معاناة طفلة كانت تطعم الجن



رجل من الصالحين نحسبه كذلك و لا نزكي على الله أحد 
عرف و إشتهر بفعل الخير من إعانة محتاج و إغاثة ملهوف و تفريج كرب مهموم ....بما أعطاه الله من فضل الحكمة و الرحمة و الصبر... 
قدر الله له الزواج بإمرأة طيبة و أنجب معها طفلان و كانت إحدى قريباته و هي إبنة عمته تعاني من عقم لم يعرف سببه فقد تزوجت ثلاث مرات و في كل الحالات حرمت الدرية 
طلبت من الرجل أن يترك معها إبنته لأيام حتى تستأنس بها و تزيل عنها وحشة الحرمان 
و كانت الطفلة لا تتجاوز الخمس سنوات 
مرت الأيام تجر بعضها البعض و ترمي بثقل بعاد الطفلة عن أسرتها على قلب الأم التي كادت أن تبدي بانزعاجها و تخوفها و قلقها لولا أن ربط الله على قلبها بتصبير زوجها لها و تذكريه بأن لها في ذلك أجر عظيم 
إزدادت الشكوك تغرس أشواكها في قلب الأم خاصة عندما كان زوجها يرد خائبا كلما أراد أن يستعيد طفلته أحيانا بأعذار مختلقة تتعذر بها إبنة عمته و أحيانا يحس بثقل و نفور يشده عن الذهاب و مرات أخرى يطويه بعد المسافة و يثنيه عن السفر.... حتى مر شهر كامل على غياب الطفلة عن أسرتها 
بدأت التوترات تحفر بمخالبها في حياة الزوجين فقرر الأب إسترجاع إبنته مهما كلفه الثمن فكانت عندها المفاجأة 
فقد رفضت إبنته الذهاب معه و أصبحت تصرخ و تصرخ و تبكي بكاء مرا و تريد الفرار من المنزل 
إندهش الأب من تصرفات طفلته فأخبرته عمته و إبنتها أنها إرتاحت معهما و طلبتا منه أن لا ينزعج من الأمر و أنهما سيقنعانها بالذهاب معه في المرة القادمة 
عاد الرجل و كأن هموم الدنيا قد أثقلت كاهله لا يدري كيف يواجه زوجته هل يخبرها بما حدث فيحرق قلبها أم يخترق لها قصة ليبعد عنها أشباح الوساوس 
رجع الوالد إلى بيته مهموما و أخبر زوجته أن إبنتهما ترفض الرجوع لأنها أحست بالراحة هناك و الإنسجام ممتنعا عن إخبارها بتفاصيل ما حدث ...
ولكن قلب الأم حدثها قبل أن ينطق لسانها بأن في الأمر شيء غير طبيعي فحتى و إن إرتاحت الطفلة فلا يمكن أن ترفض الرجوع لأسرتها ...
طلبت الزوجة من زوجها أن تذهب معه في المرة القادمة لإحضار طفلتها و أن لا تعلم بذلك أحدا و أن تكون الزيارة مفاجئة و إخترا يوم من أيام العطلة ...
كانت المفاجأة شديدة الوقع على البنت التي أصبحت ترتجف من الخوف حالما رأت والدها و والدتها 
و أصيبت بحالة خوف شديد تبعه الصراخ و البكاء و الإختفاء وراء تلك المرأة مستنجدة بها راجية منها أن لا تتركها تذهب معهما ....
أصيبت الأم بالذهول و كادت أن تسقط من هول ما سمعته و ما رأته فأخذت تسأل عما حدث للطفلة ....و هل هي مريضة أو بها حمى ....
فأخدت تلك القريبة تهدئ من روعها و تدعوها لأن تشرب القهوة و تبيت الليلة حتى تحس الطفلة بالأمان و في الغد يكون في الأمر شأن آخر ...
و لكن الأم رفضت حتى كوب الماء الذي قدم لها و أصرت أن تأخد طفلتها معها مهما كلفها ذلك من ثمن 
إحتضن الأب طفلته هي تصرخ و تبكي و أخرجها من البيت و ركبا سيارة الأجرة التي كانت في انتظارهم و عاد الجميع للبيت 
ضلت الطفلة في حالة هستيرية عجيبة حيث أنها ترتعد و ترتعش كلما رأت وجه والدها و تختفي تارة وراء والدتها و أخرى تريد الهروب من المنزل .....وسط ذهول الوالدين و تعجبهما مما يحدث للطفلة و لكن سرعان ما انتبهت الأم و بدأت تقرأ عليها الفاتحة و تضمها إليها و تعيد القراءة مرات و مرات حتى هدأت الطفلة و نامت 
و تلك بداية قصة معاناة طفلة كانت تطعم الجن
مرت أيام سيئة تجرعت الأسرة بأكملها مرارتها من قلة نوم و هلع و خوف على الطفلة التي أصبحت لا تكاد تنام ساعة إلا و تنتفض مفزوعة تصرخ و تبكي و في الكثير من الحالات تشير عند الإستيقاظ من النوم فجأة لوالدها بأصبعها و تقول له أنت السبب أنت السبب ....
فيسألها ماذا فعلت لك حبيبتي؟؟؟ ما المشكلة ؟؟؟ بما تحسين ؟؟؟ ....
و يا لها من صرعة تقذفها الطفلة في وجهه إذا أراد إحتضانها أو التقرب منها 
حزن الأب حزنا شديدا فقد ظن أن طفلته أصبحت تكرهه بسبب إعادتها من بيت إبنة عمته لأسرتها من جديد و أصبح يحاول بشتى الطرق أن يتقرب منها و لكن دون فائدة 
و كانت الأم تشعر هي أيضا بنفور إبنتها منها و لكن ليس بنفس القدر الذي كان تجاه الوالد 
كانت الطفلة كثيرا ما تستيقض من النوم و تمشي دون وعي و تذهب للخلاء ( أعزكم الله ) و تجلس فيه مدة طويلة تواصل هناك نومها ...
فما كان من الوالدين بعد الإنتباه للأمر إلا أن أغلاقا الحمام في الليل إغلاقا محكما 
فأصبحت تمشي في منتصف الليل و هي غير واعية في وسط الغرفة بعدأن فشلت من فتح باب الحمام 
و ذات مرة و الاسرة غارقة في نومها فتحت الطفلة باب المنزل و خرجت دون أن يشعر بها أحد 
و لكن بعد مدة إنتبه الأب إلى صوت الرياح تدفع الباب فاستيقظ فإذا به مفتوح على مصراعية 
قام بغلقه و قبل أن يعود لفراشه تفقد إبنته فإذا بها غير موجودة ....
أيقض زوجته ليخبرها بالخبر ...ثم خرج هائما على وجهه يبحث عنها في وسط الليل البهيم و ينادي عليها ...
و لكن رحمة الله واسعة و فضله على عباده عظيم فقد وجدها في إحدى الزوايا نائمة لا تعلم بشيء 
حملها بين ضراعيه و أخذها للبيت و من ثم أصبح المسكين لا ينام إلا بجانب الباب الخارجي للمنزل خوفا من أن تعيد الكرة مرة أخرى 
كانت الطفلة ترى كوابيس كثيرة و أحداث سيئة تتحقق الكثير منها على أرض الواقع 
أعراض كثيرة كانت تصاحب الطفلة فتقض مضجع أسرتها ...
و منها أن أصبحت تحب العزلة رغم صعر سنها و لا ترغب في اللعب و لا في إتخاذ أصدقاء 
و قلة شهيتها و رغبتها في الطعام ....
عرضها الأب على طبيب لكنه قال أنها طبيعية و لا تعاني من أية مشكلة عضوية أو عقلية 
مرت الأيام تجر بعضها بعضا فإذا بالأم تكتشف عند تنظيف الغرف أن زوايا البيت دائما فيها بقايا من الطعام 
تعجبت للأمر ثم إنتبهت للطفلة و حاولت مراقبتها عند الأكل 
فإذا بها تلاحظ أنها قبل أن تبدأ في الطعام تأخذ منه قليلا و ترميه في الزوايا 
فسألتها : لماذا تفعلين ذلك ؟
فأجابت البنت : أنهم طلبوا منها ذلك في المنام 
فتسألها الأم : من هؤلاء ؟
فتجيب الطفلة : لست أدري و لكن وجوههم مخيفة و قد هددوني إن لم أفعل فسيتعرضون لي بالضرب و الأذى تعجبت الأم من الموقف و طلبت من طفلتها أن لا تفعل ذلك و لن يستطيع أحد ان يتعرض لها و لكن البنت كانت تبكي و هي ترتعد خائفة 
فقامت الأم بوضع ملح في ماء و قرأت عليه بعض السور الصغار من كتاب الله ثم قذفته في زوايا المنزل 
و أصبحت تمنع طفلتها من أن تلقي أي طعام هناك 
هدأت الأمور بعض الأيام لتعود من جديد بطريقة أخرى 
مرت الأيام و توقفت الطفلة عن رمي الطعام في الزوايا و لكنها أصبحت تفزع و تخاف كثيرا إذا رأت دما أو قطعا من اللحم أو الدجاج 
و كانت الظاهرة غريبة و محيرة إمتنع الأب بسببها من ذبح الدجاج في البيت و أصبح يحضره جاهزا و كانت الأم تحاول دائما إخفاء اللحم الني عن الطفلة .... و ظن الجميع أن السبب خوف طبيعي قد يحدث للأطفال من منظر اللحوم ملطخة بالدماء 
و ذات يوم رأت الأم إبنتها تفتت قطعا من الدجاج الناضج و تضعها في زوايا المنزل و كذلك تفعل مع اللحم .....فتعجبت من الأمر 
و سألتها : لماذا تفعلين ذلك ؟
فقالت لها الطفلة : لقد أخبروني في المنام أن أفعل ذلك 
و تكرر المشهد الماضي و لكن هذه المرة مع اللحوم 
كانت الطفلة لا تستطيع أن تأكل قبل أن ترمي و لو قطع صغيرة في الزوايا ...
و مع تصرفاتها إحتارت والدتها كيف تتصرف معها ...
و ذات يوم نسيت الطفلة فأكلت اللحم و لم ترمي ببعض القطع في الزوايا ... و بعد الإنتهاء تذكرت فأصبحت تبكي و تقول لأخيها الكبير أعطني قطعة من عندك و إلا فسأموت 
و الأخ الأكبر يضحك من طلبها و يمتنع من إعطائها اللحم 
سمعت الأم بالأمر فطلبت من الطفلة أن تتوقف عن فعل ذلك 
و لكنها قالت لها كالعادة: سيؤذونني وقد يقتلونني 
زادت حيرة الأم من طفلة صغيرة تقول كلاما غريبا كذاك ....و لكنها هدأت من روعها .... و قالت لها مشجعة (من يستطيع أن يفعل ذلك و نحن معك ....قولي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .... و سمي الله دائما .....)
و جاء الليل كعادته و كان وطؤه ثقيلا عندما جاء يحمل معه الهموم.... فقد إرتفعت حرارة الطفلة و أصبحت تهدي و تقول لأمها (إني أرى مكاني بين القبور... إنهم يحفرون تحت رأسي .....)
و الأم تحاول جاهدة تخفيض درجة الحرارة دون فائدة 
وقفت الأم بعدها و أخذت ملحا و قرأت فيه بعض السور الصغار من كتاب الله..و نفثت فيه..ثم ألقت جزءا منه في زوايا المنزل..و احتفظت بالباقي وضعته تحت وسادة الطفلة )
فهدأت الطفلة قليلا ...و لكن الحمى لازمتها حتى الصباح 
و من ذلك اليوم تخوفت الأم من منع الطفلة من رمي اللحم في الزوايا ... فأصبحت عادة تفعلها البنت أمام ناظري والديها 
ذات يوم ضاقت الأم بصنيع الطفلة و أخبرت إحدى قريباته بالأمر.. فأرشدتها للذهاب إلى أحد الرجال بالمدينة و قالت لها إن له قدرة على ترويض الشياطين.. و جلب الحظ.. و إبعاد الأذى.. و فك السحر و العين ...
فقالت الأم ربما كان ساحر أو مشعوذ و لا يمكنني أن أذهب لهؤلاء لأنه كفر 
طمأنتهاالقريبة محاولة إزالة مخاوفها .. و أخبرتها بتجربتها معه فقد ذهبت له مرات كثيرة و ساعد في حل الكثير من المشاكل و أزال عنها الكثير من الهموم و كسر الكثير من العقبات التي واجهتها و اسرتها فك ...ثم أكملت بعد مدحه بان لا تخف لأنه شيخ يقرأ بالقرآن 
و من هنا تبدأ رحلة الطفلة في العلاج ؟
فهل فعلا كان الرجل راقي؟ أم مشعوذ ؟
و هل إقتنعت المرأة بأخذ طفلتها ؟أم تناست الأمر؟ 
جلست الأم مع طفلتها ذات يوم في جلسة زينتها بالمداعبة و الملاطفة و اللعب و المزاح ثم بدأت تلقي عليها بعض الأسئلة 
فتقول لها : من أكثر إنسان تحبينه في الدنيا ؟
فتقول الطفلة : فلانة و تقصد ( إبنة عم والدها )
فتسألها الأم : و ما مدى حبك لها ؟
فتقول الطفلة : أكثر من الدنيا 
فتسألها الأم : أين كنت تنامين؟
فتقول الطفلة : كثيرا ما كنت أنام بين أحضانها 
فتسألها الأم : طوال الليل تنامين بين أحضانها ؟
فتقول البنت : نعم لأنني كنت أحبها كثيرا و أحب رائحتها 
فتسألها الأم : أية رائحة ؟
فتقول البنت : رائحة عرقها كنت أحب رائحة عرقها و خاصة إذا كانت قوية ( و تقصد البنت إذا كانت منتنة ) فكنت أفضل وضع رأسي تحت إبطها 
فتتعجب الأم "هل الحب يدعو الطفل بأن يحب شم الرائحة المنبعثة من المحبوب و إن كانت كريهة " "عجبا "
إبنتي الصغيرة لم تكن تحب أحدا بهذا المقدار من الحب حتى والدها و والدتها 
ثم تواصل أسئلتها لطفلتها 
فتسألها مع من كانت تلعب ... و كيف و متى و كذا عن الطعام... و الشراب و مع من كانت تأكل ... و ماذا كانوا يطعمونها .....
و عندها تقول الطفلة كلاما يقع على قلب الأم موقع الجمار
فتقول الطفلة: قبل المغرب تناديني و تلزمني بشرب الماء و كذلك قبل الفجر و أكون متعبة أريد النوم و لكنها تجبرني بشرب الماء 
و تقول لي : حتى تبقي معي و لا نفترق إشربي هذا 
فتسألها الأم :هل كان طعم الماء عادي ؟
فتقول الطفلة : لا لم يكن طعمه عادي .. و كنت أكره شربه .. و لكنها تجبرني على ذلك .. و ذات يوم سمعت والدتها تقول لها "حرام عليك هل تريدين أن تقتلي البنت "
و هنا نتساءل 
لماذا تلزم الطفلة بشرب الماء في أوقات المغرب و قبل الفجر ؟
و لماذا كان كطعمه يختلف عن طعم الماء العادي ؟
و لماذا أم المرأة قالت لها جملتها الغريبة حرام عليك هل تريدين أن تقتلي البنت 
و لماذا تقول المرأة للطفلة إشربي حتى لا نفترق ؟

(الحوار الذي كتبته لم يكن بالتفصيل و لم يكن حرفيا طبعا و لكن أحداثه كانت صحيحة)


ذهبت الأم مع قريبتها مصطحبة إبنتها و إبنها الأكبر إلى الرجل ...
و عرضت عليه حالة الطفلة بالتفصيل ...
فأعطاها بخورا و تميمة ...
فطرة الأم و ربما تخوفاتها جعلتها تسأل الرجل عن ماذا تحتويه تلك التميمة ..
فطمأنها و طلب منها أن لا تخاف لأن في التميمة آيات من القرآن منها سورة يس و أرشدها أن لا تفتحها حتى لا يصيبها أذى .. و أن تعلقها في رقبة إبنتها .. و أن لا تنزعها أبدا ...و طلب منها أن تعود إليه مرة أخرى ليكتمل العلاج ...
كما أعطى إبنها الكبير هو أيضا تميمة ليعلقها حفاظا عليه و و قاية له من الحسد و العين ...
سألت الأم الشيخ هل تستطيع نزعها عن رقبة طفلاها عند النوم و عند الدخول للحمام ؟
فأجابها بأن عليها أن لا تنزعها أبدا لا في الليل و لا في النهار و حتى عند دخول أطفالها للخلاء 
واستحسن إخفاءها عن أعين الناس ...

عادت الأم إلى البيت و قد ساورتها بعض الشكوك بأمر الرجل و رغم ذلك فقد علقت التميمة على رقبة طفلتها ...
و مرت أيام قليلة عندما لاحظت الأم بعض الهدوء على الطفلة خاصة أثناء النوم فحمدت الله على ذلك و أيقنت أن الرجل قد أعطاها فعلا ما جعل طفلتها تنعم ببعض الهدوء و الراحة ...
و لكن مسألة إبقاء التميمة معلقة على رقبة الطفلة حتى عند دخولها دورة المياه زاد في حيرة الأم و تعجبها " فكيف ندخل بكلام الله إلى أماكن النجاسة" ؟

لم يمضي أسبوعا على الهدوء حتى عاودت حالة الإضطراب و الصراخ و البكاء و التأوه الطفلة و أصبحت تتكلم أثناء النوم .. و تستيقض مفزوعة منه .. و تبقى مدة من الزمن حتى تستطيع إستعادة وعيها ....
تعجبت الأم من عودة الأعراض تقض مضجع طفلتها برغم أنها فعلت كل ما طلب منها ذلك الشيخ و نفذته حرفيا ....
ثم قالت : و الله لأفتحن هذه التميمة لأنظر ما كتب فيها ...فإن كان كلام الله فلن يضرني لا أنا و لا إبنتي و إن كان غير ذلك فسيكون لي في الأمر شيء آخر ...
سمت الله و قرأت بعض السور الصغيرة من القرآن ثم قامت بفتح التميمة 
فماذا وجدت فيها يا ترى ؟؟؟

يا للعجب إنها ورقة صفراء .. بها رائحة .. مليئة بالطلاسم 
فكانت مفاجأة كبيرة للأم و أحست بالخديعة و المكر ...
و أقسمت أن تفضح ذلك الساحر و تنبه الناس و تحذرهم منه 

لقد عانت الطفلة معاناة شديدة لمدة سنوات سببت لها عزلة إنقطعت فيها عن مصاحبة الأطفال ....و حرمت من حقها الطبيعي في طفولة بريئة مليئة بالفرح و المرح ....
و ذات يوم سمعت في المنام مناديا يناديها و يدعوها للصلاة و لم تكن تعرف عندها معنى الصلاة .. لم تكن تعرف عنها إلا إسمها ...
فطلبت من والدتها أن تعلمها كيفية أدائها ...و بدأت تصلي قبل أن تتم تعلمها جيدا ...لكنها إجتهدت حتى أتمت تعلمها بسرعة و أصبحت الطفلة تصلي و تذهب أحيانا للمسجد ...
فكانت الصلاة أول باب يفتح للطفلة لكي تخاطب الله عز و جل و تحكي له عن قرب معاناتها 
"فقالت كنت أحس بانقطاع أنفاسي عندما أسجد و أن الموت أقرب لي من الحياة و لكنني كنت أقاوم ذلك بالدعاء فقد سمعتهم يقولون أننا نكون أقرب من الله سبحانه في السجود "
كنت أطلب من ربي أن يرحمني و يخفف عني معاناتي و قد إستجاب لي سبحانه "

وذات يوم ذهبت لزيارة جدها و قد كان رجلا من الصالحين فوجدته كعادته يقرأ كتاب الله عز و جل فجلست تستمع له بإصغاء و تتفكر في معاني الآيات محاولة فهمها و تسليط معلوماتها البسيطة على ضوئها و عندما إنتهى سألته لماذا يكثر من القراءة في المصحف 
فقال لها : لأنه كلام الله ... و هو يقوي الإيمان ...و يعطينا بكل حرف حسنة ...و يحفظنا من بين أيدينا و من خلفنا ... و من أي شر يتعرض لنا ... 
فقالت له : أنت محظوظ يا جدي لأنك تستطيع القراءة من المصحف فقال لها : الحمد لله و أنت أيضا تستطيعي فعل ذلك عندما تكبرين 
أطرقت الطفلة برأسها الصغير ثم قالت : أنا أعرف القراءة من كتاب المدرسة لقد تعلمت ولكنني لم أجرب من المصحف و أحس بأنه يختلف عن كتاب المدرسة 
فقال لها : عندما تكبرين ستتعلمين حتما القراءة من المصحف أيضا
فسألته مباشرة : و كم بقي لي حتى أكبر ؟
فقال لها : و هل أنت مستعجلة على ذلك ؟
فقالت الطفلة : نعم أريد أن أقرأ مثلك يا جدي
فقال الجد : يا بنيتي العلم بالتعلم و لو إجتهدتي في تعلم القراءة من المصحف فسيكون لك ما أردتي
فقالت له : و لكنني لا أملك مصحفا و لا أدري من أين أحصل عليه 
فقال لها : سأعيرك مصحفا من المصاحف القديمة و سأعطيك مدة شهر فإن تعلمتي القراءة منها فسيسهل عليك القراءة من أي مصحف كان و سيكون هذا المصحف لك مني هدية 
"لقد كان المصحف من المصاحف الأثرية القديمة و كانت بعض الحروف تختلف عن التي نستخدمها هذه الأيام بل حتى أوراقه و غلافه كان مختلفا " 
أخذت الطفلة المصحف و هي تكاد تطير فرحا و خرجت تحتضنه بعدما قبلت رأس جدها لتبدأ رحلتها مع كتاب الله عز و جل 
و كان كلام الله الباب الثاني الذي فتح لها للتخلص من معاناتها 
داومت الطفلة الصغيرة على الصلاة و على قراءة القرآن حيث كانت تجد فيهما سلوتها و قد كانت العزيمة تقودها بقوة و تدفعها قدما لتحقيق رغبتها في إجادة تعلم القراءة من كتاب الله فكان لها ما أرادت و هي بنت التسع سنوات و عندها بدأت تشعر بالتحسن يطرق أبوابها و الإستقرار يلوح لبياض أيامها و كانت كلما إشتد بها المرض فزعت لكتاب الله تقرأ منه تارة و تحتضنه أخرى... 
كان هناك باب ثالث مهم سهل الله به للطفلة التخلص من معاناتها لتستعيد عيش حياة طبيعية فقدت فيها طفولتها و لكنها كسبت قوة الإيمان و حسن التقرب من المولى سبحانه
ذلك الباب هو الصدق مع الله و من يصدق الله فقد فاز فوزا عظيما 
لقد دعت الطفلة و ألحت من الله في الدعاء و قالت إن كتب الله لي الشفاء قسأرتدي الحجاب و أستتر و هي بنت العاشرة أو ما يزيد عن ذلك بأشهر 
و قد كانت ظاهرة الحجاب قليلة جدا و إن وجدت فبين كبيرات السن و العجائز و ما زاد في تثبيتها هو أنها كانت كثيرا ما ترى نفسها في المنام بعد دعائها أنها متحجبة 
كم سخر منها جمع كبير من الناس أولهم الأقارب عندما كان بعضهم يبث سمومه كالعقارب ليثني الطفلة عن إرتدائه فتارة تلام الأم و أخرى يحاولون الضغط على والدها 
و كم سمعت قريباتها يسخرن منها بكلمات مرة بلمزها و أخرى بإدعاء نصحها و موعظتها ...
و ما أكثر ما قلن لها بأناها كتبت على نفسها حياة العنوسة و هي لم تبلغ الحلم بعد فمن يرضى الزواج بمن تحمل على أكتافها خيمة كخيام الفقراء ...
لقد لاقت الكثير من الأذى قبل إرتداء الحجاب و بعده لكنها آثرت الوفاء و أن تصدق ما عاهدت الله عليه و كانت قوة إيمانها و صبرها و عزيمتها يمدونها بقوة التحمل برغم المشقة و صعوبة الطريق 
و كان من فضل الله أن كتب لها الشفاء من رحلة معاناة دامت لسنوات 
و كبرت لتصبح من الداعيات اللواتي إهتدين على يديها كثير من النساء 

و هذه عبرة لنا نحن الكبار عندما نبتغي النجاة و لكننا نبتعد عن الله عز و جل و نطرق كل الأبواب إلا بابه 
وإذا طرقنا بابه كان الإستعجال و سوء الظن به سبحانه يحدونا فيحرمنا من إجابة الدعاء 
إنتهت القصة يا كرام و انتهت معاناة طفلة كانت تطعم الجن 

و نسأل الله أن تنتهي معاناة كل من يعاني من سوء بالعودة الصادقة لله عز و جل و اليقين بالإجابة عند الدعاء و الإبتعاد عن الإستعجال قولا و عملا .. 
و من القول أن يقول دعوت و لم يستجب لي ... 
و من العمل أن يقنط من رحمة الله عز و جل 

فهذه طفلة إهتدت و عرفت بأن لله باب من دقه و سأل صاحبه فلن يرد خائبا فأحسنت طرق الباب فلم يحرمها من فضل رحمته و كرمه .

ليست هناك تعليقات

جمهورية أرض الصومال (صوماليلاند)

جمهورية أرض الصومال (صوماليلاند) هي دولة أعلنت استقلالها عن الصومال في عام 1991 عقب اندلاع الحرب الأهلية الصومالية. لكن لم يتم الاعتراف بها ...