أمينة المفتي الجاسوسة التي كرهت العرب
#أمينة_المفتي_الجاسوسة_التي_كرهت_العرب
قبل تسعة وسبعين عاماً ولدت أمينة المفتي وهي تنتمي لأسرة من أصول شركسية مسلمة راقية ومتعلمة هاجرت إلى الأردن واستقرت في عمّان منذ سنوات طويلة وعاشوا كبقية الأردنيين وحصلوا على الجنسية.
والدها داود المفتي يعمل كتاجر للمجوهرات وكانت حالتهم المادية ممتازة حيث كانوا يسكنون في أرقى أحياء الأردن ولديهم علاقات صداقة مع العائلة المالكة فعمها شقيق والدها يعمل في البلاط الملكي أما والدتها كانت لا تقل مكانة من زوجها حيث كانت امرأة مثقفة تجيد أربع لغات تربطها صداقات عديدة مع نساء النخبة الراقية.
أنجبت ستة أبناء ثلاث بنات وثلاث أولاد وكانت أمينة هي أصغرهم ولأنها آخر العنقود كانت أمينة فتاة العائلة المدللة عاشت بدلال لم تنحرم من أي شيء في طفولتها بالرغم من تشدد عائلتها.
لا أعلم هل للدلال الذي حصلت عليه من عائلتها هو سبب ما آلت عليه فيما بعد أم لا؟
عاشت أمينة بدلال وطلباتها أوامر ومرت الأيام والأشهر ثم السنوات وكبرت تلك الطفلة المدللة وأصبحت شابة جميلة في الثانوية العامة وبدأت أفكارها تتطور وتتغير وتتجه إلى المفاهيم الغربية كانت مختلفة تماما عن عائلتها المتشددة المحبة للأردن وأصبحت دائما تنتقد عادات وتقاليد عائلتها ومن بشاكلتهم وتطالب دوما بالحرية وأن الإنسان هو مسؤول عن حياته يتصرف بها كيفما يشاء ولا يحق للعائلة التدخل بذلك وفرض القيود وكلما اجتمعت بأصدقائها كانت دائمة السخرية من عادات العرب والمسلمين حتى بدأت أفكارها تتجه للغرب، والجميع من زملائها أصبح يتجنبها لتعصبها لأفكارها كانت تنظر لهم نظرة دونية إلا شخصا واحدا كان يتحملها بالرغم من سوء طباعها..
عاشت أمينة بدلال وطلباتها أوامر ومرت الأيام والأشهر ثم السنوات وكبرت تلك الطفلة المدللة وأصبحت شابة جميلة في الثانوية العامة وبدأت أفكارها تتطور وتتغير وتتجه إلى المفاهيم الغربية كانت مختلفة تماما عن عائلتها المتشددة المحبة للأردن وأصبحت دائما تنتقد عادات وتقاليد عائلتها ومن بشاكلتهم وتطالب دوما بالحرية وأن الإنسان هو مسؤول عن حياته يتصرف بها كيفما يشاء ولا يحق للعائلة التدخل بذلك وفرض القيود وكلما اجتمعت بأصدقائها كانت دائمة السخرية من عادات العرب والمسلمين حتى بدأت أفكارها تتجه للغرب، والجميع من زملائها أصبح يتجنبها لتعصبها لأفكارها كانت تنظر لهم نظرة دونية إلا شخصا واحدا كان يتحملها بالرغم من سوء طباعها..
هذا الشاب هو فلسطيني يدعى بسام يعيش في الأردن تعمقت صداقتهما وتحولت إلى حب متبادل بين الطرفين وأحبته أمينة وتعلقت به لكن بسام مع مرور الأيام نفذ صبره بدأ يكرهها تنتقص من قدره دائما لم يتحمل شخصيتها المتعالية على مجتمعها كانت دائمة السخرية والانتقاد حتى عليه. في البداية لأنه يحبها كان يتحمل غرورها وغضبها وشراستها وغطرستها لكنه بدأ يكرهها يوما بعد يوم ويميل لفتاة أخرى، وعندما علمت أمينة جن جنونهت وثارت غضبا كيف له أن يفعل ذلك بها ؟ وهل بهذه السهولة ينسى حبها ويبدلها بأخرى؟
غضبت غضبا شديداً أدى ذلك إلى تدهور وانهيار حالتها الصحية والنفسية وعاشت في اكتئاب شديد، وبالتالي أثر ذلك على دراستها وحصلت على درجات قليلة
لا تأهلها للدخول لأي جامعة في الأردن وتحول حبها لبسام لانتقام ولكن ليس منه فقط بل انتقمت من كل فلسطيني وعربي وأصبحت تكره فلسطين وحاقدة على كل عربي.
لا تأهلها للدخول لأي جامعة في الأردن وتحول حبها لبسام لانتقام ولكن ليس منه فقط بل انتقمت من كل فلسطيني وعربي وأصبحت تكره فلسطين وحاقدة على كل عربي.
كانت نقطة البداية هو عدم حصولها على درجة تؤهلها للدخول لجامعة الأردن وبما أن عائلتها ثرية وقادرة على دفع نفقات دراستها قررت أمينة أن تبحث عن جامعة في الخارج وأخذت تبحث بين الجامعات، وبالفعل في عام ١٩٥٧ التحقت بجامعة فيينا وهناك قدمت على سكن الطالبات وشاركت طالبة أجنبية بالغرفة تدعى جولي باتريك، بدأت الحياة تتغير في نظر أمينة وبدأت تنسى حبيبها بسام أعجبتها الحياة في فيينا هنا أناس يفكرون كما تفكر وهنا الحرية التي لطالما حلمت بها، ومنذ الليلة الأولى فهمت جولي شخصية أمينة ووجدتها فريسة سهلة..
أخذت جولي تتقرب من أمينة حتى بدأت تخرج معها في كل تنقلاتها وتصحبها معها في الحفلات الليلية وعلمتها التدخين حتى أصبحت أمينة مدمنة عليه وشيئا فشيئا أصبحت تجرها لأمور وأفعال غير سوية كالعلاقات المحرمة لكنها منعتها من الارتباط مع أي شاب بعلاقة جنسية بحجة أن لا ينقل لها الأمراض واقترحت عليها أن تقيم علاقات مع فتيات وبالطبع أمينة كانت تنتظر فقط الإشارة هكذا كان مفهوم الحرية بالنسبة لها أن تتعدى على العادات والتقاليد ووجدت في فيينا ما أرادت فكانت أول خطوة أقامت علاقة مع صديقتها التي تشاركها الغرفة جولي واستمرت الصديقتين على هذا الحال طوال فترة الدراسة وانطلقت للحرية وعاشت الأربع سنوات الدراسية في الطول والعرض تدخين، شرب ، سهر، علاقات محرمة متحررة من جميع قيود العادات والتقاليد..
وفي عام ١٩٦١ كان جميع طلاب جامعة فيينا سعداء بتخرجهم إلا أمينة كانت حزينة لقد انتهت سنوات الحرية وهي الأن مجبرة أن تعود للأردن !
وعندما عادت للأردن حاملة شهادتها في علم النفس الطبي حزينة مسودة الدنيا بعينيها، عكس عائلتها المسكينة التي كانت تنتظر ابنتها ليفتخروا بها وبعد أيام من عودتها إلى الأردن حنت لحبيبها القديم بسام وكانت تأمل ان تجده ينتظرها فسألت عن مكانه أحد الأصدقاء فأعطاها أحد الزملاء عنوانه فاتجهت مسرعة لمحل إقامته طرقت الباب على أمل ومتوقعة بأنه سيرتمي بأحضانها وينسى الماضي ولكن الصدمة فتح الباب لتتفاجأ بأنه قد تزوج من تلك الفتاة التي تركها من أجلها فعادت لبيت عائلتها مكسورة الخاطر تقارن نفسها هي المتعلمة الثرية بتلك الفتاة الغير متعلمة وكيف لهذا الفلسطيني يفضلها عليها..
لا تريد الاستمرار في العيش بين العرب أنها مختلفة عنهم لم تتحمل العيش في الأردن ورؤية العرب خاصة الفلسطينيين الذين يذكرونها بحبيبها بسام. فقررت أن تعود للنمسا وأقنعت عائلتها بحجة أنها تريد أن تكمل دراستها العليا وتحصل على الدكتوراه، فأخبرها والدها أن قريبها ابن عمها الثري تقدم لخطبتها رفضت أمينة في البداية لكن والدها أصر قائلا تستطيعين أن تكملي دراستك مع زوجك فرضخت أمينة ووافقت لكن بشرط أن لا تتزوج إلا بعد التخرج فنجحت بإقناع والدها، وبالفعل عادت أمينة للنمسا وعادت لليالي السمر والسهر والانفلات والعلاقات المحرمة من نفس جنسها دون قيود،
عازمة على ألا تعود الى الأردن أبداً..
عازمة على ألا تعود الى الأردن أبداً..
في هذا الوقت كانت أمينة تبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عاماً وبما أنها قررت الاستقرار والعيش في النمسا وعدم العودة للأردن لا بد لها أن تبحث عن عمل لأنه سوف يأتي اليوم الذي يعلم والدها عن قرارها بعدم عودتها وسيقطع عنها المصروف فوجدت عملا في محل لبيع لعب الأطفال وهناك تعرفت على فتاة يهودية تدعى سارة بيراد كانت موظفة بنفس المكان وسرعان ما تعمقت صداقة سارة بأمينة التي بدورها أصرت أن تشاركها سكنها وبالفعل استقرت سارة بغرفة أمينة وتعمقت علاقتهما حتى أصبحتا يمارسن الرذيلة فيما بينهما..
وفي يوم من الأيام اتصل والد أمينة ليخبرها ان ابن عمها الثري قرر أن يقدم الزواج وعليها القدوم فتجاهلت أمينة رغبة عائلتها وكلما كانوا يتصلون بها لا تستجيب لهم حيث كانت لاهية مع صديقتها اليهودية سارة وفي يوم من أيام العطل دعت سارة أمينة لزيارة عائلتها التي تعيش في مدينة أخرى فقبلت أمينة دعوتها بكل سرور وقضت مع عائلة صديقتها اليهودية أياماً لا تنسى خاصة مع موشيه شقيق سارة الوسيم الذي عرفت معه معنى الحب الحقيقي بين الرجل والمرأة ولم يكن كالحب الذي كانت تمارسه مع فتيات مثلها ومن أول قبلة وقعت في غرامه وتركت علاقاتها مع الفتيات، كان موشيه طيارا عسكريا يكبرها بسبع سنوات، لم تقع أمينة وحدها في غرامه بل حتى هو بادلها نفس الشعور وتعمقت علاقتها بالشاب اليهودي وفي إحدى الليالي لم تتمالك واعترفت بحبها له واستلمت له جسديا وعندما استيقظت أدركت غلطتها وعادت فورا لفيينا وكانت تلك الليلة هي بداية الطوفان !
عادت أمينة لسكنها في فيينا لتتفاجأ بصوت رنين الهاتف أنه موشيه يسأل عنها ويخبرها أنه يفتقدها كثيرا وأن يبادلها نفس المشاعر، حاولت أمينه مقاومته ولكن حبه كان أقوى واستمرت لقاءاتهم الحميمية متناسية تماما أنها مسلمة وهو يهودي بل وحتى لم تفكر بسمعة عائلتها التي ضربتها بعرض الحائط.
ومنذ أن تعرفت على موشيه تركت أمينة العلاقات مع البنات واستمرت علاقتها بموشيه خمس سنوات أضاعت كل هذه السنوات معه أهملت دراستها حتى مرت الأيام من دون شعور وجدت نفسها في مأزق لقد صعب عليها التخرج فساعدها حبيبها موشيه وأخبرها أن لا تتعب نفسها بالتفكير لديه الحل واشترى لها شهادة دكتوراه مزورة لتعود عام ١٩٦٦ إلى عائلتها..
وبعد أيام من عودتها أخبرها والدها أن عليها أن تستعد فابن عمها الذي ينتظرها طوال تلك السنوات مستعد الآن للزواج منها فطلبت من والدها وترجته أن يأخر الزواج حتى تنتهي من مشروعها وهو فتح مستشفى خاص بها وبالفعل كان لها ما أرادت، قبل والدها وعندما انتهت من كل شي وبقيت إجراءات الرخصة وقع خلاف بينها وبين وكيل وزارة الصحة الذي تعمد أن يأخر تنفيذ إجراءات الرخصة فما كان على أمينة إلا أن تقدم شكوى ضده إلى الوزير وبالفعل تم قبول شكواها وتم عرضها إلى لجنة خاصة في التحقيق فيها فطلبت منها اللجنة أن تقوم بتصديق شهادتها من جديد من فيينا و هنا بدأ القلق يدب في قلب أمينة خافت أن يكتشفوا أمر شهادتها المزورة فألغت فكرة المستشفى بأكمله حتى لا تنفضح ويكتشف أمرها أمام عائلتها، فزاد كرهها لبلدها الأردن وهنا استغلت قصة تصديق الشهادة وأخبرت والدها أنها عليها أن تعود للنمسا بحجة تصديق شهادتها، وعادت أمينة وعادت ليالي الحب والغرام مع موشيه لكن هذه المرة عادت بشكل مختلف عندما فاجأها موشيه بطلب الزواج منها لتوافق فوراً وأسرعا الحبيبان إلى أقرب معبد اسم المعبد شيمودت وفي البداية اعتنقت أمينة الديانة اليهودية ، ومن ثم تزوجت من موشيه، واستبدلت اسمها بالاسم اليهودي الجديد "آني موشيه بيراد"، دون علم أهلها..
تزوجت أمينة من موشيه وانتقلت للعيش معه في منزله وفي إحدى صباحات عام ١٩٧٢ وهي تعد وجبة الإفطار وقعت عينها على خبر مكتوب في الصحيفة تعلن فيه إسرائيل حاجتها لمتطوعين يهود من كل الجنسيات للالتحاق بالجيش الإسرائيلي وكما كان مكتوباً في الصحيفة أن من سيشارك سوف تكون له مميزات عديدة مثل السكن المجاني وسيحصل كل من سيشارك على جواز إسرائيلي والكثير من المزايا فأخذت أمينة تقنع زوجها في المشاركة فكان موشيه رافضا رفضاً تاما قائلاً لها أن حرب اسرائيل مع العرب لن تنتهي ولن تهدأ ولم نقحم أنفسنا بأمر كبير كهذا قائلاً لها أن وظيفته كطيار تكفي ولكنها استمرت في الزّن عليه حتى جعلته يغير رأيه بالرغم أنه كان يهودياً إلا أنه كان ضد الحرب وسفك الدماء بين الشعوب لكن طمعها وأنانيتها هو من أوصله لهذا وبالفعل ذهب الزوج وقدم أوراقه وسرعان ما تم قبوله من قبل إسرائيل
سرعان ما تم قبول موشيه في إسرائيل والتي بدورها اهتمت برعاياها ووفرت لهم طائرة خاصة للانتقال من النمسا إلى إسرائيل وهناك تم استقبال الزوجين موشيه وأمينة استقبالاً فاخراً خاصة بعد أن علموا أن أمينة أردنية وتم توفير لهما سكناً مع توفير العديد من الخدمات من أجل راحتهما.
استغرب الزوج حفاوة استقبال الإسرائيليين له ولزوجته ولكن على أي حال هذا اليوم مر على أمينة بسعادة والحقيقة هي أن الاستخبارات الإسرائيلية علموا أن أمينة من عائلة أردنية تعيش في الأردن وعملوا بحثا شاملاً عنها لذلك عاملوها معاملة خاصة وبعد أيام من استقرارهم في إسرائيل تم استدعاء أمينة من قبل الجهات الأمنية وهناك تم طرح عليها العديد من الأسئلة وسردت لهم كل شيء بحب وود حتى أنها أخبرتهم أنها تكره بلادها والعرب وفلسطين خاصة
وعرفوا كل شيء عنها وعن عائلتها وأقاربها وعمها الذي يعمل في الحرس الملكي الأردني وحتى عن حبيبها بسام وسبب سفرها لفيينا وكيف تعرفت على زوجها واعتناقها لليهودية وبعد المقابلة عادت إلى منزلها.
وعرفوا كل شيء عنها وعن عائلتها وأقاربها وعمها الذي يعمل في الحرس الملكي الأردني وحتى عن حبيبها بسام وسبب سفرها لفيينا وكيف تعرفت على زوجها واعتناقها لليهودية وبعد المقابلة عادت إلى منزلها.
بعد أيام من تلك المقابلة تم تعيين زوجها طياراً برتبة رائد في سلاح الجو الإسرائيلي وهناك بدأت مهمته
كطيار إسرائيلي، أما بالنسبة لعائلة أمينة فقد علمت بكل شيء وتبرأوا منها وانقطعت علاقتها بهم
كطيار إسرائيلي، أما بالنسبة لعائلة أمينة فقد علمت بكل شيء وتبرأوا منها وانقطعت علاقتها بهم
في عام 1973 أتت أوامر لزوجها من الجيش الإسرائيلي أن يقوم بمهمة استكشافية في أجواء سوريا وهناك وقع ما لم يكن بالحسبان وقع اليوم الذي تمنت أمينة أن يكون مجرد كابوس وصلت الأخبار لقد أسقطت المدفعية السورية طائرة زوجها الذي لم يجدوا له سوى حطام طائرته واعتبر من لحظتها مفقوداً إلى يومنا هذا، حيث لم يتم العثور على جثته فوقع الخبر على أمينة كالصاعقة وجن جنونها وبدأت تصرخ وتصرخ كالمجنونة وكرهت العرب أكثر من السابق وأرادت الانتقام لزوجها بإقحام نفسها بعالم الموساد وهذه كانت البداية!
ولكي تنسى حزنها كانت أمينة تسافر بين الحين والآخر للشقة التي كانت إنطلاقة حبها مع موشيه لتتذكره وفي أحد الأيام سافرت أمينة لفيينا ومكثت في شقة زوجها وفي الصباح استيقظت على صوت جرس الباب وكان شخصان من الموساد الإسرائيلي عرفتهم أمينة في الحال ورحبت بهم وأدخلتهم الشقة ومن هنا كانت البداية حيث عرضوا عليها العمل معهم لصالح إسرائيل ضد العرب فلم تتمالك سعادتها وأخيراً ستنتقم لزوجها إنها تنتظر هذه اللحظة بشغف وبعد أيام وصلتها أوامر للاستعداد لتنفيذ المهمة الأولى وكانت الخطوة الأولى هي لبنان فاستعدت للسفر إلى لبنان لتنفيذ أول مهمة لها وذلك بعد أن علمت اسرائيل بتواجد حسن سلامة وهو أحد مساعدي الرئيس عرفات واليد اليمنى له والمختص بحراسته.
فطلب الموساد من أمينة استلام مهمة البحث عنه لأنهم لا يعرفون شكله سوى اسمه كان متخفياً عن الأنظار ويعمل مع عرفات بسرية تامة فطلبوا منها التسلل إلى مخبأه لأن مهمتها الأولى هي معرفة من يكون حسن والتقرب منه ومن ثم الحصول على قوائم بأسماء قيادات وعملاء المخابرات الفلسطينية في أوروبا وعندما وصلت لبنان تعرفت على شخص يدعى مارون الحايك ومارون هذا معروف عنه أنه على علاقات وصداقات مع السياسين العرب حيث كان دائما يتردد على الفندق الذي يسكن فيه كل سياسي ومسؤول فتعرفت عليه ونجحت بجذبه لها ولكي تضمن مساعدته سلمت جسدها له وأقامت معه علاقة حميمية الهدف منها أن تجمع معلومات عن حسن سلامة وتصل إلى أصدقاء ورجال عرفات وتسحب منهم كل المعلومات المهمة، كانت المهمة صعبة حتى إسرائيل نفسها لم تتوقع أنها ستنجح فيها وبالفعل استطاعت أن تسحب كل المعلومات عن حسن سلامة من مارون الحايك وكلما أغدقت عليه المال أخبرها بالمزيد إلى أن علمت في أي فندق يقيم فطلبت منه أن يصحبها للفندق وعندما وصلت الفندق حجزت غرفة فيه وطلبت من مارون الحايك أن يعرفها على حسن سلامة ولكن مارون الحايك أخذ يماطل لأنه يعلم أنها لن تستمر بالإنفاق عليه وستقطع علاقتها الجنسية به وكلما تسأله يقول لها غداً سأعرفك عليه حتى جزعت منه وأدركت أنه يستغلها وحاولت البحث عن طريقة أخرى فهي لا تريد أن تخيب ظن إسرائيل بها من المهمة الأولى لا يجب أن تعود لإسرائيل وهي خاسرة كان عليها أن تبيض وجوه رؤسائها في الموساد وأن لا تخسر أمل إسرائيل بها فمددت إقامتها وبقيت في لبنان وبحثت عن شقة في أحد الأحياء وبالفعل استأجرت شقة وكانت في نفس الحي فتاة فلسطينية تدعى شمس ممرضة تعمل كمتطوعة في مخيم صبرا فتقربت منها أمينة ومع الأيام أخبرتها أمينة انها طبيبة وتود التطوع والعمل في المخيم لمساعدة أخوانها العرب وبالفعل ذهبت مع الممرضة شمس وقابلت الطبيب الذي يشرف على العيادة وهناك قدمت أمينة شهادتها المزورة واستطاعت الاندماج بين المتطوعين.
وبعد أيام من عملها كمتطوعة بدأت تجمع المعلومات عن الأوضاع وتنقلها لإسرائيل وفي أحد أيام عملها وبعد عودتها من المخيم اتصل عليها مارون الحايك وأخبرها انه يستطيع أن يدلها على مكان حسن وبالفعل أتى لشقتها وذهبت معه للفندق الذي يسكن فيه حسن سلامة وأخيراً تعرفت على شكله وتركت عملها في المخيم وسكنت كضيفة دائمة في الفندق وكانت دائمة الجلوس بالقرب من المسبح الذي يسبح فيه حسن سلامة وكان محاطا بحراسة مشددة فاخبروه أنها طبيبة عربية متطوعة في المخيم حتى جاء اليوم الذي أتى لها حسن سلامة ليكلمها بنفسه يريد أن يتعرف عليها لأنه اعتاد جلوسها في المسبح وذكرت أمينة هذا الموقف في مذكراتها قائلة : "في ذلك اليوم الحار من سبتمبر 1973، تشوقت لترطيب جسدي في حوض السباحة بكورال بيتش، وبينما كنت أرفع كوب الماء البارد إلى فمي، رأيته أمامي.. إنه سلامة! سرت رعشة متدفقة بأوصالي عندما جاء الى مائدتي محيّياً، وبدأ بأن عرفني بنفسه على أنه رجل أعمال فلسطيني، ثم سألني عن نفسي، وجلس بعدما اكتشف أنني طبيبة أردنية متطوعة، ومنذ ذلك اليوم لا زلت أذكر رعشة اللقاء، وحديثه الرائع الذي جذبني إليه بكل كياني ومشاعري".
ومن ذلك اللقاء توطدت علاقتها بحسن سلامة وأصبحت من المقربين له وفتحت أمامها هذه الصداقة الكثير من الأبواب التي كانت لا تحلم بدخلوها لا هي ولا حتى إسرائيل، حتى أنه من خلال حسن سلامة استطاعت مقابلة الرئيس ياسر عرفات بنفسه ولكي تكسب ثقتهم بها عملت كطبيبة متطوعة لعلاج جروح رجال المقاومة حتى وثقوا بها حيث وجدوا بها الفتاة العربية الشجاعة وسمح لها بدخول الأماكن المحظورة والسرية فبدأت بجمع المعلومات وكانت تنقل كل ما تراه للموساد الإسرائيلي كانت ذكية جداً لا يخفى عليها أي شيء واستطاعت أن تقدم لإسرائيل باستمرار كشفا شاملا عن خطط المقاومة والجيش والاستخبارات الفلسطينية والسورية وتحركاتهم فكانت تكتب المعلومات في ورق وتضعه في الحمام ثم يأتي شخص من الموساد ويأخذها حتى أنها استطاعت أن تجند معها عملاء آخرين أعانوها في أداء مهمتها..
تقول أمينة في مذكراتها: (أذكر أنني في إحدى المرات كنت أحمل وثائق سرية وتقارير خطيرة وذهبت لمقابلة سلامة بالفندق، كانت حقيبتي مكتنزة بأربعة وعشرون ورقة من أوراق البلوك نوت الكبيرة، عندما فاجأني سلامة بمجيئه مبكراً قبلما أتمكن من الدخول بها إلى الحمام، وكانت ورقة واحدة منها فقط، كفيلة بأن يفرغ سلامة رصاصات مسدسه في صدري، لقد كنت أجلس أمامه بأعصاب من فولاذ،وعلى مقربة مني كانت زميلتي وتحمل وثائق سفر قبرصية تكاد تموت هلعاً).
وخلال مهمتها التقت بالرئيس ياسر عرفات ثلاث مرات، في هذه الفترة سافرت أمينة لفيينا واستقرت بشقة زوجها للراحة مع صديقتها سارة (أخت زوجها موشيه) التي كانت تعيش قصة حب مع شاب فلسطيني وعندما علمت أمينة بهذا الشاب التقت به وهناك ومن دون وعي منها أخذت أمينة تسرد بطولتها كيف انتقمت لزوجها وكيف قامت بنقل الكثير من المعلومات إلى الموساد الإسرائيلي لكي تغيض الشاب الفلسطيني.
وفي مذكراتها عن رحلتها إلى فيينا قالت: (اليوم 18 سبتمبر 1973 - زرت شقتي بفيينا وأنا بطريقي لإسرائيل - كان جسدي يرتعش وأنا أصعد الدرج، وفشلت مرات في معالجة الباب. وعندما أضأت الأنوار واجهتني صورة موشيه الكبيرة باللباس العسكري فمسحت زجاج الإطار وقبلته، وعلقت باقة من زهور البانسيه التي يحبها إلى جواره، لقد خيل إلي أن ابتسامته الرائعة تفيض بالعتاب، بل هي كذلك! فتذكرت يا لغبائي كيف دفعته بنفسي إلى نهايته، عندما شجعته على الهجرة لإسرائيل، حاولت أن أستعيد ابتسامته فلم أنجح، لحظتها ركعت على ركبتي أمامه وأجهشت بالبكاء ورجوته بألا يلومني أو يغضب مني، فأنا أنتقم له وآخذ بثأره ولن أهدأ حتى أشهد بنفسي بحور الدم المراق تعلوها الأشلاء الممزقة وأرى ألف زوجة عربية تبكي زوجها، وألف أم فقدت أبنها، وألف شاب بلا أطراف، عندئذ فقط لمحت ابتسامته وقد ارتسمت من جديد، وأحسست كما لو أن يداه كانتا تحيطان بي).
وعندما وصلت إلى شقتها في إسرائيل لاحظ الموساد الإسرائيلي بأن حالة أمينة النفسية يوماً بعد يوم تتردى فهي لا تستطيع نسيان زوجها الحقد يملأ قلبها لم يكن لديها حتى أصدقاء كانت تعيش وحيدة في إسرائيل كل يوم تلقي اللوم على نفسها بأنها كانت السبب في مجيء زوجها إلى هنا وقتله وكلما يستدعونها الموساد ليخبروها أنهم اكتفوا بخدماتها وانتهت وعليها البدء بحياة جديدة لترتاح ولأنهم أيضاً يخافون عليها من أن يكتشفها العرب كانت ترفض وتصر على الاستمرار بالعمل معهم حاول موظف الموساد إقناعها بأنه هناك حياة وعمل جديد ينتظرها في إسرائيل سيوفرون لها كل ما تحتاج لكن دون جدوى ثار غضبها فهي لا زالت تشعر أنها لم تستطيع الانتقام لزوجها فرفضت وتوسلت إليهم أنها تريد الاستمرار لإكمال مهمتها في لبنان وأن رفضوا ستقوم بعملية انتحارية داخل مكتب عرفات بنفسه، وبعد كلامها هذا قرر الموساد أن يوفر لها طبيبة نفسية لكي تعالجها شرط أن تكون الطبيبة عربية وبالفعل استطاعوا ان يأتوا بطبيبة عراقية يهودية منها تكون طبيبة ومنها صديقة لأنها لم يكن لديها أصدقاء كل هذا لم يكن كافيا أن تتوقف أمينة عن عملها زاد إصرارها حتى عمل أعضاء الموساد اجتماع أقروا به أن تعود أمينة الى إكمال مهمتها فكانت فرحتها لا توصف.
عادت إلى لبنان وهناك استقبلها صديقها مارون الحايك وعادت لأصدقائها المسؤولين العرب الذين تعرفت عليهم من خلال حسن سلامة وبدأت عملها في تجميع المعلومات وإرسالها بشكل متطور بدلا من الورق عن طريق الجهاز اللاسلكي.
كتبت في مذكراتها: منذ حملت معي جهاز اللاسلكي لأول مرة إلى الجنوب، وشاهدت بنفسي هجوم الميراج الإسرائيلي على الموقع الفلسطيني، وقد تملكني إحساس رائع بعملي إحساس بالزهو، ومنذ تلك الحادثة في 11 أكتوبر 1973 وأنا أحمل الجهاز الصغير بحقيبتي، بجواره المصحف الذي مزقت صفحات منه ووضعت مكانها الشفرة، كنت أكتب رسالتي أولاً على ورقة منزوعة من بلوك نوت، ثم أقف بسيارتي في مكان أطمئن فيه من العابرين، وأقوم بالبث، وبفضل تصريح المرور الموثق، الذي وقعه لي عرفات شخصياً، كنت أجوب بأمان شتى المواقع العسكرية الفلسطينية، وأطلع بنفسي على أنواع الأسلحة و الذخائر بالمخازن، ومعسكرات التدريب السرية، لقد حالفني الحظ كثيراً عندما وثق بي القادة الفلسطينيون، لأنني كنت أبدو متحمسة جداً لقضيتهم، وحقهم في استرداد الأرض المغتصبة، للدرجة التي دعت أبو إياد لأن يطلب مني إلقاء خطبة حماسية في الجنود المعسكرين يومئذ ألقيت خطبة رائعة تتدفق منها الوطنية ومعاني العروبة، لقد أجدت تماماً عندما صعّدت من انفعالي فبكيت وأنا أصف مشاهد القتل، بكيت حقيقة وأنا أحثهم على الانتقام وما كنت أبكي إلا لفقد زوجي موشيه وبرودة الحياة من حولي بدونه!
كان حسن سلامة ذكيا في مطاردة الجواسيس ولهذا السبب كانت إسرائيل دائما تحيك الخطط لاغتياله, وصلت معلومات لحسن سلامة من الشاب الفلسطيني صديق أخت زوجها الذي كانت تتفاخر أمامه أن هناك طبيبة عربية تعمل في بيروت لصالح إسرائيل فأمر رجاله أن يحضروا له كشفا عن أسماء كل الأطباء الذين يعملون في مخيمات المقاومة وأمر أن يتم مراقبة هؤلاء الطبيبات كانت أمينة من بين تلك الأسماء، وعندما شعرت بأنها مراقبة تخلصت من الجهاز اللاسلكي وأرسلت رسالة أخيرة تخبر بها الموساد أنها مراقبة فأمروها بالتوجه إلى دمشق واخذت معها كبسولة سم السيانيد خبأتها بين خصل شعرها وذلك في حال أن تمكنوا من القبض عليها تقوم ببلعها على الفور وتموت فهي تفضل أن تموت مسمومة على أن تموت بيد العرب
حملت أمينة حقيبة يدها الصغيرة وغادرت شقتها، لتدور بعدها في شوارع بيروت أشرس عملية هروب ومطاردة بين الجاسوسة الخائفة ومطارديها، وفي موقف السيارات المتجهة إلى دمشق اعتقدت بأنها أفلتت من المراقبة، حتى إذا ما صعدت إلى الباص واطمأنت في مقعدها، فوجئت برجلي أمن يقفان إلى جوارها، فألجمها الخوف وانخرست، واعتقدت بأنها النهاية الحتمية لمشوار خيانتها، فقررت بألا تموت على أيدي الفلسطينيين، وفي تصرّف لاشعوري مدت أصابعها تبحث عن كبسولة سم السيانيد بين خصلات شعرها، لكن أيدي رجلي الأمن كانت الأسرع، إذ انقضت عليها كما تنقض الكوبرا على فريستها، واقتيدت إلى سيارة بيجو استيشن مفتوحة الأبواب كانت تنتظر خلف الباص، يقف إلى جوارها رجلان آخران جامدا الملامح، وقبلما تبلغ أمينة البيجو فشلت ساقاها في حملها، فاضطر الرجلان إلى رفعها عن الأرض رفعاً، وألقيا بها إلى داخل السيارة التي انطلقت كالريح إلى حي الفكهاني، تسبقها سيارة أودي - 80 - إل إس تقل أربعة رجال مدججين بالسلاح.
أمام أحد المباني بالقرب من المدينة الرياضية، سحب الرجال العميلة المغماة إلى الداخل، حيث أودعت في غرفة ضيّقة تحت الأرض، تكبِّل يديها من الخلف سلسلة حديدية طويلة ربطت إلى الحائط.
أمام أحد المباني بالقرب من المدينة الرياضية، سحب الرجال العميلة المغماة إلى الداخل، حيث أودعت في غرفة ضيّقة تحت الأرض، تكبِّل يديها من الخلف سلسلة حديدية طويلة ربطت إلى الحائط.
لم يكن لدى المخابرات الفلسطينية، حتى وهم يراقبونها، دليل واحد ضدها، فالتقرير لم يصل بعد من أوروبا ليؤكد براءتها أو تورّطها، حيث كان رجال المخابرات الفلسطينية في أوروبا يلهثون من أجل الوصول إلى دليل يدين أمينة، ولم يكن أمام الرجال إلا طريقة واحدة - غاية في الخطورة - لاستجلاء الحقيقة من مصادرها الرسمية، وهي البحث عن سجلات مكتب الزواج من أجانب، وكان الخوف كل الخوف من لفت انتباه رجال الموساد في النمسا إلى ما ينقبون عنه، لذلك كانت عملية البحث تتم تحت ستار كثيف من السرية والتكتّم، وبواسطة خطاب مزوّر صادر عن السفارة الأردنية في فيينا، يخاطب إدارة مكتب الزواج من أجانب، أمكن الوصول إلى عنوان شقة أمينة وحقيقة الزواج المحرم. في الحال، طار أحد الضباط إلى بيروت يحمل صورة رسمية من عقد الزواج، في الوقت ذاته الذي اقتحم فيها رجال «المخابرات الفلسطينية» شقة أمينة في فيينا، حيث عثروا على أجندة متوسطة الحجم، سجلت فيها مذكراتها وتفاصيل عملياتها في بيروت قبل رحلتها التدريبية الأولى إلى إسرائيل.
أخيرا انكشف أمر أمينة، من دون أن يلاحظ رجال الموساد المنتشرون في النمسا أي شيء، أو يخطر ببالهم أن رجالاً يفوقونهم ذكاء ينقبون عن ماض غامض لعميلتهم المدرّبة. تجمعت كل الأدلة على مكتب المخابرات الفلسطينية ولم يكن أمامهم سوى محاصرة أمينة والسيطرة عليها، لتكشف النقاب عما أبلغته للموساد، ودورها الحقيقي في ترصّد حركة المقاومة، خصوصا بعد فشل عمليات فدائية عدة كان وراءها جاسوس خفي.
لم تضع أمينة وقتها في السجن هباءً، وراحت تنسج شباكها على واحد من حراسها ويدعى حسن الغزاوي، فأقنعته بأن الفلسطينيين فعلوا بها ذلك نكاية في عمِّها الذي يشغل منصبا كبيرا في البلاط الملكي الأردني، لأنهم تصوروا أنه أحد المحرضين على مذابح أيلول الأسود، فتعاطف الرجل معها. أجادت أمينة لعبة السيطرة عليه، لدرجة أنه أصبح يحلم بالذهاب إلى إسرائيل معها، وبدأ يستجيب لأفكارها في إمكان تهريبها وهروبهما سويا عبر الحدود، فكانت بذلك أول عميلة للموساد تجنّد حارسها. لكن حلمهما خاب عندما أفضى الجندي بسره إلى أحد زملائه في المخيم، فروقب وضُبط وهو يحاول إدخال سترة عسكرية لأمينة كي ترتديها في رحلة الهروب!، وانتهى حلمه بإعدامه رمياً بالرصاص في أكتوبر 1976.
وبعد اعتراف أمينة الكامل أُبقيت معتقلة لمدة خمس سنوات في سجون المخابرات الفلسطينية في لبنان.
وكانت منظمة الصليب الأحمر تكثف من اتصالاتها بالجانب الفلسطيني سعيا وراء مبادلة أمينة، لكن العرض الإسرائيلي كان هزيلا، فقد طلبوا مبادلتها بفلسطيني واحد شريطة ألا يكون متهما بقتل إسرائيليين، فرفض عرفات واشترط لمبادلتها الإفراج عن اثنين من أشهر الفدائيين الفلسطينيين، وهما محمد مهدي بسيسو المحكوم عليه بالمؤبد في إسرائيل بسبب قيامه بعملية فدائية بواسطة زورق عام 1971 أسفرت عن مقتل وإصابة عدد كبير من الإسرائيليين، ووليم نصار المحكوم عليه بالمؤبد أيضا لقتله ثلاثة إسرائيليين عام 1968 بالقدس.
قوبل الرد الفلسطيني بتعنّت، وقال ممثل الصليب الأحمر لياسر عرفات إنها لا تساوي شيئا عندهم، فهي مصنفة على أنها خائنة لوطنها ودينها وأهلها، فكان رد عرفات أن لا حل أمامه سوى الاستجابة للضغوط وإعدامها أمام شاشة التلفزيون لتكون عبرة لكل عملاء إسرائيل، فانزعج إسحاق حوفي (رئيس الموساد) من هذا الرد، لأنه يصيب كل عملاء الموساد في الدول العربية بالهلع، وقد يتسبب ذلك في تعطيل شبكاته التي أنفقوا عليها ملايين الدولارات، ولم يجد بدًّا من الاستجابة لطلب الفلسطينيين، على أن يترك لمنظمة الصليب الأحمر اختيار البلد الذي تتم المبادلة على أرضه وتحت حمايتها.
قامت منظمة الصليب الأحمر بتنشيط اتصالاتها بعدد من الدول لكي تتم عملية المبادلة على أرضها، فرفضت حكومات فرنسا وإيطاليا واليونان وبلغاريا، بينما وافقت حكومات تركيا ورومانيا وقبرص على تأمين الحماية للطرفين فوق أراضيها، ووافق الطرفان على قبرص، وأعلن وزير الداخلية القبرصي أن عملية المبادلة حدّدت في 13 فبراير (شباط) 1980 على أرض مطار لارناكا الدولي، وتقرر إغلاق المطار أمام الملاحة الدولية في هذا اليوم بدءاً من الساعة 14:00 حتى الساعة 20:50، وظلت الأعصاب متوترة مشدودة منذ تقرر المكان والزمان.
قبل الموعد بعشرة أيام، زار أمينة في السجن ضابط من قيادة المنظمة، وأمر بفك قيودها، وتقديم الطعام الشهي لها لتستعيد قوامها، وأعطاها محاضرة بليغة في القيم، وشرح لها حجم جريمتها في حق وطنها ودينها وأهلها، وقال لها إنها مسؤولة عن آلاف الأيتام ومئات الأرامل، وكم من بيوت خربت بسببها، وكم من دماء طاهرة سالت بسبب خيانتها، فكانت تبكي، ولا أحد يعلم أهو بكاء الفرح أم بكاء الندم، لكنها تعترف في مذكراتها بأن كلمات الضابط كانت أقسى من رصاصات مدفع رشاش تخترق جسدها.
في صباح 9 فبراير (شباط)، نقلت أمينة سرا إلى معسكر جنوب صيدا، ونقلت مساءً بسرية تامة إلى بيروت، وسط طابور من سيارات الحراسة المسلحة، حيث أودعت إحدى الغرف في مقر المنظمة الفلسطينية في بيروت، وفي مقر المنظمة رافقتها فتاتان، ونامتا معها، لكنها لم تنم ليلتها، فهي لو سافرت الى إسرائيل لن يُسمح لها بمغادرتها، وستعيش باقي عمرها فيها، وتذكرت لحظتها أمها وأسرتها، فانتفضت من فراشها تصرخ وتبكي: لا أريد العودة الى إسرائيل.. اتركوني هنا، اعدموني هنا، أكره إسرائيل.. أكرهها، كانت في قمة ندمها، وتوسلت لهم أن يعدموها، أو يتركوها بقية حياتها في السجن مكبلة بالحديد لكن لا يتركوها تعود لإسرائيل، فكان رد الضابط أنهم سيبادلون خائنة باثنين من الأبطال، ثم دخل طبيب ليحقنها بمخدر جعلها تروح في نوم عميق.
في مساء 13 فبراير (شباط) 1980، اقتيدت أمينة وسط حراسة مشددة إلى مطار بيروت، وركبت طائرة خطوط الشرق الأوسط وسط عدد من الضباط والجنود الفلسطينيين وممثلي الصليب الأحمر، واتجهت الطائرة إلى أنقرة، خشية اعتراضها من سلاح الجو الإسرائيلي، ومن أنقرة عادت الطائرة إلى قبرص، داخل الغلاف الجوي اليوناني.
كانت قبرص في هذا اليوم تعيش يوما عصيبا لم تر مثله، حيث شهدت استنفاراً أمنيا ًغير مسبوق، وامتلأت شوارعها بالسيارات المصفّحة، واعتلت القناصة الأسطح، وأحاطت المدرعات بمطار لارناكا، ولما هبطت الطائرة اتجهت إلى حظيرة خاصة تحيط بها أرتال من المدرعات، وحبس الجميع أنفاسه لحين هبوط طائرة العال الإسرائيلية، ولما حانت لحظة إخراج أمينة تمنعت بشدة، فحملها ضابط على أكتافه وأودعها مدرعة قبرصية أقلّتها الى طائرة العال في اللحظة نفسها التي كانت مدرعة أخرى تقل البطلين الفلسطينيين.
استغرقت عملية المبادلة حوالى 43 دقيقة حبس فيها الكل أنفاسه، راحت خائنة، وعاد بطلان، وكان ياسر عرفات في شرف استقبالهما. أما أمينة فقد انتهت بها الحال بالعيش أشهر عدة في مصحة نفسية، ثم انقطعت أخبارها بعد ذلك، وتعددت روايات كثيرة حول مصيرها، فهناك من يقول إنها قامت بعمل جراحة لتغيير ملامحها وهاجرت الى الولايات المتحدة، وهناك مصادر تقول إنها هاجرت إلى جنوب إفريقيا. فلقد أصبح كرتها محروقاً لدى الموساد ولم تعد منها أي فائدة.
ربما تكون قد ماتت أو أنها في أرذل العمر الآن، لكن الأكيد أن أيام الرفاهية التي باعت من أجلها وطنها ودينها قد ولت وبغير رجعة، أما قصة خيانتها التي سطرتها بحروف العار ستبقى ما بقي التاريخ.
التعليقات على الموضوع