جوجل يحتفل بذكرى ميلاد الرسام الجزائري محمد ايسياخم



وضع محرك البحث الشهير جوجل على واجهته صورة للرسام الجزائري محمد ايسياخم في ذكرى ميلاده التسعين. فمن هو محمد ايسياخم؟

لم يكن الفتى الذي ولد يوم 17 يونيو سنة 1928 في قرية جناد بمنطقة القبائل الجزائرية على علم أنه سيفقد ذراعه اليسرى، ويصبح رساماً بالذراع اليمنى، سرعان ما اضطرت الظروف "أمحمد إسياخم" للرحيل نحو الغرب الجزائري، بعيدا عن أمه التي عرفها وعمره 10 سنوات. وفي سنة 1943 تعرض لحادث مأساوي دفعه إلى الرسم، وبينما كان في الخامسة عشرة من عمره، دفعته المغامرة إلى سرقة قنبلة من أحد معسكرات جيش الاحتلال الفرنسي حينها، وعندما جاء بها إلى البيت انفجرت فقتلت شقيقتيه وأصابته إصابة خطيرة ولم يكن أمام الجراحين في المستشفى إلا بتر ذراعه اليسرى. ومن هنا بدأ يميل إلى الرسم التشكيلي وحقق بعد سنوات من ذلك أول إنجازاته عندما تمكن من العرض في صالة «أندري موريس» بفرنسا، ثم تلقى تدريبا أكاديميا في مدرسة الفنون الجميلة بباريس، وعند استقلال الجزائر التحق بمدرسة الفنون الجميلة الجزائرية أستاذا. وبالإضافة إلى الكثير من لوحاته التي تركها عند أصدقائه أو باعها بثمن زهيد، ترك الفنان محمد إسياخم كتابا سرديا بعنوان «35 سنة في جهنم رسام».
إن كل لوحات أمحمد إسياخم تحيلنا إلى تجربته المريرة مع القهر والدمار، ولا شك أن لوحته (ماسح الأحذية) كانت تجسيدا لطموح الجزائر المقهورة في الانعتاق، وممارسة حقها في الحياة والفرح، بينما كانت لوحاته (الأرملة) و(الصبية) تلميحا إلى حرمانه من هناءة الطفولة، ودفء العائلة، ليعيش أقصى درجات اليتم والعزلة، لذلك فقد كان تشديده كبيرا على مواضيع الأمومة، والطفولة، والمرأة بألمها وجمالها.
ولم يكن «الحقد المقدس» مجرد نزوة عابرة في حياة الفنان أمحمد إسياخم، فهو فلسفة قائمة في ذاته، وهو التعبير عن رفض القلوب القوية والقادرة، الكره يعني الحب، إنه الإحساس بحرارة الروح وكرمها، إنه يخفف القلق، ويصنع العدالة، إنه يجعل الإنسان أكبر من الأشياء التافهة والحقيرة.
وربما يقول قائل كيف للحقد وهو صفة ذميمة أن يُقدس وأن يتحول إلى سمة نبيلة لدى رسام غارق في الرومانسية وحب الأشياء، ولكن بالتأكيد هو أسلوب إسياخم وملكته التي تستند إلى مبررات موضوعية، ورؤية أصيلة للأشياء، إذ أن هذا الرجل المبدع كان يرسم الأشياء بألم وعذاب وكان صاحب فلسفة غريبة ويعتبر تعاطيه للفن قدرا ومحنة كبرى، أفظع من محنته بذراعه المبتورة.
لقد عايش الحروب والمجاعات والطاعون الذي أتى على أرواح الآلاف من الجزائريين، ما ولّد عنده قلقا مزمنا وانفعالات حادة كانت رغم صعوبتها ناجعة في إنجازه لإبداعات خالدة. إسياخم عانى من شعور العزلة والإحساس بالاغتراب والتهميش. وبالرغم من أنه كان معاقا وفاقدا لذراعه الأيسر، إلا أنه تشبّث بما كان يسميه "الحقد المقدس".
الفنان أمحمد إسياخم رحل عن عالمنا بمرض السرطان الذي قضى عليه سنة 1985. لكنه ترك لوحاته الخالدة التي لن تموت.

#إبراهيم_الجريري

ليست هناك تعليقات

جمهورية أرض الصومال (صوماليلاند)

جمهورية أرض الصومال (صوماليلاند) هي دولة أعلنت استقلالها عن الصومال في عام 1991 عقب اندلاع الحرب الأهلية الصومالية. لكن لم يتم الاعتراف بها ...