له مفاجأة اخرى .
فأقترب منه روبيرتو وقال بنبرة تهديد : بالرغم من كل الأعمال القذرة التي فعلتها لكي تتغلب على اليخاندرو هو لا يزال يعتبرك صديقه لهذا يكبح نفسه عن اذيتك ولكنني لست مثله وانا احذرك من الأقتراب منه او من ابنة عمه مجدداً فهي لا شأن لها بالخلاف الذي بينك وبينه لذا ابقى بعيداً عنها هل تفهم ؟
فأبتسم آرتورو وقال : وان لم افعل ذلك ما الذي ستفعله ؟
فأبتسم روبيرتو بدوره ابتسامة غامضة وقال : جرب ان تعبث معنا مجدداً وسترى ما سأفعله .
قال ذلك وهم بالمغادرة بخطوات مسرعة بينما تفوه آرتورو بلعنة وشق طريقه بأتجاه المصاعد لكي يذهب الى غرفة اخته آيفا , وحين وصل وجدها تشاهد التلفاز بينما كانت المرأة المدعوة ماري جالسة بجانبها تقشر بعض الفاكهة فأبتسم وقال : كيف حالكِ الأن ؟
فأبتسمت آيفا وقالت : بخير , اين ذهبت ؟
فجلس بجانبها وقال : لقد كان لدي بعض الأعمال العالقة , اخبريني هل تشعرين بأي ألم ؟
فتنهدت آيفا قائله : فقط عندما اتحرك .
فقالت ماري : لقد اتت الممرضة لمعاينتها منذ قليل وقامت بأعطائها الدواء وطلبت منها ان تأخذ قسطا من النوم ولكن السنيورا رفضت ذلك لذا تحدث معها يا سنيور فهي تستمع اليك .
فقطب آرتورو حاجبيه وقال معاتباً : لم ترفضين يا آيفا , انتِ بحاجة لأخذ قيلوله قصيرة .
فقالت آيفا بتذمر : انا لا انام بمثل هذا الوقت فأن الشمس ما زالت في وسط السماء .
آرتورو : اعلم هذا ولكن يجب ان تحاولي .
فتنهدت وقالت : حسناً سأنام قليلاً شرط ان تبقى الى جانبي .
فأبتسم أرتورو وقال : لكِ هذا يا عزيزتي , هيا دعيني اساعدكِ لكي تستلقي .
.
.
في تمام الساعة الثامنة من مساء ذلك اليوم كان كل من توماس واليخاندرو مجتمعان حول مائدة العشاء بينما كانت ريتا تضع الأطباق امامهما اما ازميرالدا فرفضت ان تخرج من غرفتها بعد المشاجرة التي حدثت بينها وبين ابن عمها كما انها رفضت ان تقابل اي شخص طيلة النهار لذا عندما ارسل توم ريتا لكي تعتني بها طلبت منها بكل ادب ان تدعها وشأنها فقررت ريتا ان تحترم رغبتها وتركتها بمفردها وهكذا مرت الساعات عليها وهي تفكر بطريقة تمكنها من نسيان اليخاندرو الذي قبلها مرتين دون ان يرف له اي جفن ومن ثم قام بأذيتها جسدياً وبعدها عانقها بكل لطف اما هو فقال بصوت وقار : اين ازميرالدا يا ريتا ؟
فتنهدت ريتا وقالت : ان السنيورا ترفض النزول الى هنا وقد اخبرتني بأنها لا ترغب بتناول العشاء لهذه الليلة .
فقال توم : لقد حاولت اقناعها بأن تخرج من غرفتها مراراً ولكنها رفضت ذلك لهذا طلبت من ريتا ان تأخذ لها الطعام ولكنها رفضت تناوله ايضاً .
فتنهد اليخاندرو ودفع كرسيه ثم نهض قائلاً : سأذهب للتحدث معها , لا تتبعاني .
قال ذلك ثم شق طريقه نحو الدرج المؤدي الى الطابق العلوي , اما ريتا فقالت بقلق : اخشى ان يتشاجرا مجدداً .
فهز توم رأسه تعبيراً مجازياً وقال : ان ازميرالدا فتاة عنيدة جداً وان قررت عدم الخروج من غرفتها فهذا يعني انها لن تخرج ولكن السنيور قادر على جعلها تغير رأيها فقد فعل ذلك عندما كنا في لوس أنجلوس لذا لا تقلقي .
عند اليخاندرو .......
وصل الى غرفة ابنة عمه فقام بقرع الباب بشكلٍ رزين فأتاه صوتها من الداخل قائله : لقد اخبرتكم بأنني ارغب بالبقاء وحدي .
فقال لها : انه انا لذا افتحي الباب .
في تلك اللحظة قفز قلبها من مكانه عندما سمعت صوته وتملكها التوتر فقالت بشيء من العصبية : اذهب من هنا , لا اريد التحدث معك .
فتنهد اليخاندرو واغمض عيناه كمن يحاول السيطرة على اعصابه وسرعان ما فتحهما مجدداً وقال : افتحي الباب ازميرالدا فانا بالكاد اردع نفسي عن تحطيمه لذا افتحيه بسرعة .
فأبتلعت ازميرالدا ريقها وترددت في ان تنفذ طلبه ولكنها استسلمت في نهاية المطاف وقامت بفتح الباب ونظرت اليه قائله بسخط : ماذا تريد ؟
فلم يرد عليها بل وقف يتأملها من رأسها حتى اخمص قدمها وقد سره منظر الفستان الوردي البسيط الذي كانت ترتديه مما جعله يرسم شبح ابتسامة على زاوية فمه واردف قائلاً : انت تحبين هذا اللون اليس كذلك ؟
فنظرت هي تلقائياً الى فستانها وسرعان ما عاودت النظر اليه وكتفت ذراعيها قائله بجفاء : هذا ليس من شأنك , اخبرني ما الذي تريده مني .
فنظر اليها بنظرة جدية جعلتها تبتلع ريقها وانزلت يديها الى جانبها ثم قالت بتلعثم : ماذا الأن ؟
فقال بهدوء مرعب : لم ترفضين تناول العشاء ؟
ازميرالدا : لأنني لا امتلك شهية لفعل ذلك فهل هذه جريمة ؟
فتنهد اليخاندرو وامسك ذراعها ثم سحبها من الغرفة دون ان يعلق فحاولت ان تتملص من قبضته قائله : دعني الى اين تأخذني ؟
فقال دون ان ينظر اليها : سنتناول الطعام لذا كفي عن التصرف كالأطفال .
فنزعت ذراعها من قبضته وقالت بسخط : لا اريد تناول الطعام معك .
فزم اليخاندرو فمه بحركة تنم عن العصبية وقطع المسافة القصيرة التي تفصل بينهما بخطوة واحدة ثم شدها من ذراعها قائلاً : انا الوحيد الذي يقرر ما يجب ان تفعليه لذا تحركي من تلقاء نفسكِ قبل ان ارغمكِ على النزول .
فقالت وهي تحاول ان تتمصل من قبضته : انا اكرهك .
قالت ذلك ثم دفعته وشقت طريقها نحو الدرج لكي تنزل فلحق بها بوجه متجهم فهو بالرغم من قشرة القسوة التي يرتديها الا انه ليس حجراً كما انه يحبها وقد شعر بالحزن لأنها اخبرته وبكل وضوح انها تكرهه وليست هذه هي المرة الأولى التي تخبره بذلك , فعندما جلسوا جميعاً حول المائدة لم يتحمل ان تنظر اليه كمن ينظر الى وحش لذا دفع الكرسي بعصبية وغادر دون ان يقول اي شيء مما جعل كل من ريتا وتوماس يستغربان تصرفه اما هي فلم تهتم بل تصنعت اللامبالاة ولكنها شعرت بالذنب في قرارة نفسها ومع ذلك لم تقل شيئاً بل تابعت تناول العشاء بصمت.. يتبع غداً
#حب_على_شفير_النار الجزء 12
خرج اليخاندرو من المنزل وتوجه رأساً الى موقف السيارات فلحق به اثنان من الحراس الشخصيين ولكنه اوقفهما بأشاره من يده ثم صعد في سيارته المرسيدس السوداء ذات الدفع الرباعي وخرج من حدود مزرعته فشق طريقه بأتجاه المدينة ولم يعد تلك الليلة الى المنزل الا في ساعة متأخرة من الليل اي عندما كان الجميع نيام وكان شبه ثمل فتوجه الى غرفته ولكنه وقف بالقرب من باب غرفة ازميرالدا ثم فتح الباب بحذر فوجدها تغط في نوم عميق لذا دخل بخطوات خافته واقترب من سريرها ثم جلس على حافة السرير واخذ يتأملها وهي نائمة كالحمل الوديع فمد يده يلمس خدها وقد ابعد خصلة من شعرها كانت تغطي وجهها وبعدها نهض وانحنى بجسده وطبع قبلة ناعمة على جبينها ثم خرج من الغرفة .
اما في صبيحة اليوم التالي ........
كان روبيرتو ما يزال في المستشفى ينتظر امام غرفة العناية المشددة التي يرقد بها والده وكانت زوجة ابيه صوفيا نائمة على المقاعد بكل هدوء فنظر اليها بنظرة غاضبة وهز رأسه مستنكراً عدم قلقها على زوجها وفي الوقت ذاته جاء الطبيب الذي اجرى الجراحة ومعه ممرضة فنظر اليهما روبيرتو وقال بلهفة : اخبرني يا دكتور متى استطيع رؤية والدي ؟
فقال الطبيب : سأدخل لكي اقوم بمعاينة صحته الأن وبناء على ذلك سأقرر ان كان بأمكانك رؤيته ام لا .
روبيرتو : حسناً , سأنتظرك هنا .
- ثم دخل الطبيب ومعه الممرضة الى حجرة العناية المركزة وبعد الفحص ابتسم الأول وقال محدثاً الممرضة : هذا جيد , ان مؤشراته الحيوية جيدة واصبح تنفسه طبيعياً لذا اعتقد انه تجاوز مرحلة الخطر .
فقالت الممرضة : هذا يعني انه لا يحتاج للبقاء في غرفة العناية اليس كذلك ؟
الطبيب : اجل , سأتحدث مع ابنه وبعدها سنقوم بنقله الى غرفة خاصة .
قال ذلك ثم خرج من حجرة العناية المركزة وتوجه نحو روبيرتو الذي سأله بلهفة عن حال والده فأبتسم وقال له : اطمئن يا سنيور لقد استقرت حالة والدك الصحية وقد تجاوز مرحلة الخطر لذا سنقوم بنقله الى غرفة خاصة .
في تلك اللحظة شعر روبيرتو براحة نفسية كبيرة فأبتسم وقال : شكراً لك يا دكتور , انا اقدر ما فعلته من اجل والدي .
فهز الطبيب رأسه قائلاً : لا شكر على واجب , يمكنك ان تراه الأن ولكن انا افضل ان يتم نقله الى غرفة خاصة اولاً .
روبيرتو : سأتحدث مع الأدارة حتى يتم نقله الى غرفة الشخصيات المهمة وانا سأهتم بكافة التفاصيل الأخرى .
الطبيب : حسناً , بالتوفيق .
قال ذلك ثم غادر وبرفقته الممرضة اما صوفيا فقد استيقظت اخيراً وكم كانت اطرافها تؤلمها لأنها نامت على المقاعد الصلبة فجلست واخذت تمدد جسدها قائله بتذمر : تباً للمستشفيات , لقد تيبست اطرافي بسبب هذه المقاعد اللعينة .
فرمقها روبيرتو بنظرة صارمة وقال بجفاء : لا ضير في ذلك فأنتِ معتادة بان تنامي على سرير مريح ولن يحدث لكِ شيئاً اذا ما نمتِ يوماً واحداً بطريقة غير مريحة .
فتنهدت وقد لعنته في سرها ثم نهضت وابتسمت بتصنع قائله : انني امرأة رقيقة لهذا انا لا اتحمل النوم في اماكن كهذه , اخبرني هل استيقظ والدك ؟
فضم روبيرتو قبضته وقد سيطر على نفسه بأعجوبة حتى لا ينقض عليها فهي قد استفزته عندما سألته عن زوجها بتلك الطريقة التي تنم عن عدم الأكتراث لذا قال لها بسخط : اطمئني فهو لم يمت وقد تجاوز مرحلة الخطر لهذا انا واثق بأنكِ حزينة الأن لأن ما كنتِ تتمنين حدوثه لم يحدث .
فأبتلعت صوفيا ريقها وقالت بتوتر : ما ... ما الذي تقصده من هذا الكلام , هل تتهمني بأنني اتمنى موت كارلو !
فأبتسم روبيرتو وقال بسخرية : ولما انتِ متعجبه بهذا الشكل وكأنني قلت شيئاً غير الحقيقة ؟
فقالت بشيء من الحدة : بالطبع ان ما قلته الان ليس الحقيقة فانا احب كارلو وقد تزوجته لهذا السبب وليس من اجل المال كما تعتقد انت ولكن ابن عاق لأبيه مثلك لن يفهم ما هو الحب كما انني لم اجلب له العار كما فعلت انت عندما اصبحت فرداً من افراد المافيا .
في تلك اللحظة قطع روبيرتو المسافة القصيرة التي تفصل بينهما وبسرعة البرق امسك كتفيها بحركة عنيفة مما جعلها تتأوه بألم وقال بصوت يدب الرعب في النفوس : لا تتحاذقي معي ايتها العاهرة فانا اعلم حقيقتكِ جيداً حتى وان اظهرتي لوالدي انكِ ملاك كما انني اعلم بأنكِ احدى كلاب المال وصائدة ثروات وانكِ تنتظرين اليوم الذي يموت فيه والدي بفارغ الصبر حتى تستولي على ثروته ولكن ها انا اقسم لكِ بتراب امي بأنني لن ادعكِ تنالين مرادكِ حتى لو اضطررت لكسر فؤاد ابي الذي يحبكِ وطردكِ من المنزل دون ان تحصلي على سنت واحد .
قال ذلك ثم دفعها بعيداً عنه وكأنها مصابة بمرض الطاعون ويخاف ان تنقله اليه ثم رمقها بنظرة قاسية وبعدها هم بالمغادرة وتركها واقفه ترمقه بنظرات ملؤها الكراهية فكتفت يديها وقالت بحنق : سنرى من الذي سيفوز في النهاية ايها الوغد .
قالت ذلك ثم القت نظرة على زوجها من خلال الزجاج وبعدها تأففت بتذمر ثم ذهبت الى دورة المياه , اما روبيرتو فقد تحدث مع الأدارة بشأن والده وطلب ان يتم نقل الرجل الى افخم غرفة في المشفى حرصاً على راحته وصادف ان تكون هذه الغرفة هي الغرفة المجاورة التي تمكث فيها آيفا شقيقة آرتورو الصغرى لذا عندما قامت الممرضات بنقل كارلو ميغيل الى الغرفة كان لا بد وان يرى روبيرتو الحراس الشخصيين الذين عينهم آرتورو لحراسة باب غرفة اخته وقد تعرف عليهم فقال في نفسه : انهم رجال آرتورو ولكن لما هم هنا ؟
وفي تلك اللحظة تذكر انه رأى آرتورو في المشفى في اليوم السابق فاضاف قائلاً : لقد تذكرت , لقد رأيت ذلك الأحمق هنا في الأمس فهل المريض الذي يمكث في هذه الغرفة احد معارفه ؟
قال ذلك ثم اخرج هاتفه من جيبه ونظر الى الممرضات اللواتي كن ينقلن والده لينام على السرير الأخر بينما كانت صوفيا تراقبهن بصمت وتكبر فضغط على رقم اليخاندرو ووقف ينتظر ان يجيبه الطرف الأخر وما هي الا ثواني حتى قال : مرحباً اليخاندرو , اخبرني كيف تسير الأمور في المزرعة ؟
فأجابه اليخاندرو الذي كان ممسكاً كوب من القهوة ويسير بخطوات بطيئة على الممر المليء بالحصى في الحديقة قائلاً : كل شيء على خير ما يرام , اخبرني انت كيف حال والدك وهل تحسنت صحته ؟
روبيرتو : لقد تجاوز مرحلة الخطر وتم نقله الى غرفة خاصة .
اليخاندرو : يسعدني سماع هذا , في الواقع لقد فكرت في زيارته لكي اطمئن عليه ولكنني تراجعت عن الفكرة فهو لا يحبني كما تعلم وبالتالي لا اريد ان اسبب له الأزعاج عندما يراني .
روبيرتو : لا داعي لذلك فهو سيكون بخير , ولكن اليخاندرو هناك شيء غريب فمنذ قليل رأيت رجال روبيرتو يقفون امام احدى الغرف الخاصة بالشخصيات المهمة كما انني رأيته هنا في الأمس واعتقد ان لديه مريض يمكث في الغرفة المجاورة لغرفة والدي .
في تلك اللحظة شعر اليخاندرو بالقلق فقال : هل يعقل ان تكون آيفا , لقد حاولت ان اتصل بها في الأمس ولكنها لم تجيب على هاتفها لذا اعتقد ان مكروهاً اصابها .
فقطب روبيرتو حاجبيه وقال : من آيفا , هل تتحدث عن اخته الصغرى التي لم يسبق لي وأن رأيتها من قبل ؟
فتنهد اليخاندرو وقال : اجل هي .
روبيرتو : ولكن انا اعلم بأنها تعيش في فرنسا .
اليخاندرو : لقد عادت الى هنا منذ فترة وقد قررت ان تستقر في إسبانيا .
روبيرتو : لقد فهمت يمكنني ان اتحقق من هوية المريض ان اردت ذلك .
اليخاندرو : لا داعي لأن تتعب نفسك فانا قادم وان كانت آيفا هي المريض فمن واجبي ان ازورها فانا اعتبرها بمثابة اختي الصغيرة بغض النظر عن الخلاف الذي بيني وبين شقيقها الساذج .
روبيرتو : حسناً كما تريد .
اليخاندرو : حسناً , الى اللقاء .
قال ذلك ثم انهى المكالمة وعندما التفت واراد ان يعود الى المنزل رأى ازميرالدا تتمشى في الحديقة وهي شاردة الذهن وكانت ترتدي فستان قصير كتفه منخفض ولونه ازرق مائل الى البنفسجي بينما كان شعرها الكستنائي على شكل ضفيرة مشبكة فوقف يحدق بها واراد ان يذهب ليتحدث معها ولكنه لم يفعل عندما اتى توماس ووقف برفقتها قائلاً : ما بكِ يا عزيزتي , لقد لاحظت منذ ان كنا نتناول وجبة الأفطار بأنكِ منزعجة من امر ما فأخبريني ما هو .
فتنهدت ازميرالدا وجلست على المقعد الخشبي القريب منها واردفت قائله : انا لا اشعر بالأمان هنا يا توم لهذا اريد العودة الى لوس أنجلوس فما حدث لي في الامس جعلني اتخذ هذا القرار .
فجلس توم الى جوارها وأمسك يدها ثم قال بنبرة هادئة : انا افهم شعوركِ يا حبيبتي كما انني لن اسامح نفسي ابداً لأنني سمحت لأولئك الأوغاد بأن يختطفوكِ ولكنني اعدكِ بشرفي بأن شيئاً كهذا لن يحدث مجدداً حتى لو كلفني الأمر حياتي لقاء حمايتكِ .
فوضعت رأسها على كتفه واردفت قائله : انا اعلم بأنك قادر على حمايتي وليس لدي ادنى شك في هذا الأمر ولكن ما يخيفني حقاً ليس الأشخاص الأخرين بل ذلك الرجل الذي خدعني عندما ادعى انه رجل اعمال بينما هو زعيم مافيا .
فأبعدها توم قليلاً لكي يرى وجهها وقال : ما فعله السنيور كان من اجل مصلحتكِ فهو لم يشاء ان تعرفي حقيقة عمله حتى لا يصيبكِ الذعر وانا واثق انه ليس رجلاً سيئاً كما تعتقدين لذا يمكنكِ الوثوق به .
فهزت رأسها وقالت بنبرة مرهقة : انه زعيم مافيا يا توم وكلانا يعلم ان رجال المافيا مجرمين وبصراحة اكثر انا لا اريد الوقوع في مشاكل قد تكلفني حياتي .
فتنهد توم وقال : صحيح بأنه زعيم مافيا ولكنه من النوع المختلف يا عزيزتي فهناك رجال مافيا اشرار وهناك رجال مافيا اخيار وابن عمك وجميع رجاله من النوع الثاني وانا واثق من كلامي فهم لا يقتلون الأبرياء ولا يتعدون على الناس دون سبب مقنع .
فقطبت ازميرالدا حاجبيها وقالت بتذمر : وما الذي يجعلك واثقاً لهذه الدرجة , انت لا تعرفه جيداً فلما تدافع عنه هكذا ؟
فأبتسم توم وقرص وجنتها قائلاً : ان استخدمتي عقلكِ جيداً ستدركين ان ابن عمكِ ليس من النوع السيء والدليل على كلامه انه كان بأمكانه قتل أولئك الرجال الذين خطفوكِ في الأمس ولكنه عفا عنهما وتركهما يذهبان كما انه لم يحاول الحاق الأذى بذلك المدعو آرتورو لأنه امر رجاله بأن يخطفوكِ حتى يستدرجه الى بيت الجبل وينتقم منه .
فرمشت ازميرالدا مرتين وكأن كلام توم قد لمس روحها وسمعت صوت ضئيل داخل رأسها يخبرها ان هذا الكلام منطقي فلو كان ابن عمها رجل شرير حقاً لما عفا عن رجال آرتورو بكل بساطة وخصوصاً بعدما تعاملا معه بجفاء ولكن ما فعله بها في اليوم الماضي عاد ليظهر امام عينيها وخصوصاً القبلتين العنيفتيّن اللواتي ارغمها عليهما في السيارة مما جعلها تشعر بالإهانة لذا حسمت امرها وقالت بنبرة حاسمة : انا لن اغير رأيي به مهما كلف الأمر وسواء أكان رجل سيء ام جيد فهذا لن يغير حقيقة كونه زعيم مافيا وايضاً انا لن اسامحه عما فعله بي في الأمس .
فضيق توم عيناه وقال : ماذا تقصدين ؟
فنظرت اليه وقد انتابها التوتر فهي لم تخبر اي شخص بما حدث بينها وبين اليخاندرو لذا نهضت وقالت بتلعثم : لا شيء مهم , سأذهب الان لأن ريتا تريد ان تعلمني طريقة صنع كعكة الجبن والجوز .
قالت ذلك ثم حركت رأسها بطريقة عفوية فوقع نظرها على اليخاندرو الذي كان واقفاً على مسافة قريبة منها ومن خلال قسمات وجهه الغامضة ونظراته الحزينة ادركت انه سمع كل الحديث الذي دار بينها وبين توماس ولا تعلم لما خفق قلبها عندما رأته يحدق بها بتلك الطريقة التي جعلتها تشعر بالذنب لأنها تحدثت عنه بالسوء فأبتلعت ريقها وغادرت المكان فوراً بينما نهض توم وقال : ازميرالدا انتظري قليلاً .
ولكنها لم تفعل ما طلبه توم منها بل اسرعت بخطواتها بأتجاه المنزل , اما توم فوضع يديه على خاصرته وتنهد قائلاً : ماذا كانت تقصد بكلامها ؟
في تلك اللحظة اقترب اليخاندرو منه وقال بصوت رزين : لقد تشاجرت معها في الأمس واعتقد انها كانت تتحدث عن هذا الأمر .
فنظر توم اليه فوراً وقال : اوه منذ متى وانت هنا ؟
اليخاندرو : هذا لا يهم , سأذهب الى المدينة لأن لدي عمل لهذا احرص على ان تبقى ازميرالدا تحت ناظريك حتى لا يتكرر ما حدث في الأمس .
توم : لا تقلق , لن ابتعد عنها ولو للحظة واحدة فمن المستحيل بالنسبة لي ان ارتكب ذات الخطأ مرتين .
اليخاندرو : هذا جيد .
- ثم سارا جنباً الى جنب بأتجاه المنزل وعندما وصلا كانت هنالك امرأة في منتصف العمر تبكي وتتوسل الحراس بأن يسمحوا لها بمقابلة اليخاندرو وقد كانت ريتا وازميرالدا يشاهدن ما يحدث فقطب هو حاجبيه واقترب قائلاً : ما الذي يحدث هنا ؟
وعندما رأته المرأة اسرعت نحوه ورمت نفسها بالقرب من قدمه مما جعله يندهش واخذت تبكي وتتوسله قائله : ارجوك يا سنيور ساعدني في استرجاع ابنتي فانا لا املك اي قوة لفعل ذلك وانت الوحيد القادر على مساعدتي .
فانحنى اليخاندرو وساعد المرأة على النهوض قائلاً : حسناً اهدأي قليلاً لكي اتمكن من فهمكِ .
فمسحت المرأة دموعها وقالت بنبرة رجاء : هل ستساعدني ؟
فأومى لها برأسه وقال : سأساعدكِ , هيا اتبعيني لكي نتحدث في مكتبي .
قال ذلك ثم نظر الى ازميرالدا بطرف عينه فوجدها تحدق به وعلامات التساؤل تعلو وجهها فلم يقل اي شيء لها بل نظر الى ريتا وقال : اخبري ريجينا ان تحضر كأس عصير مثلج من اجل ضيفتنا ولا تدعي اي شخص يقوم بأزعاجنا اثناء حديثنا .
فقالت ريتا : حسناً .
قالت ذلك وذهبت الى المطبخ وعندما دخل اليخاندرو والمرأة الى غرفة المكتب نظرت ازميرالدا الى توم وقالت : ما الذي يحدث يا توم ؟
فهز رأسه قائلاً : لا اعلم , اعتقد ان هذه المرأة تواجه مشكلة وتحتاج الى المساعدة .
ازميرالدا : ان كانت تواجه مشكلة فالأجدر بها ان تذهب الى مركز الشرطة لذا لما اتت الى وكر المافيا لتناشد ذلك الرجل بأن يساعدها في استرجاع ابنتها ؟
فتنهد توم وقال : بما انكِ حكمتي على ابن عمك بأنه زعيم مافيا شرير فانتِ لن تفهمي لما اتت هذه المرأة لكي تطلب منه المساعدة .
قال ذلك ثم دخل الى المنزل وتعمد ان يتركها فوقفت تفكر بكلامه وسرعان ما لحقت به قائله : انتظر يا توم واخبرني ما الذي تقصده .
عودة الى المشفى ............
- كانت آيفا جالسه بمفردها في غرفتها لأن ماري قد ذهبت الى المنزل لتحضر لها بعض الثياب والاغراض الخاصة التي تحتاجها اثناء مكوثها في المشفى بينما ذهب آرتورو لكي يشرف على صفقة تجارية من صفقات عمله , اما في الغرفة المجاورة لغرفتها فكان روبيرتو جالساً بصمت في احدى زواية الغرفة بينما كانت صوفيا تتصنع الأهتمام بزوجها الذي استيقظ منذ فترة قصيرة فاخذت تعامله بغنج لتكسب وده بينما رفض هو النظر الى وجه ابنه الوحيد الذي كان قلقاً عليه للغاية مما سبب لروبيرتو الألم وخيبة الأمل فهو اعتقد ان الخلاف بينه وبين والده سيتم حله اخيراً ان علم الرجل بأن ابنه انقذ الشركة من الأفلاس ولكن النتيجة كانت عكس ذلك لأن صوفيا استغلت غياب روبيرتو حين ذهب لشراء شيئاً يأكله وبدأت تملئ رأس زوجها بالأفكار السيئة وقد اخبرته بأن روبيرتو حل مشكلة الضائقة المالية مستخدماً اموال قذرة ولأن كارلو ميغيل رجل عصامي لا يقبل بأن يدخل سنت واحد ملوث الى جيبه انزعج من ابنه عوضاً عن شكره فهو يعتقد ان روبيرتو يسير في طريق منحرف وان كل المال الذي يجنيه ملوث بالدماء لذا طلب منه الرحيل ولكن روبيرتو رفض ذلك وجلس ينتظر لعل قلب والده يحنو عليه ولكن دون جدوى فلم يحتمل ان يتم تجاهله اكثر من ذلك لذا نهض وقال بصوت محشرج : سأذهب لكي استنشق بعض الهواء في الخارج .
فقال كارلو ميغيل بصوت ضعيف ولكنه صارم : يستحسن بأن لا تعود الى هنا مجدداً طالما لا تريد ترك تلك العصابة وذلك الرجل الذي جعلك تصبح مجرماً مثله .
فضغط روبيرتو على قبضته ولم يحتمل ان تتم اهانة اليخاندرو لذا قال بأنفعال : نحن لسنا رجال عصابة يا ابي وقد اخبرتك مليون مرة بأن اليخاندرو ليس مجرماً وانا ايضاً لست كذلك ولكنك ترفض ان تفهم هذا الأمر , ثم اخبرني هل نسيت بأنك انت من طردني من المنزل لأن زوجتك التي تشبه الأفعى طلبت منك فعل ذلك لأنها خشيت ان اقاسمها بالورثة عندما تموت انت ؟
فنهضت صوفيا وقد استغلت تواجد زوجها لذا تحلت بالشجاعة وقالت بحدة : يا لك من وقح عديم الاخلاق , كيف تتحدث عني بمثل هذه الطريقة ؟
فرمقها روبيرتو بنظرة قاتله اخرستها بينما قال والده بغضب : انت حقاً ابن عاق ولا تستحق ان انظر الى وجهك , هيا اغرب عن وجهي ولا تجعلني اراك مجدداً ان لم تعود الى عقلك وتنسحب من تلك العصابة .
فاستشاط روبيرتو غضباً لأن والده تحدث معه بتلك الطريقة الجارحة ولكنه لم يقل شيئاً بل شق طريقه بأتجاه الباب ثم خرج من الغرفة وسرعان ما صب جام غضبه على المقاعد المعدنية التي في الممر مما جعل الحارسان الشخصيان اللذان كانا يقفان امام غرفة آيفا ينظرا اليه بتعجب فنظر اليهما بنظرة قاسية جعلتهما يشيحان بصرهما عنه ومن ثم هم بالمغادرة وفي تلك اللحظة سمعا صوت انثوي ينادي من داخل الغرفة شخص اسمه "فيليب" فأنتفض احد الحارسان من مكانه ودخل الى الغرفة وبعد ان غاب قليلاً فتح الباب وخرج وهو يجر كرسي متحرك كانت تجلس عليه آيفا وهي ترفع قدمها المكسورة وترتدي ثوب المستشفى فاقترب الحارس الأخر لكي يساعد زميله في دفع الكرسي وقال : الى اين تريدين الذهاب يا سنيورا ؟
فتنهدت وقالت : اريد الخروج قليلاً فانا اكاد اختنق في الداخل كما انني اشعر بالملل .
وبالفعل اخرجاها الى الحديقة حيث كان يتواجد بعض المرضى ومرافقينهم فأستنشقت الهواء بعمق وفي تلك اللحظة وقع نظرها على روبيرتو الذي كان جالساُ بمفرده على احد المقاعد الخشبية غارساً اصابعه بين خصلات شعره ويبدو انه مهموم ولا تعلم لما شعرت بالتعاطف معه حتى قبل ان تعرف ما به او من هو لذا قالت للحراس : اريد الجلوس هناك .
قالت ذلك واشارت بأتجاه المقعد حيث يجلس روبيرتو فنظر الحارسان الى المكان وقد توترا قليلاً فقال المدعو فيليب : ولكن يا سنيورا ان الشمس ساطعة جداً في تلك البقعة ومن الافضل ان تجلسي في الظل .
فقالت هي بشيء من الحدة : الا تعلم ان التعرض لاشعة الشمس هام جداً للحصول على فيتامين D والذي بدوره يعتبر من اهم الفيتامينات اللازمة لصحة العظام ؟ , وانا كما ترى بحاجة لأن اقوي عظام جسدي في هذه الفترة لذا نفذ ما طلبته منك بسرعة .
فنظر فيليب الى زميله فأومى له الأخير برأسه مما جعله يتنهد ويردف قائلاً : كما تريدين يا سنيوريتا .
قال ذلك ثم دفع كرسيها بأتجاه المقعد الذي يجلس عليه روبيرتو وسرعان ما ساعدها هو وزميله على الجلوس مما شد انتباه روبيرتو اليهما فقال فيليب بتوتر : ارجو المعذرة يا سنيور ولكن السنيورا ترغب بالجلوس هنا لذا ارجو ان لا تمانع .
فنظر روبيرتو الى آيفا وادرك فوراً انها شقيقة آرتورو بسبب الشبه الكبير الذي بينهما ولا يعلم لما انجذب اليها فوراً وخصوصاً عندما نظرت اليه ببطء بسبب جابرة العمود الفقري التي تحاوط عنقها وقالت بصوت رزين : اعتذر ان ازعجتك بجلوسي .
فهز رأسه نافياً وقال : لا بأس فالمكان يتسع لخمسة اشخاص .
فأبتسمت بلطف وقالت : هل انت مرافق احد المرضى ؟
فتنهد روبيرتو واشاح بنظره عنها ثم اردف قائلاً : ان والدي مريض في هذا المشفى وقد أتيت لزيارته ولكنه يرفض رؤيتي .
فقالت بتعاطف : انا اسفه .
فنظر اليها مطولاً ثم ابتسم دون وعي وقال : انتِ مختلفه عن آرتورو فهل انتِ شقيقته حقاً ؟
في تلك اللحظة تعجبت آيفا لأنه قال ذلك فأردفت قائله : كيف تعرف من اكون ؟
فتنهد وقال : في الواقع انا صديق اليخاندرو المقرب بعد شقيقكِ واسمي ....
فقاطعته آيفا قائله بصوت هادئ : روبيرتو ميغيل اليس كذلك ؟
فنظر اليها ولم تغيب البسمة عن وجهه فقال : بلا .
اما هي فتنهدت براحة وقالت : لقد سمعت عنك كثيراً من اليخاندرو كما ان شقيقي لا يتوقف عن لعنكما معاً .
فضحك روبيرتو رغماً عنه واردف قائلاً : انا واثق من هذا فهو لا يخفي كرهه لنا .
فرفعت آيفا يدها ومدتها بأتجاه روبيرتو وقالت : ادعى آيفا , تسرني معرفتك يا سنيور .
فصافحها روبيرتو وقال : وانا ايضاً , بالمناسبة اتمنى لكِ الشفاء العاجل .
آيفا : شكراً لك .
- ثم دام الصمت بينهما قليلاً وسرعان ما بادر روبيرتو بالتطرق الى فتح موضوع معين حيث نظر اليها واردف قائلاً : لقد اخبرني اليخاندرو انكِ تصدقينه وانكِ تعرفين انه لم يقوم بخيانة آرتورو .
آيفا : هذا صحيح فأنا اعرف اليخاندرو منذ ان كنت صغيرة ولم يسبق لي وان رأيته يقوم بخيانة اي شخص وثق به فما بالك ان كان هذا الشخص هو صديق طفولته ؟
روبيرتو : ليت آرتورو يفهم هذا ويكف عن افتعال المشاكل فهو قد تمادى كثيراً بتصرفاته .
آيفا : انا اعتذر بالنيابة عنه عما فعله في حدث مصارعة الثيران .
فهز روبيرتو رأسه واردف قائلاً : انا لا اتحدث عن ذلك اليوم بل عما فعله في الأمس فهو اقدم على تصرف احمق كاد ان يسبب مشكلة كبيرة لو سارت الأمور كما خطط لها .
فضيقت آيفا عيناها الزرقاوين وقالت : ما الذي تقصده ؟
فنظر روبيرتو اليها مطولاً وقال : هل علمتي ان اليخاندرو يمتلك ابنة عم وقد احضرها من لوس أنجلوس لتعيش هنا في إسبانيا ؟
فأتسعت عيناها بعد سماع ذلك الخبر وقالت : اهذا حقيقي ؟
فأومى روبيرتو برأسه وقال : اجل , انها ابنة ليام ديلافيغا اعتقد انكِ سمعتي عنه وعما فعله باليخاندرو منذ زمن اليس كذلك ؟
فرمشت آيفا مرتين وقالت : في الواقع لقد سمعت بأن ذلك الرجل خدع اليخاندرو عندما كان صغيراً وهرب الى الخارج بعدما استولى على الميراث ولكنني لم اكن اتوقع ان اليخاندرو قد يذهب لأحضار ابنة عمه لتعيش معه بعد كل ما فعله به والدها .
روبيرتو : في الحقيقة هو لم يكن يعرف بوجودها كما انها لم تكن تعرف ان لديها ابن عم يعيش في إسبانيا ولكن والدها كان يعاني من مرض في القلب وعندما ادرك ان نهايته قد اقتربت طلب من محاميه ان يستدعي اليخاندرو وقد ذكر المحامي في رسالته ان ليام ديلافيغا قد مات وانه يجب على الورثة جميعهم ان يكونوا متواجدين عندما يتم قراءة الوصية كما ان رسالته التي ارسلها الى اليخاندرو كانت تنص على ان هنالك شيء اهم من الميراث يجب ان يعتني به اليخاندرو شخصياً لهذا ذهبنا الى لوس أنجلوس واكتشفنا ان ليام ديلافيغا وضع الخاندرو وصياً شرعياً على ابنته ازميرالدا وعلى جميع املاكها حتى تبلغ الخامسة والعشرين من عمرها كما انه ترك القسم الأكبر من الأرث له فهو من حقه وهكذا كان لا بد وان تأتي ازميرالدا للعيش في إسبانيا .
فقالت آيفا بشيء من الذهول : يا له من تطور رهيب في الأحداث , ولكن ما علاقة هذا كله بأخي ؟
روبيرتو : لقد تقابل آرتورو وازميرالدا في اليوم الذي تشاجر به مع اليخاندرو وقد ظن شقيقكِ ان الفتاة حبيبة اليخاندرو لهذا بدأ يستفزه بسبب الفارق السني الكبير الذي بينها وبين ابن عمها لذا لم يحتمل اليخاندرو ذلك وقام بضربه وبالتالي اضمر آرتورو الحقد عليه وقرر ان ينتقم منه لذا امر رجاله بأن يختطفوا ازميرالدا وقد ارسل رسالة الى اليخاندرو يخبره بها انه ان اراد انقاذ الفتاة يجب ان يذهب الى بيت الجبل بمفرده وانا واثق انه كان يضمر له الضغينة فلم يتردد اليخاندرو من الذهاب الى هناك ومن حسن الحظ ان آرتورو لم يكن موجوداً عندما وصل .
فرفعت آيفا يدها ووضعتها على جبينها تعبيراً مجازياً وقد اتضحت لها كل الأمر فقالت : لقد اتصلت به ماري ربة منزلنا واخبرته بأنني اصبت بأذى لهذا اعتقد انه غادر المكان قبل وصول اليخاندرو فهو اتى الى المشفى فوراً عندما علم بأنني تأذيت فنحن تربطنا علاقة اخوة قوية وهو عائلتي الوحيدة كما انني كذلك بالنسبة له .
روبيرتو : من الجيد انه غادر والا لكانت ستقع مشكلة كبيرة نحن في غنى عنها .
فتنهدت آيفا وقالت : وكيف حال الفتاة , اقصد ابنة عم اليخاندرو هل تعرضت لأي اذى ؟
روبيرتو : لا اعتقد انها تعرضت لأذى جسدي ولكن أرتورو اخبرها بأن اليخاندرو زعيم مافيا لهذا اعتقد انها تشعر بالخوف وقد خاب أملها .
آيفا : الم تكن تعرف ما هو عمله قبل ان تأتي الى هنا ؟
فهز روبيرتو رأسه وقال : لم نخبرها فهي حساسة جداً وتكره العنف لهذا اقترح اليخاندرو بأن نخبرها اننا رجال اعمال وتجار .
آيفا : انا اسفة بهذا الشأن وارجوك ان توصل لها اعتذاري عما بدر من اخي .
روبيرتو : لا داعي للأعتذار , صحيح انها حساسة وتكره العنف ولكنها سليطة اللسان ومتسلطة بعض الشيء لهذا انا من يجب ان يشكر آرتورو لأنه اخافها قليلاً ... يتبع غداً
#حب_على_شفير_النار الجزء 13
آيفا : الم تكن أزميرالدا تعرف ما هو عمل إليخاندرو قبل ان تأتي الى هنا ؟
فهز روبيرتو رأسه وقال : لم نخبرها فهي حساسة جداً وتكره العنف لهذا اقترح اليخاندرو بأن نخبرها اننا رجال اعمال وتجار .
آيفا : انا اسفة بهذا الشأن وارجوك ان توصل لها اعتذاري عما بدر من اخي .
روبيرتو : لا داعي للأعتذار , صحيح انها حساسة وتكره العنف ولكنها سليطة اللسان ومتسلطة بعض الشيء لهذا انا من يجب ان يشكر آرتورو لأنه اخافها قليلاً .
قال ذلك وضحك فضحكت آيفا وقالت : هل تشبه اليخاندرو ؟
روبيرتو : بالتفكير بالأمر انها لا تشبهه كثيراً من حيث الشكل لأن امها كانت برازيلية وبالرغم من هذا ان الملامح الإسبانية ظاهرة على وجهها بوضوح ولكن ان سألتيني عن طباعها وشخصيتها فسوف اخبركِ بأنها نسخة انثوية مجسدة عن ابن عمها .
فأبتسمت آيفا وقالت : هل تعلم , لقد اصبحت متشوقة لرؤيتها والتعرف عليها .
روبيرتو : اذاً يمكنكِ المجيء الى المزرعة في اي وقت وسنكون جميعنا سعداء بقدومكِ .
فتنهدت وقالت بشيء من الحزن : اعتقد ان هذا شبه مستحيل فحالتي الصحية لا تسمح لي بفعل ذلك في الوقت الراهن وايضاً آرتورو لن يسمح لي بسبب الخلاف الذي بينه وبين اليخاندرو كما تعلم .
روبيرتو : اعتقد انها فكرة سيئة ولكنني ارغب برؤيتكِ مجدداً .
قال جملته الأخيرة بغير ادراك مما جعل آيفا ترتبك فحاولت ان لا تشعره بأرتباكها لذا قالت بمزاح : في هذه الحالة يجب ان تجد حلاً لأنهاء الخلاف الذي بين اخي واليخاندرو ولا اظن بأنك تستطيع فعل ذلك لأن آرتورو صعب الميراس ولا يقتنع بسهولة .
فضحك روبيرتو وقال : معكِ حق , حسناً سأحاول جاهداً لعلي اتمكن من الأتفاق معه على هدنة مؤقتة على الأقل لكي تتمكني من زيارة المزرعة فالمكان هناك سيعجبكِ كثيراً .
فأبتسمت آيفا واردفت قائله : يسعدني هذا , حسناً يجب ان اعود الى غرفتي الأن فأن عاد آرتورو ورأني جالسة برفقتك لن يعجبه الأمر وقد يتسبب في حدوث مشكلة لا داعي لها .
فنهض روبيرتو وكم بدى لها طويلاً وجذاباً وخصوصاً عندما اردف قائلاً : سوف اساعدكِ اذاً .
فقال الحارس الشخصي المدعو فيليب : لا داعي لأن تتعب نفسك بفعل ذلك فهذا واجبنا .
فنظر اليه روبيرتو بجدية وقال : اعلم هذا ومع ذلك ارغب بمساعدة السنيورا فهل لديك اي مانع يا ... فيليب ؟
فنظرت آيفا الى فيليب والحارس الأخر ثم اشارت لهما برأسها بأن يدعا روبيرتو يقوم بمساعدتها فتنحيا جانباً بينما قام هو بمساعدتها بالفعل حتى تجلس على الكرسي المتحرك ومن ثم انحنى بجسده الضخم وطبع قبلة على يدها اليمنى ثم ابتسم قائلاً : تشرفت بمعرفتكِ يا سنيورا واسعدني التحدث معكِ .
فأبتسمت له بلطف بالرغم من الطبول التي تقرع بشدة داخل صدرها وقالت : وانا كذلك , الى اللقاء .
- ثم غادرت برفقة حراسها اما روبيرتو فوقف يحدق بهم وهم يبتعدون وقد رسم ابتسامة غامضة على ثغره واردف قائلاً : آيفا خوسية , يا لكِ من امرأة مثيرة للأهتمام فقد كسبتي ثقتي خلال نصف ساعة فقط !
اما في مزرعة اليخاندرو ......
فكان هو لا يزال يستمع الى شكوى تلك المرأة التي اتت لتطلب منه المساعدة وقد اخبرته بقصة اختطاف ابنتها البالغة من العمر ستة عشر عاماً وان خاطفها يكون ابن احد رجال المدينة الأثرياء وهو شاب منحرف وكان يضايق ابنتها ويحاول التحرش بها منذ ان وقعت عيناه على الفتاة منذ شهر تقريباً ولم تتوقع المرأة انه قد يتمادى في حقارته لدرجة الخطف والمثير للشفقة انها ذهبت الى مركز الشركة لتقدم بلاغ رسمي ولكن القانون لم ينصفها لأن الشاب قام برشوة المفوض مما جعل الأخير يقوم بطردها واخبرها بأن تبحث عن ابنتها جيداً قبل ان تتهم الناس بأختطافها , لهذا لم تجد اي حل وقد تملكها اليأس لولا ان احدى جاراتها اخبرتها بأن تأتي لتطلب المساعدة من اليخاندرو ديلافيغا فهو اقوى رجل بمدينة مدريد وضواحيها ومعروف بأن نفوذه وسلطته تفوق القانون في المدينة وان لا احد يستطيع العبث معه كما انه قادر على اعادة ابنتها بطرفة عين وتلقين ذلك المنحرف الذي خطفها درساً قاسياً لذا اختتمت حديثها معه قائله بنبرة توسل : وهذه هي كل القصة يا سنيور وقد اتيت اليك اتوسلك بأن تعيد لي ابنتي فهي عائلتي الوحيدة وقد توفي زوجي وتركها في عهدتي ويجب ان احميها من بطش ذلك الحقير الذي يضمر لها الشر .
فنهض اليخاندرو من مكانه والتف حول طاولة مكتبه التي تفصل بينه وبين المرأة ثم وقف بجوارها فوقفت فوراً بينما وضع هو يده على كتفها واردف قائلاً : عودي الى منزلكِ ولا تقلقي بشأن ابنتكِ فانا ساهتم بهذا الموضوع وسوف اعيدها اليكِ بكل تأكيد .
فاخذت المرأة تذرف الدموع لان اليخاندرو وعدها بأن يساعدها وكادت ان تركع امام قدميه لتعبر عن شكرها ولكنه ابى ان تفعل ذلك وطلب من احد رجاله ان يقوم بأيصالها الى المنزل بينما خرج هو من المكتب وتوجه الى حيث كان كل من توم وازميرالدا جالسان برفقة ريتا في غرفة المعيشة الواسعة فنهضت الاخيرة عندما رأته وقالت : ما الأمر يا سنيور , ما الذي كانت تريده تلك المرأة ؟
فجلس اليخاندرو مقابلاً لأبنة عمه التي كانت تحدق به والفضول يعتريها وقد لاحظ هو بانها فضولية لسماع اجابته على سؤال ريتا لذا شعر بالتسلية ورفض ان يشبع فضولها فقال بمراوغة : ومنذ متى تسألينني عما افعله يا ريتا ؟
فأرتبكت ريتا وقالت : اعتذر ولكنني فضولية بهذا الخصوص لهذا سألتك .
فرد عليها قائلاً : لا تشغلي بالكِ بهذا الأمر واخبريني الم يأتي روبيرتو بعد ؟
قال ذلك ونظر الى ازميرالدا بطرف عينه فلاحظ انها انزعجت لأنه لم يحقق مرادها بينما اردفت ريتا قائله : لا لم يأتي , ولكنه اتصل بي منذ قليل وسألني عنك فانت لم تجيب على هاتفك عندما اتصل بك لهذا اخبرته بأنك مشغول .
فقال توماس : لقد اخبرتني بأنك تريد الذهاب الى المدينة فهل غيرت رأيك ؟
فنظر اليخاندرو اليه وقال : كان هذا قبل ان تأتي تلك المرأة الى هنا , اعتقد انني سأذهب في وقت لاحق .
قال ذلك ثم هب واقفاً واضاف قائلاً : سأكون مشغولاً خلال فترة الغداء لذا لا تبحثي عني يا ريتا وايضاً ان اتى روبيرتو اخبريه ان يتبعني الى حضيرة الخيول فانا اريد ان اوكله بمهمة .
ريتا : حسناً , هل من شيء اخر ؟
اليخاندرو : هذا كل شيء في الوقت الراهن .
قال ذلك ثم نظر الى ازميرالدا وتعمد ان يبتسم بسخرية لأثارة غضبها لأنها تصبح جميلة عندما تكون غاضبة وقد نجح بفعل ذلك حيث انها زمت فمها بحركة تنم عن العصبية واشاحت بنظرها عنه واخذت تتمت بكلمات لم يفهم منها سوى كلمة " كريه " مما جعله يقهقه بخفة وهز رأسه تعبيراً مجازياً ثم غادر الغرفة , اما هي فنظرت الى توم وقالت بحدة : هل رأيت كيف كان يتعمد استفزازي بأبتسامته الساخرة ؟
فتنهد توم وقال : لا داعي لأن تفسري كل تصرف يقوم به على انه موجه لكِ شخصياً فهو لم يخبر ريتا بأي شيء عما دار بينه وبين تلك المرأة بالرغم من انها سألته عن الأمر بكل وضوح .
فقالت ريتا : ان السنيور يكره ان يسأله الأخرين عما يفعله وقد نسيت هذا الامر لانني كنت فضولية جداً لمعرفة ما الذي تريده تلك المرأة منه .
فقالت ازميرالدا بعصبية : انتم تدافعون عنه كثيراً وكأنه اله اغريقي لا يرتكب الأخطاء ابداً !
فأبتسمت ريتا وقالت : انه ليس اله يا عزيزتي وليس ملاك ولكنه نادراً ما يرتكب خطأ وكل تصرفاته مدروسة فهو لا يتصرف دون تفكير .
فتمتمت ازميرالدا قائله بصوت خافت : وهل كان تصرفه مدروساً عندما قبلني مرتين بتلك الطريقة العنيفة !
فسألها توم قائلاً : هل قلتِ شيئاً ؟
فتنهدت ثم هبت واقفة واردفت قائله : لا , سأذهب لأتمشى قليلاً فالجلوس هكذا دون القيام بفعل اي شيء امر ممل للغاية .
فقال توم : لا تقلقي فمنذ الغد لن تشعري بالملل لأنه سيكون اول يوم لكِ في الجامعة .
فحركت عيناها بشكلٍ دائري وقالت : أرجو ذلك , عن اذنكما الأن .
ثم ارادت ان تغادر ولكن ريتا اوقفتها بقولها : ولكننا اتفقنا بأن اعلمكِ طريقة صنع كعكة الجبن والجوز هل نسيتي ذلك ؟
فتنهدت ازميرالدا مجدداً وقالت : يبدو انني سأفقد عقلي قريباً , هيا دعينا نذهب الى المطبخ فالقيام بنشاط معين افضل من السير تحت اشعة الشمس الحارة .
فضحك كل من توماس وريتا التي قالت : هيا بنا .
فقال توم : اذاً سوف أتي لكي اراقبكما وساكون المتذوق الخاص بكِ يا عزيزتي ازميرالدا وسأخبركِ بأن مذاق كعكتكِ لذيذ حتى وان لم يكن كذلك .
قال جملته الأخيرة بمزاح لكي تبتسم فأبتسمت بالفعل وقد انقشع عنها الشعور بالأنزعاج فقالت : انت الأفضل يا توم , هيا بنا .
- وبالفعل ذهبوا ثلاثتهم الى المطبخ , اما اليخاندرو فكان يتحدث عبر الهاتف مع آيفا بينما كان يمسح براحة يده الاخرى على ظهر احد الخيول وقد اتصل ليطمئن عليها واخبرها انه كان على وشك القدوم لزيارتها ولكن عمل طارئ خرج له فأخبرته بأنها بخير كما اخبرته بأنها تعرفت على روبيرتو وقد جلست معه وحدثها عما فعله اخيها بأزميرالدا وانها تفاجأت عندما علمت بان لديه ابنة عم يافعة واطلعته على رغبتها في التعرف الى الفتاة فوعدها بأن يعرفهما على بعضهما البعض في القريب العاجل ثم اخذا يتحدثان عن امور اخرى اهمها كيف تعرضت لأصابتها والى اخره ...
وبعد ساعة ونصف تقريباً .......
عاد روبيرتو الى المزرعة وقد اخبرته ريتا بأن اليخاندرو ينتظره فذهب الى حيث كان صديقه جالساً في مكتبه ويبدو عليه شرود الذهن فجلس مقابلاً له وقال : ما الامر اليخاندرو , لقد اخبرتني ريتا بأمر تلك المرأة التي اتت تناشدك من اجل المساعدة فما هي مشكلتها ؟
فنظر اليخاندرو اليه ولم يقل شيئاً لوهلة قصيرة بل فتح درج مكتبه واخرج منه صورة فتوغرافية لشاب في اواخر العشرينات يبدو عليه التعجرف والثراء ثم قال بصوت رزين : ماركو أرغون , ابن مالك شركة الماس لوك أرغون لقد قام بأختطاف طفلة تبلغ من العمر ستة عشر عاماً اسمها سونيترا دوغلاس وقد اتت امها تطلب مني المساعدة لذا خذ اثنين من الرجال واذهب لتحل هذه المشكلة وحاول ان تفعل الأمر بشكل ودي حتى لا تخاف الفتاة الصغيرة .
فأخذ روبيرتو الصورة والقى نظرة عليها ثم عاد ونظر الى اليخاندرو وقال : حسناً , لن اتأخر .
قال ذلك ثم خرج من غرفة المكتب بينما تنهد اليخاندرو واسند رأسه الى ظهر الكرسي الجلدي وفي تلك اللحظة سمع طرقة خفيفة على الباب فقال : تفضل بالدخول .
فدخلت ازميرالدا وكانت متوترة اما هو فلم يتوقع ان تكون هي الطارق لذا اعتدل بجلوسه وقال بشيء من التعجب : هل حدث اي شيء ؟
فنظفت حلقها واغلقت الباب خلفها ثم اقتربت وهي تفرك يديها ببعضهما وقالت : في الواقع اريد التحدث معك بموضوع معين .
فشعر اليخاندرو بالفضول لذا اشار لها قائلاً : حسناً , اجلسي .
فجلست وقالت : كما تعلم ان غداً سيكون اول يوم لي في الجامعة لهذا انا ...
قالت ذلك ثم صمتت فحثها هو على متابعة كلامها حيث قال : تابعي كلامكِ .
فنظرت اليه وقد ارتبكت كثيراً فهو بدى لها جذاباً بطريقة قاسياً وخصوصاً لأنه كان مهتماً بما تقوله فأبتلعت ريقها وتابعت قائله : في الحقيقة اريد شراء سيارة خاصة بي .
فرفع اليخاندرو حاجبه وقال : هل تعرفين كيف تقودين السيارات ؟
فقالت : اجل , لقد قام توم بتعليمي عندما كنا في لوس أنجلوس وقد حصلت على رخصة القيادة منذ اربعة اشهر ولكن ابي لم يكن يسمح لي بأن اقود بنفسي حتى لا اتعرض لحادث .
فنهض اليخاندرو ودار حول طاولة المكتب ثم جلس على الأريكة المقابلة لها وقال : لا مانع عندي في ان يكون لديكِ سيارة خاصة بكِ ولكن من جهة اخرى انا لا استطيع السماح لكِ بتعريض نفسكِ للخطر مجدداً لأن شوارع مدريد مختلفة عن شوارع لوس أنجلوس وانتِ لا تعرفين المدينة وقد تضلي طريقكِ او ربما قد تتعرضين لحادث وهذا ما اخشى حدوثه .
فقالت بسرعة : انا واثقة بان لا شيء مما ذكرته الان سيحدث لي واعدك بانني سأكون حذرة جداً اثناء قيادة السيارة كما ان توم سيكون الى جانبي في كل خطوة اخطوها لهذا لا داعي للقلق .
فتنهد اليخاندرو وقال : حسناً , في هذا الحال سأحضر لكِ سيارة ولكن يجب ان تفي بوعدكِ اتفقنا .
فأبتسمت قائله : سأفعل ذلك بكل تأكيد .
فنظر اليها وابتسم ابتسامة خفيفة ثم اردف قائلاً : بالمناسبة لقد وصل حصانكِ من لوس أنجلوس هذا الصباح ولكنني نسيت اخباركِ بهذا الشأن .
فأتسعت ابتسامتها عندما سمعت ذلك وبدت كما لو انها طفلة ستذهب الى مدينة الملاهي لأول مرة فنهضت بسرعة وقالت بلهفة : احقاً ما تقوله ؟
فنهض اليخاندرو ايضاً واردف قائلاً بهدوء : تعالي معي لكي تلقي نظرة عليه .
فأومت له برأسها دليلاً على الموافقة وكأنها نسيت كل المشاكل والمشاجرات التي حدثت بينها وبينه ثم لحقت به كما لو انها حمل وديع يلحق امه , وعندما وصلوا الى الاصطبل حيث كان جوادها الاسود المدعو " بلاكي " يتناول التبن في حضيرته الخاصة صرخت عندما رأته قائله : يا الهي انه بلاكي حقاً !
وفي تلك اللحظة صهل الجواد وكأنه عرفها ثم اقترب من بوابة حضيرته واخذ يحفر الأرض بحوافره ويصدر صهيل ضئيل بينما ابتسمت هي واقتربت منه ثم اخذت تملس رأسه براحة يدها ولم تستطيع ان تخفي دموعها التي ملئت عيناها حين تذكرت كيف قام والدها بتقديم هذا الجواد الأصيل كهدية لها بمناسبة عيد ميلادها التاسع عشر مما جعل اليخاندرو يقترب منها وامسك ذقنها ثم رفع رأسها لتنظر اليه وقال بنبرة قلق : لما البكاء الأن ؟
فاشاحت بنظرها عنه وسرعان ما مسحت دموعها وقالت وهي تحدق بالجواد : لقد تذكرت ابي فهذا الجواد كان هديته لي في عيد ميلادي التاسع عشر لهذا انا احبه كثيراً .
فشعر اليخاندرو بالمرارة عندما ذكرت ذلك الأمر امامه فهو منذ ان كان في سن الرابعة عشر لم يحتفل بعيد ميلاده لأن والده المدعو فرانكو ديلافيغا قد اكتشف ان زوجته ماريا تخونه مع سائقها الخاص بيوم صادف ان يكون عيد ميلاد ابنهما الوحيد وعوضاً عن الأحتفال بتلك المناسبة قام الرجل بقتل زوجته وسائقها ثم انتحر لأنه لم يحتمل تلك الإهانة وبالتالي اصبح عيد ميلاد اليخاندرو ذكرى سيئة بالنسبة له لذا نظف حلقه وقال : ما رأيكِ بأن نقوم بجولة حول المزرعة على صهوة خيولنا ؟
في تلك اللحظة التمعت عيناها ولم تصدق ما سمعته لذا امسكت ذراعه بغير وعي وقالت بلهفة : احب هذه الفكرة كثيراً لذا ارجوك دعنا نفعل ذلك حالاً .
فأبتسم اليخاندرو لأنها بدت سعيدة بالأضافة الى انها لم تظهر له عدائيتها المعهودة وهي تتحدث لذا وضع يده على شعرها وبعثره قائلاً : يا لكِ من فتاة قليلة الصبر , حسناً انتظري قليلاً .
قال ذلك ثم اشار الى احد رجاله بأن يخرج جواده الخاص والذي كان عبارة عن جواد ضخم من سلالة الخيول الاندلسية الأصيلة لونه بني وقد كان شعره اشقر وبين عينيه بقعة بيضاء بدت كما لو انها نجمة فقام الرجل بوضع السرج على الجواد واخرجه من حضيرته ثم قاده حتى وصل الى حيث كانت ازميرالدا واقفة بجانب اليخاندرو وتمسك لجام جوادها بلاكي بعدما بدلت ملابسها بملابس الفروسية وقد تلألأت عيناها الزمرديتين حين رأت حصان ابن عمها وقالت بصوت شاعري : يا لهذا الجمال .
فأبتسم اليخاندرو ثم اقترب من حصانه الشامخ واخذ يملس على وجهه قائلاً : دعيني اعرفكِ على صديقي الحميم ويدعى روجر .
فأقتربت هي من الجواد ووضعت يدها على ظهره قائله : مرحباً روجر , انا ازميرالدا وهذا صديقي بلاكي .
فصهل الجواد بقوة مما جعلها تنتفض من مكانها وسرعان ما نظرت الى اليخاندرو وضحكت قائله : ما الامر , لما فعل ذلك ؟
فابتسم لها وقال : لقد احبكِ روجر فهذه طريقته في القاء التحية على الأشخاص الذين يحبهم .
فقالت بأبتسامة : انا سعيدة لسماع هذا , هل نذهب ؟
فأومى لها اليخاندرو برأسه وقال : دعيني اساعدكِ في امتطاء صهوة الحصان .
قال ذلك ثم اقترب منها ولم تعرف ما الذي اصابها عندما رفعها بكل سهولة لتجلس على صهوة جوادها وقد خفق قلبها بشدة بعد حركته تلك فقالت بتوتر : ش..ِشكراً لك .
اما هو فجلس على صهوة حصانه بكل خفة وقال بجدية : ابقي قريبة مني لأن ارض المزرعة شاسعة جداً وقد تضلي طريقكِ وانتبهي حتى لا تقعي من فوق صهوة الجواد لأننا سوف نسير في بعض الطرقات التي تحتوي على مطبات .
فتمسكت ازميرالدا بلجام جوادها وقالت : لا تقلق , سأكون بخير بكل تأكيد .
اليخاندرو : هذا جيد .
قال ذلك ثم حث جواده على التحرك فلحقت به فوراً وخرجوا من الأصطبل , اما في حديقة الفيلا فكانت ريتا تسقي زهور التوليب المتعددة الألوان بينما كانت الخادمة ريجينا تساعدها في انتزاع الأعشاب الضارة من حوض الزهور فخرج توماس من الفيلا وكان يبدو مضطرباً بعض الشيء وأخذ يبحث بنظره عن شخص معين وحين رأى ريتا توجه نحوها وقال بنبرة قلق : ريتا هل رأيتي ازميرالدا فانا لا اجدها في اي مكان .
فنظرت اليه وابتسمت فوراً عندما رأته خائفاً ثم اردفت قائله : لا تقلق فهي ذهبت برفقة السنيور اليخاندرو الى الأصطبل لأن حصانها قد وصل من لوس أنجلوس وقد طلب مني السنيور بأن اخبرك بأنها معه حتى لا تقلق ولكنني نسيت لذا اعذرني .
فتنهد توم بشيء من الراحة وقال : ان كانت برفقته فلا بأس بهذا , لقد ظننت انها تعرضت للخطف مجدداً ونحن غافلين عنها لهذا كدت افقد عقلي فانا لا احتمل ان يتكرر ما حدث .
فقالت ريتا بثقة زائدة : من المستحيل حدوث ذلك طالما انها لم تخرج من حدود المزرعة لان رجال السنيور متواجدين في كل ركن وزاوية كما ترى ولا يسمحون بدخول الغرباء الى هنا دون اذن رسمي من السنيور اليخاندرو او من روبيرتو .
توم : لقد لاحظت هذا عندما اتت تلك المرأة لتطلب المساعدة فالحارس لم يسمح لها بالدخول الا بعدما قام اليخاندرو بالسماح لها بفعل ذلك .
ريتا : لقد تعرضنا لهجوم مباغت في الشهر الماضي من قبل مجموعة تجار المخدرات الذين منعهم السنيور من التجارة في المدينة لهذا شدد الحراسة على المزرعة وحمداً للرب ان ما حدث لم يتكرر مجدداً .
قالت ذلك والتفتت لتتابع ري الزهور بهدوء بينما وقف توم يحدق بها بصمت ولكن ليس لوقت طويل حيث التفت الى الخادمة ريجينا وقال : هل تستطيعين صنع بعض الشاي لنا يا ريجينا ؟
فنظرت اليه المرأة وقالت بسرعة : بالطبع يا سنيور , سيكون جاهزاً خلال دقائق .
فقال : خذي وقتكِ .
- فذهبت ريجينا بينما بقيت ريتا برفقته فأقترب منها وهي تسقي الزهور ثم وقف الى جانبها وقال : هل تقومين بهذا العمل عادةٍ ؟
فنظرت اليه لوهلة وسرعان ما عادت لتنظر الى الأزهار قائله بأبتسامة صادقة : انه ليس عمل بل هواية , هل ترى هذه البقعة من الحديقة ؟
فنظر توم حوله تلقائياً حيث كانت الأزهار تحيط به من كل جانب وأريجها يفوح برائحة عطرة فقال : اجل , ماذا بشأنها ؟
فنظرت اليه وقد وضعت ابريق الري من يدها ثم اردفت قائله : انا من قمت بزراعة كل الزهور الموجودة هنا وقد اعتنيت بها جيداً حتى اصبحت بهذا الجمال .
فأبتسم توم وقال : انها زهور جميله بالفعل .
فاخذت ريتا تمدد جسدها بتكاسل وسرعان ما جلست على الأرجوحة الخشبية وقالت : حسناً انا اسمعك لذا تحدث قبل ان تعود ريجينا فصنع الشاي لا يتطلب وقتاً طويلاً .
فنظر اليها توم بتعجب وقال : كيف عرفتي بأنني اريد التحدث معكِ بموضوع معين !
فأبتسمت وقالت : انها غريزة الأنثى فانا واثقة بأنك لا تريد شرب الشاي الان ولكنك قلت ذلك فقط لكي تذهب ريجينا وتتركنا بمفردنا اليس كذلك ؟
فأبتسم توم وجلس بجوارها على الأرجوحة وقال : انتِ ذكية حقاً , في الواقع اريد التحدث معك بأمر مهم لذا اخبريني رأيكِ بكل صراحة رجاءً وصدقيني بأنني سأتقبل النتيجة سواء اكانت ايجابية ام سلبية .
فأبتلعت ريتا ريقها وقد اخبرها قلبها وحدسها الأنثوي عما يريد توم قوله ومع ذلك قالت بصوت رزين : حسناً , هات ما عندك فكلي آذان صاغية .
فأخذ هو نفساً عميقاً كمن يستعد لخوض اختبار صعب ونظر اليها بنظرة جادة ثم قال : في الواقع انا لا اعرف من اين ابدأ حديثي فكما تعلمين انني فقدت ذاكرتي ولا اعرف عن الماضي الا ما اخبرتيني به انتِ لهذا انا اشعر بالأمتنان تجاهكِ وايضاً اريد ان اخبركِ بأنني معجباً بكِ بل اعتقد انني احبكِ يا ريتا فما رأيكِ بأن تصبحي حبيبتي ؟
في تلك اللحظة كادت ريتا ان تطير من شدة الفرح لأنها وقعت في حب توماس منذ ان رأته لأول مرة سواء عندما كانا اصغر سناً او عندما تقابلا مجدداً بعد مرور خمسة عشر عاماً على فراقهما ولكن وبالرغم من سعادتها التي انعكست على ملامح وجهها قررت ان لا تظهر بمظهر سهلة المنال امام من تحب لذا قالت بتأني وهدوء : هل استطيع ان اسألك لما اخترتني انا بالذات ؟
فأمسك توم يدها وقال بنبرة صادقة : اولاً لقد لاحظت بأنك لا تمتلكين اي رجل في حياتكِ , بل دعينا نقول بأنني ظننت انكِ تحبين السنيور اليخاندرو في البداية لأنكِ تهتمين به اهتماماً خاصاً ولكن شيئاً ما في داخلي اخبرني بأن اعتقادي هذا غير صحيح وانكِ لا تمتلكين اي حبيب اليس كذلك ؟
فأبتسمت وقالت : ان السنيور بمثابة اخي الكبير وكذلك انا اعتبر روبيرتو ولن انسى فضلهما عليّ ما حييت وايضاً معك حق فانا لا املك حبيباً , في الواقع لقد كنت على علاقة قصيرة بأحد رجال السنيور ولكنه استقال من عمله منذ مدة طويلة وبالتالي انفصلنا لهذا اخبرني ما هو ثانياً .
فقال توم وقد تحلى بالثقة : ثانياً منذ ان رأيتكِ انجذبت إليكِ فوراً حتى قبل ان اعرف بأننا نعرف بعضنا منذ زمن بعيد واعتقد بأنني وقعت في حب ابتسامتكِ الساحرة منذ الوهلة الأولى , اما ثالثاً والأهم انا لم يسبق لي وان شعرت تجاه اي امرأة بما اشعر به تجاهكِ وانا واثق بأن لقائنا مجدداً بعد مضي كل هذا السنوات ليس مجرد صدفة وانما هو من صنع القدر وعلى اي حال انا وعدتكِ بالزواج عندما كنا صغاراً ومعروفاً عني انني أفي بكل الوعود التي اقطعها لذا اخبريني ما رأيكِ .
- قال جملته الأخيرة بنبرة مازحة فأبتسمت هي وقالت بمراغة : رأيي بماذا ؟
فقطب توم حاجبيه وقال بتذمر يشبه تذمر الأطفال : بربكِ ريتا , كفي عن المزاح فانا جاد في ما اقوله الأن .
فقامت ريتا بضربه على كتفه بخفة وقالت بشيء من الخجل : انت حقاً ساذج يا توم , الم تدرك بعد انني احبك ايضاً فأهتمامي بك واضح وضوح الشمس... يتبع غدا
#حب_على_شفير_النار الجزء 14
ابتسم توم عندما سمع اجابتها ولم يعلق بشيء بل اقترب منها وعانقها بقوة مما جعلها تضحك قائله : هل تريد ان تخنقني منذ البداية ؟
فأبعدها عنه ونظر الى وجهها وقال بأبتسامة مشرقة : انا سعيد جداً يا حبيبتي , اعدكِ بأننا سنكون ثنائياً رائعاً .
فأبتسمت له وقالت : وانا واثقة من هذا .
- ثم اقترب منها واراد ان يقبلها ولكنه تراجع عن الفكرة حين اتت ريجينا وهي تحمل صينية الشاي فضحكت ريتا ولم تعلق بأي شيء , اما بالنسبة لازميرالدا وابن عمها اليخاندرو فكانا يبدوان منسجمين جداً وهما يسيراً جنباً الى جنب كل منهما على صهوة حصانه وقد اصطحبها اليخاندرو في جولة طويلة حول المزرعة التي امتدت اراضيها لأميال وكم اعجبتها رؤية حقول البرتقال المثمرة والتي زرعت بكثرة وكان بعض العمال يقطفون ثمارها بينما على الجانب الأخر المروج الشاسعة المسيجة والتي كانت تزينها الخيول متعددة الألوان والاحجام واجمل شيء راته هو النهر الصغير الذي كان يفصل حقول البرتقال عن حضائر الخيول والذي كان يصب في بحيرة صغيرة محاطة بحجارة البازلت فنظرت الى ابن عمها وقالت بدهشة : لم اكن اتوقع ان المزرعة تحتوي على بحيرة .
فقال اليخاندرو وهو يشد لجام الحصان : لقد تم صنع النهر والبحيرة يدوياً اي انهما ليسا من صنع الخالق ولكن مياه النهر تأتي من ينبوع ماء طبيعي يتواجد خلف تلك التله وبالتالي ما ترينه الأن يعتبر المصدر الرئيسي لحصولنا على الماء .
ازميرالدا : هل قلت ان هنالك ينبوع طبيعي خلف تلك التلة ؟
اليخاندرو : اجل .
ازميرالدا : لا بد وان المكان هناك ساحر للغاية لذا هل نستطيع الذهاب لرؤية الينبوع ؟
اليخاندرو : لقد شارفت الشمس على المغيب وقد تأخر الوقت لذا يجب ان نعود الان , ولكنني سأقوم بأصطحابك لتري الينبوع في المرة القادمة هذا ان احسنتِ التصرف .
فزفرت الهواء من فمها بتململ وقالت : حسناً .
- وهكذا عادا ادراجهما الى الأصطبل ولم تكن طريق العودة طويلة لأن اليخاندرو وردته رسالة هاتفية من روبيرتو يخبره بها ان يأتي حالاً الى المخزن القابع بجانب الأصطبل لذا حث حصانه على الجري بسرعة وعلى اثره فعلت ازميرالدا الأمر ذاته , وحين وصلا اخذ عامل الأصطبل الجوادين الى حضيرتهما بينما ذهبت هي لتبدل ملابس الفروسية بملابسها العادية وبعدها نظر اليخاندرو اليها وقال : لدي بعض العمل هنا لذا هل تستطيعين العودة الى الفيلا بمفردكِ ؟
فأومت له برأسها وقالت : اجل , ان المكان ليس بعيد كثيراً كما ان المشي في مثل هذا الوقت امر رائع ومريح للأعصاب وخصوصاً لأن درجة الحرارة انخفضت .
اليخاندرو : حسناً , هيا اذهبي قبل ان يحل الظلام .
وبالفعل استدارت ازميرالدا ومشت عدة خطوات بأتجاه باب الخروج من الاصطبل ولكن شيئاً ما في داخلها لم تجد له تفسيراً حرضها بأن تتوقف عن السير وسرعان ما التفتت بأتجاه ابن عمها وركضت دون وعي ثم عانقته مما سبب له الصدمة فوقف دون حراك بينما قالت هي : شكراً لك من اجل اليوم , لقد استمتعت كثيراً بهذه الجولة .
قالت ذلك وسرعان ما ابتعدت عنه وبسرعة البرق ركضت وخرجت من الأصطبل حتى انها لم تنظر اليه ولو لمرة واحدة , اما هو فرمش عدة مرات وكأنه استيقظ من صدمته اخيراً وسرعان ما ابتسم ابتسامة جذابة لو رأتها راهبة لوقعت في حبه بسببها وقد بدت السعادة ظاهرة على وجهه بسبب هذا التغير المفاجئ الذي طرأ على ابنة عمة المشاكسة والتي ملكت قلبه منذ ان رأها لأول مرة ولكن لا بد وان يلعب القدر لعبته المعهودة في كل قصة حيث ان روبيرتو دخل الى الاطصبل وتعجب من رؤيته يبتسم بتلك الطريقة فقال : ما الامر اليخاندرو , لما تبتسم هكذا ؟
فنظر اليخاندرو الى صديقه وقال : لقد عانقتني ازميرالدا منذ قليل وكانت لطيفة معي على غير العادة .
فأبتسم روبيرتو وقال : يا له من تغير عظيم , هل تعتقد انها قررت نسيان الخلافات السخيفة التي بينكما ؟
اليخاندرو : لا اعلم ولكن ان كان هذا ما تريده حقاً فانا ساكون مسروراً .
قال ذلك ثم نظر الى روبيرتو بجدية واضاف قائلاً : اخبرني هل حللت امر الفتاة المخطوفة ؟
في تلك اللحظة توتر روبيرتو قليلاً وقال : في الواقع لم تسير الأمور كما كنا نشتهي يا صديقي .
فضيق اليخاندرو عيناه وقال : ما الذي تقصده ؟
فرفع روبيرتو يده اليمنى وحك ذقنه بحركة تنم عن الأرتباك واردف قائلاً : لقد ماتت الفتاة .
فأتسعت عينا اليخاندرو عندما سمع ذلك وقال بدهشة : كيف حدث ذلك ؟
فتنهد روبيرتو وقال : في الواقع عندما ذهبت انا وجوني وفرانك الى منزل ماركو أرغون للبحث عنه لم نجده هناك لهذا طلبت التحدث مع والده لعلي احل الموضوع دون اي مشاكل ولكن لوك أرغون لم يكن في المنزل ايضاً حيث انه ذهب برحلة استجمام برفقة زوجته الى جزر المالديف وقد تأكدت من هذا الأمر بنفسي لهذا واجهنا بعض الصعوبات حتى عثرنا على ماركو وحين سألته عن الفتاة ارتبك جداً وحاول ان ينكر الأمر لهذا اضطررت بأن اقوم بتهديده فأخبرنا انه يحتجزها في كوخ يقبع في ضواحي المدينة بالقرب من المنطقة الجبلية وحين ذهبنا وجدناها ميتة بسبب النزيف .
فأشتعلت عينا اليخاندرو بلهيب من الغضب المدمر بعد سماعه لذلك وضم قبضته بشدة ثم قال بصوت يدب الرعب بالنفوس : لقد اغتصبها ذلك الحقير اليس كذلك ؟
فأومى روبيرتو رأسه بالموافقة وقال : وعلى ما اعتقد انه فعل ذلك اكثر من مرة واحدة لأن جسدها كان مليء بالكدمات والجروح وايضاً ...
قال ذلك وصمت فاردف اليخاندرو قائلاً : وايضاً ماذا ؟
روبيرتو : لقد وجدناها مقيدة بسلاسل معدنية وقد كانت ... عارية تماماً .
فقال اليخاندرو بشيء من الأنفعال : اين ذلك الوغد الان ؟
روبيرتو : انه في المخزن وقد اوكلت كل من جوني وفرانك بمراقبته .
فقال اليخاندرو بحدة : اتبعني .
قال ذلك ثم مر من جانب روبيرتو كالعاصفة الهوجاء فلحق به الأخير بخطوات سريعة , اما ازميرالدا فكانت تسير على الممر الترابي بخطوات بطيئة وكانت تبدو سعيدة وهي تتذكر اللحظات الجميلة التي تشاركتها مع ابن عمها عندما اخذها في جولة حول مزرعته فأبتسمت وقد احمر وجهها حين تذكرت عناقها له فقالت محدثة نفسها : يا الهي كم انا غبية , كيف امكنني ان اعانقه بذلك الشكل ؟
ثم ابتسمت مجدداً حين تذكرت كيف كان يحاول كسب ودها خلال جولتهما فقالت : بالتفكير في الأمر و بغض النظر عن كونه زعيم مافيا هو ليس سيئاً لهذه الدرجة كما انه وسيم بطريقة قاسية .
قالت ذلك وقررت ان تستمع للموسيقى لذلك تحسست جيب بنطالها الجينز تبحث عن هاتفها فلم تجده فقالت محدثه نفسها : اين تركت هاتفي يا ترى ؟
وسرعان ما تذكرت انها وضعته على الرف في الأصطبل حين خلعت ملابس الفروسية ونسيته هناك فتنهدت وقالت : هذا ما كان ينقصني الان , ان اعود كل هذه المسافة لاحضار الهاتف .
قالت ذلك ثم عادت ادراجها بأتجاه الأصطبل وحين وصلت لم تجد احداً سوى الخيول وقد شعرت بالرهبة لأن الظلام بدأ يسدل ستاره الاسود فتوجهت الى المكان الذي خلعت فيه ملابس الفروسية ووجدت هاتفها حيث تركته فأخذته وقالت : من الأفضل ان اعود الى المنزل بسرعة فقد حل الظلام تقريباً .
وبالفعل خرجت من الأصطبل وفي الوقت ذاته سمعت صرخة جعلتها ترتعد من شدة الرعب فقالت محدثة نفسها بخوف : يا الهي ما هذه الصرخة ؟
قالت ذلك ثم اخذت تتلفت حولها بذعر وسرعان ما سمعت صرخه اخرى ارعبتها اكثر من الصرخة الأولى فنظرت بأتجاه مصدر الصوت الصادر من المخزن الكبير فأبتلعت ريقها وبالرغم من خوفها توجهت الى هناك لترى من الذي يصرخ بتلك الطريقة , وحين اقتربت قليلاً سمعت صوت غريب كان اشبه بـِ الضرب وصوت شخص يبكي ويتوسل كما انها سمعت صوت ابن عمها يشتم ويلعن ويبدو في ذروة غضبه لذا ابتلعت ريقها واستجمعت شجاعتها ثم فتحت باب المخزن بحذر شديد وهنا اصابتها الصاعقة عندما رأت ذلك الشاب معلقاً من يديه وكان عاري الصدر وجسده مليء بالدماء والكدمات بينما كان اليخاندرو قد خلع قميصه ايضاً ويقوم بضربه بكل وحشية كما يقوم الملاكم بضرب كيس الملاكمة والغريب في الأمر ان روبيرتو والرجلان الأخران كانوا يقفون جانباً ويشاهدون ما يحدث بصمت ثقيل وعلى وجوههم نظرات الشماتة مما جعلها تكتم شهقتها بيدها وسرعان ما قررت الرحيل قبل ان يشعروا بوجودها ولكن شيئاً ما في داخلها حرضها بان تبقى لذا اخذت ترتجف بشدة ومع ذلك وقفت تشاهد وحشية ابن عمها التي كان يمارسها على ذلك الشاب الذي اصبح في حال يرثى لها .
اما اليخاندرو فقد اعمى الغضب بصيرته لذا توقف عن ضرب الشاب واخذ يلهث قائلاً بصوت اشبه بهمس الشياطين : امثالك لا يستحقون العيش ايها الحقير .
قال ذلك ثم امسك مسدسه واعاد تلقيمه فقال الشاب بتوسل وبكاء : ارجوك لا تقتلني , ارجوك سأفعل اي شي.....
وقبل ان يتمكن من اكمال جملته اطلق اليخاندرو النار عليه فأصابه في خاصرته وفي تلك اللحظة سمعوا صوت صراخ ازميرالدا فالتفتوا جميعاً بأتجاه مصدر الصوت وحين رأوها جالسة على الأرض تحدق بالشاب المعلق بنظرات دامعة تحمل كل معاني الرعب صرخ اليخاندرو قائلاً : ما الذي اتى بكِ الى هنا بحق خالق الجحيم !
اما روبيرتو فأشار الى الرجلان المدعوان جيمي وفرانك بأن ينزلوا الشاب بسرعة بينما نهضت ازميرالدا وقد عقل لسانها من شدة الرعب واخذت تسير الى الوراء بخطوات متعثرة وهي تحدق بأبن عمها الذي رمى المسدس من يده وحاول ان يقترب منها قائلاً : ازميرالدا دعيني اشرح لكِ ...
ولكنها لم تعطيه فرصة بأن يفعل ذلك حيث هزت رأسها بالنفي وفرت هاربة من المكان كله وفي تلك اللحظة قال روبيرتو : اليخاندرو , هذا الوغد ما زال على قيد الحياة .
فالتفت اليخاندرو اليه وعلى وجهه تعبير ينم عن الغضب الشديد فقال بنبرة ساخطة : لم اشاء ان اقتله فهو لا يستحق ان يموت بمثل هذه السهولة لذا ابعده من امامي قبل ان اجهز عليه واصبح قاتلاً بالفعل .
روبيرتو : حسناً لقد فهمت , هل نرسله الى المشفى ام ماذا ؟
فأمسك اليخاندرو قميصه ووضعه على جسده قائلاً : افعل ما تراه مناسباً روبيرتو فقد انتهى عملي معه للوقت الراهن لذا ابعده من امام ناظري .
قال ذلك ثم خرج من المخزن ركضاً واخذ يتلفت حوله بحثاً عن ابنة عمه التي هربت ولم تترك لها اثراً , فتنهد روبيرتو وقال للرجل المدعو فرانك : خذوه الى المشفى .
اما ازميرالدا فكانت تركض دون ان تعرف الى اين تتجه والدموع تنهمر من عيونها بغزارة بعد ان رأت ابن عمها وقد قتل رجلاً من وجهة نظرها بدم بارد واثناء ركضها كانت تتعثر وتقع ارضاً وتعاود النهوض مجدداً ثم تتابع الركض ولا تعلم الى اين تذهب اذ ان الصدمة اعمت بصيرتها وقد ضلت طريق العودة الى المنزل , اما هو فكان يبحث عنها كالمجنون قائلاً في نفسه : اللعنة لما عادت , ما كان يجب عليها العودة الى هنا ابداً .
قال ذلك ثم شق طريقه ركضاً بأتجاه الطريق الترابية بعد ان لمح اثار اقدام صغيرة منغمسة في بقعة من الوحل فأستنتج انها تعود لأبنة عمه لذا اخذ يتلفت حوله كمن يبحث عن آبرة في كومة قش وما لبث حتى بدأ ينادي اسمها بأعلى صوته الأمر الذي جعلها ترتعد خوفاً لذا اختبأت خلف جذع شجرة كبيرة وتقوقعت على نفسها وهي ترتعش من شدة الخوف وتأثير ما رأت من عنف واضحاً عليها , فأعاد اليخاندرو خصلات شعره الفاحم الى الوراء بحركة تنم عن فقدان السيطرة على الذات وتفوه بشتيمة ثم تابع البحث عنها وفي تلك اللحظة جاء روبيرتو فوقف بجواره قائلاً : ما الذي ستفعله الأن اليخاندرو , لقد رأت ازميرالدا كل شيء وانا واثق كما اراك الأن انها مرعوبة مما رأت ولن تمكث في هذا المكان مجدداً .
فنظر اليه اليخاندرو بنظرة غاضبة وقال بزمجرة : سأشرح لها الأمر ولن تذهب الى اي مكان , بل ستبقى معي هنا حتى بعد انقضاء الأربع سنوات التي ستقضيها تحت وصايتي .
فتنهد روبيرتو وربت على كتف صديقه الغاضب وقال بشيء من التعاطف : حسناً , اهدأ قليلاً ودعنا نخبر الرجال بأن يبحثوا عنها فقد حل الظلام ولا اعتقد انها عادت الى المنزل بعد الذي رأته في المخزن .
فمسح اليخاندرو وجهه براحة يده المهشمة من شدة ضربه لماركو أرغون وقال بعصبية : يجب ان تجدوها بسرعة روبيرتو وهذا أمر .
فأومى روبيرتو رأسه بتفهم وقال : سمعاً وطاعة , هيا تنفس وتمالك اعصابك ولا تقلق حيال هذا الأمر .
قال ذلك ثم امسك هاتفه وطلب رقماً وسرعان ما قال بنبرة أمر : اسمعني جيداً خوان , احضر خمسة رجال وتعال الى منطقة المخازن فقد هربت السنيورا ازميرالدا لذا يجب ان نجدها قبل ان تتمكن من الخروج من المزرعة هل هذا مفهوم ؟
فأتاه صوت الرجل المدعو " خوان " قائلاً : سنكون تحت أمرك خلال خمس دقائق .
فأنهى روبيرتو المكالمة ونظر الى اليخاندرو قائلاً : دعنا نبحث عنها ريث ما يصلون الى هنا .
فقال اليخاندرو : اذهب من هذا الأتجاه وانا سأذهب من هنا وان وجدتها اتصل بي فوراً .
فأومى روبيرتو برأسه ولم يعلق بل شق طريقه نحو الجهة الغربية بينما ذهب اليخاندرو نحو الجهة الشرقية وعلامات القلق والأنزعاج تعلو وجهه , اما هي فكانت تكتم صوت شهقاتها وبكائها براحة يدها حتى لا يعثر عليها وقد تسلل الى عقلها منظر ذلك الشاب المعلق والمغطى بالدماء وكيف قام ابن عمها بأطلاق النار عليه مما زاد من خوفها لذا قررت الخروج من مخبئها لعلها تهرب ولكن ما ان اظهرت نفسها حتى رأها اليخاندرو فأتسعت عيناه وركض نحوها قائلاً : ازميرالدا انتظري .
ولكنها لم تمتثل لطلبه بل اخذت تركض وتركض بمحاولة للهرب ولكنه كان اسرع منها بحيث امسك ذراعها فبدأت تصرخ بأعلى صوتها وتحاول التملص منه قائله : دعني ايها المجرم , دعني فانا لا اريد البقاء مع مجرم حقير مثلك !
ولكنه لم يأبه بما قالته بل طوق خاصرتها بكلتا ذراعيه واحكم الأمساك بها فكان الأمر بالنسبة لها وكأن احدهم قيدها بسلاسل من فولاذ ولم تستطيع التحرك مما سبب لها الهلع والرعب اكثر فأخذت تصرخ وقد ثقل تنفسها وضاق صدرها بينما كان هم اليخاندرو الوحيد هو عدم تركها حتى لا تعاود الهرب مجدداً فقال بجانب اذنها بصوت حاد : اهدأي قليلاً والا سأتعامل معكِ بطريقة لن تعجبكِ ابداً .
فقالت بصوت أبح من بين دموعها : هل ستقوم بقتلي ايضاً ايها البربري ؟
في تلك اللحظة تألم اليخاندرو داخلياً لأنها قالت ذلك عنه فهو لم يقتل الشاب في حين انه كان بأمكانه فعل ذلك دون ان يرف له جفن ولكنه فضل عدم قتله بالرغم من غضبه الشديد على الأخير الذي اغتصب فتاة صغيرة بكل وحشية مما اسفر عن موتها لذا احكم ضم ابنة عمه وشدها اليه اكثر وكأنه يحاول عصرها وقال بنبرة خشنة : اصمتي ولا تتحدثي واستمعي لما سأقوله الأن جيداً .
فأخذت تقاومه بكل قوتها لكي تتملص من قبضته الفولاذية التي تعتصرها ولا يعلم من اين حصلت على تلك القوة البدنية التي تعادل قوة رجل ضخم , في الواقع لقد استمدت قوتها من الرعب والكره الذي تشعر به تجاه ابن عمها لذا وبدون اي تفكير قامت بعض يده مما جعله يتركها ودفعته بعيداً عنها ثم صفعته بقوة وقالت بصراخ : لا تلمسني مجدداً ايها المتوحش اللعين , انا افضل الموت على ان استمع الى قاتل حقير مثلك لا يعرف ما هي قيمة الأنسان ويقوم بقتل الناس بدم بارد .
فأمسك اليخاندرو بكتفيها بحركة عنيفة تنم عن غضبه الشديد وهزها قائلاً بزمجرة تشبه زئير التنين : اقسم لكِ ان تفوهتي بكلمة اخرى ستجديني قد قطعت لسانكِ هذا هل تفهمين !
فعاد الخوف يعتريها والرعب تسلل الى قلبها بسبب معاملته القاسية معها وقد افزعها ما قاله وأثرت بها هزته العنيفة وادركت انه جاد في كل كلمة قالها لذا اغرقت عيونها الزمردية بالدموع وشحب وجهها ولم تستطيع ان تحتمل كل تلك القسوة فوقعت بين يديه مغشى عليها مما جعله يصاب بالهلع لذا اخذ يهزها قائلاً بقلق : ازميرالدا , ما الذي حدث لكِ يا حبيبتي ... هيا لا تجعليني افقد عقلي وافتحي عينيكِ .
وفي تلك اللحظة سمع صوت روبيرتو يناديه من بعيد فنظر الى الوراء واذ بصديقه ومعه بعض الرجال قادمين فصرخ بهم قائلاً بنبرة أمر : احضروا السيارة الى هنا .
فأنتفض الرجال خوفاً من صرخته تلك فهم يعلمون كيف يصبح عندما يغضب ومن الواضح عليه انه في ذروة غضبه في هذه اللحظة ولكن روبيرتو لم يرى الغضب في تعابير وجه صديقه بل رأى الذعر والقلق على الفتاة الفاقدة للوعي بين ذراعيه لذا اقترب منه وقال بلهفة : ما الذي حدث لها اليخاندرو ؟
فنظر اليه اليخاندرو ولم يخجل من اظهار قلقه الشديد فقال بنبرة اشبه بالتوسل : السيارة روبيرتو , احضر السيارة الى هنا ارجوك.
فتنهد روبيرتو ولم يعلق بل نظر الى الرجال خلفه وزجرهم قائلاً : احضروا السيارة الى هنا عليكم اللعنة .
فأبتلع احد الرجال ريقه وقال بتلعثم : لقد ... لقد ذهب خوان ليحضر واحدة يا سنيور.
وفي تلك اللحظة سمعوا صوت محرك سيارة يقترب وما هي الا ثوان حتى توقفت امامهم سيارة دفع رباعي سوداء اللون فحمل اليخاندرو ازميرالدا وتوجه بها نحو السيارة بسرعة ثم فتح له احد الرجال الباب الخلفي ليضع الفتاة وبعدها انتفض من مكانه كهر بري والتف حول السيارة واستل مفاتيحها من يد الرجل المدعو خوان وصعد خلف المقود دون ان يعلق وسرعان ما انطلق بها بأقصى سرعة نحو الفيلا وهو ينظر الى ازميرالدا في المرآة بين الفينة والأخرى ويتحدث معها قائلاً : هيا حبيبتي , هيا افتحي عينيكِ فأنا لا استحق ان تفعلي بي هذا .
اما روبيرتو فنظر الى رجاله وقال : ما حدث الأن سيدفن في هذا المكان وان سمعت ان احدكم سرب كلمة واحدة عما حدث فسوف اقتله بيدي هاتين هل تفهمون ؟
فقال الرجال بأرتباك : مفهوم .
وفي الوقت ذاته كان اليخاندرو قد وصل الى الفيلا فترجل من السيارة وقد هرع نحوه حارسان ليساعداه في فتح الباب فأخرج ازميرالدا ثم حملها وزجر احد الرجلان قائلاً : اتصلوا بالطبيب فوراً .
فأومى الرجل برأسه ولم يعلق بينما توجه هو نحو باب الفيلا فقام الرجل الأخر بفتح الباب له وحين دخل ورأه كل من ريتا وتوماس وهو يحمل ازميرالدا الفاقدة للوعي وبعض قطرات الدم الناتج عن ضربه لماركو تزين عنقه اصابهما الذعر فوراً فأقتربا منه وقال توم بنبرة قلق : ما الذي حدث ؟
فلم يجبه اليخاندرو حيث شق طريقه بأتجاه السلم وهو يتوسل ازميرالدا بأن تستيقظ فلحقت به ريتا ومعها توم وحين وصلوا الى غرفة الفتاة وضعها على السرير وامسك يدها ثم اخذ يفركها قائلاً : هيا حبيبتي , هيا لا تخيفيني اكثر وافتحي عينيكِ ارجوكِ .
فقالت ريتا بقلق : ما بها السنيورا ازميرالدا يا سنيور ؟
فقال توم : اخبرنا ما الذي حدث ولما هي فاقدة الوعي بهذا الشكل ؟
فقال اليخاندرو دون ان ينظر اليهما : اخرجا من هنا .
فقطب توم حاجبيه وقال : لن اخرج قبل ان ....
وقبل ان يتمكن من اتمام جملته كان اليخاندرو ممسكاً ياقته وقال بصوت اشبه بهمس الشياطين : تجنب غضبي الأن يا توم وخذ ريتا واخرجا من هنا حالاً فانا لا اريد اذيتكما ايضاً .
قال ذلك ثم افلته فأمسكت ريتا يد حبيبها وقالت بنبرة متوترة : هيا بنا توم , دعنا نخرج فهذا افضل .
قالت ذلك وسحبته الى خارج الغرفة رغماً عنه بينما عاد اليخاندرو ليجلس بجانب ابنة عمه النائمة وامسك يدها قائلاً : انا اسف , لم اقصد اخافتكِ يا حبيبتي لذا هيا افتحي عينيكِ ولا تعذبيني اكثر .
- وبعد عشر دقائق وصل الطبيب الذي كان يسكن على مقربة من المزرعة فأرشدته ريتا الى غرفة ازميرالدا حيث كان اليخاندرو يجوب المكان ذهاباً وأياباً والقلق يعتريه لأن الفتاة فقدت وعيها منذ مدة ولم تستيقظ مع العلم ان فقدان الوعي لا يستغرق سوى دقيقتين ونصف على الأغلب في الحالات الطبيعية وبعدها يستيقظ المرء بمفرده ولكن هذا لم يحدث معها هي لذا عندما دخل الطبيب هرع اليخاندرو اليه فوراً وقال له بنبرة أمر : اجعلها تفتح عينيها هل تفهم ؟
فأزدرد الطبيب ريقه وقال بتلعثم : ح .. حاضر يا سنيور .
قال ذلك ثم اقترب من سرير ازميرالدا النائمة واخرج سماعته الطبية ثم اراد ان يقوم بفحصها ولكن اليخاندرو امسك يده بقبضة من حديد وقال بزمجرة : ما الذي تفعله ؟
فنظر اليه الطبيب بخوف ممزوج بالتساؤل وقال بتوتر : سأقوم بفحص المريضة .
فأبعده اليخاندرو وقال بحدة : لا تجرؤ على لمسها .
فأرتبك الطبيب وقال : ولكن يا سنيور ان لم افحصها كيف سأعرف ما بها ؟
اليخاندرو : حسناً اخرج من هنا فانا لن اسمح لك بأن تضع اصبعاً واحداً عليها .
فأخرج الطبيب منديل قماشي من جيب بنطاله واخذ يمسح حبات العرق عن جبينه وقال : حسناً , كما تريد .
قال ذلك ثم حمل حقيبته وخرج من الغرفة بينما تنهد اليخاندرو ونظر الى ابنة عمه ثم هز رأسه نافياً وقال بنبرة أنزعاج : لا , لن يلمسكِ اي رجل لن اسمح بحدوث شيء كهذا حتى وان كان هذا الرجل طبيباً .
قال ذلك ثم اقترب من سريرها وجلس بجانبها واخذ يمسح براحة يده على شعرها قائلاً : سوف تستيقظين ما ان تهدأ اعصابكِ انا واثق من هذا عندها سأخبركِ بكل شيء وانني لست قاتلاً ولن ادعكِ تنفرين مني بعد أن بدأتِ تعتادين على وجودي في حياتكِ .
وفي الوقت ذاته في غرفة المعيشة ...
كان توماس يجوب المكان ذهاباً وأياباً يود ان يعرف ما بها ازميرالدا ولما فقدت وعيها وما السر وراء بقع الدماء التي كانت ظاهرة على ذراع اليخاندرو وعلى رقبته مع العلم انه لا يعاني من اي جرح فنظر الى ريتا الجالسة على الأريكة بكل هدوء وقال بسخط : كيف يمكنكِ الجلوس هكذا في حين ان ذلك الرجل لم يخبرنا ما الذي حدث ولما ازميرالدا فقدت وعيها ؟
فتنهدت وقالت : انا اعرف السنيور منذ سنوات واصبحت اعرفه جيداً وعندما يكون غاضباً بهذا الشكل احاول على قدر الأمكان ان اتجنب غضبه لأنه يفقد السيطرة على اعصابه عندما يعمي الغضب بصيرته ويقوم بفعل امور لا يرغب بفعلها وحالته الأن تخبرني انه في ذروة غضبه لهذا من الأفضل ان نبتعد عنه وهو سيخبرنا بما حدث عندما يهدأ روعه قليلاً لذا لا تقلق .
فقال توم بأنزعاج : ولكن الم تسمعي ما قاله الطبيب , لقد رفض ان يدع الرجل يقوم بفحصها وقام بطرده خارجاً وبهذا الشكل لن نتمكن من معرفة اذا ما كانت بخير ام لا !
في تلك اللحظة سمعا صوت روبيرتو الذي دخل الى القاعة قائلاً : لا تقلق يا توم , ازميرالدا ستكون بخير هي فقط رأت شيئاً ما كان يجب ان تراه لهذا فقدت وعيها وستكون بخير ان نامت لبعض الوقت .
فأقترب توم منه ثم امسك ذراعه قائلاً : ما الذي حدث روبيرتو , وما هو الأمر الذي رأته وجعلها تفقد وعيها بهذا الشكل ثم اخبرنا ما سر الدماء التي على جسد السنيور ؟
فتنهد روبيرتو وقال : حسناً اجلس وسوف اخبركما ما حدث ولكن يجب ان تعلم بأن ما فعله اليخاندرو ليس خطأ .
في تلك اللحظة تسلل القلق الى قلب توماس فنظر الى ريتا ووجدها فضولية لمعرفة ما حدث كما انها كانت تبدو قلقلة بدروها لذا تنهد وجلس قائلاً : حسناً , كلي آذان صاغية .
فجلس روبيرتو مقابلاً له وبدأ يخبرهما بما حدث منذ ان طلب منه اليخاندرو ان يذهب لينقذ الفتاة الصغيرة التي خطفها ماركو أرغون الى حين فقدت ازميرالدا وعيها وبينما كان كل من ريتا وتوم يستمعان الى القصة كانت تعابير الصدمة والتوتر واضحة على وجيهما وخصوصاً توم الذي قال : هل تقصد ان ازميرالدا رأت اليخاندرو عندما اطلق النار على ذلك الشاب !
فأومى روبيرتو رأسه بالموافقة وقال : مع الأسف هذا ما حدث تماماً وانا لا اعلم ما الذي يجب ان نفعله في هذه الحالة وخصوصاً لأن اليخاندرو اخبرني بكل وضوح انه لن يسمح لها بالأبتعاد عنه .
فقالت ريتا : هل تقصد ان السنيور .....
فقاطعها روبيرتو بقوله : يحبها , لقد وقع في حبها منذ ان رأها لأول مرة في لوس أنجلوس وعندما يحب اليخاندرو شخصاً ما يصبح من المستحيل بالنسبة له ان يعيش بعيداً عن هذا الشخص فما بالكما بالفتاة الأولى والوحيدة التي حركت مشاعر الحب في قلبه ؟
فوضع توم يده على جبينه تعبيراً مجازياً وقال كمن يحدث نفسه : يا له من تطور رهيب في الأحداث .
قال ذلك ثم نظر الى روبيرتو واضاف قائلاً : ولكن انا واثق ان ازميرالدا لن تقبل بهذا الأمر .
روبيرتو : دعونا لا نتدخل بهذا الموضوع فهو يخص اليخاندرو وازميرالدا ورجاءً لا تتحدثا امامهما بأي شيء مما اخبرتكما الأن لأنني لا اريد ان تتعقد الأمور بينهما اكثر مما هي عليه .
فقالت ريتا : لا تقلق حيال هذا الموضوع , فانا لن اتفوه بأي حرف مما اخبرتنا به للتو وتوم ايضاً لن يفعل ذلك فهذا افضل من اجل مصلحة ازميرالدا اليس كذلك يا توم ؟
قالت ذلك ونظرت اليه بنظرة ذات مغزى وكأنها تطلب منه التزام الصمت من اجل مصلحة الجميع وليس ازميرالدا فقط فتنهد وقال بأستسلام : اجل , لن اقول اي شيء .
روبيرتو : سأعتبر هذا وعد منكما انتما الأثنان واتمنى ان تفيا به .
قال ذلك ثم هب واقفاً ونظر الى ريتا واضاف قائلاً : اخبري اليخاندرو بأنني ذهبت لزيارة ابي وربما اتأخر في العودة .
- ريتا : حسنا
- ثم خرج روبيرتو من الفيلا وشق طريقه بأتجاه موقف السيارات بينما التفت توم الى ريتا وقال : انا لا اصدق ان الأمور وصلت الى هذا الحد , كيف وقع في حبها بمثل هذه السرعة وبالرغم من الخلافات التي حدثت بينهما ؟
فتنهدت وقالت : اريد منك ان تعرف امراً واحداً عن السنيور يا عزيزي توم وهو انه لم يسبق له وان عاشر اي امرأة بالرغم من كونه رجل مرغوب لدى جميع نساء المدينة وضواحيها كما انه لم يقع في حب اي فتاة طوال حياته وازميرالدا هي الفتاة الوحيدة التي حركت قلبه المتحجر لذا انا واثقة انه يحبها بصدق .
فقطب توم حاجبيه عندما سمع ما قالته ريتا وقال بشيء من الدهشة : هل قلتي انه لم يعاشر اي امرأة من قبل ؟
فأومت رأسها بالموافقة واردفت قائله : هذا ما سمعته من روبيرتو فهو لا يثق بالنساء ابداً .
توم : هل هو معقد ام ماذا ؟
فتنهدت ريتا وقالت : كنت اعرف انك ستقول هذا لذا سأخبرك بالقصة التي اخبرني بها روبيرتو عن والدة السنيور وعما فعلته مما جعل ابنها يفقد ثقته بجميع بنات حواء .
قالت ذلك ثم بدأت تسرد له القصة التي سمعتها من روبيرتو شخصياً اما في غرفة ازميرالدا فكانت هي ما تزال نائمة بينما كان اليخاندرو جالساً على الأريكة بجوار سريرها حانياً رأسه وغارساً اصابعه بين خصلات شعره بحركة تنم عن الهم والتعب ويبدو عليه التفكير العميق , وبينما كان على تلك الحال سمعها تأن بصوت خافت فرفع رأسه بسرعة ونهض من مكانه ثم اقترب من سريرها وجلس بجوارها ممسكاً يدها وقال : ازميرالدا حبيبتي , هيا استيقظي .
ولكن ازميرالدا لم تفتح عينيها بل سالت من بين اهدابها المطبقة دمعة وقالت بصوت ضعيف : لا , لا تفعل ذلك .
فانحنى اليخاندرو بجسده ثم طبع قبلة على جبينها ومسح دمعتها قائلاً بنبرة تنم عن الألم : لا تبكي حبيبتي , انا اسف لذا هيا استيقظي .
فأخذت تتحرك اثناء نومها وتأن قائله : لا , دعني ارجوك لا تقتلني .
فأدرك اليخاندرو انها ترى كابوساً يتعلق به وان ما رأته لم يبارح تفكيرها وانها بدأت تتخيل نفسها مكان ذلك الشاب الذي قتله من وجهة نظرها مما جعل ألمه وغضبه يتضاعفان لذا اخذ يهزها قائلاً : ازميرالدا هيا استيقظي فقد نمتي لوقت طويل وآن الآوان لكي تفتحي عينيكِ .
في تلك اللحظة استيقظت ازميرالدا وقد صدرت عنها صرخة وسرعان ما بدأت تتنفس بصعوبة وحبات العرق تكسو جبهتها وعنقها فلم تدرك ما الذي يدور من حولها او كيف انتهى بها المطاف بين ذراعي اليخاندرو الذي عانقها بقوة واخذ يملس شعرها براحة يده قائلاً بهمس : لا بأس عليكِ , انا هنا معكِ .
فأزدردت ريقها وذرفت دموعها ثم ابتعدت عنه ونظرت الى وجهه قائله بصوت أبح : لقد رأيت حلماً بشعاً , رأيتك تطلق النار على رجل معلق والدماء تغطي جسده وبعد ذلك قررت ان تقتلني .
في تلك اللحظة شحب وجه اليخاندرو فما رأته في الحقيقة لم يكن حلماً بالكامل لذا ازدرد ريقه وقال بصوت أجش : لقد كان حلماً فانا من المستحيل ان اقوم بأذيتكِ .
قال ذلك ثم عانقها مجدداً واخذ يهدهد على ظهرها فلم تعترض وشيئاً فشيئاً بدأت تشعر بالراحة ولكن سرعان ما تحولت هذه الراحة الى خوف مطلق عندما رأت قطرات الدم المتناثرة على عنقه فأبعدته عنها فوراً وقطعت الشك باليقين عندما رأت الجروح الصغيرة التي على يده اليمنى والتي نتجت جراء ضربه الشديد لذلك الشاب المعلق الأمر الذي جعلها تجفل وارتدت للوراء قائله بذعر : لم يكن حلماً , لقد قتلته بالفعل... يتبع غداً
#حب_على_شفير_النار الجزء 15
أمسك اليخاندرو يديها قائلاً بنبرة يجوبها التوتر : لا لم اقتله انا فقط ....
فقاطعته عندما سحبت يدها من قبضته بحركة تنم عن الأشمئزاز وقالت بنبرة كره واضحة : لا تقترب مني ايها المجرم والا....
فقاطعها حين اجتذبها من ذراعها بقوة وقال بنبرة انزعاج : والا ماذا ؟
فلم تحتمل ان يقسو عليها اكثر لذا ذرفت الدموع قائلة : لما تفعل هذا بي ، انا لم افعل لك اي شيء لذا اخبرني ما الذي تريده مني الان ؟
في تلك اللحظة لم يحتمل اليخاندرو رؤية دموعها لذا تركها ونهض ثم ادار ظهره لها وقال بنبرة جافة : انا لست معتاداً بأن افسر ما افعله لأي شخص اذ انني لا اهتم لما يظنه الآخرين ولكن مع هذا سأخبركِ شيئاً واحداً .
قال ذلك ثم التفت اليها وتابع قائلاً : ان ذلك الوغد الحقير الذي اطلقت النار عليه لم يمت فانا لم اقتله لأنه لا يستحق ان يموت بمثل هذه البساطة لهذا تعمدت ان اطلق النار على خاصرته في حين انني كنت استطيع وضع طلقة في رأسه العفن ولكنني لم افعل وهذا يعني انني لست قاتلاً كما تقولين .
فنظرت اليه شزراً وبشك ونهضت عن سريرها قائله بحنق : لا داعي لأن تبرر فعلتك فأنا رأيتك بأم عيني كيف اطلقت النار على الرجل بدم بارد وليس هذا فقط بل انني رأيت وحشيتك والطريقة البربرية التي كنت تضربه بها وهو معلق كما لو انه كيس ملاكمة لذا لا تحاول اقناعي بأنك لست مجرم .
فضم اليخاندرو قبضته بمحاولة للسيطرة على اعصابه وقال : لو انكِ تعلمين ما الذي فعله ذلك الحقير لما قلتي هذا عني .
فقالت بنبرة قاسية : مهما كان ما فعله سيئاً هذا لا يعطيك الحق في معاقبته بطريقة وحشية وغير انسانية كما لو انك غول متعطش للدماء لا يمتلك ولو مقدار ذرة من الرحمة .
فتنهد اليخاندرو بأستسلام وقال : يبدو انكِ اتخذتي قراركِ في الحكم عليّ دون ان تستمعي لوجهة نظري او معرفة السبب الحقيقي الذي دفعني للتعامل مع ذلك الحقير بطريقة وحشية ولن تصدقيني مهما قلت لهذا لا داعي لأن اتعب نفسي بمحاولة الشرح لكِ ولكن تأكدي بأنني دائماً اكون على صواب .
قال ذلك ثم شق طريقه بأتجاه الباب ووضع يده على المقبض ولكنه لم يخرج بل نظر اليها واضاف قائلاً : بالمناسبة انا لست نادماً ولو بمقدار ذرة عما فعلته بذلك الحقير لأن الأوغاد امثاله يستحقون اكثر من ذلك بكثير .
- وبعد ان قال ذلك خرج من الغرفة وصفق الباب خلفه بحركة جعلت ازميرالدا ترتعد فبدأت تذرف الدموع وجلست على سريرها متقوقعة على نفسها وقد تراءى لها منظر الشاب المعلق مجدداً وجسده ينزف دماً ، اما هو فنزل الى الطابق السفلي والى غرفة المعيشة بالتحديد حيث كان كل من توماس وريتا جالسان فنهض الاول فوراً عندما رأه وسأله قائلاً بلهفة : كيف حال ازميرالدا ؟
فنظر اليه اليخاندرو بنظرة باردة وقال : يمكنك الذهاب لتطمئن عليها بنفسك فقد استيقظت .
وبدون اي تردد ركض توم بأتجاه الدرج وشق طريقه نحو الطابق العلوي ، اما ريتا فقالت بتوتر : لقد ... لقد اخبرنا روبيرتو بكل ما حدث يا سنيور لذا لا تقلق فانا واثقة ان السنيورا ستتفهم موقفك عندما تعرف الحقيقة .
فتنهد اليخاندرو وقال : واين هو روبيرتو الأن ؟
ريتا : لقد ذهب لزيارة والده في المستشفى وقد طلب مني بأن اخبرك انه ربما سيتأخر في العودة لهذه الليلة .
اليخاندرو : حسنا .
قال ذلك ثم شق طريقه الى الخارج فتنهدت ريتا وذهبت الى المطبخ لتباشر في اعداد العشاء بينما اخذ اليخاندرو يتمشى في الحديقة وعلى وجهه تعابير من الضيق والحزن الممزوج بالأنزعاج ، اما ازميرالدا فكانت تنتحب في حضن توم الذي كان يضمها الى صدره ويحاول تهدئتها ولكن دون جدوى فهي ما ان رأته يدخل من باب غرفتها حتى رمت نفسها عليه وانفجرت بالبكاء واخذت تخبره كم تكره ابن عمها المتوحش حسب رأيها ولأنها كانت منهارة تقريباً لم يشاء توم ان يجادلها وقرر ان يخبرها بالحقيقة التي سمعها من روبيرتو في وقت لاحق .
اما بالنسبة لروبيرتو فقد وصل الى المستشفى فترجل من سيارته وشق طريقه بأتجاه المبنى وحين فتح باب المصعد رأى آرتورو امامه فتنهد بضيق ثم دخل فقال الأخير بنبرة سخرية : هل اتيت لزيارة والدك يا عزيزي روبيرتو ؟
فأجابه روبيرتو قائلاً دون ان ينظر اليه : هذا ليس من شأنك ابداً .
فضحك آرتورو وكتف ذراعيه قائلاً : اخبرني كيف حال ابنة ليام ديلافيغا ؟
فنظر اليه روبيرتو قائلاً : لما تسأل ؟
آرتورو : اريد ان اطمئن عليها فقط .
روبيرتو : اطمئن انها بأفضل حال طالما انت بعيداً عنها .
فضحك آرتورو مجدداً وقال : دعك من هذا روبيرتو انت تعرف انني لا اشكل خطراً عليها كما يفعل اليخاندرو فهو زعيم المافيا وليس انا .
روبيرتو : لا بد وانك كنت سعيد عندما اخبرتها ان ابن عمها زعيم مافيا اليس كذلك ؟
فأبتسم آرتورو وقال : لن تتخيل مقدار السعادة التي شعرت بها عندما رأيت الخوف يتسلل الى قلبها حين اخبرتها بالأمر وانا واثق انها تكرهه الأن فكما لاحظت انها تكره العنف .
فرسم روبيرتو شبح ابتسامة على ثغره وقال بثقة : لقد انزعجت في البداية لأننا اخفينا الأمر عنها ولكنها تقبلت الواقع في نهاية المطاف بل وشعرت بالراحة اكثر كون ابن عمها رجل ذو نفوذ وقادر على حمايتها من الأوغاد امثالك يا عزيزي .
فضم آرتورو قبضته بأنزعاج واراد ان يقول شيئاً ولكنه توقف عندما فتح باب المصعد وخرج منه روبيرتو وشق طريقه بأتجاه غرفة والده فلحق به وقال بحنق : لا تفرح كثيراً بما قلته الأن روبيرتو فانا لم انتهي منكم بعد وسترى ما الذي سأفعله .
فالتفت اليه روبيرتو وقال : ان اردت دخول المستشفى مرة اخرى ما عليك سوى ان تجرب العبث مع اليخاندرو وابنة عمه وستجدني قد حطمت عظامك .
فأبتسم آرتورو وقال بثقة : انا اعترف ان اليخاندرو اقوى مني جسدياً ولكن اشك في مقدرتك على هزيمتي ان اشتبكنا في عراك .
فأبتسم روبيرتو بدوره وقد عادت به الذكرى الى وقت كان فيه هو وآرتورو يتلقيان دروس في الدفاع عن النفس من اليخاندرو شخصياً فقال بهدوء : يبدو انك نسيت اننا في نفس المستوى وان اليخاندرو هو من علمنا كيف نقاتل وهذا يعني انني استطيع مجاراتك يا صديقي القديم .
فزم آرتور فمه بحركة صبيانية تنم عن التعجرف وقال : حسناً انسى الأمر , انا لا انوي افتعال مشكلة الأن لأنني لا امتلك الوقت الكافي للعبث معك فأختي تنتظرني .
قال ذلك ثم اراد ان يدخل الى غرفة آيفا ولكن روبيرتو اوقفه بقوله : انها الطف منك آرتورو , انا اشك في كونكما شقيقين .
فالتفت اليه آرتورو وقد رفع حاجبه قائلاً : هل قابلت آيفا ؟
فأبتسم روبيرتو بخبث وقال : اعتقد انني معجباً بها ايضاً .
فتحرك آرتورو من مكانه بحركات غاضبة وسرعان ما امسك ياقة روبيرتو وقال بحنق : ويحك يا هذا , انا لا امانع ان تعبث معي ولكن اياك وان تقترب من اختي او ان تحاول استغلالها لأنني سأقتلك ان فعلت ذلك هل تفهم ؟
فرفع روبيرتو يديه وانزل يدي آرتورو عن ياقة قميصه وقال : انا لست نذلاً مثلك حتى استغل فتاة لا ذنب لها وليكن في علمك فقط ان اختك انسانة متفهمة اكثر منك كما انها اذكى منك بمراحل لذا حاول ان تتعلم منها كيف تضبط اعصابك فهذا افضل من اجل مصلحتك .
قال ذلك ثم دفعه بكتفه عندما مر من جانبه ودخل غرفة والده , فتفوه آرتورو بلعنة ثم توجه الى الغرفة المجاورة حيث تمكث اخته وما ان دخل حتى ابتسمت هي له قائله : اهلاً بك , لقد كنت انتظر قدومك .
ولكنه تجاهل القاء التحية عليها بل اقترب منها بوجه متجهم وقال معاتباً : لما لم تخبريني انكِ التقيتي بذلك الأحمق المدعو روبيرتو ميغيل ؟
فأبتلعت آيفا ريقها وقالت بتلعثم : هل فيلب هو من اخبرك بهذا ؟
آرتورو : بل انني صادفت روبيرتو في طريقي منذ قليل وهو من اخبرني , اسمعيني جيداً آيفا انا لا اريدكِ ان تختلطي بهذا الرجل بأي شكل من الأشكال هل كلامي مفهوم ؟
فقطبت آيفا حاجبيها وقالت بتمرد : انا لا افهم لما تحاول منعي من التحدث معه او مع اليخاندرو في حين انك انت من تشاجر معهم وليس انا وهذا يعني انني حيادية ولا شأن لي بالخلاف الذي بينكم .
آرتورو : انتِ اختي وعائلتي الوحيدة ومن واجبي ان احميكِ كما انه من واجبكِ ان تفعلي ما اطلبه منكِ .
آيفا : ولكن ما تطلبه مني ليس صائباً آرتورو فأنا امرأة بالغة واستطيع ان اقرر حياتي بنفسي وكونك اخي الأكبر هذا لا يعطيك الحق في التدخل بأمور حياتي الخاصة .
فضغط آرتورو على قبضته وقال بأنزعاج : لقد حذرتكِ آيفا لذا تجنبي اثارة غضبي والويل لكِ ان عصيتي أوامري .
قال ذلك ثم خرج من الغرفة وهو غاضب فزمت آيفا فمها بأنزعاج طفولي وقالت محدثة نفسها : سترى يا اخي , سأجعلك تتصالح مع اليخاندرو مهما كلفني الأمر فقد سأمت من هذا الخلاف السخيف الذي طالت مدته .
اما آرتورو فقام بصفع الحارس الشخصي المدعو فيليب وقال بسخط : كيف تسمح له بأن يقترب من اختي ؟
فأحنى فيليب رأسه وقال : هو لم يقترب منها يا سنيور بل هي من فعل ذلك منذ البداية ونحن لم نستطيع منعها من فعل ذلك .
فقطب آرتورو حاجبيه وقال بتساؤل : ما الذي تقصده ؟
فيليب : لقد طلبت ان تجلس في الحديقة لهذا اخذناها انا وداني الى هناك وصادف انها جلست على ذات المقعد الخشبي الذي كان يجلس عليه روبيرتو ميغيل وبهذا الشكل تعرفا على بعضهما .
فمسح آرتورو وجهه بحركة تنم عن العصبية وقال : اياك وان يتكرر ما حدث وان حاول ذلك المزعج بأن يقترب منها مرة اخرى انا اعطيك كامل الصلاحية في اطلاق النار عليه هل تفهم هذا ؟
فأومى فيليب برأسه وقال : سمعاً وطاعة يا سنيور .
آرتورو : هيا اغرب عن وجهي الأن .
قال ذلك ثم شق طريقه بأتجاه المصاعد حيث انه قرر العودة الى المنزل لأنه لا يرغب بأن يتشاجر مع اخته التي اعلنت تمردها عليه , وفي الوقت ذاته كان روبيرتو يبدو منزعجاً وهو يقود سيارته عائداً الى المزرعة لأن والده قام بطرده مجدداً ما ان لمحه يدخل من باب الغرفة وما اثار غضبه حقاً هو نظرة الأنتصار التي علت وجه زوجة ابيه صوفيا التي اظهرت شماتتها به بكل وضوح ودون اي تردد لذا قرر ان ينسحب بهدوء حتى لا تسوء حالة والده الصحية اذا ما تعامل بطريقته الخاصة مع المرأة الخبيثة التي يكرهها .
عودة الى مزرعة اليخاندرو ......
كان هو جالساً في غرفة المكتب مغمض العينين بعد ان استحم وبدل ملابسه بأخرى نظيفة وكان يفكر بأمور عدة اهمها الوعد الذي قطعه لتلك المرأة المسكينة التي تنتظر عودة ابنتها بفارغ الصبر فتنهد بضيق لأن الفتاة ماتت ولا يملك اي عزاء يقدمه لأمها الوحيدة كما ان نفور ازميرالدا منه بسبب ما حدث جعله يغضب اكثر لذا شعر برغبة طاغية تحثه على الذهاب الى المشفى وقتل ماركو أرغون حقاً هذه المرة اذ ان الأخير كان في العناية المشددة بسبب الكسور والجروح التي سببها له اليخاندرو لذا حاول ان يشغل تفكيره بأمر اخر فنهض ثم فتح احدى الخزائن واخرج منها زجاجة خمر وكأس وبدأ يشرب وهو شارد الذهن ، وفي الوقت ذاته كانت ازميرالدا قد غطت في نوم عميق بعد ان بكت كثيراً على كتف توماس الذي كان يحاول ان يواسيها فقام بتغطيتها جيداً ثم خرج من غرفتها وتنهد بضيق شديد للحال التي رأها بها وسرعان ما نزل الى الطابق السفلي حيث كانت ريتا قد وضعت اطباق الطعام على المائدة بمساعدة الخادمة ريجينا ولكن نظراً الى الظروف لم يرغب اي شخص بتناول الطعام ولا حتى هي فتنهدت عندما رأت توم وقالت : هل نامت ؟
فتهاوى توم على الأريكة بجانبها وقال بنبرة مرهقة : لقد كانت منهارة بكل ما تعنيه الكلمة فهي لم يسبق لها وان رأت مشهداً عنيفاً من قبل لهذا وجدت صعوبة بالغة في تهدئتها .
فوضعت ريتا رأسها على كتفه وقالت : انا حزينة لأجلها ولكنني اشعر بالتعاطف مع السنيور فهو يحبها ولكنها تكرهه الأن وهذا مثير للشفقة .
توم : ما فعله اليخاندرو سينطبع بذاكرة ازميرالدا لمدة طويلة وانا واثق بأنها لن تنسى ذلك المشهد ابداً .
ريتا : لهذا يجب ان تعرف الحقيقة لأن السنيور ليس قاتلاً وقد فعل ما فعله لكي يحصل على العدالة لأن ذلك الشاب الحقير قد اغتصب فتاة بعمر الزهور وسلب حياتها الأمر الذي سيجعل امها تحزن وتصبح وحيدة كلياً .
فأمسك توم يدها وقال : ان هذا العالم قاسي حقاً فما ذنب تلك الفتاة كي تموت بتلك الطريقة البشعة ؟
ريتا : من حسن الحظ ان السنيور موجود لكي يأخذ بثأر الضعفاء امثال تلك المرأة وابنتها الذين يتخلى عنهم القانون .
توم : معكِ حق , في بداية الأمر كنت اعتقد ان اليخاندرو ورجاله مجرد رجال مافيا بلا اي ضمير ولكن موقفه تجاه تلك المرأة وقرار مساعدته لها اثبت لي انه شخص طيب ويحاول اسعاد الجميع لهذا انا اتعاطف معه الأن فهو لم يستطيع ان يفي بوعده لتلك المرأة ولم يعيد لها ابنتها المخطوفة لأن الفتاة ماتت .
ريتا : لا يحصل المرء عما يريده دائماً كما ان الحياة غير منصفة في كثير من الأحيان .
في تلك اللحظة دخل روبيرتو الى المنزل وكان يبدو منزعجاً فتجاهل كل من توماس وريتا وشق طريقه بأتجاه الدرج ليصعد الى غرفته مما جعل ريتا تتنهد وقالت : يبدو ان روبيرتو منزعج ايضاً وانا واثقة ان والده لم يكن لطيفاً معه .
فقال توم بتساؤل : هل هما على خلاف ؟
فتنهدت وقالت : انها قصة طويلة هل ترغب بسماعها ؟
توم : لا مانع عندي .
ريتا : حسناً ، استمع اذاً . وبدأت ريتا تحدثه عن القصة...
.
.
ضب الليل ستاره الأسود واختفى خلف شعاع الدجى واطلت الشمس من قصرها العالي وحررت خيوطها الذهبية لتنشر الضوء في سماء إسبانيا فأستيقظت ازميرالدا مبكراً ونهضت عن سريرها الوثير وقد قررت أن تتحلى بالشجاعة وتواجه الواقع المرير فدلفت الى حمام غرفتها واستحمت وارتدت ملابسها وبعدها فتحت خزانتها وبدأت تجمع ثيابها وتضعها في الحقيبة الكبيرة حيث قررت ان تعود الى لوس أنجلوس متخلية بذلك عن قرار الدراسة والالتحاق بالجامعة ، اما بالنسبة لأبن عمها اليخاندرو فلم يذق طعم النوم طوال الليلة الماضية حيث كان ما يزال جالساً في غرفة المكتب الخاصة به وامامه زجاحة الخمر الفارغة والكأس الزجاجية التي كان يحتسي بها ذلك المشروب القوي ذو اللون الذهبي الشفاف ومن قسمات وجهه يمكن القول انه مرهق لأبعد الحدود .
وعندما نزلت ازميرالدا من غرفتها وهي تحمل حقيبة ملابسها الثقيلة صادف ان خرج هو من غرفة مكتبه فوقع نظره عليها وسرعان ما قطب حاجبيه بحركة تنم عن العصبية واقترب منها قائلاً بنبرة حادة : الى اين تظنين نفسكِ ذاهبة ؟
فلم ترد عليه بل تجاهلت وجوده كلياً وتابعت طريقها بأتجاه باب الخروج مما جعله يغضب فأسرع وانقض على ذراعها بحركة اجفلتها وهزها بعنف قائلاً : لقد سألتكِ سؤالاً لذا من الافضل لكِ ان تجيبي عليه ازميرالدا .
فأنتزعت ازميرالدا ذراعها من قبضته بحركة تنم عن النفور وابتعدت للخلف قائله بسخط : اياك وان تلمسني مُجدداً وليكن في علمك انني سأعود الى وطني حيث انتمي لانني افضل الموت على ان اعيش مع مجرم مثلك تحت سقف واحد .
فضغط اليخاندرو على قبضته بقوة لدرجة ان مفاصله اصبحت بيضاء وقال من بين اسنانه : تجنبي اثارة غضبي يا فتاة وعودي الى غرفتكِ بسرعة قبل ان افقد السيطرة على اعصابي واقدم على فعل امر لن تحبيه ابداً .
فأبتسمت بسخرية وقالت بحنق : لا عجب في ذلك فانت وحش معتاداً على أذية البشر ولن تتهاون معي ان لم استمع الى كلامك ولكنني لا اخافك وسوف الجأ إلى القانون ان اضطررتُ فقط لكي اتخلص منك .
في تلك اللحظة امسك اليخاندرو المصباح الزجاجي الذي كان موضوعاً على المنضدة القريبة منه وبحركة جنونية تعبر عن مدى غضبه وسخطه الشديد رماه فأرتطم بالأرض ليغدو بعد ذلك حطاماً مما جعل الفتاة ترتعد خوفاً وقبل ان تتمكن من قول اي شيء كانت يده تمسك ذراعها بقسوة وقال بنبرة تهديد واضحة : لا تختبري صبري يا ابنة عمي لأنني قليل الصبر وقد طفح كيلي ولن اتحمل اكثر لذا ان اردت تجنب حدوث كارثة في هذا المنزل ما عليك سوى ان تتخلي عن عنادكِ وتتراجعي عن فكرة العودة الى تلك البلاد الغريبة لانكِ تنتمين الى هذه الارض وهنا وطنكِ الحقيقي سواء قبلتي بذلك ام لا .
فارتعدت ازميرالدا قليلاً لانه كان غاضباً وجاد في كل كلمة قالها ولكن بالرغم من خوفها وتوترها لم تسمح للجبن بأن يحبط عزيمتها لذا استجمعت شجاعتها مجدداً ودفعته بعيدا عنها ثم قالت بحنق : انت لا تستطيع ان تجبرني على البقاء هنا او على فعل شيءٌ لا ارغب به وكما اخبرتك سوف الجأ إلى القانون ان اضطررتُ لفعل ذلك وانا اكيدة بأن....
فقاطعها عندما امسك كتفيها بعنف وهزها قائلاً بصراخ : انا القانون في هذه البلد وكلمتي لا تعلو عليها كلمة وأن طلبت منكِ فعل أمر معين يجب ان تفعليه دون مناقشة لذا اغلقي فمكِ اللعين واصعدي الى غرفتكِ بسرعة وافرغي هذه الحقيبة اللعينة ان اردتي تجنب غضبي والا سأهدم هذا المنزل فوق رأسكِ ان تجاهلتي كلامي .
في تلك اللحظة نزل كل من روبيرتو وتوماس وخرجت ريتا من غرفتها بعد أن سمعوا صوت ضجة عالية وقد تملكهم التوتر عندما شاهدوا الموقف وخصوصاً لأن اليخاندرو كان يبدو غاضباً بشدة لدرجة انه لم يكترث لانه كان يضغط على كتفيّ ازميرالدا بعنف كما انه لم يكترث لانه اخافها مما جعلها تذرف الدموع لذا قرر روبيرتو ان يتدخل قبل ان يسوء الجو اكثر فاقترب منهما وابعد ازميرالدا عن متناول يد صديقه قائلاً بنبرة جادة : اهدأ اليخاندرو ، ليس بهذه الطريقة فأنت قد أرعبت الفتاة !
اما هي فركضت لكي تختبئ بين ثنايا صدر توماس الذي استقبلها بأذرع مفتوحة مما اشعل لهيب الغيرة في قلب اليخاندرو الذي صرخ قائلاً بدون وعي : لا تلمسها توم !
فتوتر توم ولم يعرف ما الذي يجب ان يفعله بينما تابع اليخاندرو قائلاً بنبرة أمر : ريتا خذي ازميرالدا الى غرفتها فهي لن تخرج من المنزل لهذا اليوم والويل لكم جميعاً ان علمت بأنها خرجت دون اذن مني .
فقالت ازميرالدا بصراخ وهي تبكي : سأهرب رغماً عن انفك ايها الكريه وسترى كيف سأعود الى وطني سواء ان قبلت بذلك ام لا .
فأشهر اصبعه في وجهها قائلاً بنبرة تهديد : جربي ان تضعي قدماً واحدة خارج الفيلا دون اذن مني وستجديني قد قطعت قدميكِ الأثنتين وانا لا امزح صدقيني .
فقال روبيرتو بعصبية : حسنا هذا يكفي ، ريتا خذي ازميرالدا الى غرفتها وابقي برفقتها حتى تهدأ .
فأمسكت ريتا ذراع الفتاة وقالت بتوتر : حسنا يا سنيور ، هيا تعالي معي يا سنيورا قبل ان تتضخم المشكلة اكثر من هذا .
قالت ذلك وسحبتها رغماً عنها دون ان تبدي اعتراضها اي اهتمام بينما كان توماس واقفاً مذهولاً لا يعرف ما الذي يجب عليه فعله بمثل هذه الحالة ، اما اليخاندرو فدفع روبيرتو جانباً ومر من جانبه كالعاصفة الهوجاء ثم شق طريقه الى الحديقة لعل نسيم الصباح يساعده على تهدئة أعصابه التي خرجت عن السيطرة فلحق به روبيرتو وقال دون مقدمات : ما الذي حدث اليخاندرو ؟
فألتفت اليخاندرو اليه بحركة واحدة وقال بعصبية : دعني وشأني الأن روبيرتو فأنا لا أريد التحدث مع اي شخص.
فتنهد روبيرتو ووضع يده على كتف صديقه واردف قائلاً : حسناً كما تريد ، سأدعك ليهدأ روعك قليلاً وسنتحدّث لاحقًا .
قال ذلك ثم عاد إلى الداخل بينما اعاد اليخاندرو شعره الفاحم الى الوراء بحركة من يده تنم عن العصبية والغضب وتفوه بلعنة ثم ابتعد بخطوات متسارعة حيث قرر أن يتمشى لعل المشي يساعده في تصفية ذهنه المشوش ، اما توم فسأل روبيرتو قائلاً : ما الذي حدث روبيرتو ، هل استطعت أن تتحدث معه ؟
فتنهد روبيرتو وتهاوى على اقرب مقعد قائلاً بنبرة هادئة : لا لم استطيع التحدث معه فهو يبدو في ذروة غضبه الأن وقد طلب مني ان ادعه وشأنه في الوقت الراهن.
فجلس توم ايضاً وقال : ما العمل الأن ، انا واثق أن ازميرالدا اتخذت قرارها النهائي بشأن العودة إلى لوس أنجلوس وهي عنيدة جداً وان قررت فعل أي شيء ستفعله بكل تأكيد ولن تكترث البتّة بأيّ أحد .
روبيرتو : اذاً يجب عليك أن تحاول اقناعها بالعدول عن رأيها حول موضوع العودة إلى تلك البلد لانه ليس في صالحها ان تعاند اليخاندرو وخصوصاً لأنه في أوج غضبه الأن ومن المتوقع ان يقدم على فعل أي شيء بما في ذلك صب جام غضبه علينا جميعاً.
توماس : سأتحدث معها ما ان يهدأ روعها قليلاً ولكن ما لا استطيع فهمه هو تصرف اليخاندرو العدائي تجاهي عندما طلب مني عدم لمس ازميرالدا عندما عانقتني.
فرسم روبيرتو ابتسامة كسولة على ثغره وقال : حتى وان كنت اخيها في التبني هذا لا يغير حقيقة كونك رجل و اليخاندرو يصبح متملك لدرجة مرهقة جداً عندما يحاول احدهم لمس شيء يخصه فما بالك بالفتاة التي وقع في حبها ؟
فقال توم بدهشة : هل تقصد أنه شعر بالغيرة مني !
فاتسعت ابتسامة روبيرتو لتكشف عن اسنان ناصعة البياض وقال : هذا ما اقصده تماماً ، لذا حاول بأن تضع مسافة آمنة بينك وبين ازميرالدا عندما يكون هو موجوداً بقربكما لانه غيور جداً .
توم : ولكن ازميرالدا اختي حتى وان لم تربط بيني وبينها صلة دم نحن أخوة وانا اعتبرها كل عائلتي بعدما توفي السنيور ليام والذي كان بمثابة الأب بالنسبة لي.
روبيرتو : انا اعرف هذا ولكن ان اردت نصيحتي لا تقترب من ازميرالدا او تحاول لمسها على الأقل امام اليخاندرو وبهذا الشكل سنكون قد تجنبنا اثارة غيرته التي تشكل خطراً حقيقياً اذا ما تحولت إلى غضب عارم.
فتنهد توم بقلة حيلة وقال : حسناً ، سأحاول أن اتصرف على هذا الأساس على الأقل عندما يكون هو موجوداً بالقرب منا .
فنهض روبيرتو ونظر إلى الساعة المعلقة على الجدار ثم تنهد وقال : ان الوقت ما زال مبكراً لذا سأعود إلى غرفتي وانت ان لم يكن لديك أي شيء يمكنك أن تعود للنوم.
فهز توم رأسه نافياً وقال : لن استطيع فعل ذلك بعدما استيقظت كلياً كما انني ارغب بممارسة الرياضة قليلاً لعل النشاط البدني يساعدني على تصفية ذهني.
روبيرتو : حسناً ، اراك بعد ساعة او ساعتين.
قال ذلك ثم شق طريقه نحو الدرج العلوي ليصعد الى غرفته بينما اخذ توم يحرك رقبته يميناً ويساراً ليستعيد ليونته وسرعان ما خرج إلى الحديقة ، اما ريتا فكانت تحاول جاهدة أن تجعل ازميرالدا تهدأ قليلاً حيث كانت هذه الاخيرة تبكي بشدة وتحاول الخروج من غرفتها ولكن دون جدوى لأن ريتا اقفلت الباب بالمفتاح واخذت تتحدث معها بليونة وعطف واستطاعت ان تعطيها حبوباً منومة لعلها تساعدها في ضبط اعصابها المتوترة وما هي الا عشر دقائق حتى سقطت في النوم والدموع تنهمر من بين اهدابها الكثيفة فقامت بتغطيتها جيداً ثم خرجت من الغرفة وتنهدت قائله : يا إلهي ما هذا الصباح المشحون بالمشاكل ، من الافضل ان اذهب لأستحم بسرعة وبعدها اباشر في اعداد الفطور للجميع.
- وبعد مضي ساعتين تقريباً عاد اليخاندرو الى الفيلا بعدما قام بجولة في انحاء مزرعته وكان يبدو عليه التعب والإرهاق لانه لم ينم منذ الليلة الماضية كما أن ما حدث في الصباح الباكر جعله ينزعج كثيراً لهذا قرر القيام بجولة على صهوة جواده وبالتالي استطاع أن يتمالك نفسه و يستعيد السيطرة على أعصابه ومع ذلك بقي وجهه مشدوداً والعبوس واضح وضوح الشمس عليه وتجاهل دعوة ريتا لتناول وجبة الإفطار ثم صعد إلى الطابق العلوي حيث تتواجد غرفة نومه الملاصقة لغرفة نوم ابنة عمه ففتح باب غرفتها بحذر شديد ثم دلف الى الداخل وعندما رأها تغط في نوم عميق تنفس الصعداء واقترب من سريرها ثم وقف يتأملها بتمعن وسرعان ما انحنى بجسده وطبع قبلة ناعمة على جبينها وقال بصوت هامس : لن تذهبي إلى اي مكان و ستبقين معي هنا وسأجعلكِ تقعين في حبي كما وقعت في حبكِ عنوة ، انا اعدكِ بهذا يا حبيبتي .
قال ذلك ثم دثرها بالغطاء جيداً وبعدها خرج من غرفتها وتوجه إلى غرفته فدخل فوراً الى الحمام وبعد أن استحم وارتدى حلة سوداء رسمية خرج من غرفته وشق طريقه إلى الطابق السفلي حيث كان كل من توماس وروبيرتو وريتا مجتمعين حول مائدة الإفطار بينما كانت الخادمة ريجينا تسكب لهم الشاي في الأكواب الفخارية المصنوعة يدوياً فقال دون أي مقدمات : هيا بنا روبيرتو .
فنهض روبيرتو وقال : الى اين سنذهب ؟
فنظر اليخاندرو إليه وعلى وجهه تعبير غامض يشوبه بعض الحزن الممزوج بالعصبية وقال : لدينا مهمة يجب أن نقوم بها قبل كل شيء.
فقالت ريتا بشيء من التوتر : وماذا عن الفطور ، انت لم تتناول أي شيء منذ الأمس وهذا لا يجوز.
فتنهد اليخاندرو وقال : لا تقلقي بشأني ريتا بل ركزي على الاهتمام بأزميرالدا فهي من يحتاج إلى الرعاية وليس انا.
قال ذلك ثم نظر إلى توماس واضاف قائلاً : وانت يا توم اعتني بها جيداً ريث ما اعود وانا اعتذر عما بدر مني في الصباح.
فهز توم رأسه وقال : لا عليك فانا لستُ مستاءً ابداً ولا تقلق بشأن ازميرالدا فانا سأعتني بها جيداً .
اليخاندرو : حسناً هذا جيد ، هيا بنا روبيرتو.
قال ذلك ثم شق طريقه نحو باب الخروج فلحق به روبيرتو وسرعان ما وقف امامهما الرجال الثلاثة " خوان وفرانك وجيمي " وقال الأول : نحن جاهزون يا سنيور.
فنظر روبيرتو الى اليخاندرو وسأله قائلاً : الى اين سنذهب ؟
فنظر إليه وقال بصوت أجش : سنذهب إلى العزاء... يتبع غداً
#حب_على_شفير_النار الجزء 16
- مر اسبوعان ولم تتحدث ازميرالدا مع اليخاندرو خلالهما ابداً حتى بعدما علمت بالحقيقة من توماس وروبيرتو الذي اخبرها بالسبب الحقيقي الذي جعل ابن عمها يطلق النار على ماركو أرغون وبالرغم من ادراكها انها اخطأت في حقه وظلمته الا انها فضلت عدم الأحتكاك به كما انها بدأت دراستها الجامعية وبهذه الطريقة اصبحت مشغولة بعض الشيء , اما اليخاندرو فكان على علم بكل تحركاتها حتى وان لم تكن تتحدث معه فهو قد اشترى لها السيارة التي تريدها وقد سمح لها بالخروج برفقة توم وريتا الى المدينة في كثير من الأحيان كما انه طلب من روبيرتو ان يأخذها في جولة الى الينبوع الطبيعي الذي في المزرعة حيث انها كانت ترغب بالذهاب الى هناك وقد ساعدتها النزهة على الأسترخاء وشيئاً فشيئاً بدأت تنسى احداث تلك الليلة المشؤومة التي ابعدتها عن ابن عمها والتي كانت السبب في عذابه وخصوصاً بعد الأسى والحزن الذي رأهما في عيون المرأة عندما ذهب هو ورجاله للمشاركة بعزاء ابنتها التي ماتت دون ذنب .
اما آيفا فكانت تمتثل للشفاء يوماً بعد يوم ولم تعر اعتراض اخيها آرتورو على مقابلة روبيرتو او اليخاندرو اي اهتمام كما انها رجوت حارسها الشخصي فيليب ان يكتم عن اخيها زيارات روبيرتو لها واخبرته انها تريد انهاء الخلاف الذي بين الأصدقاء القدامى لهذا وافق على طلبها مرغماً فهو ايضاً لا يستطيع الوقوف في وجه رجال المافيا وخصوصاً زعيمهم اليخاندرو وذراعه الأيمن روبيرتو ميغيل , اما روبيرتو فكان يزورها كل يوم تقريباً حيث شعر بأن هناك انجذاب بينهما ومع ان زيارته كانت بريئة ومن دافع الواجب الا ان آيفا شعرت بأنه كان يزورها ليتقرب منها وقد اعجبها ان يكون لديها معجباً مثله لذا لم تعترض على الأمر ابداً .
ومع بداية اول يوم من الأسبوع الثالث استيقظت ازميرالدا مبكراً كعادتها لكي تذهب الى الجامعة وبعد ان استحمت وفعلت روتينها اليومي وارتدت ملابسها المكونة من بنطال جينز يواكب الموضة وتيشرت ذات حمالات عريضه باللون الاخضر الغامق نزلت الى الطابق السفلي حيث كان توم ينتظرها عادةٍ ولكن هذه المرة لم تجد توم امامها بل رأت اليخاندرو جالساً ويبدو شارد الذهن وعلى وجهه تعبير ينم عن الحزن فوقفت تنظر اليه لوهلة قصيرة وقد انتابها الفضول لمعرفة ما الذي يشغل باله ولأنها لم تتحدث معه منذ مدة طويلة لم تجرؤ على سؤاله اي شيء لذا اردات ان تتسلل من المنزل قبل ان يشعر بها , اما هو فكان مدركاً تماماً بأنها موجودة لذا قرر ان يضع حداً لهذا الخلاف الذي بينهما فنظر اليها وقال بصوت رزين : انتظري ازميرالدا فانا اريد ان اتحدث معكِ .
وفي تلك اللحظة تسمرت ازميرالدا في مكانها والتفتت اليه وعلى وجهها تعبير ينم عن الدهشة والتساؤل فهو لم يتحدث معها منذ فترة وها هو الأن يطلب منها ان تنتظر لأنه يريد ان يتحدث معها فأبتلعت ريقها ولم تقل شيئاً بينما نهض هو واقترب منها ثم وقف امامها كالجدار البشري الامر الذي جعلها تتوتر وقال بشيء من العاطفة : هل ستذهبين الى الجامعة ؟
فنظرت اليه ورمشت عدة مرات قبل ان تقول بتلعثم : اجل .
اليخاندرو : اين هو توماس اذاً ؟
فأخذت تنظر حولها قائله : اعتقد انه في مكان ما هنا او ربما ينتظرني في الخارج لذا يستحسن ان اذهب قبل ان نتأخر .
قالت ذلك ثم ارادت ان تغادر اذ ان قلبها انذرها ان ابن عمها ليس على ما يرام هذا الصباح والا لما كسر حاجز الصمت الذي بينهما بعد ان دام لمدة اسبوعيين وفضلت عدم ازعاجه ولكنه امسك ذراعها بحركة جعلتها تشهق فنظرت اليه بعيون مفتوحة بينما قال هو بنبرة هادئة نسبياً : لقد اخبرتكِ بأنني اريد ان اتحدث معكِ لذا لا يمكنكِ المغادرة الأن .
فأبتلعت ازيمرالدا ريقها وقالت بتلعثم : ولكنني لا اريد ان اتحدث معك وانت تعلم السبب .
فتنهد اليخاندرو وقال : حسناً دعينا من كل هذا الأن واستمعي الي جيداً , بما اننا نعيش في منزل واحد وتحت سقفاً واحد لا يجب ان نبقى متخاصمان لفترة اطول فأنتِ عرفتي الحقيقة كاملة وانا متأكد بأن فكرتكِ التي اخذتها عني قد تغيرت عندما علمتي السبب الذي دفعني للتعامل مع الحقير ماركو أرغون بتلك الطريقة الوحشية لذا اريد ان ننسى كل ما حدث فهذا افضل من اذية بعضنا البعض بأستمرار .
فنظرت اليه ولم تعرف ما الذي يجب ان تقوله فهي ادركت انها ظلمته عندما اتهمته بالتوحش ونعتته بالقاتل لأن سببه كان وجيهاً بالأضافة الى ان ماركو لم يمت ومع ذلك ما زالت منزعجة منه لأنه عاملها بقسوة ولكن شيئاً ما في داخلها اخبرها بأن تكف عن عنادها وتعطيه فرصة فتنهدت وقالت بنبرة هادئة : حسناً , اذا كان هذا ما تريده فلا بأس اذاً ولكن عدني بأن ما حدث لن يتكرر على الأقل امامي فانا اكره العنف وانت اصبحت تعرف انني ضعيفة ولا احتمل رؤية المشاهد العنيفة .
فرسم اليخاندرو شبح ابتسامة على ثغره ورفع يده اليمنى ثم لمس خدها وقال بنبرة حنونه : لكِ هذا , اعدكِ انك لن تري اي مشهد عنيف بعد الأن .
اما هي فلا تعلم ما الذي اصابها جراء لمسة يده التي حطت على خدها وبالرغم من الكره والنفور الذي كانت تشعر به تجاهه ذات يوم الا انها شعرت الأن بأنها تنتمي اليه وأن هنا موطنها الأصلي بالقرب منه وقد اخافتها هذه المشاعر التي اكتسحت قلبها لذا ابتعدت للوراء هرباً من لمسة يده وقالت بأرتباك : حسناً هذا جيد اذاً , سأذهب الأن .
قالت ذلك ثم ارادت ان تغادر ولكنه عاد وامسك ذراعها بتملك هذه المرة ومنعها من المغادرة فنظرت اليه ولا تعلم لما بدأ قلبها يخق بسرعة بينما اقترب هو منها اكثر لدرجة انهما اصبحا شبه ملتصقين ببعضهما البعض الأمر الذي جعلها تتوتر اكثر وخصوصاً عندما امسك ذقنها واجبرها على رفع رأسها لتنظر اليه ثم اردف قائلاً بهمس : تذكري جيداً انه غير مسموح لكِ الأقتراب من اي شاب او رجل آخر اثناء تواجدكِ في الجامعة كما انه غير مسموح لكِ ان تخرجي بمفردكِ لأنني اخاف عليكِ كثيراً واخشى ان تصابي بأذى لذا انتظري هنا حتى يأتي توم وتذهبي برفقته اتفقنا .
فهزت رأسها بالموافقة ولم تعلق مما جعله يبتسم ثم قبل وجنتها بلطف وتعمد ان تكون قبلته قريبة من فمها الأمر الذي اشعل النار داخل قلبها وخصوصاً عندما وضع يديه على كتفيها واردف قائلاً بنبرة ملؤها الحنان : هيا اجلسي .
قال ذلك ثم تركها بمفردها وهم بالخروج الى الحديقة بينما جلست هي ووضعت يدها على صدرها ثم قالت في نفسها : ما الذي يحدث لي , لما اشعر بالحر الشديد وان قلبي يكاد يخرج من بين ضلوعي !
في تلك اللحظة اكتشفت اكتشاف خطير افزعها الا وهو انها منجذبة لأبن عمها الذي ارعبها في مناسبات كثيرة وان صح القول اكتشفت انها بدأت تقع في حبه بل انها واقعة في حبه منذ البداية بغض النظر عن كل ما حدث لذا قطبت حاجبيها وقالت بذعر : لا هذا ليس جيداً , يبدو انني فقدت عقلي تماماً فأنا وهو لا يمكن ان تجمعنا مثل هذه العلاقة ابداً .
- وبينما كانت تبدو مذعوره جاء توماس وقال : هل انتِ مستعدة للذهاب الى الجامعة يا عزيزتي ؟
ولكنها لم ترد عليه اذ انها كانت شاردة الذهن الأمر الذي جعله يقطب حاجبيه وجلس بجوارها قائلاً : ما بكِ ازميرالدا ؟
فانتفضت من مكانها عندما سمعت صوته وكأنه اعادها الى ارض الواقع وقالت : اوه توم , متى اتيت ؟
توم : منذ قليل , اخبريني لما تبدين شاحبة هكذا وما الذي كان يشغل تفكيركِ ؟
فأبتلعت ريقها وقد قررت ان تخفي الحقيقة عن توم حتى تتأكد من مشاعرها الجديدة تجاه اليخاندرو لذا قالت بأرتباك : لا شيء مهم , انا فقط تصالحت مع ذلك الرجل منذ قليل وقررنا نسيان كل ما حدث لهذا اجد الامر غريباً بعض الشيء وخصوصاً لأننا نتشاجر دائماً .
فأدرك توماس انها تتحدث عن اليخاندرو لذا ابتسم وقال : هذا جيد يا عزيزتي وانا واثق ان الأيام القادمة ستكون اجمل .
فتنهدت وقالت : ارجو ذلك , هيا دعنا نذهب .
قالت ذلك ثم وقفت ووقف هو ايضاً وبعدها خرجا من المنزل اما اليخاندرو فكان واقفاً في الحديقة مع احد رجاله وكان هذا الأخير يحمل ملفاً يتعلق بأمور العمل وأراد توقيعه فوقع له وبعدها التفت حيث رأى ابنة عمه قد توجهت برفقة توم الي حيث كانت سيارتها الخاصة فصعدت خلف المقود وصعد توماس الى جانبها وسرعان ما شغلت المحرك وفتح لها الحارس البوابة فخرجت من حدود المزرعة فتنهد واراد ان يذهب لكي يبدل ملابسه فلمح روبيرتو يتحدث عبر الهاتف وكان يبدو انه يتشاجر مع احدهم الامر الذي جعله يقطب حاجبيه وتوجه نحوه ثم قال : ما الأمر روبيرتو ؟
فألتفت روبيرتو اليه واشار له بأن ينتظر قليلاً ثم تابع قائلاً : لا تعتقد انك تستطيع اخافتي بمثل هذا التهديد السخيف آرتورو ولعلمك فقط انا لا امتلك اي نية في أذية اختك لذا ...
وقبل ان يتمكن من اكمال جملته اخذ اليخاندرو الهاتف من يده فجأة ووضعه على اذنه ثم اردف قائلاً : آرتورو هذا انا , اليخاندرو اخبرني ما الأمر ؟
في تلك اللحظة قال آرتورو على الطرف الأخر بنبرة ساخرة : واخيراً تمكنت من التحدث مع الزعيم , اسمعني جيداً اليخاندرو أختي آيفا لا دخل لها بالخلاف الذي بيننا لذا ابقى انت ورجالك بعيدين عنها والا لن تعجبكم ردة فعلي ابداً .
فنظر اليخاندرو الى روبيرتو وقال : عما تتحدث ؟
فقال آرتورو بنبرة جادة : هل تعتقد انني غبي ولا اعلم ما الذي تحاولون ان تفعلوه بتقربكم منها , انها اختي الوحيدة وكل عائلتي ولن اسمح لكم بأستغلالها ابداً لذا اخبر روبيرتو بأنني سأقتله ان رأيته قريباً منها مجدداً .
قال ذلك ثم اغلق الهاتف فتنهد أليخاندرو ونظر الى روبيرتو قائلاً : ما الامر يا صاح , عما يتحدث هذا الساذج ؟
فتنهد روبيرتو وقال : لقد اخبرتك سابقاً بأنني تعرفت على آيفا ومنذ ذلك اليوم اصبحنا صديقين ولكنه يعترض على هذه الصداقة اذ انه يعتقد بأنني احاول استغلالها لهدف شرير ولكنني لا اسعى لفعل اي شيء يؤذيها صدقني .
فربت اليخاندرو على كتفه وقال : لا تدع الأمر يقض مضجعك فهو لا يستطيع ان يفعل لك شيئاً وانت تعلم هذا .
روبيرتو : انا لست خائفاً منه اليخاندرو فهو كما قلت لا يستطيع ان يفعل لي اي شيء ولكنني تحدثت مع آيفا منذ قليل واخبرتني بأنه علم بأننا نتقابل ولا يريد منها ان تستمر بهذه الصداقة وعندما اعترضت على قراره اجبرها على المكوث في المنزل واخذ منها مفتاح سيارتها وبطاقتها الأتمانية وسجنها في الغرفة حتى لا تستطيع الخروج كما انه طلب من احد رجاله مراقبتها على مدار الساعة وانا لا استطيع ان اتقبل هذا الأمر فهي خسرت حريتها بسببي .
فأمعن اليخاندرو النظر بصديقه جيداً وسرعان ما ابتسم وقال بهدوء : هل وقعت في حبها روبيرتو ؟
فنظر روبيرتو اليه وقال بأرتباك : الأمر ليس هكذا انا فقط ...
فقاطعه اليخاندرو بقوله : لا تكذب فانا اعرفك اكثر مما تعرف نفسك لذا يمكنك ان تكون على طبيعتك امامي .
فتنهد روبيرتو وقال بأستسلام : اجل , انا احبها واعتقد انها تبادلني الشعور ذاته ولكن ذلك الغبي آرتورو لن يسمح لمثل هذه العلاقة ان تحدث بيننا .
فكتف اليخاندرو ذراعيه وقال بكل ثقة : سوف اسألك سؤالاً واحداً الأن واريد منك ان تجيب عليه بكل صراحة وان فعلت ستكون آيفا الى جانبك فما رأيك ؟
فقطب روبيرتو حاجبيه وقال : ما هو سؤالك ؟
اليخاندرو : هل انت تحبها لدرجة انك ترغب بالزواج منها والعيش معها لما تبقى لك من عمر ؟
فقال روبيرتو دون ان يفكر : اجل .
اليخاندرو : فكر جيداً روبيرتو .
روبيرتو : انت تعرفني جيداً اليخاندرو وعندما اقول لك بأنني احبها فهذا يعني انني احبها حقاً .
فأبتسم اليخاندرو وقال : اذاً ستكون آيفا عروسك ولا تقلق بشأن آرتورو فهو بالرغم من كونه يثرثر كثيراً الى ان قلبه اكبر مما تتصور ولا يستطيع ان يرى اخته حزينة وسوف يوافق على علاقتكما ولكن يجب عليك ان تصارحها بحقيقة مشاعرك اولاً وبعدها انا سأتصرف .
فأبتسم روبيرتو وقال : هل تعلم , انت اروع انسان على وجه الأرض .
فضحك اليخاندرو وقال : وفر هذا الكلام الى حين تصبح السنيورا آيفا خوسيه زوجتك .
فقال روبيرتو بجدية : وماذا عن السنيورا ازميرالدا ديلافيغا , متى ستصبح زوجتك ؟
فتنهد اليخاندرو وقال : انها ما تزال صغيرة ولا ....
فقاطعه روبيرتو بقوله : انها في سن الواحد والعشرين اليخاندرو اي انها لم تعد قاصراً وهذا يجعلها بالغة بما فيه الكفاية وصالحة لأن تصبح زوجة لذا اخبرني لما لا تعترف لها بأنك تحبها ؟
فقال اليخاندرو بشيء من التذمر : انها تنفر مني وتكرهني لذا اخبرني كيف سأعترف لها بأنني احبها في حين انها لا تطيق النظر في وجهي ؟
روبيرتو : انت مخطئ فهي لا تكرهك , ربما تخشاك قليلاً وخصوصاً بعد حادثة ماركو أرغون ولكن هذا لا يعني انها تكرهك فأنت لم ترى كيف كانت تعابير وجهها تنم عن الندم الشديد عندما اخبرتها السبب الذي جعلك تطلق النار على ذلك الحقير ماركو كما انها اعترفت بخطأها وانها ظلمتك .
فتنهد اليخاندرو وقال : دعنا من هذا الأمر الأن واذهب لتفقد الأعمال في المدينة فنحن قد تهاونا كثيراً في الأونة الأخيرة لدرجة ان الصعاليك امثال ماركو أرغون وغيرة قد كشفوا عن انيابهم وتجرأوا على التعدي على الضعفاء .
فتنهد روبيرتو وقال : حسناً , اراك في ما بعد .
قال ذلك ثم هم بالمغادرة فتنهد اليخاندرو بدوره وعاد الى الفيلا حيث كانت ريتا تقرأ احدى المجلات فقالت له : هل تريد بعض الشاي يا سنيور ؟
اليخاندرو : لا شكراً لك , فانا لن امكث طويلاً اذ ان لدي عمل في المدينة .
قال ذلك ثم شق طريقه نحو الطابق العلوي فهزت ريتا رأسها وتابعت قراءة المجلة , اما في مزرعة آرتورو التي كانت تبعد عن مزرعة اليخاندرو لمسافة طويلة نسبياً فكانت آيفا تحاول جاهدة ان تخرج من غرفتها في الفيلا وبالرغم من كونها قد نزعت الجبس عن قدمها الا انها كانت تشعر ببعض الألم ومع ذلك لم تأبه بالأمر بل اخذت تحاول فتح الباب ولكن دون جدوى لأن اخيها قد اغلق عليها الغرفة عندما علم من احد رجاله انها كانت تقابل روبيرتو بالخفاء لذا قررت ان تتمرد وخصوصاً عندما اخبرها بكل وضوح انها لن تخرج من غرفتها ان لم تقطع علاقتها بروبيرتو واليخاندرو حتى وان كانت هذه العلاقة مجرد صداقة ولكن بالرغم من كل محاولاتها المستميتة لكي تخرج من الغرفة لم تستطيع فعل ذلك فما كان منها سوى ان ترضخ للأمر الواقع لذا جلست على سريرها وبدأت تنتحب بصمت وسرعان ما تحول نحيبها الى بكاء شديد فهي لم تكن معتادة ان يعاملها شقيقها بمثل هذا الطريقة القاسية .
.
.
بعد انتهاء دوامها في الجامعة عادت ازميرالدا الى المنزل برفقة توم وكانت تبدو شاردة الذهن لدرجة انها جعلته يقود السيارة بالنيابة عنها , وحين وصلا توجهت فوراً الى غرفتها بينما ذهب هو لكي يقضي بعض الوقت برفقة حبيبته ريتا التي كانت قد اعدت قالباً من حلوى البرتقال الطازج فقبلها على وجنتها وقال : كيف حالكِ يا حبيبتي ؟
فأبتسمت وقالت : بخير , وانت ؟
توم : وانا ايضاً بخير , ما الذي تصنعينه ؟
ريتا : حلوى البرتقال , لقد تم قطف الثمار من المزرعة هذا الصباح لذا هي طازجة وحلوة المذاق فقررت ان اصنع بعض الحلوى .
توم : تبدو شهية , سأتذوقها .
قال ذلك ثم اخذ قطعة من الحلوى المخبوزة فقالت ريتا : اين هي السنيورا ؟
فأبتلع توم ما كان في فمه وقال : لقد ذهبت الى غرفتها لتستريح لبعض الوقت , وماذا عن البقية ؟
ريتا : لقد خرجوا منذ الصباح ولم يعودوا بعد , اعتقد ان السنيور قد ذهب الى المدينة لأن هنالك بعض المشاكل المتعلقة بالعمل وانا واثقة ان روبيرتو برفقته الأن .
توم : حسناً , سأذهب لكي استحم بما ان ازميرالدا في غرفتها ولن تخرج .
ريتا : حسناً .
- وبالفعل ذهب توم الى غرفته وتابعت ريتا عملها اما ازميرالدا فكانت تفكر طوال الوقت بمشاعرها المضطربة تجاه ابن عمها اليخاندرو الذي لا تدري كيف ومتى ولما وقعت في حبه بالرغم من كل المشاكل التي حدثت بينهما الأمر الذي جعلها تكاد تفقد عقلها لذا قررت ان تخرج بنزهة على صهوة جوادها بلاكي لعل النسيم العليل يريح اعصابها المتوترة منذ الصباح فخرجت من غرفتها ونزلت الى الطابق السفلي فلم تشاء ان تزعج توم لكي يرافقها لذا خرجت الى الحديقة واخذت نفساً عميقاً ثم اخذت تنظر حولها وارادت ان تطلب من احد الحراس ان يرافقها الى الأسطبلات ولكنها تراجعت عن الفكرة حيث فضلت ان تذهب الى هناك سيراً على الأقدام , وحين وصلت الى وجهتها طلبت من العامل بأن يخرج جوادها من حظيرته ففعل ذلك دون اي اعتراض كما انه وضع السرج على ظهر الجواد بينما ذهبت هي لتبدل ملابسها بملابس الفروسية وما هي الا خمس دقائق حتى انطلقت بالجواد الذي اخذ يعدو على الممرات الترابية بكل خفة كما لو انه يسابق الريح فقررت ان تذهب الى منطقة الينبوع الطبيعي الذي خلف التل ولم تعر غياب الشمس اي اهتمام .
وفي تلك الأثناء عاد كل من روبيرتو واليخاندرو الى المنزل وكان توم جالساً برفقة ريتا ولا يعلما ان ازميرالدا خرجت من المنزل فقال الأول : اين هي ازميرالدا يا توم ؟
توم : لقد صعدت الى غرفتها فور عودتنا لكي تحصل على قسط من الراحة ولم تخرج منها حتى الأن لذا اعتقد بأنها نائمة .
اليخاندرو : حسناً , روبيرتو اتبعني الى المكتب لكي نراجع بعض التفاصيل المتعلقة بصفقة اخر الشهر .
روبيرتو : حسناً .
اما ريتا فنهضت قائله : اذاً سوف أعد لكما بعض الشاي ريث ما يحين موعد العشاء .
اليخاندرو : شكراً لكِ ريتا .
اما في منزل آرتورو فقد عاد هو الى المنزل وتوجه فوراً الى غرفة اخته وحين فتح الباب ودخل وجدها جالسة على السرير وكانت متقوقعة على نفسها فتنهد واقترب منها ثم وقف امامها وقال بهدوء : هيا تعالي لنجلس في غرفة المعيشة ريث ما يحين موعد العشاء .
فرفعت رأسها ونظرت اليه بتلك العيون الفيروزية المحمرة وقالت بصوت أبح : اغرب عن وجهي فأنا لا اريد رؤيتك الأن .
فتنهد آرتورو مجدداً وجلس بجانبها ثم قال بتأني : توقفي عن فعل هذا آيفا فأنا شقيقكِ الأكبر ولست عدوكِ .
فنظرت اليه وقد ذرفت دمعتين وقالت بحنق : اي شقيق هذا الذي يقوم بسجن اخته الوحيدة في غرفتها طوال اليوم ولا يسمح لها بالخروج ؟
آرتورو : انتِ تعلمين لما فعلت هذا فأنا تهمني مصلحتكِ اكثر من اي شيء أخر وانتِ عندما عصيتي كلامي جعلتيني ابدو كالأحمق لهذا اضطررت لسجنكِ في غرفتكِ .
فقالت آيفا بشيء من الحدة : انا امرأة بالغة آرتورو وانت لا يحق لك سلب حريتي مني كما انه لا يحق لك التدخل بحياتي الخاصة لأنني لا اتدخل بأمورك .
فنهض آرتورو وقال بشيء من الحدة : طالما انتِ اختي وجزء من عائلة خوسيه فهذا يعني انني مسؤولاً عنكِ حتى وان شاب شعركِ واصبح لديكِ احفاد لذا كفي عن التذمر وانهضي ان اردتِ الخروج من هذه الغرفة اللعينة .
فمسحت آيفا دموعها بشيء من العصبية ثم نهضت وتوجهت نحو الباب دون ان تنظر اليه مما جعله يتنهد ويلحق بها وحين ارادت ان تنزل عن الدرج امسك ذراعها قائلاً : دعيني اساعدكِ فأنتِ لم تشفي بالكامل .
فنزعت ذراعها من قبضته وقالت بجفاء : شكراً ولكنني لا احتاج لمساعدتك .
فعاد آرتورو وامسك بذراعها وقال بحدة : كفي عن هذا آيفا ولا تجعليني اغضب الأن .
فتنهدت ولم تعلق بل سمحت له بأن يساعدها لتنزل عن الدرج وبعدها سار برفقتها حتى اجلسها على الأريكة فكتفت ذراعيها واشاحت بنظرها عنه الأمر الذي جعله يحرك عيناه بشكلٍ دائري ثم جلس مقابلاً لها وقال بهدوء : حسناً , لقد ربحتي هذه الجولة آيفا وسوف اسمح لكِ بالخروج من المنزل كما في السابق ولكن هذا لا يعني انني اعطيكِ الأذن لكي تقابلي ذلك الرجل المدعو روبيرتو هل هذا مفهوم ؟ يتبع غداً
#حب_على_شفير_النار الجزء 17
نظرت آيفا إلى أخيها وقالت بنبرة تعاطف : ولكن يا اخي نحن اصبحنا صديقين ثم انني واثقة انه ليس رجلاً سيئاً ولن يقوم بأستغلالي كما تظن كما ان اليخاندرو لن يسمح لأي شخص بأن ....
فقاطعها آرتورو حين قال بأنزعاج : كفى كلاماً عن هذا الموضوع , لقد اخبرتكِ بأنني لن اسمح لهم بأستغلالكِ وهذا يعني انني سأفعل اي شيء لكي ابقيكِ بعيدة عنهم لذا ان اردتِ استعادة حريتكِ فيجب ان تعديني الأن بأنكِ ستقطعين علاقتكِ بهم نهائياً .
فزمت آيفا فمها بحركة عصبية وقالت : هذا ليس عدلاً فأنا لست احد رجالك كي تملي عليّ ما يجب ان افعله بل انني اختك آرتورو .
آرتورو : ولأنكِ اختي انا اخاف عليكِ واحاول جاهداً بأن احميكِ من شر أولئك الرجال الأوغاد .
فقالت آيفا بتحدي: انهم ليسوا اوغاد بل ان اليخاندرو انبل رجل قابلته في حياتي كلها وكذلك روبيرتو ولم يسبق لأي واحد منهما ان تحدث معي بفظاظة كما تفعل انت الأن .
فقال آرتورو بأنزعاج : لا تقارني بيني وبينهم فأنا شقيقكِ وكل ما افعله او اقوله هو من اجل مصلحتكِ .
آيفا : انت تحاول السيطرة عليّ آرتورو وهذا لا يعجبني ابداً .
فتنهد آرتورو وقال : حسناً , دعينا لا نتشاجر الأن فأنا متعب ولا املك القوة لكي اتجادل مع اي شخص في الوقت الراهن .
فكتفت آيفا ذراعيها وفضلت عدم قول اي شيء آخر حتى لا يتراجع اخيها عن قراره ويعود ليسجنها في غرفتها , اما بالنسبة لأزميرالدا فكانت قد قطعت مسافة طويلة على صهوة جوادها ولانها لم تكن على علم بالمنطقة جيداً ولم يسبق لها وان تجولت على صهوة الجواد بمفردها فقد ضلت طريقها ومن سوء حظها ان الظلام حل بسرعة وقد نسيت هاتفها في غرفتها الأمر الذي زرع الخوف في قلبها خصوصاً لانها لم تخبر توم الى اين هي ذاهبة فقالت محدثة نفسها : ما العمل الان , اي طريق يجب ان اسلك وانا لا اعلم اين انا !
قالت ذلك ثم اخذت تتلفت يميناً ويساراً وقد قررت ان تسلك الطريق الأقل تعقيداً والذي لا يحتوي على مطبات كثيرة فحثت جوادها على السير دون ان تعرف الى اين تتجه , اما في الفيلا فكان اليخاندرو قد انهى عمله مع روبيرتو لذا صعد الى غرفته لكي يستحم قبل ان يتناول العشاء ولكنه شعر بالغرابة لأنه لم يرى ابنة عمه منذ ان عاد الى المنزل فقال في نفسه : هل هي متعبة لهذه الدرجة حتى تنام كل هذا الوقت !
قال ذلك ثم طرق باب غرفة نومها وعندما لم تجب خمن انها ربما تكون نائمة بالفعل لذا فتح الباب ودخل الى الغرفة بخطوات خافتة وسرعان ما قطب حاجبيه عندما لم يجدها في السرير فأخذ يتلفت حوله ولم يجدها لذا توجه نحو باب الحمام وقرعه قائلاً : ازميرالدا هل انتِ في الداخل ؟
وحين لم يسمع رداً فتح الباب وسرعان ما شعر بالقلق عندما لم يجدها في اي مكان من الغرفة لذا امسك هاتفه واخذ يتصل بها فسمع رنين هاتفها الذي كان على الكومدينو لذا توجه نحوه وامسكه وفي تلك اللحظة ادرك ان ابنة عمه ليست في المنزل لذا ضغط على الهاتف بيده وقال بأنزعاج : الويل لكِ ان كان ما افكر به حقيقياً .
قال ذلك ثم رمى الهاتف من يده واسرع بالخروج من الغرفة ثم هم بالنزول الى الطابق السفلي وحين وصل الى غرفة المعيشة حيث كان البقية جالسين توجه فوراً نحو توم وامسكه من ياقة قميصه ثم اجبره على النهوض وقال بلهجة غضب : اين هي ازميرالدا يا توم ؟
في تلك اللحظة توتر كل من توم وريتا وروبيرتو فقال الأول بتساؤل : لقد اخبرتك بأنها في غرفتها .
فتركه اليخاندرو وقال : هل تظنني غبياً ام ماذا , لقد كنت الأن في غرفتها ولم اجدها في اي مكان كما انها تركت هاتفها خلفها لذا اخبرني اين هي بسرعة .
فتملك توم القلق لذا قال بنبرة هلع : ما الذي تقصده , انا واثق انها صعدت الى غرفتها عندما عدنا وقد اخبرتني بأنها متعبة قليلاً وترغب بأخذ قسط من الراحة لهذا لم اشاء ان ازعجها ولم اخرج من المنزل ابداً تحسباً لأي طارئ حتى انه يمكنك سؤال ريتا عن هذا .
فقالت ريتا بسرعة : هذا صحيح يا سنيور , توم لم يخرج من المنزل ابداً وانا شاهدة على هذا كما اننا لم نرى ازميرالدا تخرج من غرفتها ابداً .
فقال روبيرتو : اهدأ اليخاندرو ودعنا نبحث عنها في الأرجاء , ربما تكون قد استيقظت وخرجت الى الحديقة دون ان نلاحظ ذلك .
فقال اليخاندرو : حسناً , دعونا نبحث عنها جميعاً وان وجدها اي شخص منكم قبلي فليتصل بي فوراً .
قال ذلك ثم خرج قبل الجميع فقال توم بنبرة انزعاج : اللعنة على غبائي , لقد اضعتها مجدداً .
قال ذلك ثم خرج ايضاً فلحق به كل من روبيرتو وريتا ومن هنا بدأت عملية البحث على ازميرالدا المفقودة حيث قام اليخاندرو بسؤال رجاله عنها فأخبره احدهم انه رأها قد خرجت منذ فترة طويلة ولم تعد بعد الأمر الذي زاد القلق في قلبه فنظر الى روبيرتو وقال : ابحثوا عنها جيداً روبيرتو فهي ليست على معرفة كافية بطرقات المزرعة وانا سأذهب للبحث عنها في منطقة الأسطبلات اذ ان حدسي يخبرني بأنها ذهبت الى هناك .
روبيرتو : حسناً .
- وبالفعل اسرع اليخاندرو الى سيارة الجيب فصعد بها وانطلق بأقصى سرعة نحو منطقة الأسطبلات بينما اخذ روبيرتو ثلاثة رجال واخبر توم وريتا ان ينفصلوا للبحث عن ازميرالدا فذهبت ريتا برفقة توم في اتجاه معاكس , اما اليخاندرو فوصل الى الأسطبل الكبير فترجل من سيارته واسرع الى الداخل ثم اخذ يبحث عن ابنة عمه فلم يجدها لذا سأل العامل الذي هناك قائلاً : اخبرني هل رأيت ازميرالدا ؟
فقال العامل بتوتر : اجل يا سنيور , لقد اتت الى هنا منذ اربع ساعات ونصف واخذت جوادها ثم انطلقت به ولم تعد حتى الأن .
فأعاد اليخاندرو شعره الى الوراء بحركة تنم عن القلق وقال كمن يحدث نفسه : اربع ساعات ونصف , يا الهي هل اصابها مكروه !
قال ذلك ثم نظر الى العامل وزجره قائلاً : احضر لي جوادي بسرعة .
فأرتعد العامل وقال بنبرة خوف : ح..حاضر .
وما هي الا دقيقة حتى كان الجواد جاهزاً فقفز اليخاندرو على ظهره بكل خفة وبسرعة البرق انطلق للبحث عن ابنة عمه في عتمة الليل فأخذ يناديها بأعلى صوته ولكن دون جدوى الأمر الذي زرع الرعب في قلبه فهي لا تعرف الطرقات في المزرعة ولا يعلم لما خاطرت بالذهاب بمفردها لذا حث جواده على العدو بشكلٍ اسرع حتى وصل الى منطقة الينبوع الطبيعي فترجل عن الحصان ثم اخذ ينظر في الأرجاء ولم يرى اي بشري لذا اخذ ينادي بأسمها ولكن لا حياة لمن تنادي , وحين قرر ان ينطلق ليبحث عنها في مكان اخر لفت نظره اثر لحوافر حصان كانت تتجه نحو الغرب فخمن ان ازميرالدا اضلت طريقها وسلكت ذلك الأتجاه الذي يؤدي الى منحدر خطر فتملكه القلق والخوف لذا اسرع في امتطاء الجواد وانطلق به بسرعة كبيرة وهو يقول في نفسه : ارجوكِ اصمدي , سوف اجدكِ بكل تأكيد لذا لا تقلقي يا حبيبتي .
اما ازميرالدا فكانت قد وصلت الى ذلك المنحدر الذي يشبه الهاوية وبسبب الظلام لم تستطيع رؤية الخطر ولكن جوادها بلاكي كان مدركاً للأمر لذا عندما ارادت ان تحثه ليتقدم صهل بصوت عالٍ وبحركة جنونية رفع قوائمه الأمامية عن الأرض ثم ارتد للوراء مما جعلها تفقد توازنها فوقعت من فوق ظهره وجراء ذلك تأذت قدمها اليمنى فبدى الأمر اشبه بالجحيم بالنسبة لها اذ ان الألم كان فظيعا ومن سوء الحظ انها لم تستطيع النهوض مجدداً مما زرع الرعب في نفسها وخصوصاً لأنها كانت وحيدة في مكان تجهله , وفي تلك الأثناء سمعت اصوات اتيه من اسفل المنحدر فأستجمعت ما كان لديها من شجاعة وقوة لتزحف وتلقي نظرة على مصدر الصوت وعندها رأت ما لم يكن في الحسبان لذا كتمت صوت شهقتها بيدها واخذت تراقب أولئك الرجال الذي سبق وان رأتهم في الفيلا وهم مجتمعين حول النار وامامهم طاولات وضع عليها صناديق تحتوي على كثير من الأسلحة وبجانبها الكثير والكثير من الأكياس الصغيرة التي تحتوي على مسحوق ابيض من الواضح انه كوكايين وان هؤلاء الرجال ليسوا اخيار وانما اشرار وتجار مخدرات .
وبينما كانت تراقب الوضع بترقب وقلبها يكاد يتوقف من شدة الخوف شعرت بيد رجولية تحط على كتفها الأمر الذي جعل الدم يتجمد في عروقها فالتفتت فوراً لترى من الذي اكتشف وجودها وأذ بها تتنهد بأرتياح عندما رأت اليخاندرو وهو يشير اليها بأن تلتزم الصمت فلم تستطيع تمالك نفسها اكثر لذا رمت جسدها النحيل عليه وعانقته ثم بدأت تنتحب وتبكي فأخذها بين ذراعيه وقال بهمس : اهدأي يا حبيبتي فها انا معكِ الأن .
فقالت من بين دموعها : انا خائفة جداً لذا ارجوك لا تتركني وحدي .
فابعدها اليخاندرو عنه قليلاً ثم مسح دموعها وقال بنفس الهمس : لن اترككِ ولكن اهدأي قليلاً والا سوف يُكشف امرنا عندها لن نكون بأمان لأن أولئك الرجال الذين في الأسفل اشرار ويشكلون خطراً حقيقياً علينا في الوقت الراهن .
فأومت ازميرالدا رأسها بالموافقة وابتلعت ريقها ثم قالت بصوت خافت : لقد ... لقد رأيت بحوزتهم الكثير من الأسلحة والمخدرات فما الذي يفعلونه هنا , ان هذا الجزء من المنطقة ضمن حدود مزرعتك وانت لا تتاجر بهذه الأمور اليس كذلك ؟
فنظر اليخاندرو الى احد الرجال الذين في الأسفل وقد عرف من هو بسبب ضوء النار المنعكس على وجهه لذا قطب حاجبيه وقال بنبرة غامضة : لا يا حبيبتي , انا لا اتاجر بهذه الأمور التي تشكل خطراً على البشر ولكنني اعرف من الذي تجرأ على فعل ذلك في ارضي ولن اسامحه على خيانته ابداً وسيكون عقابه عسيراً .
قال ذلك ثم نظر اليها ولمس وجهها وتابع قائلاً : ولكن يجب ان نغادر هذا المكان اولاً فبقائنا هنا ليس لصالحنا لذا هيا دعينا نذهب بسرعة .
فقالت بشيء من التذمر : لقد وقعت من فوق ظهر الجواد وأذيت قدمي لذا لا اظن انني قادره على النهوض .
في تلك اللحظة هرع اليخاندرو لكي يتفحص قدمها بقلق شديد فأمسك كاحلها وقال بلهفة : يا الهي ان وضعها سيء للغاية فهل تشعرين بالألم ؟
قال ذلك ثم نظر اليها فأومت له قائله : اجل , شعرت بألم فظيع في البداية ولكنه اصبح مقبولاً الأن لأنك معي كما انني لم اعد خائفة .
وعندما سمع اليخاندرو ما قالته لم يقل اي شيء بل جذبها الى صدره دون اي تردد ثم عانقها بقوة وكأنه يحاول ان يدخلها الى قفصه الصدري ويحميها من العالم اجمع فأبتسمت لأنها شعرت بالراحة في حضنه كما انها شعرت بنفسها اقوى بكثير لذا قررت ان تنسى كل ما حدث في الماضي وتعترف له بأنها تحبه وانها تريد البقاء معه مهما حدث فأبتعدت عنه قليلاً ثم رفعت يديها وكورت وجهه قائله : اليخاندرو انا ....
وقبل ان تتمكن من قول اي شيء اتسعت عيناها على وسعهما عندما رأت ثلاثة رجال قد وجهوا اسلحتهم نحو رأس اليخاندرو وقال احدهم بنبرة خشنة : لا تتحركا والا اطلقنا النار .
فتجمدت ازميرالدا عن الحركة وقد تسلل الرعب والهلع الى قلبها الرقيق بينما شعر اليخاندرو بالتوتر لان ابنة عمه كانت برفقته وان اقدم على فعل اي حركة متهورة قد تصاب بالأذى لذا رفع يديه ووضعهما فوق رأسه ثم التفت وقال : دعوا الفتاة تذهب وسأفعل كل ما تطلبونه مني.
فضحك احد الرجال وعلى اثره ضحك رفيقيه وقال بنبرة خشنة : هل تعتقد اننا اغبياء كي ندعها تذهب وتطلب المساعدة ؟
فنظرت ازمرالدا الى اليخاندرو برعب وقالت بصوت كاد يختفي : اليخاندرو لا اريد الذهاب معهم .
فنظر اليها وقال : لا تخافي حبيبتي.
ثم نظر إلى الرجل واضاف قائلاً : انا لا اريد اذيتكم لذا دعونا نعقد صفقة ستعود بالمنفعة عليكم .
فقام الرجل بتسديد لكمة قوية الى وجه اليخاندرو جعلت الفتاة تصرخ بفزع وقال بحدة : لا تعتقد نفسك قادراً على هزيمتنا وانت مجرد من السلاح وبرفقتك هذه الفتاة لذا كف عن تمثيل دور البطل الخارق وتحرك امامي واياك ان تحاول التذاكي لانني سأقتلكما فوراً ان اقدمت على فعل اي حركة.
قال ذلك ثم التفت إلى رفيقيه وامرهما بأن يقيدا يديّ الفتاة وابن عمها الذي يشكل خطراً كبيراً عليهم فقاموا بفعل ذلك وقد احكموا عقد الحبال حول معصمي اليخاندرو الذي كان يستعر غضباً من الداخل ثم اصطحبوهم الى المخيم اسفل التل وهناك شعرت ازميرالدا بالخوف اكثر لذا التصقت تلقائياً باليخاندرو الذي ما ان رأى زعيم المجموعة حتى أصطكت اسنانه وقال من بين انفاسه الملتهبة : خوان ايها الوغد , كيف امكنك ان تخونني بعد ان منحتك ثقتي وجعلتك احد رجالي !
فضحك الرجل المدعو خوان وقال بسخرية : انا لم اكن مخلصاً لك منذ البداية وقد بدات العمل عندك فقط لأبعد الشبهات عني اذ انه لن يتوقع اي شخص ان الوكر الرئيسي لبيع المخدرات موجود في مزرعة الدون اليخاندرو ديلافيغا الذي يمنع بيع المخدرات في المدينة وضواحيها منعاً باتاً وقد نجحت خطتي بالفعل حيث كنت اتاجر بالسموم طوال الخمس سنوات الماضية وانت لا تعلم ايها المغفل .
فاراد اليخاندرو ان يهجم عليه اذ انه وصل الى ذروة غضبه في تلك اللحظة ولكن الرجال الثلاثة امسكوا به جيداً واقترب خوان منه ثم ضربه على رأسه بكل ما أوتي من قوة مستخدماً مسدسه مما جعل ازميرالدا تصرخ بهلع قائله : اليخاندرو لا !
فوقع اليخاندرو ارضاً ورأسه ينزف الأمر الذي جعله يفقد وعيه وقد ازدادت ازميرالدا رعباً عندما رأته على تلك الحال فبدأت تصرخ قائله : ايها المجرمون ماذا فعلتم به ؟
فأقترب خوان منها ثم صفعها بقوة وصرخ بها قائلاً : اصمتي عليكِ اللعنة !
فالتزمت ازميرالدا الصمت فوراً لأنها وقعت تحت تأثير الصدمة وما هي الى ثانية حتى غابت عن الوعي فقال خوان لرجاله : ضعوهم في خيمة التخزين ريث ما ننهي عملنا .
فقال احد الرجال : ولكن يا زعيم لما لا نقتلهم فوراً فهم يشكلون خطراً علينا وخصوصاً هذا الوغد ورجاله .
فنظر خوان الى اليخاندرو الذي كان فاقداً للوعي وابتسم بسخرية ثم قال : مثل هذا الرجل الخطير لا يجب ان يموت ببساطة فثمن حياته يساوي الملايين وانا لست غبياً كي اقتله الان لذا سوف ننتظر حتى ننهي الصفقة التي بين ايدينا وبعدها ستصبح ثروة آل ديلافيغا رهن اشارتي لأنني اصبحت المتحكم بحياة دون المافيا اليخاندرو الذي يهابه اعتى الرجال .
قال ذلك واخذ يضحك بطريقة هستيرية جعلته يبدو كما لو انه مجنون وعلى اثر ضحكته الخشنة اخذ رجاله يضحكون ايضاً , اما في مكان اخر فكان روبيرتو والبقية ما يزالون يبحثون عن ازميرالدا وقد بحثوا في كل الأماكن التي من المحتمل ان تذهب اليها ولكن دون جدوى مما زرع الفزع في قلب توماس الذي انهارت اعصابه واخذ يلوم نفسه قائلاً : انا السبب , لقد ضاعت مني مرة اخرى وها انا اكرر خطأي .
فأقترب منه روبيرتو وربت على كتفه قائلاً : اهدأ يا توم فانا واثق ان اليخاندرو سيجدها مهما كلفه الأمر .
فقالت ريتا بنبرة مرهقة : ولكننا بحثنا في كل مكان تقريباً ولم نجدها حتى الان كما اننا لم نسمع اي خبر من السنيور منذ ان ذهب لكي يبحث عنها واخشى ان يكون قد وقع عن ظهر الحصان او اصيب بأذى .
فشعر روبيرتو بالقلق حيال ما قالته ريتا لذا امسك هاتفه واخذ يتصل على اليخاندرو ولكن الأخير لم يرد عليه لأنه كان مرمياً على الأرض في خيمة التخزين حيث وضعه رجال خوان وكان مكبل اليدين والساقين وكانت ابنة عمه ازميرالدا مكبلة على كرسي من الخشب وفمها مغلق بواسطة شريط لاصق وكانت فاقدة للوعي ايضاً , وعندما لم يجب اليخاندرو على الهاتف ازداد قلق روبيرتو لذا عاود الأتصال به مرات ومرات ولكن دون جدوى اذ ان رجال خوان قد حطموا هاتفه في حال اذ قرر روبيرتو استخدامه لكي يحدد موقعهم فقالت ريتا بشيء من التوتر : ما الامر , لما لا يرد السنيور على اتصالاتك !
فهز روبيرتو رأسه وقال : لا اعلم , ولكن حدسي يخبرني بأن مكروهاً اصابه .
فقال توم : ما العمل الأن ؟
في تلك اللحظة اتى احد الرجال واسمه جيمي فقال لروبيرتو : لم نجد السنيورا ازميرالدا في اي مكان .
روبيرتو : ضاعف البحث عنها يا جيمي وابحثوا عن اليخاندرو ايضاً ولا اريد من اي رجل ان ينام هذه الليلة الا عندما نجدهم هل هذا مفهوم ؟
جيمي : حاضر .
عودة الى اليخاندرو وازميرالدا ....
بدأ هو يستعيد وعيه شيئاً فشيئاً وقد شعر بألم فظيع في مقدمة رأسه حيث ضربه خوان بالمسدس الذي سبب له جرحاً فتأوه وحاول ان ينهض ولكنه كان مكبل اليدين والساقين وسرعان ما تذكر ما حدث فأخذ يبحث عن ازميرالدا بنظرات قلقه وعندما رأها مقيدة على الكرسي وتبدو بخير تنفس الصعداء وقد شعر بالراحة نسبياً لأن رجال خوان كانوا مشغولين في تعبئة المخدرات بحيث لم يجدوا وقتا لكي يتحرشوا بها فتركوها للوقت الراهن لذا اخذ يناديها بهمس قائلاً : ازميرالدا , ازميرالدا هيا استيقظي .
فبدأت ازميرالدا تحرك اهدابها وقطبت حاجبيها وسرعان ما فتحت عينيها فضايقها النور الساطع من المصباح الكاشف لذا اغمضتهما مجدداً وهي ما تزال غير مدركة لوضعها فقال اليخاندرو بنفس الهمس : ازميرالدا هل انتِ بخير ؟
في تلك اللحظة ادركت ازميرالدا لما يدور من حولها وانها مقيدة على كرسي وفمها مغلق بشريط لاصق مما سبب لها الهلع فأخذت تحاول تحرير نفسها واطلقت انين غير مفهوم وبدات تبكي فقال اليخاندرو بسرعة : اهدأي يا حبيبتي فانا هنا معكِ .
فنظرت اليه وفي تلك اللحظة فقط ادركت انها ليست وحيدة في هذا المكان ولكن عندما رأت الدماء المنسابة على وجهه تملكها الخوف فحاولت التحرك ولكنه اوقفها بقوله : لا تصدري اي صوت والا سيأتون الى هنا الان لذا اهدأي وانا سأحاول قطع هذه الحبال وأتي اليكِ اتفقنا .
فهزت رأسها بتوسل كما لو انها جرو صغير حصر في الزاوية فأخذ اليخاندرو يحاول تحرير يديه من القيود ولكنها كانت مربوطة بأحكام لذا تفوه بلعنة وقال : لقد احكموا ربطها حتى لا اتمكن من تحرير نفسي .
قال ذلك ثم نظر الى ازميرالدا التي ارتسم على وجهها تعبير ينم عن الخوف وقد ترقرقت الدموع في عيونها فقال لها بنبرة ملؤها الحب : لا تبكي حبيبتي , انا اعدكِ بأننا سنخرج من هذا المكان احياء فقط ثقي بي .
فأومت له بالموافقة اذ انها لم تكن تستطيع فعل شيء اخر وفمها مغلق بشريط لاصق لذا اخذت تراقبه وهو ينظر في الأرجاء لعله يعثر على سكين او اداة حادة تساعده في قطع الحبال ولكنه لم يجد اي شيء ولكن سرعان ما وقع نظره على فأس صغيرة كانت فوق احد الصناديق الخشبية فأبتسم ونظر الى ازميرالدا قائلاً : ان استطعت الوصول الى تلك الفأس سنتمكن من قطع هذه الحبال اللعينة .
فنظرت هي الى الفأس التي كانت بعيدة عنهما نسبياً وقد شع شعاع طفيف من الأمل داخل قلبها لذا اخذت تحاول تحريك الكرسي بأتجاه الصندوق لعلها تستطيع اسقاط الفأس عنه ولكن اليخاندرو قال لها : لا تتعبي نفسكِ ودعي الأمر لي .
قال ذلك ثم استند بظهره على الجدار وقد تمكن من الوقوف بعد عناء لذا اخذ يقفز بأتجاه الفأس حيث ان الحبال التي كانت تقيد قدميه كانت تعيق حركته ولكنه تمكن من الوصول الى هدفه فاستدار بحيث اصبح ظهره مقابلاً للصندوق وأخذ ينحني رويداً رويداً لكي يلتقط الفأس حيث كانت يديه مقيدة خلف ظهره وبعد عدة محاولات فاشلة استطاع ان يمسك بها اخيراً فأبتسم قائلاً : لقد نجحت .
قال ذلك ثم نظر الى ازميرالدا التي كانت تراقبه بأهتمام وسرعان ما اخذ يقفز نحوها وهو يمسك الفأس وحين اصبح بقربها قال : استمعي الي جيداً , سأحاول ان اجعلكِ تمسكين بهذه الفأس وبعدها سنحاول قطع الحبال التي تقيد يدي لذا هل انتِ مستعدة ؟
فأومت له برأسها فقال : جيد , هيا بنا .
قال ذلك ثم ادار ظهره لها وحاول ان يقرب الفأس من يدها المقيدة على ذراع الكرسي قائلاً : حذاري من ان تؤذي نفسكِ .
فأمسكت ازميرالدا ذراع الفأس الخشبية فأبتسم اليخاندرو وقال : احسنتِ عملاً , هيا حاولي تثبيتها جيداً وانا سأحاول قطع الحبال .
قال ذلك ثم بدأ يحرك الحبال على الطرف الحاد من الفأس وبالفعل نجحت خطته اذ ان جزء من الحبل قد انقطع فأستخدم اليخاندرو كامل قوته لكي يقطع الحبل كاملاً وسرعان ما اصبحت يداه حرة مجدداً فالتفت فوراً الى ازميرالدا ونزع الشريط الاصق عن فمها فقالت ببكاء : ارجوك اخرجني من هنا فأنا خائفة جداً .
فعانقها وقال : اهدأي , سنخرج الان .
قال ذلك ثم قطع الحبال التي تقيد قدميه وبعدها هرع لكي يفك وثاقها ولكنه ما ان فك يديها حتى اتى احد الرجال لكي يتفقدهم فقالت له بنبرة هلع : اليخاندرو لقد جاء احدهم .
فالتفت اليخاندرو وقد رأى الرجل الذي احضرهم من فوق المنحدر يقترب من المكان فقال : اللعنة , هذا ليس وقته .
قال ذلك ثم التفت الى ازميرالدا وقال : استمعي الي جيداً , اريد منكِ ان تتحلي بالشجاعة ولا تخافي وايضاً لا تصرخي ابداً مهما حدث اتفقنا .
فتمسكت ازميرالدا بذراعيه وقالت بخوف : ما الذي ستفعله ؟
اليخاندرو : سأحاول انقاذكِ .
قال ذلك ثم توجه نحو باب الخيمة واختبأ في الزاوية وقد اشار للفتاة بأن تلتزم الصمت وحين دخل الرجل تفاجئ عندما وجدها قد فكت وثاقها فأخذ يبحث بنظره تلقائاً عن اليخاندرو وقبل ان يتمكن من امساك المسدس الذي كان على خاصرته هجم عليه اليخاندرو من الخلف واخذ يخنقه بكل ما أوتي من قوة مما جعل ازميرالدا تكتم صوت صرختها بيدها وهي تشاهد ذلك المشهد المرعب بالنسبة لها وما هي الا ثواني حتى وقع الرجل ارضاً وقد فارق الحياة فتوجه اليخاندرو نحو الفتاة وفك وثاق قدميها ثم عانقها بقوة وقال : انسي ما رأيتيه الأن يا حبيبتي ولا تفكري بأي شيء فانا كنت مضطر لأن اقتله من اجل سلامتنا .
فأخذت ازميرالدا تنتحب بين ذراعيه وقد تعلقت به وقالت بصوت مختنق تحت الدموع : اخرجني من هنا ارجوك فانا لم اعد قادرة على التحمل اكثر من هذا .
فأبعدها عنه واخذ يمسح دموعها قائلاً : لا تبكي فأنا سأخرجكِ من هذا المكان حتى لو كانت حياتي على المحك ولكن يجب ان افعل شيئاً ما اولاً .
قال ذلك ثم نزع التيشرت التي كان يرتديها بحيث بقي عاري الصدر فسألته ازميرالدا قائله : ما الذي تريد فعله .
فقال لها دون ان ينظر اليها : انتظري قليلاً .
قال ذلك ثم اخذ يبحث بنظره عن شيء ما وسرعان ما وجد احد المسامير مرمياً على الأرض فأمسك به والتفت اليها ثم امسك يدها قائلاً : اريد مساعدتكِ بشيء ما فهل ستفعلين ؟
فأومت رأسها بالموافقة مما جعله يضع المسمار في يدها ثم استدار بحيث اصبح ظهره مقابلاً لها وقال بنبرة جادة : هل ترين هذا الثقب الذي في كتفي الأيمن ؟
فنظرت ازميرالدا الى ثقب قديم يبدو انه ناتج عن طلقة نارية فقالت : ماذا بشأنه ؟
اليخاندرو : هذه الثقب يحتوي على شريحة الكترونية صغيرة جداً زرعتها في جسدي منذ مدة طويلة ولا احد يعلم بشأنها سوى روبيرتو وهي جهاز تتبع استخدمه في الحالات الطارئة لذا اريد منكِ اخراجها من جسدي لكي نتمكن من تشغيلها .
فأتسعت عينا ازميرالدا وقالت بهلع : هل تقصد ان استخدم هذا المسمار لكي اخرجها من جسدك !
فالتفت اليها وقال : اجل عزيزتي , يجب ان تفعلي ذلك الان فوراً ان اردتِ الخروج من هذا المكان فانا لن اتمكن من هزيمة كل هاؤلاء الأوغاد الذين في الخارج بمفردي لهذا اريد تشغيل جهاز التتبع لكي يعلم روبيرتو اين نحن فانا واثق انه لا يعلم بوجود هذا المكان داخل اراضي المزرعة ولم يخطر في باله ان خوان قد يخوننا في يوم من الأيام .
فذرفت ازميرالدا الدموع قائله : ولكن انا ... انا لا استطيع فعل ما تطلبه مني اليخاندرو كما ان هذا المسمار ملوث ولا يجب استخدامه والا قد يتسبب في تسميم جسدك .
فأمسك اليخاندرو كتفيها وقال بنبرة جادة : اصغي الي ازميرالدا , ان ما اطلبه منكِ الان هو وسيلتنا الوحيدة للنجاة لأن الرجال الذين في الخارج وحوش ولن يتهاونوا ابداً في القضاء علينا ان علموا بأننا تمكنا من الفرار لذا تحلي بالشجاعة ارجوكِ فأنا اعتمد عليكِ في الوقت الراهن .
فأبتلعت ازميرالدا ريقها وقد قررت ان تكون شجاعة ولو لمرة واحدة فضغطت على المسمار بيد مرتجفة وقالت : حسناً .
فاستدار اليخاندرو فوراً وقال : هيا حبيبتي , تشجعي ولا تخافي من شيء .
فرفعت ازميرالدا يدها المرتجفة وقد بدأت ترتعش واخذ العرق يكسو جبينها ومع ذلك لم تجبن بل غرست المسمار في ثقب الطلقة النارية بسرعة وقد تألم اليخاندرو جراء ذلك ولكنه حافظ على رباطة جأشه ولم يتأوه حتى فقالت له بصوت كاد ان يختفي : هل .. هل تتألم ؟
فقال يحثها على المتابعة : لا تهتمي واخرجي الشريحة بسرعة .
فأزدردت ريقها ثم اخذت تحرك المسمار بشكل دائري حتى سالت الدماء من كتف اليخاندرو وسرعان ما خرجت تلك الرقاقة الصغيرة وسقطت على الأرض فأوقعت ازميرالدا المسمار من يدها وهوت على ركبتيها اذ ان ما فعلته قد اثر بها نفسياً فأسرع اليخاندرو وعانقها قائلاً : احسنتي عملاً .
فقالت وهي تبكي : لا تطلب مني فعل شيء كهذا مجدداً .
فمسح دموعها وقبل جبينها ثم ابتسم لها قائلاً : لن افعل , هيا انهضي .
قال ذلك ثم التقط الرقاقة عن الأرض وساعدها على النهوض فنظرت الى الدماء التي على وجهه والى الأخرى التي انسابت من كتفه مما جعلها تمزق جزء من قميصها واخذت تمسح له الدم قائله : لقد تأذيت بسببي لذا لن اسامح نفسي .
فأمسك يدها وقال : ليس بسببكِ لذا لا تقولي هذا .
فنظرت الى عينيه وقالت : لو انك لم تلحق بي لما حدث كل هذا لذا انا السبب .
فتنهد اليخاندرو وارتدى التيشرت خاصته ثم قال : حسناً انسي كل شيء وابقي بالقرب مني مهما حدث .
قال ذلك ثم ضغط زر صغير جداً في الرقاقة التي اخرجتها ازميرالدا من جسده وفي تلك اللحظة اخذ الهاتف في جيب روبيرتو يصدر رنين متواصل فأوقف سيارة الجيب التي كان يقودها واخرج هاتفه من جيبه وحين رأى العلامة التي تدل على ان صديقه في خطر اتسعت عيناه وقال بصوت مسموع : يا الهي لقد اخرج الرقاقة من كتفه وهذا يعني ان حياته في خطر !
فسأله توماس الذي كان جالساً بجواره قائلاً : ما الأمر ؟
فنظر روبيرتو اليه وقال بنبرة جادة : ان اليخاندرو بخطر حقيقي لذا خذ ريتا وعودا الى الفيلا وانا سأذهب لأنقاذه .
فقالت ريتا من المقاعد الخلفية : ما الذي تقصده بكلامك ثم اخبرنا كيف علمت بأنه في خطر ؟
روبيرتو : هذا ليس وقت الشرح الأن ريتا لذا هيا عودا الى الفيلا .
فقال توم بأصرار : كلا , سأذهب برفقتك فأنا لا استطيع التراجع الان .
وقالت ريتا : وانا ايضاً .
فتنهد روبيرتو ولم يعلق بل شغل جهاز التتبع في هاتفه واخذ يحدد مكان الأشارة المنبعثة من شريحة اليخاندرو وسرعان ما امسك جهاز الا سلكي واتصل على جيمي قائلاً : جيمي احضر الرجال والحقوا بي الى المنحدر الذي في اقصى المنطقة الغربية من المزرعة لأن الزعيم هناك وحياته مهددة بالخطر .
قال ذلك ثم ضغط بقدمه على دواسة الوقود وقاد السيارة بأسرع ما يمكنه وحين وصلوا جميعاً الى المنحدر ترجلوا من السيارات وتفاجئ روبيرتو عندما رأى المخيم اسفل المنحدر وسرعان ما اتسعت عيناه عندما رأى الكم الهائل لاكياس المخدرات والأسلحة ولكن اكثر ما صدمه هو رؤية خوان يعطي الاوامر بوضع المخدرات في الصناديق فضغط على قبضته وقال من بين اسنانه : ذلك الخائن الحقير .
قال ذلك ثم نظر الى البقية وقال : استمعوا الي جيداً , لقد تجرأ الحقير خوان على خيانتنا وقد ادخل الكثير من المخدرات الى المزرعة لكي تتم صفقاته دون ان يشك اي شخص به وكما رأيتم ان رجاله مسلحين وانا واثق ان الزعيم في مكان ما من هذا المخيم لذا يجب ان ننقذه ونصادر هذه المخدرات ونقبض على الرجال دون اي خطأ هل تفهمون ؟
فقال الرجال في أن واحد : اجل .
فالتفت روبيرتو الى توم وقال : ان الوضع اخطر مما كنت اتوقعه يا توم لذا خذ ريتا وعودا الى الفيلا والا ستصاب بأذى ان بقيت هنا .
فأراد توم ان يعترض فقاطعه روبيرتو قائلاً : اعلم بأنك ترغب بمساعدتي وانا واثق انك تستطيع فعل ذلك ولكن حياة ريتا قد تكون في خطر لذا اعدها الى الفيلا واحرص على سلامتها ارجوك .
فنظر توم الى ريتا التي فعلت المثل ثم تنهد وقال : حسناً , حظاً موفقاً .
قال ذلك ثم امسك ذراع ريتا وقادها الى السيارة فقالت له : وماذا عن ازميرلدا يا توم , نحن لم نجدها بعد .
توم : اصعدي في السيارة يا ريتا لكي اوصلكِ الى الفيلا وبعدها اتابع البحث عن اختي .
قال ذلك ثم صعد خلف المقود فصعدت ريتا الى جواره وسرعان ما انطلق بالسيارة بينما اعطى روبيرتو الأشارة لرجاله لكي يبدأوا عملهم وما هي الا دقائق حتى حاوطوا المكان من اربع جهات وهم يشهرون اسلحتهم في وجه خوان ورجاله الذين صدموا عندما رأوا ذلك الهجوم الغير متوقع فقال روبيتو بصوت عالٍ : ان حاول اي حقير منكم التحرك او التصرف بحماقة سنفجر رأسه لذا القوا اسلحتكم بسرعة وارفعوا ايديكم فوق رؤوسكم ان اردتم البقاء احياء .
فحاول احد رجال خوان ان يتحرك ولكن روبيرتو اطلق النار عليه واصابه في قدمه ثم صرخ بهم قائلاً : الم تسمعوا ما قلته ؟
في تلك اللحظة انتفضت ازميرالدا من مكانها عندما سمعت صوت اطلاق النار حيث بقيت هي واليخاندرو داخل خيمة التخزين ولم يخرجوا حتى لا تفشل الخطة التي وضعها اليخاندرو فنظرت اليه وقالت بنبرة خوف : هل سمعت ذلك ؟
فأبتسم اليخاندرو ثم امسك يدها وقال : لا تخافي فقد وصل روبيرتو لذا هيا بنا .
قال ذلك ثم سحبها من يدها ولكنها تأوهت بألم فنظر اليها قائلاً : ما الأمر ؟
فقالت بشيء من الألم : ان قدمي تؤلمني ولا استطيع السير .
فتذكر اليخاندرو انها اذت قدمها قبل ان يتم خطفهم لذا حملها بين ذراعيه فتعلقت به تلقائياً وقالت : ولكنك مصاب ايضاً .
فقال : لا تقلقي فأنا لست مصابا لدرجة انني قد اوقعكِ ارضاً .
وفي اللحظة التي اراد بها الخروج من المخزن دخل روبيرتو فتنفس الصعداء عندما رأهما معاً وقال : الشكر للرب انكما بخير .
فقال اليخاندرو بنبرة جادة : ان ازميرالدا مصابة يا روبيرتو وتحتاج للرعاية الطبية فوراً .
فأقترب روبيرتو منهما وتفحص جرح صديقه ثم قال : وانت كذلك , هيا بنا لكي نذهب الى المشفى .
فقالت ازميرالدا بشيء من القلق : ولكن ماذا بشأن الرجال في الخارج ؟
روبيرتو : لقد اهتممنا بهم والشرطة في طريقهم الى هنا لكي يلقوا القبض عليهم ومصادرة المخدرات .
فنظرت هي الى جثة الرجل الذي قتله اليخاندرو وسرعان ما دفنت رأسها في صدره وقالت : وماذا بشأن جثة ذلك الرجل ؟
فقطب روبيرتو حاجبيه ولكنه فهم ما تحاول قوله عندما اشار له اليخاندرو الى الرجل الميت فقال : سنهتم بها .
فقال اليخاندرو : هيا بنا نغادر هذا المكان .
قال ذلك ثم خرج بها من الخيمة ولأنها كانت خائفة جداً لم تجرؤ على النظر حولها بل دفنت رأسها في صدر اليخاندرو الذي شعر ببعض الدوار بسبب الجرح في رأسه ومع ذلك لم يأبه بحالته بل كان قلقاً عليها اكثر من قلقه على نفسه فوضعها في المقاعد الخلفية للسيارة واراد ان يبتعد ولكنها تشبثت بذراعه وهزت رأسها وكأنها تخبره بأنها لا تريده ان يبتعد عنها فربت على شعرها قائلاً : لن اذهب بعيداً , فقط امنحيني دقيقة واحدة وسأكون بجانبكِ بعدها اتفقنا .
قال ذلك ثم طبع قبله على جبينها وابتعد ثم نظر الى روبيرتو وقال : اين ذلك الحقير خوان ؟
روبيرتو : لقد احتجزناه هو ورجاله في الخيمة المجاورة لخيمة التخزين .
اليخاندرو : حسناً , ابقى برفقة ازميرالدا ريث ما اعود .
قال ذلك ثم تحرك خطوتين وسرعان ما توقف عن السير اذ انه شعر بالدوار مجدداً فسأله روبيرتو قائلاً بقلق : هل انت بخير ؟
اليخاندرو : اجل لا تقلق .
قال ذلك ثم ذهب الى حيث كان جيمي وبقية رجاله يحتجزون خوان ورفاقه وما ان رأه الأخير حتى تسلل الرعب الى قلبه وخصوصاً لأنه كان يبدو غاضباً فاخذ يتلعثم بالكلام قائلاً : ارجوك يا سنيور سامحني فأنا لم اكن اقصد ان ...
وقبل ان يكمل جملته لكمه اليخاندرو بكل ما أوتي من قوة لدرجة ان الدماء اخذت تتدفق من انفه بغزارة فتأوه بألم بينما امسكه اليخاندرو من ياقته وقال بنبرة تنذر بالشر : ايها الحقير , الا تعلم ما هي عاقبة العبث واستغفال اليخاندرو ديلافيغا ؟
فقال خوان بتوسل : ارجوك اعفو عني ..
فلكمه اليخاندرو مجدداً وصرخ به قائلاً : اياك وان تتجرأ وتطلب العفو مني فأنا استطيع ان اعفو واغض النظر عن اي خطأ ولكن ليس الخيانة وانت خنتني ايها الوغد الحقير لذا لا تحلم بأن اغفر لك خيانتك... يتبع غداً
#حب_على_شفير_النار الجزء 18
قال خوان بتوسل : ارجوك اعفو عني ..
فلكمه اليخاندرو مجدداً وصرخ به قائلاً : اياك وان تتجرأ وتطلب العفو مني فأنا استطيع ان اعفو واغض النظر عن اي خطأ ولكن ليس الخيانة وانت خنتني ايها الوغد الحقير لذا لا تحلم بأن اغفر لك خيانتك .
قال ذلك وانهال عليه بالضرب المبرح ومن الواضح انه تسبب له بكسور في جميع عظام جسده الأمر الذي جعل رجاله يرتعدون خوفاً وحين اراد ان يلكمه اللكمة الأخيرة امسك بذراعه شخص ما وقال بنبرة رسمية : سنيور ديلافيغا هذا يكفي .
فالتفت اليخاندرو الى الرجل الذي تجرأ وامسك ذراعه واذ به يرى احد ضباط الشرطة وحوله الكثير من العناصر الأشداء فأنتزع ذراعه من قبضة الضابط وقال بنبرة ساخطة : اخرجوا هذا النكرة ورجاله الأوغاد من ارضي بسرعة .
فقال الضابط : كما تريد يا سنيور وشكراً لك لأنك منحتنا الفرصة لكي نلقي القبض على هاؤلاء الأوغاد ولكن يجب ان تأتي معنا الى مركز الشرطة لكي تدلي بشهادتك كما انه لدي بعض الأسلة بشأن الجثة التي في خيمة التخزين .
فرمقه اليخاندرو بنظرة حادة وقال : لست متفرغاً الان لذا سأذهب في وقت سابق .
قال ذلك ثم ارتد على عقباه وعاد الى حيث كان روبيرتو وازميرالدا في انتظاره فصعد الى جانبها في السيارة ولم تتردد هي ولو لثانية واحدة بأن تلتصق به كالعلقة فعانقها بدوره واخبر روبيرتو بأن ينطلق , اما الضابط فأمر رجاله بمصادرة المخدرات والأسلحة الغير مرخصة والقوا القبض على خوان ورجاله ونقلوا جثة الرجل الذي قتله اليخاندرو اما بالنسبة لتوماس وريتا فقد اتصل بهما جيمي واخبرهم ان ازميرالدا برفقة اليخاندرو وانهم ذهبوا الى المشفى فلحقوا بهم الى هناك فوراً .
نهضت ازميرالدا من سريرها في المشفى في تمام الساعة الواحدة بعد منتصف الليل وكانت تسير بشكل متعرج لأن كاحلها كان ملتوياً فنظرت الى ريتا التي كانت نائمة على الأريكة وتضع رأسها على فخذ توم الذي كان نائماً بدوره مما جعلها تسير بحذر حتى لا تعكر صفو نومهما اذ انهما كانا متعبين جداً فخرجت من الغرفة وهناك سألها احد الرجلان الذان عينهما روبيرتو لحراسة غرفتها قائلاً : ما الأمر يا سنيورا , هل تحتاجين لأي شيء ؟
فقالت بتوتر : اريد الذهاب الى غرفة اليخاندرو فأنا لم اراه منذ ان وصلنا الى المشفى لذا اشعر بالقلق عليه .
فقال الحارس : لقد طلب منا السنيور روبيرتو بأن نكون في خدمتكِ على مدار الساعة لذا يشرفني ان اساعدكِ .
قال ذلك ثم امسك ذراعها وساعدها لتسير فوصلت الى غرفة اليخاندرو التي كانت بجوار غرفتها ثم طرق الباب لمرة واحده وفتحه فدخلت هي بينما هو خرج وفي تلك اللحظة نهض روبيرتو من مكانه ونظر اليها قائلاً : ما الذي اتى بكِ الى هنا ازميرالدا ؟
فنظرت ازميرالدا الى اليخاندرو الذي كان يغط في نوم عميق ورأسه مضمد بعناية وقالت : لم استطيع النوم وقد شعرت بالقلق عليه لهذا اتيت لكي اطمئن عليه , اخبرني كيف حاله ؟
فتنهد روبيرتو ونظر الى صديقه النائم قائلاً : من حسن حظه انه لا يعاني من اي كسر في الجمجمة فقد ضربه ذلك الوغد خوان بقوة لدرجة ان جرحه كان عميقاً واحتاج للخياطة والتقطيب لهذا سيعاني من الصداع في الأيام المقبلة .
فأرادت ان تقترب من السرير لذا هرع اليها روبيرتو يساعدها فأمسك بذراعها وقال : من حسن الحظ ان قدمكِ لم تكسر , هيا اجلسي .
ازميرالدا : اريد الجلوس بجواره من فضلك .
روبيرتو : حسناً , تعالي .
قال ذلك ثم ساعدها لتسير عدة خطوات وسرعان ما جلست على طرف السرير فأمسكت يد اليخاندرو واخذت تحدق به قائله : لقد مررنا بتجربة بشعة للغاية وللحظة ظننت ان ذلك الرجل قتل اليخاندرو عندما ضربه على رأسه لذا لن تستطيع ان تتخيل مقدار الرعب الذي شعرت به آن ذاك ولكن عندما فتحت عيناي ورأيته حياً يرزق شعرت بالراحة العظمى بغض النظر عن الخوف الذي انتابني حين رأيت الدماء تنساب من رأسه لهذا انا سعيدة الان لن تلك التجربة قد مرت .
فوضع روبيرتو يده على كتفها وقال : لا بد وانكِ اصبتي بصدمة شديدة عندما رأيتي اليخاندرو يقتل ذلك الرجل ولكنه فعل ذلك من اجل سلامتكما لذا ارجو ان تتفهمي موقفه فهو لا يحب ان يقتل احداً ولكن احياناً الظروف ترغمه على التصرف بعدائية تجاه خصومه وهذا ما حدث اليوم .
ازميرالدا : اعلم هذا , في الواقع لقد خفت كثيراً وكدت اصاب بأنهيار عصبي ولكنني استمديت شجاعتي منه فهو كان قوياً وشجاعاً للغاية واعتقد انني تغلبت على الضعف الذي اعاني منه عادةٍ بسبب ما حدث اليوم لذا انا شاكره له .
فأبتسم روبيرتو وقال : يسعدني انكِ غيرتي طريقة تفكيركِ بشأنه فهو ليس كما كنتِ تعتقدينه متوحشاً بل انه انبل رجل قابلته في حياتي كلها وتهمه مصلحة الأشخاص المحيطين به كثيراً كما انه على استعداد تام بأن يضحي بحياته من اجل صديق او شخص عزيز على قلبه .
فنظرت ازميرالدا الى روبيرتو ولمست ذراعه وابتسمت قائله : وانت كذلك روبيرتو , ان اليخاندرو يثق بك ثقة عمياء وكان متأكد ان خطة الشريحة ستنجح لهذا تحليت بالشجاعة واخرجتها من كتفه لذا اود ان اشكرك لأنك لم تخيب ظننا .
فأبتسم لها روبيرتو بدوره وقال : انتِ لا تعلمين ماذا فعل اليخاندرو لأجلي وكم من التضحيات قدمها لي كما انه انقذ حياتي وعلمني فنون القتال ومنحني مكان في قلبه ومنزله لذا علاقتنا ليست مجرد علاقة صداقة عادية وانما نحن اخوة وانا مستعد بأن اموت لأجله .
ازميرالدا : من الجيد انك الى جانبه فهو يبدو وحيداً بالرغم من كل الرجال الذين يحيطون منزله .
فأبتسم روبيرتو ابتسامة ذات مغزى وقال : في السابق كان وحيداً ولكن الان الوضع قد تغير يا عزيزتي , حسناً سأترككِ تعتنين به لهذه الليلة وان احتجتي لأي شيء ما عليكِ سوى ان تناديني لأنني سأكون في الخارج ولن اذهب الى اي مكان .
ازميرالدا : حسناً , شكراً لك .
روبيرتو : لا شكر على واجب , عن اذنكِ الأن .
قال ذلك ثم شق طريقه نحو الباب وخرج من الغرفة فأصبحت ازميرالدا بمفردها مع اليخاندرو لذا تنهدت وقالت بصوت مسموع : اعتذر لأنني سببت لك الأذى سواء أكان جسدياً ام كلامياً لذا اتمنى من كل قلبي ان تسامحني على كل مرة نعتك فيها بالمتوحش وتلك الألقاب السخيفة التي تتناقض مع شخصيتك الرائعة تماماً .
قالت ذلك ثم مررت اصابعها بين خصلات شعره ولامست الضماد الذي على رأسه فقطب حاجبيه قليلاً لذا ابعدت يدها عنه بسرعة واخذت تمعن النظر به وهو نائم فاغرتها الفكرة لذا استلقت الى جانبه ووضعت رأسها على صدره بلطف ثم اخذت تمرر يدها على عضلاته الصلبة وقالت : لا اعلم كيف حدث هذا ولكنني اعتقد انني وقعت في حبك اليخاندرو واريد البقاء معك في اسبانيا حتى انني اصبحت اكره فكرة العودة الى لوس أنجلوس واعتقد ان توم كرهها ايضاً فهو قد اخبرني عن علاقته مع ريتا وانه ينوي الزواج بها لذا من غير المنصف ان يعود برفقتي الى لوس أنجلوس في حين ان حبيبته ستبقى هنا لأنها لا تستطيع ان تترك المزرعة والأبتعاد عن اسبانيا .
في تلك اللحظة طوقها اليخاندرو بذراعيه فجأة مما جعلها تجفل وقال بصوته العميق دون ان يفتح عيناه : في هذه الحال يمكننا ان نتزوج ولن تكوني بحاجة للمغادرة او الذهاب الى اي مكان .
فأخذ قلبها ينبض بشدة لأنها ظنت انه نائم ولكنه لم يكن كذلك فقالت بتلعثم : انت ...انت كنت مستيقظاً طوال الوقت !
فأبتسم اليخاندرو بلطف ثم فتح عيناه ونظر اليها وسرعان ما طبع قبلة عميقة على جبينها وقال : لقد استيقظت في اللحظة التي جلستي بها الى جانبي على السرير وامسكتي يدي بيدكِ الناعمة .
فأحمرت ازميرالدا خجلاً وحاولت النهوض قائله بأحتجاج : يا لك من مخادع , لو كنت اعلم انك مستيقظ لما ....
فقاطعها عندما احكم عناقها وضحك قائلاً : لهذا لم افتح عيناي لأنني كنت اريد سماع ما تودين قوله ولو انني فعلت لما ادركت انكِ تحبينني ايضاً .
فأبتسمت ازميرالدا بخجل وقالت : ماذا تقصد بأيضاً , هل تحبني بدورك ؟
فأبعدها عنه قليلاً ونظر الى وجهها وقال بنبرة جادة : اليس الأمر واضحاً عليّ ؟
فقالت لكي تغيضه : لا اعلم فأنت احياناً تكون لطيفاً واحياناً اخرى تصبح بغيض لدرجة لا تطاق لهذا لم اميز الأمر ولكن يمكنك ان تخبرني بذلك الأن فانا اسمعك ولن اذهب الى اي مكان .
فأبتسم اليخاندرو ابتسامة تُذيب القلوب وداعب انفها بأنفه قائلاً : يا لكِ من شقية , حسناً استمعي اذاً يا سنيورا ازميرالدا ديلافيغا فأنا احبكِ بل اعشقك حد الجنون كما انكِ اول حب في حياتي وقد وقعت في حبكِ منذ الوهلة الأولى التي رأيتكِ بها نائمة على سريركِ الوردي عندما دخلت الى غرفتكِ في لوس أنجلوس وهذا هو السبب الرئيسي الذي جعلني اقبل ان اكون وصياً شرعياً عليكِ كما انني اغار عليكِ جداً لدرجة انني اتمالك اعصابي بصعوبة حتى لا اقوم بتحطيم عظام توم عندما يعانقكِ بالرغم من معرفتي انكما اخوين بالتبني .
فضحكت ازميرالدا بسعادة وقالت : انا لا اصدق انك تغار من توم !
فقال اليخاندرو بنبرة جادة : ليس توم فحسب بل اردت ان اقتلع عيون كل الرجال الذين يحدقون بكِ يومياً ولكن هذا ليس منطقياً لأنني وظفتهم لحماية المزرعة وان اقتلعت عيونهم لن يقوموا بواجبهم كما يجب لهذا سأحاول ان اتغاضى عن نظراتهم لكِ ولكن ان رأيت احدهم ينظر اليكِ بطريقة مثيرة للريبة ساقوم بسحق عظامه لأنكِ ملكي انا وحدي ولا يحق لأي شخص ان يحدق بكِ سواي هل تفهمين .
فقالت ازميرالدا بجدية : ولا حتى صديقك آرتورو خوسيه ؟
فقطب اليخاندرو حاجبيه وقال : لما ذكرتي اسمه الأن , هل فعل لكِ شيئاً عندما قام بخطفكِ ؟
فهزت رأسها بالنفي وقالت : كلا لم يفعل فقط قام بصفعي وقد اخبرتك بذلك ولكنه خطر في بالي بما اننا نتحدث .
فحررها اليخاندرو ونهض ثم اعتدل بجلوسه وقال : ولكن لما خطر في بالكِ بمثل هذا الوقت بالذات ؟
فأمسكت ازميرالدا يده واخذت تحدق بالخاتم الذي كان يزين خنصره وقالت : في الواقع اريد ان اسألك عن امر ما ولكن لا اريد منك ان تغضب مني لهذا لا اعلم ان كان يجب ان اطرح سؤالي ام لا .
فأمسك اليخاندرو ذقنها ورفع رأسها لكي تنظر اليه وقال : ما الذي يجول في خاطركِ ازميرالدا ؟
فشعرت ازميرالدا بالتوتر وهي تحدق في عينيه الزرقاوين مباشرةٍ لذا ازدردت ريقها وقالت : اخبرني هل ما قاله آرتورو عن علاقتك بزوجته صحيح ؟
فنظر إليها بنظرة غامضة دون ان يعلق وقد اطال التحديق بها فلم تستطيع سبر غوره بل ازدادت حيرتها كما ازداد توترها ولكنه اخيراً قرر تحرير لسانه من صمته الطويل فقال بنبرة صوت عميقة : لقد كنت غلام عندما قام والدي بقتل امي وعشيقها وبعدها اقدم على قتل نفسه وقد حدث هذا كله في يوم صادف أن يكون عيد ميلادي الرابع عشر وعوضاً عن اقامة حفلة اقمنا مأتم في المزرعة والسبب في ذلك ان... ان امي قررت خيانة ابي مع سائقها الخاص ولكنه اكتشف تلك الخيانة التي سببت اكبر مأساة في حياتي وبسبب ما حدث في الماضي فقدت ثقتي بجميع النساء ولم ألمس امرأة واحدة من قبل بمن فيهن ريبيكا زوجة آرتورو بالرغم من انها حاولت اغوائي في كثير من المرات لذا هل هذا يجيب على اسألتكِ ؟
فأمعنت ازميرالدا النظر به جيداً وكانت متأكدة بأنه يقول الحقيقة لذا اقتربت منه ثم احاطت ذراعيها حول خاصرته واسندت رأسها على صدره العريض وقالت بهدوء : انا اصدقك واسفة لانني ذكرتك باحداث الماضي .
فأبتسم اليخاندرو ثم طوقها بذراعيه ايضاً واخذ يملس شعرها قائلاً : لا بأس ولكن انتِ لم تخبريني بعد ما غايتكِ من السؤال عن هذا الموضوع.
قال ذلك ثم ابعدها عنه قليلاً حيث وضع يديه على كتفيها وابتسم بخبث ثم قال : هل تشعرين بالغيرة ؟
فزمت ازميرالدا فمها بحركة طفولية وقالت بتحدي : لا لانني اعلم بأنك تحبني أنا ولكن انتابني الفضول حيال الامر لا اكثر.
فرفع اليخاندرو حاجبيه بأستمتع وقال : هكذا الامر اذاً .
فابتسمت ازميرالدا بدورها ولم تعلق بل نظرت إلى الاصابة في رأسه ولمستها بلطف ثم نظرت الى عيناه وقالت بنبرة جادة : هل تشعر بالألم ؟
فهز رأسه بالنفي وامسك يدها ثم طبع عليها قبلة ناعمة وقال : لقد تعرضت في الماضي لإصابات خطيرة كادت ان تودي بحياتي لذا هذه الإصابة لا شيء ان قارنتها مع الإصابات الأخرى .
فسألته قائله : اخبرني ما سبب الثقب الذي في كتفك الأيمن والذي كان يحتوي على الشريحة الصغيرة .
فابتسم اليخاندرو عندما تذكر الحادثة التي نتج عنها إصابته برصاصة في كتفه الأيمن وقال بنبرة تنم عن التسلية : لقد كانت امرأة.
فقطبت ازميرالدا حاجبيها وقالت : ماذا تقصد بـ امرأة ؟
فضحك اليخاندرو وقال : اعتقد ان اسمها كان آيلانا آيفانفتش حسب ما اذكر وقد كانت واقعة في غرامي او ان صح القول مهوسة بي لدرجة انها حاولت قتلي مرتين لأنني رفضتها وقد فشلت في المرة الأولى ولكنها تمكنت من اطلاق النار عليّ في المرة الثانية وهكذا حصلت على هذا الثقب في كتفي .
ازميرالدا : يا لها من مجنونة ، وماذا حل بها ؟
اليخاندرو : لا اعلم ، لقد هربت بعد ان اطلقت النار عليّ اثناء خروجي من الشركة ومنذ ذلك الوقت لم اسمع عنها اي خبر .
ازميرالدا : ومتى حدث ذلك ؟
اليخاندرو : منذ ست سنوات تقريباً وقد طلبت من الطبيب الذي اجرى لي عملية استخراج الطلقة النارية من كتفي ان يقوم بزرع الشريحة الألكترونية مكانها ولكنني لم استخدمها ابداً حتى يومنا هذا.
فعادت ازميرالدا ووضعت رأسها على صدره وقالت : لا بد وانك شعرت بألم فظيع عندما غرست ذلك المسمار في كتفك لكي استخرج الشريحة لذا انا اعتذر.
اليخاندرو : لا تعتذري بل انا من يجب عليه ان يشكركِ لأنكِ لم تخذليني وفعلتي ما طلبته منكِ على اكمل وجه لذا انتِ تستحقين الثناء والمديح على شجاعتكِ يا لؤلؤتي الصغيرة .
في تلك اللحظة شعرت ازميرالدا بأنها ملكت العالم أجمع لان الرجل الذي تحبه كثيراً اثنى عليها فضغطت نفسها الى جسده اكثر والتصقت به وهي تعانقه كالعلقة قائله : شكراً لك اليخاندرو ، ما قلته الان يعني لي الكثير .
فضحك اليخاندرو وقال : حسناً يا حبيبتي الا تشعرين بالنعاس فقد تأخر الوقت كثيراً.
فارادت ازميرالدا ان تنهض ولكنه منعها بضغطة واحدة من ذراعيه القويتين وقال : نامي الى جانبي هذه الليلة.
فتوردت وجنتا ازميرالدا وقالت : ولكن ماذا لو جاء احدهم ورأنا ؟
فضحك اليخاندرو ملئ فمه مما جعلها تحتج قائله : ما المضحك في كلامي !
فتوقف عن الضحك ولم تختفي ابتسامة واردف قائلاً : يا لك من فتاة بريئة وساذجة ، اولاً لن يدخل اي شخص الى هذه الغرفة الا بأذن من روبيرتو شخصياً وهو يعلم انكِ برفقتي لذا من البديهي أن يمنع دخول المتطفلين لانه يعلم بأننا عاشقان ونحتاج لبعض الخصوصية ثانياً والاهم نحن لن نفعل شيئاً سوى النوم جنباً إلى جنب لانني لستُ بحالة صحية تخولني من فعل أي شيء في الوقت الراهن ولكننا سنعالج هذه المسألة عندما تصبحين زوجتي لذا لا داعي للقلق .
فأبتسمت ازميرالدا وقد ازداد خجلها فاحنت رأسها وقالت بمراوغة : وهل تنوي الزواج بي حقاً ؟
فقبل جبينها وقال : لطالما أردتُ ذلك لذا اول ما سنفعله عندما نخرج من المستشفى هو شراء فستان زفاف وخاتم من الماس يليق بأن تضعيه يا سنيوريتا حول اصبعكِ الجميل لذا هيا نامي الان لانكِ تبدين متعبة للغاية.
فاستلقت ازميرالدا وقد اتخذت من صدره وسادة وقالت : عمت مساءً حبيبي.
قالت ذلك واغمضت عيناها وما هي الا دقائق قليلة حتى غرقت في سبات عميق اذ انها كانت منهكة جداً بسبب الاحداث الاخيرة بينما تنهد اليخاندرو ودثرها بالغطاء جيداً واخذ يربت على كتفها كما لو انها طفلة تنام في حضنه ولكن تفكيره كان منشغل بأمر اخر قرر أن يضع له حداً هذه المرة والا الابد.
استيقظت ازميرالدا في اليوم التالي وتفاجأت بأن الصباح قد انقضى بالفعل حيث انها فتحت عينيها في تمام الساعة الواحدة ظهراً ولم يكن اليخاندرو نائماً بجوارها بل كان جالساً على شرفة الغرفة برفقة روبيرتو وامرأة شقراء يشربون القهوة ويتحدثون مما جعلها تعقد حاجبيها وقالت بتساؤل : من هذه المرأة يا ترى ؟
قالت ذلك ثم ابعدت الغطاء عنها ووضعت قدميها على الارض ولكنها تأوهت بصوت عالٍ عندما حاولت الوقوف على قدمها المصابة مما جعل اليخاندرو والبقية ينتبهوا عليها فنهض هو بسرعة وقطع المسافة ما بين الشرفة والغرفة ثم هرع نحوها لكي يسندها وقال : هل أنت بخير يا عزيزتي ؟
قال ذلك ثم ساعدها لتجلس على السرير مجدداً فقالت له : اجل لا تقلق.
في تلك اللحظة اقترب روبيرتو وبرفقته المرأة الشقراء ثم ابتسم وقال : كيف حالكِ اليوم يا عزيزتي ازميرالدا ، هل تشعرين بتحسن ؟
فقالت ازميرالدا وهي تحدق بالمرأة : اجل ، شكراً لك.
فابتسمت المرأة واقتربت منها قائله : تسعدني رؤيتكِ اخيراً يا عزيزتي ، انا أيفا خوسية صديقة هذان الرجلان .
فاتسعت عينا ازميرالدا عندما سمعت الاسم وقالت بأندفاع : انتِ احد افراد عائلة ذلك الخسيس آرتورو !
فلم يستطيع روبيرتو كتم ضحكته ولا اليخاندرو ايضاً بينما ابتسمت آيفا وقالت بمزاح : انا شقيقة ذلك الخسيس واردت مقابلتكِ منذ زمن حتى اعتذر منكِ بالنيابة عنه عما فعله بكِ لذا ارجو ان تقبلي اعتذاري.
فقالت ازميرالدا ببعض التساؤل : انا لا افهم كيف انتما شقيقين وطباعكما مختلفة فهو كان بغيض جداً في معاملته معي ولكنكِ عكسه تماماً .
آيفا : سأعتبر كلامكِ هذا اطراء يا عزيزتي.
فقال اليخاندرو : انا اعلم بأنكِ تتسائلين الان عن طبيعة العلاقة التي بيننا وبين آيفا في حين ان شقيقها آرتورو يعتبرني عدوه اللدود اليس كذلك يا حبيبتي ؟
ازميرادا : في الواقع انت محق فانا فضولية جداً بهذا الشأن.
فقالت آيفا : الأمر ببساطة انني مختلفة عن اخي ولا اسمح لعواطفي بأن تتحكم بي بل انني افكر بعقلي وعندما عدت إلى المنزل برفقة آرتورو في تلك الليلة منذ اربع سنوات ورأينا ريبيكا الحقيرة متعلقة بعنق اليخاندرو بطريقة حميمية ظننت في البداية انهما قاما بخيانة اخي حقاً ولكن عندما جلست مع نفسي وبدأت افكر بالامر جيداً توصلت إلى نتيجة مختلفة لانني اعرف اليخاندرو منذ ان كنت طفلة ولم يسبق له وان قام بخيانة اي شخص لذا قررت أن اسمع القصة منه وادركت انه بريء وان ريبيكا هي الخائنة الوحيدة ولكن اخي لا يصدق هذا الكلام وقد اعمى الغضب بصيرته عن حقيقة الموضوع ويرفض الأعتراف بأنه ظلم اليخاندرو لانه ان اعترف بخطئه فهذا يعني انه يعترف بأن لديه عقدة نقص وخصوصاً لان زوجته الحقيرة فضلت صديق طفولته عليه مع انه قدم لها كل شيء تتمناه اي امرأة أخرى .
فشعرت ازميرالدا بالتعاطف مع آرتورو فقالت بصدق : مسكين آرتورو لا بد وان ما حدث سبب له جرح عميق في الكرامة.
فكتف روبيرتو ذراعيه وقال : يا ليته يفهم ان لا علاقة لاليخاندرو بما حدث منذ اربع سنوات فقد سأمنا من المشاجرة كلما تقابلنا كما تتشاجر الديوك الرومية.
فقال اليخاندرو بنبرة جدية : لهذا فكرت في وضع حد لهذا النزاع الذي بيننا والا الابد.
فنظروا جميعاً اليه وقالت آيفا بلهفة : حقاً ؟
اليخاندرو : اجل ولكن الأمر قد يكون قاسياً ووحشي بعض الشيء ولكنها الطريقة الوحيدة التي يفهمها آرتورو.
قال ذلك ثم نظر إلى روبيرتو بنظرة ذات مغزى وتابع قائلاً : وان نجحت سنكون جميعنا سعداء.
فأبتسم روبيرتو وكأنه فهم ما الذي يلمح له اليخاندرو فقال : اذاً يجب أن تبذل قصارى جهدك يا صديقي لاني اعتمد عليك.
فبادله اليخاندرو الابتسامة وقال : لا تقلق ولكن يجب أن تفعل ما اخبرتك به سابقاً كي تنجح خطتي وانا ارى ان الوقت الآن مناسب جداً لفعل ذلك .
فأومى روبيرتو برأسه ونظر إلى آيفا قائلاً : هل نستطيع التحدث قليلاً على انفراد يا آيفا ؟
فقالت بتساؤل : ما الامر ؟
فأمسك بذراعها وقال : تعالي معي وسأخبركِ .
قال ذلك ثم سحبها خلفه وسرعان ما خرجا من الغرفة فنظرت ازميرالدا الى اليخاندرو وقالت : ما الذي حدث يا اليخاندرو ولما تصرف روبيرتو بهذه الطريقة الغريبة ؟
فأبتسم اليخاندرو ثم انحنى وقبل رأسها وبعدها قال : لا تشغلي بالكِ بهذه الامور الان يا حبيبتي وانا سأقوم بإستدعاء ريتا لكي تساعدكِ على دخول الحمام.
فتذكرت ازميرالدا توم وريتا اخيراً فقالت بأندفاع : يا الهي كيف نسيتهما !
فضيق اليخاندرو عينيه وقال : من هما ؟
ازميرالدا : ريتا وتوم ، لقد كانا متعبان جداً في الليلة الماضية لذا تركتهما نائمان في الغرفة المجاورة ولا بد وان توماس شعر بالقلق عندما استيقظ ولم يجدني في الغرفة لذا يجب ان اذهب واتحدث معه لكي يطمئن قلبه.
قالت ذلك ثم ارادت ان تنهض ولكن اليخاندرو اوقفها بوضع يديه على كتفيها وقال : لا تقلقي فهو يعلم بأنكِ هنا فقد اتى في الصباح الباكر لكي يطمئن عليكِ عندما اخبره الحارس انه ساعدكِ للوصول إلى غرفتي وقد طلبت منه ان يدعكِ تنامين مدة أطول لانكِ بدوتي متعبة جداً.
ازميرالدا : واين هو الان ؟
اليخاندرو : لقد أوكلت إليه مهمة وقد ذهب لكي ينفذها ولن يتأخر في العودة.
ازميرالدا : قلت مهمة ، ما هي ؟
اليخاندرو : انها متعلقة بالعمل لذا لا تهتمي.
ازميرالدا : حسناً واين ريتا الان ؟
اليخاندرو : انها في الخارج ، سأذهب واخبرها بأن تدخل لكي تساعدكِ.
قال ذلك ثم طبع قبلة على خدها وبعدها قال : لا تتحركي من مكانكِ حتى تأتي ريتا اتفقنا .
فتنهدت وقالت : حسناً .
اليخاندرو : فتاة مطيعة.
- ثم خرج من الغرفة واخبر ريتا ان تدخل لكي تساعد ازميرالدا ففعلت ذلك بصدر رحب اما بالنسبة لروبيرتو وآيفا فذهبا الى حديقة المشفى لكي يتحدثان وقد اختار روبيرتو بقعة هادئة تخلو من الناس حتى يتسنى له التحدث معها براحة أكبر فقالت له بنبرة تنم عن الفضول : ما الامر روبيرتو ، اخبرني لما اتينا الى هنا ؟
فامسك روبيرتو يدها وقال : اجلسي اولاً آيفا لان حديثنا قد يطول.
قال ذلك وساعدها لتجلس على مقعد حجري كان تحت ظل شجرة بلوط كبيرة فجلست وقالت : حسناً ها قد جلست.
فانحنى روبيرتو بجسده و للوهلة الأولى بدى وكأنه يريد ان يجلس الى جوارها على المقعد الحجري ولكنه عوضاً عن ذلك ركع امامها على ركبته بحركة ادهشتها وامسك يدها فقالت : ماذا تفعل روبيرتو ؟
فنظر إليها بنظرة جدية للغاية وقال : سنيورا آيفا خوسيه هل تقبلين الزواج بي ؟
في تلك اللحظة اتسعت عينا آيفا ولم تصدق ما سمعته منه لذا قالت : ماذا قلت للتو !
فشد روبيرتو على يدها وقال : انا اعرض عليكِ الزواج بي يا سنيوريتا والسبب هو انني احبكِ وارغب بشدة ان اقضي سنوات حياتي القادمة برفقتكِ لذا اخبريني ما رآيكِ حيال هذا الامر ؟
فذرفت آيفا دموع الفرح ورفعت يدها اليسرى ووضعتها على خده قائله : اوه روبيرتو انا لا اصدق انك تعرض الزواج عليّ بهذه البساطة والعفوية وانت تعلم جيداً أن اخي آرتورو لن يوافق على هذه العلاقة بل انه من سابع المستحيلات ان يفعل ذلك.
فتمسك روبيرتو بيديها كغريق يتمسك بقشة وقال : دعي آرتورو جانباً الان يا آيفا واخبريني هل تبادليني الحب لدرجة انكِ ترغبين بالزواج مني كما ارغب انا ؟
فأمعنت النظر به جيداً وسرعان ما قالت بنبرة شاعرية : لطالما أردتُ ذلك اذ انني احببتك منذ اللحظة الأولى التي رأيتك فيها.
فتأثر روبيرتو بسبب كلماتها وتأوه قائلاً : آيفا يا حبيبتي انا احبكِ كثيراً.
قال ذلك ثم رفع جسده وقبلها بحب وبعدها ابتسم وقال : اعدكِ بأن حياتنا ستكون مفعمة بالحب والاحترام المتبادل.
فامسكت يده وقالت : انا لا اشك في هذا ولكن ماذا عن آرتورو ؟
فتنهد روبيرتو ثم جلس إلى جوارها وقال : لقد قرر اليخاندرو وضع حد للخلاف الذي بينهما من اجلي لانه يعلم بأنني احبكِ واريد الزواج بكِ ويعلم أن شقيقك ِالعنيد يعترض بأن يكون بيني وبينكِ علاقة غرامية لهذا وضع خطة مجنونة قليلاً ولكنها الطريقة الوحيدة التي يفهمها آرتورو وانا واثق انه بالرغم من كرهه الشديد لنا الا انه ما زال يحترم مبادئه وما زال يتذكر كيف كنا اصدقاء مقربين ويجمعنا رابط صداقة قوي لذا لا اعتقد بأنه سيرفض عرض اليخاندرو.
فقالت آيفا بتساؤل : انا لا افهم عما تتحدث الأن ، ماذا تقصد بعرض اليخاندرو !
فابتسم روبيرتو وقال : ما اقصده يا حلوتي هو نزال حقيقي بينهما دون تدخل اي شخص والفائز منهما سيفرض شروطه على الآخر وعلى الخاسر الموافقة عليها دون نقاش .
فنهضت آيفا وقالت بفزع : هل تقصد انهما سوف يتقاتلان حتى الموت !
فنهض روبيرتو وضحك قائلاً : ليس الى هذه الدرجة يا حبيبتي اذ ان القتل سيكون محضرًا في هذا النزال وعلى اي حال انا واثق تماماً بأنهما لن يقتلا بعضهما البعض فهما قبل أن يكونا على خلاف كانا صديقين مقربين للغاية ولا اظن انهما نسيا هذا الأمر مهما كان الخلاف بينهما معقد.
فقالت آيفا بقلق : ولكن يا روبيرتو ان هذا جنون فانت تعرف كم يحقد آرتورو على اليخاندرو بسبب ما فعلته به ريبيكا الخائنة وان سنحت له الفرصة في ان يتقاتل معه لن يكتفي حتى يموت احدهما.
فعانقها روبيرتو قائلاً : لا تقلقي يا عزيزتي بل ثقي باليخاندرو فهو يعلم ما الذي يفعله كما انني اعتقد انها فرصة ذهبية بالنسبة لآرتورو لكي يثبت نفسه ويتخلص من عقدة النقص التي لديه.
آيفا : ولكنه ليس نداً لاليخاندرو ومهما كان قوياً فلن يتمكن من التغلب عليه اذ ان اليخاندرو هو من علمه فنون القتال .
فابتسم روبيرتو وقال : ومن قال بأن التلميذ لا يستطيع التغلب على استاذه ، بل يمكنه فعل ذلك ان عزز ثقته بنفسه وبذل قصارى جهده ولم يتهاون في استخدام قوته الجسدية وانا واثق ان آرتورو لن يتهاون ابداً ثم حتى وإن لم يتمكن من التغلب عليه فهذه ليست مشكلة بل انه على الاقل سيكون قد شفى غليله بعد ان يضرب اليخاندرو عدة ضربات .
فضحكت آيفا رغماً عنها وقالت : يا له من جنون هذا الذي تفكرون به ، اعني منذ متى اصبح العنف حلاً للمشاكل !
فابتسم روبيرتو وداعب انفها قائلاً : بعض الأحيان يكون العنف هو الحل الوحيد لوضع حد للخلافات وعادةً نحن الرجال لا نتحدث بألسنتنا بل بقبضة ايدينا .
غادرت ازميرالدا المشفى في تمام الساعة الثالثة عصراً برفقة كل من اليخاندرو وريتا وروبيرتو والحراس الشخصيين وتوجهوا فوراً إلى المزرعة وحين وصلوا كان توماس بانتظارهم فسألته ازميرادا قائله : اين اختفيت فجأة ؟
فأبتسم لها وقال : لقد أوكلني السنيور بمهمة لهذا توجب عليّ العودة الى هنا لكي انجزها .
فقال اليخاندرو : وهل انهيت ما طلبته منك يا توم ؟
فنظر توماس اليه وقال بابتسامة : اجل ، وانا واثق ان الامر سيعجبكم جداً .
فقالت ريتا بفضول : عما تتحدثان ؟
فنظر اليها اليخاندرو وابتسم قائلاً : لا تتعجلي الامور يا عزيزتي ريتا وسوف تعلمين كل شيء في آوانه .
اما روبيرتو فقال : حسناً يا اليخاندرو اعتقد انه آن الأوان لكي نذهب الآن .
فأومى له اليخاندرو برأسه وقال : حسناً .
قال ذلك ثم التفت إلى ازميرالدا وابتسم لها قائلاً : انا اعتذر يا حبيبتي لانني مضطر لأن اترككِ قليلاً اذ انه لدي عمل في الوقت الراهن .
فقالت له بتفهم : لا داعي للاعتذار فانا سأكون مشغولة ايضاً اذ ان ريتا ستعلمني كيفية صنع حلوى الهلام وانا متشوقة لفعل ذلك.
فابتسم اليخاندرو مجدداً وقال : حسناً اذاً ، اراكم في ما بعد .
قال ذلك ثم غادر برفقة روبيرتو ولحق بهما كل من جيمي وداني وفرانك وهم اكثر الرجال الذين يثق بهم اليخاندرو بعد روبيرتو ، اما ريتا فنظرت إلى توم بسرعة وسرعان ما تعلقت بذراعه قائله : اخبرني ما هي المهمة التي طلبها منك السنيور يا حبيبي .
فأبتسم توم وقال : انها سر ولست ممن يفشي الأسرار يا حبيبتي لذا ان اردتي معرفة ذلك يجب ان تنتظري حتى يأتي الوقت المناسب.
فضحكت ازميرالدا بينما زمت ريتا فمها وقالت باحتجاج : ولكننا حبيبين والاحباب لا يخفون أسراراً عن بعضهما البعض .
فوضع توم يده على ذقنه كمن يفكر وقال بمراوغة : لديكِ وجهة نظر ولكنها ليست مقنعة ابداً لذا فكري بطريقة أخرى لمحاولة اقناعي لعلي اغير رأيي .
فأبتسمت ريتا وقالت : في هذه الحالة انا مضطرة لفعل هذا .
قالت ذلك ثم وقفت امامه ودون سابق إنذار تعلقت بعنقه ثم قبلته قبلة عميقة جعلته يندهش فحركت ازميرالدا عيناها بشكلٍ دائري ثم هزت رأسها تعبيراً مجازياً وتركتهما بمفردهما فابعد توم ريتا عنه وقال : يا لكِ من جريئة ، كيف امكنكِ فعل هذا امام ازميرالدا !
فأبتسمت وقالت : لقد طلبت مني ان احاول اقناعك لذا فعلت ذلك وانت الان اصبحت مدين ليّ بأعتراف فأخبرني ما هي المهمة التي طلبها منك السنيور لانني اكاد اموت من شدة الفضول .
فضحك توم وقال : هل تعلمين بأنكِ اكثر شخص فضولي قابلته في حياتي كلها ؟
فتأبطت ذراعه وقالت : كف عن المراوغة واخبرني لانني لن ادعك الا عندما اعرف ما الذي تخططان له انت والسنيور .
فأبتسم توم بخبث وابعد يدها عن ذراعه ثم قال : لقد سبق وان اخبرتكِ بأنني لست ممن يفشي الأسرار ابداً ولا تعتقدي أنك ِان قمتي بتقبيلي بتلك الطريقة فهذا يعني انني ساخون ثقة السنيور التي وضعها في .
قال ذلك ثم مرر ابهامه على فمها الصغير وقال بنبرة خبث : بالمناسبة لقد اعجبني مرطب الشفاه الذي تضعين منه .
قال ذلك ثم تركها فضربت الارض بقدمها وقالت بأنزعاج طفولي : اللعنة توم هذا ليس عدلاً على الاطلاق !
فسمعته يضحك وهو يصعد الدرج مما جعلها تتأفف وقررت غض النظر عن الأمر برمته لذا توجهت إلى المطبخ حيث كانت ازميرالدا جالسة تنتظرها بينما كانت الخادمة ريجينا تقوم بتقشير بعض من الفاكهة الطازجة فنظفت ريتا حلقها وقالت : اعتذر ان كنت قد تأخرت عليكِ .
فابتسمت ازميرالدا وقالت : لا عليكِ ، هل نبدأ ؟
فبادلتها ريتا الابتسامة وقالت : حسناً ، هيا بنا .
- قالت ذلك ثم بدأت تُخرج من احدى الخزائن الادوات و المقادير اللازمة لصنع حلوى الهلام وقد جلست ازميرالدا تراقبها بأهتمام وكذلك فعلت ريجينا الامر ذاته ، اما بالنسبة لاليخاندرو ومن معه فقد توجهوا إلى مزرعة آل خوسيه وقد كانت هذه المرة الأولى الذي يذهبون بها الى هناك منذ اربع سنوات وقد تفاجأ رجال آرتورو عند رؤيتهم لرجال المافيا وزعيمهم وقد سيطر عليهم التوتر فتقدم احدهم من سيارة الجيب السوداء التي كان يقودها جيمي والى جانبه روبيرتو وفي الخلف كان اليخاندرو جالساً بكل هيبة وفخر وهو يضع نظارة شمسية سوداء تخفي نصف وجهه الاسمر وقال الرجل بتوتر : ما الذي اتى بكم إلى هنا يا سادة ؟
فاكتفى اليخاندرو بالصمت اذ انه ترك الامر لروبيرتو الذي قال بنبرة ثقة : اخبر سيدك ان الدون اليخاندرو ديلافيغا قد اتى لزيارته ويرغب بالتحدث معه بخصوص موضوع مهم .
فنظر الرجل الى اليخاندرو وسرعان ما التفت إلى شريكه وقال له : افعل ذلك يا ديف .
فأومى المدعو ديف بالموافقة ثم ابتعد وهو يتحدث عبر جهاز الا سلكي مع رجل اخر ثم انتظر الرد قليلاً وبعدها عاد إلى حيث كان البقية ينتظرون وقال : تفضلوا بالدخول رجاءً فأن السنيور ينتظركم .
قال ذلك ثم فتح الحاجز لكي تمر السيارتين فقاد جيمي السيارة الأولى نحو الامام ولحق به كل من داني وفرانك في السيارة الاخرى والتي كانت مطابقة تماماً للسيارة التي يقودها زميلهم ، اما آرتورو فكان يجوب الحديقة ذهاباً وإياباً ويتساءل ما هو الموضوع المهم جداً والذي حمل الدون اليخاندرو ديلافيغا للقدوم الى مزرعته بعد مضي اربع سنوات لذا حاول تمالك نفسه على قدر الأمكان وقد طرد ذكرى تلك الليلة من رأسه حيث تذكر منظر زوجته وهي في وضع حميمي مع صديق طفولته وقرر ان يبدو غير مبالي بالسبب الذي جعله يأتي لتحدث معه .
لذا عندما قام رجله المدعو فيليب بمرافقة الضيوف الى المكان الذي كان يجلس فيه تظاهر انه يقوم بنحت نسر من الخشب حيث انه كان يفعل ذلك حقاً قبل ان يتصل به الحارس المدعو ديف ويخبره ان اليخاندرو جاء ويريد التحدث معه ، فقال فيليب : لقد وصل ضيوفك يا سنيور خوسيه .
فوقف اليخاندرو ومن معه يحدقون بآرتورو الذي كان منهمك في نحت ذلك النسر وسرعان ما قال الاخير دون ان يكلف نفسه عناء النظر اليهم : فليجلسوا اذاً .
قال ذلك ثم حرك رأسه وفي تلك اللحظة تقابلت نظراته مع نظرات اليخاندرو الذي نزع نظارته الشمسية ورفع حاجبيه بأستنكار وسرعان ما تحرك بخطواته نحو الامام وجلس على المقعد الوثير ثم وضع قدم فوق الاخرى وقال بسخرية : لا تبدو سعيد برؤيتي يا صديقي القديم .
فوضع آرتورو النسر الخشبي من يده بحركة عنيفة وقال بحدة : لا تدعوني بهذه الصيغة مجدداً فانا لست صديقك ابداً لذا قل ما تود قوله بسرعة وغادر من هنا فانا لن اكذب واقول بأنني سعيد بهذه الزيارة الغير متوقعة منك .
وبعد ان سمع اليخاندرو ما قاله آرتورو اختفى تعبير السخرية عن وجهه ليحل محله تعبير جدي للغاية فانزل قدمه وتحرك في مقعده بحيث احنى ظهره قليلاً وقال بصوت عميق : اعلم جيداً يا آرتورو انني لم أكن انوي القدوم الى منزلك ابداً بعدما طردتني منه في تلك الليلة المشؤومة منذ اربع سنوات ولكن كما يقولون ان للضرورة أحكام وقد اتيت لرؤيتك اليوم بهدف وضع حد للخلاف السخيف الذي بيننا والذي طالت مدته واصبح تافهاً .
فرفع آرتورو حاجبيه وقال : اذاً انت تريد الصلح !
فعاد اليخاندرو واسند ظهره الى المقعد وقال بثقة : يمكنك قول هذا.
فضحك آرتورو ملئ فمه مما جعل روبيرتو الواقف برفقة الرجال الثلاثة يحرك عيناه بشكلٍ دائري وكانت حركته تلك تنم عن الضجر اما اليخاندرو فكان صبوراً لذا انتظر آرتورو لكي ينهي ضحكته الساخرة وقال : ان انتهيت من الضحك هل استطيع متابعة كلامي ؟
فقال آرتورو بابتسامة ساخرة : ارجو المعذرة ولكن هل ما سمعته الان حقيقي !
فضرب اليخاندرو ذراع المقعد بحركة عصبية اذ ان آرتورو قام بأستفزازه بتصرفاته الساخرة فقال بحدة : كف عن هذا آرتورو فانا لم أتي إلى هنا بعد مضي اربع سنوات فقط لتسخر مني .
في تلك اللحظة غابت البسمة عن وجه آرتورو الوسيم وحل محلها تعبير ينم عن الاشمئزاز فقال من بين اسنانه : لا تصرخ في وجهي اليخاندرو فانا لست احد هاؤلاء الكلاب الذين احضرتهم معك لحمايتك .
فقال روبيرتو بحدة : هيي حافظ على الفاظك يا هذا والا ...
فاوقفه اليخاندرو بحركة من يده وقال لآرتورو بنبرة حادة : اولاً هم ليسوا كلاباً بل انهم جزء مني ويمثلون شخصيتي امام الناس لذا اياك وان تجرؤ على اهانتهم مجدداً لان ردة فعلي لن تعجبك ، ثانياً انا اصرخ في وجهك متى اشاء وكيف ما اشاء لانك لا تفهم بالكلام اللطيف وثالثاً والاهم ان بقيت تتصرف بهذا الجنون قد افقد عقلي واقوم بضربك واغض النظر عن الهدف الأساسي من هذه الزيارة لذا اخبرني الان هل تود الاستماع لما سأقوله ام لا ؟
فضاق آرتورو ذرعاً به واراد ان يقوم بأهانته ولكنه كان فضولي جداً لمعرفة السبب الذي جعل اليخاندرو ديلافيغا يأتي لزيارته بغض النظر عن الخلاف الذي بينهما لذا زفر الهواء من فمه وقال بجفاء : هات ما عندك فكلي آذان صاغية .
فابتسم اليخاندرو وقال : ها قد عاد اليك عقلك اخيراً لذا استمع لما سأقوله جيداً .
فحرك آرتورو عيناه الزرقاوين بحركة دائرية تنم عن نفاذ الصبر ثم نظر اليه وقال : حسناً تحدث .
فشبك اليخاندرو اصابع يديه بعضها البعض وقال بجدية : اعلم بأنك لا تطيق النظر في وجهي وانك تتمنى لو اختفي من هذا العالم لان وجودي يسبب لك عدم الراحة كما انني اعلم بأنك شعرت بالخيانة العظمى عندما رأيتني بوضع حميمي مع زوجتك مما سبب لك جرح عميق في الكبرياء لهذا اصبحت تتعمد ازعاجي وازعاج رجالي كلما سنحت لك الفرصة وسبب هذا كله هو عدم ثقتك بنفسك آرتورو فانت مهما حاولت انكار الامر الا انك لا تستطيع خداعي أبداً وانا على ثقة تامة بأن ما فعلته ريبيكا بك جعلك تعاني كثيراً وزعزع ثقتك بنفسك واصبحت تراني مصدر تعاستك لان زوجتك فضلتني عليك .
في تلك اللحظة دفع آرتورو المقعد الى الخلف بعنف وهب واقفاً ثم اردف قائلا ًبأنفعال : هراء ، كل ما قلته الان هراء فانا اثق بنفسي كثيراً ولست نادماً ابداً عما كنت اسببه لك من ازعاج اما بالنسبة لتلك الحقيرة ريبيكا فهي لا تهمني ابداً اذ انها كانت كلبة مال وباحثة عن الذهب وتزوجتني فقط لتنعم بحياة الثراء ومن الجيد انها اقدمت على خيانتي لكي اكتشف حقيقتها البشعة واطردها من منزلي وحياتي كلها.
فنهض اليخاندرو ايضاً وقال باصرار : كف عن خداع نفسك آرتورو لانك ان لم تتقبل الحقيقة لن تتمكن من التغلب على عقدة النقص التي تعاني منها وستبقى دائماً تدور حول نفسك في حلقة فارغة ولن تتقدم في حياتك ابداً كما انك سترهق نفسك وترهق من حولك ايضاً .
فالتفت آرتورو اليه وسرعان ما انقض عليه فأمسك ياقته وفي تلك اللحظة اراد جيمي ان يتحرك ولكن روبيرتو منعه من فعل ذلك بحركة من يده فقال آرتورو بصراخ : ايها الحقير ، من انت حتى تأتي إلى منزلي وتخبرني انني اعاني من عقدة نقص ؟
فدفعه اليخاندرو بقوة وقال بحدة : انا صديقك حتى وان حاولت انكار هذه الحقيقة بشتى الوسائل ولانني صديقك واكثر شخص يهمني امرك فمن واجبي ان احاول مساعدتك لتنسى كل ما فعلته بك تلك الساقطة ريبيكا والتي كانت السبب في خلافنا لذا ان اردت تحرير غضبك المكبوت منذ اربع سنوات فانا اعرض عليك الان مواجهتي في نزال رسمي في ساحة المدينة وامام جميع الناس كما انني اعدك الان بشرفي ان تغلبت عليّ سأعترف بانك اقوى مني ولكن ان تغلبت انا عليك فانت ستعترف بأنك ظلمتني وستوافق على زواج روبيرتو من شقيقتك آيفا لانهما يحبان بعضهما كثيراً ولكنك تقف حجر عثرة في طريق سعادتهما .
فنظر آرتورو الى روبيرتو وضم قبضته واردف قائلاً بعصبية : هل لمستها ايها الحقير ؟
فقطب روبيرتو حاجبيه وقال بأنزعاج : لا تتفوه بالهراء آرتورو فهذا افضل لك وليكن في علمك انني احب آيفا وهي تحبني وحبنا طاهر ونقي لذا لا تحاول ان تلوثه بأفكارك الدنيئة .
فنظر آرتورو الى اليخاندرو وقال : حسناً اليخاندرو ، انا اقبل عرضك وليكن في علمك انني لا اخشى مواجهتك ابداً وسأبرحك ضرباً لانني لن اسمح لك بهزيمتي كما انني لن اسمح لهذا الوقح الذي تَعلم المغازلة على يدي بأن يتزوج اختي فهي تستحق رجل افضل منه بكثير .
فابتسم اليخاندرو وقال : حسناً ، سنلتقي مجدداً في ساحة المدينة بعد يومين في تمام الساعة الواحدة ظهراً لذا تدرب جيداً لانني لن اتهاون معك ابداً .
فكتف آرتورو ذراعيه وقد ابتسم بتحدي وقال : انا متحمس لهذا النزال منذ الان .
فقال روبيرتو بأنزعاج : وايضا ًيجب ان تعلم ان استخدام الادوات الحادة محضور تماماً لذا يجب ان تعتمد على قبضة يدك في القتال .
فابتسم آرتورو بسخرية وقال : انا لا احتاج لاستخدام اي أداة حادة فهذا ليس ممتعاً ابداً اذ انني افضل استخدام قبضتي في تحطيم وجه خصمي .
فمد اليخاندرو يده للمصافحة وقال : اتفقنا اذاً .
قال ذلك ثم نظر إلى آرتورو بتحدي لكي يحثه على مصافحته فشعر الاخير بهذا التحدي لذا لم يتردد في مصافحة اليخاندرو وقال : سوف اهزمك شر هزيمة ، فقط انتظر وسترى ماذا سأفعل بك .
فابتسم اليخاندرو وقال : انا اتطلع لذلك لذا لا تخيب أملي .
قال ذلك ثم ارتد على عقبيه وسرعان ما لحق به رجاله الثلاثة الا روبيرتو الذي اقترب من آرتورو وقال بنبرة تهديد واضحة : لا تحاول ازعاج آيفا والا ستجدني اقف لك بالمرصاد .
فضحك آرتورو بسخرية وقال : اذهب يا صغيري فعملي ليس معك بل مع زعيم عصابتكم لذا لا تكثر من الكلام الذي لن تتمكن من تنفيذه فهذا قد يضعك في موقف محرج .
فابتسم روبيرتو ابتسامة شريرة وقال : انت تعرفني جيداً آرتورو وتعلم انني لا اتحدث بالهراء لذا يستحسن أن تتجنب ازعاج حبيبتي آيفا لانك ان ازعجتها فلن تعجبك ردة فعلي .
قال ذلك ثم ارتد على عقبيه واراد ان يغادر ولكن آرتورو اوقفه بقوله : هل تحب اختي حقاً يا روبيرتو ؟
فنظر روبيرتو اليه وقال بجدية : احبها كما لم احب احداً من قبل .
فكتف آرتورو ذراعيه وابتسم بخبث قائلاً : اذاً سأكون سعيد جداً في حرمانك من رؤيتها مجدداً.
فبادله روبيرتو الابتسامة وقال : سنرى ذلك... يتبع غداً
#حب_على_شفير_النار الجزء 19
- كان الجميع مجتمع حول مائدة العشاء في منزل اليخاندرو وكانوا يبدون سعداء جداً وكأنهم عائلة واحدة وقد كان العشاء الذي اعدته ريتا مما لذ وطاب شهي بشكلٍ كبير وتلاه بعد ذلك حلوى الهلام التي اعدتها هي وازميرالدا خلال النهار فجلسوا يتناولون الحلوى في صالة الجلوس حيث جلست ازميرالدا بجانب ابن عمها وحبيبها اليخاندرو على الاريكة الفاخرة وقد احاطها هذا الاخير بذراعيه القويتين ولم يأبه للسخرية الظاهرة على وجوه البقية وهم يراقبونه كيف يتعامل معها بحب مبالغ فيه بينما كانت هي تشعر بالخجل كلما اقترب منها وقبل وجنتها الوردية ومع ذلك كانت تشعر بالسعادة تغمرها وكأنها لم تعيش الحزن من قبل والامر ذاته بالنسبة لحبيبها الفاتن اليخاندرو ديلافيغا الذي انقلب من رجل خشن المعشر ومتسلط لابعد الحدود الى نسخة عن روميو الاسطوري والذي كان يجسد مثال حي للرومانسية والحب.
اما توماس فكان عاشقاً لريتا ايضاً ولكنه لم يكن جريء مثل اليخاندرو وكان الجميع قد علم بقصة حبه اللطيفة مع ريتا الجميلة وكذلك علموا بأن روبيرتو ميغيل واقع في الحب ايضاً مع آيفا خوسيه ولكنه كان يشعر ببعض الضيق لانها لم تكن برفقته في تلك اللحظات الشاعرية ومع ذلك قرر احترام القواعد التي فرضها عليه اليخاندرو عندما غادروا مزرعة آرتورو حيث طلب منه ان يبقى بعيداً عن آيفا في الوقت الراهن حتى يوم النزال والذي سيكون بعد يومين فقط وقد طلب منه فعل ذلك حتى لا يضع الفتاة في موقف محرج مع شقيقها الأكبر لذا اتصل بها وشرح لها الامر فأخبرته بأنها ستشتاق اليه خلال هذان اليومين القادمين كما واخبرته بأنها تشعر بالقلق الشديد وان حدسها الانثوي يخبرها بأن شيء سيء سيحدث في يوم النزال فطمئنها واخبرها ان كل شيء سيكون تحت السيطرة وعلى خير ما يرام لذا قررت أن تغض النظر عن احساسها الذي لا يُخطئ في العادة والثقة بكلام حبيبها ، اما آرتورو فمنذ ان غادر اليخاندرو مزرعته لم يستطيع كبت حماسه لذا قرر ان يتدرب بشكلٍ متواصل لانه يعلم انه مهما كان قوياً فلن يكون نداً لصديقه القديم الا ان تدرب بجد واصرار.
وعندما اصبحت الساعة تشير إلى الحادية عشر والنصف قبل منتصف الليل استأذن روبيرتو من البقية اذ انه شعر بالنعاس لذا ذهب الى غرفته وبعده بخمس دقائق نهض كلن من ريتا وتوم ايضاً وقررا ان يتمشيان قليلاً في الحديقة وبعدها ذهب كلن منهما الى غرفته وهكذا بقيت ازميرالدا برفقة اليخاندرو في غرفة المعيشة وكان هو ما يزال يحيط كتفيها بذراعه القوية ويرتشف النبيذ الأحمر المعتق من الكأس الكرستالية فنظرت اليه ورأته يشاهد فيلم الكاوبوي القديم المعروض على التلفاز بتركيز تام فابتسمت عندما لاحظت ان رموشه طويلة فرفعت اصبعها ولمست تلك الرموش مما جعله يغمض عينيه كردة فعل تلقائية وابتسم قائلاً : ماذا تفعلين ؟
فأبعدت يدها عن رموشه مما جعله ينظر إليها وقالت بابتسامة : بصراحة لقد فتنتني رموشك لهذا اردت لمسها.
فداعب اليخاندرو انفها وقال : هل رموشي فقط ما فتنكِ ؟
فشعرت بالخجل لذا احنت رأسها وقالت : انت تعلم.
فقرر ان يلعب معها لعبة المراوغة لذا وضع كأس النبيذ من يده وامسك يدها اليمنى ورفعها نحو فمه ثم طبع عليها ارق قبلة شعرت بها مما جعل القشعريرة تسري في جسدها وبعدها قرب وجهه من اذنها وهمس قائلاً : اعلم ماذا ، اخبريني.
فازدادت ازميرالدا خجلاً وقالت بصوت كاد أن يختفي : تعلم بأنك فاتن .
فابتسم اليخاندرو ولم يكتفي مما سمعه بل اخذ يمرر يده على ذراعها بنعومة وقال : فاتن وماذا ايضاً ؟
فنظرت اليه ولم تعد تحتمل المزيد من المشاعر المحمومة بالعاطفة التي يظهرها لها لذا ارادت ان تنهض قائله بتلعثم : اعتقد انه من الافضل أن اذهب إلى غرفتي فقد تأخر الوقت.
ولكنه لم يسمح لها بفعل ذلك حيث سحبها من يدها وبحركة واحدة اصبحت بين ذراعيه الامر الذي جعل قلبها يهوي ويخفق بشدة فاخذ صدرها يعلو ويهبط جراء تنفسها السريع الذي اصبح ثقيلاً بسبب الموقف الحميمي الذي هي فيه وخصوصاً عندما قبلها اليخاندرو على عنقها وهمس لها قائلاً : انتِ فاتنة الجمال وهشة ورقيقة كالزجاج يا حبيبتي ولا ارغب بالإبتعاد عنكِ ابداً .
قال ذلك ثم قبل وجنتها اليمنى بتعمق هذه المرة مما زاد توترها فاغمضت عيناها بشدة وقالت له بصوت مرتعش : اليخاندرو ارجوك توقف .
ولكنه لم يستمع اليها بل قبل وجنتها الاخرى بتعمق اكبر وهمس لها قائلاً : لا أستطيع فانتِ تسلبين العقول بجمالكِ ورقتكِ التي لا مثيل لها .
قال ذلك وتناول شفتيها بقبلة بدت ناعمة في البداية وسرعان ما اصبحت جامحة فلم تستطيع مقاومة الرغبة الشديدة التي حرضتها بأن تبادله القبلة ولكنها سرعان ما دفعته بعيداً ونهضت بأرتباك ثم قالت بصوت متقطع : هذا... هذا ليس صائباً فنحن لم نتزوج بعد لذا سأذهب إلى غرفتي الان .
قالت ذلك ثم ارادت ان تغادر بسرعة ولكنه امسك ذراعها ونهض قائلاً بهدوء تام : سأحملكِ الى هناك فقدمكِ ما تزال مصابة ولا يجب ان تسيري عليها في الوقت الراهن.
قال ذلك ثم لم يترك لها المجال لكي تعترض حيث وضع يديه تحت ركبتيها ورفعها بخفة فتعلقت بعنقه تلقائياً ولم تجرؤ على النظر في وجهه لذا احنت رأسها والتزمت الصمت فسار بها بخطوات ثابتة وهو يحملها بين ذراعيه ولم يقل شيئاً حتى وضعها في سريرها ثم دثرها بالغطاء وبعدها طبع قبلة صغيرة على جبينها وقال : تصبحين على خير يا لؤلؤتي الصغيرة.
قال ذلك ثم اراد ان يغادر ولكنها امسكت يده وقالت بنبرة توسل : اليخاندرو انظر إليّ رجاءً.
فتنهد ونظر إليها ثم ابتسم بعطف وقال : ما الامر يا حبيبتي ؟
فترقرقت الدموع في مقلتيها الخضراوين وقالت بصوت مرتجف : هل انت غاضب مني لأنني...
فقاطعها عندما جلس على حافة السرير ووضع اصبعه على فمها قائلاً : لا تقولي شيئاً كهذا فانا لم اغضب منكِ ابداً بل انني شاكراً لكِ لأنكِ قمتي بدفعي بتلك الطريقة والا لما كنت ساتمالك نفسي وربما كنت سأرتكب خطيئة كبرى واسحبكِ معي في ذلك لذا احسنتِ التصرف صغيرتي.
فذرفت ازميرالدا دموعها ثم عانقته قائله : شكراً لك لانك تفهمت موقفي فانا كما تعلم لم يسبق لي وان... انت تفهم ما انوي قوله اليس كذلك ؟
فأبعدها اليخاندرو عنه بلطف ثم ابتسم ومسح دموعها واردف قائلاً بنبرة ملؤها الحنان : لا تفكري بهذا الأمر كثيراً حبيبتي وانا اعدكِ بأنني لن افرض نفسي عليكِ مجدداً حتى تصبحين زوجتي بشكلٍ رسمي لذا هيا نامي الان فانتِ تبدين متعبة.
قال ذلك ثم جعلها تستلقي وبعدها قبل جبينها مجدداً ثم قال بنبرة عشق : عمتِ مساءً يا أميرتي الغالية.
قال ذلك ثم ابتعد بخطواته وبعدها خرج من الغرفة وتركها بمفردها فاخذت تتقلب في سريرها وهي تفكر بما حدث في غرفة المعيشة منذ دقائق وما كانت ستأول اليه الامور لو انها استسلمت لرغبتها وسمحت له بأن يتمادى بتصرفاته لذا شكرت الرب لانه منحها تلك القوة لكي تدرك انهما ينجرفان عن الطريق الصحيح وقامت بدفعه في اللحظة الأخيرة فهي لم تكن ترغب بأن تمنح نفسها لاي شخص كان سوى زوجها حتى لو كان هذا الشخص هو اليخاندرو الذي تحبه كثيراً وترغب به كما يرغب بها لذا تطلب الأمر منها وقتاً طويلاً حتى سمحت للنعاس بأن يتغلب عليها و استسلمت للنوم في تمام الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل ، اما اليخاندرو فكان ما يزال جالساً في غرفة المعيشة وكان الصمت حليفه وهو يرتشف ذلك السائل الكحولي ذو اللون الذهبي الممزوج بالفقاعات وكان يبدو عليه شرود الذهن وبقي على تلك الحالة حتى الساعة الثالثة فجراً فقرر اخيراً ان يذهب إلى غرفته لكي ينام.
في صبيحة اليوم التالي استيقظ روبيرتو على صوت رنين هاتفه فاخذ يتقلب في سريره وقال بتذمر : من هذا الغبي الذي يتصل بي منذ الصباح الباكر !
قال ذلك ثم امسك الهاتف ونظر إليه بعين ونصف وعندما قرأ اسم المتصل جلس فوراً ثم نظف حلقه واجاب بسرعة قائلاً بأبتسامة : حبيبتي كيف حالك ِ؟
فقالت آيفا على الطرف الآخر : صباح الخير ، هل ايقظتك ؟
فقال روبيرتو وهو يمدد جسده : كلا لقد استيقظت منذ مدة ، اخبريني هل من خطب ؟
فقالت آيفا بتوتر : في الواقع انا... انا ارغب بأن نتناول الفطور معاً لهذا اتصلت بك كما انني اريد اخبارك بأمر ما يقلقني.
فتنهد روبيرتو وقال : انت تعرفين انني وعدت اليخاندرو بأن ابقى بعيداً عنكِ خلال هذان اليومين ولا استطيع ان اخلف وعدي له حتى لا اضعك في موقف محرج مع آرتورو لذا سامحيني أرجوكِ يا جميلتي.
فتنهدت آيفا وقالت : حسناً لا بأس ، ولكنني ما زلت ارغب بأخبارك بما يقلقني لذا هل لديك القليل من الوقت لكي تستمع إليّ الان ؟
فقال روبيرتو بنبرة شاعرية : وقتي وحياتي كلها رهن اشارتكِ يا محبوبتي لذا تحدثي فكلي آذان صاغية.
فتنفست آيفا بعمق ولو كانت الظروف مختلفة لكانت ستطير من شدة الفرح بعد سماعها لما قله حبيبها روبيرتو من كلام رومانسي ولكنها بدت قلقة جداً فقالت بصوت مرتعش قليلاً : لقد راودني كابوس فظيع يا روبيرتو ، هل تذكر عندما اخبرتك ذات مرة انني اكره بأن تراودني الكوابيس والأحلام المزعجة لانها تتحقق في نهاية المطاف ؟
روبيرتو : اجل اذكر ولكن يا حبيبتي ليس شرطاً ان تتحقق احلامكِ دائماً لذا اخبريني ماذا كان الحلم ؟
فقالت آيفا بصوت مضطرب : لقد رأيت نفسي في مكان يعج بالناس والدماء تغطي جسدي ويدي الاثنتان كما انني كنت ابكي بشدة لهذا انا خائفة جداً روبيرتو ، خائفة بأن يحدث مكروهاً لاخي او لاليخاندرو بسبب هذا النزال .
فتنهد روبيرتو وقال : لا تقلقي يا حبي فما تفكرين به لن يحدث وحتى لو كان هنالك نسبة لحدوثه فستكون ضئيلة جداً لان اليخاندرو لن يقدم على ايذاء آرتورو مهما حدث وانتِ تعلمين هذا.
فتنفست آيفا بعمق مرة اخرى وقالت : لا اعلم لما لا استطيع التفائل بالخير ولكنني ساحاول ان اثق بكلامك لانني واثقة بان اليخاندرو لن يسمح بوقوع اي خطأ كما انك ستكون موجوداً في الغد اليس كذلك ؟
روبيرتو : هذا مؤكد لذا لا تقلقي اتفقنا.
آيفا : حسناً ، ساعاود الاتصال بك في وقت لاحق.
روبيرتو : حسناً ، الى اللقاء.
قال ذلك ثم انهى المكالمة وتنهد بقوة ثم هب واقفاً ودخل إلى الحمام اما آيفا فكانت واقفة على شرفة غرفتها وهي ترتدي قميص نومها المصنوع من الحرير الابيض والذي كان يصل إلى فخذيها كما وكانت ترتدي فوقه الملائة الحريرية ذات الاكمام الطويلة فتنهدت بعمق عندما رأت شقيقها الأكبر آرتورو وهو يمارس تمارين الصباح في الحديقة ويبدو انه في منتهى النشاط والحيوية ، وفي مزرعة اليخاندرو كان هو قد استيقظ ايضاً فتوجه الى الحديقة حيث كانت ريتا تمارس اليوغا بينما كان توم جالساً ويقوم بتنظيف مسدسه وروبيرتو يتناول فنجان من القهوة فقال لهم : صباح الخير .
فردوا عليه التحية وانتهت ريتا من رياضتها فنهضت قائله : سأذهب لكي اضع الفطور.
قلت ذلك ثم تركت الرجال الثلاثة في الحديقة فقال توماس : الم تستيقظ ازميرادا بعد ؟
فهز اليخاندرو كتفيه وقال : لست ادري ربما فعلت وربما لا.
قال ذلك ثم جلس بثقل جسده على الارجوحة فنهض توم وقال : حسناً سأذهبواتفقدها .
- وبالفعل تركهما توماس فنظر روبيرتو الى اليخاندرو الذي اخرج علبة سجائر من جيب بنطاله ثم اشعل سيجارة واخذ يدخنها بشرود ذهن فسأله قائلاً : ما بك اليخاندرو ، لا تبدو على طبيعتك فهل انت بخير ؟
فنفث اليخاندرو الدخان من فمه وقال : انا بخير روبيرتو.
فرفع روبيرتو حاجبيه وقال بأستنكار : حقاً ، ولكنك تدخن الان !
فقال اليخاندرو : وما الغريب في ان يدخن المرء عندما يرغب بفعل ذلك ؟
روبيرتو : هل نسيت انني اعرفك جيداً كما اعرف نفسي ، وانت لا تدخن الا نادراً وحين تفعل ذلك فهذا يعني انك مهموم لذا اخبرني ما الأمر ؟
فتنهد اليخاندرو وقال : كل ما في الامر انني اشعر بالضيق قليلاً.
روبيرتو : بسبب النزال الذي سيحدث بينك وبين آرتورو يوم غد ؟
اليخاندرو : بل بسبب ازميرالدا ؟
فقطب روبيرتو حاجبيه وقال بتساؤل : ازميرالدا ، هل تشاجرت معها مجدداً ؟
فهز اليخاندرو رأسه بالنفي وقال : كلا بل اننا كدنا ننجرف ونستسلم لعواطفنا المشتعلة بالرغبة في الليلة الماضية ، انت تفهم قصدي لقد كان الوضع بيننا حميمي جداً وبالكاد تمكنت من السيطرة على نفسي.
فصمت روبيرتو قليلاً ولكن سرعان ما قال : حسناً انتما تحبان بعضكما البعض وترغبان بالزواج كما انها بالغة وليست قاصراً لذا لا تضخم الأمر رجاءً.
فتنهد اليخاندرو بعمق وقال بنبرة يشوبها القلق : لقد دفعتني بعيداً عنها بقوة يا روبيرتو وانا اخشى انها ما تزال تخشاني لهذا انا قلق.
روبيرتو : لا تقل هذا يا رجل فهي تحبك ومن الواضح أنها كانت متوترة قليلاً لذا لا تقلق.
اليخاندرو : بالتفكير في الامر انا اوافقك الرأي وخصوصاً لانها لم يسبق لها وان جربت مثل هذه الامور كما انها كانت قلقة بأن اكون قد غضبت منها ولكن انا اخشى انها ستبقى هكذا حتى بعد أن تصبح زوجتي.
فابتسم روبيرتو وقال : هذا ليس منطقياً أبداً فما من امرأة عاشقة في هذا العالم ترغب بأبعاد الرجل الذي تحبه عنها لذا كن مطمئناً ولا تدع الأمر يقض مضجعك بل امنحها بعض الوقت كي تعتاد على فكرة انها ستكون زوجتك بعد فترة قصيرة .
اليخاندرو : وهذا ما فعلته تماماً ، لقد احترمت رغبتها ولن اقترب منها قبل حفل الزفاف ابداً .
في غرفة ازميرالدا.......
كانت قد استيقظت ايضاً وقررت ان تغض النظر عما حدث في الليلة السابقة حتى لا تجعل اليخاندرو يشعر بالضيق فدخلت الى الحمام وبعدما استحمت خرجت وهي ترتدي ثوب الاستحمام وتقوم بتجفيف شعرها بالمنشية القطنية فسمعت احدهم يقرع باب غرفتها وسرعان ما ظنته اليخاندرو لذا انكمش قلبها وشعرت بالتوتر فقالت بنبرة مضطربة : من ؟
فقال الطارق : انه انا ، توم هل استطيع الدخول ؟
فتنفست الصعداء وقالت : بالطبع يا عزيزي ، تفضل بالدخول.
فدخل توم وابتسم لها قائلاً : صباح الخير يا حلوتي ، هل تشعرين بتحسن في قدمك ِ؟
فابتسمت له ثم جلست على المقعد الخاص بطاولة الزينة وامسكت عبوة تحتوي على كريم للشعر وبدأت تضع منه على شعرها قائله : اجل شكراً على اهتمامك.
فجلس توم على حافة السرير وقال بنبرة جادة : ازميرالدا انا انوي طلب يد ريتا للزواج هذه الليلة.
فالتفتت ازميرالدا اليه بسرعة وابتسمت قائله : حقاً ، يا لها من اخبار رائعة وانا سعيدة جداً لأجلك يا عزيزي .
فابتسم توم بدوره وقال : ردة فعلكِ تجاه الامر جعلتني أشعر بالسعادة يا حبيبتي لذا شكراً لكِ .
فنهضت ازميرالدا من مكانها ثم جلست الى جانبه وامسكت يده قائله : ولكن لما تبدو حزين يا توم ، فانت ستتزوج من الفتاة التي تحبها والتي تحبك لذا اخبرني ما الامر ؟
فتنهد توم وقال : في الواقع انا لا اريد الابتعاد عنكِ ازميرالدا لانك كل عائلتي ولكن مكانكِ الصحيح هنا الى جانب الرجل الذي تحبينه وان تزوجت انا وريتا حقاً فمن غير اللائق ان نستمر في العيش معكم تحت رعاية اليخاندرو .
ازميرالدا : ولما لا ، انا واثقة انه لن يمانع بقائكما هنا بل سيكون مسروراً جداً عندما يسمع الخبر.
توم : انتِ لا تفهمينني ازميرالدا ، فبعد ايام قليلة ستصبحين زوجته وسيدة هذا المنزل وعندها لن تحتاجي لحمايتي كما كنا في السابق لهذا لا داعي لتواجدي هنا بعد الآن .
فتمسكت ازميرالدا بيده كغريق يتمسك بطوق نجاة وقد اغرقت عيناها بالدموع وقالت بنبرة توسل : ارجوك لا تقل هذا توماس فانت اخي وصديقي وكل عائلتي وانا بحاجتك دائماً لانك عزيز على قلبي ومهم جداً بالنسبةِ لي ولن استطيع العيش بعيدة عنك.
فمسح توم الدمعة العالقة في زاوية عينها وابتسم قائلاً : ولكنك لم تعودي وحيدة بعد الآن يا جميلتي الصغيرة اذ ان ابن عمكِ رجل صالح ويحبكِ كثيراً وسيقوم بملئ الفراغ الذي سيخلفه رحيلي في حياتكِ .
فعانقته ازميرالدا بقوة واطلقت العنان لدموعها قائله بأحتجاج : لا لن تذهب الى اي مكان وستبقى معي دائماً وأبداً حتى يفرقنا الموت واياك ان تكرر هذا الكلام والا سأغضب منك واطلب من اليخاندرو ان يضربك بشدة حتى تقوم بالعدول عن رأيك بشأن الرحيل.
قالت ذلك ثم ابتعدت عنه ونظرت إلى وجهه وتابعت قائلة بنبرة تهديد : كما انني ساحاول قتل نفسي ان ابتعدت عني توم لذا اتخذ قرارك النهائي الان.
فشعر توم بالضيق لانها قالت ذلك وضيقت الخناق عليه فهو يعلم انها متعلقة به لابعد الحدود وتعني كل كلمة قالتها لذا شعر ببعض الخوف عليها فعانقها بقوة وقال : اياكِ وان تتفوهي بمثل هذه الحماقات مجدداً هل تفهمين ؟
فابعدته عنها وقالت : اذاً عدني بأنك لن تتركني ولن تذهب إلى اي مكان وسنعيش معاً الى الابد.
فتنهد توم واخذ يملس شعرها المبلل براحة يده وقال : حسناً اعدكِ بأن ابقى الى جانبكِ دائماً.
فقالت بحدة : كلا توم ليس هذا ما اود سماعه منك بل ان تعدني بأنك لن ترحل من هنا وستبقى امام ناظري كلما اردت رؤيتك واننا سنبقى شقيقين الى الابد.
فابتسم توم وقال : يا لكِ من ذكية صغيرة اذ انكِ لم تصدقي ما قلته لكِ ، حسناً انا اعدكِ بأنني سأبقى هنا وسأبقى شقيقكِ الاكبر وعونكِ الى الابد هل انتِ سعيدة الان ؟
فابتسمت وعانقته مجدداً ثم قالت : اجل ، انا سعيدة ولكي اضمن انك لن تتركني وتذهب سأتحدث مع اليخاندرو بهذا الموضوع وسأجعله يجبرك على البقاء هنا.
قالت ذلك ثم قفزت بحركة واحدة مما جعلها تتأوه بألم بسبب التواء كاحلها فهرع توم لكي يسندها قائلاً بنبرة توبيخ : على رسلكِ فقدمكِ لم تشفى بعد ولا يجب ان تتحركي بطيش وإلا ستصابين بكسر .
فتسمكت به ازميرالدا وقالت : انا اسفة ولكنني اردت الذهاب لكي اخبر اليخاندرو .
فابتسم توماس وقال بخبث : ازميرالدا يا عزيزتي انا اخاكِ منذ سنوات طويلة ومعتاد بأن اراكِ هكذا حتى انني قمت بشراء الفوط الصحية من اجلكِ في كثير من المرات لذا انتِ لا تخجلين مني ولكن ماذا بالنسبة لاليخاندرو فهو مختلف عني كلياً ولا يجب ان تظهري امامه بثوب الاستحمام قبل الزواج لان هذا التصرف قد يسبب بحدوث مشكلة وخصوصاً لان الفيلا تعج بالرجال وكما لاحظت سابقاً بأنه غيور نوعاً ما لذا لا انصحكِ بالخروج بهذا الشكل والا ستثور ثائرته ان رأكِ احداً بهذا الشكل.
فاحمرت ازميرالذا خجلاً وقالت بأنفعال وكأنها تدافع عن نفسها : بالطبع لم اكن انوي الخروج وانا ارتدي ثوب الاستحمام بل اردت ارتداء ملابسي اولاً .
فضحك توم قائلاً : حسناً لا تنفعلي يا صغيرتي وانا سأخرج وادعكِ ترتدين ملابسكِ كما يحلو لكِ.
قال ذلك ثم قبلها على جبينها وغادر الغرفة فتنهدت هي بعمق وسرعان ما فتحت خزانتها واخرجت ثوب بسيط لونه ابيض عليه طبقة براقة من الدانتيل الوردي وكان يصل الى حد الركبتين وذو حمالت عريضة وياقة مفتوحة فارتدته ثم سرحت شعرها وتركته منسدل على كتفيها ووضعت احمر شفاه بلون الورد وبعدها تعطرت وخرجت من غرفتها فنزلت الى الطابق السفلي بحذر شديد حيث كانت ريتا تضع اطباق الفطور وقد اتت الخادمة ريجينا لكي تساعدها فقالت لهن : صباح الخير.
فردت عليها ريجينا قائله : صباح الخير يا سنيورا.
اما ريتا فابتسمت وقالت : صباح الخير يا عزيزتي ، كيف تشعرين اليوم ؟
ازميرالدا : بخير شكراً لكِ ، اين اليخاندرو ؟
ريتا : انه برفقة روبيرتو وتوماس في الحديقة.
ازميرالدا : حسناً اشكركِ.
قالت ذلك ثم عرجت نحو الحديقة حيث كان كلن من اليخاندرو وتوم وروبيرتو جالسين يتحدثون بشأن الاعمال وامور اخرى منها النزال الذي سيقام ظهر اليوم التالي وما ان رأت اليخاندرو حتى انتابها التوتر ولكنها سيطرت على توترها و اقتربت منهم بخطوات بطيئة فنظفت حلقها وقالت : صباح الخير.
فالتفتوا اليها ثلاثتهم وسرعان ما نهض اليخاندرو لكي يساعدها على السير بينما ابتسم روبيرتو وقال : صباح الخير ، تبدين على احسن حال.
فامسك اليخاندرو ذراعها وقال : هل تشعرين بتحسن ؟
فابتسمت قائله : اجل شكراً لكما.
قالت ذلك ثم سارت برفقته حتى وصلا إلى الارجوحة فجلست وجلس اليخاندرو الى جانبها فنظرت الى توم الذي ابتسم لها ثم ابتسمت له بدورها ونظرت إلى اليخاندرو قائله : هل استطيع أن اطلب منك معروفا ً؟
فابتسم لها اليخاندرو وقال : بالطبع اطلبي ما تشائين.
فامسكت يده وقالت : هل يستطيع توماس العيش هنا الى الابد ، انا لا اريده ان يبتعد عني فهو اخي وصديقي العزيز وانا لا استطيع العيش في مكان بعيداً عنه.
فنظر اليخاندرو الى توم وقال بدهشة : هل تنوي المغادرة يا توم !
فاراد توم ان يقول شيئاً ولكن ازميرالدا سبقته بقولها : لقد كان ينوي فعل ذلك بالفعل واخبرني انني لم اعد بحاجته ولكنه مخطئ تماماً فهو يعني لي الكثير لذا اجبرته على العدول عن رأيه واريد منك ان تأمره بالبقاء هنا وان لا يبتعد عني فهل تفعل هذا لأجلي ؟
فابتسم كلن من توماس وروبيرتو وكذلك اليخاندرو بسبب ما قالته ووضع الاخير يده على خدها قائلاً : انا افعل اي شيء لأجلكِ يا حبيبتي .
قال ذلك ثم نظر إلى توم وقال بنبرة مرحة : توماس جيفرسون بما انك الاخ الاكبر لعزيزتي ازميرالدا وقد اتيت الى هنا برفقتها ووعدت انك ستبقى الى جانبها الى الابد فانا أمرك بأن تفي بوعدك الذي قطعته لها وبما انك رجل اسباني وتحمل الدماء الاسبانية الاصيلة فانت ملزم بكلمتك لذا لن تتمكن من الرحيل الى اي مكان على الاقل لمدة ألف عام.
فضحك توماس وقال : سمعاً وطاعة يا سنيور.
اما روبيرتو فقال : انا لا افهم لما كنت تريد الرحيل على اي حال يا توم فانت اصبحت جزء من هذا المكان وفرداً من هذه العائلة التي انا ايضاً اصبحت جزء منها بعدما طردني والدي من منزله وحياته .
فتنهد توم وقال : في الواقع لقد رأيت بأن ازميرالدا لم تعد بحاجتي لانها ستكون بأمان هنا حيث ان هذا المكان هو موطنها الاصلي وانا واثق ان السنيور ديلافيغا يحبها ولن يجعلها تتعرض لاي خطر لهذا شعرت بأنه آن الآوان لكي ابتعد.
فقالت ازميرالدا بنبرة صادقة : طالمة انا على قيد الحياة فهذا يعني انني احتاجك الى جانبي دائماً يا توم وانا لا اريد تخيل حياتي من دونك لذا لن تذهب إلى اي مكان فقد وعدتني بذلك وسنعيش جميعنا هنا بسعادة غامرة.
في تلك اللحظة اتت ريتا وقالت : لقد اصبح الفطور جاهزاً لذا تفضلوا بالدخول .
مرت ساعات النهار بهدوء وسكينة في مزرعة اليخاندرو ولم يذكر هو امام ازميرالدا اي شيء عما حدث بينهما في الليلة السابقة كما قررت هي نسان الموضوع برمته اما بالنسبة لتوماس فطلب من ريتا ان تذهب برفقته ليتناولا العشاء في الخارج وقد كان عشاءً رومانسياً جداً حيث اصطحبها إلى مطعم راقي في وسط المدينة وكانت طاولتهما تحتوي على الشموع والورود الحمراء و الشمبانيا وكانت هي متأنقة بشكلٍ ساحر وبدت كعارضات الازياء بذلك الفستان الأسود ذو الظهر العاري والذي كان يتناسب تماماً مع حلته السوداء التي بدت وكأنها صممت خصيصاً لأجله وبعد ان تناولا العشاء ورقصا معاً على ضوء الشموع ركع توم امامها واخرج من جيب سترته علبة مخملية وفتحها واذ بها تحتوي على خاتم من الذهب الابيض مرصع بماسة براقة وقال بنبرة شاعرية : ريتا سابيلا هل تقبلين الزواج بي ؟
فغطت ريتا فمها بكلتا يديها وسرعان ما ترقرقت عيناها بالدموع اذ انها تأثرت كثيراً بما فعله حبيبها توم لأجلها وسرعان ما ابتسمت ابتسامة مشرقة وأومت برأسها دليلاً على الموافقة مما جعل توم يبتسم ابتسامة عريضة زادته وسامة فنهض واخرج الخاتم من العلبة ثم وضعه في اصبعها وبعدها اقترب منها وقبلها قبلة مفعمة بالحب والسعادة وقال : اعدكِ بأن تكون حياتنا الزوجية مفعمة بالحب ولن يعكر صفوها اي شيء... يتبع غداً
#حب_على_شفير_النار الجزء 20 والأخير
غطت ريتا فمها بكلتا يديها وسرعان ما ترقرقت عيناها بالدموع اذ انها تأثرت كثيراً بما فعله حبيبها توم لأجلها وسرعان ما ابتسمت ابتسامة مشرقة وأومت برأسها دليلاً على الموافقة مما جعل توم يبتسم ابتسامة عريضة زادته وسامة فنهض واخرج الخاتم من العلبة ثم وضعه في اصبعها وبعدها اقترب منها وقبلها قبلة مفعمة بالحب والسعادة وقال : اعدكِ بأن تكون حياتنا الزوجية مفعمة بالحب ولن يعكر صفوها اي شيء.
فتأوهت هي قائلة : اوه توم كم احبك.
قالت ذلك ثم عانقته بتملك فضحكا معاً ثم تابعا رقصهما بسعادة غامرة ، اما في منزل آرتورو فكان هو جالساً في غرفة المكتب وكان يحتسي الخمر والصمت حليفه واكتفى بالجلوس في العتمة فدخلت اخته آيفا الى الغرفة وتنهدت ثم اشعلت المصباح وقالت بنبرة هادئة : لما تجلس هنا بمفردك يا اخي ؟
فأطلق آرتورو تنهيدة طويلة وقال : لقد كنت أفكر يا اختاه.
فاقتربت منه وجلست مقابلاً له وقالت بنبرة قلقة : وبماذا كنت تفكر ؟
فرسم آرتورو شبح ابتسامة على زاوية فمه وقال : بالحياة التي اعيشها وبكِ انتِ وأليخاندرو وحبيبك روبيرتو وريبيكا الخائنة وبكل شيء.
فأبتلعت آيفا ريقها اذ ان كلام شقيقها الأكبر قد اخافها فقالت بنبرة متوترة : ولما تفكر بهذه الامور الان ، ام انك قلق بشأن النزال الذي سيقام في الغد ؟
فأرتشف آرتورو رشفة من كأس الخمر الذي كان بيده وقال بنبرة غامضة : لقد اخطأت كثيراً يا آيفا اليس كذلك ؟
فنظرت آيفا اليه بترقب وقالت بحذر : بشأن ماذا ؟
فنظر إليها بتمعن وقال : هذا ليس السؤال الصحيح اذ انه يجب عليكِ سؤالي اخطأت بحق من .
فامسكت يده وقالت : اخبرني ما الذي يجول في خاطرك يا اخي.
فتنهد آرتورو ثم سحب يده من تحت يد شقيقته ونهض لكي يقف بالقرب من النافذة واخذ يراقب سماء الليل ثم قال بشرود ذهن : لقد اخطأت بحق اليخاندرو وحق نفسي يا آيفا فهو لم يقدم على خيانتي ابداً بل انني كنت ساذج وغبي للغاية عندما اتهمته بأقامة علاقة غير شرعية مع زوجتي والان فقط ادركت انني ظلمته كثيراً وانني لا استحق ان ينظر في وجهي مجدداً .
فنهضت آيفا من مكانها ثم اقتربت منه ووقفت الى جواره ووضعت يدها على كتفه قائله : وما الذي حدث وجعلك تدرك هذه الحقيقة اخيراً بعد مضي اربع سنوات يا اخي ؟
فتنهد آرتورو مجدداً ونظر إلى اخته ولم يستطيع ان يمنع دموعه من النزول فاطلق العنان لنفسه وقال بصوت مضطرب : لقد قابلت ريبيكا منذ ساعتين ورأيتها مع رجل اعرفه.
فاتسعت عينا آيفا عندما سمعت ذلك وقالت بأنفعال : وكيف كانت ردة فعلك تجاه هذا اللقاء يا آرترور ، لا تخبرني بأنك فعلت شيئاً متهوراً.
فابتسم آرتورو بمرارة وقال بسخرية : وهل تعتقدين انني طائش الى هذا الحد يا اختاه ؟
فقطبت آيفا حاجبيها وقالت بعدم فهم : اذاً ماذا حدث عندما رأيتها ثم اين رأيتها ومع من ؟
فجلس آرتورو مجدداً وثم مسح الدموع التي خانته وقال : لقد ذهبت الى المدينة لاتناول العشاء مع احد المستثمرين وبينما كنا نتحدث بما يخص العمل المشترك بيننا رأيتها تجلس على بعد خمس طاولات وكانت تتصرف بطريقة مخجلة ومثيرة للاشمئزاز اذ انها بدت كما لو انها كلبة تبذل قصارى جهدها لكي تجعل الرجل الذي برفقتها سعيداً فقط لتتمكن من الحصول على ماله وقد كان هذا الرجل احد الزبائن الذين تعاملت معهم في الماضي ويدعى دوغلاس كروفر ويمتلك مزرعة للدواجن في ضواحي مدينة برشلونة وقد جاء الى مدريد من اجل العمل على ما اعتقد .
فاقتربت آيفا منه ثم جلست على ذراع مقعده ووضعت يديها على كتفه قائله : وماذا حدث بعد ذلك ؟
آرتورو : لقد شعرت بالغضب الشديد عندما رأيتها ورغبت بأن اقوم بفضحها امام الرجل وجميع زبائن المطعم ولكنني ادركت بانني لو فعلت ذلك فلن افضح سوى نفسي وسأجعل من نفسي اضحوكة امام الجميع لذا اخذت اراقبها بعناية واستغليت فرصة ذهابها إلى دورة المياه فلحقت بها إلى هناك وامسكت بعنقها مما جعلها تجفل.
عودة في الزمن.....
حيث كانت ريبيكا في دورة المياه تزيد من احمر الشفاه المغري على فمها المنتفخ وقامت بانزال ياقة قميصها لتظهر جزء من بشرة صدرها وجمعت شعرها الاسود الطويل ثم وضعته على جهة واحدة لتبدو مثيرة اكثر ، وبينما كانت تتأمل انعكاس صورتها في المرآة وتبتسم دخل آرتورو الى دورة المياه فجأة وعندما رأته تملكتها الصدمة وخصوصاً عندما اقترب منها بخطوات غاضبة ووجه متجهم للغاية ثم انقض على عنقها حيث كاد ان يخنقها والصقها بالجدار قائلاً بنبرة تنم عن الاشمئزاز : يا لكِ من عاهرة رخيصة وكاذبة ، الا تكفين عن التودد الى الرجال ايتها الكلبة الوضيعة ؟
فاخذت هي تسعل وبجهد جهيد استطاعت ان تتملص من قبضته وقالت بنبرة تنم عن الرعب والسخط : اي لعنة احضرتك الى هنا آرتورو وما الذي تريده مني الان !
فقام آرتورو بضم قبضته وقال من بين اسنانه : لا اريد اي شيء من عاهرة قذرة مثلكِ ولكن رؤيتكِ وأنتِ تحاولين اغراء ذلك الرجل المدعو دوغلاس كروفر تثير اشمئزازي وحنقي وخصوصاً لانني اعرف من انتِ يا حقيرة وانكِ تُحاولين خداع الرجل المسكين كما خدعتني لكي اتزوجكِ .
فكتفت ريبيكا ذراعيها بحركة تنم عن الثقة وابتسمت بسخرية لاذعة ثم اردفت قائله : معك حق فانا انوي خداعه لكي يتزوجني بالفعل لذا اخبرني ما الذي ستفعله بهذا الشأن يا زوجي السابق ؟
فانزعج آرتورو وقال بنبرة تنذر بالخطر : ساقوم بفضح أمركِ امام جميع من في المطعم وسأخبر دوغلاس بأنكِ كنتِ زوجتي في ما مضى وانكِ خائنة وكلبة مال تقوم بأغراء الرجال الاثرياء للحصول على اموالهم و...
فقاطعته بقولها : ما الذي تنتظره اذاً ، هيا اذهب واخبر الجميع كيف كنت ضحية خداع وتزوجتني وصدقت بأنني احبك وانني حاولت اغواء اعز اصدقائك لكي يقيم معي علاقة وكيف انتهى بك المطاف بأن تصدق كذبتي وتجعل من اليخاندرو ديلافيغا عدواً لك وسنرى من الذي سيتم فضحه في النهاية .
في تلك اللحظة شعر آرتورو بالضياع وقد خفق قلبه بعنف فقال بصوت مرتعش : ماذا تقصدين بأنني صدقت كذبتكِ ، لقد رأيتكما بأم عيني في وضع حميمي وفي حُجر داري لذا اوضحي كلامكِ والا....
فقاطعته ريبيكا مجدداً عندما ضحكت بسخرية وقالت : انت حقاً ساذج وغبي آرترور لهذا كان من السهل بالنسبة لي أن اخدعك واخونك عدة مرات مع رجال اخرين وكانوا جميعهم كالخاتم في اصبعي ولكن الوحيد الذي لم استطيع اغوائه هو صديقك المخلص اليخاندرو ديلافيغا اذ انه كان محصن ضد جاذبيتي التي ينهار امامها اعتى الرجال لهذا شعرت برغبة طاغية في اخضاعه وجعله يقع في مصيدتي لاتمكن من كسر شوكته وقد استغليت ذهابك في رحلة العمل تلك وقمت بخداعه لكي يأتي لمقابلتي حيث اخبرته عبر الهاتف بانني تشاجرت معك وانني ارغب بأن يجد لنا حلاً للمشكلة ولانه صديق جيد وتهمه مصلحتك لم يتردد في القدوم لمقابلتي فاستخدمت سحري لكي اغويه ومع ذلك لم انجح بفعل ذلك لذا عندما اراد المغادرة تعلقت بعنقه فجأة واخذت اقبله لعله يضعف ولم اكن اتوقع ان تعود انت وشقيقتك الى المنزل في تلك اللحظة وتخربان الخطة التي وضعتها لذا انت لا تستطيع لوم اليخاندرو لانك لم تكن كافياً بالنسبة لي مما جعلني ابحث عن المتعة مع رجال آخرين .
فلم يحتمل آرتورو ما سمعه منها وخصوصاً لانه كان مدرك تماماً في اعماق قلبه ان اليخاندرو لم يخونه ابداً وان ريبيكا هي من حاولت اغوائه منذ البداية ولكنه لم يحتمل الفكرة وخصوصاً لان زوجته التي احبها كثيراً في الماضي فضلت شخصاً اخر عليه لذا اراد ان يُحمل صديق طفولته المسؤولية عما حدث وبهذه الطريقة اصبح يصدق الامر ولكن عندما سمع القصة من فم ريبيكا نفسها تبددت كل الشكوك وادرك انه ظلم اليخاندرو منذ اربعد سنوات واستمر يظلمه ويزعجه لمدة طويلة لذا انقض عليها وامسك بعنقها وكاد ان يخنقها حتى الموت لولا ان احدهم قرع الباب وقال : عزيزيتي ريبيكا لقد تأخرتي في الداخل فهل من خطب ؟
في تلك اللحظة فقط ابتعد آرتورو عنها وتركها تجاهد من اجل الحصول على بعض الهواء ولكنه لم يستطيع الخروج قبل ان يُسمعها اكثر الكلمات قذارة وكان يعلم انه مهما قال فلن تتأثر هذه العاهرة اللعينة لذا خرج من دورة المياة التي كانت مشتركة بين الجنسين فمر من جانب الرجل المدعو دوغلاس كروفر دون ان يعيره اي اهتمام ولان الاخير كان قلقاً على صديقته لم يدقق النظر بالرجل الذي خرج للتو وبالتالي لم يتعرف عليه وهكذا علم آرتورو الحقيقة كاملة مما جعله يشعر بالضيق والضياع فعاد إلى منزله فوراً واغلق على نفسه باب المكتب ثم اخذ يشرب الخمر وهو يفكر بكل الامور السيئة التي فعلها باليخاندرو منذ اربع سنوات .
عودة إلى الواقع.....
حيث وضعت آيفا يدها على كتف اخيها وضغطت عليه قائله : لقد حاولت انا واليخاندرو ان نخبرك الحقيقة مرات ومرات ولكنك كنت ترفض سماعها دائماً وانا سعيدة الان لأنك ادركت ان اليخاندرو لم ولن يخونك مطلقاً لذا اتصل به الان يا اخي واخبره بكل شيء وانه لا حاجة بكما لخوض اي نزال في الغد.
فنهض آرتورو وقال بحدة : لا... اياكِ وان تخبري اليخاندرو او روبيرتو بأي شيء مما قلته لكِ للتو يا آيفا وانا سأخوض النزال مهما كلفني الأمر.
فقالت آيفا بأحتجاج : ولكن ما الداعي لفعل ذلك في حين انك عرفت الحقيقة كاملة ؟
آرتورو : ان المسألة مسألة مبدأ يا اختي الغالية وانا قلت كلمة ولن اتراجع عنها الان لذا الحل الوحيد هو خوض النزال كما هو مخطط له وعندما ينتهي الأمر ساخبر اليخاندرو بكل شيء وانا واثق بأنه سيقوم بمسامحتي لانني شككت به اذ انه يمتلك قلباً متسامحاً ويتسع لجميع الناس ولن يكون عسيراً في مسامحة صديق طفولته الاحمق.
فامسكت آيفا يد آرتورو وقالت : انا متأكدة بأن اليخاندرو لا يحقد عليك ابداً بالرغم من كل المشاكل التي سببتها له خلال الاربع سنوات الماضية لذا لا تقلق بهذا الشأن ولكن صدقني يا اخي انه لا داعي لخوض اي نزال بعدما ادركت الحقيقة وانا لا اريدك ان تتعرض للأذى فانت تعلم انك لست نداً له.
فابتسم آرتورو ابتسامة دافئة ووضع يده على خد شقيقته الصغرى ثم قال : اعلم بأنني لا اجاريه في القوة وانه يستطيع التغلب عليّ ولكن هذا لا يعني انني ضعيف يا حبيبتي وانا قادر على تسديد بعض اللكمات الى وجهه كما انه يتوقع مني فعل ذلك وانا لا اريد ان اخيب ظنه بالاضافة الى ان التراجع عن قرار اتخذته ليس من شيمي وانتِ تعرفين هذا لذا عديني بأنكِ ستبقين ما اخبرتكِ به سراً بيننا حتى ينتهي النزال اتفقنا.
آيفا : ولكن يا اخي هذا ليس صائباً.
آرتورو : ارجوكِ افعلي ما اطلبه منكِ فانا اريد خوض هذا النزال و سأبذل قصارى جهدي فيه لاثبت للناس انني اثق بنفسي وانني لست مجرد رجل يسبب الازعاج للاخرين وخصوصاً اليخاندرو ومن معه كما انني اريد التكفير عن خطئي لذا ان تعرضت للضرب من قبل اليخاندرو فسيكون هذا بمثابة عقاب لي لذا عديني بأنك ستبقين الامر سراً بيننا حتى ينتهي كل شيء .
فتنهدت آيفا وقالت بأستسالام : حسناً انا اعدك.
فابتسم لها ثم عانقها قائلاً : شكراً لكِ يا حبيبتي ، وانا اعدكِ بان كل شيء سيكون على خير ما يرام.
مر الوقت سريعاً واخيراً اتت اللحظة الحاسمة وتجمع الكثير من الناس في ساحة المدينة حيث سيقام النزال المنشود بين الدون اليخاندرو ديلافيغا وصديقه القديم آرتورو خوسيه والذان تجمعهما علاقة غريبة نصفها صداقة والنصف الآخر عداوة لذا كان الجميع متحمسين لهذا النزال الا آيفا التي كانت تشعر بشعور سيء منذ الصباح ولكنها قررت ان تغض النظر عن شعورها ذاك واخذت على علتقها مهمة تشجيع شقيقها آرتورو ، اما بالنسبة لاليخاندرو ورفاقه فكانوا متحمسين ايضاً وقد شعرت ازميرالدا ببعض التوتر لان النزال قد يكون دموياً قليلاً ولكنها لم تعد تخاف من رؤية العنف كما في السابق اذ ان عملية الخطف الاخيرة التي خاضتها مع حبيبها اليخاندرو كانت السبب في تغلبها على خوفها وضعفها ومع ذلك لم تمنع نفسها من اخبار اليخاندرو بأن يكون لطيفاً اثناء النزال حيث امسكت يده وقالت : ارجوك لا داعي لأن تستخدم كامل قوتك ضد آرتورو وتذكر انه صديقك في نهاية المطاف.
فابتسم اليخاندرو لها وقبل جبينها قائلاً : لا تقلقي بهذا الشأن يا حلوتي فانا سأكون لطيفاً ولن اقوم بأذيته.
فابتسمت له بدورها وقالت : حظاً موفقاً .
- ثم دق الجرس معلناً عن بداية النزال حيث وقف كلن من اليخاندرو و آرتورو في زاويتين مواجهتين بعضهما البعض وكانا عاريين الصدر فابتسم آرتورو وقال : لا تتهاون مطلقاً.
فبادله اليخاندرو الابتسامة وقال : لن افعل لذا ابذل قصارى جهدك فانا اتمنى ان تتغلب عليّ هذه المرة.
وفي تلك اللحظة قال الحكم : اقتربا لكي تصافحا بعضكما البعض وبعدها سيبدأ النزال.
وبالفعل اقتربا من بعضهما لكي يتصافحا فقال آرتورو بجدية : اريد التحدث معك بعد هذا النزال وهناك امور كثيرة يجب ان تقال لذا دعنا ننتهي بسرعة.
فقطب اليخاندرو حاجبيه وقال : ما الامر ؟
آرتورو : سنتحدث في ما بعد.
قال ذلك ثم اراد ان يبتعد ولكنه لمح رجلاً من بين الجموع الحاشدة كان يحمل مسدساً كاتماً للصوت واشهره بأتجاه ظهر اليخاندرو فصرخ آرتورو قائلاً : اليخاندرو انتبه !
قال ذلك ثم دفعه بعيداً ومن سوء الحظ ان الطلقة النارية قد اصابته في صدره فسقط أرضاً وشيئاً فشيئاً اخذ الظلام يخيم عليه ، وفي تلك اللحظة بدأ الناس يتحركون بسرعة ويحاولون الهرب اما اليخاندرو فكان ما يزال تحت تأثير الصدمة وهو يحدق بآرتورو المصاب ولم يتزحزح من مكانه الا عندما سمع صراخ وبكاء آيفا التي هرعت نحو شقيقها وكذلك فعل كلن من روبيرتو وتوماس وازميرالدا وريتا بينما قام حارس اليخاندرو الشخصي المدعو جيمي وبقية الرجال بملاحقة الرجل الذي حاول أن يغتال زعيمهم فالقوا القبض عليه بالفعل ولكنه صدمهم بتصرفه الغير متوقع حيث ابتلع كبسولة من السم القاتل كان يضعها تحت لسانه فمات على الفور.
اما اليخاندرو فاخذ يزحف نحو آرتورو الذي كان ينزف بشدة بسبب الطلقة المباشرة التي استقرت في صدره لذا صرخ قائلاً وهو يهزه : كلا لا يمكنك أن تموت بهذا الشكل ، فنحن امامنا الكثير لتقوله لذا هيا تشجع يا صديقي .
قال ذلك وهو يذرف الدموع وكانت هذه المرة الأولى التي يذرف دموعه امام الاخرين دون ان يأبه بمكانته وشخصيته القوية اما آيفا فلم تحتمل اكثر لذا فقدت وعيها من هول الصدمة فهرع نحوها كلن من ازميرالدا وريتا بينما كان روبيرتو يحاول ايقاف النزيف وقد اخذ توم على عاتقه مهمة الاتصال بالاسعاف فاتت السيارة بسرعة وتم ادخال آرتورو الى غرفة العمليات وقد كان الطبيب الذي سيجري له العملية الجراحية ما هو سوى طبيبة فاتنة الجمال في اوائل الثلاثين من عمرها تدعى مارغريتا وتبدو واثقة من نفسها فدخلت الى غرفة العمليات ولم تخرج منها الا بعد مرور ثلاث ساعات ونصف وهي تحمل الاخبار الجيدة حيث تمكنت من انقاذ حياة آرتورو بالرغم من ان اصابته كانت خطرة جداً ولكن من حسن حظه انها كانت بعيدة عن القلب الامر الذي جعل اليخاندرو والبقية يتنفسون الصعداء وخصوصاً آيفا التي كانت على وشك الموت خوفاً على شقيقها اذ ان حلمها الذي رأته منذ ايام قد تحقق بالفعل لذا شكرت الرب لانه لم ينتهي بمأساة.
اما بالنسبة للرجل الذي اراد قتل اليخاندرو فكان يدعى دييغو وهو الشقيق الاصغر للرجل الذي قتله اليخاندرو خنقاً عندما تم خطفه هو وازميرالدا على يد تجار المخدرات ومن الواضح انه اراد الانتقام لذا بعدما اقدم على الانتحار لم يسع الشرطة ان يفعلوا اي شيء فتم اغلاق القضية نهائياً ، ومرت الايام على احسن حال وخصوصاً لان آرتورو استطاع ان يخبر اليخاندرو بحقيقة ما سمعه من ريبيكا وقد طلب منه المغفرة عما فعله فعانقه اليخاندرو بشدة واخبره بأنه لا يحتاج لطلب المغفرة بل انه شاكراً له لانه انقذ حياته فعادت المياه إلى مجاريها بينهما وبدأ آرتورو يستعيد عافيته بفضل الطبيبة مارغريتا التي وجد نفسه منجذباً اليها ولم تخفي هي اهتمامها الشديد به حيث فتنتها جاذبيته ووسامته ووقعت في حبه منذ ان رأته لأول مرّة وجسده مغطى بالدماء فاصبحا صديقين مقربين خلال اسبوعين وسرعان ما اعترفا لبعضهما بانهما واقعان في الحب.
وبعد مرور شهر.....
كان كلن من آيفا وريتا يرتدين فساتين متشابها تماماً من الدانتيل ذو اللون الوردي المبطن بالذهبي وكانت تسريحات شعورهن متشابها ايضاً وقد وقفن يراقبن العروس ازميرالدا التي كانت تبدو غاية في الجمال والروعة بذلك الفستان الأبيض المنفوش والطرحة الطويلة المثبتة بأكليل ورد وهي تضع اللمسات الأخيرة من زينة وجهها فابتسمت آيفا وقالت : كم انتِ فاتنة يا حبيبتي فليسعدكِ الله.
فابتسمت ازميرالدا وقالت : اشكركِ يا عزيزتي.
وفي تلك اللحظة دخل توماس الى الغرفة وهو يبدو في غاية الوسامة والسعادة وابتسم قائلاً : لقد حان موعد عقد القران يا حبيبتي لذا هل أنت مستعدة ؟
فابتسمت له قائله : بالطبع أنا كذلك.
فامسك يدها ثم وضعها حول ذراعه ونظر إلى حبيبته ريتا ثم ابتسم لها بعطف وسار برفقة ازميرالدا حتى خرجوا اربعتهم من الغرفة وسرعان ما خرجوا من الفيلا وصعدوا في سيارة الجيب التي اوصلتهم الى منطقة الينبوع الطبيعي الذي في المزرعة حيث سيقام حفل الزفاف اذ ان اليخاندرو قد طلب من توم في وقت سابق ان يهتم بجعل المكان مناسباً لاقامة الحفل فيه وقد طلب منه كتمان الامر عن الجميع لكي يجعله مفاجأة لحبيبته ازميرالدا التي تحب ذلك المكان وقد اصبحت هذه المنطقة الخلابة موقع رسمي لاقامة حفلات الزفاف في المزرعة وسيقوم كلن من آيفا وروبيرتو وتوم وريتا حفلات زفافهم هناك ايضاً اذ ان الفكرة قد اعجبتهم كثيراً .
فترجلت ازميرالدا ومن معها من السيارة وسارت برفقة توماس على ممر العشب المفروش بالزهور وخلفها ريتا وآيفا ينثرن الورود الحمراء الموضوعة في سلال من القش وكان اليخاندرو واقفاً في نهاية الممر ويبدو انيقاً و جذاباً كعادته وخلفه وقف الكاهن الذي سيقوم باتمام الزواج والى اليمين كان روبيرتو وبجانبه وقف آرتورو بكامل صحته وبرفقته حبيبته الجديدة مارغريتا وكان يحاوط خاصرتها بحب اما بقية المدعوين فكانوا يجلسون على مقاعد من القش مزينة باشرطة بيضاء وقد بدأت الفرقة الموسيقية بالعزف حين اقتربت ازميرالدا برفقة توم الذي كانت مهمته السير برفقتها وتسليمها الى عريسها فاتم مهمته على اكمل وجه ثم جلس هو والبقية يراقبون الكاهن وهو يردد عبارات الزفاف المعهودة وكان اليخاندرو ينظر إلى ازميرالدا طوال الوقت بنظرات عشق وهو يردد العهود المقدسة كما كانت هي تحدق به ولا تزال غير مصدقة بأنها تقف الان وتردد عهود الزواج من حبيبها الواحد والوحيد واخيراً اتم الزواج واصبحت زوجته فقبلها بعمق محموم بالعاطفة واخذ الجميع يصفقون لهما والفرح ظاهر على وجوههم .
وبعد ان انتهى حفل الزفاف توجه العروسين لقضاء اول ليلة من شهر العسل على متن يخت في البحر الأبيض المتوسط كان يقوده اليخاندرو شخصياً وقد جعله روبيرتو مجهزاً بكل ما يحتاجه العروسين لقضاء عشرة أيام في عرض البحر فابتسمت ازميرالدا بخجل ممزوج بالسعادة عندما حملها زوجها الى غرفة النوم لتصبح بعد ذلك زوجته قولاً وفعلاً وقد قضيا اجمل ليلة في حياتهما والتي كانت بداية سعيدة لهما معاً حيث وعدها اليخاندرو وهي بين ذراعيه بأن حياتهما ستكون مليئة بالحب والرومانسية كهذه الليلة التي كانت السماء فيها مرصعة بالنجوم والقمر كان مكتملاً ليشهد على رابط الحب القوي الذي جمعهما معاً ليصبحان روحاً واحده في جسدين.
ـ النهاية ـ
مع تحيات #إبراهيم_الجريري نلتقي في رواية جديدة بإذن الله
التعليقات على الموضوع